الأقربون أولى بالتجنيس

قضية تجنيس الرياضيين ليست جديدة وليست قاصرة على دول بعينها، لكن لجوء بعض الدول العربية خاصة الخليجية منها للتجنيس دفع البعض للوقوف مع أو ضد هذا الأمر، وكان فوز العداء رشيد رمزي المغربي الأصل، البحريني الجنسية بذهبية سباق 1500 متر في أولمبياد سببا رئيسيا في إثارة الجدل مرة أخرى بشأن التجنيس لكن بوجهة نظر مختلفة.

اللجوء للتجنيس ليس قاصراً على الدول الصغيرة فقط، لكن يلجأ إليه الدول الكبرى أيضا لكن لأسباب مختلفة، وما يهمنا هو الدول العربية خاصة الخليجية منها التي بدأت في زيادة وتيرة تجنيس الرياضيين، خاصة في الألعاب الفردية لتحقيق إنجازات في البطولات الكبرى نظرا لقصور قاعدة الممارسين في دول الخليج قليلة الكثافة السكانية.

وقد انقسمت الآراء حول جدوى التجنيس في الألعاب الفردية، وهل هو مطلب ملح في ظل الرغبة في بلوغ منصات التتويج ورفع علم الدولة خفاقا في تلك المحافل، لا سيما أن فكرة التجنيس في الألعاب الفردية أصبحت واقعا ملموسا، بعد أن اتجهت إليه قطر والبحرين تحديدا كحل بديل لبلوغ منصات التتويج، وبالفعل حققت الألعاب التي رفعت شعار التجنيس الإنجازات وكتب التاريخ الإنجاز باسم الدولة لا باسم اللاعب.

في المقابل رأى آخرون أن فكرة فوز لاعب مجنس بميدالية أولمبية هي فكرة غير مقبولة؛ حيث سيكون الإنجاز بلا طعم أو رائحة ولن يفيد ، بل سيحمل الدولة التي تريد التجنيس أعباء مالية، كون اللاعب المجنس يسعى وراء المال ويلعب بلا أي انتماء للبلد الذي يمثله، وطالب أصحاب هذا الرأي بضرورة توفير الدعم ووضع الخطط والاستراتيجيات التي من شأنها أن ترفع مستوى الألعاب الفردية التي تحتاج لإمكانيات مادية وبشرية حتى تحقق الإنجازات.

لا شك أن البحرين ستدافع بشدة عن التجنيس، بعد فوز رمزي بذهبية هي الأولى للبلد الخليجي الصغير في الأولمبياد، حيث دافع عبد الرحمن عسكر رئيس البعثة البحرينية المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية ببكين عن قضية تجنيس بلاده للاعبين الأجانب والاستفادة من إمكانياتهم في البطولات والدورات الرياضية.

وقال عسكر عقب تتويج رمزي بالذهب، إن البحرين لم تجنس أي بطل رياضي جاهز له تاريخ مع المسابقات أو البطولات الرياضية، وإنما انتقت المواهب المغمورة ووضعت لها برامج مكثفة تحت إشراف مدربين عالميين لتجعل من تلك المواهب أبطالا رياضيين دون أن يكون لهم تاريخ سابق ورمزي واحداً منهم.

وأضاف: "المسئولون عن الرياضة البحرينية يفتخرون بحسن اختيارهم لتلك المواهب وتوفير الفرصة لهم من أجل التألق وتحقيق نتائج إيجابية، كما يفتخرون بأن البحرين هي أول دولة خليجية اعتنت بالرياضة النسائية؛ حيث تضم حاليا فريقا نسائيًّا كبيرا في ألعاب القوى".

وأضاف أن البحرين لم تكتف بتجنيس الرياضيين الأجانب، بل وضعت خططا طموحة للرقي بالرياضة ومستوى الرياضيين.

وكان رمزي نفسه قد أعلن من قبل أن قبول حصوله على الجنسية جاء بسبب تجاهله في بلده الأصلي المغرب ، وحصوله على الدعم الكافي من البحرين التي سعى لرد جميلها باللعب باسمها ، كما أنه لم يلعب باسم جنسية دولة غربية لكنها عربية شقيقة.

من جانبه، أكد ناصر التميمي أمين سر اتحاد الجودو والمصارعة الإماراتي أن تجنيس اللاعبين المتميزين في مجال الألعاب الفردية هو الحل الوحيد المنطقي المتاح كخطوة انتقالية حتى يتم وضع استراتيجية مستقبلية تقوم على الاهتمام بالألعاب الفردية كافة، وتخصيص الميزانيات والكوادر القادرة على تخريج أجيال من اللاعبين المواطنين.

وأشار التميمي إلى أن هناك ألعابا تحتاج لإعداد يصل إلى ما لا يقل عن 10 سنوات قبل تحقيق إنجاز قاري على سبيل المثال، وبالتالي يأتي حل التجنيس للمساعدة على الإسراع في تخريج الأجيال التي تستفيد من تواجد لاعبين أبطال وأصحاب إنجازات عالمية أو أولمبية في مجال اللعبة.

وكشف التميمي عن أن تجنيس لاعب في المصارعة لا يحتاج لمنحه الجنسية كاملة على حسب قوانين الاتحاد الدولي، بل يحتاج لجواز سفر فقط، وحاليا كل دول العالم تجنس في الألعاب الفردية وأصبح أمرا معمولا به وعلينا النظر للقضية بشكل احترافي.

وحول ما إذا كان توجه اتحاد المصارعة للتجنيس سيكلف خزينة الدولة أموالا طائلة قال التميمي: الأمر لن يتعدي 2000 دولار شهريا كراتب وجواز سفر وعقدا بينه وبين الاتحاد وتوفير معسكرات وبطولات خارجية لتحقيق هذا الغرض، ومن الممكن أن نستفيد من قدرات اللاعب المجنس فنيا بتوفير الاحتكاك القوي والمتواصل مع اللاعبين المواطنين.

وأكد التميمي أن رمزي عندما أحرز ذهبية للبحرين لم يعزف السلام الوطني المغربي ولم تسجل الميدالية باسم المغرب، بل عزف السلام الوطني البحريني ورفع علم البحرين.

وأنهى التميمي حديثة قائلا: ''لو أردنا المنافسة وحصد الميداليات في الألعاب الفردية في أولمبياد لندن، فعلينا من الآن التحرك من أجل التجنيس.

مريم جمال أثيوبية لم تحقق شئيا للبحرين

على الجانب الآخر تعتبر السعودية من أشد المعارضين للتجنيس، حيث أعرب محمد البحيري عضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي لألعاب القوى عن اعتقاده بأن تجنيس الرياضيين يمثل سياسة غير مقبولة في بلاده، موضحا المجتمع السعودي لا يقبل أن يمثله أحد من خارج السعودية.

وقال البحيري، إنه يتمنى أن يكون لجوء البعض إلى التجنيس بهدف توفير البداية المناسبة لبناء قاعدة قوية من أبناء بلدهم.

الخلاصة أن قضية التجنيس ستظل مثار جدل واسع ولمدة طويلة قادمة، إلا أن تجنيس رشيد رمزي في البحرين تحديدا يعتبر اتجاها جديدا في هذا الشأن، فعلى أقل تقدير فإن اللاعب لم يغير اسمه أو ديانته أو لغته أو لهجته عندما مثل البحرين، فهو مغربي عربي وأولى من الأجانب، كما أنه في حال رمزي، فإن ولاءه للبحرين التي لعب باسمها وحمل علمها عقب تتويجه باللقب بصرف النظر عن أسباب تخليه عن اللعب باسم المغرب.