خديجة بنت الإمام سحنون
صفحة 1 من اصل 1
خديجة بنت الإمام سحنون
خديجة بنت الإمام سحنون
«كانت من خيار النساء» و «كانت من أحسن النساء وأعقلهن» كذا وصفها القاضي عياض في كتابه ترتيب المدارك وتقريب المسالك بمعرفة أعلام مذهب مالك» في ترجمته لسحنون.
فهي بنت الإمام الفقيه وقاضي قضاة القيروان صاحب «المدونة» في الفقه المالكي، والمرجع الأساسي للمذهب المالكي في ديار الاسلام، وهي اخت العالم الكبير محمد صاحب أول كتاب في التربية والتعليم، وهي بالتالي بنت دار سحنون الشهيرة بالقيروان والتي نوّه بها المؤرخون واصحاب الطبقات قالوا عنها : «قام سؤدد العلم في دار سحنون نحو مائة عام وثلاثين عاما من ابتداء طلب سحنون وأخيه إلى موت ابن ابنه محمد بن محمد بن سحنون» ( القاضي عياض : المدارك، ترجمة سحنون)، لم تأخذ خديجة من أبيها علمه وفقهه فقط بل تحلت بأخلاقه وخصاله التي قلما اجتمعت في غيره كما ذكر القاضي عياض منها الورع والكرامة والزهد في الدنيا والملاحة مع رقة القلب وغزارة الدمعة والخشوع الظاهروالتواضع وسلامة الصدر وكرم الأخلاق.
وكانت في بيت سحنون مكتبة عظيمة تغذّت منها خديجة وأخوها، تحتوي على ما سمعه سحنون في مصر والمدينة من الحديث والمسائل الفقهية وكان سحنون يتباهى بما دوّنه من كتب وما اقتناه منهما كما يظهر في تراجمه.
وكان يربي ولديه على اخلاق العلماء، العلمية ويعلمهما المنهج العلمي الصارم المعتمد على الضبط والدقة والشمول، وكان يقول لابنه محمد : «إياك أن يسبقك قلمك لما تعتذر منه».
وكانت خديجة من العلماء الكبار والعالمات القيروانيات ممن أخذوا عن سحنون وساروا على درب منهجه وقيل عنهم إنهم سرج أهل القيروان. ووصفهم اصحاب الطبقات بقولهم : كان اصحاب سحنون مصابيح في كل بلدة وعددهم نحو سبع مائة رجل ظهروا بصحبته وانتفعوا بمجلسه.
أما محمد بن سحنون أخوها فكما قال عنه ابن الجزار الطبيب والأديب والمؤرخ : «كان إمام عصره في مذهب أهل المدينة بالمغرب، جامعا لخلال قلّ ما اجتمعت في غيره من القمم البارعة، من الفقه البارع والعلم بالأثر ، والجلال والحديث، ومذهب أهل الحجاز، سمحا بما له، كريما في معاشرته نفّاعا للناس ، مطاعا ، جوادا بماله وجاهه ، وجيها عند الملوك والعامة، جيد النظر في الملمات» ( ص 172، من تراجم أغلبية) وكذا خديجة، لقد وردت أخبار عنها من ذلك أن سحنون حينما عيّن قاضيا بالقيروان، حزن ولم، يجرؤ أحد على تهنئته إذ ظهرت الكآبة في وجهه، فسار حتى دخل على ابنته خديجة، وكان متردّدا من قبول الخطة ويبدو ان ابنته قد حثّته على قبولها فقال لها : اليوم ذبح أبوك بغير سكين، وكان العلماء يتورعون من تولي القضاء لعظم المسؤولية امام الله وامام عباده، يقول حسن حسني بعد الوهاب في «شهيرات التونسيات» كان أبوها يحبها حبّا شديدا ويستشيرها في مهمات أموره حتى أنه لما عرض عليه القضاء لم يقبله إلا بعد أخذ رأيها، وكذا كان يفعل أخوها محمد بعد وفاة أبيهما» (ص47) ومن الأخبار الواردة عنه لا ما اورده القاضي عياض في كتابه « ترتيب المدارك» في ترجمة أحمد بن لبدة ابن اخ سحنون وكان تلميذا له ووجيها بالقيروان ، ذا فضل ودين، لقد كلف بها كلفا شديدا، طلبها اول مرة من ابيها بواسطة رسول، لكنه ردّ طلبه بدعوى ان ابنه محمد غير موافق.
وحزن احمد بن لبدة حزنا شديدا، وزاده الرفض عشقا لها، لقد احبها لجمالها واخلاقها ودينها وعلمها. وحين توفي سحنون، أعاد الكرة بواسطة نفس الرسول إلى ابنه محمد ، وكان يأمل في رضاه ، ويسكن أشواقه، ويطفئ نار وحده لكن محمد اجاب : كيف اصنع ما لم يصنع أبي؟ وحين مات محمد، بقي أحمد جمر على من الغض من الرغبة الجامحة والصبابة القاتلة، فأرسل نفس الرسول إلى خديجة فقالت: ما لم يصنع أبي وأخي أنا أصنعه ولم تتزوج خديجة ، وماتت وهي بكر ويعلق حسن حسني عبد الوهاب على هذا الخبر بقوله:
« لعمرك انما منع خدجية من الزواج بقريبها العالم الحياء والحشمة التي فطرت عليها»
ويبدوا أن سحنون وابنه قد رفضا يد أحمد بن لبدة بعد استشارة خديجة ولم يكن لها الإباء
دون موافقتها كما تنص عليه الشريعة الاسلامي، وهما الإمامان الكبيران ولعل خديجة كانت متبتلة مثل رابعة العدوية التي خطبها كثيرون لورعها ونقاها وصباحة وجهها والنور المشع من شخصها، لكنها ردتهم خائبين (انظر كتابنا حديقة الرياحين في التعريف بأربعة من عشاق رب العالمين ) وانظر عن سحنون وابنه كتابنا « تاريخ القيروان الثقافي والحضاري» الطبعة الثانية 2009)
بقلم : الدكتور أحمد الطويلي
«كانت من خيار النساء» و «كانت من أحسن النساء وأعقلهن» كذا وصفها القاضي عياض في كتابه ترتيب المدارك وتقريب المسالك بمعرفة أعلام مذهب مالك» في ترجمته لسحنون.
فهي بنت الإمام الفقيه وقاضي قضاة القيروان صاحب «المدونة» في الفقه المالكي، والمرجع الأساسي للمذهب المالكي في ديار الاسلام، وهي اخت العالم الكبير محمد صاحب أول كتاب في التربية والتعليم، وهي بالتالي بنت دار سحنون الشهيرة بالقيروان والتي نوّه بها المؤرخون واصحاب الطبقات قالوا عنها : «قام سؤدد العلم في دار سحنون نحو مائة عام وثلاثين عاما من ابتداء طلب سحنون وأخيه إلى موت ابن ابنه محمد بن محمد بن سحنون» ( القاضي عياض : المدارك، ترجمة سحنون)، لم تأخذ خديجة من أبيها علمه وفقهه فقط بل تحلت بأخلاقه وخصاله التي قلما اجتمعت في غيره كما ذكر القاضي عياض منها الورع والكرامة والزهد في الدنيا والملاحة مع رقة القلب وغزارة الدمعة والخشوع الظاهروالتواضع وسلامة الصدر وكرم الأخلاق.
وكانت في بيت سحنون مكتبة عظيمة تغذّت منها خديجة وأخوها، تحتوي على ما سمعه سحنون في مصر والمدينة من الحديث والمسائل الفقهية وكان سحنون يتباهى بما دوّنه من كتب وما اقتناه منهما كما يظهر في تراجمه.
وكان يربي ولديه على اخلاق العلماء، العلمية ويعلمهما المنهج العلمي الصارم المعتمد على الضبط والدقة والشمول، وكان يقول لابنه محمد : «إياك أن يسبقك قلمك لما تعتذر منه».
وكانت خديجة من العلماء الكبار والعالمات القيروانيات ممن أخذوا عن سحنون وساروا على درب منهجه وقيل عنهم إنهم سرج أهل القيروان. ووصفهم اصحاب الطبقات بقولهم : كان اصحاب سحنون مصابيح في كل بلدة وعددهم نحو سبع مائة رجل ظهروا بصحبته وانتفعوا بمجلسه.
أما محمد بن سحنون أخوها فكما قال عنه ابن الجزار الطبيب والأديب والمؤرخ : «كان إمام عصره في مذهب أهل المدينة بالمغرب، جامعا لخلال قلّ ما اجتمعت في غيره من القمم البارعة، من الفقه البارع والعلم بالأثر ، والجلال والحديث، ومذهب أهل الحجاز، سمحا بما له، كريما في معاشرته نفّاعا للناس ، مطاعا ، جوادا بماله وجاهه ، وجيها عند الملوك والعامة، جيد النظر في الملمات» ( ص 172، من تراجم أغلبية) وكذا خديجة، لقد وردت أخبار عنها من ذلك أن سحنون حينما عيّن قاضيا بالقيروان، حزن ولم، يجرؤ أحد على تهنئته إذ ظهرت الكآبة في وجهه، فسار حتى دخل على ابنته خديجة، وكان متردّدا من قبول الخطة ويبدو ان ابنته قد حثّته على قبولها فقال لها : اليوم ذبح أبوك بغير سكين، وكان العلماء يتورعون من تولي القضاء لعظم المسؤولية امام الله وامام عباده، يقول حسن حسني بعد الوهاب في «شهيرات التونسيات» كان أبوها يحبها حبّا شديدا ويستشيرها في مهمات أموره حتى أنه لما عرض عليه القضاء لم يقبله إلا بعد أخذ رأيها، وكذا كان يفعل أخوها محمد بعد وفاة أبيهما» (ص47) ومن الأخبار الواردة عنه لا ما اورده القاضي عياض في كتابه « ترتيب المدارك» في ترجمة أحمد بن لبدة ابن اخ سحنون وكان تلميذا له ووجيها بالقيروان ، ذا فضل ودين، لقد كلف بها كلفا شديدا، طلبها اول مرة من ابيها بواسطة رسول، لكنه ردّ طلبه بدعوى ان ابنه محمد غير موافق.
وحزن احمد بن لبدة حزنا شديدا، وزاده الرفض عشقا لها، لقد احبها لجمالها واخلاقها ودينها وعلمها. وحين توفي سحنون، أعاد الكرة بواسطة نفس الرسول إلى ابنه محمد ، وكان يأمل في رضاه ، ويسكن أشواقه، ويطفئ نار وحده لكن محمد اجاب : كيف اصنع ما لم يصنع أبي؟ وحين مات محمد، بقي أحمد جمر على من الغض من الرغبة الجامحة والصبابة القاتلة، فأرسل نفس الرسول إلى خديجة فقالت: ما لم يصنع أبي وأخي أنا أصنعه ولم تتزوج خديجة ، وماتت وهي بكر ويعلق حسن حسني عبد الوهاب على هذا الخبر بقوله:
« لعمرك انما منع خدجية من الزواج بقريبها العالم الحياء والحشمة التي فطرت عليها»
ويبدوا أن سحنون وابنه قد رفضا يد أحمد بن لبدة بعد استشارة خديجة ولم يكن لها الإباء
دون موافقتها كما تنص عليه الشريعة الاسلامي، وهما الإمامان الكبيران ولعل خديجة كانت متبتلة مثل رابعة العدوية التي خطبها كثيرون لورعها ونقاها وصباحة وجهها والنور المشع من شخصها، لكنها ردتهم خائبين (انظر كتابنا حديقة الرياحين في التعريف بأربعة من عشاق رب العالمين ) وانظر عن سحنون وابنه كتابنا « تاريخ القيروان الثقافي والحضاري» الطبعة الثانية 2009)
بقلم : الدكتور أحمد الطويلي
abouimed-
- عدد المساهمات : 2452
العمر : 60
المكان : القصرين
المهنه : ولد القصرين و يرفض الذل
الهوايه : الحرية ضاهر و باطن
نقاط تحت التجربة : 15152
تاريخ التسجيل : 28/01/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى