معا لنعرّف بقضية الحوض المنجمي

:afro:

تشهد منطقة الحوض المنجمي منذ مطلع شهر جانفي 2008 تحركات اجتماعية متواصلة ضدّ البطالة وتدهور ظروف العيش والمحسوبية

والفساد.. وقد اتخذت هذه التحركات أشكال عديدة منها المظاهرات والمسيرات والاعتصامات في الخيام وفي دور الاتحاد العام التونسي للشغل وحتى في بعض المقرات الرّسمية (المعتمديات) ومقرات الحزب الحاكم "التجمّع الدستوري الديمقراطي".

وقد انطلقت هذه التحركات، التي تمثّل انتفاضة شعبية، محلّية، شاركت فيها كل الفئات السكانية من مختلف الأعمار والمهن ومن النساء والرجال و حتى من المعاقين على حدّ سواء، على إثر إعلان نتائج مناظرة للتشغيل بشركة فسفاط قفصة يوم 4 جانفي الماضي. وجاءت هذه النتائج مخيّبة للآمال سواء من حيث عدد الناجحين أو من حيث معايير النجاح التي طغى عليها معيار الولاء السياسي والمحسوبية والارتشاء وليس معيار الكفاءة العلمية أو المهنية. وقد كانت هذه النتائج بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس.

إن منطقة قفصة، وخاصّة مدن الحوض المنجمي، تعاني من نسب بطالة مرتفعة خصوصا في أوساط الشباب بمن فيهم أصحاب الشهائد العليا، ومن تفاقم الفقر والتهميش، بسبب غياب المشاريع التي تنهض بالجهة وتلبّي حاجات سكّانها. كما تعاني من تلوّث المحيط بما في ذلك المياه الصالحة للشراب بسبب المواد الكيمياوية المنبعثة في الهواء من مراكز إنتاج الفسفاط أو المختلطة بالمياه المستعملة في الغسّالات وهو ما أدى إلى تكاثر الإصابات بالأمراض الخطيرة.

ولقد سبق أن شهدت الجهة في السنوات الأخيرة عديد التحركات التي قام بها شبان معطّلون عن العمل (تجمعات،إضرابات عن الطعام، اعتصامات...) أو فلاحون أعوزتهم الإمكانيات.

و قد قابلتها السلطات بالقمع. وحين انطلقت تحركات سكان الحوض المنجمي تجاهلتها السلطة في فترة أولى اعتقادا منها أنها ستفتر بمرور الأيام، و تجنبت الرّد عليها بعنف كما اعتادت في مثل هذه الحالات، خوفا من أن تتسع رقعة الاحتجاجات و تمتدّ إلى مناطق أخرى من البلاد تعاني من نفس المشاكل وتفضح الطابع الديماغوجي للخطاب الرسمي حول الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية المزعومة التي استعملتها لتغطية انتهاك الحريات وحقوق الإنسان و غياب الديمقراطية.

ولكن مع استمرار التحركات وتجذرها، لم تجد السلطة بدّا من الردّ عليها بالقمع. فقد حاصرت قوات هائلة من أعوان البوليس مدينة الردّيف منذ مطلع شهر مارس الماضي وكانت هذه القوات مسلّحة بالرّشاشات والهراوات والكلاب وخراطيم المياه. وفي مطلع أفريل اتخذت السلطات قرارا استفزازيا يقضي بتشغيل الناجحين في المناظرة موضوع الخصام، بداية من يوم 7 أفريل صباحا. وهو ما أثار حفيظة السكان. ولإيجاد ذريعة لتدخّل البوليس وإخماد الحركة نهائيا عمدت عناصر مشبوهة في الليلة الفاصلة بين الأحد 6 أفريل والاثنين 7 أفريل إلى رمي الحجارة على مركز الشرطة بالرّديف فاقتحم البوليس المدينة ونكّل بأهلها، فقرر النقابيون والمعطّلون عن العمل والنشطاء تنظيم تجمّع احتجاجي صبيحة الاثنين 7 أفريل أمام مقرّ الاتحاد المحلّي للشغل لتجديد رفضهم نتائج المناظرة المذكورة وللاحتجاج على أعمال البوليس الانتقامية. فداهم البوليس مقرّ الاتحاد واعتدى بالعنف على المتجمّعين واعتقل عددا من المسؤولين النقابيين والعشرات من الشبان المعطّلين عن العمل. وقد تعرّض جميعهم إلى التعذيب. كما تعرض في نفس اليوم العديد من أهالي أم العرائس إلى أعمال تنكيل وتعذيب.

الرديف... قلها ولا تخف؟؟
تحية نضالية رفاقية،
لمن نشكوا مآسينا؟
ومن يصغي لشكوانا ويجدينا؟
أنشكوا موتنا ذلا لوالينا؟
وهل موت سيحيينا؟
قطيع نحن.. والجزار راعينا
ومنفيون.. نمشي في أراضينا
ونحمل نعشنا قسرا.. بأيدينا
ونعرب عن تعازينا... لنا.. فينا..؟؟؟
أحمد مطر- لمن نشكوا مآسينا؟؟
قالها سقراط، ذات ليلة، الرديف... وبعدها الطوفان.
لقد تغنى بك المناضلون ورصّعوا جبهتك الرائعة بنجوم حمراء لتبقى نجوم السماء تشهد أن لا قدر يهدي النصر ويزرع الأمل، لا قدر يقدر على تبديد الغضب وسمل عيون العاشقين. فللعاشقين لون يزداد احمرارا.. فينجب زهرا وماء وبعض العذوبة وكل الشفاء. فقد يكابد العاشق العناء لكن العشق، دوما، يجمع أوطانه ويحمل أحزانه ليحلق، في سمائك، غيما ويرحل، إليك، نارا وثلجا حاطا على جبهتك وأرضك الحبيبة.
هذه الرديف.. هذه أرضها.. وهذا جمالها ولونها.. وهؤلاء عشاقها. قلها... نثرا أو شعرا لا يهم.. قلها فقط.. قلها ولا تخف. فالخوف لا ينبت قمحا ولا يزهر خبزا ولا ينشر دفئا، إن الخوف لمن يخاف نجوم بلا طعم فإن كانت نجوم السماء فهذا لا يهم كثيرا. لكن الأرض لونها أحمر وقلبها أحمر وحبها أحمر ونجمها أحمر... وعشاقها لا يرتدون إلا لونا أحمر فهم يعرفون أن حب الأرض يبدد حب السماء وسكونها البائس. فقلها ولا تخف حتى لا تسكن السماء... قلها حينا وانشدها أحيانا: الرديف.. نجمة حمراء. تعلمنا حق القول وتزرع فينا قول الحق وتهدينا سبيل الموت عشقا للأرض.. فمن لا أرض له لا قلب له ولا لون له.
قلها، صباحا، وأنت تنظر في المرآة لعلك تشم عطرها وطيبها... قلها، مساء، وأنت تلاحق الزمن بلا زمن فقد تدرك أن لا زمن لمن لا عشق له.. لا أرض له، وقلها، ليلا، وأنت تتخيل كل النجوم راقصة فقد يضم خيالك نجمة حمراء... قلها فقط. قلها وأنت جالس.. واقف.. وأنت تتقلب في فراش من دموع.. قلها وأنت تلاعب أطفالك لعلك تحس بآلام أطفال الآخرين.
قلها ولا تبكي.. قلها وابتسم... قلها فقط.
قلها ثانية فلا تخف. قلها وأنت تقرأ شكسبير.. ألان بو.. اليوت.. وراسين كما قالها عاشق. قلها و أنت تفك ألغاز رينيه شار وبود لير وبروست... قلها وأنت تستأنس "ذاكرة الجسد" فقد تتذكر أجسادا بلا ملامح مزقها الفقر والألم، قلها وأنت تسافر في "مدن الملح" فقد تشتاق قدماك لأرض تصمد عليها.. أرض حمراء.. لمدينة ينتهي إليها غضبك فيبدأ منها أملك وألمك.. مدينة صامدة. بل قلها مرة أخرى.. وأنت تستعيد، بذاكرتك المكتضة كالشارع، سؤالا فجره شاعر يطارد فجره الأبدي باحثا عن حصانه المتروك وحيدا.. قل: "لماذا تركت الحصان وحيدا؟". قلها ولا تبالي بمن يراقبك ويحاصرك فأنت، وعهد الأرض، منتصر.. منتصر.. قلها وحيدا فلا تخجل فقد يرددها جيش العشاق، جيش أحمر، ويتغنى بها: الرديف نجمة حمراء.
قلها أخيرا... وأنت على المبدأ قائم وللحق طالب فالعشاق دائما أحرار.. قلها وأنت تفكر في طعام أطفالك.. تفكر في نار الأسعار.. في نار القمع.. وفي وطن يباع على قارعة الطريق. قلها فأنت اليوم مغترب ومغترب بلا كرامة... قلها وانهض فحطم قيود الوهم... قيود الذل والديكتاتورية. قلها: الرديف كرامة.
قلها لصغارك ولا تخف فهم عشاق لهذا الوطن.. لهذه المدينة، علمهم أن الحق مظفر ومنتصر، دعهم يرددون أقوال الثوار وينشدون تاريخهم.. فلا تاريخ لمن لا ذاكرة له. دعهم.. دعهم يقولون: يا عمال ويا مضطهدي العالم اتحدوا. فذلك، وحق كل العشاق، نبع لا ينضب وشوق لا يهدأ وأمل لا ينتهي، انه نداء والتزام وحياة.
نشد على أيادي كل من لبى النداء التزاما وحبا للمبدأ وانتصارا للحق وللمضطهدين:
- من بعث برقية مساندة إكبارا لصمود المناضلين.
- من حضر بدار الاتحاد المحلي من حقوقيين، رغم عناء السفر، داعما صمود أهالي الرديف ونشيد كذلك ببيان فرع الرابطة بالقيروان.
- من أضرب عن الطعام في قفصة مساندا للحق ومناضلا من موقعه.
- الاتحاد العام لطلبة تونس الذي عبّر في بيانه عن مساندته اللامشروطة لنضالات المحتجين.
- وكل من ساند وتعاطف، فكرا وساعدا، مع حركة أهالي الرديف باعتبارها حركة اجتماعية واعية وديموقراطية.
أما غير ذلك فلا يسعني إلا أن أردد، بشأنه، قولين متميزين:
- من لم يساند هذه الحركة فإنه سيبقى، حتما، على هامش التاريخ: هكذا قالها عاشق ومناضل.
- أيقتلك البرد؟ أنا يقتلني نصف الدفء ونصف الموقف أكثر: هكذا قالها المناضل مظفر النواب. أخيرا ندعو منظمات المجتمع المدني من حقوقيين وسياسيين إلى مساندة نضالات أهالي الرديف ونصرة قضاياهم العادلة والمشروعة وحقهم في التنمية والعدالة الاجتماعية.
نحييكم تحية النضال والأمل.
.....يتبع

هذه خطبة من الأب عدنان الحاجي
و عدنان حاجّي: وُلد مُعلّما وكذلك يموت، يعشق الرديف حدّ التُّخمة، هامته عالية، أنفه حادّ شامخ لم ينحن إلا لشعبه، عيناه حادّتان جادّتان، شارباه ممّا يرثه الرّجل عن الرّجال، اسمه عدنان والاسم ضارب في القدم بجذوره العدنانيّة، ولقبه حاجّي وما كان يوما في حاجة لسقط المتاع أو "سُـقاط" الزّمان، صوته وجع الحاضر يقول ولا يمضي، معطفه يقيه البرد والخيانات، نعلاه يُعفرُهما التّراب.. ملح الأرض... أحبّ شعبا فأحبّه الشّعب، ما كان لوحده حين التفوا حوله: عادل، العيد، الطيب، بوبكر، وحسن "الهفهف"... رجال صدقـوا حين عاهدوا.. عدنان.. لم يعرف اليمين حتّى تُلوى يمينُه، أمّا يساره فبالفكر متينة.. اليوم جمّدوه لأنّهم جامدون ومن التّاريخ هاربون.. رجُلا ليس ككلّ الرجال، وفحلا يُخصبُ حتّى البغال...
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
أو
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

معا لنعرّف بقضية الحوض المنجمي

معا لنعرّف بقضية الحوض المنجمي

رد: معا لنعرّف بقضية الحوض المنجمي

رد: معا لنعرّف بقضية الحوض المنجمي