والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)
صفحة 1 من اصل 1
والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)
نحن في حياتنا التي نعيشها، فإنَّنا نتقلَّب بين مسراتها وأحزانها، وأفراحها وأتراحها، بين المشجع والمحفز في العمل، وبين المثبط والمحبط في متغيرات الأوقات، أمور يدور بعضها في بعض ممَّا يستدعي أن تكون النفس المسلمة أقرب إلى التوازن في نظرتها للأحداث كما يليق!
ويتعلم المرء من معاركته للحياة، وتجارب السنين والأيام، حاجة المجتمع المسلم لتكون لديه القدرة والفاعلية للموازنة بين حسن الظن والتماس المعاذير وكذلك إساءة الظن لمن يستحقون ذلك!
نحن في حياة تمور بنا مورا، ونفوس بعضها مشرب بحب الخير، وقلوب ترتع بالبر والطاعة والقربى، وأناس مشغولون منهكون بأعمالهم اليومية وحياتهم المعيشية، وآخرون تجتاحهم المصائب وتنوبهم النوائب، وتعترضهم الجوائح وقد نلقي عليهم التهم لتقصيرهم في حقنا فإذا ما علمنا أنَّه قد صار لهم (كذا و كذا) من الأذى ومصائب الدهر رجعنا على أنفسنا باللوم وجلد الذات وقلنا: ليتنا لم نعاتب فلقد كان أولئك القوم في عذر شغلهم عنَّا!
وآخرون ـ ويا ويلهم ـ يكيدون لنا كيدا، ويشعلون اللهب في السعفة التي في بيتنا ويحاولون الإضرار والضرار، لسوء تربية ودنو همة وضعف وازع ديني يردعهم عمَّا يحرِّمه الله أو يستقبحه البشر.
المسلم ـ أحيانا ـ يحتار ويقول: كيف لي أن أتعامل بين طبقات المجتمع، إذ إنَّ الغالب من الناس في زماننا ـ إلا ما رحم ربي وقليل ما هم ـ يسيئون الظن بأهلهم وأقاربهم وجيرانهم ومعارفهم وأصحابهم!
وليس ما أدعيه رجماً بالغيب، وأعترف بأني لم أقم بقياس للرأي العام في ذلك عبر الاحصائيات التي تدل على ما أزعمه، ولكني أجزم أنَّها ملاحظة يتفق معي فيها الكثير من الناس.
إنَّ مشكلة إساءة الظن بين مجتمعاتنا ينتج عنها كثير من القبائح والذنوب والمصائب والعيوب مع الهم والغم الملازم لصاحبها، فالكثير يقع في الغيبة والنميمة والبهتان والكذب وقول الزور بل شهادة الزور!
وقلَّ أن نلاحظ في مجتمعاتنا أناساً يميلون إلى مدارسة الحق ومذاكرة الأسباب التي قد تردعهم عن إساءة الظن ، ولهذا تنمو بيننا الأمراض والعيوب وتعشعش في قلوبنا هذه المنغصات، حتى قد يصل بنا الحال بعد ذلك إلى الهجران وانعدام السلام ، وتنمو هذه الأمراض أكثر فأكثر حتى تصل إلى مبادلة الاتهمات وإطلاق السباب، وتؤثر علينا بأمراض مزمنة نفسية ونحن لا نشعر بذلك إلاَّ بعد فوات الأوان!
أدرك أنَّ هنالك أناساً يميلون لفعل السوء والسيئ والخطأ والخطيئة، وأوقن أنَّ هنالك ثرثارين همَّازين مشاءين بالنميمة والقيل والقال، وأنَّ هنالك أصنافاً من البشر من لا يطاق بمجالسته، أو التحدث إليه، وأنَّ تغليب جانب إساءة الظن فيهم على ما هم فيه من سوء وقبح خلق، ينبغي أن يكون المؤشر الأول قبل إحسان الظن أو التماس المعاذير، ولكن أليس هنالك أناس كثر قد نظلمهم بإساءة الظن بهم، ولا نعتذر لهم أو نعطيهم أدنى درجة من درجات التعاطف والمعذرة!
أخرج أبو داود في سننه عن عبدالله بن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت ثم أعاد عليه الكلام فصمت فلما كان في الثالثة قال: (اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة) والحديث حسَّنه ابن حجر في تخريج مشكاة المصابيح:(3/341)، صحيح سنن أبي داود:(5164).
إذ إنَّ غالبية من يسيئون الظن يرغبون بالفضفضة الكلامية فيذهب أحدهم إلى من يثق به، وقد يستحلفه بالله ألاَّ يذكر ظنونه بأخيه لأحد؛ لكي يفضفض عن مكنونات نفسه وما يلم بها من ظنون بالآخرين فيقول القيل والقال ويذكر من يتحدث عنه بشيء من السوء والظنون التي لا مجال لها من الصحة، ثمَّ يشعر بعدها بالارتياح ! ـ كما يقال ـ والنتيجة لا شيء سوى أنَّه ظنَّ بأخيه ظنوناً في الأعم الأغلب تكون كاذبة وليست صادقة.
وممكن جدا أن يكون الرجل الذي أسرَّ إليه ذلك الظان الظن السيئ ليس ثقة، فيقوم بنقل هذا الظن لآخرين ـ وقد يكون عن غير قصد ـ حتى يصل هذا الظن لمن كان هو المقصود بذلك الظن السيئ، فتقع بينهما الخصومات والمشاحنات، بل تقع بين الظان وبين من قد أسرَّ له ذلك السر تلك الشجارات الكلامية والمهاترات اللفظية، فكيف يكشف سره للناس وينشره ويذيعه بينهم؟! وكأني بذلك الشخص الذي أسرَّ له صاحبه ذلك الظن يقول له :
أنا أحبك حاول أن تساعدني *** فإنَّ من بدأ المأساة ينهيها
وإنَّ من فتح الأبواب يغلقها *** وإنَّ من أشعل النيران يطفيها
......
تأنَّ ولا تعجل بلومك صاحبا*** لعل له عذرا وأنت تلوم
من اعتذر لك فاقبل عذره:
من أساء لك في ظنه وأتى لكي يعتذر لك، وحتَّى تصفح عنه فعليك أن تقبل منه عذره، فالله تعالى يقول:(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) آل عمران:(134) ويقول تعالى:(فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) الأنفال:(1).
وما أجمل النص القرآني البديع إذ يقول تعالى:(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) الأعراف:(199).
فجدير بكل عضو أن يتحرَّز في الظنون وإلقاء التهم على الآخرين، ويتريَّث قدر الإمكان في ذلك، إلاَّ أنَّ الاستعجال في الظن السيئ مشكلة تحتاج لوقفة تقوى وورع، ولنا في حديث أسامة بن زيد الذي أخرجه الإمام مسلم عظة وعبرة، حيث قال أسامة بن زيد:( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم. فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته ! قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا أسامة أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله قال: قلت: يا رسول الله إنما كان متعوذا قال: فقال: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم).
ويتعلم المرء من معاركته للحياة، وتجارب السنين والأيام، حاجة المجتمع المسلم لتكون لديه القدرة والفاعلية للموازنة بين حسن الظن والتماس المعاذير وكذلك إساءة الظن لمن يستحقون ذلك!
نحن في حياة تمور بنا مورا، ونفوس بعضها مشرب بحب الخير، وقلوب ترتع بالبر والطاعة والقربى، وأناس مشغولون منهكون بأعمالهم اليومية وحياتهم المعيشية، وآخرون تجتاحهم المصائب وتنوبهم النوائب، وتعترضهم الجوائح وقد نلقي عليهم التهم لتقصيرهم في حقنا فإذا ما علمنا أنَّه قد صار لهم (كذا و كذا) من الأذى ومصائب الدهر رجعنا على أنفسنا باللوم وجلد الذات وقلنا: ليتنا لم نعاتب فلقد كان أولئك القوم في عذر شغلهم عنَّا!
وآخرون ـ ويا ويلهم ـ يكيدون لنا كيدا، ويشعلون اللهب في السعفة التي في بيتنا ويحاولون الإضرار والضرار، لسوء تربية ودنو همة وضعف وازع ديني يردعهم عمَّا يحرِّمه الله أو يستقبحه البشر.
المسلم ـ أحيانا ـ يحتار ويقول: كيف لي أن أتعامل بين طبقات المجتمع، إذ إنَّ الغالب من الناس في زماننا ـ إلا ما رحم ربي وقليل ما هم ـ يسيئون الظن بأهلهم وأقاربهم وجيرانهم ومعارفهم وأصحابهم!
وليس ما أدعيه رجماً بالغيب، وأعترف بأني لم أقم بقياس للرأي العام في ذلك عبر الاحصائيات التي تدل على ما أزعمه، ولكني أجزم أنَّها ملاحظة يتفق معي فيها الكثير من الناس.
إنَّ مشكلة إساءة الظن بين مجتمعاتنا ينتج عنها كثير من القبائح والذنوب والمصائب والعيوب مع الهم والغم الملازم لصاحبها، فالكثير يقع في الغيبة والنميمة والبهتان والكذب وقول الزور بل شهادة الزور!
وقلَّ أن نلاحظ في مجتمعاتنا أناساً يميلون إلى مدارسة الحق ومذاكرة الأسباب التي قد تردعهم عن إساءة الظن ، ولهذا تنمو بيننا الأمراض والعيوب وتعشعش في قلوبنا هذه المنغصات، حتى قد يصل بنا الحال بعد ذلك إلى الهجران وانعدام السلام ، وتنمو هذه الأمراض أكثر فأكثر حتى تصل إلى مبادلة الاتهمات وإطلاق السباب، وتؤثر علينا بأمراض مزمنة نفسية ونحن لا نشعر بذلك إلاَّ بعد فوات الأوان!
أدرك أنَّ هنالك أناساً يميلون لفعل السوء والسيئ والخطأ والخطيئة، وأوقن أنَّ هنالك ثرثارين همَّازين مشاءين بالنميمة والقيل والقال، وأنَّ هنالك أصنافاً من البشر من لا يطاق بمجالسته، أو التحدث إليه، وأنَّ تغليب جانب إساءة الظن فيهم على ما هم فيه من سوء وقبح خلق، ينبغي أن يكون المؤشر الأول قبل إحسان الظن أو التماس المعاذير، ولكن أليس هنالك أناس كثر قد نظلمهم بإساءة الظن بهم، ولا نعتذر لهم أو نعطيهم أدنى درجة من درجات التعاطف والمعذرة!
أخرج أبو داود في سننه عن عبدالله بن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت ثم أعاد عليه الكلام فصمت فلما كان في الثالثة قال: (اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة) والحديث حسَّنه ابن حجر في تخريج مشكاة المصابيح:(3/341)، صحيح سنن أبي داود:(5164).
إذ إنَّ غالبية من يسيئون الظن يرغبون بالفضفضة الكلامية فيذهب أحدهم إلى من يثق به، وقد يستحلفه بالله ألاَّ يذكر ظنونه بأخيه لأحد؛ لكي يفضفض عن مكنونات نفسه وما يلم بها من ظنون بالآخرين فيقول القيل والقال ويذكر من يتحدث عنه بشيء من السوء والظنون التي لا مجال لها من الصحة، ثمَّ يشعر بعدها بالارتياح ! ـ كما يقال ـ والنتيجة لا شيء سوى أنَّه ظنَّ بأخيه ظنوناً في الأعم الأغلب تكون كاذبة وليست صادقة.
وممكن جدا أن يكون الرجل الذي أسرَّ إليه ذلك الظان الظن السيئ ليس ثقة، فيقوم بنقل هذا الظن لآخرين ـ وقد يكون عن غير قصد ـ حتى يصل هذا الظن لمن كان هو المقصود بذلك الظن السيئ، فتقع بينهما الخصومات والمشاحنات، بل تقع بين الظان وبين من قد أسرَّ له ذلك السر تلك الشجارات الكلامية والمهاترات اللفظية، فكيف يكشف سره للناس وينشره ويذيعه بينهم؟! وكأني بذلك الشخص الذي أسرَّ له صاحبه ذلك الظن يقول له :
أنا أحبك حاول أن تساعدني *** فإنَّ من بدأ المأساة ينهيها
وإنَّ من فتح الأبواب يغلقها *** وإنَّ من أشعل النيران يطفيها
......
تأنَّ ولا تعجل بلومك صاحبا*** لعل له عذرا وأنت تلوم
من اعتذر لك فاقبل عذره:
من أساء لك في ظنه وأتى لكي يعتذر لك، وحتَّى تصفح عنه فعليك أن تقبل منه عذره، فالله تعالى يقول:(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) آل عمران:(134) ويقول تعالى:(فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) الأنفال:(1).
وما أجمل النص القرآني البديع إذ يقول تعالى:(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) الأعراف:(199).
فجدير بكل عضو أن يتحرَّز في الظنون وإلقاء التهم على الآخرين، ويتريَّث قدر الإمكان في ذلك، إلاَّ أنَّ الاستعجال في الظن السيئ مشكلة تحتاج لوقفة تقوى وورع، ولنا في حديث أسامة بن زيد الذي أخرجه الإمام مسلم عظة وعبرة، حيث قال أسامة بن زيد:( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم. فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته ! قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا أسامة أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله قال: قلت: يا رسول الله إنما كان متعوذا قال: فقال: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم).
abouimed-
- عدد المساهمات : 2452
العمر : 60
المكان : القصرين
المهنه : ولد القصرين و يرفض الذل
الهوايه : الحرية ضاهر و باطن
نقاط تحت التجربة : 15118
تاريخ التسجيل : 28/01/2010
مواضيع مماثلة
» وصايا الحبيب صلى الله عليه و سلم لكظم الغيظ
» الكاظمين الغيظ:من خواطر محمد متولي الشعراوي
» والله شئ يسخف...
» والله لن أنسى
» أحوال غريبة والله
» الكاظمين الغيظ:من خواطر محمد متولي الشعراوي
» والله شئ يسخف...
» والله لن أنسى
» أحوال غريبة والله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى