نسمة قفصية
مرحبا بكم في موقع قفصة فيه كل تاريخ قفصة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

نسمة قفصية
مرحبا بكم في موقع قفصة فيه كل تاريخ قفصة
نسمة قفصية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ثورة تونس المباركة دروس وعبر

اذهب الى الأسفل

ثورة تونس المباركة دروس وعبر Empty ثورة تونس المباركة دروس وعبر

مُساهمة من طرف إسماعيل السبت 12 فبراير - 2:19


الكاتب: د/ أبو بكر الشامى
الحمد لله
في تمام الساعة الخامسة بتوقيت تونس من مساء يوم الرابع عشر من يناير لعام 2011 ميلادي، وفي ساعة مباركة تستجاب فيها الدعوات من مساء يوم الجمعة العاشر من شهر صفر لسنة 32 14هجري، استجاب الله لدعوات الملايين من أبناء الشعب التونسي المظلوم، ودعوات أكثر من مليار ونصف عربي ومسلم، ودحر الطاغية الظالم المتجبر، المحارب لدين الله، والمعتدي على حرماته، واقتلعه من عرشه، وفتح أبواب الحريّة مشرعة أمام الشعب التونسي المجاهد، بل أمام شعوب الأمة العربية والإسلامية جميعها.

وفي هذا الحدث التاريخي المبارك جملة من الدلالات والعبر للأمة نقف على أهمها:

أولاً: إن الملك هو كسوة ربانية، يكسوها من يشاء من عباده، وينزعها عمن يشاء مصداقًا للآية الكريمة "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"

ثانيًا: ولما كان دوام الحال من المحال، وأن لكل حاكم نهاية محتومة مهما علا شأنه وطال زمانه، لذلك فلا يغترّنّ حاكم بملكه ما دام الله نازعه عنه، والعاقل من اتعظ بغيره، وعمل على تحسين هذه النهاية بحسن الأعمال، وحسن الختام.

ثالثًا: والملك لا يدوم بالقوة وحدها مهما كانت عظيمة ، بل لا بد له من مقوّمات أساسية أخرى، من أهمها: العدل، والثقة، والمحبة مع الشعب، فلقد كان النظام التونسي المقبور مضرب المثل في البطش والظلم والإرهاب، وكان وزراء داخلية الأنظمة العربية الدكتاتورية يتقاطرون إلى تونس بين الفينة والأخرى ليتعلموا من طغاتها فنون البطش والقتل والإرهاب وإذلال الشعوب، فلما شاءت إرادة الله، اقتلعت الظلم والظالمين من عروشهم، فما نفعتهم كل مؤسساتهم البوليسية والقمعية، وما حمتهم من نقمة الله الجبار، وغضبة الشعب الثائر.

رابعًا: إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وإذا أخذ الله الظالم بعد طول إمهال، فلا يوجد عاقل يصدّق توبته الماكرة، ووعوده الكاذبة الخادعة "حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً" [يونس: 90 - 92].

إن تلعثم الطاغية بكلمات الندم في آخر ساعات حكمه، واعترافه بغبائه وجهله بشعبه وأمته، وعدم فهمه لهم طوال نصف قرن مضى، وتغرير وخداع بعض المنتفعين له من أعوانه وجلاوزته، كل ذلك لم يشفع له أمام زحف الجماهير الثائرة "آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ"، وإذا الشعب يومًا أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب الطغاة؛ لأن إرادة الشعوب هي من إرادة الله.

خامسًا: لقد أحيت الثورة التونسية المباركة آمال الأمة العربية والإسلامية بإمكانية تغيير الطغاة في بلادنا بدون الاستعانة بالأجنبي الحاقد، وخاصة بعد تجربة العراق المريرة والمحبطة، فلقد أصيبت الأمة بخيبة أمل كبيرة بعد مأساة العراق المروّعة حتى شاعت المقولة التي تقول: نصبر على ظلم الطغاة، ولا ندفع بأوطاننا إلى الهاوية؛ فجاءت الثورة التونسية المباركة لتفتح أفقًا جديدًا في حياة الأمة، وتفجّر خيارًا ثالثًا بين الظلم والاحتلال، ألا وهو خيار الثورة الشعبية والتغيير من الداخل.

سادسًا: ولقد أثبتت الثورة التونسية المباركة بأن الشعب التونسي المجاهد، والشعب العربي المسلم على وجه العموم، شعب حرّ أبيّ كريم لا ينام على ضيم، فهو وإن صبر لبعض الوقت، إلا أنه صبر إيمان وعفّة ورجولة، فإذا جاوز الظالمون المدى، فقد حقّ الجهاد وحقّ الفدا، فثار ثورته المباركة، مقتلعًا عروش الظلم والظالمين.

سابعًا: ولقد أذنت الثورة التونسية المباركة بانتهاء مرحلة في تاريخ الأمة، وابتداء مرحلة جديدة فيها، انتهاء مرحلة الخوف والصمت وعدم المبالاة والصبر على الجوع والانحناء للطغاة، وابتداء مرحلة العزّة والكرامة والحريّة ولفظ حياة الصمت من الأفواه، وانتزاع الحقوق بالثورة، واقتلاع عروش الظالمين.

ثامنًا: ولقد أثبتت الثورة التونسية المباركة بأن بعبع الأمن والمخابرات الذي يحتمي به الطغاة، ويخوّفون به شعوبهم، ما هو إلا شبح كارتوني ليس إلا،
وعندما يجد الجد، وتثور براكين غضب الشعوب، يلوذون في مخابئهم كالجرذان.

تاسعًا: كما أثبتت الثورة التونسية المباركة بأن جيوش الأمة لا يزال فيها الكثير من الخيرية، بالرغم من الجهود الهائلة التي بذلها الطغاة لتركيعها وتحجيمها، وتصفية العناصر الشريفة فيها، وتحويلها من حامية للأوطان والشعوب إلى حماية الطغاة وجلد الشعوب، ولكن الجيش التونسي البطل أثبت مرّة أخرى انحيازه للشعب والوطن والأمة على حساب الطاغية الجلاد.

عاشرًا: ولقد أثبتت ثورة تونس المباركة بأن طغاة الأمة وجلادي شعبها لا ينتمون إلى أوطاننا وشعوبنا انتماءً أصيلاً، بل هم مجرد دخلاء قتلة للشعب، ولصوص وسرّاق لثرواته وخيراته، وفي أول لحظة يهتزّ فيها كرسيّهم، وتتهدد مصالحهم، تراهم يفرّون خارج البلاد ويتركوا سفينتها تغرق، بعد أن كانوا هرّبوا كل ما سرقوه من قوت الشعب وأمواله ومدّخراته.

حادى عشر: كما أثبتت هذه الثورة المباركة كذب الأمريكان والغربيين في دعواهم الزائفة بأنهم حماة الحريّة والديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، فهم يكيلون بألف مكيال؛ فعندما تثور الشعوب الإيرانية، وشعوب أوربا الشرقية، يقيمون الدنيا ولا يقعدونها؛ لأن لهم في ذلك مصالح أنانية ضيّقة، أما عندما يتعلّق الأمر بالشعب العربي المسلم، فيسكتون سكوت أهل القبور، بل يدعمون الطغاة والجلادين بكل أشكال الدعم المادي والمعنوي لسحق شعوبنا وظلمها وتجهيلها وتجويعها.

ثانى عشر: كما أثبتت أيضًا بأن أمريكا والغرب ينظرون إلى أولئك الحكام الظالمين نظرة احتقار وازدراء، فهم ليسوا أكثر من عملاء مأجورين، سلّطوهم على رقاب هذه الأمة المنكوبة بهم لجلد ظهرها، وتجويع شعبها، وسرقة خيراتها، وتنفيذ مخططات الأسياد الأمريكان والغربيين بين ظهرانيها، فإذا انتهت مهمّاتهم، واستنفذوا أغراضهم، رموهم كما يرمون المناديل الورقية بعد أن يمسحوا بها أحذيتهم.

حدث ذلك مع أخلص عملائهم لهم شاه إيران وغيره من الطغاة، ثم تكرر الموقف ذاته مع جلاد الشعب التونسي، الذي خدمهم لأكثر من نصف قرن كما يخدم العبيد أسيادهم، وحقق لهم أكثر بكثير مما كانوا يحلمون به، فلما لفظه الشعب التونسي الثائر أغلقوا أجواءهم في وجه طائرته الهائمة على وجهها في الآفاق، وتركوه لمصيره البائس، فهل يعتبر الطغاة والجلادون من مصائر أسلافهم المخلوعين!؟

ثالث عشر: ولقد أظهرت الثورة التونسية المباركة دور الإعلام الهادف والحرّ والمستقل في ترشيد صحوة الأمة، وتشكيل وعيها، وصناعة نهضتها، وتفجير ثورتها، وحراسة مكتسباتها، ولقد ذهب اليوم الذي تُذبح فيه مدينة عريقة مثل حماة من الوريد إلى الوريد على أيدي الطغاة والجلادين، وبتواطؤ كامل من أسيادهم، دون أن يعلم بذلك أحد في العالم.

لقد ذبح جلاوزة النظام السوري في حماة قبل حوالي ثلاثين سنة أكثر من أربعين ألف مسلم، وضربوها بجميع أنواع الأسلحة، بما فيها المحرّمة دوليًا، وهدموا عشرات المساجد، ودمّروا أكثر من ثلث مباني المدينة فوق رؤوس ساكنيها من الأطفال والنساء والشيوخ، وحوّلوا أحياء بكاملها إلى ساحات لوقوف السيارات، دون أن تهتزّ شعرة في شارب النظام العربي الرسمي، أو النظام الدولي.

بينما أسقطت اليوم دماء المواطن محمد بو عزيز أعتى طغاة العصر وجلاديه، وحررت الشعب العربي التونسي كلّه من أغلاله، و أعطت الأمة بأكملها دروسًا خالدة في العزّة والكرامة والتحرر، كل ذلك بفضل الله، ثم بمؤازرة الإعلام الحرّ.

ولقد رأينا من قبل الدور الرائد للإعلام المقاوم في صناعة النصر في كل من فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها، فلنحرص على دعم هذا الإعلام وتطويره وترشيده.

أخيرًا وليس آخرًا

أقول للحكام العرب والمسلمين الذين فيهم بقية باقية من شرف وغيرة وإيمان: دع عنك العملاء والمتصهينين والمتأمركين.

إن العدو الأنكلو –صهيو-أميريكي يستهدف الأمة بأكملها، حكامًا وشعوبًا، دينًا وقيم ومبادئ وأخلاق وثروات، ويتخذ من بعض ضعاف النفوس من حكامنا مطية لتحقيق أهدافه الخبيثة، فإذا استنفدوا أغراضهم في خدمته على حساب شعبهم وأمتهم لفظهم وتخلى عنهم، ضاربًا عرض الحائط بكل ما يتبجّحون به من قيم ومباديء وأخلاق وصداقات.. إلخ.

فمتى تصحون على هذه الحقيقة، فترصّوا الصفوف، وتنبذوا الخلافات، وتدعموا الوحدة الوطنية، وتطلقوا الحريّات العامة، وتمزّقوا قوانين الطوارئ التي مضى على تطبيقها في بعض دولكم أكثر من نصف قرن؟!

إن السبيل الوحيد لحماية أوطانكم، والدفاع عن أنظمتكم، والمحافظة على مكاسبكم أمام هذه الهجمة الصهيونية الماكرة، هو ليس بالهرولة إلى واشنطن، كالمستجير من الرمضاء بالنار، ولا بالارتماء في أحضان الكيان الصهيوني، وتقديم المزيد من قرابين الطاعة له، بذبح شعوبكم، ومحاربة دينكم، والتنكّر لأمتكم.

بل برص الصفوف، والمصالحة مع شعوبكم، والمزيد من إعطاء الحريات لها، وتفجير طاقاتها، وتوحيد صفوفها، وإفساح المجال لها لكي تأخذ دورها الكامل في صناعة نهضتها ومستقبلها.

انظروا ما ذا فعلت شعوبكم في فلسطين والعراق وأفغانستان وتونس في أول فرصة أتيح لها أن تعبر ولو بالحد الأدنى عما تريد، لقد دوخت الانتفاضة الشعبية المباركة في فلسطين الكيان الصهيوني، وقلبت كل حساباته الشريرة، كما أربكت المقاومة المباركة في العراق الأمريكان، وأحبطت كل مخططاتهم الخبيثة، وأذهلت الثورة التونسية المباركة الدنيا ودوّخت العالم.

حدث هذا والدنيا كلها تحاربنا ، بمن فيهم أنتم وحكوماتكم ، فكيف لو تفجرت هذه الطاقات المباركة في أحضان جيوشها، وتحت رعاية قياداتها وحكامها، وبدعم كامل من شعوبها وجماهيرها ؟!

*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل
إسماعيل
 مشرف

عدد المساهمات : 2980
العمر : 52
نقاط تحت التجربة : 16072
تاريخ التسجيل : 17/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى