قصة من الواقع
صفحة 1 من اصل 1
قصة من الواقع
لازلت أتذكّر تلك الأيام القاسية بحلوها ومرّها,حيث كنت شابّا يافعا أعزبا أقضّي الليالي الطوال واقفا لساعات دون أن أشتكي من تقلّبات الطقس وأمزجة المسافرين المتقلّبة أيضا حتى أُتمّ عملي فأنسى التعب وأقفل راجعا إلى المنزل الذي اكتريته وجعلته مكان راحتي وخلوتي في تلك القرية الصغيرة المحاذية للحدود البرية لدولة شقيقة والمعدومة من اي وسيلة ترفيه سوى المقاهي التي كنّا نتحاشاها( بحكم عملنا الحسّاس) حتى نتفادى الاحتكاك بمن قد يعتبروننا أعداءا لهم في اليوم التالي.
كانت الأيّام تمر سريعا رغم كآبة الاحساس,قد يعود ذلك لانعدام الروتين إذ تقابل في عملك دائما وجوها جديدة وطباعا مختلفة بين الذكيّ والأحمق,والحييّ والجريء والعفيف والطمّاع يعني جميع ألوان الطيف.
وكنا بحكم التعوّد نفرح للتعامل الحضاري لهذا ونصبر بحلم (اكتسبناه كرها)عن السفيه والكاذب وكل معدومي الأخلاق إلى أن تنتهي الحصة فأنزوي في مُعتكفي لأتابع شريطا مرئيا أو أنهي بعض الشؤون.
وفي اليوم المشهود أتاني زميلي وابن موطني مصحوبا بشاب تبدو عليه علامات الانكسار والذلّ اللذان لا أحبذ رؤيتها لدى اي كان وبادرني زميلي بطلب وألحّ فيه باستضافة هذا الرجل عندي لبعض الوقت:
- لقد قدم منذ يوم من سوريا وانقطع عن مواصلة الدراسة بسبب الحاجة وسيضطر للعمل مدة بين البلدين علّه يوفر مبلغا يمكنه من العيش والدراسة معا.وكما تعلم فأنا أسكن مع مجموعة ولا يمكنني تركه معي
- وهل تعرف الرجل؟
- طبعا هوابن حيّي بقفصة وأعرفه جيّدا كما أضمنه.
- سأفعل ذلك ليس من أجلك لكن لإحساسي بما يمرّ به وهو يخسر سنة دراسية كاملة بسبب الفقر.
وكان الأمر كذلك يأكل ويشرب وينام معي وقد بدّد وحدتي وأمتعني بالقصص والأحداث عن بلد يُعتبر مهدا للحضارات والتعامل الأخلاقي الرفيع لديهم.فتضطر للمقارنة بينها وبلدك ولا مجال للمقارنة:فحين تتعثر في أحدهم على الطريق عندهم يبادرك بالاعتذار رغم انك الفاعل.أما نحن فلا يسعك أن تتجوّل مع أفراد عائلتك دون سماع الكلام البذيء الذي يتفنّن البعض فيه بتعابير يندى لها الجبين.(وللأسف يستعملها البعض في المنتديات)..
كنت أجمع بعض المال كلما سنحت الفرصة لشراء لوازم الزفاف لاحقا’وأضعه في غرفتي الخاصة بالبيت’وكان بعض الأصحاب يأتون لنتسامر .وفي مساء أحد الأيام ذهبت كالعادة للعمل تاركا ثلاثة أشخاص في المنزل (لأول مرة)وذهني مشغول بالمبلغ الذي تركته .وعوض أن أعود في منتصف الليل‘استئذنت في مغادرة العمل قبل ساعتين من انتهاء نوبتي لأتفاجأ بمن تركتهم بالمنزل يستوقفون سيارة أجرة للذهاب للحدود.
عندها ازدادت شكوكي لتصل إلى درجة التأكد من كوني سُلبت من المال المؤمّن في البيت:كيف لا والثلاثي سيسافر وتتوزع التهم بينهم ؟
أمرتهم وبكل حزم للعودة معي للمنزل ممنّيا إياهم بنقلهم على سيارتي بعد تغيير ملابسي رغم تلكّؤ أحدهم.
وكانت الحقيقة المرّة:فٌقد المبلغ الذي طالما كان موجودا وأحسست بخيبة أمل فيمن استئمنتهم على بيتي من جهة ,ومرارة الضحك على ذقني من جهة أخرى.
جمعتهم حولي والشرر يتطاير من عينيّ لهول الخيانة وبادرتهم بسرد الجميل الذي عاملتهم به دون ان أطالبهم يوما بمقابله حتى قاطعني أحدهم:
- أَوَتمنُن علينا؟
- لم أكن لأمنّ عليكم لو لم تخدعوني.انتم أو أحدكم سرقني وخانني بكل جبن.ولن يخرج أيا منكم إلا بعد الحصول على مالي وإن اضطررت إلى اصطحابكم الى مركز الأمن,لكن قبل ذلك سأقترح عليكم حلا يحفظ للسارق ماء وجهه:سأنفرد بكل واحد منكم لمدة 5 دقائق يسلّمني فيها الجاني المبلغ وأعد بعدم ذكره للبقية,ماذا وإلا ففي المركز الموعد.
لم يتمالك أحدهم(وهو ليس محل الشبهة لدي)بإخفاء دموعه التي سبقت كلماته ليعلمني بهول ما سيتعرض له خاصة وان أباه مسؤولا كبيرا في الأمن.
وكان هذا الأخير أول الوالجين:طمأنته بكوني أعرف الفاعل ولاخوف عليك,المهم التزام الصمت وانتظار الخمس دقائق دون أن تنبس ببنت شفة.
دخل الثاني وهو أيضا '' خاطييييييييييه''.أبقيته المدة المطلوبة.
دخل أخيرا '' العريس '': السيد الذي آويته حتى يجمع ما يكفيه للعودة لسوريا – ولد بلادي- وبدأ في تأليف موضوع لوم وعتاب لكوني اتهمه مع الآخرين فكان الحوار التالي:
- توا تشكّ فيّ انا ولد بلادك وتحطني كيفي كيف الجماعة الاخرين؟
- انت خذيت الفلوس والاّ لا؟(مع يقيني بكونه الفاعل)
- انا لوكان..
قاطعته قائلا:
- انا قتلك نسترك اذا اعترفت ''سينون'' العصا تجيب الصحيح.
فأصرّ على النكران عندها اصطحبتهم كرها حوالي الساعة الواحدة صباحا لمركز الامن وطلبت من العون ان يدخلهم حتى أفيده بشكواي.
ولحسن الحظ كان عون الحجابة ''ولد بلاد''وأعلمته بالقصة مؤكّدا على الجاني.
تأسّف العون شديد الأسف من خيانة ولد البلاد ووعدني بالقيام ''باللازم''.
كان الاثنان ينتظران بالخارج فيما صراخ أخينا يطربني وكنت اسمعه يقول:نادولي فلان(انا)فيخرج العون ليسألني بنظره لأطالبه بالمزيد إلى أن قدم الزميل الذي جلبه لي ولا اعلم كيف علم.المهم:
- هذا اللي ضمنتهولي؟ برا ادخل وتأكد بيدك من التهمة قبل ما نحكو
بعد ربع ساعة عاد مطأطأ الرأس ليؤيد شكوكي مؤكدا في ذات الوقت على استرجاع المبلغ ومطالبا إيّاي في التوقف عن إيلامه.
العبرة ان الذي خدعك وخانك يمكن ان يطمع في ثقتك يوما؟
قطعا لا.
كذلك في العمل ,في العائلة,في المنتدى الخ الخ
من خان ثقة اخوته يصعب بل يستحيل ان يكسب ثقتهم يوما.
اخيرا اعتذر عن التعبيرالغير مترابط
وحديثنا قياس
كانت الأيّام تمر سريعا رغم كآبة الاحساس,قد يعود ذلك لانعدام الروتين إذ تقابل في عملك دائما وجوها جديدة وطباعا مختلفة بين الذكيّ والأحمق,والحييّ والجريء والعفيف والطمّاع يعني جميع ألوان الطيف.
وكنا بحكم التعوّد نفرح للتعامل الحضاري لهذا ونصبر بحلم (اكتسبناه كرها)عن السفيه والكاذب وكل معدومي الأخلاق إلى أن تنتهي الحصة فأنزوي في مُعتكفي لأتابع شريطا مرئيا أو أنهي بعض الشؤون.
وفي اليوم المشهود أتاني زميلي وابن موطني مصحوبا بشاب تبدو عليه علامات الانكسار والذلّ اللذان لا أحبذ رؤيتها لدى اي كان وبادرني زميلي بطلب وألحّ فيه باستضافة هذا الرجل عندي لبعض الوقت:
- لقد قدم منذ يوم من سوريا وانقطع عن مواصلة الدراسة بسبب الحاجة وسيضطر للعمل مدة بين البلدين علّه يوفر مبلغا يمكنه من العيش والدراسة معا.وكما تعلم فأنا أسكن مع مجموعة ولا يمكنني تركه معي
- وهل تعرف الرجل؟
- طبعا هوابن حيّي بقفصة وأعرفه جيّدا كما أضمنه.
- سأفعل ذلك ليس من أجلك لكن لإحساسي بما يمرّ به وهو يخسر سنة دراسية كاملة بسبب الفقر.
وكان الأمر كذلك يأكل ويشرب وينام معي وقد بدّد وحدتي وأمتعني بالقصص والأحداث عن بلد يُعتبر مهدا للحضارات والتعامل الأخلاقي الرفيع لديهم.فتضطر للمقارنة بينها وبلدك ولا مجال للمقارنة:فحين تتعثر في أحدهم على الطريق عندهم يبادرك بالاعتذار رغم انك الفاعل.أما نحن فلا يسعك أن تتجوّل مع أفراد عائلتك دون سماع الكلام البذيء الذي يتفنّن البعض فيه بتعابير يندى لها الجبين.(وللأسف يستعملها البعض في المنتديات)..
كنت أجمع بعض المال كلما سنحت الفرصة لشراء لوازم الزفاف لاحقا’وأضعه في غرفتي الخاصة بالبيت’وكان بعض الأصحاب يأتون لنتسامر .وفي مساء أحد الأيام ذهبت كالعادة للعمل تاركا ثلاثة أشخاص في المنزل (لأول مرة)وذهني مشغول بالمبلغ الذي تركته .وعوض أن أعود في منتصف الليل‘استئذنت في مغادرة العمل قبل ساعتين من انتهاء نوبتي لأتفاجأ بمن تركتهم بالمنزل يستوقفون سيارة أجرة للذهاب للحدود.
عندها ازدادت شكوكي لتصل إلى درجة التأكد من كوني سُلبت من المال المؤمّن في البيت:كيف لا والثلاثي سيسافر وتتوزع التهم بينهم ؟
أمرتهم وبكل حزم للعودة معي للمنزل ممنّيا إياهم بنقلهم على سيارتي بعد تغيير ملابسي رغم تلكّؤ أحدهم.
وكانت الحقيقة المرّة:فٌقد المبلغ الذي طالما كان موجودا وأحسست بخيبة أمل فيمن استئمنتهم على بيتي من جهة ,ومرارة الضحك على ذقني من جهة أخرى.
جمعتهم حولي والشرر يتطاير من عينيّ لهول الخيانة وبادرتهم بسرد الجميل الذي عاملتهم به دون ان أطالبهم يوما بمقابله حتى قاطعني أحدهم:
- أَوَتمنُن علينا؟
- لم أكن لأمنّ عليكم لو لم تخدعوني.انتم أو أحدكم سرقني وخانني بكل جبن.ولن يخرج أيا منكم إلا بعد الحصول على مالي وإن اضطررت إلى اصطحابكم الى مركز الأمن,لكن قبل ذلك سأقترح عليكم حلا يحفظ للسارق ماء وجهه:سأنفرد بكل واحد منكم لمدة 5 دقائق يسلّمني فيها الجاني المبلغ وأعد بعدم ذكره للبقية,ماذا وإلا ففي المركز الموعد.
لم يتمالك أحدهم(وهو ليس محل الشبهة لدي)بإخفاء دموعه التي سبقت كلماته ليعلمني بهول ما سيتعرض له خاصة وان أباه مسؤولا كبيرا في الأمن.
وكان هذا الأخير أول الوالجين:طمأنته بكوني أعرف الفاعل ولاخوف عليك,المهم التزام الصمت وانتظار الخمس دقائق دون أن تنبس ببنت شفة.
دخل الثاني وهو أيضا '' خاطييييييييييه''.أبقيته المدة المطلوبة.
دخل أخيرا '' العريس '': السيد الذي آويته حتى يجمع ما يكفيه للعودة لسوريا – ولد بلادي- وبدأ في تأليف موضوع لوم وعتاب لكوني اتهمه مع الآخرين فكان الحوار التالي:
- توا تشكّ فيّ انا ولد بلادك وتحطني كيفي كيف الجماعة الاخرين؟
- انت خذيت الفلوس والاّ لا؟(مع يقيني بكونه الفاعل)
- انا لوكان..
قاطعته قائلا:
- انا قتلك نسترك اذا اعترفت ''سينون'' العصا تجيب الصحيح.
فأصرّ على النكران عندها اصطحبتهم كرها حوالي الساعة الواحدة صباحا لمركز الامن وطلبت من العون ان يدخلهم حتى أفيده بشكواي.
ولحسن الحظ كان عون الحجابة ''ولد بلاد''وأعلمته بالقصة مؤكّدا على الجاني.
تأسّف العون شديد الأسف من خيانة ولد البلاد ووعدني بالقيام ''باللازم''.
كان الاثنان ينتظران بالخارج فيما صراخ أخينا يطربني وكنت اسمعه يقول:نادولي فلان(انا)فيخرج العون ليسألني بنظره لأطالبه بالمزيد إلى أن قدم الزميل الذي جلبه لي ولا اعلم كيف علم.المهم:
- هذا اللي ضمنتهولي؟ برا ادخل وتأكد بيدك من التهمة قبل ما نحكو
بعد ربع ساعة عاد مطأطأ الرأس ليؤيد شكوكي مؤكدا في ذات الوقت على استرجاع المبلغ ومطالبا إيّاي في التوقف عن إيلامه.
العبرة ان الذي خدعك وخانك يمكن ان يطمع في ثقتك يوما؟
قطعا لا.
كذلك في العمل ,في العائلة,في المنتدى الخ الخ
من خان ثقة اخوته يصعب بل يستحيل ان يكسب ثقتهم يوما.
اخيرا اعتذر عن التعبيرالغير مترابط
وحديثنا قياس
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
العنيد-
- عدد المساهمات : 5434
العمر : 62
المكان : sousse
المهنه : Fonctionnaire
الهوايه : صدقا لا أعلم
نقاط تحت التجربة : 16553
تاريخ التسجيل : 26/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى