حلاوة الطاعة وروعة الأنس...
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حلاوة الطاعة وروعة الأنس...
موضوع منقول يستحق الوقوف عنده ...
السلام عليكم، حضرة المختصين الأفاضل، حفظكم الله، وبعد:
أشعر منذ فترة طويلة أنني لست كسابق عهدي في الشعور بحلاوة الطاعات، وروعة الأنس بالله سبحانه وتعالى، وأشعر بفقداني لكل ما كنت أتمتع به من هذا العطاء الذي ليس بعده عطاء، وهو كما ذكرت حلاوة العبادة والأنس به جل شأنه.
إن هذا الأمر يحزنني جدا، وأكثر من ذلك أنني متخوفة على نفسي، فأتساءل في داخلي: ماذا عساه ربي عز وجل يريد بي؟، وما حكمته يا ترى؟، وأول أمر مهم أعود إليه هو محاسبة نفسي على فقداني لتلك النعم؛ فأنا أعلم أن العبد عندما يفقد نعمة فإن ذلك يكون بسبب ذنب ما، فأبحث وأبحث فلا أجد ما أبحث حوله "طبعا لا أزكي نفسي".
وحتى أوضح الصورة لحضرتكم فكلنا خطاءون، ولكن ولله الحمد دائما أبحث عن رضا الله عز وجل، إنني حزينة للغاية لفقداني لأروع وأغلى جلسة كنت أجلسها عندما أخلو بربي عز وجل، وأتذلل بين يديه الكريمتين وأدعوه أو أقرأ القرآن الكريم.
حتى الصلاة كنت عندما يحين وقتها أذهب إليها مستبشرة وفرحة، وفي نفس الوقت كانت تنتابني حالة من الرهبة لمجرد شعوري أنني سأقف بين يديه جل شأنه، والله إنني كنت أحيانا أرتجف خوفا وهيبة من جلاله وأنا في الصلاة، وكنت أنتظر الصلاة بشوق وسعادة، وقيام الليل كنت أشعر بقمة حلاوته، والآن عندما أقوم الليل أقومه وكأني أحمل جبلا على ظهري وبين كتفي.
يبدو أنني سأطيل على حضراتكم، عموما سأكتفي بهذا التوضيح، لعلي بإذن الله تعالى، أجد الجواب الشافي عندكم، وإنني لأرجو من الله السميع القريب المجيب أن يلهمكم ذلك لي ولكل سائل عن حاجته.
وللعلم، فإنني قد أرسلت استفساري هذا لأحد مواقع الفتوى فكان من ضمن إجابته حول أسباب فقداني لهذه النعم التي كنت فيها "وجودكِ في بلاد الكفر"، وأنا صراحة أتسائل وبدهشــة: ما ذنب إنسان يعيش في بلاد الكفر أن يسلبه الله عز وجل حلاوة طاعته، خاصة أن ذلك الإنسان يحاول بكل جهده أن يكون قدوة حسنة لغيره من غير المسلمين هنالك ويحاول بل ويرجو من الله أن يهدي بعضهم على يده؟ أهذا ذنب حقا عليه لمجرد وجوده هنالك؟
صدقوني إنني وبحكم وجودي في بلاد الكفر لا أرى أن ذلك سببا لضعف إيمان المسلم أو بعده عن الله عز وجل، إنني أقول وبكل صدق أشعر بقربي من الله عز وجل وبالتزامي أكثر من وجودي في بلادي، طبعا هذا حالي، وربما يكون هذا الشعور خاصا بي، ولكن يبدو لي وبوضوح تام أن إيمان العبد وخشيته من الله ليس لها أي علاقة بأي مكان يعيش؛ فالله عز وجل موجود أينما نكون وهو يرانا ويسمعنا ويعلم بأحوالنا أينما قدر لنا العيش، وأرجو منه تعالى أن يوفقكم ويسددكم وينير بصائركم، والسلام عليكم.
*************************************************************----------
الرد
يقول أحد العلماء المستشارين من فريق الاستشارات الإيمانية بمصر:
الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أحييك على هذه الرسالة الجميلة التي تمس القلوب، وهي تعبر عن حال الكثير من الناس الذين يريدون أن يشعروا بحلاوة الطاعة والعبادة وبروعة الأنس بالله سبحانه وتعالى، وأود أن أقول لك بأن إحساسك هذا يا أختي يدل على الإيمان؛ فالمؤمن يلوم نفسه ويؤنبها على تقصيرها في حق الله عز وجل، وشعورك هذا ظاهرة صحية.
ونبدأ بموضوع الحكمة لما حدث معك، فإن الإنسان إذا حدث له ما يجعله يقصر في طاعة الله أحس بغيره من الناس والتمس لهم الأعذار، وسأروي لك موقفا حدث معي: وهو أنني كنت في المسجد يوما ويجلس معي صديق لي، ودخل رجل بعد انتهاء الصلاة، فقال صديقي: لماذا تأخر فلان هذا عن صلاة الجماعة؟ فقلت له : ربما كان عنده عذر. فقال صديقي: وأي عذر هذا يمنعه عن الصلاة في وقتها؟ فقلت: وما يدريك؛ فالأعذار كثيرة.
وسبحان الله في نفس اليوم، وفي الصلاة التي تلت هذه الصلاة تأخر صديقي عن الجماعة؛ فقلت له ما أخرك عن الصلاة؟ فقال لي عذر، وحدث ذلك حتى أعذر الناس ولا ألومهم.
فربما ابتلي الإنسان بتقصير حتى لا يرى نفسه فوق البشر؛ وحتى يعذر الناس على تقصيرهم، ويساعد نفسه وغيره دائما على الارتقاء في طاعة الله عز وجل؛ وحتى لا يغتر بطاعته ويعلم أن الطاعة بتوفيق الله عز وجل وليس من نفسه.
الأمر الثاني الفرح والاستبشار من أجل الصلاة والرهبة والخشوع فيها، فإن الصلاة صلة بين العبد وربه، ولكن إذا تحولت إلى عادة يؤديها الإنسان في أوقاتها الخمسة أحس الإنسان بثقلها على نفسه وفقد حلاوتها، والإنسان لا بد ألا يحول العادة إلى عبادة بتجديد النية قبل كل صلاة.
وعلى المسلم أن يتذكر حال رسول الله في الصلاة وحال الصحابة والسلف الصالح، وكثيرا ما أقف عند قول الرسول صلى الله عليه وسلم لسيدنا بلال رضي الله عنه: "أرحنا بها يا بلال"، فكيف يرتاح المسلم بها وليس منها؟
وأتذكر دائما حاتم الأصم عند دخوله في الصلاة، وأن الكعبة تكون أمامه، والجنة عن يمينه والنار عن يساره، وملك الموت خلفه، وبعد ذلك لا يعرف أقبلت صلاته أم لا.
أين نحن من معنى الراحة بالصلاة، ومن حاتم الأصم في صلاته؛ فما أجمل القرب من الله، وأجمل الخشوع في الصلاة والإحساس أنك فعلا تصلي.
وأحب أن أشير إلى شيء ربما وقعت فيه، وهو تكليف نفسك بما لا تطيقين من العبادات والطاعات، وقد سُئِلَ النبي كما روت السيدة عائشة صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ عن أَيُّ الأعْمَالِ أَحَبُّ إلى اللهِ قَالَ أَدْوَمُهَا وَاِنْ قَلَّ، وَقَالَ اكْلَفُوا مِنْ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، وكَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إلى رَسُولِ الله صلى الله عَليه وسلم كما روت السيدة عائشة أيضا الذي يدوم عَليه صاحبه.
انظري، إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، فهل تدومين على عمل وإن قل خير أم تثقلين على نفسك بضعة أيام ثم تنقطعين؟
لكن -أختاه- أين الصحبة الطيبة في حياتك؟ لم تحدثيني عن هذه الصحبة، سواء في بلدك أو في غربتك؛ فأين الصحبة التي تصحبك إلى الخير، وتقف بجوارك إذا تعثرت في طريق الإيمان، وتعينك على طاعة الله، ولا تجعل الشيطان يستحوذ عليك؟
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار، وكان كل واحد منهما نعم الأخ لأخيه؛ فأين الأخوة في حياتك؟ فالأخوة سياج للمرء من الوقوع في المعصية، ومعين على الطاعة.
واعلمي يا أختاه أن الإيمان يزيد وينقص، والإنسان لا يستطيع أن يسير على وتيرة واحدة، فسددي وقاربي، واسألي الله الثبات على الإيمان، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يسأل الله الثبات على الدين، وأن يقلب الله قلبه على طاعته.
وأخيرا أنصحك بعدة أمور:
1- عليك بالصحبة الطيبة التي تعينك على طاعة الله.
2- استحضار عظمة الله دائما في قلبك، وعند الصلاة؛ لتعينك على الخشوع في الصلاة.
3- عدم التكليف بما لا تطيقين؛ حتى لا تصابين بالسأم.
4- الترويح عن النفس في طاعة الله عز وجل يجدد نشاطك ويعطيك دافعا للاستمرار في الطاعة.
وأذكرك أختي بقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}، وبقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ}، نسأل الله الاستقامة على طاعته، وأن نكون من الذين اهتدوا فزادهم هدى، ونسأل الله الثبات على الطاعة، ونسأله سبحانه حسن الخاتمة.
ويضيف مسعود صبري الباحث الشرعي بالموقع :
الأخت الفاضلة ؛
جزاك الله تعالى خيرا على هذه الروح ، وإن استحضارك لهذه الروح يعني أنها ستعود إليك يوما ، وإن ربنا أكرم الأكرمين ، إنه لا يرد من سأله في شئون الدنيا ، ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم ، فكيف بمن يتمنى أن يكون أحسن حالا في طاعته لله سبحانه وتعالى ؟!
وإني أستحضر في استشارتك قوله تعالى :" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ، فالله تعالى لا يغير ما بحال العبد من الطاعة إلى المعصية ، ومن لذة الوقوف بين يديه إلى أن يكون محروما من هذا النعيم الرباني، إلا إذا أتى ما يستوجب حرمانه من هذا الخير ، حتى يستشعر ما كان فيه من النعمة ، فإنه لا يشعر بالنعمة إلا من فقدها ، ولو إلى حين.
وهذا يجرني إلى أن تراجعي مع نفسك معنى المعصية ، فكثير منا يعصي ، ولا يحسب نفسه عاصيا ، أو أنه لا يتذكر المعصية التي ارتكبها .
وقد حكى لي بعض الناس أن شخصا قد رزقه الله تعالى سنة قيام الليل ، حتى جلس مع صديق له ، فتكلما في شئون الناس ، وجر الحديث أن تحدثوا عن بعض الأشخاص،واغتابوهم ، فإذا بهذا الشخص يحرم نعمة قيام الليل ، وتعجب لم حرم ، إنه لم يأت معصية – كما تصورت أنت -، ولكنه تذكر أنه جلس ، فاغتاب الناس ، فرفع عنه هذا الخير بما كسبت يداه ، كما قال تعالى ، "بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" ، ففتشي في نفسك بما اقترفت من إثم ، فستجدين أنك وقعت في شيء محظور.
ولا يعني هذا أن تجددي العهد مع الله تعالى ، فالله تعالى يقبل عودة الإنسان من الكفر إلى الإيمان، فكيف لا يقبل توبة العصاة من المؤمنين ، وهو سبحانه القائل " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " ، وقد أخبر عنه المعصوم صلى الله عليه وسلم " إن الله يبسط يده بالليل ؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ".
وأنا معك أن الغرب في ذاته ليس سببا في فساد الإنسان ، فكم من الناس تعيش في الغرب محافظة على إيمانها، وقد رأيت بعيني الجو الإيماني الذي يعيشه المسلمون في كنف المراكز الإسلامية ، ورأيت في ذات الوقت كيف يؤثر المجتمع إن لم يكن فيه ما يساعد المرء على طاعة الله تعالى ، وهنا يتداخل تأثير البيئة مع العوامل الإنسانية الأخرى ، وربما يجد الإنسان فرصة في الحفاظ على الإيمان في بلد ربما لا تعد من ديار الإسلام ، والمسلم مطالب بأن يحافظ على دينه بعيدا عن طبيعة الوقت والزمان .
فاجلسي مع نفسك ، وفتشي فيها جيدا، واعرفي سبب حرمانك هذا الخير، وأصلحي نفسك ، فإن الله تعالى سيعيد إليك ما حرمت ، إنه سبحانه أكرم الأكرمين .
السلام عليكم، حضرة المختصين الأفاضل، حفظكم الله، وبعد:
أشعر منذ فترة طويلة أنني لست كسابق عهدي في الشعور بحلاوة الطاعات، وروعة الأنس بالله سبحانه وتعالى، وأشعر بفقداني لكل ما كنت أتمتع به من هذا العطاء الذي ليس بعده عطاء، وهو كما ذكرت حلاوة العبادة والأنس به جل شأنه.
إن هذا الأمر يحزنني جدا، وأكثر من ذلك أنني متخوفة على نفسي، فأتساءل في داخلي: ماذا عساه ربي عز وجل يريد بي؟، وما حكمته يا ترى؟، وأول أمر مهم أعود إليه هو محاسبة نفسي على فقداني لتلك النعم؛ فأنا أعلم أن العبد عندما يفقد نعمة فإن ذلك يكون بسبب ذنب ما، فأبحث وأبحث فلا أجد ما أبحث حوله "طبعا لا أزكي نفسي".
وحتى أوضح الصورة لحضرتكم فكلنا خطاءون، ولكن ولله الحمد دائما أبحث عن رضا الله عز وجل، إنني حزينة للغاية لفقداني لأروع وأغلى جلسة كنت أجلسها عندما أخلو بربي عز وجل، وأتذلل بين يديه الكريمتين وأدعوه أو أقرأ القرآن الكريم.
حتى الصلاة كنت عندما يحين وقتها أذهب إليها مستبشرة وفرحة، وفي نفس الوقت كانت تنتابني حالة من الرهبة لمجرد شعوري أنني سأقف بين يديه جل شأنه، والله إنني كنت أحيانا أرتجف خوفا وهيبة من جلاله وأنا في الصلاة، وكنت أنتظر الصلاة بشوق وسعادة، وقيام الليل كنت أشعر بقمة حلاوته، والآن عندما أقوم الليل أقومه وكأني أحمل جبلا على ظهري وبين كتفي.
يبدو أنني سأطيل على حضراتكم، عموما سأكتفي بهذا التوضيح، لعلي بإذن الله تعالى، أجد الجواب الشافي عندكم، وإنني لأرجو من الله السميع القريب المجيب أن يلهمكم ذلك لي ولكل سائل عن حاجته.
وللعلم، فإنني قد أرسلت استفساري هذا لأحد مواقع الفتوى فكان من ضمن إجابته حول أسباب فقداني لهذه النعم التي كنت فيها "وجودكِ في بلاد الكفر"، وأنا صراحة أتسائل وبدهشــة: ما ذنب إنسان يعيش في بلاد الكفر أن يسلبه الله عز وجل حلاوة طاعته، خاصة أن ذلك الإنسان يحاول بكل جهده أن يكون قدوة حسنة لغيره من غير المسلمين هنالك ويحاول بل ويرجو من الله أن يهدي بعضهم على يده؟ أهذا ذنب حقا عليه لمجرد وجوده هنالك؟
صدقوني إنني وبحكم وجودي في بلاد الكفر لا أرى أن ذلك سببا لضعف إيمان المسلم أو بعده عن الله عز وجل، إنني أقول وبكل صدق أشعر بقربي من الله عز وجل وبالتزامي أكثر من وجودي في بلادي، طبعا هذا حالي، وربما يكون هذا الشعور خاصا بي، ولكن يبدو لي وبوضوح تام أن إيمان العبد وخشيته من الله ليس لها أي علاقة بأي مكان يعيش؛ فالله عز وجل موجود أينما نكون وهو يرانا ويسمعنا ويعلم بأحوالنا أينما قدر لنا العيش، وأرجو منه تعالى أن يوفقكم ويسددكم وينير بصائركم، والسلام عليكم.
*************************************************************----------
الرد
يقول أحد العلماء المستشارين من فريق الاستشارات الإيمانية بمصر:
الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أحييك على هذه الرسالة الجميلة التي تمس القلوب، وهي تعبر عن حال الكثير من الناس الذين يريدون أن يشعروا بحلاوة الطاعة والعبادة وبروعة الأنس بالله سبحانه وتعالى، وأود أن أقول لك بأن إحساسك هذا يا أختي يدل على الإيمان؛ فالمؤمن يلوم نفسه ويؤنبها على تقصيرها في حق الله عز وجل، وشعورك هذا ظاهرة صحية.
ونبدأ بموضوع الحكمة لما حدث معك، فإن الإنسان إذا حدث له ما يجعله يقصر في طاعة الله أحس بغيره من الناس والتمس لهم الأعذار، وسأروي لك موقفا حدث معي: وهو أنني كنت في المسجد يوما ويجلس معي صديق لي، ودخل رجل بعد انتهاء الصلاة، فقال صديقي: لماذا تأخر فلان هذا عن صلاة الجماعة؟ فقلت له : ربما كان عنده عذر. فقال صديقي: وأي عذر هذا يمنعه عن الصلاة في وقتها؟ فقلت: وما يدريك؛ فالأعذار كثيرة.
وسبحان الله في نفس اليوم، وفي الصلاة التي تلت هذه الصلاة تأخر صديقي عن الجماعة؛ فقلت له ما أخرك عن الصلاة؟ فقال لي عذر، وحدث ذلك حتى أعذر الناس ولا ألومهم.
فربما ابتلي الإنسان بتقصير حتى لا يرى نفسه فوق البشر؛ وحتى يعذر الناس على تقصيرهم، ويساعد نفسه وغيره دائما على الارتقاء في طاعة الله عز وجل؛ وحتى لا يغتر بطاعته ويعلم أن الطاعة بتوفيق الله عز وجل وليس من نفسه.
الأمر الثاني الفرح والاستبشار من أجل الصلاة والرهبة والخشوع فيها، فإن الصلاة صلة بين العبد وربه، ولكن إذا تحولت إلى عادة يؤديها الإنسان في أوقاتها الخمسة أحس الإنسان بثقلها على نفسه وفقد حلاوتها، والإنسان لا بد ألا يحول العادة إلى عبادة بتجديد النية قبل كل صلاة.
وعلى المسلم أن يتذكر حال رسول الله في الصلاة وحال الصحابة والسلف الصالح، وكثيرا ما أقف عند قول الرسول صلى الله عليه وسلم لسيدنا بلال رضي الله عنه: "أرحنا بها يا بلال"، فكيف يرتاح المسلم بها وليس منها؟
وأتذكر دائما حاتم الأصم عند دخوله في الصلاة، وأن الكعبة تكون أمامه، والجنة عن يمينه والنار عن يساره، وملك الموت خلفه، وبعد ذلك لا يعرف أقبلت صلاته أم لا.
أين نحن من معنى الراحة بالصلاة، ومن حاتم الأصم في صلاته؛ فما أجمل القرب من الله، وأجمل الخشوع في الصلاة والإحساس أنك فعلا تصلي.
وأحب أن أشير إلى شيء ربما وقعت فيه، وهو تكليف نفسك بما لا تطيقين من العبادات والطاعات، وقد سُئِلَ النبي كما روت السيدة عائشة صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ عن أَيُّ الأعْمَالِ أَحَبُّ إلى اللهِ قَالَ أَدْوَمُهَا وَاِنْ قَلَّ، وَقَالَ اكْلَفُوا مِنْ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، وكَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إلى رَسُولِ الله صلى الله عَليه وسلم كما روت السيدة عائشة أيضا الذي يدوم عَليه صاحبه.
انظري، إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، فهل تدومين على عمل وإن قل خير أم تثقلين على نفسك بضعة أيام ثم تنقطعين؟
لكن -أختاه- أين الصحبة الطيبة في حياتك؟ لم تحدثيني عن هذه الصحبة، سواء في بلدك أو في غربتك؛ فأين الصحبة التي تصحبك إلى الخير، وتقف بجوارك إذا تعثرت في طريق الإيمان، وتعينك على طاعة الله، ولا تجعل الشيطان يستحوذ عليك؟
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار، وكان كل واحد منهما نعم الأخ لأخيه؛ فأين الأخوة في حياتك؟ فالأخوة سياج للمرء من الوقوع في المعصية، ومعين على الطاعة.
واعلمي يا أختاه أن الإيمان يزيد وينقص، والإنسان لا يستطيع أن يسير على وتيرة واحدة، فسددي وقاربي، واسألي الله الثبات على الإيمان، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يسأل الله الثبات على الدين، وأن يقلب الله قلبه على طاعته.
وأخيرا أنصحك بعدة أمور:
1- عليك بالصحبة الطيبة التي تعينك على طاعة الله.
2- استحضار عظمة الله دائما في قلبك، وعند الصلاة؛ لتعينك على الخشوع في الصلاة.
3- عدم التكليف بما لا تطيقين؛ حتى لا تصابين بالسأم.
4- الترويح عن النفس في طاعة الله عز وجل يجدد نشاطك ويعطيك دافعا للاستمرار في الطاعة.
وأذكرك أختي بقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}، وبقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ}، نسأل الله الاستقامة على طاعته، وأن نكون من الذين اهتدوا فزادهم هدى، ونسأل الله الثبات على الطاعة، ونسأله سبحانه حسن الخاتمة.
ويضيف مسعود صبري الباحث الشرعي بالموقع :
الأخت الفاضلة ؛
جزاك الله تعالى خيرا على هذه الروح ، وإن استحضارك لهذه الروح يعني أنها ستعود إليك يوما ، وإن ربنا أكرم الأكرمين ، إنه لا يرد من سأله في شئون الدنيا ، ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم ، فكيف بمن يتمنى أن يكون أحسن حالا في طاعته لله سبحانه وتعالى ؟!
وإني أستحضر في استشارتك قوله تعالى :" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ، فالله تعالى لا يغير ما بحال العبد من الطاعة إلى المعصية ، ومن لذة الوقوف بين يديه إلى أن يكون محروما من هذا النعيم الرباني، إلا إذا أتى ما يستوجب حرمانه من هذا الخير ، حتى يستشعر ما كان فيه من النعمة ، فإنه لا يشعر بالنعمة إلا من فقدها ، ولو إلى حين.
وهذا يجرني إلى أن تراجعي مع نفسك معنى المعصية ، فكثير منا يعصي ، ولا يحسب نفسه عاصيا ، أو أنه لا يتذكر المعصية التي ارتكبها .
وقد حكى لي بعض الناس أن شخصا قد رزقه الله تعالى سنة قيام الليل ، حتى جلس مع صديق له ، فتكلما في شئون الناس ، وجر الحديث أن تحدثوا عن بعض الأشخاص،واغتابوهم ، فإذا بهذا الشخص يحرم نعمة قيام الليل ، وتعجب لم حرم ، إنه لم يأت معصية – كما تصورت أنت -، ولكنه تذكر أنه جلس ، فاغتاب الناس ، فرفع عنه هذا الخير بما كسبت يداه ، كما قال تعالى ، "بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" ، ففتشي في نفسك بما اقترفت من إثم ، فستجدين أنك وقعت في شيء محظور.
ولا يعني هذا أن تجددي العهد مع الله تعالى ، فالله تعالى يقبل عودة الإنسان من الكفر إلى الإيمان، فكيف لا يقبل توبة العصاة من المؤمنين ، وهو سبحانه القائل " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " ، وقد أخبر عنه المعصوم صلى الله عليه وسلم " إن الله يبسط يده بالليل ؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ".
وأنا معك أن الغرب في ذاته ليس سببا في فساد الإنسان ، فكم من الناس تعيش في الغرب محافظة على إيمانها، وقد رأيت بعيني الجو الإيماني الذي يعيشه المسلمون في كنف المراكز الإسلامية ، ورأيت في ذات الوقت كيف يؤثر المجتمع إن لم يكن فيه ما يساعد المرء على طاعة الله تعالى ، وهنا يتداخل تأثير البيئة مع العوامل الإنسانية الأخرى ، وربما يجد الإنسان فرصة في الحفاظ على الإيمان في بلد ربما لا تعد من ديار الإسلام ، والمسلم مطالب بأن يحافظ على دينه بعيدا عن طبيعة الوقت والزمان .
فاجلسي مع نفسك ، وفتشي فيها جيدا، واعرفي سبب حرمانك هذا الخير، وأصلحي نفسك ، فإن الله تعالى سيعيد إليك ما حرمت ، إنه سبحانه أكرم الأكرمين .
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16430
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: حلاوة الطاعة وروعة الأنس...
- الكود:
شكرا لكم ونفع بكم
karrar_karrar-
- عدد المساهمات : 263
العمر : 66
نقاط تحت التجربة : 12283
تاريخ التسجيل : 16/04/2008
رد: حلاوة الطاعة وروعة الأنس...
جازاك الله خيرا أخي إسماعيل
موضوع جدير بأن يجعل محطة نقف بها لنمحص ونصحح مسيرتنا ووجهتنا إلى الله.
وكل ما يمس ويدغدغ المشاعر الإيمانية نحن في حاجة إليه وخاصة في هذا العصر المادي الكثيف...
موضوع جدير بأن يجعل محطة نقف بها لنمحص ونصحح مسيرتنا ووجهتنا إلى الله.
وكل ما يمس ويدغدغ المشاعر الإيمانية نحن في حاجة إليه وخاصة في هذا العصر المادي الكثيف...
مواضيع مماثلة
» حلاوة اللسان عند التونسي و التونسية
» أحزاب بوكردونة و حلاوة الكرسي
» الطاعة
» الامام الشافعي وروعة كلمات
» الجمع بين سرعة Firefox وروعة Internet Explorer في عرض المواقع
» أحزاب بوكردونة و حلاوة الكرسي
» الطاعة
» الامام الشافعي وروعة كلمات
» الجمع بين سرعة Firefox وروعة Internet Explorer في عرض المواقع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى