خاص: ابن "علي السرياطي" سمير يتحدث عن التهم الموجهة لوالده وعن ظروف إيقافه... علاقته بالمحيط الرئاسي ويتهم "عبد الفتاح عمر" و"رضا قريرة" بالمغالطة...

قد يحيل ذكر اسم "علي السرياطي" على تأويلات عديدة بعضها من نسيج أجهزة الأمن والبعض الآخر من تأليف إذاعات الشوارع، كما أن للإعلام دوره في تشكيل ملامح افتراضية للرجل السري في قصر قرطاج .
"علي السرياطي" هو أول من ألقي عليه القبض بعد رحيل المخلوع "بن علي"...تواترت بشأن إيقافه التصريحات الرسمية وغيرها لذلك اغتنمنا فرصة الالتقاء بابنه "سمير" للاستماع مباشرة للوجه الآخر للاسطوانة.
كيف تفضل تقديم والدك لقراء "التونسية"؟
- هو من مواليد 1940 بمدينة غار الدماء بجندوبة، انتقل للعيش في مدينة حاجب العيون من ولاية القيروان حيث استقر أجدادنا منذ سنوات طويلة...زاول دراستة الثانوية في سوسة وتابع تكوينه العالي في مدرسة "سان سير" في فرنسا ، متزوج من والدتي أصيلة القيروان وله ابنان أنا وشقيقي...قام بمناسك الحج ومواظب على فروضه الدينية. والدي شديد الصلة بعائلته رغم أنه يقضي يوميا أكثر من 12 ساعة في العمل...
لكن ماذا عن تفاصيل حياته المهنية؟
- لقد انطلقت مسيرته في ثكنة فندق الجديد حيث درس هناك اختصاص الهندسة العسكرية وكان له مرور بثكنة وادي الليل تونس. كما كانت له مهمة بالأمن العسكري ثم عين مديرا عاما للأمن سنة 1991 تلتها مهمة مدير الأمن الرئاسي منذ سنة 2001...

شخصية رغم تواجدها وراء الأضواء شكلت مادة للأقاويل والاتهامات؟
- المفترض أن لا يقع كيل الاتهامات جزافا فحسب ما بلغني هو متهم بالجدية والإفراط في الانضباط ورفض التدخلات، متهم بالصرامة في تكوين الأعوان والإطارات الأمنية، متهم بالوفاء لنص المهمة التي كلف بها عند إشرافه على الأمن الرئاسي. وفي نظري هذه التهم هي خصال مطلوبة في الإطار الأمني. ولعلمكم فإن والدي زيادة على أنه يشتغل كثيرا ويتعب كثيرا فهو يرفض المراسم التشريفية لكبار الضباط وهو يتنقل دون حماية.
وهو متهم أيضا بتسلم ما قدره 500 مليون نقدا يوم 13 جانفي من الرئيس السابق؟
- التهمة أطلقها رئيس لجنة تقصي الحقائق "عبد الفتاح عمر" دون أن يتأكد من معطياته وكان عليه الاعتذار عن توجيه تلك التهمة بعد اطلاعه على تفاصيل توزيع الـ 500 ألف دينار حيث تعوّد الرئيس السابق على تمكين أعوان الأمن الرئاسي وإطاراته من منحة سنوية وحيث أنه كان خارج البلاد خلال نهاية السنة فقد تأخر صرف هذه المنحة. وقد تم تسليم مبلغ الـ 500 ألف دينار فعلا لوالدي يوم 13 جانفي لكن وقع توزيعها عن طريق كتابة الأمن الرئاسي وبعملية حسابية نجد أن هذه المنحة تتراوح بين 150 دينارا و 1000 دينار لكل عون حسب الرتب.
...ومتهم أيضا بالتستر على جرائم الطرابلسية وخروقات صخر الماطري؟
- بالنسبة إلى الطرابلسية لم تكن له معهم أية علاقة فهم يتعاملون مباشرة مع "ليلى" التي تسهل قضاء حاجياتهم أو تكلف الرئيس بالتدخل لفائدتهم. أما "صخر الماطري" فقد كانت له معه عديد الخلافات لأنه يسكن في قصر قرطاج ويحتك به يوميا. كما أنه يتنقل بحماية الأمن الرئاسي. وقد حدث أن عارض والدي ذات مرة حين تم إعلامه من طرف مصالح الديوانة دخول سيارة مصفحة على ملك "صخر الماطري" باعتبار أنه لا توجد سيارة مصفحة في تونس إلا سيارة الرئيس غير أن هذا الأخير تولى حين علم بالأمر الإمضاء لفائدة السماح بدخول سيارة "صخر". كما لم يفت والدي التلميح إلى جرائم الطرابلسية ولهفتهم على الأموال فأجابه الرئيس المخلوع: "خليهم..يزيهم ما مشاو حافيين" !!! حينها لزم حدوده متقيدا بواجباته المهنية الصرفة لا غير.
...التهمة الأشد والتي رمت به خلف القضبان هي تهمة الإخلال بالأمن الداخلي وحث الناس على قتل بعضهم البعض؟
- بصراحة، لا يخلو سجل مواطن من أخطاء في حياته خاصة كانت أو مهنية وعلى كل فرد أن يتحمل مسؤولية أخطائه...أنا لا أدعي أن والدي لم يخطئ قط في حياته المهنية لكنه لا يمكن أن يكون مورطا في مثل هذه التهمة.
لماذا إذن وقع القبض عليه يوم فرار الرئيس المخلوع؟
- سيكشف التحقيق من وراء مخطط إيقاف"السرياطي" وتوجيه التهم إليه وتأليب الرأي العام على شخصه !
ألم يكن طرفا في ترحيل بن علي بتلك الكيفية إلى السعودية؟
- لقد تعود والدي مرافقة الرئيس في تنقلاته بالخارج هو و "محسن رحيم" مدير التشريفات والدكتور "محمد قديش" الطبيب الخاص للرئيس المخلوع لكن يوم 14 جانفي لم تكن نية الرئيس السفر فقد جاء إلى المطار بنية إيصال زوجته وابنته وخطيبها حيث كانت "ليلى الطرابلسي" تعتزم أداء مناسك العمرة وقد تم إعلام السعودية بذلك غير أنه عند صعوده إلى الطائرة لتوديعهم ألح ابنه في البكاء وطلب بقاءه...ولما طالت مدة وقوفه اقتربت منه المضيفة قائلة أن الطائرة ستقلع ويجب إغلاق بابها فطلب منها إغلاقه وحلقت الطائرة...ولا صحة للرواية التي ورد فيها أن والدي شتم الرئيس أو دفعه للصعود إلى الطائرة...لقد سافر وفي نيته العودة حيث لم يكن يحمل معه حتى حقيبة التجميل.
كيف تم القبض عليه؟
- لقد طلب منه الرئيس المخلوع إعداد طائرة عسكرية من نوع 630 لفائدة ابنته "غزوة" وزوجها "سليم زروق" وابنهما "اسكندر" لتقلهم إلى فرنسا. فتم تجهيز الطائرة وقبل أن تمتطيها العائلة طلبوا منه تسليم سلاحه وتم إعلامه أنه أصبح على ذمة الأمن العسكري ليتم نقله بعد ذلك إلى سجن الإيقاف بالعوينة باعتباره برتبة جنرال.
في نفس سجن الطرابلسية؟
- الطرابلسية يتمتعون بظروف إيقاف أفضل !!
هناك أحاديث عن ضلوعه في مؤامرة لقلب النظام؟
- كيف يمكن لرجل غريب عن الشعب وليست له علاقات سياسية أن يفكر في تلك المغامرات؟ لقد تم إنجاز 7 نوفمبر بتنسيق بين الحرس والأمن وبعض السياسيين... ولقد أثبتت زيارات التفقد والجرد التي تمت يوم 15 جانفي أنه لم يسجل نقص في أسلحة الأمن الرئاسي ولم يسجل تخلف الأعوان عن مهامهم...عن أي مؤامرة يمكن الحديث؟...لقد كان هناك مخطط خفي للإطاحة بوالدي بتنسيق إعلامي مع قناة "الجزيرة"...فهذه القناة تحدثت عن إيقاف والدي بالحدود الليبية وعن معركة بالأسلحة بين قوات الجيش والحرس الرئاسي بقصر قرطاج. وأثبتت الوقائع زيف هذه الأخبار مع تواطئ من البعض حيث لم تسع أية جهة رسمية إلى تكذيب إيقافه في الجنوب ونفي معركة القصر الرئاسي وتوضيح ملابسات الـ 500 ألف دينار ! وأكرر ندائي للرأي العام حتى لا يتسرع في الحكم على بعض المدانين قبل أن تبت العدالة في أمرهم وأنا على يقين من عدالة القضاء في تونس بعد الثورة لينال كل طرف حقه...فوالدي بريء من كل تهم التآمر على البلاد والعباد...وتقرير المؤتمن العدلي سيكشف تواضع عيشة عائلة "السرياطي" فلنا بيت مرهون ونعيش من جراياتنا وحتى منزل جدي بحاجب العيون هو على وجه الكراء من بلدية المكان، كما ستكشف التقارير والتعليمات المسجلة عمن أعطى الإذن بإطلاق النار على الشعب.
بريء من تهمة الإخلال بالأمن الداخلي وحث الناس على قتل بعضهم البعض...وما نصيبه من قضايا التعذيب؟
- ليس له أي ضلع في هذا المجال فحين اشتغاله في الداخلية كانت مهام أمن الدولة تابعة أساسا إلى مهام الوزير وهو قد عمل في عهد الوزيرين "عبد الله القلال" و"محمد علي القنزوعي" .
تقول أن والدك حريص على الوفاء لمهمته في القصر الرئاسي، ألا تعتبر من مهامه تنبيه الرئيس إلى اقتراب نهايته السياسية؟
- والدي لم يقصّر في هذا الشأن فقد تحادث مع "مروان مبروك" الذي كان الأكثر قربا من الرئيس في أيامه الأخيرة بدعوته إلى التأثير عليه والإعلان عن محاسبة الطرابلسية وقد تظاهر الرئيس بقبول الفكرة في بادئ الأمر حيث تضمنت الكلمة التي كتبها له "حكيم القروي" ما يفيد أنه سيقوم بمحاسبتهم لكنه راوغ الجميع ورفض الإعلان عن ذلك الإجراء. لقد عرف عن الرئيس المخلوع ضعفه الكبير أمام سلطة زوجته "ليلى الطرابلسي" حيث يشير والدي إلى أنه كثيرا ما اتفق معه خلال جلسات ليلية حول بعض الإجراءات والقرارات لكنه يفاجئه في الصباح بالتراجع عما تم الاتفاق عليه . كما أذكر بأن والدي سبق له أن تقدم باستقالته إلى الرئيس المخلوع في أربع مرات لكنه كان يرفضها.
هل يسمح لكم بزيارته؟
- مرة واحدة في الأسبوع، على أن تتم الزيارة بحضور عقيد من الجيش الوطني ولمدة لا تتجاوز 15 دقيقة.
كيف هي معنوياته وهل لديه أحاسيس ندم؟ أم ثقة في العدالة؟ أم ألم من انقلاب الزمن؟
- ليس له ما يندم عليه، فالأبحاث ستؤكد براءته من التهم الملفقة...هو مؤمن بالله لذلك ينتظر من العدالة إنصافه...ومعنوياته مرتفعة رغم أنه محروم من التلفاز ومن مطالعة الصحف...أما أنيسه في سجن الإيقاف فهو كتاب القرآن.
كلمة أخيرة؟
- لقد حرص والدي على تربيتنا على مبادئ الشرف و"العرض النظيف" لذلك يحز في نفسي أن أراه متهما بالضلوع في أقذر تهمة لأنها فعلا بعيدة عن أخلاقه وأخلاق العائلة...كما يحز في نفسي سيل المغالطات الموجهة إلى الرأي العام والتي ستكشفها الأيام...خطة إعلامية مدروسة لتحويل الأنظار عن عديد المورطين وحصر التهمة في والدي ككبش فداء...لقد جاء في تصريحات رئيس لجنة تقصي الحقائق كثير من المغالطات وفي تصريح وزير الدفاع السابق افتراءات ومعلومات خاطئة ومازال بحوزتنا عديد الأدلة التي ستكشف عن تورط عدد كبير من الناعمين المتنعمين بالحرية حاليا وسنقدمها للعدالة في الوقت المناسب.