شهر صفر
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
شهر صفر
اليوم الاحد 17 جانفي 2010 هو الفاتح من شهر صفر 1431هجري
هناك من يتشاءم من شهر صفر
فما حكم هذا التشاؤم و ماهي الأسباب؟
هناك من يتشاءم من شهر صفر
فما حكم هذا التشاؤم و ماهي الأسباب؟
هِبة-
- عدد المساهمات : 1074
العمر : 39
نقاط تحت التجربة : 12568
تاريخ التسجيل : 25/05/2009
رد: شهر صفر
منقول
شهر صفر والتطير
أما بعد :
بعد أيام قلائل يطل علينا شهر هجري جديد ، شهر صفر ، نسأل الله أن يجعله شهرا مباركا ، مليئا بالخير واليمن والبركات ، وهو كما نعلم الشهر الثانى فى ترتيب الشهور فى العام الهجرى ، ويرتبط هذا الشهر فى أذهان الكثيرين ببعض البدع والمفاهيم الجاهلية ، التى لها تأثيرها الخطير على جناب التوحيد ، نسلط عليها ــ إن شاء الله ــ فى خطبتنا هذه بعض الأضواء لنحذر من الوقوع فيها.
ولقد صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة َ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ : " لاَ عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ "([1] )
يريد رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يوجه ويلفت نظر المؤمنين إلى أن هذه الأشياء ليست هي سبب النوازل والمصائب التي تنزل بالإنسان ؛ لأن الله سبحانه وتعالي ـ وهو الفعال لما يريد - يمتحن الناس بالنوا زل ، ويمتن عليهم بالشفاء والعفو والعافية .
وفي الأثر: " يوشك أن يَنْقُضَ عرى الإسلام عروةً عروة من لا يَعرف أفعال الجاهلية. " يســتفاد من هذا القول أن ضعف الفقه فى الدين وقلة الحصيلة من العلم الشرعى ، والإغترار بالعلم القليل ، يؤديان بالإنسان إلى الخروج عن الطريق المستقيم ، لأنه يعبد الله فى هذه الحال على جهل ، أو على الأقل بعواطف بلا علم ولا فقه ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنه سيقع حتما فى أعمال الجاهلية التى تتناقض وتعاليم الإسلام الحنيف.
ومن أفعال الجاهلية الباقية بين كثير من المسلمين ، والتي حذر منها حديث النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم السابق : " لاَ عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ " ، فقد اشتمل هذا الحديث على عـدة ألفاظ ، يجدر بنا أن نعرف معناها ، ومفهومها فى الجاهلية ، ثم ُنتبع ذلك بعرض لبعض مايتعلق بها ونراه فى حياتنا اليومية ، وسنقتصر اليوم ــ إن شاء الله تعالي ــ علي التطير وما يرتبط منه بشهر صفر في قوله صلي الله عليه وسلم " ... لا طِيَرَةَ ... "
التطير: أصله مأخوذ من الطير، وكان العرب في جاهليتهم يعتمدون على الطير ، ويتفاءلون ويتشاءمون به ، فإذا خرج أحدهم لأمر ما فإن رأى الطير طار يمنة تيمن به واستمر ، وإن رآه طار يسرة تشاءم به وحـزن ورجع من سفره أو حاجته ، وربما كان أحدهم يهيج الطير ليطير فيعتمدها ، فإن ذهب إلى الجهة التي فيها التيامن أقدم ، أو فيها التشاؤم أحجم.
وكانوا يسمون الطير: السانح والبارح ، فالسانح : ما ولاك ميامنه بأن يمر من يسارك إلى يمينك والبارح بالعكس ، وكانوا يتيمنون بالسانح ويتشاءمون بالبارح ، والواقع أنه ليس فى شيء من سنوح الطير وبروحها مايقتضى اعتقادهم هذا ، وإنما هو تكلف منهم لا أصل له ولا معول عليه ؛ إذ ليس في شيء من سنوح الطير وبروحها ما يقتضي ما اعتقدوه ؛ ولا نطق للطير ولاتمييز حتى يستدل بفعله على مضمون معنى فيه ، وطلب العلم من غير مظانه جهل من فاعله.
وكان أكثرهم يتطيرون ويعتمدون على ذلك ويصح معهم غالبا لتزيين الشيطان ذلك ، وبقيت من ذلك بقايا في كثير من المسلمين ، رغم أن بعض عقلاء الجاهلية كان ينكر التطير ويتمدح بتركه ، قال شاعر منهم :
الزجر والطير والكهان كلهم مضللون ودون الغيب أقفال ([2] )
ماهو المقصود بالتطير إذن ؟
التطيراصطلاحا هو التشاؤم - بمرئى - أو مسموع - أو معلوم :
التشاؤم بمرئى : مثل لو رأى طيرا فتشاءم لكونه موحشا.
التشاؤم بمسموع : مثل من هم فسمع أحدا يقول لآخر: يا خسران ، أو يا خائب ، فيتشاءم.
التشاؤم بمعلوم : كالتشاؤم ببعض الأيام أو بعض الشهور او بعض السنوات فهذه لا تُرى ولا تٌُسمع.
حكم الشرع فى التطير :
لو أنزلنا حكم الشرع على الطيرة نجد أنها محرمة لأسباب :
أولا : أن التطير ينافي التوحيد : ووجه منافاتة له من وجهين:
الوجـه الأول : أن المتطير قطع توكله على الله واعتمد على غير الله.
الوجــه الثاني : انه تعلق بأمر لا حقيقة له ، بل هو وهم وتخيل ، فليس ثمة رابطة بين هذا الأمر، وبين ما حصل له ، وهذا لا شك أنه يخل بالتوحيد، لأن التوحيد عبادة واسـتعانة ، قال عز وجل : " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " ( الفاتحة 5 ). وقال سبحانه وتعالي : " فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ " (هود من الآية 123)
والمتطير لا يخلو من حالين:
الأول : أن يحجم ويستجيب لهذه الطيرة ويدع العمل ، وهذا من اعظم التطير والتشاؤم
الثاني: أن يمضي لكن في قلق وهم وغـم يخشى من تاثير هذا المُتَطَيَّرِِ به ، وهذا وإن كان أهون ، إلا أن كلا الأمرين نقص في التوحيد ، وضرر على العبيد . بل انطلق إلى ما تريد بانشراح صدر واعتماد على الله عز وجل ، ولا تسيء الظن بالله عز وجل.
ثانيا : التطير فيه سوء الظن بالله عز وجل : ولقد نفى الإسلام الطيرة والتشـاؤملذلك ، ولما تعنيه من معارضة للتوكل والتسليم بقضاء الله ، ووضع الشرع بدلا منها الفأل الحسن.
روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم : " لا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ " قَاَلوا : وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ " ([3] ) وعلى ذلك فيجب على المسلم أن يحسـن الظن بالله في كل الأحوال ، وعدم الالتفات إلى مساقط الشيطان ووساوسه وشروره ، فيكون المؤمن واثقا من ربه مستبشرا ، ولا يكون منقبض الصدر ضيقه.
التحذير من الطــيرة :
1- ولقد حارب رسول اللة صلي الله عليه وسلمتلك الجاهليات ، وندد بها وبأصحابها بقوله فيما يرويه عنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " الطِّيَرَةُ شِرْكٌ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلاثًا وَمَا مِنَّا إِلا تطير وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ"( [4] ) وقوله " وَمَا مِنَّا إِلا " من كلام ابن مسعود أدرج في الخبر ( [5] )
فتوكل يا أخي على الحي الذي لا يموت، وسبح بحمده ؛ ليكون توكلك عليه سببا في جلب النفع أو منع الضرر، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، وما قدر فعل ، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه عز وجل
2- وقد نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يرجع الإنسان عن حاجته أو يعود من سفره أو يمتنع عن أداء عمله إذا تطير أو تشاءم ، فقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :
" مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ قَالَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ لا خَيْرَ إِلا خَيْرُكَ وَلا طَيْرَ إِلا طَيْرُكَ وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ" ( [6] )
مظاهر أخرى من التطير :
وكانوا يتطيرون بصوت الغراب ويسمونه " غراب البين ".
وكذا التشاؤم ببعض الطيور كالبومة وما شاكلها إذا صاحت قالوا إنها مخبرة بشـر ، أو أنها تنعى للسـامع نفسه أو أحدا من أهله .
وقد جاء الشرع برد كل ذلك وتفنيده. ومع هذا فإنه لا تزال هناك فى كثير من المسلمين بقايا من التطير ، وقد قيل : " ثلاثة لايسلم منهن أحد : الطيرة ، والظن ، والحسد ، فإذا تطيرت فلا ترجع ، وإذ حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقق" ( [7] ) وينبغى لمن وقع له شىء من ذلك ألا يعبأ به ، وألا يعول عليه ، وأن يتوكل على اللة ويسلم الأمرَ كلَّه إليه ، فإنه إن فعل ذلك أذهب الله عته تطيره ولم يؤاخذه بما عرض له منه.
أخي المسلم :
في عصرنا الحاضر يوجد من يتشاءم ببعض الأرقام والأيام والأسماء ، بل ومن يتشاءم لسماع آية من القرآن فيها تهديد أو وعيد. فأنت تجد بعض قراء القرآن عندما يقرأ يهجر بعض الآيات القرآنية. فمثلا إذا قرأ من سورة الُّزمَر نجد لا يقرأ قولَه سبحانه وتعالي: " وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً " ويقرأ قولَه سبحانه وتعالي : " وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً " ( [8] ) أو ليس كله كلام الله أيها الجاهلون ؟
ومن الأشياء التي لا تليق بالمسلم ، أنك ترى بعض المسلمين ممن لا خلاق لهم يستقسمون بالقرآن ، فهو يفتح المصحف ، ويضع يده على آية معينة ، فإذا كانت آية مبشرة استبشروا وأقدموا على أعمالهم ، وإن صادفوا آية منذرة تباطأوا وأحجموا عن أفعالهم .
اللهم إنك أنزلت القرآن هدى للمتقين فترك قوم الإهتداء به ، وحرموه على أنفسهم ، واكتفوا بما يدعون من الإيمان به والتعظيم له وعدم العمل.
ومما يقع من التطير في زماننا هذا أيضا : أن بعض الناس قد يترك حاجته ويعتقد عدم نجاحها، تشاؤما بسماع بعض الكلمات القبيحة مثل: يا هالك ، أو يا ممحوق ونحوها .
وكذلك التشاؤم بملاقاة الأعورأو الأعرج أو الشيخ الهرم أو العجوز الشمطاء ، فكثير من الناس إذا لقيه واحد من هؤلاء وهو ذاهب لحاجة صده ذلك عنها ورجع معتقدا عدم نجاحها ، وكثير من أهل البيع لا يبيح لمن هذه صفته إذا جاء أول النهار حتى يبيع لغيره تشاؤما به وكراهة له ، بل إن كثيرا منهم يعتقد أنه لا يناله في ذلك اليوم خير قط .
وكثير من الناس يتشاءم بما يحدث له هو في حال خروجه كما إذا عثر مثلا أو أصابه شيء عارض يرى أ نه لا يجد خيرا
ومن بقايا الجاهلية والتى مازالت عالقة مع البعض : التشـاؤم ببعض الأيام او بعض الساعات كالحادي والعثسرين من الشهر أوالتشاؤم بشهر صفر، حتى صار كثير من الناس يتجنب السفر في شهر صفر اقتباسا من حـذر الجاهلية السفر فيه خوفا من تعرض الأعداء ، بل ويجتنبون فيه ابتداء الأعمال خشية ان لا تكون مباركة.
ومن الناس من يعتقد أن يوم الأربعاء الأخير من صفر هو أنحس أيام العام ومن العجب أنهم ينسبون ذلك إلى الدين الذي أوصاهم بإبطال عقائد الجاهلية فتكون هذه النسـبة ضلالة مضاعفة ، إذ يستندون في ذلك إلى حديث موضوع يروى عنابن عباس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر " وقد نص الأئمة على أن هذا حديث موضوع. ( [9] )
وكذلك التشاؤم ببعض الجهات في بعض الساعات فلا يستقبلها في سفر ولا في غيره حتى تنقضي تلك الساعة أو الساعات ، إلى غير ذلك مما يقع فيه الكثير من الناس ممن يعتمدون في تصرفاتهم على قراءة "حظك اليوم " ، وهو من عمل المنجمين الكاذبين .
ومن باب التطير : الاستقسام بالأزلام ، وقد ورد ذلك في القرآن في موضعين:
الأول : قوله سبحانه وتعالي: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ " ( المائدة 3 )
الثاني : قوله عز وجل : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّـــيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " ( المائدة 90)
ولقد حرمها الإسلام ؛ لأنها من الخرافات والأوهام والضلالات التي لا تنفع بل تضر؛ لأنها تجعل الإنسان ضعيف الإيمان ضعيف العقل ، يفعل ما يفعل من غير بينة ولا بصيرة ، ويترك ما يترك من غير دليل أو فهم ، بل يصبح لعبة في يد الأوهام يتفاءل ويتشاءم بما لا أساس له من الشرع أو الدين أو العقل السليم.
وهذه الأعمال من التطير بانواعها ، كثير منها كان في الجاهلية فابطلها الإسلام بعد نبوة محمد صلي الله عليه وسلم فاعادها الشيطان في هذا الزماق أكثر مما كانت علية في الجاهلية ، وساعده على ذلك شياطين الإنس من الكهنة والمنجمين وأتياعهم .
نسال الله تعالى أن يردنا إلى دينه ردا جميلا.
*** *** ***
لما كان الإسلام قد نفى الطيرة والتشـاؤملما تعنيه من معارضة للتسليم بقضاء الله ، وقطع للتوكل على الله ، فقد أرشد إلي الدواء الناجع لهذا المرض ، ألا وهو الاستخارة التي تعني حق التوكل علي الله عز وجل ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الاُْمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ : " إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وعَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وعَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي به " قَالَ : وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ( [10] )
قوله : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ " أى يعلم أصحابه.
قوله : " فِي الأُمُورِ كُلِّهَا " هو عام أريد به الخصوص , فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما ، فانحصر الأمر في المباح وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه ، قلت : وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير ، وما كان زمنه موسعا وتتناول الإستخارة العظيم من الأمور والحقير ، فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم .
قوله : " كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ " قيل وجه التشبيه عموم الحاجة في الأمور كلها إلى الاستخارة كعموم الحاجة إلى القرآن في الصلاة ، فيه إشارة إلى الاعتناء التام البالغ بهذا الدعاء وهذه الصلاة.
فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير ، بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده وقويت فيه عزيمته وإرادته فإنه يصير إليه له ميل وحب فيخشى أن يخفى عنه وجه الأرشدية لغلبة ميله إليه ( [11] )
ومما يدل على اهتمام الصحابة بالإستخارة ، أنه لما توفى رسول الله صلي الله عليه وسلم احتار الصحابة فى دفنه ، أيدفنونه فى شـق أم فى لحد ؟ فما كان منهم إلا أن لجأوا لاستخارة ربهم حتى يرشدهم إلى ما فيه الخير والصواب.
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَلْحَدُ وَآخَرُ يَضْرَحُ فَقَالُوا نَسْتَخِيرُ رَبَّنَا وَنَبْعَثُ إِلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا سُبِقَ تَرَكْنَاهُ فَأُرْسِلَ إِلَيْهِمَا فَسَبَقَ صَاحِبُ اللَّحْدِ فَلَحَدُوا لِلنَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم " ([12] )
قوله : " نَسْـــتَخِيرُ رَبَّنَا " أي نطلب منه أن يرزق ما فيه الخــير " فَأَيُّهُمَا سُبِقَ تَرَكْنَاهُ " أى فيما يعرفه من اللحد أو الشـق ، والحديث يدل على أن اللحد خير من الشق لكونه الذي اختاره الله لنبيه وأن الشق جائز وإلا لمنع الذي كان يفعله. ( [13] )
نسال الله تعالى أن يردنا إلى دينه ردا جميلا ، وأن يجعلنا ممن يتوكلون عليه سبحانه حق التوكل ، وأن يقوي إيماننا ويقيننا به إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]البخارى حديث رقم 5316
[2]فتح الباري لابن حجر 16 ص 284 – 285 بتصرف
[3] البخارى حديث رقم 5313 ومسلم حديث رقم 4122
[4] أبو داود 3411
[5]فتح الباري لابن حجر 16 / 285
[6] مسند أحمد 6748
[7] فتح الباري لابن حجر 16 / 285 وهذا مرسل أو معضل ، لكن له شاهد
[8] الزمر 71 ، 73
[9]المناهي اللفظية ص ه 34
[10] صحيح البخارى 1096
[11] فتح البارى بشرح صحيح البخارى بتصرف
[12] مسند أحمد 11965 وسنن ابن ماجه 1546
[13] شرح سنن ابن ماجه للسندى[i]
jamel feriani-
- عدد المساهمات : 304
العمر : 45
المكان : قفصة
نقاط تحت التجربة : 11601
تاريخ التسجيل : 27/07/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى