من مآثر الإمام الشافعي رضي الله عنه

عُرف الشافعي رحمه الله تعالى بالفقه والحديث واللغة والفصاحة والورع والزهد.
قال الربيع بن سليمان: كان الشافعي أفصح الناس، وكان الإمام مالك تعجبه قراءته لأنه كان فصيحًا.
وقال ابن هشام صاحب السيرة: "الشافعي ممن تؤخذ عنه اللغة".

وحدّث الربيع يومًا فقال: كنا جلوسًا في حلقة الشافعي بعد موته بيسير، فوقف علينا أعرابي فسلّم ثم قال: أين قمر هذه الحلقة وشمسها؟ فقلنا: تُوُفِّيَ -رحمه الله تعالى- فبكى بكاءًا شديدًا، ثم قال: رحمه الله تعالى وغفر له، فلقد كان يفتح ببيانه مغلق الحُجّة، ويسد في وجه خصمه واضح المـحَجّة، ويغسل من العار وجوهًا مسودة ويوسع بالرأي أبوابًا منسدة. ثم انصرف.

ولما مات الشافعي رحمه الله تعالى، رثاه خلق كثير منهم محمد بن دريد:

ألم تر ءاثار ابن ادريس بعده -- دلائلُها في المشكلات لوامعُ
مناهج فيها للهدى متصرف -- مواردُ فيها للرشاد شرائعُ
أبى الله إلا رفعَـه وعلوَّه -- وليس لما يعليه ذو العرش واضع
ولاذ بآثار الرسول فحكمه --لحكم رسول الله في الناس تابع
فمن يك علم الشافعي إمامه -- فمرتعه في ساحة العلم واسع
لرأي ابن ادريس ابن عم محمد --ضياءٌ إذا ما أظلم الخطب ساطع

قال المزني : دخلت على الشافعي في علته التي مات فيها فقلت : كيف اصبحت
فقال اصبحت من الدنيا راحلا ولاخواني مفارقا ولكاس المنية شاربا ولسوء اعمالي ملاقيا وعلى الله تعالى واردا فلا ادري روحي تصير الى الجنة فاهنئها او الى النار فاعزيها
ثم بكى وانشأ يقول
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي --جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك --ربي كان عفوك اعظما
وما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل -- تجود وتعفو منه تكرما