نسمة قفصية
مرحبا بكم في موقع قفصة فيه كل تاريخ قفصة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

نسمة قفصية
مرحبا بكم في موقع قفصة فيه كل تاريخ قفصة
نسمة قفصية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لماذا يفرض الصوفية طاعة الشيخ؟!!

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

 لماذا يفرض الصوفية طاعة الشيخ؟!! Empty لماذا يفرض الصوفية طاعة الشيخ؟!!

مُساهمة من طرف أحمد نصيب الجمعة 29 نوفمبر - 8:37

ملاحظات على أفكار صوفية
د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه

(1) لماذا يفرض الصوفية طاعة الشيخ؟!!

أكثر أرباب التصوف الإشادة بشأن الشيخ ووجوب اقتداء المريد به:
- فهذا أبو عبدالرحمن السلمي يقول:" من لم يتأدب بشيخ فهو بطال، ومن لم يلحقه نظر شيخ وشفقته لايجيء منه شيء"(1).
- وقال القشيري: " من لم يكن له أستاذ لم يفلح أبدا. هذا أبو يزيد يقول: من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان"(2).
- وقال ذو النون المصري: "طاعة مريد شيخه، فوق طاعته ربه"(3).
وسبب هذه النظرة: أن الشيخ في نظر المتصوفة هو الواسطة بين الله والمريدين، وهو أمين الإلهام كما أن جبريل أمين الوحي، يقول السهروردي: " كلام الشيخ بالحق من الحق، فالشيخ للمريدين أمين الإلهام، كما أن جبريل أمين الوحي"(4).
بهذه الأفكار عزز الصوفية مكانة الشيخ في حياة المريد، فصار له كالقارب في البحر، يحمله في سفره، فلا بد له من الاعتناء بأمره وأحواله وعدم مخالفته أبدا ولو بقلبه، قال القشيري:
- " ومن شرطه أن لا يكون له بقلبه اعتراض على شيخه... ثم يجب حفظ سره حتى زره إلا عن شيخه، ولو كتم نفسا من أنفاسه عن شيخه فقد خانه في حق صحبته، ولو وقعت له مخالفة فيما أشار عليه شيخه، فيجب أن يقر بذلك بين يديه في الوقت، ثم يستسلم لما يحكم به عليه شيخه عقوبة له على جنايته ومخالفته، إما بسفر يكلفه أو أمر يراه"(5).
وقد كتب عبدالوهاب الشعراني كتابه "الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية" وعامته في أدب المريد مع شيخه، فيلازمه، ويصبر عليه، ويحبه، ويسلم له حاله، ولا يعترض عليه، ولا يتزوج إلا بإذنه، ولا يكتمه شيئا، ويريه فقره إليه، ولا يقول له: لا.
يرضى بكل اختياره، ويتعاهد عياله، ولا يمد رجله تجاه شيخه، وغير ذلك.
وبذلك جعلوا المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي مغسله، وألزموه بلبس معين، ومشية معينة، وشيخ معين، وطريقة معينة.
إن في هذا التبجيل الكبير للشيخ سرا قد لا يعرفه الكثير، أشار إليه الجيلي، حين ذكر أن الإنسان الكامل، وهو محمد صلى الله عليه وسلم يظهر في صورة الأولياء، في كل زمان ومكان، وعلى ذلك فإن المريد يتعامل في حقيقة الأمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الإنسان الكامل، الذي هو، في نظرهم، من نور الله ومحل نظر الله تعالى، ومنه خلق العالم، وهو أول موجود، فلذا كان من الواجب أن يوقره وينزل طاعته منزلة طاعة الله، يقول الجيلي:
" وسر هذا الأمر تمكنه صلى الله عليه وسلم من التصور بكل صورة، فالأديب إذا رآه في الصور المحمدية التي كان عليها في حياته فإنه يسميه باسمه، وإذا رآه في صورة ما من الصور وعلم أنه محمد، فلا يسميه إلا باسم تلك الصورة، ثم لا يوقع الاسم إلا على الحقيقة المحمدية، ألا تراه صلى الله عليه وسلم لما ظهر في صورة الشبلي رضي الله عنه، قال الشبلي لتلميذه: أشهد أني رسول الله، وكان التلميذ صاحب كشف فعرفه، فقال: أشهد أنك رسول الله…
فإذا كشف لك عن الحقيقة المحمدية أنها متجلية في صورة من صورة الآدميين، فيلزمك إيقاع اسم تلك الصورة على الحقيقة المحمدية، ويجب عليك أن تتأدب مع صاحب تلك الصورة تأدبك مع محمد صلى الله عليه وسلم، لما أعطاك الكشف شأن محمد صلى الله عليه وسلم متصورة بتلك الصورة، فلا يجوز لك بعد شهود محمد صلى الله عليه وسلم فيها أن تعاملها بما كنت تعاملها به من قبل...
وقد جرت سنته صلى الله عليه وسلم أنه لايزال يتصور في كل زمان بصورة أكملهم، ليعلي شأنهم ويقيم ميلانهم، فهم خلفاؤه في الظاهر وهو في الباطن حقيقتهم"(6).
فالشيخ إذن في مقام رسول الله أو في مقام الإنسان الكامل والموجود الأول، الذي يمتاز بألوهية المعدن والمنشأ والمعاد، ولذا فإنه يستحق الطاعة المطلقة كطاعة الله تعالى.

(2) ما هو ابن عربي؟!

يكثر المتصوفة من الاعتذار لابن عربي، مع ما جاء عنه من قول بالحلول والاتحاد والوحدة، لأجل:
- الإبقاء عليه ضمن دائرة التصوف؛ فهو يمثل عمق التصوف وحقيقته، ومشكلته عندهم: أنه أفصح بوضوح عن الفكرة الصوفية، كما هي؛ وبذلك أحرج المتصوفة:
- فبراءتهم منه يعني إبطال حقيقة التصوف، القائم على الحلول والاتحاد والوحدة. وهذا يحرجهم مع الفكرة، ومع أنفسهم.
- وقبولهم به يعني الاعتراف بأن فكره هو التصوف الحقيقي. وهذا يحرجهم مع غير المتصوفة، فلا يستطيعون ترويج الفكرة، ولا الذب عن أنفسهم.
ما وجدوا من هذا الحرج مخرجا إلا أن يقولوا:
- أن كلامه دقيق، لا يفهمه أحد من خارج التصوف، بل فهمه يحتاج إلى شروط صوفية، وهو أن يرتقي السالك في المنازل والمعارج، حتى يصل إلى مرتبة يصح له فيها فهم الكلام الصوفي.
وهكذا تخلصوا، ولو ظاهريا، من إلزامهم بالفكرة الحلولية، بدعواهم دقة كلام ابن عربي، واحتفظوا في الوقت نفسه بالصلة بينهم وبين هذه الفكرة، بتعظيم ابن عربي وكلماته.
هذه الطريقة المترددة بين وجهين من الكلام، هي طريقة ابن عربي نفسه، فمرة يقول الكلام، ثم يكر عليه ليأتي بضده، وهو بذلك سهل لأتباعه التزام العذر له... سئل مرة عما يعنيه بقوله:
يا من يراني ولا أراه **** كم ذا أراه ولا يراني
يشير بذلك إلى مذهبه في وحدة الوجود، وأنه يرى الحق متجليا في صور أعيان الممكنات، ولا يراه الحق؛ لأنه هو المتجلي في صورته، فأجاب من فوره:
يا من يراني مجرما **** ولا أراه آخذا
كم ذا أره منعما **** ولا يراني لائذا(7).
يقول محقق كتاب الفصوص أبو العلا عفيفي، وهو تلميذ المستشرق الإنجليزي نيكلسون:
"يغلب على ظني أنه يعتمد تعقيد البسيط وإخفاء الظاهر لأغراض في نفسه، فعباراته تحتمل في أغلب الأحيان معنيين على الأقل:
- أحدهما ظاهر، وهو ما يشير به ظاهر الشرع.
- والثاني باطن، وهو ما يشير به إلى مذهبه.
ولو أن من يعمق النظر في معانيه ويدرك مراميه، لا يسعه إلا القول بأن الناحية الثانية هي الهدف الذي يرمي إليه، أما ما يذكره مما له صلة بظاهر الشرع، فإنما يقدمه إرضاء لأهل الظاهر من الفقهاء، الذين يخشى أن يتهموه بالخروج والمروق"(بارك الله فيك.
وكل من تعمق في مذهبه، وقرأ له زمنا، وكان منصفا، مبتغيا الحق، لم يجد عذرا صحيحا يحسن به مذهبه، إلا أن يكون على عقيدته، فيلبس كتلبيسه.
غير أنه قد يرد ذلك إلى مرض غلب عليه، اختل به مزاجه، فصدر منه ما صدر، فقد نقل ملا علي القارئ عن الجزري قوله: "وأحسن ما عندي في أمر هذا الرجل أنه لما ارتاض غلبت عليه السوداء، فقال ما قال، فلهذا اختلف كلامه اختلافا كثيرا، وتناقض تناقضا ظاهرا، فيقول اليوم شيئا، وغدا بخلافه"(9).
****
إذا كان الأمر كذلك، فالاعتذار عنه بادعاء أن كلامه دقيق، لا يفهمه كل أحد: غير مقبول.
وكذلك القول بأنه مدسوس عليه، دع عنك القول ببطلان نسبة كتبه إليه: الفصوص، والفتوحات. مردود غير مقبول للأسباب التالية:
1- أن أصل فكرته: التجلي الإلهي في صور الكائنات. وهي نفس فكرة الحلول والاتحاد والوحدة، تملؤ كتبه، فإنك تجدها في كل صفحة، وفصل، وباب. وفي مثل هذا الحال يتعذر قبول دعوى أنها مدسوسة، فالمدسوس لا يغلب.
2- أن المتصوفة المتقدمين قبلوا بهذه الكتب، وشرحوها، كالقاشاني، والنابلسي.
3- أن المعتنين بتراث ابن عربي اليوم، الناشرين لها، كالدكتور عثمان يحيى، والدكتور أبو العلا عفيفي، والدكتور سعاد الحكيم، وكل هؤلاء باحثون مدققون، لم يؤثر عنهم إنكار النسبة.
****
نبذ من كلام ابن عربي.
هذه نبذ من كلام ابن عربي، الذي يزعمون أنه دقيق، يظهر فيه حقيقة مذهبه، فماذا يقول:
* "فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل.
لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة.
فلهذا أحب صلى الله عليه وسلم النساء، لكمال شهود الحق فيهن...
فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله، وأعظم الوصلة النكاح، وهو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته، ليخلقه فيرى فيه نفسه، فسواه وعدله، ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق ".
وفي الفص الإدريسي في تفسير قوله تعالى:{ وخلق منها زوجها } قال ـ تعالى الله عما يقول هذا وأمثاله من الملحدين:"فما نكح سوى نفسه، فمنه الصاحبة والولد والأمر الواحد في العدد".
وجاء عبدالغني النابلسي فشرح هذه الكلمة شرحا موافقا لقول ابن عربي، فقال:" وفي الحقيقة حضرة إلهية توجهت على حضرة إلهية أخرى من قبيل المغايرة بين الواحد ونفسه إذا كان معلوما"(10).

* يقول في ترجمان الأشواق(11) :
كل ما أذكره من طلل **** أو ربوع أو مغان كل ما
أو نساء كاعبات نهّد **** طالعات أو شموس أو دمى
صفة قدسية علوية **** أعلمت إن لمثلي قدما
وتمثل الحضرة الإلهية في المرأة، تعالى وتقدس، ليست شناعة انفرد بها ابن عربي، بل سبق إليها المتصوفة القدماء، حيث نزلوا أشعار الغزل في الذات الإلهية، وتغزلوا كما يتغزلون بالمرأة، كما قال أبو عبد الله المغربي:
لا تدعني إلا بيا عبدها **** فإنها أصدق أسمائي (12).
وهي موجودة عند ابن الفارض، والجيلي الذي يقول:
وكل كحيل الطرف يقتل صبّه **** بماض كسيف الهند حالا مضارع
وكل اسمرار في القوائم كالقنا **** عليه من الشعر الرسيل شرائع
وكل مليح بالملاحة قد زها **** وكل جميل بالمحاسن بارع
وكل لطيف جلّ أو دق حسنه **** وكل جليل فهو باللطف صادع
محاسن من أنشاه ذلك كله **** فوحد ولا تشرك به فهو واسع (13).
والمقام لا يتسع لاستزادة من الأمثلة، لكنها حقائق ثابتة في التصوف.


-----------------------------
(*) عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى.
(1) تسعة كتب في أصول التصوف والزهد ص160.
(2) الرسالة للقشيري 2/735.
(3) تذكرة الأولياء 1/171، نقلا عن كتاب: في التصوف الإسلامي ص78.
(4) عوارف المعارف للسهروردي 5/265، ملحق بإحياء علوم الدين للغزالي.
(5) الرسالة للقشيري 2/736ـ737.
(6) الإنسان الكامل للجيلي 2/74ـ75، وانظر: حقيقة الإنسان الكامل ص411.
(7) الفتوحات المكية 2/491.
(بارك الله فيك مقدمة الفصوص 1/17، 18.
(9) الرد على القائلين بوحدة الوجود ص34.
(10) انظر: شرح جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص للنابلسي 1/129.
(11) ص10.
(12) طبقات الصوفية للسلمي ص245.
(13) الإنسان الكامل 1/90.

أحمد نصيب
أحمد نصيب
 
 

عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 لماذا يفرض الصوفية طاعة الشيخ؟!! Empty رد: لماذا يفرض الصوفية طاعة الشيخ؟!!

مُساهمة من طرف أبو أويس الثلاثاء 24 ديسمبر - 13:30

جوابا على سؤالكم الذي أشكل على الكثير أقول أن العلماء هم ورثة الأنبياء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به، فقد أخذ بحظ وافر " رواه أبوداود والترمذي.
فالأنبياء لا تورث أموالهم وإنما هي صدقة، والذي يورث عنهم هو العلم ووارثه هم العلماء، وقد ترجم البخاري في صحيحه قال: وإن العلماء هم ورثة الأنبياء ورثوا العلم.
فبقدر حظ الإنسان من علم النبوة يكون حظه من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك كان طلب العلم من أفضل القربات، وأجلِّ الطاعات، وينبغي على طالب العلم أن يتحلى بالآداب اللائقة بطلب العلم، ومن أهم آداب طالب العلم مع العلماء:

1- أن يوقر العلماء الربانين، ويجلّهم، ويظهر محاسنهم، ويغضّ عن مساوئهم، ويدعو لهم.

2- أن يُحسن الظن بهم، ولا يطعن فيهم لاجتهادٍ اجتهدوه يبتغون به أجر الله تعالى، فالمصيب له أجران، والمخطئ له أجر واحد، بل يدعو الله أن يجزيهم خيرًا عما أصابوا فيه، ويغفر لهم ما قصروا فيه.

3- أن يجتهد ويتحرى في اختيار أصحاب الديانة والتقوى والورع من العلماء، يقول ابن سيرين وغيره: (إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم)، وقال الخطيب البغدادي: (ينبغي للمتعلم أن يقصد من الفقهاء من اشتهر بالديانة، وعُرف بالستر والصيانة).

4- التواضع لهم وإجلالهم، وتقديرهم؛ لما ثبت عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس من أمتي من لم يجلّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه).

5- ملازمتهم للاستفادة من هديهم وسمتهم؛ ليَكُون مُقْتَدِيًا بِهِمْ فِي أَخْلَاقِهِمْ، مُتَشَبِّهًا بِهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ؛ لينشأ عليها، ويجتنب ما يخالفها، والنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ).

6- التأدب في الجلوس بين يدي شيخه، وحسن الإصغاء إليه، وأن لا يتشاغل عن ذلك بشيء؛ لأن الله يقول: {مَّا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4].

7- الصبر على ما قد يصدر عن شيخه من جفوة وشدة في بعض الأحيان، والتماس العذر له.

8- التلطف في السؤال عما أشكل عليه، فإنما شفاء العي السؤال، وأدب السائل من أنجع الوسائل، فإن سكت شيخه عن الجواب لم يلحف عليه في المسألة، وإن أخطأ تلطف في المراجعة، فقد قيل لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: بِمَ نِلْت هَذَا الْعِلْمَ؟ قَالَ: بِلِسَانٍ سَئولٍ، وَقَلْبٍ عقُولٍ(.

9- لا يعتقد طالب العلم في شيخه العصمة: إن العلم لا يؤخذ ابتداءً من الكتب، بل لابد من شيخ تتقن عليه مفاتيح الطلب، لتأمن من الزلل، فعليك إذًا بالأدب معه، فإن ذلك عنوان الفلاح والنجاح، والتحصيل والتوفيق، فليكن شيخك محل إجلال منك، وإكرام وتقدير وتلطف، فخذ بمجامع الأدب مع شيخك في جلوسك معه، والتحدث إليه، وحسن السؤال والاستماع، وحسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه، وترك التطاول والمماراة أمامه، وعدم التقدم عليه بكلام أو مسير أو إكثار الكلام عنده، أو مداخلته في حديثه ودرسه بكلام منك، أو الإلحاح عليه في جواب، متجنبًا الإكثار من السؤال لا سيما مع شهود الملأ؛ فإن هذا يوجب لك الغرور وله الملل، ولا تناديه باسمه مجردًا، أو مع لقبه بل قل: (يا شيخي، أو يا شيخنا).

وإذا بدا لك خطأ من الشيخ، أو وهم فلا يسقطه ذلك من عينك، فإنه سبب لحرمانك من علمه، ومن ذا الذي ينجو من الخطأ سالمًا.

10- لا عصمة لأحد بعد رسول الله، وكل بني آدم خطاء: إن الشيخ وإن كان على أكمل الحالات فليس بمعصوم، إذ قد تصدر منه الهفوات والزلات، ولكن العالم الرباني لا يصرّ على هذه الزلات ولا تتعلق همته أبدًا بغير الله تعالى، وإذا اعتقد طالب العلم في شيخه العصمة، ثم رأى منه ما يخالف ذلك، وقع في الاعتراض والاضطراب مما يسبب الحيرة.

والمنهج المستقيم أن كل من كان من أهل العلم والفضل، وظهرت عنده أخطاء أو بدع لم يُتْرَك أو يُبَدَّع، بل ينبغي أن يبيّن له خطؤه، ومع ذلك لا يُقدَح في مكانته، بل يُبحث له عن عذر فيما قال.

قال الإمام الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء: (ثم إن الكبير من العلماء إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعُرف صلاحه وورعه واتباعه؛ يُغفر له زَلَلُه، ولا نُضَلِّله، ولا نطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك)، وانظر إلى إنصاف هذا الإمام للعلماء، فإنّه ينوّه بأنّه إذا ظهر منهم خطأ، فإنهم لا يُتركون بالكلية، ولا يُشنّع بهم، بل يجب احترامهم وتقديرهم مع اجتناب الخطأ الذي وقعوا فيه.

وليحذر طالب العلم أن يضع بين عينيه دائمًا احتمال خطأ شيخه في كل أمر من أوامره أو توجيه من توجيهاته، لأنه بذلك يمنع عن نفسه الاستفادة، كمثل المريض الذي يدخل إلى طبيبه وليس في قلبه إلا فكرة احتمال خطأ الطبيب في معالجته، فهذا من شأنه أن يُضعف الثقة ويُحدثَ الشكَّ والاضطراب في نفسه.
أبو أويس
أبو أويس
 
 

عدد المساهمات : 558
العمر : 65
المكان : قفصة
الهوايه : العلم النافع والإخلاص فيه والثبات عليه
نقاط تحت التجربة : 13016
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

http://www.gafsa.jeun.fr

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى