الهجوم على السنة : نشأته وتطوره
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الهجوم على السنة : نشأته وتطوره
لهجوم على السنة : نشأته وتطوره
لقد
كان العرب قبل مجيئ الإسلام ونبيه الكريم قبائل متنازعين وأعداء متقاتلين
، لا تجمعهم غاية ، ولا يوحدهم هدف ، فامتن الله عليهم بهذا الدين ، فألف
به بين القلوب ، ووحد به بين الصفوف ، وجعلهم به إخوانا متحابين ،
متعاونين متناصرين ، إن غاب أحدهم تفقدوه ، وإن افتقر واسوه ، وإن احتاج
أعانوه ، وإن مرض عادوه ، وإن مات شيعوه ، دينهم النصيحة ، وخلقهم الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ، يقول الله تعالي ممتنا ومذكرا بهذا الواقع
وتلك الحقيقة : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا
تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم
بنعمته إخوانا وكنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله
لكم آياته لعلكم تهتدون )(1) ويقول تعالي ( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون )(2)
قال ابن كثير : ( ينبه تعالي عباده المؤمنين علي نعمه عليهم ، وإحسانه
إليهم ، حيث كانوا قليلين فكثرهم ، ومستضعفين خائفين فقواهم ونصرهم ،
وفقـــراء عالة فرزقهم من الطيبات ، واستشكرهم فأطاعوه وامتثلوا جميع ما
أمرهم ..... قال قتادة : كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا ، وأشقاه
عيشا ، وأجوعه بطونا ، وأعراه جلودا ، وأبينه ضلالا ، من عاش منهم عاش
شقيا ، ومن مات منهم ردي في النار ، يؤكلون ولا يأكلون ، والله ما نعلم
قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلا منهم ، حتي جاء الله
بالإسلام فمكن به في البلاد ، ووسع به في الرزق ، وجعلهم به ملوكا علي
رقاب الناس ، وبالإسلام أعطي الله ما رأيتم ، فاشكروا الله علي نعمه ، فإن
ربكم منعم يحب الشكر ، وأهل الشكر في مزيد من الله )(3)
ولم يقبض الله تعالي نبيه إليه إلا بعد أن أكمل الله له ولأمته هذا الدين فأنزل عليه قبل وفاته بأشهر فـي حجة الوداع : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )(4)
فكان كمال الدين من نعم الله العظيمة على هذه الأمة ، ولذا كانت اليهود تغبط المسلمين علي هذه الآية
روي الشيخان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال له : يا
أمير المؤمنين ! آية في كتابكم تقرؤنها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا
ذلك اليوم عيدا ، قال : أي آية ؟ قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت
عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ).(5)
فال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية : ( أخبر الله نبيه صلي
الله عليه وسلم والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلي زيادة
أبدا ، وقد أتمه الله فلا ينقصه أبدا ، وقد رضيه فلا يسخطه أبدا )(6)
وقد أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أنه ترك هذه الأمة علي طريقة واضحة لا ينحرف عنها إلا هالك .
فعن أبي الدرداء رضي الله تعالي عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ( ........ وأيم الله لقد تركتكم علي مثل البيضاء ، ليلها ونهارها سواء )(7)، وفي حديث العرباض ( ... لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك )(
كما قرر لهم صلي الله عليه وسلم أنه قد بلغهم رسالة ربه كاملة ، وما من
خير إلا وقد دلهم عليه ، وما من شر إلا وقد حذرهم منه ، ففي حديث عبد الله
بن عمرو قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته علي خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم ....)(9)
وكان رأس الخير الذي دل الأمة عليه ووصي به الاعتصام بالكتاب والسنة ففيهما الهداية والنجاة ، قال صلي الله عليه وسلم : ( إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبد : كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم )(10)
وقد استجاب الصحابة الكرام لهذه الوصية ، فكانوا أعظـم الناس تمسكا بالشرع
والوقوف عند النصوص ، لأنهم أدركوا هذه المعاني ، فعرفوا أن الدين قد كمل
فلا يحتاج إلي زيادة ، وأن الشريعة استبانت ووضحت فلا تحتاج إلي بيان
وإنما الأمر في التسليم والانقياد ، فكانوا كما وصفهم ابن مسعود رضي الله
عنه : ( خيـر هذه الأمة : أبرها قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ) (11)
وما زال الناس علي هذا الأمر حتي عصفت بهم الأهواء ، وتلاعبت بهم الآراء ،
وانحرفت بهم السبل ، وكان الشر الذي حذرالله منه ، قال تعالي : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ )(12)
قال ابن كثير : ( والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان
مخالفا له ، فإن الله بعث رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ،
وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق ، فمن اختلف فيه ( وكانوا شيعا ) أي
: فرقا كأهل الملل والنحل ــ وهي الأهواء والضلالات ــ فالله قد برأ رسوله
مما هم فيه ، وهذه الآية كقوله تعالي : ( شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه )
الآية .... فهذا هو الصراط المستقيم ، وهو ما جاءت به الرسل : من عبادة
الله وحده لا شريك له ، والتمسك بشريعة الرسول المتأخر ، وما خالف ذلك
فضلالات وجهالات وآراء وأهواء ، والرسل برآء منها )(13)
(1) سورة آل عمران / 103 .
(2) سورة الأنفال / 26 .
(3) عمد التفسير ( 2 / 115 ، 116 ) .
(4) سورة المائدة / 3 .
(5) صحيح الخاري ، كتاب الإيمان ، باب زيادة الإيمان ونقصانه ( 45 ) وصحيح مسلم ، كتاب التفسير ( 3017 ) .
(6) تفسير ابن كثير ( 2 / 12 ) .
(7) أخرجه ابن ماجه ، المقدمة ، باب اتباع سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ( 5 ) .
(
أخرجه أحمد ( 4 / 126 ) وصححه الألباني هو وسابقه بمجموع طرقه في ظلال
الجنة . انظر : ظلال الجنة مع كتاب السنة لابن أبي عاصم ص26 ( 47 ، 48 ،
49 ) .
(9) أخرجه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول ( 1844 ) .
(10)
أخرجه الحاكم ، كتاب العلم ، باب خطبته صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع
( 318 ) وقال : في إسناده عكرمة واحتج به الخاري ، وابن أبي أويس واحتج به
مسلم ، وسائر رواته متفق عليهم ، 4ثم قال : وله شاهد من حديث أبي هريرة،
وأخرجه في الموضع السابق ، ووافقه الذهبي وقال وله أصل في الصحيح .
(11) جزء من أثر رواه البغوي عن ابن مسعود في شرح السنة ( 1 / 214 ) .
(12) سورة الأنعام / 159 .
(13) عمدة التفسير ( 1 / 845 ) .
رد: الهجوم على السنة : نشأته وتطوره
شكرا على الموضوع
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
العنيد-
- عدد المساهمات : 5434
العمر : 62
المكان : sousse
المهنه : Fonctionnaire
الهوايه : صدقا لا أعلم
نقاط تحت التجربة : 16519
تاريخ التسجيل : 26/03/2008
مواضيع مماثلة
» يتفننون في الهجوم على الإسلام
» سلسلة الدروس الدينية
» غدر الشيعة بأهل السنة - غدر الصفويين بأهل السنة
» اين الكاباس هذه السنة
» أهل السنة هم أهل الحق
» سلسلة الدروس الدينية
» غدر الشيعة بأهل السنة - غدر الصفويين بأهل السنة
» اين الكاباس هذه السنة
» أهل السنة هم أهل الحق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى