بعض أحكام التعزية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
بعض أحكام التعزية
السؤال أود أن أسأل عن حكم العزاء في البيت وما صحة أن يكون لمدة ثلاثة أيام ويرسل لأهل
الميت الغداء والعشاء، حيث إني سمعت من يقول: إن الشيخ ابن عثيمين يقول إن هذا كله بدعة
وأن العزاء يكون فقط في المقبرة؟
الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد :
تضمن السؤال ثلاث مسائل: التعزية في البيت، ومدة التعزية، وصنع الطعام لأهل الميت.
أما التعزية فتجوز في مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم في كل موضع، سواء كانت في المقبرة، أو
الطريق، أو المنزل، أو غير ذلك، وإنما كره الشافعي وأصحاب أحمد جلوس أهل الميت للتعزية في
بيت أو غيره، واستحبوا أن ينصرفوا إلى حوائجهم، فمن صادفهم عزاهم؛ لأن الجلوس لم ينقل عن
النبي –صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه.
والأظهر -والله أعلم-، ما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك من أن هذا أمر لا يتعلق به تشريع؛ لأن
التعزية جاءت في الشرع مطلقاً فلم يجز لأحد تقييده إلا بأمر من الشارع، وهذا معدوم هنا، فينبغي
في ذلك الرجوع إلى ما يتعارف عليه الناس، فكل عصر له عرفه، وكل قطر له عرفه، ما لم يترتب
على ذلك محظور شرعي، كالندب، والنياحة، وصنع الطعام من قبل أهل الميت للمعزين، وأما حديث
عائشة في الصحيحين البخاري (1299) ومسلم (935):"لما جاء النبي –صلى الله عليه وسلم-
قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن " فليس صريحاً في أن جلوس النبي –
صلى الله عليه وسلم- كان للتعزية، لكن لا حاجة إليه، لأن الأصل الجواز ما لم يقع منكر، والله –
تعالى- أعلم .
وأما مدتها فقد حصل فيها نزاع، ذلك أن التعزية مستحبة في مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم قبل
الدفن وبعده، ولا وجه لمن منع التعزية بعد الدفن كسفيان الثوري، وأما حديث جابر بن عتيك عند
الخمسة إلا الترمذي (ابن ماجة (2803) وأبو داود (3111) والنسائي (3194) وأحمد (23751))
أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"دعهن يبكين ما دام عندهن، فإذا وجب فلا تبكين عليه
باكية" فهو حديث إن سلم من الاضطراب لم يكن فيه دليل على منع التعزية بعد الدفن؛ لأن
المنصوص عليه البكاء، وفرق بين البكاء والتعزية، ولا يصح الاستدلال لمذهب سفيان "بحديث إنما
الصبر عند الصدمة الأولى" البخاري (1283) ومسلم (926) وأن المراد تصبيره في أول الأمر،
لأن التعزية: تصبير وتسلية، والتسلية لم يحدها الشارع بوقت.
وقد تنازع الناس هل تحد التعزية بثلاثة أيام كما في مذهب الأئمة الأربعة أبي حنيفة، ومالك،
والشافعي، وأحمد، أو لا تحد كما في قول طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد؟
وليس في المسألة دليل صريح، وإنما تمسك من يحدها بثلاثة أيام بأمرين:
أحدهما: أن المقصود من التعزية تسلية قلب المصاب، والغالب أن يسكن بعد ثلاثة أيام، فلا ينبغي
تجديد حزنه بالتعزية بعدها.
الثاني: أن الشارع أذن في الإحداد ثلاثة أيام، فيجب أن تكون التعزية كذلك.
والجواب: أن التعزية وردت في الشرع مطلقة، فلم يجز لأحد تقييدها بالرأي، ثم إن المصاب لا
يسلو بعد ثلاثة أيام ولا عشرة، ولو سُلِّم ذلك فليست التعزية مقصورة على التسلية، بل من
مقاصدها إشعار المصاب بوقوف الناس معه، وهذا من أسمى مقاصد الشريعة، لما فيه من جمع
القلوب، بحيث يصير الناس كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، وأما
الإحداد فهو تعبير عن الحزن، فلا ينبغي أن يدوم أكثر من ثلاثة أيام على غير زوج، بخلاف التعزية
التي هي تسلية، فإن اللائق أن يكون مدارها على موجبها، فمتى وجد المصاب حزيناً شرع لمن لم
يعزه أن يعزيه، سواء كان ذلك في الأيام الثلاثة أو بعدها، فليس فيما ذكروا متمسك، وإنما الأعدل
حمل الأدلة على عمومها وإطلاقها، فإن الغرض من التعزية الدعاء، والحمل على الصبر، والنهي
عن الجزع، وهذا يحصل مع طول الزمان، والله –تعالى- أعلم.
وأما صنع الطعام لأهل الميت فإنه مسنون لأقربائهم وجيرانهم إما ثلاثة أيام كما في مذهب أحمد،
وإما يوماً وليلة كما في مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي، لما أخرجه الخمسة، إلا النسائي (أحمد (1751)
وأبو داود (3132) وابن ماجة (1610) والترمذي (998)) بإسناد صحيح عن عبد الله بن جعفر
قال: لما جاء نعي جعفر، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد
أتاهم ما يشغلهم".
وإنما المحظور الضيافة من أهل الميت، وهي أن يصنع أهل الميت طعاماً ويجمعوا الناس عليه،
فإن هذا مكروه باتفاق العلماء؛ لحديث جرير بن عبد الله عند ابن ماجة (1612) وأحمد (6905)
:"كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة"،إسناده جيد، والله –تعالى- أعلم.
(( النعي عبر رسائل الجوال ))
المجيب العلامة/ عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
موقع الاسلام اليوم
السؤال هل تناقل خبر (المتوفى) باسمه عبر رسائل الجوال، أو عبر منتديات الإنترنت يعد من النعي
المنهي عنه؟.
الجواب الحمد لله، النعي هو الإخبار بموت أحد من الناس، وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم-
نهى عن النعي، وثبت أنه نعى النجاشي إلى أصحابه، وخرج بهم إلى المصلى، وصلى عليه، وكبر
أربعاً. وقال العلماء: الجمع بين الحديثين أن النعي المنهي عنه هو ما كان يفعله أهل الجاهلية من
بعث من ينادي في العشائر مات فلان مات فلان على وجه الفخر والتعاظم والتعظيم لذلك الميت.
وأما مجرد الإخبار بموت الإنسان لمصلحة شرعية، كالصلاة عليه ومواساة أهله وتعزيتهم فإن ذلك
لا بأس به، فتبين أن النعي يختلف حكمه بحسب الغرض منه، ومن شواهد النعي الجائز قوله –
صلى الله عليه وسلم- في شأن المرأة التي كانت تقم المسجد حين ماتت ودفنت، فسأل النبي – صلى
الله عليه وسلم- عنها فقالوا: إنها ماتت فقال: "أفلا كنتم آذنتموني؟ دلوني على قبرها فدلوه فصلى
عليها، ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها عليهم بصلاتي عليهم"
انظر: البخاري(458)، ومسلم(956) – صلى الله عليه وسلم- ويشبه نعي الجاهلية الكلام عن
الميت بذكر مآثره ومحاسنه، ومفاخره في وسائل الإعلام من الإذاعة والتلفزيون والصحافة، وعلى
منابر المساجد؛ لأن ذلك يتضمن أموراً محذورة مذمومة في الشرع كالفخر، والغلو في الأشخاص،
وقد يكون منهم من هو فاسق، وقد يكون كثير مما يذكر عن ذلك الميت كذباً، كما يوجب لأهله
غروراً وتعاظماً على الناس، وقد تنفق الأموال الطائلة على الإعلان عن ذلك الميت، ونشر مفاخره
الحقيقية أو المزعومة، وهذا كله خلاف ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة – رضي الله
عنهم- والتابعين وتابعيهم، فلم يكن مثل هذا معروفاً من عادتهم، فأهم وأنفع ما يقدم للميت الدعاء
له، والصلاة عليه، وقضاء ديونه، وإنفاذ وصاياه، والإحسان إلى أهله وولده من بعده إحساناً معنوياً
بتذكيرهم بحقه، وبالاستقامة على طاعة الله؛ حتى يكونوا خلفاً صالحاً لميتهم، وامتداداً لعمله بعد
موته، كما قال – صلى الله عليه وسلم-: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به،
أو ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية" مسلم(8631). والله أعلم.
(( هل تشرع التعزية للنساء؟ ))
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
موقع الاسلام اليوم
السؤال سمعت أنه لا عزاء على النساء، وكثير من معارفنا من النساء لا يأتين للعزاء، حتى ولو
كان الميت من أقرب الأقارب لهن.. فأرجو بيان الدليل -إن وجد-، وإن كان هذا القول غير صحيح
فأرجو تزويدي بالأدلة الشرعية كي أبين الحق لمن يقول بالقول المتقدم؟
الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فعزاء المسلم للمسلم مشروع سواء أكان المعزي رجلاً أم امرأة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه
وسلم عزّى آل جعفر، وذهب إلى آل أبي سلمة، وعزى الرجل الذي كان له ابن يحبه حباً، عظيماً
فتوفي فحزن عليه حزناً عظيماً، وغيرها من الأحاديث والآثار التي تدل على مشروعية التعزية في
الجملة. انظر سنن أحمد (1659)، وصحيح البخاري (1284)، وصحيح مسلم (920)، وسنن
النسائي (2088).
وإنما الخلاف في حكم الاجتماع من أجل العزاء، فهل يجوز أن يجتمع المعزون عند أهل الميت،
سواء أكان المعزون رجالاً أم نساء؟
بعض أهل العلم منع من الاجتماع عند أهل الميت وعده من النياحة، وقال بكراهة الجلوس للعزاء
الشافعية، وعدوه من البدع، والحنابلة في المشهور عنهم، واستدلوا بأثر جرير بن عبد الله –رضي
الله عنه-: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة. رواه أحمد (6905)
، وابن ماجه (1612). والأثر صححه النووي والشوكاني والألباني رحمهم الله.
وبعض أهل العلم من الحنفية (وإن كان بعضهم يقول: إن الجلوس للرجال لا النساء) والمالكية،
ورواية عن الإمام أحمد رخصوا في ذلك.
واستدل القائلون بالجواز بما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه قتل زيد بن
حارثة، وجعفر، وابن رواحة، جلس يعرف فيه الحزن... صحيح البخاري (1299)، صحيح مسلم (935).
واستدلوا أيضاً بما في الصحيحين عن عائشة أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك
النساء، ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها، أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت، ثم صنع ثريد، فصبت التلبينة
عليها، ثم قالت: كلن منها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "التلبينة مجمة لفؤاد
المريض، تذهب ببعض الحزن" صحيح البخاري (5417)، وصحيح مسلم (2216). ففي حديث
عائشة أن النساء كن يجتمعن عند أهل الميت.
وقالوا أيضاً: التعزية مستحبة، والجلوس وسيلة للتعزية، والوسائل لها أحكام المقاصد؛ لأنه
يصعب -خاصة في المدن- أن يعزي الشخص أهل الميت إذا لم يجلسوا في مكان معروف.
وأما أثر جرير بن عبد الله الذي استدل به من منع من الجلوس فقد ضعفه الإمام أحمد، وذكر أنه لا
يرى لهذا الحديث أصلاً- كما في سؤالات أبي داود.
وعلى فرض صحته فالممنوع هو الاجتماع مع صناعة الطعام لما فيه من التباهي وغيره من
المحاذير، أما إن كانوا يجتمعون ويصنع الطعام غيرهم فليس فيه محظور.
وحتى على القول بالجواز، لا يجوز أن يصاحب ذلك بعض الأمور المحدثة، كالاجتماع لقراءة
القرآن، أو تحديد هيئة أو أوقات معينة لقراءة القرآن، أو إسراف في المآدب، كما لا يجوز أن
يصاحب ذلك نياحة، أوشق للجيوب، أولطم للخدود، أو سخط واعتراض على القدر، بل المطلوب من
المعزين الدعاء للميت، ومواساة أهل الميت وتسليتهم لا تهييجهم.
كما أن المشروع صناعة الطعام لأهل الميت؛ لأن عندهم ما يشغلهم لا أن يصنعوا هم الطعام للناس
ويجمعونهم لذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم.
أخرجه أبو داود (3132)، والترمذي (998)، وابن ماجه (1610).
وعلى ذلك فالمسألة اجتهادية خلافية -وإن كان الأقوى الجواز- ولا إنكار في مسائل الاجتهاوالله
أعلم وصلى وسلم على نبينا محمد
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: بعض أحكام التعزية
اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين..جزاك الله خيرا..
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
AMAL MASMOUDI-
- عدد المساهمات : 3540
العمر : 45
المكان : قفصة
الهوايه : النت
نقاط تحت التجربة : 16129
تاريخ التسجيل : 21/02/2008
رد: بعض أحكام التعزية
اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
مواضيع مماثلة
» أحكام التلاوة للمبتدئين /هام للغاية
» من أحكام الأضحية
» أحكام الجنائز
» أحكام القصر والجمع
» كشف الالتباس في أحكام العورة و اللباس
» من أحكام الأضحية
» أحكام الجنائز
» أحكام القصر والجمع
» كشف الالتباس في أحكام العورة و اللباس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى