نعم.. يوسف هم بها !!!
صفحة 1 من اصل 1
نعم.. يوسف هم بها !!!
لقد كانت المراودة التي قامت بها إمرأة العزيز ليوسف ترسم للأجيال المثال الحي والواقع المشاهد والمألوف لما يجري من دعارة وترف ولهو ومجون في قصور القادة والحكام وهذا هو دأب الذين يعيشون في الترف والبعد عن طريق الله تعالى، تجدهم دائماً يبحثون عن الملذات العاجلة وهذه حالة متكررة على مر العصور والقرآن الكريم عندما يسرد لنا أحد الأمثلة التي تتجسد في واقع القصة القرآنية لا يعني أن الهدف من تلك القصة هو التسلية وإنما يضع أيدينا على ما يجري في نوادي المترفين وقصورهم، والتأريخ يحفل بمواقف كثيرة ومتكررة من هذا النوع، وإذا أردنا أن نبدأ الحديث في الموقف المثير الذي كان من بطولة زليخة وما بدا منها من مراودة يوسف كما قال تعالى: (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك) يوسف 23.
فإن هذه الآية الكريمة تجعلنا نعيش أجواء المشهد النهائي الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من ساعة الصفر التي كانت تعد لها العدة بعد عجزها في إغراء يوسف، لأن المراودة تعني الأمر المكرر الذي لا يكون في دفعة واحدة فقط، وإنما أمر يتضمن مغريات كثيرة بين الترغيب والترهيب، وعند نفاد ذخيرتها شرعت في غلق الأبواب. كيف لا وهي إمرأة السيد المطاع الذي لا حول ولا قوة لأحد إلا به والرعية قائمة له قبلة، كيف لا وهي سيدة القصر الأولى التي لا راد لأمرها، ولا معترض لفعلها حتى وإن كان العزيز نفسه.
وإلا كيف تتظاهر أمام النسوة بتهديد يوسف بالسجن أو ليكون من الصاغرين، حسب تعبيرها.
ومن الطبيعي فإن مرحلة غلق الأبواب لا بد أن تسبقها مقدمات أخرى، إلا أن الله تعالى قد أخفاها لئلا يكون التشهير جهاراً وذلك لأن أسلوب القرآن لا يعتمد التشهير، فهو تعالى لم يقل في هذا الموقف [وراودته إمرأة العزيز] بل قال (وراودته التي هو في بيتها). إذاً هذه هي اللحظات الأخيرة التي وصلت المرأة إليها والتي تمثلت في دعوة يوسف علانية بعد أن عجزت في تلميحها له، وعند العجز في التلميح فاللجوء إلى التصريح لا بد منه.
وهذه هي المحطة الأخيرة التي إستعملت فيها ماتبقى من أسلحة لديها وهذه هي اللحظات الحاسمة التي يكون فيها الجسد هو السيد المطاع، حيث لا سلطان إلا سلطان الغريزة والهيجان فأصبحت المرأة لا ترى أمامها إلا خضوع يوسف والإجابة المنتظرة التي عملت لأجلها طيلة الوقت الذي قدمت لأجله ما تبقى لديها من حياء وعفة بريئة ودلت على ما أرادت من فعل بقولها [هيت لك].
هذا هو المشهد الأخير الذي لابد أن يكون مسبوقاً بمشاهد أخرى أقل شأناً كما يتضح من السياق حتى وصلت حالتها إلى عدم التمكن والصمود أمام الغريزة الجسدية. فتلك المرأة التي سادت الرعية في القصر والتي إئتمر الجميع لأمرها أصبحت أسيرة الأوامر التي يفرضها الجسد عليها. حتى أرادت أن تجعل ذلك الفتى الساحر الذي وصف جماله بالملائكي تحت تصرفها فما كان منه (عليه السلام) إلا أن قال كما نقل القرآن لنا ذلك: (قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون) يوسف 23. فهذا هو الفرق بين الرذيلة والفضيلة، وكيف أنها أصبحت لا تراعي في بعلها حق الزوجية والأمانة التي إئتمنها عليها في السلطة والجاه، بينما نجد يوسف يتذكر كيف أن الله تعالى أحسن مثواه ونجاه من كيد إخوته ومكرهم به ورميهم إياه في الجب إلى أن وصل إلى ما وصل إليه في هذا المثوى الذي سرعان ما ينسى من قبل المتطفلين حين تسلطهم على الآخرين، وكيف أن الإنسان سرعان ما يرمي تأريخه وراء ظهره لمجرد توليه شأناً من شؤون الحياة.
وهذا الرد الذي قابلها به يوسف كان مصحوباً بسرد آلاء الله ونعمه عليه ولكن القرآن الكريم إختصر ذلك في جملة قصيرة أشار يوسف فيها للمرأة إشارة الناصح الأمين بقوله [إنه لا يفلح الظالمون]. أي الذين يسرفون في الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولكن تلك المرأة كانت لا تسمع ولا ترى إلا تنفيذ الرغبة التي أصبحت أسيرة لها، وهنا بدأ الهم يدفعها إلى المرحلة الخطيرة في حياة النساء اللائي يصلن إلى الواقعة التي لا بد منها كما قال تعالى: (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) يوسف 24.
وفي هذه الآية الكريمة ذهب جمع كبير من المفسرين إلى الكم الهائل من الأساطير التي تصور الموقف بصورة مليئة بالأحداث الغريبة والأساليب العجيبة فنجدهم بين رافض لما ينقل وبين مؤيد على إستحياء حتى أن البعض صور يوسف بأنه هائج ومندفع إلى أن ضربه جبريل فأخرج ماكان به من قوة عن طريق أصابعه وذهب آخرون إلى أن البرهان تصور له بصورة يعقوب عاض على أصابعه ويأمره بالإبتعاد عن فعل الجريمة حسب تعبيرهم.
وقال بعضهم ما كان من همه إنه دفعها أو أراد قتلها والكثير جداً من هذه الأساطير التي لا مسوغ لها ومن أراد الكثير فعليه بمطولات القوم لأن ما خفي أعظم، والذي يدقق في السياق القرآني يجد أن الصراع مع النفس الذي مر به يوسف صراع غريب في جميع أطواره ومراحله وكأن البرهان هو آخر ما يصل إليه المؤمن الذي يكابد النفس الأمارة بالسوء.
وهذا الرفض الذي أصر عليه يوسف هو الذي نستطيع أن نطلق عليه العصمة التي كانت ملاذه الأخير. والسؤال الذي يجب أن نقف عنده، هل أن يوسف هم بها كهمها به أم كان الهم من نوع آخر؟. ولأجل تقريب الصورة أضرب لك المثل التالي لأجل أن تكون أنت الحكم الذي يقرر النتائج، لو فرضنا أن هناك مجموعة من النساء اللاتي يمتلكن الجمال الخارق، وكن متزينات بزينة تجذب الناسك المتعبد كما يقال، وكان هناك مجموعة من الفتيان، وقامت إحدى النساء بعد أن وقع إختيارها على إثنين من أجمل الفتيان ودعت لنفسها كلاً منهما على إنفراد فالأول كان يرغب في الفعل إلا أن رغبته لا يصاحبها هيجان جنسي بل كان الخوف حليفه والفزع والخجل وكل هذه العوامل إجتمعت فيه مما جعله يفر من تلك المرأة دون أن يعمل ما يسوء ذكره.
ثم قامت نفس المرأة ودعت الفتى الثاني وكان هذا الفتى قمة في النشاط والحيوية والهيجان الجنسي الذي لا يقف في طريقه حائل، حيث لا خوف ولا خجل ولا جزع ولا فزع بل إندفاع وغريزة وهاجة تجرفه لذلك الفعل الذي هيئته له على طبق من نور، وكان صاحبنا هذا على أتم الإستعداد لذلك الفعل، إلا أنه في لحظة معينة إمتنع عن كل ذلك الإغراء وهو في قمة هيجانه وثورته التي يصارعها طيلة فترة تواجده مع تلك المرأة، وكان المانع هو العفة مع القدرة على الفعل. ففي هذه الحالة من هو الذي يكون قد نال الفضيلة الأول أم الثاني؟
إذا كان الأول فليس له فضيلة بسبب خوفه وجزعه وخجله. أما الثاني فهو الذي قد نال الفضيلة لتوفر أسباب القدرة على الفعل إلا أنه إمتنع ليرضي الله تعالى لا لأجل أن يرضي غريزته التي كانت حاضرة في ذلك المشهد.
وهذا المثال يصل بنا إلى أن الهم الذي صدر من يوسف (عليه السلام) كان أشبه ماكان عليه الفتى الثاني الذي رفض الفعل مع القدرة والهيجان الصارخ الذي ألم به، أما إذا أردنا أن ننفي الهم عن يوسف كما فعل بعضهم فإنه يصبح كالفتى الأول الذي لا فضيلة له. ولذلك أثبتنا الهم ليوسف لينال تلك الدرجة الرفيعة عند الله تعالى لأن البرهان قد حال بينه وبين الهيجان الذي حصل له وهذا البرهان هو مخافة الله تعالى مع القدرة على الفعل وإن شئت فقل العصمة.
فإن هذه الآية الكريمة تجعلنا نعيش أجواء المشهد النهائي الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من ساعة الصفر التي كانت تعد لها العدة بعد عجزها في إغراء يوسف، لأن المراودة تعني الأمر المكرر الذي لا يكون في دفعة واحدة فقط، وإنما أمر يتضمن مغريات كثيرة بين الترغيب والترهيب، وعند نفاد ذخيرتها شرعت في غلق الأبواب. كيف لا وهي إمرأة السيد المطاع الذي لا حول ولا قوة لأحد إلا به والرعية قائمة له قبلة، كيف لا وهي سيدة القصر الأولى التي لا راد لأمرها، ولا معترض لفعلها حتى وإن كان العزيز نفسه.
وإلا كيف تتظاهر أمام النسوة بتهديد يوسف بالسجن أو ليكون من الصاغرين، حسب تعبيرها.
ومن الطبيعي فإن مرحلة غلق الأبواب لا بد أن تسبقها مقدمات أخرى، إلا أن الله تعالى قد أخفاها لئلا يكون التشهير جهاراً وذلك لأن أسلوب القرآن لا يعتمد التشهير، فهو تعالى لم يقل في هذا الموقف [وراودته إمرأة العزيز] بل قال (وراودته التي هو في بيتها). إذاً هذه هي اللحظات الأخيرة التي وصلت المرأة إليها والتي تمثلت في دعوة يوسف علانية بعد أن عجزت في تلميحها له، وعند العجز في التلميح فاللجوء إلى التصريح لا بد منه.
وهذه هي المحطة الأخيرة التي إستعملت فيها ماتبقى من أسلحة لديها وهذه هي اللحظات الحاسمة التي يكون فيها الجسد هو السيد المطاع، حيث لا سلطان إلا سلطان الغريزة والهيجان فأصبحت المرأة لا ترى أمامها إلا خضوع يوسف والإجابة المنتظرة التي عملت لأجلها طيلة الوقت الذي قدمت لأجله ما تبقى لديها من حياء وعفة بريئة ودلت على ما أرادت من فعل بقولها [هيت لك].
هذا هو المشهد الأخير الذي لابد أن يكون مسبوقاً بمشاهد أخرى أقل شأناً كما يتضح من السياق حتى وصلت حالتها إلى عدم التمكن والصمود أمام الغريزة الجسدية. فتلك المرأة التي سادت الرعية في القصر والتي إئتمر الجميع لأمرها أصبحت أسيرة الأوامر التي يفرضها الجسد عليها. حتى أرادت أن تجعل ذلك الفتى الساحر الذي وصف جماله بالملائكي تحت تصرفها فما كان منه (عليه السلام) إلا أن قال كما نقل القرآن لنا ذلك: (قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون) يوسف 23. فهذا هو الفرق بين الرذيلة والفضيلة، وكيف أنها أصبحت لا تراعي في بعلها حق الزوجية والأمانة التي إئتمنها عليها في السلطة والجاه، بينما نجد يوسف يتذكر كيف أن الله تعالى أحسن مثواه ونجاه من كيد إخوته ومكرهم به ورميهم إياه في الجب إلى أن وصل إلى ما وصل إليه في هذا المثوى الذي سرعان ما ينسى من قبل المتطفلين حين تسلطهم على الآخرين، وكيف أن الإنسان سرعان ما يرمي تأريخه وراء ظهره لمجرد توليه شأناً من شؤون الحياة.
وهذا الرد الذي قابلها به يوسف كان مصحوباً بسرد آلاء الله ونعمه عليه ولكن القرآن الكريم إختصر ذلك في جملة قصيرة أشار يوسف فيها للمرأة إشارة الناصح الأمين بقوله [إنه لا يفلح الظالمون]. أي الذين يسرفون في الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولكن تلك المرأة كانت لا تسمع ولا ترى إلا تنفيذ الرغبة التي أصبحت أسيرة لها، وهنا بدأ الهم يدفعها إلى المرحلة الخطيرة في حياة النساء اللائي يصلن إلى الواقعة التي لا بد منها كما قال تعالى: (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) يوسف 24.
وفي هذه الآية الكريمة ذهب جمع كبير من المفسرين إلى الكم الهائل من الأساطير التي تصور الموقف بصورة مليئة بالأحداث الغريبة والأساليب العجيبة فنجدهم بين رافض لما ينقل وبين مؤيد على إستحياء حتى أن البعض صور يوسف بأنه هائج ومندفع إلى أن ضربه جبريل فأخرج ماكان به من قوة عن طريق أصابعه وذهب آخرون إلى أن البرهان تصور له بصورة يعقوب عاض على أصابعه ويأمره بالإبتعاد عن فعل الجريمة حسب تعبيرهم.
وقال بعضهم ما كان من همه إنه دفعها أو أراد قتلها والكثير جداً من هذه الأساطير التي لا مسوغ لها ومن أراد الكثير فعليه بمطولات القوم لأن ما خفي أعظم، والذي يدقق في السياق القرآني يجد أن الصراع مع النفس الذي مر به يوسف صراع غريب في جميع أطواره ومراحله وكأن البرهان هو آخر ما يصل إليه المؤمن الذي يكابد النفس الأمارة بالسوء.
وهذا الرفض الذي أصر عليه يوسف هو الذي نستطيع أن نطلق عليه العصمة التي كانت ملاذه الأخير. والسؤال الذي يجب أن نقف عنده، هل أن يوسف هم بها كهمها به أم كان الهم من نوع آخر؟. ولأجل تقريب الصورة أضرب لك المثل التالي لأجل أن تكون أنت الحكم الذي يقرر النتائج، لو فرضنا أن هناك مجموعة من النساء اللاتي يمتلكن الجمال الخارق، وكن متزينات بزينة تجذب الناسك المتعبد كما يقال، وكان هناك مجموعة من الفتيان، وقامت إحدى النساء بعد أن وقع إختيارها على إثنين من أجمل الفتيان ودعت لنفسها كلاً منهما على إنفراد فالأول كان يرغب في الفعل إلا أن رغبته لا يصاحبها هيجان جنسي بل كان الخوف حليفه والفزع والخجل وكل هذه العوامل إجتمعت فيه مما جعله يفر من تلك المرأة دون أن يعمل ما يسوء ذكره.
ثم قامت نفس المرأة ودعت الفتى الثاني وكان هذا الفتى قمة في النشاط والحيوية والهيجان الجنسي الذي لا يقف في طريقه حائل، حيث لا خوف ولا خجل ولا جزع ولا فزع بل إندفاع وغريزة وهاجة تجرفه لذلك الفعل الذي هيئته له على طبق من نور، وكان صاحبنا هذا على أتم الإستعداد لذلك الفعل، إلا أنه في لحظة معينة إمتنع عن كل ذلك الإغراء وهو في قمة هيجانه وثورته التي يصارعها طيلة فترة تواجده مع تلك المرأة، وكان المانع هو العفة مع القدرة على الفعل. ففي هذه الحالة من هو الذي يكون قد نال الفضيلة الأول أم الثاني؟
إذا كان الأول فليس له فضيلة بسبب خوفه وجزعه وخجله. أما الثاني فهو الذي قد نال الفضيلة لتوفر أسباب القدرة على الفعل إلا أنه إمتنع ليرضي الله تعالى لا لأجل أن يرضي غريزته التي كانت حاضرة في ذلك المشهد.
وهذا المثال يصل بنا إلى أن الهم الذي صدر من يوسف (عليه السلام) كان أشبه ماكان عليه الفتى الثاني الذي رفض الفعل مع القدرة والهيجان الصارخ الذي ألم به، أما إذا أردنا أن ننفي الهم عن يوسف كما فعل بعضهم فإنه يصبح كالفتى الأول الذي لا فضيلة له. ولذلك أثبتنا الهم ليوسف لينال تلك الدرجة الرفيعة عند الله تعالى لأن البرهان قد حال بينه وبين الهيجان الذي حصل له وهذا البرهان هو مخافة الله تعالى مع القدرة على الفعل وإن شئت فقل العصمة.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24477
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى