تونس تتوجه بخطى حثيثة نحو الحكم العسكري.
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تونس تتوجه بخطى حثيثة نحو الحكم العسكري.
مضث ثلاث أسابيع على الإطاحة بحكم بن علي في تونس بعد ثورة شعبية أمتدت شهرا أتت خلاله على الأخضر و اليابس من نظام بن علي. ثورة استبشر بها العالم خيرا و انهالت عليها عبارات الثناء و الاعجاب من العدو قبل الصديق. ثورة بعثت أملا في بناء ديمقراطية جديدة تكون مثالا لشعوب العالم الثالث. لكن يبدو أن حريق الثورة الذي أتى على نظام الدكتاتور بدأ يتسع ليحرق كل البلاد.
على مر التاريخ حدثت ثورات عدة، و عكس ما يظن الكثير، لم تصل كلها لبر الأمان. بل أكثرها جرفت البلاد إلى فوضى و تناحر و حروب أهلية. أفغانستان مثلا شهدت واحدة من أروع ثورات العصر عندما اتحد الجميع طوال تسع سنوات لقهر أعتى جيش في العالم: الجيش الأحمر السوفياتي، و فرح الجميع بنصر أدخل البلاد في تقاتل الاخوة الأعداء و كانت النتيجة طالبان التي خلصت البلاد من الفوضى لتدخلها في دكتاتورية جديدة.
من خبروا الثورات يعون جيدا أن الثورة سلاح ذو حدين. و لعل ثورة تونس من أخطر أنواع الثورات، تلك المركبة المنفلتة التي لا سائق لها. ثورة تونس أشعلها الشعب و قادها و حدد خطواتها دون قيادة من أي طرف. ثورة لم تحدد لنفسها هدف محدد. لكن شاء لها الله أن تصل لأبعد مدى و تسقط الحكم. فوقف الجميع متساءلين: "ماذا نفعل الآن؟" و هنا بدأ الانقسام.
* شعب يرى نفسه الزارع و يرى أنه هو من يجب أن يجني الثمار. لكن ماهي هذه الثمار؟ العاطل يراها جائزة شخصية (وظيفة)، و الموظف يراها امتيازات جديدة (زيادة الأجر)، و بعض يراها انتقاما من رموز الظلم (مهاجمى الشرطة)، و بعض آخر يراها انهيار للقوانين (حازوا الأراضي و الأرصفة و نهبوا المحلات). و كل يصيح عاليا "نفسي، نفسي" و يطرد المؤجر و يضرب عن العمل متى يشاء. لكن الجميع نسي أن يفكر في أمر مهم: من سيوزع الجوائز و الثمار و الغنائم؟ الجواب المنطقي الحكومة الجديدة.
* هذه الحكومة هي اللغز في تونس اليوم، حكومة أولى فثانية ليس لها أي سلطة. فالسلطة اليوم للشعب: يعزل الولاة، يطرد المسؤولين، يوجه التهم، يحاكم.. فكيف لحكومة أن تعمل إذا نزعت عصاها واكتفت بالجزرة؟ الحكومة أرادت أن تتماهى مع الشعب و تعدل سياطها على رغباته لتضرب بها لا من تراه مذنبا بل من يراه الشعب مذنبا ولو كانت تعلم أنه ملك منزل من السماء.
لكن الخطر أن تتنازل عن قوتك لتثبت للشعب أنك في صفه. لأن الشعب يغلب العاطفة على العقل و الحكومة مكانها الطبيعي هو الجمجمة لتوزع الأوامر و تنظم الدورة الدموية. فماذا يحدث إذا نزع العقل؟: الموت السريري.
تونس اليوم تعيش موتا سريريا: جسم عقله ضعيف فتمرد عليه باقي الاعضاء و الخلايا رغم أنهم هم الخاسرون في النهاية. أطرد الكبد الكريات الحمراء فهجمت عليه الفيروسات ولم تجد من يحميها، و رفضت الكلى عصب التحكم فلم تجد من يقبل شكاويها، و أضربت الشرايين عن العمل فأوقفت الدورة الدموية: هي الفوضى، و في كل جسم خلايا سرطانية تنتظر الفرصة لتحتل الجسم.
* الخلايا السرطانية: هي اليوم كثيرة و قوية. بعضها كان يتحكم في الجسم فأصبح لا فقط غير مرغوب فيه بل أيضا مطارد. (التجمع، اطارات الامن المطرودة، رجال الاعمال الفاسدين، أعوان مرتشين...). غلطة الشعب أنه ظن أن هذه الخلايا ستبقى تنتظر مصيرها المحتوم دون حراك، هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم. و الشعب يعلم جيدا أنه من لم يعد لديه ما يخسره ينتفض على الجميع. قوة هذه الخلايا أنها متكاملة: تجمعيين يعرفون كل شيء عن الجسد، قوته ضعفه تفكيره.. و فاسدين لهم المال لتمويل الثورة المضادة، و رجال أمن مطرودين يمثلون اليد الطولى، و قاعدة شعبية ممن لا هم لهم إلا مصالحهم ولا تعني لهم الثورة إلا الغنائم. فالسرطان اليوم متكامل و منظم و قوي و قادر على كل شيء، و كل الظروف مهيئة له: حكومة تتجمل، وشعب لا يعرف ما يريد و يصدق كل شيء يقال له دون مجرد التثبت، و فيسبوك ينشر الشائعات و يصب الزيت على النار. المعادلة الان سهلة: اكتب ما تريد عمن تريد على الفايسبوك، و الشعب سيتولى النشر، حتى لو كتبت أن بن علي هو قائد الثورة سيصدقونك. وجه التهم للولاة و مدراء الأمن و الوزراء و سيكون كلامك قرآنا منزلا، و التهمة سهلة : "تجمعي" (رغم أن 2.4مليون تونسي تجمعيين، أي أكثر من ثلاث أرباع الراشدين). و وسط الفوضى توجد دائما منافذ للسرطان.
الآن و قد دخلت تونس مرحلة السرطان، لا بد من الكيميا. و الكيميا في السياسة هي القوة الغاشمة التي ستضحي بجمال المظهر و الشعر الممشوط و القوام الممشوق لإنقاذ حياة الجسم. هي العسكر، و تحت حكم العسكر لا مجال لمجرد الحديث خلسة عن حلم الديمقراطية. قالها الجنرال عمار سابقا وسط الشعب: "الفوضى تولد الرعب، و الرعب يولد الدكتاتورية". لكنه قال أيضا ما سمعه الكل و لم يفهموه "أنا ضامن للثورة" أي أنه لن يدع الجسم يموت.. و ما دعوة جيش الاحتياط اليوم إلا خطوة لا تفسيرلها إلا أن الجيش سيعطي فرصة أخيرة للجميع: للحكومة حتى تمسك بزمام الامور، و للشعب حتى يعود متحدا كما كان بعيدا عن منطق المصالح الذاتية، و للسرطان حتى يتوب أو يغادر.
اميرة المناجم-
- عدد المساهمات : 57
العمر : 37
نقاط تحت التجربة : 10840
تاريخ التسجيل : 07/03/2010
رد: تونس تتوجه بخطى حثيثة نحو الحكم العسكري.
[i]كلامك ياسر معقول نشاء الله يفهموه[/b]
mayya-
- عدد المساهمات : 5
العمر : 36
نقاط تحت التجربة : 11067
تاريخ التسجيل : 01/10/2009
مواضيع مماثلة
» بيان حركة النهضة : الحكم العسكري
» القذافي طلب من السرياطي الاستيلاء على الحكم في تونس وتسليم الرئاسة الى ليلى الطرابلسي
» أنفلوانزا الخنازير في تونس (تسجيل حالتين في تونس)
» محمد علام الدين العسكري ينفث سمومه
» مفتي المسلمين الصوفية يبايع المهدي بن الحسن العسكري الشيعي
» القذافي طلب من السرياطي الاستيلاء على الحكم في تونس وتسليم الرئاسة الى ليلى الطرابلسي
» أنفلوانزا الخنازير في تونس (تسجيل حالتين في تونس)
» محمد علام الدين العسكري ينفث سمومه
» مفتي المسلمين الصوفية يبايع المهدي بن الحسن العسكري الشيعي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى