سنذهب في سبيل حماية أمننا وسيادتنا الى حد طرد السفير الفرنسي

الضمير - محمد الحمروني :

شيئا فشيئا بدأت تتكشف حجم المؤامرة التي حيكت لهذا الوطن. ودون استباق لنتائج التحقيقات الجارية الان في ما يمكن ان يكون اكبر
عملية تامر داخلية وخارجية على بلادنا، وبحسب ما يروج في عدد من وسائل الاعلام من تسريبات عن ملف القضية، فان ما كان يدبر لهذه البلاد واهلها من تفجيرات وعمليات ارهابية لا يمكن ان يخطر على بال.

اوراق القضية، ودون استباق لمجريات التحقيق، تثبت تورط دولة اجنبية طالما تغنى بورقيبة بانها صديقة تونس الاولى، تورطت لا فقط في التدخل في شؤوننا، بل في التخطيط للقيام بعمليات ارهابية، وفي محاولة زعزعة امن واستقرار البلاد واستهداف التونسيين وجزء من الجالية اليهودية في بلادنا في ارواحهم خدمة لأجندات سياسية متعفنة.

صحيح ان القوى الاستعمارية لم تهضم الثورة التي قامت في تونس وفي عدد من دول الربيع العربي، وصحيح ايضا ان هذه القوى لم تتخل يوما عن غطرستها الاستعمارية وتعاملها الفوقى معنا وكأننا لا نزال تحت حكم المقيم العام، ولكن ان يصل الامر بهذه الدول التي ترفع صباح مساء شعار محاربة الارهاب الى حد التورط في عملية ارهابية فهذا ما لم يكن يتخيله احد.

لا ادري ما موقف الكيان الصهيوني من هؤلاء الذين يدعون انهم حماة لدولة الكيان وانهم حماة للطائفة اليهودية، عندما يعلم ان هؤلاء متورطون او هم شركاء في عملية التخطيط لتفجير الكنيس اليهودي بالغريبة؟

ما موقف الكيان من هؤلاء الذين كانوا يعتزمون هدر الدم اليهودي في تونس، بهدف تشويه سمعة الاسلاميين او اضعاف الحكومة التي تسيطر عليها النهضة او في احسن الحالات إلصاق التهمة بالسلفيين؟

ولا يجب ان يعتقد اي منا ان هذه الممارسات غريبة عن دول تدعي الحداثة والديمقراطية، بل هي دول مجرمة مثلهم في ذلك مثل بقاياهم من الحركية الذين خلفوهم ليرعوا مصالحهم.

في مارس 1996 خطف في الجزائر التي كانت تشهد حربا اهلية برعاية اجنبية معلومة، سبعة رهبان فرنسيين، وعثر على رؤوسهم مقطوعة في ماي من نفس السنة.

وشن الاعلام الفرنسي حينها حملة هوجاء على الاسلاميين وعلى الجهاديين، واستغلت الحادثة لا فقط لشيطنة هؤلاء، بل لتمرير معونات عسكرية واستخباراتية للدولة الجزائرية دعما لها في محاربة الارهاب، هكذا كان يقال.

لكن الكاتب والصحافي الفرنسي جون باتيست ريفوار كشف في كتاب عن مقتل هؤلاء الرهبان تورط الأمن العسكري الجزائري في تلك المأساة. وقدم على ذلك شهادات من عسكريين تفيد بان هذه العملية تمت بأمر واشراف قادة الامن العسكري.

وليس هذه هي المشكلة، بل ان المخابرات الفرنسية كانت تعلم بتورط الجهات الامنية والعسكرية الجزائرية في هذه العملية ولم تحرك ساكنا، بل انها سكتت طوال سنوات تواطؤا مع حلفائها في الجزائر من جهة، ورغبة منها في استغلال هذه الحادثة لمزيد شيطنة الاسلاميين وحشد الراي العام العالمي ضدهم من جهة ثانية.

اننا مطالبون اليوم بمراجعة حقيقية لعلاقاتنا مع دول تشجع على الارهاب، ومن حقنا في حال ثبت ان هذه الدول متورطة فعلا في التدبير لهكذا عمليات ان نقاضيها دوليا.

نقول هذا خاصة وان بعض الدول الغربية على غرار فرنسا لا تتوانى على التدخل في شؤوننا الداخلية، وقد تم مؤخرا استدعاء السفير الفرنسي من قبل وزارة الخارجية التونسية للاستفسار عن اسباب زيارته لنقابة الصحافيين خلال الفترة التي اعلنت فيها النقابة اضرابا عاما دفاعا كما قالت عن حرية التعبير.

واليوم نرى كيف تمعن الحكومة الفرنسية في الاستهتار بمشاعر التونسيين عندما تستقبل رموز العهد البائد وكأنهم سادة تونس.

اننا امام بلطجة سياسية من قبل هذه الدول التي لم تتوانى كما قال ابو العبد السيد اسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني عن التآمر علينا في الداخل والخارج.

والمطلوب اليوم من حكومتنا ان ترد بحزم على كل من يفكر في المس ببلادنا، وعليها ان ترسل رسائل واضحة مفادها اننا دولة حرة مستقلة ذات سيادة، واننا لن نقبل باي تعامل فيه تقليل من احترام مشاعرنا الوطنية، واننا سنذهب في سبيل حماية امننا واستقرارنا وسيادتنا الى حد طرد السفير.