الغيــــــــــــرة: تعريفها وما يُحمَد منها وما يُذَم
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الغيــــــــــــرة: تعريفها وما يُحمَد منها وما يُذَم
لغة: الغيرة المصدر من قولك غار الرجل على أهله.
قال ابن سيده: وغار الرجل على امرأته، والمرأة على بعلها تغار غيرة وغيراً، وغاراً وغياراً (1) ويفصل ابن منظور القول فى الصيغ والاشتقاقات، ويحكى من النثر والشعر ما يؤدى المعنى يقول: وهى الحمية والأنفة....... والعرب تقول: أغير من الحمى، أى أنها تلازم المحموم ملازمة الغيور لبعلها (2).
واصطلاحا: الغيرة ثوران الغضب حمية علّى أكرم الحرم، وأكثر ما تراعى النساء.
وفى أدبيات الفضائل العربية والإسلامية تذكر الغيرة على أنها خلق فطرى كثر فى العرب، وربط بينه وبين الجوار، واتسع نطاقه ليشمل كل حرمة يأنف المسلم أن تمس.
وجعل الله سبحانه هذه القوة فى الإنسان سببا لصيانة الماء وحفظا للإنسان، ولذلك قيل: كل أمة وضعت الغيرة فى رجالها وضعت العفة فى نسائها.
وقد يستعمل ذلك فى صيانة كل ما يلزم الإنسان صيانته فى السياسات الثلاث التى هى سياسة الرجل نفسه، سياسة منزله وأهله، وسياسته مدينته وضيعته، ولذلك قيل: ليست الغيرة ذب الرجل عن امرأته ولكن ذبه عن كل مختص به... فقد كثرت فى العرب خاصة أن من دخل دار أحدهم والتجأ إلى فنائه ولو كان عدوا فله حرمة وجوار وذمار(3).
لم يرد فى القرآن لفظ الغيرة وإنما جاء فى القرآن لفظ "الحمية" وفى سياق يدل علّى أنه غيرة يبغضها الله سبحانه، لأنها غضب من أجل باطل، ونعرة كاذبة، لذا وصفت بأنها "حمية الجاهلية" }إذ جعل الذين كفروا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية{ (الفتح 26).
ذلك أن قريشا فى صلح الحديبية رفضت أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم، وأن يكتب محمد رسول الله فحين قال النبى (صلى الله عليه وسلم) لعلى بن أبى طالب: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. قال سهيل بن عمرو: لا ندرى بسم الله الرحمن الرحيم. اكتب: بسمك اللهم. وحين قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) لعلى اكتب: (محمد رسول الله، قال سهيل: لو نعلم أنك رسول الله لا تبعناك وقال اكتب اسمك واسم أبيك، فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) اكتب: من محمد بن عبد الله) (4).
أما السنة الصحيحة فقد ورد فيها لفظ "الغيرة" بصيغ مختلّفة، وفى سياقات متعددة، نشير إليها فيما يلى:
1- غيرة فطرية: غيرة الرجال على النساء، إذ يقول سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتى لضربته بالسيف غير مصفح، فيقول النبى (صلى الله عليه وسلم): }أتعجبون من غيره سعد؟ لأنا أغير منه والله أغير منى{ (5). ومثله الحديث عن على رضى الله عنه: }ألا تستحيون أو تغارون فإنه بلغنى أن نساءكم يخرجن فى الأسواق يزاحمن العلوج {(6).
غيرة النساء على الرجال، وقد غارت عائشة رضى الله عنها على النبى (صلى الله عليه وسلم) حين سألها النبى:
( أغرت يا عائشة؟ قالت: وما لى ألا يغار مثلى على مثلك؟ فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) أفأخذك شيطانك؟) .. الحديث (7).
غيرة المرأة على المرأة ضرتها، وقد غارت عائشة t من ذكر الرسول (صلى الله عليه وسلم) لخديجة بعد وفاتها (8.
وهذه كلها غيرة فطرية ومحمودة شريطة ألا تخرج عن حد الاعتدال كى لا تكون عدوانا على حقوق الآخرين.
2- غيرة دينية وأخلاقية تكتسب بالتربية وقد ربطت السنة بين غيرة المؤمن وغيرة الله تعالى: (إن الله يغار وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتى المؤمن ما حرم عليه) (9).
والتربية تعنى بها أن المؤمن يغار إذا انتهكت حرمات الله ، وهذا لا يكون إلا إذا رُبىّ على هذا، وعلم مقاصد الشريعة (الحفاظ على العقل- النسل- المال- الدين- العرض) وقد ذكرت السنة أن جزاء غيرة المؤمن فى الآخرة عظيم حيث جاءت بأنه قصر فى الجنة (10).
3- الغيرة منها ما يحمد ومنها ما يذم ولأن الغيرة حمية وغضب، فكان من اللائق بالمسلم أن يعلم الدوافع والغايات فإذا كانت الدوافع رعاية حق الله، والأهداف إزالة الريب، وتحقيق مقاصد الشرع كانت هى الغيرة التى يحبها الله، وإذا كانت غير ذلك كانت الغيرة التى يبغضها الله سبحانه "إن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغض الله... فأما الغيرة التى يحب الله فالغيرة فى ريبة، وأما الغيرة التى يبغض الله فالغيرة فى غير ريبة" (11).
بقى أن نشير إلى حقيقتين مهمتين:
الأولى أن التاريخ يحفظ للعرب والمسلمين مواقف كانت الغيرة فيها دفاعا عن الحق، أو حرصا على الكرامة، فغيرة عمرو بن كلثوم حين صاحت أمه واعمراه كانت فى موضعها، وغيرة الصحابة الكرام من أجل دين الله، وغيرة المعتصم حين استنجدت به المرأة المسلمة قائلة: وامعتصماه، وغيرة صلاح الدين من أجل تحرير القدس، وغيرة جنودنا من أجل تحرير سيناء، هذه كلها نماذج لها ولنظائرها فى التاريخ موقع معلم.
الثانية أن التربية على القيم الدينية والوطنية الحقة أساس صحيح لتكوين الغيرة المحمودة التى تصون المقدس من دين أو عرض أو مال أو وطن، والتى تقف عند حدود الشرع تضبط به البواعث وتحدد به الأهداف، وترشد السلوك كى لا تكون الغيرة نعرة أو حمية جاهلية.
أ. د/ أبو اليزيد العجمى
المراجع
1، 2- ابن منظور/ لسان العرب المجلد الخامس/ 41، 42 طبعة دار صادر. بيروت
3- الذريعة الى مكارم الشريعة / الراغب الأصفهانى/ 347. تحقيق أبو اليزيد العجمى/ الطبعة الثانية- دار الوفاء- مصر 07 4 1 هـ 1987 م.
4- أخرجه أحمد ورواه مسلم فى صحيحه.
5- البخارى/ كتاب النكاح. باب الغيرة- 107.
6- مسند أحمد/ 1/ 133المكتب الإسلامى
7- المسند/6/115 .
8 ـ صحيح مسلم- فضائل الصحابة / 2425.
9- صحيح مسلم/ 2761.
10- مسلم/ 2395.
11- مسند أحمد/ 5/ 445،446.
قال ابن سيده: وغار الرجل على امرأته، والمرأة على بعلها تغار غيرة وغيراً، وغاراً وغياراً (1) ويفصل ابن منظور القول فى الصيغ والاشتقاقات، ويحكى من النثر والشعر ما يؤدى المعنى يقول: وهى الحمية والأنفة....... والعرب تقول: أغير من الحمى، أى أنها تلازم المحموم ملازمة الغيور لبعلها (2).
واصطلاحا: الغيرة ثوران الغضب حمية علّى أكرم الحرم، وأكثر ما تراعى النساء.
وفى أدبيات الفضائل العربية والإسلامية تذكر الغيرة على أنها خلق فطرى كثر فى العرب، وربط بينه وبين الجوار، واتسع نطاقه ليشمل كل حرمة يأنف المسلم أن تمس.
وجعل الله سبحانه هذه القوة فى الإنسان سببا لصيانة الماء وحفظا للإنسان، ولذلك قيل: كل أمة وضعت الغيرة فى رجالها وضعت العفة فى نسائها.
وقد يستعمل ذلك فى صيانة كل ما يلزم الإنسان صيانته فى السياسات الثلاث التى هى سياسة الرجل نفسه، سياسة منزله وأهله، وسياسته مدينته وضيعته، ولذلك قيل: ليست الغيرة ذب الرجل عن امرأته ولكن ذبه عن كل مختص به... فقد كثرت فى العرب خاصة أن من دخل دار أحدهم والتجأ إلى فنائه ولو كان عدوا فله حرمة وجوار وذمار(3).
لم يرد فى القرآن لفظ الغيرة وإنما جاء فى القرآن لفظ "الحمية" وفى سياق يدل علّى أنه غيرة يبغضها الله سبحانه، لأنها غضب من أجل باطل، ونعرة كاذبة، لذا وصفت بأنها "حمية الجاهلية" }إذ جعل الذين كفروا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية{ (الفتح 26).
ذلك أن قريشا فى صلح الحديبية رفضت أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم، وأن يكتب محمد رسول الله فحين قال النبى (صلى الله عليه وسلم) لعلى بن أبى طالب: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. قال سهيل بن عمرو: لا ندرى بسم الله الرحمن الرحيم. اكتب: بسمك اللهم. وحين قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) لعلى اكتب: (محمد رسول الله، قال سهيل: لو نعلم أنك رسول الله لا تبعناك وقال اكتب اسمك واسم أبيك، فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) اكتب: من محمد بن عبد الله) (4).
أما السنة الصحيحة فقد ورد فيها لفظ "الغيرة" بصيغ مختلّفة، وفى سياقات متعددة، نشير إليها فيما يلى:
1- غيرة فطرية: غيرة الرجال على النساء، إذ يقول سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتى لضربته بالسيف غير مصفح، فيقول النبى (صلى الله عليه وسلم): }أتعجبون من غيره سعد؟ لأنا أغير منه والله أغير منى{ (5). ومثله الحديث عن على رضى الله عنه: }ألا تستحيون أو تغارون فإنه بلغنى أن نساءكم يخرجن فى الأسواق يزاحمن العلوج {(6).
غيرة النساء على الرجال، وقد غارت عائشة رضى الله عنها على النبى (صلى الله عليه وسلم) حين سألها النبى:
( أغرت يا عائشة؟ قالت: وما لى ألا يغار مثلى على مثلك؟ فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) أفأخذك شيطانك؟) .. الحديث (7).
غيرة المرأة على المرأة ضرتها، وقد غارت عائشة t من ذكر الرسول (صلى الله عليه وسلم) لخديجة بعد وفاتها (8.
وهذه كلها غيرة فطرية ومحمودة شريطة ألا تخرج عن حد الاعتدال كى لا تكون عدوانا على حقوق الآخرين.
2- غيرة دينية وأخلاقية تكتسب بالتربية وقد ربطت السنة بين غيرة المؤمن وغيرة الله تعالى: (إن الله يغار وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتى المؤمن ما حرم عليه) (9).
والتربية تعنى بها أن المؤمن يغار إذا انتهكت حرمات الله ، وهذا لا يكون إلا إذا رُبىّ على هذا، وعلم مقاصد الشريعة (الحفاظ على العقل- النسل- المال- الدين- العرض) وقد ذكرت السنة أن جزاء غيرة المؤمن فى الآخرة عظيم حيث جاءت بأنه قصر فى الجنة (10).
3- الغيرة منها ما يحمد ومنها ما يذم ولأن الغيرة حمية وغضب، فكان من اللائق بالمسلم أن يعلم الدوافع والغايات فإذا كانت الدوافع رعاية حق الله، والأهداف إزالة الريب، وتحقيق مقاصد الشرع كانت هى الغيرة التى يحبها الله، وإذا كانت غير ذلك كانت الغيرة التى يبغضها الله سبحانه "إن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغض الله... فأما الغيرة التى يحب الله فالغيرة فى ريبة، وأما الغيرة التى يبغض الله فالغيرة فى غير ريبة" (11).
بقى أن نشير إلى حقيقتين مهمتين:
الأولى أن التاريخ يحفظ للعرب والمسلمين مواقف كانت الغيرة فيها دفاعا عن الحق، أو حرصا على الكرامة، فغيرة عمرو بن كلثوم حين صاحت أمه واعمراه كانت فى موضعها، وغيرة الصحابة الكرام من أجل دين الله، وغيرة المعتصم حين استنجدت به المرأة المسلمة قائلة: وامعتصماه، وغيرة صلاح الدين من أجل تحرير القدس، وغيرة جنودنا من أجل تحرير سيناء، هذه كلها نماذج لها ولنظائرها فى التاريخ موقع معلم.
الثانية أن التربية على القيم الدينية والوطنية الحقة أساس صحيح لتكوين الغيرة المحمودة التى تصون المقدس من دين أو عرض أو مال أو وطن، والتى تقف عند حدود الشرع تضبط به البواعث وتحدد به الأهداف، وترشد السلوك كى لا تكون الغيرة نعرة أو حمية جاهلية.
أ. د/ أبو اليزيد العجمى
المراجع
1، 2- ابن منظور/ لسان العرب المجلد الخامس/ 41، 42 طبعة دار صادر. بيروت
3- الذريعة الى مكارم الشريعة / الراغب الأصفهانى/ 347. تحقيق أبو اليزيد العجمى/ الطبعة الثانية- دار الوفاء- مصر 07 4 1 هـ 1987 م.
4- أخرجه أحمد ورواه مسلم فى صحيحه.
5- البخارى/ كتاب النكاح. باب الغيرة- 107.
6- مسند أحمد/ 1/ 133المكتب الإسلامى
7- المسند/6/115 .
8 ـ صحيح مسلم- فضائل الصحابة / 2425.
9- صحيح مسلم/ 2761.
10- مسلم/ 2395.
11- مسند أحمد/ 5/ 445،446.
Shaker-
- عدد المساهمات : 295
العمر : 44
نقاط تحت التجربة : 12167
تاريخ التسجيل : 20/11/2008
bi-
- عدد المساهمات : 46
نقاط تحت التجربة : 12261
تاريخ التسجيل : 11/02/2008
مواضيع مماثلة
» فرق منحرفة يجب التحذير منها
» أقوال يجب الحذر منها
» قصه تقشعر منها الجلود
» احذر من هذه الرسالة قد تصبح كا فر منها!!!
» قصة مــوثــرة ستبكي عيناكـ منها ....
» أقوال يجب الحذر منها
» قصه تقشعر منها الجلود
» احذر من هذه الرسالة قد تصبح كا فر منها!!!
» قصة مــوثــرة ستبكي عيناكـ منها ....
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى