بين الفن وبلادة السخرية والعفن

نشأ الفن منذ فجر التاريخ البشري. وكان منشؤه في
أحضان الدين. وفي جميع الحضارات اقترن الفن بالدين. وتثبت اللقى الأثرية
والكهوف التي سكنها الإنسان الأول أن الفن كان قرين الدين وتابعا له منذ أن
وجد الإنسان.

في الدول العريقة
التي بنت حضارات عظيمة وامبراطوريات كبيرة ظل الفن مرتبطا ارتباطا وثيقا
بالدين في مصر الفرعونية وبابل القديمة وفي الصين والهند ولدى الهنود الحمر
ولدى كل الشعوب كان الفن ابنا شرعيا للدين.. والموسيقى ذاتها ما هي إلا
إبداع فني تم في إطار ديني محض في الحضارات القديمة.

وفي عصر النهضة الأوروبية فإن الكثير من اللوحات الشهيرة لكبار الرسامين هي لوحات دينية بامتياز.


في تونس وحدها يتوهم البعض أن الفن لا يكون فنا إلا من خلال السخرية من
الدين، والهزء من مقدسات الشعب، من قبل كائنات مشوهة لا استطاعت أن تفهم
شعبها وتحترمه وتحترم مقدساته، ولا استطاعت أن تجاهره بأنها ليست منه ولا
تشرف بالانتماء له، فهي لا منه ولا من غيره.. "مذبذبين بين ذلك لا إلى
هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا".

والمصيبة
كل المصيبة أن تجد بعض السياسيين، الذين دوخونا بالحديث عن الوسطية
والاعتدال والإسلام الوسطي، يدافعون عن هذه الرؤية التافهة المشوهة للدين
وللفن معا على أنه دفاع عن الإبداع.. فأي إبداع في رسم بليد لخير الأنبياء
بريشة شخص لا يكاد يفهم في الرسم ولا في الألوان شيئا.. وأي إبداع في عرض
ملابس داخلية على أنها لوحة فنية.. أي فن هذا؟ إنه إلى العفن أقرب!!