واقع الثورة في تونس

واقع الثورة في تونس يختلف عن مثيلاتها في باقي دول "الربيع العربي" .. لسبب بسيط جدا .. وهو أن الساسة في هذا البلد فهموا بأن إقتسام الكعكة أفضل من إتلافها .. وحرمان الجميع من مذاقها .. ومن كانوا بالأمس من معارضي النظام سواء ممن أكلوا المسبط .. أو ممن هم من أكلة الكفيار .. فهموا بأن اللعبة أكبر بكثير مما كانوا يعتقدون .. وبأنه ثمة في هذا الوطن سكة وقطار .. وعليك أن تختار .. إما أن تساق إلى حيث يريد الكبار .. وإما أن تفرم بين العجلات دون أن يلتفت لصراخك أحد .. ولذلك فقد إختار غالبية السياسيين مقاعد القطار المريحة ومن لم يجد مقعدا لم يحرجه أن يجلس في "حجر" أحد الكبار .. والكل يلوك مضغة الحوار والوفاق .. وكلنا نعلم بأنهم من أهل الشقاق والنفاق ..
وحده الشعب الكريم لم يغير ولم يتغير مكانه .. تحت عجلات القطار .. مفروم عائليا واجتماعيا ودينيا .. وهز ساق يغطس بكلو .. والعجلات لا تشبع .. والقطار لا يتوقف ..
وحدهم الواثقون بالله أمثالي .. يسكنهم يقين راسخ .. بأنه مهما تمادى القطار في هتكه .. ومهما تمادى ركابه في تواطئهم وتخاذلهم وخيانتهم .. فإن لحم الشعب لن يبقى مفروما للأبد .. وإن تحت اللحم عظم قوي .. متوهج وصادق .. سيبرز يوما ما .. وسيثور يوما ما .. وسينتقم يوما ما .. وسيكون قادرا على قلب القطار بركابه .. وتمزيق السكة كورق الكوتشينة .. لينحت من جديد .. المسار الذي يجب أن يكون .. وإن لله. رجالا .. فصبرا جميلا أيها المطحنون .. صبرا جميلا لكم أنتم أيضا يا من بعتم طهر الوطن برجسكم .. فعقابكم سيكون أقرب مما كنتم تعتقدون ...
إلياس القرقوري