الاخلاص في القول و العمل
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الاخلاص في القول و العمل
|
ثانياً: كثرة الحديث عن أعماله وما لاقاه من كد وتعب ونصب، وهذه قد يكون ظاهرهامحبة هذا الدين وبث الحماس لكنها في قرارة النفس إبراز أعمال الشخص وما يلاقيه فيسبيل الدعوة، رغبة في رفع مقامه لدى الناس وتصيد قلوبهم وكسب ثنائهم.قال القرطبي - رحمه الله -: ( حقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة وأصله طلبالمنزلة في قلوب الناس ).
ثالثاً: نسبة عمل الجماعة إليه، فتراه يُحب أن يظهر أمام الرؤساء والمديرين علىأنه الرجل الذي قام بالعمل، وهو صاحب الفكرة، وهو الذي أشار بالأمر ! وقد يستمر بهمسلسل الادعاء حتى يقع في خطر أعظم وهو نسبه أعمال إليه لم يقم بها، وينطبق عليهقول الله تعالى:لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَيَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْفَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌآل عمران ( 188)
رابعاً: ذم النفس، يريد بذلك أن يرى الناس أنه متواضع عند نفسه، فيرتفع بذلكعندهم، ويمدحونه به وتنطلق الألسنة تثني على تواضعه وما أزهده وما أنبله !! وهووالله ما أهلكه.
خامساً: التحدث بكثرة الداخلين عليه والخارجين منه، وأنهم لم يتركوا له وقتاًللقراءة وهذه من تلبيس إبليس على العاملين، فتراه يتحين الفرص للجواب عن سؤال عنالقراءة أو الإنتاج العلمي ليخبرك أنه مشغول مع الناس و كثرة سوادهم لديه وأنه مقصدلهم، ولهذا ضاعت عليه الساعات الطوال!
قال سعد بن عبد الله: ( نظر الأكياس في تفسير الإخلاص، فلم يجدوا غير هذا: أنتكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى، لا يما زجه شيء، لا نفس، ولا هوى،ولا دنيا ).
سادساً: العجب بالنفس، وأعمالها وتفانيها في خدمة الناس وأنه قدّم وقدّم، وفكروقدر، ومساء البارحة لم تكتحل عينه بالنوم هماً وغماً لحال المسلمين، فرحم اللهحصين بن عبد الرحمن عندما قال: ( أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت ).قال مسروق: (كفى بالمرء علماً أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعمله ).وقال عبد الله بن المبارك في تعريف العجب: ( أن ترى الناس عندك شيئاً ليس عندغيرك ).وقال ابن القيم في الفوائد: ( لاشيء أفسد للأعمال من العجب ورؤية النفس، ولاشيءأصلح لها من شهود العبد منّة الله وتوفيقه والاستعانة به والافتقار إليه وإخلاصالعمل له ).وتأمل في حال من أعجبته نفسه في حلة لبسها، قال: { بينما رجل يتبختر فيحلة قد أعجبته نفسه إذ أمر الله الأرض فأخذته، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة متفق عليه].
سابعاً: استغلال الفرص لإبراز الأعمال، فإن ذكرت آسيا فهو الخبير بها، وإن ذكرتأفريقيا قال: لي عشر سنوات وأنا أذهب إليها سنوياً مرة أو مرتين، وإن كان الحديث عنأوروبا فإنه هو الذي دفع بالشباب ليذهبوا هناك حيث الدعوة والإغاثة، وأنهم وافقوابعد جهد وعناء بذله!وإن تحدثوا عن الفقراء، فهو العليم بأحوالهم المتابع لأخبارهم، ثم يسرد لك مايعرف وما لا يعرف.وإن كان من أهل مغاسل الأموات بدأ حديثه بخمسة عشرة جنازة غسلها في يوم واحد، ثمنقلك بحديثه إلى السدر والكافور لكنه ليس مذكراً ومخوفاً! بل مدعياً مباهياً.والآخر ممن يعملون في نُصح الناس يسرد لك الأمر سرداً، ثم يضاعف الأرقام مضاعفةعجيبة وكيف اهتدوا على يديه! و نسي المسكين أن الأمة هداها الله عز وجل على يد رجلواحد، وأن أبا بكر -أسلم على يديه ستةمن العشرة المبشرين بالجنة. هذا قبل الهجرة فحسب ، فأين الثرى من الثريا ؟!
ثامناً: ذكر تقدير العلماء والمشايخ له، وأن فلاناً من طلبة العلم خصني بحديث لايعرفه أحد، وأن فلاناً من العلماء سألني عن كذا وكذا وقام وودعني بنفسه! وسلسلةالخرز هذه طويلة إذا انقطعت!قال محمد بن واسع: ( إن كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته معه لا تعلم به ).
تاسعاً: ذم الآخرين لإبراز نفسه ووجهة نظهره، فلو كنت مكان فلان ما فعلت، ولماذاالاستعجال، الأمور تؤخذ بعقل.. ثم يسرد لك موقفاً يظهر فيه نفسه وكيف تصرف بحكمةواتزان وأنهى الأمر حسب ما يراه!
قال بعض العلماء: آفة العبد رضاه عن نفسه، ومن نظر إلى نفسه باستحسان شيء منهافقد أهلكها، ومن لم يتهم نفسه على دوام الأوقات فهو مغرور.وفي وسط هذه المهلكات - والعياذ بالله - تبرز صور مشرقة لأهل الإيمان ممن قتلواحظوظ النفس.. فما أجمل صورة ذلك المؤمن الذي يعمل ويكره أن ينسب إليه شيء، وما أعظممن يجد ويجتهد ولا يرى نفسه إلا أنها حقيرة في جنب الله، بل ما أعظم من كتم حسناتهكما يكتم سيئاته!ولأهل الدعوة يقول ابن الجوزي : ( ما أقل من يعمل لله تعالى خالصاً، لأن أكثرالناس يحبون ظهور عبادتهم، اعلم أن ترك النظر إلى الخلق، ومحو الجاه من قلوبهمبالعمل وإخلاص القصد وستر الحال هو الذي رفع من رفع ).ولأهل الآخرة قال سهل بن عبد الله: ( ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليسلها في نصيب ). أخي المسلم: كان الحسن يقول: ( روي أنه من قَبِلَ الله تعالى من عمله حسنة واحدةأدخله بها الجنة، قيل: يا أبا سعيد: فأين تذهب حسنات العباد؟ فقال: إن الله عز وجلإنما يقبل الخالص الطيب المجانب للعجب والرياء، فمن سلمت له حسنة واحدة فهو منالمفلحين ).
عاشراً: لإظهار النفس ترى البعض إذا عُرض عليه عمل وإن كان يسيراً اعتذر مباشرةوله الحق إن شاء ذلك، لكن أن يعتذر بادعاء كثرة الأعمال والانشغال وتعدد الارتباطاتو..! بل أصبح الادعاء بكثرة الأعمال موضة ظاهرة على ألسن بعض الناس، ومن الطرائف أنرجلاً خطب امرأة وذكر لها أنه مشغول بأمر الدعوة وأسهب في ذلك وقد لا يجد الوقتلإعطائها حقها. فردته وقالت إما أنه كاذب أو مراء. كاذب يدعي، أو يراءي ليرتفع فيعيني، وإلا أين هو من رسول الله وأين هو من العلماء العاملين؟!
الحادي عشر: أحدهم يزور مكتباً للدعوة دقائق معدودة كل ثلاثة أشهر، وكلما جلس مجلسا ًتحدث عن المكتب و أعماله وإنجازاته وتسيد الحديث وكأنه المسؤول الأول عنالمكتب فيظهر دقيق الأمور وجليلها ، ثم يطرح ما قرأ من مشاريع وطموحات ليوهم أنهيحمل هم الدعوة وأنه يجد مشقة في التردد على المكتب.
الثاني عشر: هناك من تستشرف نفسه لدرع يقدم له أو شهادة شكر تصل باسمه! ويصغيبسمعه أن يُثنى عليه وعلى جهده! ويتحدث ويكتب عن سيرته ماذا قدم وفعل؟!
أخي المسلم: كل عملك الذي تقدمه فهو قليل في جنب الله وإن ظهر لك مثل الجبال.فاجمع على قلبك الخوف والرجاء وتذكر قول ابن عوف: ( لا تثق بكثرة العمل فإنك لا تدري أيقبل عنك أم لا ؟! إن عملك مغيب عنك كله ).واحفظ عملك بالإخلاص، واكتم حسناتك كما تكتم سيئاتك، وأبشر بخير عظيم إذا قصدتوجه الله عز وجل، يقول ابن تيمية في هذا الشأن: ( والنوع الواحد من العمل قد يفعلهالإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر الله به كبائر الذنوب كما فيحديث البطاقة، فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق، كما قالها هذا الشخص، وإلا فأهلالكبائر الذين دخلوا النار كلهم يقولون التوحيد، ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كماترجح قول صاحب البطاقة ). ثم ذكر - رحمه الله - حديث المرأة البغي التي سقت كلباًفغفر الله لها ، والرجل الذي أماط الأذى عن الطريق فغفر الله له، ثم قال: ( فهذه سقتالكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر لها، وإلا فليس كل بغي سقت كلباً يغفر لها .فالأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإجلال ).أخي المسلم: أسباب الرياء وبواعثه ترجع إلى ثلاثة أصول: الأول: حب لذة الحمدوالثناء من الناس. الثاني: الفرار من الذم. الثالث: الطمع بما في أيدي الناس من مالأو جاه وغيره.وهذه الأمراض خطيرة على الإنسان وربما تكون سبباً في سوء خاتمته لأن ظاهره مخالفلباطنه -والعياذ بالله.وليتذكر أحدنا قول الحسن: ( رحم الله رجلاً لم يغره كثرة ما يرى من الناس. ابنآدم؛ إنك تموت وحدك، وتدخل القبر وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك ).جعل الله أعمال الجميع صواباً خالصة لوجهه الكريم، لا رياء ولا سمعة، ولا عجبولا منة، بل المنة والفضل لمن هدى ووفق وأعان وسدد جل وعلا.
aymenalu-
- عدد المساهمات : 169
العمر : 43
نقاط تحت التجربة : 12416
تاريخ التسجيل : 30/11/2007
رد: الاخلاص في القول و العمل
الحمد لله أن عافانا مما ابتلى به الآخرين
والحمد لله أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لحب آل البيت والصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
والحمد لله أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لحب آل البيت والصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى