مذهب الصحابة في الصفات
صفحة 1 من اصل 1
مذهب الصحابة في الصفات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
للفائدة أنقل لكم من إحدى المنتديات سؤال في العقائد يوضّح مذهب الصحابة في الصفات حري بكل مسلم أن يفهم فهمهم رضي الله عنهم...
السؤال:
أخي الأزهري جئتكم لأسألكم بعض الأسئلة وأتعلم منكم -فقط-:
أولا: اختلف أهل الإسلام في صفات رب العالمين (الخبرية خاصة)، فمنهم من
قال نؤمن بظاهرها ولا نؤولها ونفوض كيفيتها فقط، ومنهم من قال نفوض
كيفيتها ومعناها، وقال آخرون نؤولها ولا نؤمن بظاهرها....الخ
ما هو مذهب الصحابة رضي الله عنهم؟
هل هو التفويض وما هو دليلكم؟
فالصحابة رضي الله عنهم سمعوا هذه الأحاديث والآيات وسكتوا عنها، والأصل
أنها نزلت بلغتهم والسكوت يعني الإيمان بها كما هي من غير تؤويل وتفويض
(بلا معنى) ؟ وصوبوني إن أخطأت بارك الله فيكم..
إذا كان الإيمان بظاهر هذه الآيات والأخبار يؤدي إلى التجسيم أو الكفر
فلماذا لم يحذرهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخذ بظاهرها من
غير تفويض أو تأويل ؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
أضرب لك مثالا:
ورد في الكتاب والسنة إطلاق (بيت الله) على الكعبة، وظاهر هذا اللفظ يوهم
أن الله حال في الكعبة، خصوصا إذا سمعه صبي أو من هو كالصبي، ومع هذا فما
احتاج النبي إلى تجنب هذا اللفظ العربي الفصيح ولا احتاج أيضا إلى تأويل
هذا اللفظ للصحابة، وما احتاج الصحابة إلى السؤال عنه ولا احتاجوا إلى
تأويله للتابعين، والسبب في عدم حاجتهم هو فصاحتهم وفهمهم الصحيح لمعاني
هذه الألفاظ وكونهم أرباب البلاغة واللسان ومن أسباب استغنائهم عن التأويل
ما استقر في أنفسهم من أن الله تعالى شأنه عظيم لا يحويه مكان ولا يحده
زمان وأن ما تصوره الوهم فالله أعلى وأجل منه، ولأن النبي علمهم (ليس
كمثله شيء وهو السميع البصير) فصارت قاعدة ينتفي بها كل ظاهر لا يليق
بالله، ولهذا لم يخش النبي صلى الله عليه وسلم من تشريع الطواف حول الكعبة
ومن تقبيل الحجر الأسود أن يشرك الناس بربهم الكعبة والحجر، فإنهم يفهمون
أنهم بطوافهم لا يعبدون حجارة الكعبة ولا الحجر الأسود، وكما لم يخش النبي
عليهم من هذا لم يخش كذلك من خطابهم بأنواع الاستعارات والمجازات
والتشبيهات البلاغية اعتمادا على ما رسخ في نفوسهم من التوحيد وما تعلموه
من التقديس، وكيف لا وهم من كسر وهشم الأجسام التي كانت تعبد من دون الله،
تلك الجسام التي كانت آلهة لهم في الجاهلية والتي كانت مصفوفة حول الكعبة
وداخلها، فهم ما حطموها إلا بعد أن تحطم التجسيم في قلوبهم، ولا شك أنهم
أدركوا أن أمر الله وشأنه أعظم من أن يكون جسما حالا في الكعبة أو بجواره
.. هذا ومع أننا ـ وأنا وأنت ـ نجزم أن الصحابة لا يفهمون من (بيت الله)
حلولا ولا تجسيما بل نجزم أنهم يفهمون من (بيت الله) أن إضافة البيت إليه
هي إضافة تشريف لا إضافة صفة إلى موصوف، وأنهم لا يقولون بالحلول وأن ظاهر
هذا اللفظ لا يشكل خطرا عليهم، وقس على ذلك سائر الظواهر الموهمة، فهذا
أنا وأنت متأكدون منه جازمون به جازمون أنهم يفهمون منه معنى صحيحا لائقا
بالله مع أننا لو بحثنا عن كلامهم في تفسير هذا ونقبنا عن تأويل له بهذا
المعنى الذي فهمناه نحن وجزمنا بفهمهم له كفهمنا فلو بحثنا عنه لم نجده في
القرآن ولا في السنة ولا في الآثار المروية عن السلف، ومع عدم وجدنا لا
نشك أن هذا هو فهمهم وأن الكل متفق على أنهم كذلك يفهمون، وذلك للقواعد
المتقدمة .. فمن جاء بعدهم من الخلف لم يزد على أن أظهر ذلك المعنى الصحيح
الذي فهموه لمزيد الحاجة إليه بسبب انهيار اللغة وضعفها الشديد ودخول
العجمة واللحون في اللغة بسبب دخول غير العرب في الإسلام أفواجا واختلاف
لغتهم ومفاهيمهم عن المفاهيم العربية وبسبب ظهور بدعة القول بالظاهر التي
لم تظهر في عهد الصحابة ولا التابعين .. ولو عاش الصحابة حتى رأوا ما ظهر
وشاهدوا بدعة القول بالظاهر لأبرزوا المعاني اللائقة ولتفننوا في التأويل
وبيان ما في تلك الظواهر من البلاغة أيما تفنن وهم أربابه .. ومع هذا فقد
ورد التأويل عنهم لبعض الألفاظ على ندرة وقلة وقد تبين من خلال هذه
الأمثلة القليلة أنهم لا يختلفون في مفاهيمهم عن الخلف سوى أنهم ما كانوا
مضطرين إلى التأويل كاضطرار من بعدهم ولا كانوا يتصورون أن يظهر من يزعم
أن الله يفنى كله ويبقى وجهه أخذا بظاهر (كل شيء هالك إلا وجهه) كما قال
بيان بن سمعان الزنديق، ولا دار في خلدهم أن يظهر من يحمل (الجنب) في قوله
تعالى (يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله) على أنه صفة من صفات الله!! ولا
توهموا أن يجيء من يزعم أن الهرولة في قوله صلى الله عليه والسلم عن ربه
في الحديث القدسي (ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) هي صفة وهي على الظاهر،
ومع هذا فقد جاء عن بعض السلف تأويل لهذا اللفظ يؤكد أنهم والخلف شيء واحد
في المفاهيم ففي جامع الترمذي معزوا إلى الأعمش وإلى السلف أن معنى
الهرولة هنا أن العبد إذا تقرب إلي بالطاعة فأنا أقرب إليه بالمغفرة
والرحمة. فهذا التأول كان معروفا لدى السلف وإنما كثر جنسه لدى الخلف
لحاجتهم وما زاد الخلف على أن أبرزوا ما فهمه السلف وما علموه ولكنهم
سكتوا عنه لعدم حاجتهم إليهم وإنما نقلت عنهم تأويلات قليلة وردت استطرادا
في كلامهم ولو نبغ في عصرهم أولئك الظاهريون لفعل بهم السلف الأفاعيل
ولفاقوا الخلف في تبيين المعاني بضروب من الكلام وصنوف من البلاغة ..
فالحاصل أن التأويل والسكوت عن التأويل كله وارد عن السلف، ولا يظن بهم
أنهم لم يعلموا معاني هذه الألفاظ ك(بيت الله) و(الهرولة) ونحوهما وما
اشتملت عليه من ضروب البلاغة، والله الموفق.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16432
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
مواضيع مماثلة
» رجوع الإمام الباقلاني عن تأويل الصفات إلى مذهب السلف
» لص يتمسك بأصول مذهب أهل السنة
» ما هى أجمل الصفات........
» الصفات الاربع لاهل الجنة
» الصفات النفسية للخوارج - الدواعش وأمثالهم
» لص يتمسك بأصول مذهب أهل السنة
» ما هى أجمل الصفات........
» الصفات الاربع لاهل الجنة
» الصفات النفسية للخوارج - الدواعش وأمثالهم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى