وداعا مايا /مؤثر للغاية
صفحة 1 من اصل 1
وداعا مايا /مؤثر للغاية
.:
..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :.
أهلا أحبتي
هذه القصة التي أنقلها لكم الآن تختلف عن كل القصص سواء تلك الموجودة في هذه المنتدى أو غيرها ..
تختلف لأنها واقعية ملموسة مشهورة جلبت الآفاق وأبدلت نظر كل من قرأها للحياة ..
وبكل صراحة أقولها .. أن هذه القصة أحدثت في نفسي تغييرا جذريا في حياتي ..
يكفي أنني الذي لم أكن أسمع الأناشيد أصبحت أسمعها بشدة بعد قراءتي لهذه القصة والاستماع إلى أنشودتها ..
يكفي أنها ملكت وجداني وتفكيري حتى هذه اللحظة وذكرتني بالآخرة ..
ومن حوالي سنة تقريبا وكل منتدى أسجل فيه أضع فيه هذه القصة ..
لا أعلم لماذا .. ولكنني أجد نفسي مجبرا بشدة على وضعها في أي منتدى أسجل فيه ..
لعل ذلك طموحا مني لكي أجعلكم تشعرون بمثل ما شعر به أنا وقت قراءتي للقصة لأول مرة ..
وللعلم بأن هذه القصة من كتاب وداعا مايا للأستاذ يحيى بن سعيد آل شلوان ..
والآن أترككم مع القصة المؤثرة جدا ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
في معهد الكومبيوتر جمعتنا مقاعد الدراسة...
في العشرين من عمرها متوسطة الطول ،
بيضاء ،جميلة الملامح يزينها شعر أشقر
ولها عينان خضراوان،كانت هادئة الطبع حسنة الخلق..
قررت أن أتعرف عليها اكثر فقد أعجبت بها كثيرا اقتربت منها :-
-مرحبا.. أنا ناديا .. اسمك؟
-اسمي مايا..
-مايا هذا يعني انك …!
-نعم نصرانية .
-لا يهم .. المهم أن نكون صديقتين.
وفعلا كان اللقاء وكانت الصداقة……
كانت طباعنا متقاربة في كل شئ والعجيب أن مولدنا في يوم واحد!
كنا لا نفترق نجتمع دائما إما في المعهد أو في النادي ،
كانت تحب لعبة الاسكواش والتنس
وأنا كنت احب ركوب الخيل أتدرب كثيرا حتى أصبحت فارسة ماهرة..
ركبت معي مايا ذات مرة على الفرس لكنها سقطت …
كنت أزورها كثيرا في منزلها وهي أيضا كانت تمكث
معي في بيت جدتي الساعات الطوال حتى إن جدتي أحبتها كثيرا…
استهواني الدين النصراني كنت أريد أن اعرف عنه كل شئ
ذهبت معها اكثر من مرة إلى الكنائس كنت أسال عن أشياء لا افهمها
وتجيبني عنها بإيجاز أما هي فكانت تجلس صامتة وعلى وجهها ملامح الحيرة …
طلبت مني ذات يوم الذهاب معها إلي الكنيسة لتؤدي صلاة عيد القيامة لم أمانع أبدا !!
كانت جذوري غير راسخة لم اكن اعرف قدر ما عندي!
ذهبت معها .. كانت تختلس النظر إلي تريد أن ترى ردّة فعلي
لم اعلق على شئ كان الذي يدور أمامي طلاسم محيرة لا أستطيع فهمها ….
في اليوم التالي زرتها في منزلها تحدثنا وضحكنا كثيرا
لم نكن نحسب للزمن حسابا المهم أن نبقى معا..
وعندما هممت بالانصراف لمحت عندها
بعض الكتب التي تتحدث عن النصرانية دفعني الفضول إلى طلبها فوافقت مايا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
أخذت تلك الكتب معي إلى المنزل وأنا في شوق لقراءتها فقد كنت احب أن افهم هذا الدين المليء بالألغاز .
دخلت المنزل وسلمت على جدتي وجلست أتحدث معها ..كم احبها فهي الصدر الحنون الذي آوي إليه بعد أن انشغل عني والداي!
وفي
أثناء الحديث وقع نظر جدتي على تلك الكتب ودهشت عندما رأت الصليب مرسوما
على الغلاف نظرت إلي في حدة وثارت في وجهي وصرخت بصوت عال وسبتني سبا
شديدا ورمت بها في وجهي …
مالها؟ لم أرها غاضبة من قبل لم اكن اعرف ماذا يجري وكل ما أدركته أن إحضاري لهذه الكتب خطا كبير وامرمزعج…
اعتذرت إلى جدتي وفي اليوم التالي أرجعت الكتب إلى مايا وقلت لها إني قد قرأتها
كان
هذا خيرا لي فقد كانت جذوري غير راسخة اجهل الكثير عن ديني لم اكن اعرف
الحجاب وافرط كثيرا في الصلاة وفي غرفتي كم هائل من أشرطة الغناء العربية
والأجنبية وعلى جدرانها صور كثيرة لأهل الغناء والتمثيل وفي النادي امضي
ساعات امتطي الحصان وفي نفسي جوانب كثيرة مظلمة أخفيها دائما عن الناس
أحاول إخفائها عن نفسي !!
كان الشيء الوحيد الذي يربطني بالإسلام هو إنني اذهب كل جمعة إلى المسجد لأشهد صلاة الجمعة مع المسلمين !!
وفي
ذات يوم بعد صلاة الجمعة رجعت إلى المنزل ووجدت صديقتي مايا جالسة مع جدتي
تنتظرني جلسنا معا نتحدث ثم انصرفت جدتي لتعد الغداء اقتربت مني مايا
وقالت لي إنها تريد بعض الكتب التي تتحدث عن الإسلام قلت لها: ولماذا؟
قالت إنها تود أن تعرف بعض المعلومات عن الإسلام اعتذرت لها فلم يكن لدي
شئ من الكتب الدينية!!
ولكني وعدتها بان احضر لها ما تريد ..
في
اليوم التالي ذهبت البيت والدي وبحثت في مكتبته فلم أجد سوى (القرآن
الكريم بالتفسير) فأخذته وانصرفت ولم يعرف والدي ووالدتي باني جئت إلى
المنزل ولم انتظرهما حتى يعودا من العمل !
حملت (المصحف المفسر) إلى مايا أخذته مني بلهفة وشكرتني على ذلك كثيرا.. ثم افترقنا..
في صباح اليوم التالي ذهبت إلى المعهد وكلي شوق للقاء صديقتي ..ولكنها لم تحضر !!
ماذا جرى ؟! ازدادت مخاوفي وذهبت بيّ الظنون كل مذهب في اليوم الثالث لم تحضر مايا..
ما الذي حدث؟!
أين هي الآن ؟!
هل……………؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
قطعت كل التساؤلات وقررت أن اذهب إلى منزلها لأطمئن عليها طرقت الباب فإذا بمايا تستقبلني ..
أنت بخير ..لقد..
لم تدع لي فرصة للحديث ولم تجبني عن شئ …
ابتسمت لي وأخذت بيدي وخرجت بي مسرعة وذهبنا إلى بيت جدتي وكانت جدتي غائبة عن المنزل .
في بيت جدتي
تحدثنا
قليلا ثم انصرفت لأحضر العصير رجعت إليها فاذا بها مطرقة الرأس غارقة في
تفكير عميق شعرت بأنها تخفي شيئا… سر كبير من وراء تلك العينين الحائرتين
اقتربت منها همست إليها ..
- مايا مالك يا صديقتي ؟!
رفعت رأسها في تثاقل وقد ترقرقت عيناها بالدموع وقالت:-
تعبت يا ناديا تعبت…
- من أي شي ؟!
- صراع مرير يعصف في داخلي ! يكاد أن يقضي عليّ أصبحت اكره حياتي واكره وجودي في هذه الحياة!
- مايا الذي جرى ؟! لم تكوني أبدا هكذا لماذا هذا الشعور الغريب؟ لماذا يا مايا؟
نظرت اليّ وقد جرت على وجنتيها دمعتان مسحتهما بكفيها …وقالت :-
سأخبرك يا ناديا عن كل شئ .. ولكن!
- ولكن ماذا؟
- اتقسمين لي بأن يكون الأمر سرا بيننا وإلا تبديه لأحد مهما يكن …
أقسمت لها حتى اطمأنت عندما استجمعت قواها وكأنها تحاول أن تضع عن كاهلها حملا ثقيلا عدلت من جلستها ونظرت إلي وقالت : ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
- ناديا أريد أن ادخل في الإسلام!
عقدت الدهشة لساني وقعت كلماتها عليّ كالصاعقة أدركت خطورة الأمر صرخت بها:-
- ماذا؟!!
تسلمين ؟؟!… الإسلام؟!
أما تدركين خطورة هذا القرار؟! ماذا لو علم اهلك بهذا؟
سوف يقتلونك حتما سيقتلونك…
نظرات الرجاء في عينيها تكسرت شيئا فشيئا أطرقت رأسها ووضعت وجهها بين كفيها وانهارت في بكاء شديد ثم تحشرج صوتها وأخذت تردد:-
- حتى أنت يا ناديا.. حتى أنت يا صديقتي!
لا تريدينني أن أرى النور!
لا أحد يريد أن يأخذ بيدي رحماك يا رب …
آه مما أنا فيه..كزورق تائه تتقاذفه الأمواج ولا من معين……
رحماك يا رب رحماك …
وغرقت في بحر من الدموع وأنا مازلت حائرة !!
أفكر فيما أرى واسمع ومخاوفي تزداد على صديقة العمر ..عالم مجهول ينتظرها !!
قرارها هذا قد يفرق بيننا إلى الأبد بل قد يفرق بين روحها وجسدها..!!
آه..ما أبشع المنظر عندما تصورتها جثة هامدة وقد قتلها اقرب الناس إليها لن يرحموها أبدا …لن…
نشيجها
المتصاعد يقطع عليّ مخاوفي المفزعة ..يكاد البكاء أن يقضي عليها ..آهاتها
الحرى تقطع نياط قلبي ونظراتها العاجزة تتوسل إلي لمحت في عينيها صدق
الرغبة أيقنت أنها قد اتخذت قرارها ولن تتراجع عنه وأنا أيضا اتخذت قراري…
اقتربت منها احتضنتها إلى صدري بشدة وقلت لها:-
- لا عليك يا صديقتي لا عليك..
ليكن لك ما تريدين...
لن أتخلى عنك مهما كلف الأمر ..ساكون معك والله معنا..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
النطق بالشهادتين
أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله…
كأنني اسمعها لأول مرة ..
نطقتها مايا فلم تبق مني جارحة إلا وانتفضت لأول مرة اشعر بجلال هذه الكلمة! آه لم اكن اعرف قدر ما عندي !!
توقفت
عقارب الزمن عن الدوران وعشت مع مايا لحظات ليست من عمر الزمن غمرتنا
السكينة من كل مكان وكان الملائكة من السماء تتنزل لترفع ذلك الإيمان الغض
الندي إلى الملكوت الأعلى …
انه التوحيد .. (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ).
أشرقت شمس الإيمان .. وتبدد الظلام..( إنما الله اله واحد).
وداعا للخرافة .. وداعا للأوهام..
(ثلاثة
في واحد .. واحد في ثلاثة) .. ليل جاثم .. لن يصمد طويلا أمام الفجر
الساطع: (قل هو الله أحد (1) الله الصمد(2) لم يلد ولم يولد(3) ولم يكن له
كفوا أحد(4))
الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله ..لم اخسر شيئا..((ربحت محمدا ولم أخسر المسيح)).
رسولان
عظيمان في طريق واحد الطريق إلى الله.. لم يكن المسيح يوما إلها أو ابنا
للإله إنما هو عبد الله ورسوله.. السر المحير في طبيعة المسيح يبدده شعاع
من القرآن: ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن
فيكون).
الله اكبر .. الله أكبر .. اشهد أن لا اله إلا الله...اشهد أن محمدا رسول الله..
صوت
الأذان يجلجل في كل مكان .. يا الله ! كم هزني هذا النداء! لطالما تمنيت
أن استجيب له الحمد لله حان اللقاء.. سأقف بين يدي الله.. سأسجد له سأعترف
له بذنوبي واسأله الغفران لست بحاجة إلى واسطة بيني وبينه انه ربي قريب
مني ليس بيني وبينه حجاب: (وإذا سالك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة
الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليأمنوا بي لعلهم يرشدون).
الحمد لله .. آن لهذه الروح الظامئة أن ترتوي..
عاشت مايا تلك التجليات وحلقت في تلك الأجواء كنت اشعر إنها بحاجة إلى هذه الوقفات ولكن لم يبق في الوقت متسع ولا بد من العمل..
أخذت بيدها وذهبت إلى مكان الماء وعلمتها الوضوء..
توضأت أمامها وجعلتها تتوضأ من بعدي..
يا الله! ما اجمل الوضوء !
نظرت إليها وهي تسبغ الوضوء وقد استنار وجهها فكأنما أراها لأول مرة أحسست إنها اجمل من ذي قبل كأنها ولدت من جديد!
حان وقت الصلاة جعلتها تستقبل القبلة .. وقفت في خشوع ورفعت يديها وقالت في يقين :الله اكبر..
وصّلت مايا .. وسجدت مايا .. لأول مرة في حياتها وكانت سجدة طويلة.. طويلة اختلط التسبيح فيها بالدموع..
إنها دموع الفرح فرح بلقاء العبد ربه..
يا له من منظر لن أنساه ما حييت .. كانت تريد أن تعلن إسلامها في المسجد على يد شيخ هناك..
قلت لها ليس الآن اجعلي الأمر سرا بيننا..
كان
عليها أن تنتظر حتى تبلغ السن القانوني حتى تخرج من وصاية أهلها كان عيها
أن تنتظر تكتم إيمانها سنتين على اقل تقدير .. يجب ألا تستعجل وإلا فانه
العذاب المرير لطالما سمعت عن قصص كثيرة مشابهة لم يسلم منها كثير ممن
أعلن عن إسلامه من مطاردة الكنيسة وأذاها!!
أهلا أحبتي
هذه القصة التي أنقلها لكم الآن تختلف عن كل القصص سواء تلك الموجودة في هذه المنتدى أو غيرها ..
تختلف لأنها واقعية ملموسة مشهورة جلبت الآفاق وأبدلت نظر كل من قرأها للحياة ..
وبكل صراحة أقولها .. أن هذه القصة أحدثت في نفسي تغييرا جذريا في حياتي ..
يكفي أنني الذي لم أكن أسمع الأناشيد أصبحت أسمعها بشدة بعد قراءتي لهذه القصة والاستماع إلى أنشودتها ..
يكفي أنها ملكت وجداني وتفكيري حتى هذه اللحظة وذكرتني بالآخرة ..
ومن حوالي سنة تقريبا وكل منتدى أسجل فيه أضع فيه هذه القصة ..
لا أعلم لماذا .. ولكنني أجد نفسي مجبرا بشدة على وضعها في أي منتدى أسجل فيه ..
لعل ذلك طموحا مني لكي أجعلكم تشعرون بمثل ما شعر به أنا وقت قراءتي للقصة لأول مرة ..
وللعلم بأن هذه القصة من كتاب وداعا مايا للأستاذ يحيى بن سعيد آل شلوان ..
والآن أترككم مع القصة المؤثرة جدا ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
في معهد الكومبيوتر جمعتنا مقاعد الدراسة...
في العشرين من عمرها متوسطة الطول ،
بيضاء ،جميلة الملامح يزينها شعر أشقر
ولها عينان خضراوان،كانت هادئة الطبع حسنة الخلق..
قررت أن أتعرف عليها اكثر فقد أعجبت بها كثيرا اقتربت منها :-
-مرحبا.. أنا ناديا .. اسمك؟
-اسمي مايا..
-مايا هذا يعني انك …!
-نعم نصرانية .
-لا يهم .. المهم أن نكون صديقتين.
وفعلا كان اللقاء وكانت الصداقة……
كانت طباعنا متقاربة في كل شئ والعجيب أن مولدنا في يوم واحد!
كنا لا نفترق نجتمع دائما إما في المعهد أو في النادي ،
كانت تحب لعبة الاسكواش والتنس
وأنا كنت احب ركوب الخيل أتدرب كثيرا حتى أصبحت فارسة ماهرة..
ركبت معي مايا ذات مرة على الفرس لكنها سقطت …
كنت أزورها كثيرا في منزلها وهي أيضا كانت تمكث
معي في بيت جدتي الساعات الطوال حتى إن جدتي أحبتها كثيرا…
استهواني الدين النصراني كنت أريد أن اعرف عنه كل شئ
ذهبت معها اكثر من مرة إلى الكنائس كنت أسال عن أشياء لا افهمها
وتجيبني عنها بإيجاز أما هي فكانت تجلس صامتة وعلى وجهها ملامح الحيرة …
طلبت مني ذات يوم الذهاب معها إلي الكنيسة لتؤدي صلاة عيد القيامة لم أمانع أبدا !!
كانت جذوري غير راسخة لم اكن اعرف قدر ما عندي!
ذهبت معها .. كانت تختلس النظر إلي تريد أن ترى ردّة فعلي
لم اعلق على شئ كان الذي يدور أمامي طلاسم محيرة لا أستطيع فهمها ….
في اليوم التالي زرتها في منزلها تحدثنا وضحكنا كثيرا
لم نكن نحسب للزمن حسابا المهم أن نبقى معا..
وعندما هممت بالانصراف لمحت عندها
بعض الكتب التي تتحدث عن النصرانية دفعني الفضول إلى طلبها فوافقت مايا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
أخذت تلك الكتب معي إلى المنزل وأنا في شوق لقراءتها فقد كنت احب أن افهم هذا الدين المليء بالألغاز .
دخلت المنزل وسلمت على جدتي وجلست أتحدث معها ..كم احبها فهي الصدر الحنون الذي آوي إليه بعد أن انشغل عني والداي!
وفي
أثناء الحديث وقع نظر جدتي على تلك الكتب ودهشت عندما رأت الصليب مرسوما
على الغلاف نظرت إلي في حدة وثارت في وجهي وصرخت بصوت عال وسبتني سبا
شديدا ورمت بها في وجهي …
مالها؟ لم أرها غاضبة من قبل لم اكن اعرف ماذا يجري وكل ما أدركته أن إحضاري لهذه الكتب خطا كبير وامرمزعج…
اعتذرت إلى جدتي وفي اليوم التالي أرجعت الكتب إلى مايا وقلت لها إني قد قرأتها
كان
هذا خيرا لي فقد كانت جذوري غير راسخة اجهل الكثير عن ديني لم اكن اعرف
الحجاب وافرط كثيرا في الصلاة وفي غرفتي كم هائل من أشرطة الغناء العربية
والأجنبية وعلى جدرانها صور كثيرة لأهل الغناء والتمثيل وفي النادي امضي
ساعات امتطي الحصان وفي نفسي جوانب كثيرة مظلمة أخفيها دائما عن الناس
أحاول إخفائها عن نفسي !!
كان الشيء الوحيد الذي يربطني بالإسلام هو إنني اذهب كل جمعة إلى المسجد لأشهد صلاة الجمعة مع المسلمين !!
وفي
ذات يوم بعد صلاة الجمعة رجعت إلى المنزل ووجدت صديقتي مايا جالسة مع جدتي
تنتظرني جلسنا معا نتحدث ثم انصرفت جدتي لتعد الغداء اقتربت مني مايا
وقالت لي إنها تريد بعض الكتب التي تتحدث عن الإسلام قلت لها: ولماذا؟
قالت إنها تود أن تعرف بعض المعلومات عن الإسلام اعتذرت لها فلم يكن لدي
شئ من الكتب الدينية!!
ولكني وعدتها بان احضر لها ما تريد ..
في
اليوم التالي ذهبت البيت والدي وبحثت في مكتبته فلم أجد سوى (القرآن
الكريم بالتفسير) فأخذته وانصرفت ولم يعرف والدي ووالدتي باني جئت إلى
المنزل ولم انتظرهما حتى يعودا من العمل !
حملت (المصحف المفسر) إلى مايا أخذته مني بلهفة وشكرتني على ذلك كثيرا.. ثم افترقنا..
في صباح اليوم التالي ذهبت إلى المعهد وكلي شوق للقاء صديقتي ..ولكنها لم تحضر !!
ماذا جرى ؟! ازدادت مخاوفي وذهبت بيّ الظنون كل مذهب في اليوم الثالث لم تحضر مايا..
ما الذي حدث؟!
أين هي الآن ؟!
هل……………؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
قطعت كل التساؤلات وقررت أن اذهب إلى منزلها لأطمئن عليها طرقت الباب فإذا بمايا تستقبلني ..
أنت بخير ..لقد..
لم تدع لي فرصة للحديث ولم تجبني عن شئ …
ابتسمت لي وأخذت بيدي وخرجت بي مسرعة وذهبنا إلى بيت جدتي وكانت جدتي غائبة عن المنزل .
في بيت جدتي
تحدثنا
قليلا ثم انصرفت لأحضر العصير رجعت إليها فاذا بها مطرقة الرأس غارقة في
تفكير عميق شعرت بأنها تخفي شيئا… سر كبير من وراء تلك العينين الحائرتين
اقتربت منها همست إليها ..
- مايا مالك يا صديقتي ؟!
رفعت رأسها في تثاقل وقد ترقرقت عيناها بالدموع وقالت:-
تعبت يا ناديا تعبت…
- من أي شي ؟!
- صراع مرير يعصف في داخلي ! يكاد أن يقضي عليّ أصبحت اكره حياتي واكره وجودي في هذه الحياة!
- مايا الذي جرى ؟! لم تكوني أبدا هكذا لماذا هذا الشعور الغريب؟ لماذا يا مايا؟
نظرت اليّ وقد جرت على وجنتيها دمعتان مسحتهما بكفيها …وقالت :-
سأخبرك يا ناديا عن كل شئ .. ولكن!
- ولكن ماذا؟
- اتقسمين لي بأن يكون الأمر سرا بيننا وإلا تبديه لأحد مهما يكن …
أقسمت لها حتى اطمأنت عندما استجمعت قواها وكأنها تحاول أن تضع عن كاهلها حملا ثقيلا عدلت من جلستها ونظرت إلي وقالت : ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
- ناديا أريد أن ادخل في الإسلام!
عقدت الدهشة لساني وقعت كلماتها عليّ كالصاعقة أدركت خطورة الأمر صرخت بها:-
- ماذا؟!!
تسلمين ؟؟!… الإسلام؟!
أما تدركين خطورة هذا القرار؟! ماذا لو علم اهلك بهذا؟
سوف يقتلونك حتما سيقتلونك…
نظرات الرجاء في عينيها تكسرت شيئا فشيئا أطرقت رأسها ووضعت وجهها بين كفيها وانهارت في بكاء شديد ثم تحشرج صوتها وأخذت تردد:-
- حتى أنت يا ناديا.. حتى أنت يا صديقتي!
لا تريدينني أن أرى النور!
لا أحد يريد أن يأخذ بيدي رحماك يا رب …
آه مما أنا فيه..كزورق تائه تتقاذفه الأمواج ولا من معين……
رحماك يا رب رحماك …
وغرقت في بحر من الدموع وأنا مازلت حائرة !!
أفكر فيما أرى واسمع ومخاوفي تزداد على صديقة العمر ..عالم مجهول ينتظرها !!
قرارها هذا قد يفرق بيننا إلى الأبد بل قد يفرق بين روحها وجسدها..!!
آه..ما أبشع المنظر عندما تصورتها جثة هامدة وقد قتلها اقرب الناس إليها لن يرحموها أبدا …لن…
نشيجها
المتصاعد يقطع عليّ مخاوفي المفزعة ..يكاد البكاء أن يقضي عليها ..آهاتها
الحرى تقطع نياط قلبي ونظراتها العاجزة تتوسل إلي لمحت في عينيها صدق
الرغبة أيقنت أنها قد اتخذت قرارها ولن تتراجع عنه وأنا أيضا اتخذت قراري…
اقتربت منها احتضنتها إلى صدري بشدة وقلت لها:-
- لا عليك يا صديقتي لا عليك..
ليكن لك ما تريدين...
لن أتخلى عنك مهما كلف الأمر ..ساكون معك والله معنا..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
النطق بالشهادتين
أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله…
كأنني اسمعها لأول مرة ..
نطقتها مايا فلم تبق مني جارحة إلا وانتفضت لأول مرة اشعر بجلال هذه الكلمة! آه لم اكن اعرف قدر ما عندي !!
توقفت
عقارب الزمن عن الدوران وعشت مع مايا لحظات ليست من عمر الزمن غمرتنا
السكينة من كل مكان وكان الملائكة من السماء تتنزل لترفع ذلك الإيمان الغض
الندي إلى الملكوت الأعلى …
انه التوحيد .. (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ).
أشرقت شمس الإيمان .. وتبدد الظلام..( إنما الله اله واحد).
وداعا للخرافة .. وداعا للأوهام..
(ثلاثة
في واحد .. واحد في ثلاثة) .. ليل جاثم .. لن يصمد طويلا أمام الفجر
الساطع: (قل هو الله أحد (1) الله الصمد(2) لم يلد ولم يولد(3) ولم يكن له
كفوا أحد(4))
الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله ..لم اخسر شيئا..((ربحت محمدا ولم أخسر المسيح)).
رسولان
عظيمان في طريق واحد الطريق إلى الله.. لم يكن المسيح يوما إلها أو ابنا
للإله إنما هو عبد الله ورسوله.. السر المحير في طبيعة المسيح يبدده شعاع
من القرآن: ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن
فيكون).
الله اكبر .. الله أكبر .. اشهد أن لا اله إلا الله...اشهد أن محمدا رسول الله..
صوت
الأذان يجلجل في كل مكان .. يا الله ! كم هزني هذا النداء! لطالما تمنيت
أن استجيب له الحمد لله حان اللقاء.. سأقف بين يدي الله.. سأسجد له سأعترف
له بذنوبي واسأله الغفران لست بحاجة إلى واسطة بيني وبينه انه ربي قريب
مني ليس بيني وبينه حجاب: (وإذا سالك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة
الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليأمنوا بي لعلهم يرشدون).
الحمد لله .. آن لهذه الروح الظامئة أن ترتوي..
عاشت مايا تلك التجليات وحلقت في تلك الأجواء كنت اشعر إنها بحاجة إلى هذه الوقفات ولكن لم يبق في الوقت متسع ولا بد من العمل..
أخذت بيدها وذهبت إلى مكان الماء وعلمتها الوضوء..
توضأت أمامها وجعلتها تتوضأ من بعدي..
يا الله! ما اجمل الوضوء !
نظرت إليها وهي تسبغ الوضوء وقد استنار وجهها فكأنما أراها لأول مرة أحسست إنها اجمل من ذي قبل كأنها ولدت من جديد!
حان وقت الصلاة جعلتها تستقبل القبلة .. وقفت في خشوع ورفعت يديها وقالت في يقين :الله اكبر..
وصّلت مايا .. وسجدت مايا .. لأول مرة في حياتها وكانت سجدة طويلة.. طويلة اختلط التسبيح فيها بالدموع..
إنها دموع الفرح فرح بلقاء العبد ربه..
يا له من منظر لن أنساه ما حييت .. كانت تريد أن تعلن إسلامها في المسجد على يد شيخ هناك..
قلت لها ليس الآن اجعلي الأمر سرا بيننا..
كان
عليها أن تنتظر حتى تبلغ السن القانوني حتى تخرج من وصاية أهلها كان عيها
أن تنتظر تكتم إيمانها سنتين على اقل تقدير .. يجب ألا تستعجل وإلا فانه
العذاب المرير لطالما سمعت عن قصص كثيرة مشابهة لم يسلم منها كثير ممن
أعلن عن إسلامه من مطاردة الكنيسة وأذاها!!
ومرت
الأيام وهي تزداد في كل يوم إشراقا .. كنا نذهب كل جمعة إلى المسجد للصلاة
وكانت ترتدي الحجاب في السيارة حتى لا يعرفها أحد..أما أنا فكنت لم ارتد
الحجاب بعد!
أقبلت مايا على القرآن وتملك القرآن قلبها أخذت تقرأ القرآن وحفظت الكثير من السور القصيرة حتى حفظت عشرين آية من سورة البقرة..
كانت تقرا القرآن خفية حتى في بيت أهلها دون أن يشعر بها أحد لقد كانت في عناية الله ..
أعطيتها يوما كتاب (رجال حول الرسول) ..
قرأته
كثيرا وأحببته حبا كبيرا وكانت لاتملك عينيها وهي تقرا أن أصحاب
الرسول(صلى الله عليه وسلم )تعذبوا كثيرا في سبيل الإسلام ومنهم من أخفى
إسلامه حتى لا يضعف أمام أذى المشركين ..
لقد وجدت في ذلك الكتاب سلوه
لها وتثبيتا لقلبها على الإيمان .. وازدادت عزيمتها على الصبر والمضي في
الطريق حتى يأذن الله بالفرج وما هي ألا أيام حتى هبت تلك النفحة الربانية
وهل الهلال بقدوم ذلك الضيف العزيز..
انه موسم الرحمة والبركات (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)
لكم
تمنت مايا في عهدها القديم أن تصوم وتشارك المسلمين في هذه الروحانية
الغامرة.. وهاهي اليوم تستقبل رمضان .. وقد أسلمت وجهها لله.. لم استطع
مقاومة رغبتها في الصيام..على الرغم من خطورة الأمر ولكنه الإيمان لا يعرف
القيود ولا الحدود .. كنا نقضي اليوم بطوله في المعهد لم نكن نفترق أبدا
أما الافطار فكانت تتناوله معي ومع جدتي واهلها يعرفون انها عندي ولم
يشكّوا في شئ حتى جدتي لم تكن تعرف حقيقة الأمر … أما وقت السحور فكنت
اتصل بها على هاتفها المحمول الخاص بها حتى تستيقظ من النوم لتتناول
السحور يا لها من أيام تلك الأيام!
رسمنا خطة محكمة حتى لا ينكشف الأمر .. حتى إننا كنا نذهب إلى ابعد مسجد في البلدة لنصلي صلاة التراويح كي لا يراها أحد
ومرت الأيام ..
وعام كامل على الإيمان المكتوم وبقي عام آخر ليتحقق الحلم الجميل
ولتعلن مايا إسلامها .. ولكن!
يبدو أن الأحلام الجميلة سرعان ما تنتهي!!
الحلم المكتوم
العام الميلادي يوشك أن يلفظ أنفاسه..
وعام ميلادي جديد اصبح على الأبواب..
والاستعدادات بدأت للاحتفال بعيد السيد المسيح!
وفي داخل (الترام) الذي يشق طريقه وسط الزحام كنت اجلس بجانب مايا كانت واجمة وبدت عليها ملامح القلق :-
- مالك يا صديقتي.. مالك يامايا ؟!
- اليوم هو الاثنين لقد بقيت أربعة أيام
- على ماذا؟!
- على عيد رأس السنة
- وماذا في الأمر؟
- معنى ذلك انه يتحتم عليّ الذهاب إلى الكنيسة .. كم أنا خائفة!!
أخشى أن اضعف أخشى أن افقد النور …
- لا تقلقي يا مايا سأذهب معك وأكون بجانبك ..لم يرضها هذا العرض صمتت قليلا ثم قالت :
- كلا لا أريد أن اذهب لن ادخل الكنيسة بعد اليوم.
ثم أخذت تضحك وهي تردد :-
- لن ادخل الكنيسة إلا جثة خامدة!!
لا يزال الترام يشق وسط الزحام وفترة الصمت الكئيبة يقطعها صوت خافت حزين:-
- ناديا أكاد اختنق اشعر إنني كالسارق لم اعد احتمل!
- صبرا يا صديقتي.. وأغمضت عينيها وأخذت تحدثني عن أحلامها الجميلة:-
-
في ذلك اليوم الذي أعلن فيه إسلامي سأركض في كل اتجاه وأصيح بأعلى صوتي
إنني مسلمة .. لن التفت إلى أحد لن أتنازل عن شئ سأقاوم مهما كانت الضغوط
حتما سأخسر كل من اعرف حتى أهلي كم يحزنني هذا!
كم أتمنى أن يبصروا الحقيقة! سأدعوهم إلى الإيمان وادعوا لهم في صلاتي المهم إني لن اخسر نفسي فلن أعود إلى الظلام..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
وحلقت مايا في سماء الأحلام:
-
كم ابدوا جميلة في الحجاب ؟ سأرتديه في اول لحظة أعلن فيها إسلامي وبالطبع
سأتزوج حين أجد شابا مسلما لن اشترط عليه شيئا المهم أن نحيا معا حياة
سعيدة في ظل الإسلام…وتمر الأيام ..مولودي الأول سأسميه ((ادهم))
والثاني((عبد الرحمن)) كم احب هذين الاسمين!..
ثم أفاقت من أحلامها على
صوت الترام الذي يوشك أن يقف وسددت نظرتها بغضب إلى الصليب المرسوم على
يدها .. توقف الترام وفي سرعة غريبة تهيأت مايا للخروج ودخلت في زحام
الناس أحاول عبثا اللحاق بها ونزلنا من الترام لنعبر الشارع وهي تجري
وتناديني :- أسرعي يا ناديا الحقي بي..
ولكنهـا سبقتني .. وعبرت الشارع أمامي..
وفـي وسط الطريق ..
تسقط مايا صريعة .. تحت عجلات سيارة مسرعة..
تسمرت قدماي ولم اعد أرى أمامي إلا منظر صديقة العمر..وهي تنزف بالدماء!
جريت في ذهول وأنا اصرخ :- مايا مايا ..
احتضنتها
بين يدي وضممت رأسها إلى صدري وشعرها الأشقر الطويل قد تغير بلون الدم
وجرحها النازف يتدفق بالدماء وقفت عاجزة تماما إلا عن الصراخ والبكاء ..
أحسست بقلبها ينبض وكأنها تستبقي الحياة.. نظراتها ال****يرة تتوسل إلي
وصوت ضعيف يقاوم الموت ويبعث الأسى:- لا لا ليس الآن..
حلمي لم يتحقق ناديا أرجوك.. أوقفي النزيف ..أوقفي النزيف.. أريد أن أعيش
أرجوك ناديا .. ناديا .. نا..
وحان الرحيل
الأيام وهي تزداد في كل يوم إشراقا .. كنا نذهب كل جمعة إلى المسجد للصلاة
وكانت ترتدي الحجاب في السيارة حتى لا يعرفها أحد..أما أنا فكنت لم ارتد
الحجاب بعد!
أقبلت مايا على القرآن وتملك القرآن قلبها أخذت تقرأ القرآن وحفظت الكثير من السور القصيرة حتى حفظت عشرين آية من سورة البقرة..
كانت تقرا القرآن خفية حتى في بيت أهلها دون أن يشعر بها أحد لقد كانت في عناية الله ..
أعطيتها يوما كتاب (رجال حول الرسول) ..
قرأته
كثيرا وأحببته حبا كبيرا وكانت لاتملك عينيها وهي تقرا أن أصحاب
الرسول(صلى الله عليه وسلم )تعذبوا كثيرا في سبيل الإسلام ومنهم من أخفى
إسلامه حتى لا يضعف أمام أذى المشركين ..
لقد وجدت في ذلك الكتاب سلوه
لها وتثبيتا لقلبها على الإيمان .. وازدادت عزيمتها على الصبر والمضي في
الطريق حتى يأذن الله بالفرج وما هي ألا أيام حتى هبت تلك النفحة الربانية
وهل الهلال بقدوم ذلك الضيف العزيز..
انه موسم الرحمة والبركات (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)
لكم
تمنت مايا في عهدها القديم أن تصوم وتشارك المسلمين في هذه الروحانية
الغامرة.. وهاهي اليوم تستقبل رمضان .. وقد أسلمت وجهها لله.. لم استطع
مقاومة رغبتها في الصيام..على الرغم من خطورة الأمر ولكنه الإيمان لا يعرف
القيود ولا الحدود .. كنا نقضي اليوم بطوله في المعهد لم نكن نفترق أبدا
أما الافطار فكانت تتناوله معي ومع جدتي واهلها يعرفون انها عندي ولم
يشكّوا في شئ حتى جدتي لم تكن تعرف حقيقة الأمر … أما وقت السحور فكنت
اتصل بها على هاتفها المحمول الخاص بها حتى تستيقظ من النوم لتتناول
السحور يا لها من أيام تلك الأيام!
رسمنا خطة محكمة حتى لا ينكشف الأمر .. حتى إننا كنا نذهب إلى ابعد مسجد في البلدة لنصلي صلاة التراويح كي لا يراها أحد
ومرت الأيام ..
وعام كامل على الإيمان المكتوم وبقي عام آخر ليتحقق الحلم الجميل
ولتعلن مايا إسلامها .. ولكن!
يبدو أن الأحلام الجميلة سرعان ما تنتهي!!
الحلم المكتوم
العام الميلادي يوشك أن يلفظ أنفاسه..
وعام ميلادي جديد اصبح على الأبواب..
والاستعدادات بدأت للاحتفال بعيد السيد المسيح!
وفي داخل (الترام) الذي يشق طريقه وسط الزحام كنت اجلس بجانب مايا كانت واجمة وبدت عليها ملامح القلق :-
- مالك يا صديقتي.. مالك يامايا ؟!
- اليوم هو الاثنين لقد بقيت أربعة أيام
- على ماذا؟!
- على عيد رأس السنة
- وماذا في الأمر؟
- معنى ذلك انه يتحتم عليّ الذهاب إلى الكنيسة .. كم أنا خائفة!!
أخشى أن اضعف أخشى أن افقد النور …
- لا تقلقي يا مايا سأذهب معك وأكون بجانبك ..لم يرضها هذا العرض صمتت قليلا ثم قالت :
- كلا لا أريد أن اذهب لن ادخل الكنيسة بعد اليوم.
ثم أخذت تضحك وهي تردد :-
- لن ادخل الكنيسة إلا جثة خامدة!!
لا يزال الترام يشق وسط الزحام وفترة الصمت الكئيبة يقطعها صوت خافت حزين:-
- ناديا أكاد اختنق اشعر إنني كالسارق لم اعد احتمل!
- صبرا يا صديقتي.. وأغمضت عينيها وأخذت تحدثني عن أحلامها الجميلة:-
-
في ذلك اليوم الذي أعلن فيه إسلامي سأركض في كل اتجاه وأصيح بأعلى صوتي
إنني مسلمة .. لن التفت إلى أحد لن أتنازل عن شئ سأقاوم مهما كانت الضغوط
حتما سأخسر كل من اعرف حتى أهلي كم يحزنني هذا!
كم أتمنى أن يبصروا الحقيقة! سأدعوهم إلى الإيمان وادعوا لهم في صلاتي المهم إني لن اخسر نفسي فلن أعود إلى الظلام..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
وحلقت مايا في سماء الأحلام:
-
كم ابدوا جميلة في الحجاب ؟ سأرتديه في اول لحظة أعلن فيها إسلامي وبالطبع
سأتزوج حين أجد شابا مسلما لن اشترط عليه شيئا المهم أن نحيا معا حياة
سعيدة في ظل الإسلام…وتمر الأيام ..مولودي الأول سأسميه ((ادهم))
والثاني((عبد الرحمن)) كم احب هذين الاسمين!..
ثم أفاقت من أحلامها على
صوت الترام الذي يوشك أن يقف وسددت نظرتها بغضب إلى الصليب المرسوم على
يدها .. توقف الترام وفي سرعة غريبة تهيأت مايا للخروج ودخلت في زحام
الناس أحاول عبثا اللحاق بها ونزلنا من الترام لنعبر الشارع وهي تجري
وتناديني :- أسرعي يا ناديا الحقي بي..
ولكنهـا سبقتني .. وعبرت الشارع أمامي..
وفـي وسط الطريق ..
تسقط مايا صريعة .. تحت عجلات سيارة مسرعة..
تسمرت قدماي ولم اعد أرى أمامي إلا منظر صديقة العمر..وهي تنزف بالدماء!
جريت في ذهول وأنا اصرخ :- مايا مايا ..
احتضنتها
بين يدي وضممت رأسها إلى صدري وشعرها الأشقر الطويل قد تغير بلون الدم
وجرحها النازف يتدفق بالدماء وقفت عاجزة تماما إلا عن الصراخ والبكاء ..
أحسست بقلبها ينبض وكأنها تستبقي الحياة.. نظراتها ال****يرة تتوسل إلي
وصوت ضعيف يقاوم الموت ويبعث الأسى:- لا لا ليس الآن..
حلمي لم يتحقق ناديا أرجوك.. أوقفي النزيف ..أوقفي النزيف.. أريد أن أعيش
أرجوك ناديا .. ناديا .. نا..
وحان الرحيل
..
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
مواضيع مماثلة
» هكذا سنكون يوم القيامة ( موضوع مؤثر )
» قبل أن تتزوّج .../ مؤثر جدا
» مقطع مؤثر لفتاة اثناء القصاص منها
» انَّ للَّهِ تَعالى ملائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُق..مؤثر جدا
» هذا ما جرى في مغسلة الأموات - مؤثر جدا جدا
» قبل أن تتزوّج .../ مؤثر جدا
» مقطع مؤثر لفتاة اثناء القصاص منها
» انَّ للَّهِ تَعالى ملائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُق..مؤثر جدا
» هذا ما جرى في مغسلة الأموات - مؤثر جدا جدا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى