ترجمة العز بن عبد السلام قدس الله سره
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ترجمة العز بن عبد السلام قدس الله سره
والحمد لله رب العالمينوالصلاة والسلام على أشرف المرسلين وسيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهريناللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد دقات قلوب المشتاقين إليه وصلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد صلوات المصلين عليه وصلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد خطوات الوافدين إليه
]
ترجمة سيدي العز بن عبد السلام قدس الله سره
في هذه العجالة، نتحدث عن شخصية إسلامية فريدة، بعقيدتها، بأعمالها،
بصدقها، جعلتها قريبة من قلوب المسلمين أجمين فلا تجد مسلماً إلا معتقداً
بها وبصدق مقالها، ولا تجد عابداً إلا مقراً بخصوصيتها وعلو مقامها، ولا
تجد عارفاً إلا شاهداً على ولايتها وكمال عبوديتها وطاعتها لله تعالى
ومحبتها لرسوله صلى الله عليه وسلم.
ولادته وطفولته
ولد رضي الله تعالى عنه في دمشق سنة 577هـ لأسرة فقيرة وأب أجهده التعب
يجوب الأسواق باحثاً عن عمل. فلم يرَ أمامه سوى أعمال شاقة تارة أو متعبة
تارةً أخرى، فيستعين بابنه العز أو (عبد العزيز) في إصلاح الطرقات أو حمل
الأمتعة أو تنظيف ما أمام المحلات التجارية.
وحين توفي والده
لم يقوَ على القيام بهذه الأعمال وحيداً ولم يجد هذا الصبي مكاناً يأوي
إليه، فذهب إلى شيخ تعرف عليه في الجامع الأموي فسمح له أن يشتغل في
الجامع مساعداً الكبار في أعمال النظافة وحراسة نعال المصلين أو أهل
الحلقات، وهو في غمرة بؤسه وحرمانه كانت تتناعى لأسماعه كلمات يقولها شيوخ
الحلقات فتهب نفسه وتثير خياله وتنقله إلى عالم آخر حيث لا جوع ولا بؤس.
أهكذا كان العز بن عبد السلام ؟ هل هذا هو بائع الملوك؟
نعم هكذا دائماً تكون البداية ستراً وخفاءً وبؤساً وشقاءً وحرماناً حتى يأتي النعيم المقيم والعز والقوة.
كم حاول هذا الفتى الصغير أن يدخل جسده النحيل مرات ومرات بين الأشخاص
الجالسين في حلقات العلم فلا يسمع سوى التقريع والمهانة والطرد آخراً
لماذا؟ ألأنه كان رث الثياب ممزقها؟ أم لصغر سنه وحداثة عهده بالعلم؟
هذه القشور التي حكمت وما تزال تحكم الواقع العلمي تظل عقبةً أمام النفوس
الطموحة والعقول التواقة إلى المعرفة، والفارغ يبقى فارغاً ولو كبر،
والعاقل يبقى عاقلاً وإن صغر.
لقائه بشيخه رحمهما الله
نعم بكى العز بن عبد السلام كثيرا لحرمانه العلم فكان يتكور على نفسه
ويندب ويتوه لحرمانه العلمي، حتى رآه الشيخ الذي ألحقه بالجامع وهو الفخر
بن عساكر صاحب حلقة الفقه الشافعي يبكي، فسأله عن السبب، فروى له ما حصل
فطيب الشيخ خاطره ووعده أن يتعهده فقبَّل يد الشيخ وسأله متى يبدأ تعليمه،
فقال له منذ الغد ويمضي العز بن عبد السلام صباحاً إلى المسجد وكله أمل
وعزيمة وتفاؤل، فيأخذه الشيخ إلى مكتب ملحق بالمسجد ليتعلم القراءة
والكتابة والخط وحفظ القران وتعهد الشيخ بدفع نفقة الصبي.
وتمضي الأيام ويزداد صبر العز بن عبد السلام وتوقه على طلب العلم فيحفظ
القران ويتقن القراءة والكتابة والخط الحسن، ويلتقي بشيخه ابن عساكر
ليعلمه بتطوره العلمي في مجال القرآن، قراءة وكتابة وفهماً وتطبيقاً،
فيزداد ابن عساكر إعجاباً وثقة بذكائه ونجابته وحسن صبره وبشاشته رغم فقر
الولد المدقع وتمر الأيام وينهي العز بن عبد السلام حفظه للقران، وبذلك
ينتقل من المكتب الملحق بالمسجد إلى حلقة الإمام ابن عساكر نفسها بعد أن
اشترى له شيخه الكتب والثوب الصالح لحضور حلقة العلم.
ولنعّرج
قليلاً على شيخه ابن عساكر الشافعي: هذا الشيخ الذي كان له الفضل العظيم
في بداية أمر العز بن عبد السلام العلمية فقد دعا له صغيراً وتعهده بماله
وبحاله وبعلمه عندما شب واخضر عوده، كان الشيخ زاهداً، ورعاً، كثير
الصدقات، واسع المعرفة، شديد الحياء مرحاً، متألق الظرف، ومع ذلك كان
خطيباً لاذعاً لا يخاف في الحق لومة لائم. فتأثر تلميذه العز بن عبد
السلام بكثير من خصاله وسجاياه.
عندما انتهى يومه الأول في
الحلقة عاد في زاويته المعهودة في ركن من أركان المسجد الأموي متفكراً:
إنه الآن بحاجة إلى المال من اجل دفء المسكن والثوب اللائق والطعام الطيب
وشراء الدفاتر والأقلام والأوراق والمحابر، فالشيخ ابن عساكر قد كفىّ
ووفىّ ويخجل أن يطلب منه المزيد كما انه يخجل أن يطلب منه أن يفتش على عمل
ليحصل على مال يساعده على متطلبات طلب العلم.
هذه الليلة كانت
طويلة مليئة بالأفكار وبعد جهد جهيد، نام، وكانت تلك الليلة، رغم برودة
وجفاف أفكارها باردة وجافة في مناخها، فاحتلم العز بن عبد السلام فقام
ونزل في بركة فحصل له جهد جهيد من البرد، فأسقط جنابته ثم نام، فاحتلم
ثانية، فعاد فاغتسل فأُجهد حتى كاد أن يموت ثم نام، فاحتلم ثالثاً فقام
إلى البركة بتعب شديد جداً فأغمي عليه من شدة البرد ثم سمع نداءً يقول له:
(يا عبد السلام: أتريد العلم أم العمل؟ فقال بل العلم لأنه يهدي إلى
العمل).
وعندما أصبح، قصّ لشيخه ابن عساكر ما كان من أمر تلك
الليلة فقال له شيخه: "لقد بلغت مبلغ الرجال، وهذا النداء هاتف من السماء
يأمرك أن تهب نفسك للعلم"
فلزم الشيخ العز بن عبد السلام شيخه
وتعلم منه يوماً بعد يوم، وحفظ متون الكتب ككتاب "التبين" للإمام
الشيرازي. وكان يواصل ليله بالنهار في طلب العلم حتى أنه تأتي عليه ليالٍ
لا ينام فيها أبداً. وبقي على هذه الحال عشر سنوات حتى أصبح أحد أفذاذ
العلماء في المذهب الشافعي.
وقد قيل أنه بلغ الاجتهاد فيه. ثم عكف على دراسة الحديث الشريف وغيره من فروع العلم. ومع ذلك لم يزدد طلبه للعلم إلا جوعاً له.
فسافر إلى بغداد سنة 599 هجري ثم عاد بعد أن أشبع نهمه العلمي من التحصيل
الدراسي وقد أصبح إماماً في الإفتاء، عالماً متفنناً بارعاً.
تولّى الخطابة والتدريس بعدها في زاوية الإمام الغزالي ثم انتقل إلى مرحلة
أخرى أوسع مدىً وتأثيراً حين عينه والي دمشق إماماً للجامع الأموي الكبير
فيها. فقبل منه ذلك لكن بعد أن اشترط عليه شرطاً: وهو أن يطلق يده
بالإصلاح.
نعم هنا بدأت مرحلة العمل بالعلم. فنهمه العلمي وجد
منفذاً لتطبيقه وهذا توفيق من الله تعالى للعلم أن يوفقه للعمل بما يعمل
لأنه بذلك ينقله، بعد حين ، إلى علم آخر يهدي به نفسه إلى طريق التحقيق
هذا هو أنموذج العالم الصحيح الذي عينه الله ورسوله فالمنصب أتى زحفاً
إليه ولم يسعى هو كالكلب يلهث وراءه وعمله هباءً منثوراً، نعم قليلون هم
المخلصون الذين يقولون (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
ووافق والي دمشق وحاكمها على شرط العز بن عبد السلام العالم، فتصدّر
للإفتاء والقضاء والخطابة، فكانت تأتيه الفتاوى من شتّى أنحاء العالم
الإسلامي ويرد عليها أحسن رد، رد عالم عامل.
وكما هي عادة
الله تعالى مع أصفياءه أن يقلب عليهم أهلهم وأحبابهم حتى يردَّهم إليه،
كذلك حدث مع العز بن عبد السلام في مرحلته الأخيرة في دمشق.
فالزمان هو أول القرن السابع الهجري، والحدث هو خيانة والي دمشق الصالح
إسماعيل بن العابد، والمؤرخون يذكرون زاويتين مختلفتين: فمنهم من يقول أن
الصالح إسماعيل استعان بالفرنجة لقتال ابن عمه حاكم مصر نجم الدين أيوب
بسبب خلاف كان بينهما، والرواية الأخرى نصها أن الصالح إسماعيل سلم قلعة
صفد إختياراً للفرنجة ولكن مع توفيق بين الحديثين، ولعل تسليم قلعة صفد
أدى إلى الخلاف بين الصالح إسماعيل ونجم الدين أيوب فاستعان الأول
بالإفرنج فكان هذا الحدث البارز مسيراً لحفيظة سلطان العلماء الذي اعتبره
عملاً من مخالفاً للشرع الإسلامي لأن الله تعالى نهى عن موالاة الكافرين
فاتهمه العز بن عبد السلام بالخيانة العظمى وأقرها علانية في خطبة الجمعة
التي حضرها والي دمشق في الجامع الأموي فعندما انتهت الخطبة الأولى جلس
العز بن عبد السلام ثم قام في الخطبة الثانية فلم يدعُ للوالي كما كانت
العادة جارية في الإسلام بل أعلنها وبالصراحة أن الملك خائن ويجب خلعه
لأنه لا ولاية لخائن الله أكبر!!! ما أحلى صوت الحق أمام السلطان الجائر
كم كنت مقداماً يا سيدي عندما أعلنتها وحدك وسكت عنها الكثيرون وأين
كانوا؟
ولعلهم كانوا يؤدون فروض الولاء والطاعة لولي نعمتهم
الوالي ناسين أن علمهم الذي تعلموه ليخدموا به المسلمين كان ذريعة خسيسة
منهم وصلوا بها إلى مآربهم ثم تركوه خارج أسوار قصر الملك.
إنهم كلاب السلطة الذين يتكررون في كل عصر، يشترون بالمال ويرضون بالمناصب.
نعم يا سيدي وبفخر تقال وتسطر، كنت سيد الوقت ورَجُلُه، كنت سيد العلماء
وسيد السلاطين، وسرت عليهم بإيمانك، بعقائدك التي لم تتزلزل، وثوابتك التي
لم تتزعزع.
كم نحن بحاجة لأمثالك لينهضوا بأمتنا من الحضيض
ويرونا بصيص النور ويضعونا على طريق الحق ويأخذوا بأيدينا إلى دين
الإسلام، لا دين المصالح والشهوات، لا دين المناصب والكراسي، لا دين الأكل
والموائد. نعم يا سيدي كنت بحق حامٍ لهذا الدين، وحامٍ للإسلام في عصرك.
كما هو متوقع لم ترُق هذه الكلمات للوالي الصالح إسماعيل فأمر زبانيته أن تسجن العز بن عبد السلام.
نعم سجن الحق ولكن ليس تغييباً للعز كما ظن الوالي بل أراد الله تعالى أن
يكون سجن العز تعريفاً بمقامه وزيادة في ترقية في مقامات العلماء
العاملين.
وهنا تحركت غيرة الشعب وعلماءه الصادقين مطالبين
بالإفراج عنه، فأرسل الملك رجل إلى العز بن عبد السلام في سجنه وقال له:
أن الملك مستعد أن يفرج عنه مقابل أن يعتذر العز بن عبد السلام للملك
ويقبل يده.
كانت تلك محاولة واضحة لشراء الحق ووضعه في سجن
الباطل، وإسكات صوت الإسلام النقي الصافي الذي خرج من باطن كبواطن الصحابة
رضوان الله تعالى عليهم.
فقال ابن عبد السلام:( يا هذا إني
والله لا أرضى أن يقبل يدي فضلا عن أن أُقَبِّل يده، يا ناس انتم في واد
وأنا في واد والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به) فاغتاظ الملك في
عقوبته.
وعندما حان وقت المعركة أخذه سجيناً إلى ميدان المعركة وضرب خيمته بجانب خيمة العز.
وعندما حضر وفد من الإفرنج إلى الملك الصالح إسماعيل سمعوا صوتاً قريباً
من خيمة الملك، وكان هذا الصوت هو صوت العز بن عبد السلام يتلو القران في
خيمته، فقال الملك لأعضاء الوفد: أتسمعون هذا القارئ ؟ قالوا: نعم، قال
إنه من أعظم قساوسة المسلمين لكني غضبت عليه وسجنته لأنه اتهمني بالخيانة
لأنني أعطيتكم بلدين من بلادنا وحالفتكم.
فقال له الوفد:(لو
كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه وشربنا ماءهما) ما هذا؟ ما أعظم محبتهم
لقساوستهم إن كانوا على الحق، وما أعظم استحقارنا لمشايخنا أن جاؤونا
بالحق ونفوسنا له كارهة، والمفارقة أن السلطان يعلم جلالة قدر العز بن عبد
السلام فيقول لهم: (من أعظم قساوسة المسلمين) ومع ذلك يعصي أمره ظاناً منه
أن السلطة الإدارية مفترقة افتراقاً تاماً عن الدين وهذا ما يغذيه أعداء
الإسلام منذ أعد الأزمنة حتى أصبح اليوم واقعاً ملموساً في بلاد المسلمين،
فأصبحت اسماً دون مسمّى.
وحان وقت المعركة فالتقى الجيشان
فأخزى الله تعالى جيش الملك الصالح وأنصاره الصليبيين ونصر الملك نجم
الدين أيوب، فانتقل العز بن عبد السلام رضي الله تعالى عنه إلى مصر بدعوة
من الملك نجم الدين أيوب واستقبله استقبالاً كبيراً في مصر وعهد إليه جميع
وظائفه التي سلبها منه الناصر إسماعيل وهنا بدأت مرحلة ثانية في تاريخ
العز بن عبد السلام حافة بالمفاجآت والحوادث غير المتوقعة.
]
ترجمة سيدي العز بن عبد السلام قدس الله سره
في هذه العجالة، نتحدث عن شخصية إسلامية فريدة، بعقيدتها، بأعمالها،
بصدقها، جعلتها قريبة من قلوب المسلمين أجمين فلا تجد مسلماً إلا معتقداً
بها وبصدق مقالها، ولا تجد عابداً إلا مقراً بخصوصيتها وعلو مقامها، ولا
تجد عارفاً إلا شاهداً على ولايتها وكمال عبوديتها وطاعتها لله تعالى
ومحبتها لرسوله صلى الله عليه وسلم.
ولادته وطفولته
ولد رضي الله تعالى عنه في دمشق سنة 577هـ لأسرة فقيرة وأب أجهده التعب
يجوب الأسواق باحثاً عن عمل. فلم يرَ أمامه سوى أعمال شاقة تارة أو متعبة
تارةً أخرى، فيستعين بابنه العز أو (عبد العزيز) في إصلاح الطرقات أو حمل
الأمتعة أو تنظيف ما أمام المحلات التجارية.
وحين توفي والده
لم يقوَ على القيام بهذه الأعمال وحيداً ولم يجد هذا الصبي مكاناً يأوي
إليه، فذهب إلى شيخ تعرف عليه في الجامع الأموي فسمح له أن يشتغل في
الجامع مساعداً الكبار في أعمال النظافة وحراسة نعال المصلين أو أهل
الحلقات، وهو في غمرة بؤسه وحرمانه كانت تتناعى لأسماعه كلمات يقولها شيوخ
الحلقات فتهب نفسه وتثير خياله وتنقله إلى عالم آخر حيث لا جوع ولا بؤس.
أهكذا كان العز بن عبد السلام ؟ هل هذا هو بائع الملوك؟
نعم هكذا دائماً تكون البداية ستراً وخفاءً وبؤساً وشقاءً وحرماناً حتى يأتي النعيم المقيم والعز والقوة.
كم حاول هذا الفتى الصغير أن يدخل جسده النحيل مرات ومرات بين الأشخاص
الجالسين في حلقات العلم فلا يسمع سوى التقريع والمهانة والطرد آخراً
لماذا؟ ألأنه كان رث الثياب ممزقها؟ أم لصغر سنه وحداثة عهده بالعلم؟
هذه القشور التي حكمت وما تزال تحكم الواقع العلمي تظل عقبةً أمام النفوس
الطموحة والعقول التواقة إلى المعرفة، والفارغ يبقى فارغاً ولو كبر،
والعاقل يبقى عاقلاً وإن صغر.
لقائه بشيخه رحمهما الله
نعم بكى العز بن عبد السلام كثيرا لحرمانه العلم فكان يتكور على نفسه
ويندب ويتوه لحرمانه العلمي، حتى رآه الشيخ الذي ألحقه بالجامع وهو الفخر
بن عساكر صاحب حلقة الفقه الشافعي يبكي، فسأله عن السبب، فروى له ما حصل
فطيب الشيخ خاطره ووعده أن يتعهده فقبَّل يد الشيخ وسأله متى يبدأ تعليمه،
فقال له منذ الغد ويمضي العز بن عبد السلام صباحاً إلى المسجد وكله أمل
وعزيمة وتفاؤل، فيأخذه الشيخ إلى مكتب ملحق بالمسجد ليتعلم القراءة
والكتابة والخط وحفظ القران وتعهد الشيخ بدفع نفقة الصبي.
وتمضي الأيام ويزداد صبر العز بن عبد السلام وتوقه على طلب العلم فيحفظ
القران ويتقن القراءة والكتابة والخط الحسن، ويلتقي بشيخه ابن عساكر
ليعلمه بتطوره العلمي في مجال القرآن، قراءة وكتابة وفهماً وتطبيقاً،
فيزداد ابن عساكر إعجاباً وثقة بذكائه ونجابته وحسن صبره وبشاشته رغم فقر
الولد المدقع وتمر الأيام وينهي العز بن عبد السلام حفظه للقران، وبذلك
ينتقل من المكتب الملحق بالمسجد إلى حلقة الإمام ابن عساكر نفسها بعد أن
اشترى له شيخه الكتب والثوب الصالح لحضور حلقة العلم.
ولنعّرج
قليلاً على شيخه ابن عساكر الشافعي: هذا الشيخ الذي كان له الفضل العظيم
في بداية أمر العز بن عبد السلام العلمية فقد دعا له صغيراً وتعهده بماله
وبحاله وبعلمه عندما شب واخضر عوده، كان الشيخ زاهداً، ورعاً، كثير
الصدقات، واسع المعرفة، شديد الحياء مرحاً، متألق الظرف، ومع ذلك كان
خطيباً لاذعاً لا يخاف في الحق لومة لائم. فتأثر تلميذه العز بن عبد
السلام بكثير من خصاله وسجاياه.
عندما انتهى يومه الأول في
الحلقة عاد في زاويته المعهودة في ركن من أركان المسجد الأموي متفكراً:
إنه الآن بحاجة إلى المال من اجل دفء المسكن والثوب اللائق والطعام الطيب
وشراء الدفاتر والأقلام والأوراق والمحابر، فالشيخ ابن عساكر قد كفىّ
ووفىّ ويخجل أن يطلب منه المزيد كما انه يخجل أن يطلب منه أن يفتش على عمل
ليحصل على مال يساعده على متطلبات طلب العلم.
هذه الليلة كانت
طويلة مليئة بالأفكار وبعد جهد جهيد، نام، وكانت تلك الليلة، رغم برودة
وجفاف أفكارها باردة وجافة في مناخها، فاحتلم العز بن عبد السلام فقام
ونزل في بركة فحصل له جهد جهيد من البرد، فأسقط جنابته ثم نام، فاحتلم
ثانية، فعاد فاغتسل فأُجهد حتى كاد أن يموت ثم نام، فاحتلم ثالثاً فقام
إلى البركة بتعب شديد جداً فأغمي عليه من شدة البرد ثم سمع نداءً يقول له:
(يا عبد السلام: أتريد العلم أم العمل؟ فقال بل العلم لأنه يهدي إلى
العمل).
وعندما أصبح، قصّ لشيخه ابن عساكر ما كان من أمر تلك
الليلة فقال له شيخه: "لقد بلغت مبلغ الرجال، وهذا النداء هاتف من السماء
يأمرك أن تهب نفسك للعلم"
فلزم الشيخ العز بن عبد السلام شيخه
وتعلم منه يوماً بعد يوم، وحفظ متون الكتب ككتاب "التبين" للإمام
الشيرازي. وكان يواصل ليله بالنهار في طلب العلم حتى أنه تأتي عليه ليالٍ
لا ينام فيها أبداً. وبقي على هذه الحال عشر سنوات حتى أصبح أحد أفذاذ
العلماء في المذهب الشافعي.
وقد قيل أنه بلغ الاجتهاد فيه. ثم عكف على دراسة الحديث الشريف وغيره من فروع العلم. ومع ذلك لم يزدد طلبه للعلم إلا جوعاً له.
فسافر إلى بغداد سنة 599 هجري ثم عاد بعد أن أشبع نهمه العلمي من التحصيل
الدراسي وقد أصبح إماماً في الإفتاء، عالماً متفنناً بارعاً.
تولّى الخطابة والتدريس بعدها في زاوية الإمام الغزالي ثم انتقل إلى مرحلة
أخرى أوسع مدىً وتأثيراً حين عينه والي دمشق إماماً للجامع الأموي الكبير
فيها. فقبل منه ذلك لكن بعد أن اشترط عليه شرطاً: وهو أن يطلق يده
بالإصلاح.
نعم هنا بدأت مرحلة العمل بالعلم. فنهمه العلمي وجد
منفذاً لتطبيقه وهذا توفيق من الله تعالى للعلم أن يوفقه للعمل بما يعمل
لأنه بذلك ينقله، بعد حين ، إلى علم آخر يهدي به نفسه إلى طريق التحقيق
هذا هو أنموذج العالم الصحيح الذي عينه الله ورسوله فالمنصب أتى زحفاً
إليه ولم يسعى هو كالكلب يلهث وراءه وعمله هباءً منثوراً، نعم قليلون هم
المخلصون الذين يقولون (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
ووافق والي دمشق وحاكمها على شرط العز بن عبد السلام العالم، فتصدّر
للإفتاء والقضاء والخطابة، فكانت تأتيه الفتاوى من شتّى أنحاء العالم
الإسلامي ويرد عليها أحسن رد، رد عالم عامل.
وكما هي عادة
الله تعالى مع أصفياءه أن يقلب عليهم أهلهم وأحبابهم حتى يردَّهم إليه،
كذلك حدث مع العز بن عبد السلام في مرحلته الأخيرة في دمشق.
فالزمان هو أول القرن السابع الهجري، والحدث هو خيانة والي دمشق الصالح
إسماعيل بن العابد، والمؤرخون يذكرون زاويتين مختلفتين: فمنهم من يقول أن
الصالح إسماعيل استعان بالفرنجة لقتال ابن عمه حاكم مصر نجم الدين أيوب
بسبب خلاف كان بينهما، والرواية الأخرى نصها أن الصالح إسماعيل سلم قلعة
صفد إختياراً للفرنجة ولكن مع توفيق بين الحديثين، ولعل تسليم قلعة صفد
أدى إلى الخلاف بين الصالح إسماعيل ونجم الدين أيوب فاستعان الأول
بالإفرنج فكان هذا الحدث البارز مسيراً لحفيظة سلطان العلماء الذي اعتبره
عملاً من مخالفاً للشرع الإسلامي لأن الله تعالى نهى عن موالاة الكافرين
فاتهمه العز بن عبد السلام بالخيانة العظمى وأقرها علانية في خطبة الجمعة
التي حضرها والي دمشق في الجامع الأموي فعندما انتهت الخطبة الأولى جلس
العز بن عبد السلام ثم قام في الخطبة الثانية فلم يدعُ للوالي كما كانت
العادة جارية في الإسلام بل أعلنها وبالصراحة أن الملك خائن ويجب خلعه
لأنه لا ولاية لخائن الله أكبر!!! ما أحلى صوت الحق أمام السلطان الجائر
كم كنت مقداماً يا سيدي عندما أعلنتها وحدك وسكت عنها الكثيرون وأين
كانوا؟
ولعلهم كانوا يؤدون فروض الولاء والطاعة لولي نعمتهم
الوالي ناسين أن علمهم الذي تعلموه ليخدموا به المسلمين كان ذريعة خسيسة
منهم وصلوا بها إلى مآربهم ثم تركوه خارج أسوار قصر الملك.
إنهم كلاب السلطة الذين يتكررون في كل عصر، يشترون بالمال ويرضون بالمناصب.
نعم يا سيدي وبفخر تقال وتسطر، كنت سيد الوقت ورَجُلُه، كنت سيد العلماء
وسيد السلاطين، وسرت عليهم بإيمانك، بعقائدك التي لم تتزلزل، وثوابتك التي
لم تتزعزع.
كم نحن بحاجة لأمثالك لينهضوا بأمتنا من الحضيض
ويرونا بصيص النور ويضعونا على طريق الحق ويأخذوا بأيدينا إلى دين
الإسلام، لا دين المصالح والشهوات، لا دين المناصب والكراسي، لا دين الأكل
والموائد. نعم يا سيدي كنت بحق حامٍ لهذا الدين، وحامٍ للإسلام في عصرك.
كما هو متوقع لم ترُق هذه الكلمات للوالي الصالح إسماعيل فأمر زبانيته أن تسجن العز بن عبد السلام.
نعم سجن الحق ولكن ليس تغييباً للعز كما ظن الوالي بل أراد الله تعالى أن
يكون سجن العز تعريفاً بمقامه وزيادة في ترقية في مقامات العلماء
العاملين.
وهنا تحركت غيرة الشعب وعلماءه الصادقين مطالبين
بالإفراج عنه، فأرسل الملك رجل إلى العز بن عبد السلام في سجنه وقال له:
أن الملك مستعد أن يفرج عنه مقابل أن يعتذر العز بن عبد السلام للملك
ويقبل يده.
كانت تلك محاولة واضحة لشراء الحق ووضعه في سجن
الباطل، وإسكات صوت الإسلام النقي الصافي الذي خرج من باطن كبواطن الصحابة
رضوان الله تعالى عليهم.
فقال ابن عبد السلام:( يا هذا إني
والله لا أرضى أن يقبل يدي فضلا عن أن أُقَبِّل يده، يا ناس انتم في واد
وأنا في واد والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به) فاغتاظ الملك في
عقوبته.
وعندما حان وقت المعركة أخذه سجيناً إلى ميدان المعركة وضرب خيمته بجانب خيمة العز.
وعندما حضر وفد من الإفرنج إلى الملك الصالح إسماعيل سمعوا صوتاً قريباً
من خيمة الملك، وكان هذا الصوت هو صوت العز بن عبد السلام يتلو القران في
خيمته، فقال الملك لأعضاء الوفد: أتسمعون هذا القارئ ؟ قالوا: نعم، قال
إنه من أعظم قساوسة المسلمين لكني غضبت عليه وسجنته لأنه اتهمني بالخيانة
لأنني أعطيتكم بلدين من بلادنا وحالفتكم.
فقال له الوفد:(لو
كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه وشربنا ماءهما) ما هذا؟ ما أعظم محبتهم
لقساوستهم إن كانوا على الحق، وما أعظم استحقارنا لمشايخنا أن جاؤونا
بالحق ونفوسنا له كارهة، والمفارقة أن السلطان يعلم جلالة قدر العز بن عبد
السلام فيقول لهم: (من أعظم قساوسة المسلمين) ومع ذلك يعصي أمره ظاناً منه
أن السلطة الإدارية مفترقة افتراقاً تاماً عن الدين وهذا ما يغذيه أعداء
الإسلام منذ أعد الأزمنة حتى أصبح اليوم واقعاً ملموساً في بلاد المسلمين،
فأصبحت اسماً دون مسمّى.
وحان وقت المعركة فالتقى الجيشان
فأخزى الله تعالى جيش الملك الصالح وأنصاره الصليبيين ونصر الملك نجم
الدين أيوب، فانتقل العز بن عبد السلام رضي الله تعالى عنه إلى مصر بدعوة
من الملك نجم الدين أيوب واستقبله استقبالاً كبيراً في مصر وعهد إليه جميع
وظائفه التي سلبها منه الناصر إسماعيل وهنا بدأت مرحلة ثانية في تاريخ
العز بن عبد السلام حافة بالمفاجآت والحوادث غير المتوقعة.
يتبع
عدل سابقا من قبل إسماعيل في الثلاثاء 4 أغسطس - 10:23 عدل 2 مرات
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16472
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: ترجمة العز بن عبد السلام قدس الله سره
تصوفه:
يعد الحدث الأهم في حياة سيدنا العز بن عبد السلام هو تصوفه، أي انتقاله
من العالم قاضي القضاة الفقيه إلى العالم قاضي القضاة الفقيه الصوفي
العارف المحقق. وتصوفه هذا حقيقة حتمية وإن شكك بها كثير من الناس، عوامهم
وعلماءهم، وهو ناجم عن إيمان وإخلاص وصدق، فكل صادق لابد أن يسلك طريق
التصوف، طال به الزمان أم قصُر، كما حدث مع سيدنا الحارث المحاسبي، وسيدنا
الغزالي، وغيرهم.
والمفارقة التي تعترينا هي إنكار سيدنا العز
بن عبد السلام لطريق التصوف بادئ أمره شأنه شأن غيره من المنكرين، لكن
التاريخ يذكر لنا أن سيدنا ابن عبد السلام تتلمذ على يد الشيخ السهروردي
وهو شيخ من مشايخ الطريقة النقشبندية، ويعتقد أن فترة سلوكه هذه كانت فترة
تهذيب ومجاهدة وصقل للنفس – ولا أعتقد أنها تكللت بالفتح وإلا لم يكن
لينكر على المتصوف بعدها – إلا أن هناك دافعاً كبيراً يدفع العز بن عبد
السلام لسلوك طريق الحقيقة بعدما أصبح إماماً في طريق الشريعة ومع ذلك
يعتريه شك مقلق دافعاً به للقول هل لنا طريق غير الكتاب والسنة وما التصوف
إلا الكتاب والسنة حتى حصل اجتماعه لسيدنا أبي الحسن الشاذلي قدس الله
سره. حيث أنه سمع بقدمه من تونس فظنه أحد المشعوذين أو الدجالين. وكان
عندها سيدنا بن عبد السلام قاض للقضاة. فجمع شُرَطَة وأخذ القيد وعزم على
القبض على سيدنا الشاذلي. وعندما قصد بيته صادفه شخص فقال له: "إني عازم
على القبض عليه"، فقال له ذلك الشخص: "أسمعته حتى تتبين صدقه من كذبه"،
فقال العز: "لا، صدقت"، فجعل القيد في خصره – وهكذا تبدل موقف الإنكار إلى
موقف الحياد – فتوجه إلى منزل سيدي الشاذلي ودخل عليه وأبقى عسسه خارجاً.
وشرع يسأله عن أسئلة دقيقة في علم التوحيد فيشير سيدي الشاذلي قدس سره إلى
أصغر تلامذته ليجيبوه، وهكذا حتى سأل العز عن مسألة فتكلم سيدي الشاذلي
بالمعارف والأذواق فأذعن سيدي ابن عبد السلام وجلس بين يدي سيدي الشاذلي
متأدباً. وقال له: "والله لقد تبت يا سيدي"، وأنكب على يديه يقبلهما. فقال
له سيدي الشاذلي: "أين القيد، والله إلا قيدتني" فعندها قام سيدي ابن عبد
السلام متعجباً. وقال سيدي الشاذلي قوله المشهور: أولياء الله عرائس، ولا
يرى العرائس المجرمون".
وهكذا أصبح سيدي ابن عبد السلام يتردد
على مجلس سيدي الشاذلي، متخفياً بزي إعرابي مرة، وبزي مزارع مرة أخرى، حتى
حضر مجلساً له، وكان سيدي العز بن عبد السلام ملثماً: فتكلم سيد الشاذلي
مرة بشرح به الرسالة القشيرية، فعندها قام سيدي العز بن عبد السلام وكشف
لثامه وأصبح يجري في صحن الجامع قائلاً: "اسمعوا هذا الكلام الغريب العجيب
القريب العهد من الله". ومن ذلك الوقت سلك سيدي ابن عبد السلام الطريق على
يد سيدي الشاذلي، وحضر مجالسه، سواءً في المساجد أو في خيمة الحرب التي
عقدت إبان الغزو الصليبي في واقعة المنصورة. حتى فتح عليه. وأصبح إماماً
في طريق التصوف، فحاز بذلك رتبتي العلمين الظاهر والباطن. ويشهد بذلك
كتابة: "زيد خلاصة التصوف". الذي نقد فيه منكري التصوف وفسر إشارات أهل
الطريق وألف أحلى العبارات وأرق الأشعار التي تدل على علو مقامه في طريق
التصوف. كيف لا وهو تلميذ سيدي أبي الحسن قدس الله سره. وقد مدح في مقدمه
كتابه زبد خلاصة التصوف، طريق القوم قائلاً: "مما يدلك على شرف طريق القوم
وأنهم قعدوا على قواعد الشريعة وغيرهم قعد على الرسوم مما يقع على أيديهم
من الكرامات والخوارق ولا يقع شيء من ذلك على يد فقيه ولو بلغ في العلم ما
بلغ حتى يسلك طريقهم".
وحقيقة، قصة تصوفه مع واقعيتها، فهي
غريبة مثيرة، إذ نلاحظ فيها انتقالاً مفاجئاً من موقف هجومي على الصوفية
إلى موقف دفاعي عنهم ومن منكر لعلومهم إلى محقق لها. ويمكن أن تعزو ذلك
إلى عاملين:
أولهما- المرشد الكامل: سيدي أبو الحسن الشاذلي قدس الله سره العظيم، صاحب الطريق القويم والتوصيل الأعظم إلى الله تعالى.
ثانيهما- الصدق: صدق سيدي العز بن عبد السلام في حاجته لعلم تصفية وتهذيب
النفس بعد تحققه التام بعلم الشريعة فهو مجتهد اجتهاداً مطلقاً في المذهب
الشافعي. ومع ذلك قرر سلوك طريق القوم حتى التقط درة الحقيقة.
ومن قصة تصوفه نستنتج معاني كثيرة:
أولها: ألا نقنع بعلمنا الظاهر بل أن نمشي على طريق سلفنا الصالح الذين كانوا محققين في علمي الشريعة والحقيقة.
ثانيها: أن طريق التصوف طريق شرعي وهو في الحقيقة تطبيق للكتاب والسنة
فالطريقة تطبيق للشريعة حتى تصل إلى الكمال وهو شهود الحقيقة في الشريعة.
إذ لو كان هذا الطريق غير شرعي وسيدي الشاذلي قدس الله سره صاحب بدعة –
وحاشاه – لما سلك سيدي العز بن عبد السلام وهو فقيه الأمة وقاضي قضاة هذه
الطريقة. وهكذا تربى سيدي ابن عبد السلام في كنف المدرسة الشاذلية، فأصبح
أحد دعاتها حالاً، ومقالاً، وفكراً، وكتابةً.
إن تصوفه هذا قد
أكسبه قوة روحية جعلته، رضي الله عنه، يقف مواقف جريئة لم نسمع عنها من
أحد قبله أو بعده، مواقف توصف أقل ما توصف "بأنها أسطورية" لكنها في
الواقع حقيقية تشهد لها كتب التاريخ غير مرة وفي أكثر من موضع.
سيدي ابن عبد السلام وموقفه من حكام مصر:
قدم سيدي ابن عبد السلام إلى مصر سنة 639 هـ بأمر من السلطان نجم الدين
أيوب، فتحفَّى به وولاه خطابة مصر وقضاءها. وكان أيوب ملكاً شديد البأس لا
يجسر أحد أن يخاطبه إلا مجيباً ممتثلاً. ولا يتكلم أحد بحضرته ابتدائاً.
وكان وقد اشترى المماليك الأتراك من مال الدولة ودربهم على الفروسية
والقتال لكي يقوِّي جيشه وبالتالي لحماية نفسه وبلده. لكن نفوذهم زاد عن
حده حتى بلغوا رتباً ومناصب عالية إذ أن أحدهم أصبح نائب السلطان نفسه.
وأكثر أمراء جنده منهم أيضاً. وهم معروفون بالخشونة والبأس والفظاظة
والاستهانة بكل أمر.
فلما كان يوم العيد صعد الشيخ إلى
السلطان، وكان يعرض الجند ويظهر قوته وملكه وسطوته والأمراء يقبلون الأرض
بين يديه، فناداه الشيخ بأعلى صوته ليسمعه الكل. يا أيوب !. وأمره بإبطال
منكر في حانة تباع فيها الخمور كانت من زمن والد السلطان، فرسم بنفسه
بإبطال الحانة واعتذر إليه.
فقال أحد تلامذة الشيخ له: "كيف كانت الحال؟"
فقال الشيخ: "يا بني رأيته – أي السلطان – في تلك العظمة فخشيت على نفسه أن يدخلها الغرور فتبطره فكان ما باديته به".
قال التلميذ: "أما خفت"
قال الشيخ: "يا بني، استحضرت هيبة الله تعالى فكان السلطان أمامي كالقط
ولو أن حاجةً من الدنيا في نفسي لرأيته الدنيا كلها. بيد أني نظرت بالآخرة
فامتدت عيني فيه إلى غير المنظور للناس. فلا عظمة ولا سلطان ولا بقاء ولا
دنيا بل هو لا شيء في صورة شيء نحن يا ولدي مع هؤلاء كالمعنى الذي يصحح
معنى آخر. فإذا أمرناهم فالذي يأمرهم وينهاهم هو الشرع لا الإنسان، وهو
قوم يرون لأنفسهم الحق في إسكات الكلمة الصحيحة أو طرحها أو تحريفها. فلا
بد أن يقابلوا من العلماء والصالحين ممن يرون لأنفسهم الحق في إنطاق هذه
الكلمة وبيانها وتوضيحها. فإذا كان ذلك فهاهنا المعنى بإزاء المعنى، فلا
خوف ولا مبالاة ولا شأن للحياة أو الموت.
وإنما الشر كل الشر
أن يتقدم إليهم العالم لحظوظ نفسه ومنافعها، فيكون باطلاً مزوراً في صورة
الحق، وهنا تكون الذات مع الذات. فيخشع الضعف أمام القوة ويُذَلُ الفقر
بين يدي الغنى. وترجو الحياة لنفسها وتخشى على نفسها.
فإذا العالم من السلطان كالخشبة البالية النخِرة حاولت أن تقارع السيف.
كلا يا ولدي، إن السلطان والحكام أدوات يجب تعيين عملها قبل إقامتها. فإذا
تفككت واحتاجت إلى مسامير دقت فيها المسامير. وإذا أنفتق الثوب فمن أين
للإبرة أن تسلك بالخيط الذي فيها إذا هي لم تخزه؟ إن العالم الحق
كالمسمار. وإذا أوجد المسمار لذاته دون عمله كفرت به الخشبة "
"إن خداع القوة الكاذبة لشعور الناس باب من الفساد، إذ يحسبون كل حسنٍ
منها هو الحسن وإن كان قبيحاً في ذاته ولا أقبح منه. ويرون كل قبيح عندها
هو القبح وإن كان حسناً ولا أحسن منه"
"ما معنى الإمارة
والأمراء؟ وإنما قوة الكل الكبير هي عماد العز الكبير فلكل جزء من هذا
الكل حقه وعمله. وكان ينبغي أن تكون هذه الإمارة أعمالاً نافعة قد كبرت
وعظمت حتى استحقت هذا اللقب بطبيعة منها، كطبيعة أن العشرة أكثر من
الواحد، لا أهواء وشهوات ورذائل ومفاسد تتخذ لقبها في الضعفاء بطبيعة
كطبيعة الوحش المفترس" [خلاصة زبد التصوف].
وأقلق الشيخ ما
وجده من زيادة نفوذ الأمراء في البلاد وتعاليهم على الشعب وفكر في أمرهم
وفي حالهم، فأيقن أن المماليك حكمهم حكم الرقيق، ويجب شرعاً بيعهم كما
يباع الرقيق، ووضع أموال بيوعهم في بيت مال المسلمين. وأفتى الشيخ أنه لا
يصح لهم بيع ولا شراء ولا زواج ولا طلاق ولا معاملة، حتى يباعوا ويحصل
عتقهم بطريق شرعي.
وعندما بلغ ذلك للأمراء جزعوا له، وعظم
الخطب عليهم، واحتدم الأمر عليهم ولكنهم أيقنوا أنهم بإزاء الشرع لا بإزاء
القاضي بن عبد السلام. وعندها لجأوا إلى مكرهم، فأخذوا يستميلون ويطلبون
رضاه، ويتحملون عليه بالشفاعات، وهو مصر على رأيه، وهيهات أن يحول عن
الحق، لا يعباً بأخطارهم ولا يخشى اتسامه بعداوتهم، فرفعوا الأمر إلى
السلطان، الذي أرسل إليه بدوره فلم يتحول الشيخ عن رأيه وحكمه.
فاستشنع السلطان فعله وحنق عليه وأنكر منه دخوله فيما يعتقد أنه لا يعنيه
وقبح عمله وسياسته وما تطاول إليه، وعز ذلك بأنه رجل ليس له إلا نفسه،
ناسياً أن سيدنا ابن عبد السلام اتخذ منصبه القضائي إصلاحياً لا اتكالياً.
ومنبراً لإقامة الشرع والحق وليس التغاضي عن حق يخالف مصالح السلطان
فانتهى ذلك القول من السلطان إلى العز بن عبد السلام فغضب ولم يبال
بالسلطان ولا كبر عليه إعراضه. وأزمع الهجرة من مصر، فأكترى حميراً أركب
أهله وولده عليها ومشى هو خلفهم يريد الخروج إلى الشام. فلم يبعد إلا
قليلاً حتى طار الخبر في القاهرة ففزع الناس وتبعوه لا يتخلف منهم رجل ولا
امرأة ولا صبي، وصار فيهم العالم والصالح والتاجر والمحترف، كأن خروجه
خروج نبي من بين المؤمنين به. فأشار أحد الناصحين على الملك قائلاً: "أدرك
ملكك، وإلا ذهب بذهاب الشيخ" وحقيقة نجد أن العز بن عبد السلام هو الملك
وليس نجم الدين. وهنا ارتاع السلطان وركب بنفسه ولحق بالشيخ يترضاه وستدفع
به غضب الأمة، وأطلق له أن يأمر بما يشاء، وقد أيقن أنه ليس رجل الدينار
والدراهم والعيش والجاه والمنصب والكرسي. فوافق العز مشترطاً أن يبيع
الأمراء بالمناداة عليهم، فوافق السلطان، ورجع العز إلى القاهرة، وتهيأ
الكل بعد أن أمرهم الشيخ بأن يعقد مجلس ويجمع فيه الأمراء وينادى عليهم
للمساومة في بيعهم وضرب لذلك أجلاً بعد أن يكون الأمر قد تعالمه كل
القاهرة ليتهيأ من يتهيأ للشراء والسوم في هذا الرقيق.
وكان
من الأمراء المماليك نائب السلطنة فبعث إلى الشيخ يلاطفه ويسترضيه فلم
يعبأ الشيخ به، فهاج هائجه وقال: "كيف يبيعنا هذا الشيخ وينادي علينا
وينزلنا منزلة العبيد ويفسد محلنا من الناس ويبتذل أقدارنا ونحن ملوك
الأرض. ومالذي يفقد هذا الشيخ من الدنيا فيدرك ما نحن فيه، إن يفقد ما لا
يملك فلا جرم لا يبالي ولا يرجع عن رأيه ما دام هذا الرأي لا يمر في
منافعه ولا في شهواته ولا في أطماعه كالذين نراهم من علماء الدنيا. أما
والله لأضربنه بسيفي هذا فما يموت رأيه وهو حي".
فركب النائب
مع عسكره وجاء إلى دار الشيخ واستل سيفه وطرق الباب فخرج ابنه عبد اللطيف
ورأى ما رأى فانقلب إلى أبيه وقال له: "انجُ بنفسك إنه الموت، إنه السيف،
إنه .. إنه ..."
فما اكترث الشيخ لذلك ولا جزع ولا تغير بل قال له متواضعاً: "يا ولدي أبوك أقل أن يقتل في سبيل الله".
وخرج من داره لا يعرف الحياة ولا الموت، ونظر إلى نائب السلطنة وفي يده
السيف فانطلقت أشعة من عيني الشيخ في أعصاب يد نائب السلطنة فيبست ووقع
السيف منها. فاضطرب وتزلزل فهو لا يستقر ولا يهدأ أبداً.
وأخذ يبكي ويسأل الشيخ أن يدعو له. ثم قال له: "يا سيدي ما تصنع بنا؟"
قال: "أنادي عليكم وأبيعكم"
قال: "وفيما تصرف ثمننا؟"
قال: "في مصالح المسلمين"
قال: "ومن يقبضه؟"
قال: "أنا"
وحقيقة كان الشرع هو الذي يقول (أنا) فتم للشيخ ما أراد ونادى على الأمراء
واحداً واحداً. واشتط في ثمنهم فلا يبيع الواحد حتى يبلغ الثمن آخره وكان
كل أمير قد أعد من شيعته أنصاراً يستأمرونه ليشتروه. وهكذا دفع الظلم
النفاق والتكبر والاستطالة على الناس بهذه الكلمة التي أعلنها الشرع:
أمراء للبيع
ومن هنا دوى اسمه على مر الأزمنة: "بائع الملوك بائع الأمراء"
وهكذا نجد أن العز، قال وفعل، وأنقذ الشرع من براثن الفساد. فصح عليه حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"
ولنأخذ موقفاً آخر من حياة العز الجريئة مع السلطان وأتباعه: وذلك أن أحد
وزراء السلطنة ويدعى معين الدين بن شيخ الشيوخ كان متحللاً فاحشاً
مستهتراً بالدين. حتى أنه بنى قاعة لسماع الأغاني والموسيقى فوق أحد جوامع
القاهرة. وما إن سمع الشيخ بذلك حتى قام بنفسه وأخذ عدداً من أولاده
وموظفيه وذهب إلى المسجد حاملاً معوله معه. وقاموا بهدم البناء المستحدث
فوق ظهر المسجد. ولم يكتف الشيخ بذلك بل أسقط عدالة الوزير، بمعنى عدم
قبول روايته وشهادته وأفتى بعزله، وقد عزل الشيخ نفسه من القضاء حتى لا
يبقى تحت رحمة السلطان. ولم يتمكن السلطان ولا الوزير أن يمسوا الشيخ بأي
سوء أو أن يتفوهوا بكلمة لمعرفتهم أن الشيخ على حق. ولكن السلطان طلب منه
أن يعود إلى القضاء، فأبى وأصر على رأيه. وانتشر خبر استقالته في العالم
الإسلامي حتى وصل إلى الخليفة ببغداد. وقد اتفق أن الملك نجم الدين أرسل
رسولاً إلى الخليفة المستعصم في بغداد، فلما وصل الرسول إلى هناك، قال له
الخليفة: "أسمعت هذه الرسالة من السلطان؟" فقال الرسول: "لا بل حملنيها عن
السلطان الوزير معين الدين بن شيخ الشيوخ" فقال الخليفة: "إن الوزير
المذكور أسقطه بن عبد السلام فنحن لا نقبل روايته"، فرجع الرسول إلى مصر
حتى يسمع الرسالة شفهياً من السلطان ثم يؤديها للخليفة في بغداد.
هذه الأمثلة التي سردناها كانت مثالاً واضحاً لشخصية لا تخاف في وجودها
غير خالقها جل وعلا. ضربت أمثلة واضحة على الثبات أمام الباطل وتنفيذ الحق
مع أن غيرها لم يتجرأ على التفوه بكلمة واحدة.
لم يكن سيدنا
العز بن عبد السلام منفرداً برأيه كل هذا الانفراد إلا إن كان على يقين
تام أن رأيه هو الصواب، بعد عرضه على الشرع أولاً. وإلا لم يكن ليقبل أن
يُنتهك الدين بأي رأيٍ، أو يتلاعب بالدين بأي شخصية وهو حي. كان ديدن
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو طبع لا تطبعّ فيه. ومع ذلك فقد أفتى
الشيخ مرة بشيء ثم ظهر له أنه خطأ فنادى في مصر والقاهرة على نفسه: "من
أفتاه ابن عبد السلام بكذا فلا يعمل به فإنه خطأ" ضارباً لنا مثالاً
رائعاً عن العالِم وتواضعه ومجاهدته لنفسه، وعدم الاعتداد برأيه إن كان
فيه أدنى شبهة أو أقل خطأ. لا كعلماء هذا الزمان الذين يتسرعون في
فتاويهم.
وقفه، ومقارنة . . .
رحمك الله يا سيدي
بن عبد السلام، كنت رجلاً بكل ما في الكلمة من معنى. وفي زمانه كثر أشباه
الرجال فإن ذكرى أمثالك تنعشنا وتطيب خاطرنا وتنسينا واقع المسلمين في هذا
العصر.
الذين احتلوا مناصب رفيعة فامتطى الحكام سمعتهم
واستغلوا مكانتهم وقربهم إليهم وأغدقوا عليهم الهدايا والعطايا ليسخروهم
لمطامعهم وجعلوهم لهم أبواب دعاية، يسبحون بحمدهم، يبررون أخطاؤهم، يسترون
عيوبهم ولو حالفوا الكفرة وأعداء الإسلام، نعم أصبحوا كلاب حراسة لأملاك
السلطان، يدافعون عن الظالمين، ويطلبون رضاهم، ويسيرون الدين وفق مقتضيات
مصالحهم. فيحللون الحرام، بأمر الحكام المارقين لينفذوا مخططات أعداء
المسلمين ليسهل احتواء الدين الإسلامي، كتحليل الربا، والمصارف الربوية،
وشهادات الاستثمار، والأفلام الإباحية، والأغاني والموسيقى والمسلسلات
وغيرها. قاتلهم الله من عبيد للسلطة، وكلاب للغرب ولأعداء المسلمين.
نحن بانتظار من يحذو حذوك يا سيدي، ويرينا الإسلام متمثلاُ برجل، هذا
المثال الذي افتقدناه منذ أمدً بعيد، وأصبح مخبئاً بين العوام، ينتظر بريق
أمل في المجتمع ليأخذ دوره.
وفاته:
توفي العزُّ بن عبد السلام رضي الله تعالى عنه في القاهرة، سنة 660 هـ / 1262 م.
عن عمر بلغ 83 عاماً. وقد ذكر السبكي في طبقات الشافعية الكبرى قصة طريفة عن حياته إذ قال:
"وحكي أن شخصاً جاء إليه وقال له: رأيتك في النوم تنشد:
وكنت كذي رجلين، رجلٌ صحيحة ورجلٌ رمـى منها الزمان فشـلَّت
فسكت العز ساعة ثم قال: أعيش من العمر ثلاثاً وثمانين سنة. فإن هذا الشعر
لكثير عزة ولا نسبة بيني وبينه غير السن، فإنا سني وهو شيعي، وأنا لست
بقصير وهو قصير، ولست بشاعر وهو شاعر، وأنا سلَّمي وليس هو بسلَّمي. لكنه
عاش هذا القدر.
فكان الأمر كما قاله رحمه الله تعالى".
وهذه القصة إن دلَّت على شيء فإنها تدل على كرامة لذلك الرجل العظيم ذي الروح الشفافة.
وفعلاً فقد عاش 83 سنة وتوفي في التاسع من جمادى الأولى ودفن في العاشر من
جمادى الأولى. في سفح جبل المقطم في القاهرة. وقد حضر ملك مصر والشام
الظاهر بيبرس جنازته، وحمل نعشه، وحضر دفنه، وصلى عليه بنفسه، وكان يقول:
"لا إله إلا الله، ما اتفقت وفاة الشيخ إلا في دويلتي!!" وعندما مرت
الجنازة تحت قلعة الملك الظاهر وقد احتشد أهل القاهرة أجمعهم تقريباً في
تشييع الجنازة قال الملك: "اليوم استقر أمري في الملك، لأن هذا الشيخ لو
قال للناس أخرجوا عليه، لأنتزع الملك مني"
وقد صلي عليه صلاة الغائب في كل الديار المصرية، وفي الديار الشامية والمدينة المنورة ومكة المكرمة وبلاد اليمن.
ثناء العلماء عليه:
أجمع علماء الأمة، قديماً وحديثاً بفضله وعلمه ومواقفه فقد قال:
1- سيدي أبي الحسن الشاذلي: قيل لي: "ما على وجه الأرض مجلسٌ في الفقه
أبهى من مجلس عز الدين بن عبد السلام" وكفى بها شهادة من إمام التصوف
الأعظم.
2- الحافظ المنذري: "كنا تفتي قبل حضور الشيخ عز الدين، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين فيه"
3- العلامة ابن الحاجب: "ابن عبد السلام أفقه من الغزالي"
ونكتفي بهذا القدر من الثناءات إلا أن الثناء الأعظم له كان على فمه هو.
عندما هاجر من الشام إلى مصر. فأحب سلطان صاحب الكرك، وهي مدينة صغيرة
ممثلة بقلعة، أن يستضيفه، فأجابه بصراحة: "بلدك صغير على علمي، وقصدي
نشره"
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16472
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: ترجمة العز بن عبد السلام قدس الله سره
فسكت العز ساعة ثم قال: أعيش من العمر ثلاثاً وثمانين سنة؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
وفعلاً فقد عاش 83 سنة !!!!!!!؟؟؟؟؟؟
.........................................................
بدون تعليـــــــــــــــــق
وفعلاً فقد عاش 83 سنة !!!!!!!؟؟؟؟؟؟
.........................................................
بدون تعليـــــــــــــــــق
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24479
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: ترجمة العز بن عبد السلام قدس الله سره
وقد
تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على العز بن عبد السلام
وناقشه في بعض ما جاء في عقيدته التي نقلها السبكي في طبقاته من اتهام
لأهل السنة بالحشو والتشبيه [مجموع الفتاوى (4/144-164)].
وفي ثنايا رده على العز وصفه شيخ الإسلام ابن تيمية بعدة أوصاف منها:
(1) قلة خبرة العز بن عبدالسلام بمقالات الناس من أهل السنة والبدعة. (4/153).
(2) أن كثيراً من أصحاب العز بن عبدالسلام يصرحون بمخالفة السلف في مثل مسألة الإيمان ومسألة تأويل الآيات والأحاديث. (4/156).
(3) ووصف العز بن عبدالسلام وأمثاله بأنهم جهمية كلابية. (4/158).
(4)
أن العز بن عبدالسلام وأمثاله قد سلكوا مسلك الملاحدة الذين يقولون: إن
الرسول لم يبين الحق في باب التوحيد ولا بين للناس ما هو الأمر عليه في
نفسه، بل أظهر للناس خلاف الحق، والحق: إما كتمه وإما أنه كان غير عالم
به. (4/195).
وسأتناول شيئا من المسائل المؤخوذة على العز بن عبدالسلام وأوضح لكم موقفه من أهل السنة ومدى حربه لهم.
فأقول مستعينا بالله :
(1)
بيان انتساب العز إلى الأشعرية : يعد العز بن عبدالسلام من كبار أئمة
الأشاعرة فهو قد وقف في وجه أهل السنة في مسألة القرآن ومسألة الحرف
والصوت ، وذمهم أشد الذم واتهمهم بالتشبيه والتجسيم على طريقة الأشاعرة ،
بل كان له دور كبير في انقلاب الملك الأشرف إلى المذهب الأشعري بعد أن أعز
الله به أهل السنة ونصر به المذهب السلفي، وقد ذكر هذه القصة مفصلة السبكي
في طبقاته(8/218-238).
وانتساب العز إلى المذهب الأشعري ظاهر في كتبه وتصنيفاته ، فمن ذلك:
1- تقريره بأن القرآن قديم أزلي قائم بذاته وأن القرآن الذي في المصحف هو دليل على كلام الله وليس هو كلام الله .
يقول
العز في عقيدته المشهورة التي نقلها السبكي في طبقاته: ((متكلم بكلام أزلي
ليس بحرف ولا صوت …ثم تكلم عن المصحف والمداد …فقال: ويجب احترامها
لدلالتها على كلامه)) الطبقات(8/219) ويقول: ((ومذهبنا أن كلام الله
سبحانه قديم أزلي قائم بذاته)) وهذا هو عين مذهب الأشاعرة .
2-
إنكاره لمسألة الحرف والصوت التي يثبتها أهل السنة لدلالة النصوص عليها ،
فهو انطلاقا من مذهبه الأشعري الذي يعتقد أن القرآن قديم أزلي قائم بذاته
أنكر مسألة الحرف والصوت وشنع على أهل السنة بسببها وقلب الملك الأشرف على
أهل السنة وكان السبب في اذلال أهل السنة من قبل الملك الأشرف والملك
الكامل، يقول العز في عقيدته: (( والعجب ممن يقول : القرآن مركب من حرف
وصوت)) الطبقات(8/224).
وغير ذلك مما
وافق فيه العز الأشاعرة كنفي كثير من صفات الله عز وجل التي جاءت بها
الآيات والأحاديث، وإنما هو سائر على منهج الأشاعرة من إثبات الصفات
السبع، ومعلوم أن الأشاعرة حتى في إثباتهم هذه الصفات السبع لا يثبتونها
على طريقة أهل السنة ولا يثبتونها على حقيقتها.
(2)
انتساب العز بن عبدالسلام إلى الصوفية . كان ابن عبدالسلام مفتونا بالرقص
والوجد على طريقة الصوفية ، وله مصنفات في تأييد التصوف والرقص والسماع،
بل قد لبس الخرقة على طريقة المتصوفة على يد الصوفي الكبير السهروردي. قال
الإمام الذهبي رحمه الله : (( قال قطب الدين : كان مع شدته فيه حسن محاضرة
بالنوادر والأشعار. يحضر السماع ويرقص)) . العبر (3/299).
وقال
السيوطي رحمه الله تعالى في ترجمة العز : (( له كرامات كثيرة ولبس خرقة
التصوف من الشهاب السهروردي. وكان يحضر عند الشيخ أبي الحسن الشاذلي ،
ويسمع كلامه في الحقيقة ويعظمه)). [حسن المحاضرة (1/273) دار الكتب
العلمية]
ويقول السبكي: (( وذكر(أي
القاضي عز الدين الهكاري) أن الشيخ لبس خرقة التصوف من شهاب الدين
السهروردي، وأخذ عنه، وذكر أنه كان يقرأ بين يديه ((رسالة القشيري))فحضره
مرة الشيخ أبو العباس المرسي لما قدم من الأسكندرية إلى القاهرة فقال له
الشيخ عز الدين: تكلم على هذا الفصل. فأخذ الشيخ المرسي يتكلم والشيخ عز
الدين يزحف في الحلقة ويقول: اسمعوا هذا الكلام الذي هو حديث عهد بربه.
وقد كانت للشيخ عز الدين اليد الطولى في التصوف وتصانيفه قاضية بذلك))
الطبقات(8/214-215).
أما عن السماع
والرقص الذي كان يفعله الشيخ عز الدين، فيقول ابن شاكر الكتبي : ((يحضر
السماع ويرقص ويتواجد)) فوات الوفيات(2/350-352)
وقد
جعل اليافعي رقص وسماع الشيخ عز الدين دليلا على جواز ذلك لأن فعله حجة
فهو من كبار العلماء وأطال في ذلك [انظر مرآة الجنان لليافعي(4/154)].
وإليك
مقولة من أقواله التي تظهر ما له من التصوف الغالي، يقول في كتابه قواعد
الأحكام (1/118-119): (( فصل وما يثاب عليه من العلوم. وذكر منها: الثالث:
علوم يمنحها الأنبياء والأولياء بأن يخلقها الله فيهم من غير ضرورة ولا
نظر... إلى أن قال: الضرب الثاني : علوم إلهامية يكشف بها عما في القلوب
فيرى من الغائبات ما لم تجر العادة بسماع مثله، وكذلك شمه ومسه ولمسه
وكذلك يدرك بقلبه علوماً متعلقة بالأكوان وقد رأى إبراهيم ملكوت السموات
والأرض ومنهم من يرى الملائكة والشياطين والبلاد النائية بل ينظر إلى ما
تحت الثرى ومنهم من يرى السموات وأفلاكها وكواكبها وشمسها وقمرها على ما
هي عليه، ومنهم من يرى اللوح المحفوظ ويقرأ ما فيه وكذلك يسمع أحدهم صرير
الأقلام وأصوات الملائكة والجان، ويفهم أحدهم منطق الطير فسبحان من أعزهم
وأدناهم، وأذل آخرين وأقصاهم ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما
يشاء)) فنعوذ بالله من الضلال.
(3) طعن
العز بن عبدالسلام على أهل السنة ونسبتهم إلى الحشو والتجسيم. أما كلام
العز في ذلك فهو كثير وخاصة في القصة التي جرت معه ومع الملك الأشرف وفي
خطابه للملك الأشرف كثير من هذا الطعن على أهل السنة في ذلك العصر
لإثباتهم كلام الله على حقيقته ولإثباتهم الحرف والصوت في كلام الله،
وأنقل لكم بعض طعونه :
أ –((والحشوية
والمشبهة الذين يشبهون الله بخلقه ضربان أحدهما لا يتحاشى من إظهار الحشو
(ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون) والآخر يتستر بمذهب السلف
لسحت يأكله أو حطام يأخذه)) الطبقات(8/222)
ب-
((فما الفرق بين مجادلة الحشوية وغيرهم من أهل البدع ! ولا خبث في الضمائر
وسوء اعتقاد في السرائر … وإذا سئل أحدهم عن مسألة من الحشو أمر بالسكوت
عن ذلك وإذا سئل عن غير الحشو من البدع أجاب فيه بالحق ولولا ما انطوى
عليه باطنه من التجسيم والتشبيه لأجاب في مسائل الحشو بالتوحيد والتنزيه
لوم تزل هذه الطائفة المبتدعة قد ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا (كلما
أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب
المفسدين) لا تلوح لهم فرصة إلا طاروا إليها ولا فتنة إلا أكبوا
عليها))الطبقات(2/223).
ت –((وإنما أتي القوم من قبل جهلهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسخافة العقل وبلادة الذهن)) الطبقات(8/226).
ث-
ويقول : ((والكلام في مثل هذا يطول ولولا ما وجب على العلماء من اعزاز
الدين وإخمال المبتدعين وما طولت به الحشوية ألسنتهم في هذا الزمان من
الطعن في أعراض الموحدين والإزراء على كلام المنزهين)) الطبقات (8/226).
ج- ((وبدعة الحشوية كامنة خفية لا يتمكنون من المجاهرة بها بل يدسونها على
الجهلة العوام وقد جهروا بها في هذا الأوان فنسأل الله تعالى أن يعجل
بإخمالها كعادته ويقضي بإذلالها على ما سبق من سنته)).
ح
- بل إنه يدعوا السلطان إلى تعزير أهل السنة وتبديعهم فيقول: ((الذي
نعتقده في السلطان أنه إذا ظهر له الحق يرجع إليه وانه يعاقب من موّه
الباطل عليه وهو أولى الناس بموافقة والده السلطان الملك العادل تغمده
الله برحمته ورضوانه فإنه عزر جماعة من أعيان الحنابلة المبتدعة تعزيراً
بليغاً رادعاً وبدّع بهم وأهانهم)) الطبقات (8/230)
(4)
كون العز بن عبدالسلام السبب في انقلاب الملك الأشرف إلى المذهب الأشعري،
وسبب في إذلال الملك الكامل لأهل السنة. نعوذ بالله من ذلك. الطبقات
(2/238-239)
(5) العز بن عبدالسلام هو
من قسم البدعة إلى خمسة أقسام وانتشر ذلك عنه ونقله عنه تلميذه القرافي
فلا تذكر هذه المسألة وإلا ويذكر العز كما ذكر ذلك العلامة الشاطبي في
كتابه الاعتصام ورد عليهما .
(6) أما
عن موقفه تجاه الحكام في عصره فأكثره أولا يحتاج إلى إثبات عنه ، ولعل
القارئ يستشف من تأليبه للحكام على أهل السنة الحنابلة - رحمهم الله - أن
هناك علاقة وطيدة بينه وبين الحكام ، وأن ما يذكر من صولته على الحكام
والحراج عليهم في الأسواق لا يبعد أن يكون من أساطير وأكاذيب الصوفية ،
فهم قد ملأوا كتبهم بالأكاذيب والترهات.
وأخيرا
أقول لم نرد أن نتكلم عن العز بن عبدالسلام وأن نذكر ما يعتقده ولكنهم هم
الذين اضطرونا إلى ذلك لما نرى من الغلو فيه ، والله المستعان.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24479
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: ترجمة العز بن عبد السلام قدس الله سره
بربي تنخرج عالموضوع
عندي سؤال ليا برشة نلوج على جواب وبصراحة فرصة بوجود أبى حيدر واسماعيل تنسأله ..
ما معنى قدّس الله سره وما أصلها
رد: ترجمة العز بن عبد السلام قدس الله سره
نقول والله المستعان أن كلمة قدس الله روحه أي طهر الله روحه وهو أمر جائز وقد استعمله أهل العلم كابن القيم رحمه الله وخاصة عندما يذكر شيخه شيخ الاسلام ابن تيمية .مؤانسة خاصة جدا كتب:
بربي تنخرج عالموضوع
عندي سؤال ليا برشة نلوج على جواب وبصراحة فرصة بوجود أبى حيدر واسماعيل تنسأله ..
ما معنى قدّس الله سره وما أصلها
أما كلمة قدس الله سرّه فمخترعة ولا فائدة في زيادة التوضيح والله المستعان .
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24479
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: ترجمة العز بن عبد السلام قدس الله سره
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وأهله وأصحابه
بارك الله فيك أخونا الأستاذ إسماعيل الطيب علي هذه الترجمة القيمة و حقيقة قد أجمع علماء الأمة، قديماً وحديثاً بفضله وعلمه ومواقفه فقد قال:
1- سيدي أبي الحسن الشاذلي: قيل لي: "ما على وجه الأرض مجلسٌ في الفقه أبهى من مجلس عز الدين بن عبد السلام" وكفى بها شهادة من إمام التصوف الأعظم.
2- الحافظ المنذري: "كنا نفتي قبل حضور الشيخ عز الدين، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين فيه"
3- العلامة ابن الحاجب: "ابن عبد السلام أفقه من الغزالي"
أما معنى قدس الله سره:
القُدْسُ: تَنْزِيْهُ اللَّهِ عًزّ وجلَّ، وهو القُدُّوْسُ ، المُقَدَّسُ: المُطَهَّرُ.
والقُدْسُ: البَرَكة. المحيط في اللغة - (ج 1 / ص 447- ص 448)
والتَقْدِيس يعني التَّطْهِير والتَّبْريك ، وتَقَدَّس أَي تطهَّر
واولياء الله تعالى انما ينالون هذه الاسرار التي يمن الله بها عليهم من من خلال عباداتهم ومجاهداتهم وسلوكهم واخلاصهم كما قال تعالى :
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا و قال : وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ
فهذه العلوم و الأسرار هي هبات من لدن الله لخواص عباده
وعندما تقول : ( قدس الله سره) يعني : باركها الله وطهرها وهو من باب الدعاء .
وهذه فتوى في الشأن.
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وأهله وأصحابه
بارك الله فيك أخونا الأستاذ إسماعيل الطيب علي هذه الترجمة القيمة و حقيقة قد أجمع علماء الأمة، قديماً وحديثاً بفضله وعلمه ومواقفه فقد قال:
1- سيدي أبي الحسن الشاذلي: قيل لي: "ما على وجه الأرض مجلسٌ في الفقه أبهى من مجلس عز الدين بن عبد السلام" وكفى بها شهادة من إمام التصوف الأعظم.
2- الحافظ المنذري: "كنا نفتي قبل حضور الشيخ عز الدين، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين فيه"
3- العلامة ابن الحاجب: "ابن عبد السلام أفقه من الغزالي"
أما معنى قدس الله سره:
القُدْسُ: تَنْزِيْهُ اللَّهِ عًزّ وجلَّ، وهو القُدُّوْسُ ، المُقَدَّسُ: المُطَهَّرُ.
والقُدْسُ: البَرَكة. المحيط في اللغة - (ج 1 / ص 447- ص 448)
والتَقْدِيس يعني التَّطْهِير والتَّبْريك ، وتَقَدَّس أَي تطهَّر
واولياء الله تعالى انما ينالون هذه الاسرار التي يمن الله بها عليهم من من خلال عباداتهم ومجاهداتهم وسلوكهم واخلاصهم كما قال تعالى :
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا و قال : وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ
فهذه العلوم و الأسرار هي هبات من لدن الله لخواص عباده
وعندما تقول : ( قدس الله سره) يعني : باركها الله وطهرها وهو من باب الدعاء .
وهذه فتوى في الشأن.
رقـم الفتوى : 96758
عنوان الفتوى : حكم إطلاق (قدس الله سره) على عالم ما
تاريخ الفتوى : 21 جمادي الأولى 1428 / 07-06-2007
السؤال
هل ما يطلقه بعض الدعاة في دمشق على العلماء بالعالم الفلاني قدس الله سره، فهل يجوز إطلاق هذه الألقاب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التقديس في اللغة معناه التبريك والتطهير، قال في لسان العرب: لا قدسه الله، أي: لا بارك عليه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها الحق من قويها غير متعتع. وفي رواية: لا قدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها حقه من شديدها ولا يتعتعه. رواه الطبراني وصححه الألباني.
وعلى هذا فلا مانع شرعاً من الدعاء لشخص أو جماعة بهذا الدعاء: قدس الله سره أو قدس الله روحه.. ونور ضريحه.. وقد درج على هذه الألفاظ جماعة من أهل العلم كالسيوطي في شرح سنن ابن ماجه وابن القيم في كثير من كتبه.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى