بيان فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غيرهم
صفحة 1 من اصل 1
بيان فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غيرهم
بيان فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم على غيرهم
بسم
الله الرحمن الرحيم
بيان فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غيرهم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى
بهداه.
لا ينكر فضل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما بذلوا من الأنفس
والأموال حتى تعلو كلمة الله (( لا إله إلا الله محمد رسول الله ))، فوق كل
عالٍ، وتظهر رايته على أشَمِّ الرواسي والجبال، إلا غافلٌ عما جاء في
تنزيل الكبير المتعال، وساهٍ عن أصدق ما قاله ذو الجلال، ومعرضٌ ناءٍ عن
سنة رسول اله صلى الله عليه وسلم، وما روى عنه من صحيح الأقوال، البعيدة عن
المراء والوهم والجدال.
قال الله تعالى في محكم كتابه : { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ
رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ {100} سورة التوبة.
ثم أكد الله تعالى مرضاته عنهم، بقوله : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي
قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً
قَرِيباً{18} وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ
عَزِيزاً حَكِيماً {19} سورة الفتح.
ولا يكمل إيمان المؤمن إلا إذا كان برّاً بأهله، رحيماً بإخوانه، شفيقاً
عليهم، وكانت تلك إحدى مناقب الصحابة رضوان الله عليهم وذكرها القرآن
الكريم صراحة، فقال تعالى : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ
مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ
رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً
سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ
فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ
لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً{29} سورة الفتح.
وإذا كان الله، جلّ في علاه، عرف قدرهم، وشكر سعيهم، فما أظلم من جحدهم
حقهم، وأنكر فضلهم، ولم يتأسّ بهم، ويقدرهم حق قدرهم، إنهم مشاعل الهدى
والرشاد، الذين تقلبوا في الأمصار والبلاد، واستأصلوا جذور الفساد، ولقد
قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم
ثم الذين يلونهم ثم إن بعدهم قوما يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا
يؤتمنون وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن )) متفق عليه. فهل بعد ذلك من
فخر ؟ إنه قرن الذين صدّقوا برسالته، وآمنوا بدعوته، وبذلوا الأنفس
والأموال لنصرته، ولقد آووه إذ أخرجه الناس، ونصروه إذ خذله الأهل وذوو
القرابة، ولقد تَتَرّسوا دونه يوم أحد، وتلقّوا بأجسادهم طعنات السيوف،
ورشقات السهام حتى يحولوا بينه وبين أي سوء قد يناله، ومن ينسى يوم أُحُد
موقف المرأة الدينارية، التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد
أصيب زوجها وأبوها وأخوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نعوا
إليها قالت : فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : خيراً يا أم
فلان ! هو بحمد الله كما تحبين، قالت : أرونيه حتى أنظر إليه، فأشير لها
إليه، حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل ! أي : سهلة هينة.
لقد زرعوا في نفوس الناس الفضائل، وحذروهم مغبة الانغماس في الرذائل،
ونشروا مكارم الأخلاق، في المساجد والبيوت والأسواق، وبثّوا فيهم ما نهلوا
من العلم الذي علّمه رب العزة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وأمروا بالمعروف
ونهوا عن المنكر، واعتصموا بحبل الله المتين، فكانوا في نعمة من الله وفضل،
وأي فضل ؟ إنه الفضل العظيم الذي يمُنّ به الله على من يشاء من عباده. لقد
جانب الصواب من لم يعترف لهم برفعة القدر، وعلوّ المنزلة، وسموّ المكانة،
فكيف بمن شتمهم أو سابَّهم ؟ إنه مجرم أثيم، ومسرفٌ في الضلال، ومجاوز في
جرأته حد الوقاحة، لتطاوله على من قدّمهم رب العالمين، وقرّبهم أشرف
المرسلين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده،
لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه )).
إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه على سبيل المثال، كان بغير جدال، في الغار
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( لا تحزن إن الله معنا ))، فإذا كان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مع
هذا الشيخ الجليل، الذي لم يكن له بين الصحابة مثيل، فكيف تسول لعاقل نفسه
أن يشتمه أو ينال منه، أو عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي الفاروق كان
مضرب المثل في العدالة، أو عثمان بن عفان رضي الله عنه ذي النورين الذي
كانت تستحي منه الملائكة والمخبر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما
في صحيح مسلم، أو علي بن أبي طالب رضي الله عنه خَتَنِ رسول الله صلى الله
عليه وسلم على ابنته فاطمة الزهراء سيدة النساء، وسِواهم من الصحابة، فكلٌّ
له ميزته، وعبقه، ونكهته، كأنها الحديقة التي احتشدت فيها ألوان الأزاهير
والرياحين، وفي وسطها رسول رب العالمين.
لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً علينا أن نصدع به، ونلتزم به،
فقد روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(( أكرموا أصحابي )) وفي رواية أخرى: (( احفظوني في أصحابي )).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار : (( لا يحبهم إلا مؤمن، ولا
يبغضهم إلا منافق )) أخرجه مسلم. عن أنس بن مالك قال : جاء رجل إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال :يا رسول الله، متى الساعة ؟ قال : (( ما
أعددت للساعة ؟ )) قال : حبَّ الله ورسوله، قال : (( فإنك مع من أحببتَ ))
قال أنس : فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشدّ من قول النبي صلى الله عليه
وسلم : (( فإنك مع من أحببت )).
قال أنس : فأنا أحبّ الله ورسوله، وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم، وإن
لم أعمل بأعمالهم. ونحن مع أنس رضي الله عنه نحب الله ورسوله وأصحابه، ومن
كانوا من المؤمنين، وأما من أسرفوا في جرأتهم، وإخفارهم بعهد الله ورسوله
صلى الله عليه وسلم، وجاؤوا بها عريضة واسعة، فوسموا بعض الصحابة بالكفر،
فما أراني قادراً على نعتهم ووصف ما ينتظرهم من سوء المصير، وأدعُ ذلك إلى
العلي القدير، ليجزيهم بما كسبوا، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم
يظلمون.
ومما لا شك فيه أن الصحابة رضوان الله عليهم يتفاوتون في الفضل. وقد ذكر
أبو منصور البغدادي (في أصول الدين)، فقال : أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم :
الخلفاء الأربعة، ثم الستة الباقون بعدهم إلى تمام العشرة، وهم : طلحة،
والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعبدالرحمن بن عوف، وأبو عبيدة
بن الجراح رضي الله عنهم، ثم البدريون، ثم أصحاب أحد، ثم أهل بيعة الرضوان
بالحديبية، ولا يستغربنّ أحد تفضيل بعض الصحابة على بعض، بعد أن فُضّل بعض
الرسل قبلهم على بعض، ومصداق ذلك قول الله تعالى : { تِلْكَ الرُّسُلُ
فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ
بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ
وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ {253} سورة البقرة.
ومما لا شك فيه أن الصحابة عدول، وقد عرّف ابن الحاجب (في مختصر المنتهى)
العدالة، فقال : العدالة محافظة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ليس
معها بدعة، وتتحقق باجتناب الكبائر وترك الإصرار على الصغائر، وبعض
الصغائر، وبعض المباح، وقد شرح ابن الأثير ذلك كما يلي : قولنا : دينية :
ليخرج الكافر، وقولنا : تحمل على ملازمة التقوى والمروءة : ليخرج الفاسق،
وقولنا : ليس منها بدعة : ليخرج المبتدع.
وإنّ أفضل رد على من ينتقص أحد من الصحابة مقاطعته في كل الأمور، يقول أبو
زرعة : إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاعلم أنه زنديق، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق،
وإنما أدّى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى،
وهم زنـــادقة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
مواضيع مماثلة
» لا بارك الله فى مالٍ أزعج رسول الله صلى الله عليه وسلم
» هل ستترك حياتك كما هي بعد وصايا رسول الله صلي الله عليه وسلم لك في آخر كلمات له ؟
» شجرة نسب رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
» تم الانتهاء من موقع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
» لماذا لم يؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟؟
» هل ستترك حياتك كما هي بعد وصايا رسول الله صلي الله عليه وسلم لك في آخر كلمات له ؟
» شجرة نسب رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
» تم الانتهاء من موقع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
» لماذا لم يؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى