إتحاف الزّمرة على أن الحق لا يكون مع الكثرة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
إتحاف الزّمرة على أن الحق لا يكون مع الكثرة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
تضَافَر العَقْلُ والشَّرع على أَنَّ أَََهلَ السُّنَّة مَوْجودونَ في كل زَمان لا يَخلو وقتٌ مِنْهم ، وهُم متمَسِّكونَ بالحقِّ ناصحونَ للخلْق لَا يَخافون في الله لومة لائم ، برغم تكالب الملل عليهم واجتماع النحل ضدّهم .
بكتاب الله معتصمون وبسنة نبيه مقتدون وبآثار السلف سائرون ، لا يلتفتون إلى زخارف الأقوال ولا إلى آراء الرجال ، لا يصدهم على دعوتهم ملبس ولا يردهم عن معتقدهم مخرف ولا يقيسون الباطل بالقلة ولا الحق بالكثرة ، فكانوا بحق خير أمة أخرجت للناس.
ومن المعلوم أن لكل صاحب دعوة حق أعداء من مردة الشياطين وأعوانهم من الإنس الضالين ، ينشرون الشبه ويبثون السمَّ الزعاف ، ليطفؤوا نور الله ، والله متم نوره ولو كرهوا .
فمن تلكم الشبه الواهية و التلبسات الغاوية زعمهم أن أهل السنة في قلة ونحن في كثرة .
فكيف يعقل أن يكون هذا الجم الغفير والسواد الكثير هم أهل الباطل وتلك الشرذمة هم أهل الحق ... !؟
لكن هذه الشبه كما قال القائل :
فقد انبرى لها عز وجل في كتابه فدمغها فهي زاهقة , وأحرقها نور السنة فهي مارقة
وغمرها بحر السلف فهي غارقة . فلله الحمد والمنة .
وأنا سأذكر لك أخي الكريم بعض الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة على بطلان هذه القاعدة ، وتجعلها حصنا تتقي به شرر هؤلاء المرجفين المبطلين وسيفا تقطع به دابر الضالين ، ولتقول الحمد لله رب العالمين .
قال عز وجل : (وَإِنْ تُطَع أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) [ الأنعام : 116]
وقال تعالى : (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) [ يوسف : 103]
وقال تعالى: ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) [الفرقان: 44] .
وقال عز وجل : (وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ) [ الأعراف : 102]
وقال تبارك وتعالى : (المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ) [ الرعد : 1]
فما أكثر ما ذم الله عز وجل الكثرة في كنابه ، ومدح القلة فقال : (اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )[ سبأ:13]
وقال عز وجل : ( ... وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ...) [ ص:24]
وقال أيضا تبارك وتعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) [ هود : 40]
وعن ابن عباس –رضي الله عنه- قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: ( عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان والنبي ومعه الرهط والنبي وليس معه أحد ...) [ متفق عليه ]
فهل هؤلاء الأنبياء عليهم السلام ليسوا على حق لأن أتباعهم في قلة ويوجد من لا تابع له ..؟؟
معاذ الله , فهو الصادقون الصالحون بربهم مؤمنون .
فإن قلتم : بل الأنبياء على حق ، فقذ بطل مذهبكم .
وإن قلتم بمذهبكم كفرتم .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا. فطوبى للغرباء)[ أخرجه مسلم برقم : 145 وغيره]
وسئل عنهم فقال صلى الله عليه وسلم : (ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم)[ رواه أحمد في المسند وصححه العلامة الألباني في الصحيحة برقم : 1619].
وعن معاوية –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمَّة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاّ واحدة وهي الجماعة ).[ أخرجه أبو داود برقم :4597 وابن ماجة من حديث عوف بن مالك برقم :3993 وغيرهما وقد اجمعت الأمة على صحته ).
فقد جعل صلى الله عليه وسلم الطائفة المنصورة الناجية في مقابل الفرق الهالكة قليل .
قال ابن مسعود –رضي الله عنهما- : " الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك ".
وعن الفضيل بن عياض: ' اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين واياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين'.
قال أبو شامة –رحمه الله- (الباعث على إنكار البدع والحوادث ص : 22) : " وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة؛ فالمراد به لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالف كثيراً؛ لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة رضي الله عنهم ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل" اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- ( الفتاوى ص: 298-299 جـ 18 ): "
وفي السنن: ( إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ). والتجديد إنما يكون بعد الدروس، وذاك هو غربة الإسلام.
وهذا الحديث يفيد المسلم أنه لا يغتم بقلة من يعرف حقيقة الإسلام، ولا يضيق صدره بذلك، ولا يكون في شك من دين الإسلام، كما كان الأمر حين بدأ. قال تعالى: ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إليكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ) [يونس: 94] ، إلى غير ذلك من الآيات والبراهين الدالة على صحة الإسلام.
وكذلك إذا تغرب يحتاج صاحبه من الأدلة والبراهين إلى نظير ما احتاج إليه في أول الأمر. وقد قال له: ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إليكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ )[يونس:94] ، وقال تعالى: ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) [الفرقان: 44] .
وقد تكون الغربة في بعض شرائعه، وقد يكون ذلك في بعض الأمكنة. ففي كثير من الأمكنة يخفي عليهم من شرائعه ما يصير به غريبًا بينهم، لا يعرفه منهم إلا الواحد بعد الواحد.
ومع هذا، فطوبي لمن تمسك بتلك الشريعة كما أمر الله ورسوله، فإن إظهاره، والأمر به، والإنكار على من خالفه هو بحسب القوة والأعوان. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأي منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه. ليس وراء ذلك من الإيمان حَبَّة خَرْدَل"." اهـ
قال الإمام الشاطبي – رحمه الله- ( " الاعتصام " 01/11 - 12 ) : " وهذه سنة الله في الخلق : أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ سورة يوسف الآية 103 ] وقوله : ( وقليل من عبادي الشكور ) [سورة سبأ الآية 13 ]ولينجز الله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة إليه فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم وذلك حين يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا وتصير السنة بدعة والبدعة سنة ..." اهـ
قال ابن القيم –رحمه الله- (زاد المعاد 181/3 ) : " ولما رأى المنافقون ومَن فى قلبه مرض قِلَّة حزبِ الله وكثرةَ أعدائه، ظنُّوا أن الغلبة إنما هى بالكثرة، وقالوا: ( غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ ) [الأنفال: 49]، فأخبر سبحانه أن النصر بالتوكل عليه لا بالكثرة، ولا بالعدد، والله عزيز لا يُغالَب، حكيم ينصر مَن يستحق النصر، وإن كان ضعيفاً، فعزتُه وحكمتُه أوجبت نصرَ الفئةِ المتوكِّلَةِ عليه. "
قال أيضا –رحمه الله- في نونيته ( ص:16-17):
قال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ( كتاب التوحيد : باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب بعدما ذكر حديث ابن عباس السابق) : " فيه مسائل :الخامسة عشرة: ثمرة هذا العلم، وهو عدم الاغترار بالكثرة، وعدم الزهد في القلة ".اهـ
وقال الإمام الشوكاني –رحمه الله- ( فتح القدير ) عند قوله تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) : " أخبره الله سبحانه بأنه إذا رام طاعة أكثر من في الأرض أضلوه، لأن الحق لا يكون إلا بيد الأقلين، ومنهم الطائفة التي تزال على الحق ولا يضرها خلاف من يخالفها، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "اهـ
قال العلامة ابن باز –رحمه الله- ( " نصيحة موجهة إلى كافة المسلمين " أنظر فتاويه –رحمه الله- ص: 411 – 416 جـ 12) : " وليحذر كل مسلم أن يغتر بالأكثرين ، ويقول : إن الناس قد ساروا إلى كذا ، واعتادوا كذا ، فأنا معهم ، فإن هذه مصيبة عظمى ، قد هلك بها أكثر الماضين ، ولكن أيها العاقل ، عليك بالنظر لنفسك ومحاسبتها والتمسك بالحق وإن تركه الناس ، والحذر مما نهى الله عنه وإن فعله الناس ، فالحق أحق بالاتباع ، كما قال تعالى : وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه ِ وقال تعالى : وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ وقال بعض السلف رحمهم الله : ( لا تزهد في الحق لقلة السالكين ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين " اهـ .
قال العلامة الألباني –رحمه الله- (صلاة العيدين في المصلى ص : 47 ): " فالمؤمن لا يستوحش من قلة السالكين على طريق الهدى ولا يضره كثرة المخالفين "اهـ
وقال معالي الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله- ( شرح مسائل الجاهلية ص : 60) : " فالعبرة ليست بالكثرة, العبرة بالصواب وإصابة الحق . نعم, إذا كانت الكثرة على صواب فهذا طيب , ولكن سنة الله جل وعلا أن الكثرة تكون على الباطل (ومآ أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (وأن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله) " اهـ
فالحق عزيز وأهله في غربة وقلة والباطل ذليل وأهله في كثرة ، فاختر لنفسك الحق بقلة أهله وانبذ الباطل واترك كثرة أهله .
فالزم ما سبق تنجو بإذن الله تعالى
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
تضَافَر العَقْلُ والشَّرع على أَنَّ أَََهلَ السُّنَّة مَوْجودونَ في كل زَمان لا يَخلو وقتٌ مِنْهم ، وهُم متمَسِّكونَ بالحقِّ ناصحونَ للخلْق لَا يَخافون في الله لومة لائم ، برغم تكالب الملل عليهم واجتماع النحل ضدّهم .
بكتاب الله معتصمون وبسنة نبيه مقتدون وبآثار السلف سائرون ، لا يلتفتون إلى زخارف الأقوال ولا إلى آراء الرجال ، لا يصدهم على دعوتهم ملبس ولا يردهم عن معتقدهم مخرف ولا يقيسون الباطل بالقلة ولا الحق بالكثرة ، فكانوا بحق خير أمة أخرجت للناس.
ومن المعلوم أن لكل صاحب دعوة حق أعداء من مردة الشياطين وأعوانهم من الإنس الضالين ، ينشرون الشبه ويبثون السمَّ الزعاف ، ليطفؤوا نور الله ، والله متم نوره ولو كرهوا .
فمن تلكم الشبه الواهية و التلبسات الغاوية زعمهم أن أهل السنة في قلة ونحن في كثرة .
فكيف يعقل أن يكون هذا الجم الغفير والسواد الكثير هم أهل الباطل وتلك الشرذمة هم أهل الحق ... !؟
لكن هذه الشبه كما قال القائل :
حجج تهافت كالزجاج تخالها *** حقا وكل كاسر ومكسور
فقد انبرى لها عز وجل في كتابه فدمغها فهي زاهقة , وأحرقها نور السنة فهي مارقة
وغمرها بحر السلف فهي غارقة . فلله الحمد والمنة .
وأنا سأذكر لك أخي الكريم بعض الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة على بطلان هذه القاعدة ، وتجعلها حصنا تتقي به شرر هؤلاء المرجفين المبطلين وسيفا تقطع به دابر الضالين ، ولتقول الحمد لله رب العالمين .
قال عز وجل : (وَإِنْ تُطَع أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) [ الأنعام : 116]
وقال تعالى : (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) [ يوسف : 103]
وقال تعالى: ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) [الفرقان: 44] .
وقال عز وجل : (وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ) [ الأعراف : 102]
وقال تبارك وتعالى : (المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ) [ الرعد : 1]
فما أكثر ما ذم الله عز وجل الكثرة في كنابه ، ومدح القلة فقال : (اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )[ سبأ:13]
وقال عز وجل : ( ... وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ...) [ ص:24]
وقال أيضا تبارك وتعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) [ هود : 40]
وعن ابن عباس –رضي الله عنه- قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: ( عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان والنبي ومعه الرهط والنبي وليس معه أحد ...) [ متفق عليه ]
فهل هؤلاء الأنبياء عليهم السلام ليسوا على حق لأن أتباعهم في قلة ويوجد من لا تابع له ..؟؟
معاذ الله , فهو الصادقون الصالحون بربهم مؤمنون .
فإن قلتم : بل الأنبياء على حق ، فقذ بطل مذهبكم .
وإن قلتم بمذهبكم كفرتم .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا. فطوبى للغرباء)[ أخرجه مسلم برقم : 145 وغيره]
وسئل عنهم فقال صلى الله عليه وسلم : (ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم)[ رواه أحمد في المسند وصححه العلامة الألباني في الصحيحة برقم : 1619].
وعن معاوية –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمَّة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاّ واحدة وهي الجماعة ).[ أخرجه أبو داود برقم :4597 وابن ماجة من حديث عوف بن مالك برقم :3993 وغيرهما وقد اجمعت الأمة على صحته ).
فقد جعل صلى الله عليه وسلم الطائفة المنصورة الناجية في مقابل الفرق الهالكة قليل .
قال ابن مسعود –رضي الله عنهما- : " الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك ".
وعن الفضيل بن عياض: ' اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين واياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين'.
قال أبو شامة –رحمه الله- (الباعث على إنكار البدع والحوادث ص : 22) : " وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة؛ فالمراد به لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالف كثيراً؛ لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة رضي الله عنهم ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل" اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- ( الفتاوى ص: 298-299 جـ 18 ): "
وفي السنن: ( إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ). والتجديد إنما يكون بعد الدروس، وذاك هو غربة الإسلام.
وهذا الحديث يفيد المسلم أنه لا يغتم بقلة من يعرف حقيقة الإسلام، ولا يضيق صدره بذلك، ولا يكون في شك من دين الإسلام، كما كان الأمر حين بدأ. قال تعالى: ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إليكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ) [يونس: 94] ، إلى غير ذلك من الآيات والبراهين الدالة على صحة الإسلام.
وكذلك إذا تغرب يحتاج صاحبه من الأدلة والبراهين إلى نظير ما احتاج إليه في أول الأمر. وقد قال له: ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إليكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ )[يونس:94] ، وقال تعالى: ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) [الفرقان: 44] .
وقد تكون الغربة في بعض شرائعه، وقد يكون ذلك في بعض الأمكنة. ففي كثير من الأمكنة يخفي عليهم من شرائعه ما يصير به غريبًا بينهم، لا يعرفه منهم إلا الواحد بعد الواحد.
ومع هذا، فطوبي لمن تمسك بتلك الشريعة كما أمر الله ورسوله، فإن إظهاره، والأمر به، والإنكار على من خالفه هو بحسب القوة والأعوان. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأي منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه. ليس وراء ذلك من الإيمان حَبَّة خَرْدَل"." اهـ
قال الإمام الشاطبي – رحمه الله- ( " الاعتصام " 01/11 - 12 ) : " وهذه سنة الله في الخلق : أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ سورة يوسف الآية 103 ] وقوله : ( وقليل من عبادي الشكور ) [سورة سبأ الآية 13 ]ولينجز الله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة إليه فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم وذلك حين يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا وتصير السنة بدعة والبدعة سنة ..." اهـ
قال ابن القيم –رحمه الله- (زاد المعاد 181/3 ) : " ولما رأى المنافقون ومَن فى قلبه مرض قِلَّة حزبِ الله وكثرةَ أعدائه، ظنُّوا أن الغلبة إنما هى بالكثرة، وقالوا: ( غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ ) [الأنفال: 49]، فأخبر سبحانه أن النصر بالتوكل عليه لا بالكثرة، ولا بالعدد، والله عزيز لا يُغالَب، حكيم ينصر مَن يستحق النصر، وإن كان ضعيفاً، فعزتُه وحكمتُه أوجبت نصرَ الفئةِ المتوكِّلَةِ عليه. "
قال أيضا –رحمه الله- في نونيته ( ص:16-17):
واصدع بما قال الرسول ولا تخف ***من قلة الأنصار و الأعوان
فالله ناصر دينه وكتابــــــه*** والله كاف عبده بأمـــان
إلى أن قال :فالله ناصر دينه وكتابــــــه*** والله كاف عبده بأمـــان
لاتخش كثرتهم فهم همج الورى *** وذبابه أتخاف من ذبـــان
قال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ( كتاب التوحيد : باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب بعدما ذكر حديث ابن عباس السابق) : " فيه مسائل :الخامسة عشرة: ثمرة هذا العلم، وهو عدم الاغترار بالكثرة، وعدم الزهد في القلة ".اهـ
وقال الإمام الشوكاني –رحمه الله- ( فتح القدير ) عند قوله تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) : " أخبره الله سبحانه بأنه إذا رام طاعة أكثر من في الأرض أضلوه، لأن الحق لا يكون إلا بيد الأقلين، ومنهم الطائفة التي تزال على الحق ولا يضرها خلاف من يخالفها، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "اهـ
قال العلامة ابن باز –رحمه الله- ( " نصيحة موجهة إلى كافة المسلمين " أنظر فتاويه –رحمه الله- ص: 411 – 416 جـ 12) : " وليحذر كل مسلم أن يغتر بالأكثرين ، ويقول : إن الناس قد ساروا إلى كذا ، واعتادوا كذا ، فأنا معهم ، فإن هذه مصيبة عظمى ، قد هلك بها أكثر الماضين ، ولكن أيها العاقل ، عليك بالنظر لنفسك ومحاسبتها والتمسك بالحق وإن تركه الناس ، والحذر مما نهى الله عنه وإن فعله الناس ، فالحق أحق بالاتباع ، كما قال تعالى : وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه ِ وقال تعالى : وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ وقال بعض السلف رحمهم الله : ( لا تزهد في الحق لقلة السالكين ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين " اهـ .
قال العلامة الألباني –رحمه الله- (صلاة العيدين في المصلى ص : 47 ): " فالمؤمن لا يستوحش من قلة السالكين على طريق الهدى ولا يضره كثرة المخالفين "اهـ
وقال معالي الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان –حفظه الله- ( شرح مسائل الجاهلية ص : 60) : " فالعبرة ليست بالكثرة, العبرة بالصواب وإصابة الحق . نعم, إذا كانت الكثرة على صواب فهذا طيب , ولكن سنة الله جل وعلا أن الكثرة تكون على الباطل (ومآ أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (وأن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله) " اهـ
فالحق عزيز وأهله في غربة وقلة والباطل ذليل وأهله في كثرة ، فاختر لنفسك الحق بقلة أهله وانبذ الباطل واترك كثرة أهله .
فالزم ما سبق تنجو بإذن الله تعالى
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ibn_al_sa7aba-
- عدد المساهمات : 2987
العمر : 41
نقاط تحت التجربة : 14439
تاريخ التسجيل : 07/05/2007
رد: إتحاف الزّمرة على أن الحق لا يكون مع الكثرة
بارك الله فيكم ونفع بكم الامة .
وصلت الرسالة .
وصلت الرسالة .
SARAB-
- عدد المساهمات : 112
العمر : 44
نقاط تحت التجربة : 12166
تاريخ التسجيل : 02/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى