المـقامة الفيسبوكيّة 2
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المـقامة الفيسبوكيّة 2
منقول
حدّثنا الشّمَقمَق بنُ
أبي المحذوف قال : اتّفق لي في عنفوان الشّبيبة خُلقٌ سجيحٌ و عقل رَجيح
فعَدّلتُ ميزان عقلي و عَدَلتُ بين جِدّي و هزلي و إلى أرض الفايسبوك شددتُ
الرِّحالْ و توكّلتُ على من بقدرته لا يُرَدُّ سؤالْ و اتّخذتُ إخوانًا
للمُزاحْ و آخرين للمُلمَّاتْ الصِّحاحْ و جعلتُ النّهارَ للنّاسْ و
اللّيلَ للكاسْ . قال ، و اجتمع إليَّ في بعض ليالِيَّ إخوانُ الخُلوَه ذوو
المعاني الحُلوَه فمازلنا نتناشد القَريضَ الفَصيحْ و نستمعُ إلى كلّ صوتٍ
مَليحْ و اللّيلُ أخضرُ الدّيباجْ و صفحاتُ الصَّحْبِ تومِضُ بكلّ مُشعشعٍ
وَهّاجْ فأفْرَغْنا وِفَاضَ الكَلِمْ من كلّ شِعرٍ و نَغَمْ حتّى بقي
كالصّدف بلا دُرّ أو كالمِصْرِ بلا حُرّ . و إنّا لفي تلك الحال من
النّشوهْ إذ صدحَ صوتُ المنادي إلى الصّحوَهْ فخَنَسَ فينا شيطانُ
الصَّبْوَهْ و تبادَرْنا خِفافًا نسْتجْلي الدّعوهْ . فإذا بإمامٍ خطيبْ
تتدَلّى لحيتُه إلى الجُيُوبْ جعل يُطيلُ إطراقَهُ و يُديمُ استنشاقَهُ
ثمّ رفع عَقيرَته و استنفر عشيرته " أيّها النّاس ،إنّي لأجِدُ اليومَ
رِيحَ الكبائر في بعضكم فما جزاءُ من خَلطَ في سيرَته و ابْتُلِيَ
بقاذورَته ؟ و من ارتضَى تحت الطّاغوت أن يُصْرَعَ فأوْلَى بدابِرِه أن
يُقْطَعَ " و أشار إلينا فتألّبتْ الجماعة علينا ،حتّى مُزِّقَتْ
الحِساباتْ و فُجّرَتْ الصّفحاتْ و حتّى خِلنا أنّا بين الوحوش قد صرنا و
أفلتنا من بينهم و ما كِدْنا ، و كلّنا مَذهولْ و بسلامة حاسوبه مشغولْ . و
سألْنا من مرَّ بنا من الصِّبْيَة عن رأس تلك الفتنة فقالوا : إنّه
الرّجلُ التقِيُّ الغَـفَّاصُ بنُ الدُّكْمَاكِ الجُـهْجُـهِيُّ . فقلنا :
سبحان مُقلّب القلوبْ و ساترِ العُيُوبْ ، لا عَجَبَ بعد اليوم أنْ
يُبْصِرَ عِمِّيتٌ و يُؤمنَ عفريت . " و جعلنا بقيّة يومنا نعجبُ من
نُسْكهِ بعد ما كنّا نعلمُ من فِسْقِهِ
حدّثنا الشّمَقمَق بنُ
أبي المحذوف قال : اتّفق لي في عنفوان الشّبيبة خُلقٌ سجيحٌ و عقل رَجيح
فعَدّلتُ ميزان عقلي و عَدَلتُ بين جِدّي و هزلي و إلى أرض الفايسبوك شددتُ
الرِّحالْ و توكّلتُ على من بقدرته لا يُرَدُّ سؤالْ و اتّخذتُ إخوانًا
للمُزاحْ و آخرين للمُلمَّاتْ الصِّحاحْ و جعلتُ النّهارَ للنّاسْ و
اللّيلَ للكاسْ . قال ، و اجتمع إليَّ في بعض ليالِيَّ إخوانُ الخُلوَه ذوو
المعاني الحُلوَه فمازلنا نتناشد القَريضَ الفَصيحْ و نستمعُ إلى كلّ صوتٍ
مَليحْ و اللّيلُ أخضرُ الدّيباجْ و صفحاتُ الصَّحْبِ تومِضُ بكلّ مُشعشعٍ
وَهّاجْ فأفْرَغْنا وِفَاضَ الكَلِمْ من كلّ شِعرٍ و نَغَمْ حتّى بقي
كالصّدف بلا دُرّ أو كالمِصْرِ بلا حُرّ . و إنّا لفي تلك الحال من
النّشوهْ إذ صدحَ صوتُ المنادي إلى الصّحوَهْ فخَنَسَ فينا شيطانُ
الصَّبْوَهْ و تبادَرْنا خِفافًا نسْتجْلي الدّعوهْ . فإذا بإمامٍ خطيبْ
تتدَلّى لحيتُه إلى الجُيُوبْ جعل يُطيلُ إطراقَهُ و يُديمُ استنشاقَهُ
ثمّ رفع عَقيرَته و استنفر عشيرته " أيّها النّاس ،إنّي لأجِدُ اليومَ
رِيحَ الكبائر في بعضكم فما جزاءُ من خَلطَ في سيرَته و ابْتُلِيَ
بقاذورَته ؟ و من ارتضَى تحت الطّاغوت أن يُصْرَعَ فأوْلَى بدابِرِه أن
يُقْطَعَ " و أشار إلينا فتألّبتْ الجماعة علينا ،حتّى مُزِّقَتْ
الحِساباتْ و فُجّرَتْ الصّفحاتْ و حتّى خِلنا أنّا بين الوحوش قد صرنا و
أفلتنا من بينهم و ما كِدْنا ، و كلّنا مَذهولْ و بسلامة حاسوبه مشغولْ . و
سألْنا من مرَّ بنا من الصِّبْيَة عن رأس تلك الفتنة فقالوا : إنّه
الرّجلُ التقِيُّ الغَـفَّاصُ بنُ الدُّكْمَاكِ الجُـهْجُـهِيُّ . فقلنا :
سبحان مُقلّب القلوبْ و ساترِ العُيُوبْ ، لا عَجَبَ بعد اليوم أنْ
يُبْصِرَ عِمِّيتٌ و يُؤمنَ عفريت . " و جعلنا بقيّة يومنا نعجبُ من
نُسْكهِ بعد ما كنّا نعلمُ من فِسْقِهِ
و لمّا حَشْرَجَ النّهار نظرْنا فإذا برايات الحانات أمثال النّجوم في
اللّيل البهيم ، فتهاديْنا حتّى وصلنا إلى أفخمها بابًا و أضخمها كلابًا و
اندفعنا إلى ذاتِ دَلٍّ و وِشاحٍ مُنحَلٍّ ، إذا قتَلتْ ألحَاظُها أحْيَتْ
ألفاظُها فسألناها عن خمْرها فقالتْ : كأنّما اعتصَرَها من خَدّي أجدادُ
جدّي و سَرْبَلوها بالقَارْ بمثل هَجْري و صَدِّي ، وَديعَةُ الدّهورْ و
خَبيئَـةُ جَيْب السُّرورْ ، مازالتْ تتوارَثها الأخْيَارْ و يأخذ منها
الليلُ و النّهارْ حتّى لم يَبْقَ إلاّ أرَجٌ و شُعاعْ و وَهَجٌ لذَّاعْ ،
ريحانة النّفس و ضَرَّة الشمس ، كاللّهيبِ في العروقْ و بَرْد النّسيم في
الحُلوقْ ، مصباحُ الفكرْ و تِرْياقُ سُمِّ الدّهرْ . قلنا : تلك ضالّتُنا و
أبيكِ فمَنْ المُطرِبُ في ناديكِ ؟
اللّيل البهيم ، فتهاديْنا حتّى وصلنا إلى أفخمها بابًا و أضخمها كلابًا و
اندفعنا إلى ذاتِ دَلٍّ و وِشاحٍ مُنحَلٍّ ، إذا قتَلتْ ألحَاظُها أحْيَتْ
ألفاظُها فسألناها عن خمْرها فقالتْ : كأنّما اعتصَرَها من خَدّي أجدادُ
جدّي و سَرْبَلوها بالقَارْ بمثل هَجْري و صَدِّي ، وَديعَةُ الدّهورْ و
خَبيئَـةُ جَيْب السُّرورْ ، مازالتْ تتوارَثها الأخْيَارْ و يأخذ منها
الليلُ و النّهارْ حتّى لم يَبْقَ إلاّ أرَجٌ و شُعاعْ و وَهَجٌ لذَّاعْ ،
ريحانة النّفس و ضَرَّة الشمس ، كاللّهيبِ في العروقْ و بَرْد النّسيم في
الحُلوقْ ، مصباحُ الفكرْ و تِرْياقُ سُمِّ الدّهرْ . قلنا : تلك ضالّتُنا و
أبيكِ فمَنْ المُطرِبُ في ناديكِ ؟
قالتْ : إنّ لي شيخًا ظريفَ الطّبْع طَريفَ المُجُون ، مَرَّ بي منذ مُدَّة و
اتّصل بيننا حبلُ المَوَدَّة، نديمٌ رقيقْ و صوتٌ كخالِصِ العَقيقْ . و
دَعَتْ شيخَها فإذا به جُهْـجُهِيُّنا و حقّ الواحد الدَيَّانْ ، قد أيقظ
غناؤُهُ العُلوجَ و القِيَانْ . فقلنا : مَرْحَى مرحى يا آبنَ الدّكْمَاكْ
امَا حَسِبْتَ أنّنا نلقاكْ ؟ فارْبَدَّ وجهُه و ازْوَرْ و ألْقَى
الدُفَّ و لعَنَ الوَتَرْ و صاحَ و زمجَرْ
اتّصل بيننا حبلُ المَوَدَّة، نديمٌ رقيقْ و صوتٌ كخالِصِ العَقيقْ . و
دَعَتْ شيخَها فإذا به جُهْـجُهِيُّنا و حقّ الواحد الدَيَّانْ ، قد أيقظ
غناؤُهُ العُلوجَ و القِيَانْ . فقلنا : مَرْحَى مرحى يا آبنَ الدّكْمَاكْ
امَا حَسِبْتَ أنّنا نلقاكْ ؟ فارْبَدَّ وجهُه و ازْوَرْ و ألْقَى
الدُفَّ و لعَنَ الوَتَرْ و صاحَ و زمجَرْ
أنا مِنْ كلِّ غُــبَارٍ / أنا مِنْ كلّ مَـكَـانِ
ساعةً ألْزَمُ مِحرابًا / و أخرَى بَيْتَ حَانِ
و كذا يفعلُ مَن يَعْقلُ / في هـذا الزّمَــانِ
قال الشَّمَقْمَقُ بنُ أبي مَحذوفْ : فاستعذتُ بربّ البيت العتيقْ من مثل هذا
الدّاعية الصَّفيقْ ، و عجبتُ من هول أعماله و خشيتُ على النّاس من انتشار
أمثاله ، و غادَرْنا الحَانْ و نحن نبتهل للمنّانْ أن يحفظ هذه الأوطانْ
الدّاعية الصَّفيقْ ، و عجبتُ من هول أعماله و خشيتُ على النّاس من انتشار
أمثاله ، و غادَرْنا الحَانْ و نحن نبتهل للمنّانْ أن يحفظ هذه الأوطانْ
لقمان-
- عدد المساهمات : 21
العمر : 42
نقاط تحت التجربة : 10230
تاريخ التسجيل : 03/12/2010
لقمان-
- عدد المساهمات : 21
العمر : 42
نقاط تحت التجربة : 10230
تاريخ التسجيل : 03/12/2010
رد: المـقامة الفيسبوكيّة 2
سأبدأ من الآخر و أنتهي بالأول هدا ما يبدو لي بعد ان قلبني هدا الوصف الجميل
لم استمتع من زمان مثلما استمتعت وانا اقرا ماكتبت نعم روعة من العيار الثقيل
لم استمتع من زمان مثلما استمتعت وانا اقرا ماكتبت نعم روعة من العيار الثقيل
lambadouza-
- عدد المساهمات : 2653
العمر : 49
الهوايه : TOUT CE QUI AJOUTE DU BIEN A MA PERSONNALITE
نقاط تحت التجربة : 15850
تاريخ التسجيل : 15/03/2007
رد: المـقامة الفيسبوكيّة 2
هذا من ذوقكlambadouza كتب:سأبدأ من الآخر و أنتهي بالأول هدا ما يبدو لي بعد ان قلبني هدا الوصف الجميل
لم استمتع من زمان مثلما استمتعت وانا اقرا ماكتبت نعم روعة من العيار الثقيل
و حسك المرهف يا حضرة الزميل المحترم
شرفنا مرورك العطر
لقمان-
- عدد المساهمات : 21
العمر : 42
نقاط تحت التجربة : 10230
تاريخ التسجيل : 03/12/2010
رد: المـقامة الفيسبوكيّة 2
أخي لقمان
أعجبني اختيارك للمقامة ولقد حالفني الحظ بأن درستها ودرّستها فكنت منها جذلا في الحالتين وبديع الزمان الهمذاني كان رائعا في مقاماته حتى تظن في بعض الأحيان أنه يتكلم عن عصرنا الحاضر
لكن لا أدري لم حرفت سندها وهو عيسى بن هشام
ولا أدري لم أعطيتها عنوانا جديدا وهي لها عنوان في مقامات بديع الزمان
أما آخرا وليس أخيرا لم اعتمدت عنوان الأخ حامد وهو لعمري كان مبدعا في مقامته وكنا ننتظر منه سلسلة مقامات
دمت مفيدا
أعجبني اختيارك للمقامة ولقد حالفني الحظ بأن درستها ودرّستها فكنت منها جذلا في الحالتين وبديع الزمان الهمذاني كان رائعا في مقاماته حتى تظن في بعض الأحيان أنه يتكلم عن عصرنا الحاضر
لكن لا أدري لم حرفت سندها وهو عيسى بن هشام
ولا أدري لم أعطيتها عنوانا جديدا وهي لها عنوان في مقامات بديع الزمان
أما آخرا وليس أخيرا لم اعتمدت عنوان الأخ حامد وهو لعمري كان مبدعا في مقامته وكنا ننتظر منه سلسلة مقامات
دمت مفيدا
جابر عثرات الكرام-
- عدد المساهمات : 194
العمر : 44
نقاط تحت التجربة : 10491
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
رد: المـقامة الفيسبوكيّة 2
ana fhemt elli howa 9ra ma9amet badi3 azzaman we 9arraha lil nas
hakka ya jma3a wella la?
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
hakka ya jma3a wella la?
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
ويأتي زمان لا يصبح فيه لأي شئ معنى . .
سوى الاستـسلام لهذا العشق !
مولانا
سوى الاستـسلام لهذا العشق !
مولانا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كيلاني-
- عدد المساهمات : 1951
العمر : 44
المكان : السويد٠ غوتنبرغ
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة
نقاط تحت التجربة : 13355
تاريخ التسجيل : 14/07/2007
رد: المـقامة الفيسبوكيّة 2
كيلاني كتب:ana fhemt elli howa 9ra ma9amet badi3 azzaman we 9arraha lil nas
hakka ya jma3a wella la?
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يا سيدي الكريم لكي لا يفهم كلامي بعكس ما أريد له
المقامة التي نقلها أخونا لقمان هي نفسها مقامة بديع الزمان باستثناء الراوي والعنوان
واضح يا كاتي
جابر عثرات الكرام-
- عدد المساهمات : 194
العمر : 44
نقاط تحت التجربة : 10491
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
رد: المـقامة الفيسبوكيّة 2
.......................................جابر عثرات الكرام كتب:كيلاني كتب:ana fhemt elli howa 9ra ma9amet badi3 azzaman we 9arraha lil nas
hakka ya jma3a wella la?
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يا سيدي الكريم لكي لا يفهم كلامي بعكس ما أريد له
المقامة التي نقلها أخونا لقمان هي نفسها مقامة بديع الزمان باستثناء الراوي والعنوان
واضح يا كاتي
fark9 fi mots
far9 fi madhmoun
et far9 fi ma9ssed
...................
kathy-
- عدد المساهمات : 58
العمر : 36
نقاط تحت التجربة : 10270
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
رد: المـقامة الفيسبوكيّة 2
سيدي يا جابر العثرات ما عنيته هو أنك درستَ مقامات الهمذاني و درّستها حسب ما من كلامك فهمت
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
ويأتي زمان لا يصبح فيه لأي شئ معنى . .
سوى الاستـسلام لهذا العشق !
مولانا
سوى الاستـسلام لهذا العشق !
مولانا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كيلاني-
- عدد المساهمات : 1951
العمر : 44
المكان : السويد٠ غوتنبرغ
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة
نقاط تحت التجربة : 13355
تاريخ التسجيل : 14/07/2007
رد: المـقامة الفيسبوكيّة 2
لقمان كتب:منقول
حدّثنا الشّمَقمَق بنُ
أبي المحذوف قال : اتّفق لي في عنفوان الشّبيبة خُلقٌ سجيحٌ و عقل رَجيح
فعَدّلتُ ميزان عقلي و عَدَلتُ بين جِدّي و هزلي و إلى أرض الفايسبوك شددتُ
الرِّحالْ و توكّلتُ على من بقدرته لا يُرَدُّ سؤالْ و اتّخذتُ إخوانًا
للمُزاحْ و آخرين للمُلمَّاتْ الصِّحاحْ و جعلتُ النّهارَ للنّاسْ و
اللّيلَ للكاسْ . قال ، و اجتمع إليَّ في بعض ليالِيَّ إخوانُ الخُلوَه ذوو
المعاني الحُلوَه فمازلنا نتناشد القَريضَ الفَصيحْ و نستمعُ إلى كلّ صوتٍ
مَليحْ و اللّيلُ أخضرُ الدّيباجْ و صفحاتُ الصَّحْبِ تومِضُ بكلّ مُشعشعٍ
وَهّاجْ فأفْرَغْنا وِفَاضَ الكَلِمْ من كلّ شِعرٍ و نَغَمْ حتّى بقي
كالصّدف بلا دُرّ أو كالمِصْرِ بلا حُرّ . و إنّا لفي تلك الحال من
النّشوهْ إذ صدحَ صوتُ المنادي إلى الصّحوَهْ فخَنَسَ فينا شيطانُ
الصَّبْوَهْ و تبادَرْنا خِفافًا نسْتجْلي الدّعوهْ . فإذا بإمامٍ خطيبْ
تتدَلّى لحيتُه إلى الجُيُوبْ جعل يُطيلُ إطراقَهُ و يُديمُ استنشاقَهُ
ثمّ رفع عَقيرَته و استنفر عشيرته " أيّها النّاس ،إنّي لأجِدُ اليومَ
رِيحَ الكبائر في بعضكم فما جزاءُ من خَلطَ في سيرَته و ابْتُلِيَ
بقاذورَته ؟ و من ارتضَى تحت الطّاغوت أن يُصْرَعَ فأوْلَى بدابِرِه أن
يُقْطَعَ " و أشار إلينا فتألّبتْ الجماعة علينا ،حتّى مُزِّقَتْ
الحِساباتْ و فُجّرَتْ الصّفحاتْ و حتّى خِلنا أنّا بين الوحوش قد صرنا و
أفلتنا من بينهم و ما كِدْنا ، و كلّنا مَذهولْ و بسلامة حاسوبه مشغولْ . و
سألْنا من مرَّ بنا من الصِّبْيَة عن رأس تلك الفتنة فقالوا : إنّه
الرّجلُ التقِيُّ الغَـفَّاصُ بنُ الدُّكْمَاكِ الجُـهْجُـهِيُّ . فقلنا :
سبحان مُقلّب القلوبْ و ساترِ العُيُوبْ ، لا عَجَبَ بعد اليوم أنْ
يُبْصِرَ عِمِّيتٌ و يُؤمنَ عفريت . " و جعلنا بقيّة يومنا نعجبُ من
نُسْكهِ بعد ما كنّا نعلمُ من فِسْقِهِو لمّا حَشْرَجَ النّهار نظرْنا فإذا برايات الحانات أمثال النّجوم في
اللّيل البهيم ، فتهاديْنا حتّى وصلنا إلى أفخمها بابًا و أضخمها كلابًا و
اندفعنا إلى ذاتِ دَلٍّ و وِشاحٍ مُنحَلٍّ ، إذا قتَلتْ ألحَاظُها أحْيَتْ
ألفاظُها فسألناها عن خمْرها فقالتْ : كأنّما اعتصَرَها من خَدّي أجدادُ
جدّي و سَرْبَلوها بالقَارْ بمثل هَجْري و صَدِّي ، وَديعَةُ الدّهورْ و
خَبيئَـةُ جَيْب السُّرورْ ، مازالتْ تتوارَثها الأخْيَارْ و يأخذ منها
الليلُ و النّهارْ حتّى لم يَبْقَ إلاّ أرَجٌ و شُعاعْ و وَهَجٌ لذَّاعْ ،
ريحانة النّفس و ضَرَّة الشمس ، كاللّهيبِ في العروقْ و بَرْد النّسيم في
الحُلوقْ ، مصباحُ الفكرْ و تِرْياقُ سُمِّ الدّهرْ . قلنا : تلك ضالّتُنا و
أبيكِ فمَنْ المُطرِبُ في ناديكِ ؟قالتْ : إنّ لي شيخًا ظريفَ الطّبْع طَريفَ المُجُون ، مَرَّ بي منذ مُدَّة و
اتّصل بيننا حبلُ المَوَدَّة، نديمٌ رقيقْ و صوتٌ كخالِصِ العَقيقْ . و
دَعَتْ شيخَها فإذا به جُهْـجُهِيُّنا و حقّ الواحد الدَيَّانْ ، قد أيقظ
غناؤُهُ العُلوجَ و القِيَانْ . فقلنا : مَرْحَى مرحى يا آبنَ الدّكْمَاكْ
امَا حَسِبْتَ أنّنا نلقاكْ ؟ فارْبَدَّ وجهُه و ازْوَرْ و ألْقَى
الدُفَّ و لعَنَ الوَتَرْ و صاحَ و زمجَرْأنا مِنْ كلِّ غُــبَارٍ / أنا مِنْ كلّ مَـكَـانِساعةً ألْزَمُ مِحرابًا / و أخرَى بَيْتَ حَانِو كذا يفعلُ مَن يَعْقلُ / في هـذا الزّمَــانِقال الشَّمَقْمَقُ بنُ أبي مَحذوفْ : فاستعذتُ بربّ البيت العتيقْ من مثل هذا
الدّاعية الصَّفيقْ ، و عجبتُ من هول أعماله و خشيتُ على النّاس من انتشار
أمثاله ، و غادَرْنا الحَانْ و نحن نبتهل للمنّانْ أن يحفظ هذه الأوطانْ
وهذه مقامة بديع الزمان بنصها واسمها المقامة الخمرية
حَدَّثَنَا عِيسى بْنُ هِشَامٍ قَالَ:اتَّفَقَ ليِ في عُنْفُوَانِ الشَّبِيبَةِ خُلُقٌ سَجِيحٌ، وَرَأْيٌ صَحِيحٌ، فَعَدَّلْتُ مِيزَانَ عَقْليِ، وَعَدَلْتُ بَيْنَ جِدِّي وَهَزْلِي، وَاتَّخَذْتُ إِخْواناً لِلْمِقَةِ، وَآخَرِينَ للنَّفَقَةِ، وَجَعَلْتُ النَّهَاَرَ لِلنَّاسِ، وَاللَّيْلَ لْلكاَسِ.
قَالَ: واجْتَمَعَ إِلَيَّ فِي بَعْضِ لَيَالِيَّ إِخْوانُ الخَلْوَةِ، ذَوُو المَعَاني الحُلْوَةِ، فَمَا زِلْنَا نَتَعَاطَى نُجُومَ الأَقْدَاحِ، حَتَّى نَفَدَ مَا مَعْنَا مِنْ الرَّاحِ.
قَالَ: واجْتَمَعَ رَأْيُ النَّدْمَانِ، عَلَى فَصْدِ الدِّنَانِ، فَأَسَلْنَا نَفْسَهَا، وَبَقِيَتْ كَالصَّدَفِ بِلا دُرٍّ، أَوْ المِصْرِ بِلا حُرٍّ.
قَالَ: وَلَمَّا مَسَّتْنَا حَالُنَا تِلْكَ دَعَتْنَا دَوَاعِي الشَّطَارَةِ، إِلَى حَانِ الخَمَّارَةِ، وَالْلَّيْلُ أَخْضَرُ الدِّيبَاجِ، مُغْتَلِمُ الأَمْواجِ، فَلَمَّا أَخَذْنَا فِي السَّبْحِ، ثَوَّبَ مُنَادِي الصُّبْحِ، فَخَنَسَ شَيْطَانُ الصَّبْوَةِ، وَتَبَادَرْنَا إِلَى الدَّعْوَةِ، وَقُمْنَا وَرَاءَ الإِمَامِ، قِيَامِ البَرَرَةِ الكِرَامِ، بِوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ، وَحَرَكَاتٍ مَوْزُونَةٍ، فَلِكُلِّ بِضَاعَةٍ وَقْتٌ، وَلِكُلِّ صِنَاعَةٍ سَمْتٌ، وَإِمَامُنَا يَجِدُّ فِي خَفْضِهِ وَرَفْعِهِ، وَيَدْعُونَا بِإِطَالَتِهِ إِلَى صَفْعِهِ، حَتَّى إِذَا رَاجَعَ بَصِيرَتَهُ، وَرَفَعَ بِالسَّلاَمِ عَقِيرَتَهُ، تَرَبَّعَ فِي رُكْنِ مِحْرَابِهِ، وَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلى أَصْحَابِهِ، وَجَعَلَ يُطِيلُ إِطْرَاقِهِ، وَيُدِيمُ اسْتِنْشَاقَهُ، ثُمًّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ خَلَطَ فِي سِيرَتِهِ، وابْتُلِيَ بِقَاذُورَتِهِ، فَلْيَسَعْهُ دِيماسُهُ، دُونَ أَنْ تُنَجِّسَنَا أَنْفَاسَهُ، إِنِّي لأَجِدُ مُنْذُ اليَومِ، رِيحَ أُُمِّ الكَبَائِرِ مِنْ بَعْضِ القَوْمِ، فَمَا جَزَاءُ مَنْ بَاتَ صَرِيعَ الطَاغُوتِ، ثُمَّ ابْتَكَرَ إِلَى هذِهِ البُيُوتِ، الَّتِي أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ، وَبِدَابِرِ هَؤُلاءِ أَنْ يُقْطَعْ، وَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَتَأَلَّبَتِ الجَمَاعَةُ عَلَيْنَا، حَتَّى مُزِّقَتِ الأَرْدِيَةُ، وَدَمِيَتِ الأَقْفِيَةُ، وَحَتَّى أَقْسَمْنَا لَهُمْ لا عُدْنَا، وَأَفْلَتْنَا مِنْ بَيْنِهِمْ وَمَا كِدْنَا، وَكُلُّنَا مُغْتَفِرٌ لِلْسَلامَةِ، مِثْلَ هَذِهِ الآفَةِ، وَسَأَلْنَا مَنْ مَرَّ بِنَا مِنَ الصِّبْيَةِ، عَنْ إِمَامِ تِلْكَ القَرْيَةِ، فَقَالُوا: الرَّجُلُ التَّقِيُّ، أَبُو الفَتْحِ الإِسْكَنْدَرِيُّ، فَقُلْنَا: سُبْحَانَ اللهِ! رُبَّمَا أَبْصَرَ عِمِّيتٌ، وَآمَنَ عِفْرِيتٌ، وَالحَمْدُ للِه لَقَدْ أَسْرَعَ فِي أَوْبَتِهِ، وَلا حَرَمَنَا اللهُ مِثْلَ تَوْبَتِهِ، وَجَعَلنَا بَقِيَّةَ يَوْمِنَا نَعْجَبُ مِنْ نُسْكِهِ، مَعَ مَا كُنَّا نَعْلَمُ مِنْ فِسْقِهِ.
قَالَ:وَلَمَّا حَشْرَجَ النَّهَارُ أَوْ كَادَ، نَظَرْنَا فَإِذَا بِرَايَاتِ الحَانَاتِ أَمْثَالُ النُّجُومِ، في الْلَّيْلِ البَهِيمِ، فَتَهَادَيْنَا بِهَا السَّرَّاءَ، وَتَبَاشَرْنَا بِلَيْلَةٍ غَرَّاءَ، وَوَصَلْنَا إِلَى أَفْخَمِهَا بَاباً، وَأَضْخَمِهَا كِلاباً، وَقَدْ جَعَلْنَا الدِّينَارَ إِمَاماً، وَالاسْتِهْتَارِ لِزَاماً، فَدُفِعْنَا إِلَى ذَاتِ شَكْلٍ وَدَلٍّ، وَوِشَاحِ مُنْحَلٍّ، إِذَا قَتَلَتْ أَلْحَاظُهَا، أَحْيَتْ أَلْفَاظُهَا، فَأَحْسَنَتْ تَلَقِّينَا، وَأَسْرَعَتْ تُقَبِّلُ رُؤُوسَنَا وَأَيْدِينَا، وَأَسْرَعَ مَنْ مَعَهَا مِنَ العُلُوجِ ، إِلَى حَطِّ الرِّحَالِ وَالسُّرُوجِ، وَسَأَلْنَاهَا عَنْ خَمْرِهَا، فَقَالَتْ:
خَمْـرٌ كَـرِيقِـي فِـي الــعُـــذُو *** بَةِ وَالَّـلـــذَاذَةِ وَالـــحَـــلاوَةْ
تَذَرُ الحَلِيمَ وَمَا عَلَيْهِ *** لِحِلْمِهِ أَدْنَى طُلاَوَةْ
كَأَنَّمَا اعْتَصَرَهَا مِنْ خَدِّي، أَجْدَادُ جَدِّي. وَسَرْبَلُوها مِنَ القَارِ، بِمِثْلِ هَجْرِي وَصَدِّي، وَدِيعَةُ الدُّهُورِ، وَخَبِيئَةُ جَيْبِ السُّرُورِ، وَمَا زَالَتْ تَتَوارَثْهَا الأَخْيَارُ، وَيَأْخِذُ مِنْهَا الْلَّيْلُ وَالنَّهَارُ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرَجٌ وَشُعَاعٌ،وَوَهْجٌ لَذَّاعُ، رَيْحَانَةُ النَّفْسِ، وَضَرَّةُ الشَّمْسِ، فَتَاةُ البَرْقِ، عَجُوزُ المَلْقِ، كَالَّلهَبِ في العُرُوقِ، وَكَبَرْدِ النَّسِيم فِي الحُلُوقِ، مِصْبَاحُ الفِكْرِ، وَتِرْيَاقُ سَمِّ الدَّهْرِ، بِمِثْلِهَا عُزّزَ المَيِّتُ فَانْتَشَرَ، وَدُووِيَ الأَكْمَهُ فَأَبْصَرَ، قُلْنَا: هذِهِ الضَّالَّةُ وَأَبِيكِ، فَمنِ المُطْرِبُ فِي نَادِيكِ؟.
وَلَعَلَّهَا تُشَعْشَعُ لِلشَّرْب، بِرِيقِكِ العَذْبِ، قَالَتْ: إِنَّ لِي شَيْخاً ظَرِيفَ الطَّبْعِ، طَرِيفَ المُجُونِ، مَرَّ بِي يَوْمَ الأَحَدِ فِي دَيْرِ المِرْبَدِ، فَسَارَّنِي حَتَّى سَرَّنِي، فَوَقَعَتِ الخُلْطَةُ، وَتَكَرَّرَتِ الغِبْطَةُ، وَذَكَرَ لِي مِنْ وُفُورِ عِرْضِهِ، وَشَرَفِ قَوْمِهِ فِي أَرْضِهِ، مَا عَطَفَ بِهِ وُدّي، وَحَظِيَ بِهِ عِنْدِي، وَسَيَكُونُ لَكُمْ بِهِ أُنْسٌ، وَعَلَيْهِ حِرْصٌ، قَالَ: وَدَعَتْ بِشَيْخِهَا فَإِذَا هُوَ إِسْكَنْدَرِينَا أَبُو الفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الفَتْحِ، واللهِ كَأَنَّمَا نَظَرَ إِلَيْكَ، وَنَطَقَ عَنْ لِسَانِكَ الَّذِي يَقُولُ:
كَانَ لِي فِيمَـا مَـضَ *** ى عَقْلٌ وَدِينٌ وَاسْتِقَامَةْ
ثُمَّ قَدْ بِعْنَـا بِـحَـمْـدِ *** اللهِ فِقْهاً بِـحِـجـامَةْ
وَلَئِنْ عِشْـنَـا قَـلِـيلاً *** نَسأَلُ اللهَ الـسَّـلاَمَةْ
قَالَ: فَنَخَرَ نِخْرَةَ المُعْجَبِ، وَصَاحَ وَزَمْهَرَ، وَضَحِكَ حَتَّى قَهْقَهَ. ثُمَّ قَالَ: أَلِمِثْلِي يُقَالُ، أَوْ بِمِثْلِي تُضْرَبُ الأَمْثَالُ ؟؟
هل فهمت يا من تدعين العلم
جابر عثرات الكرام-
- عدد المساهمات : 194
العمر : 44
نقاط تحت التجربة : 10491
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
رد: المـقامة الفيسبوكيّة 2
وأزيدك الأخ أخذها من مدونة ولادة بالحرف وقد كتب منقول للأمانة
جابر عثرات الكرام-
- عدد المساهمات : 194
العمر : 44
نقاط تحت التجربة : 10491
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى