الحكم العطائية
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الحكم العطائية
الحكم العطائية هي مجموعة من الحكم عددها 264 حكمة
كتبها ابن عطاء الله السكندري وهو أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عيسي بن عطاء الله السكندري.
وهو أحد أركَان الطريقة الشاذلية الصوفية التي أسسها الشيخ أبو الحسن الشاذلي.
شرح الحكم العطائية عدد من العلماء، منهم:
الشيخ ابن عجيبة، في كتابه "إيقاظ الهمم في شرح الحكم".
الشيخ الخطيب الشربيني، في كتابه "سواطع الحكم".
الشيخ أحمد زروق، في كتابه "قرة العين في شرح حكم العارف بالله ابن عطاء الله السكندري".
ابن عباد، في كتابه "غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية".
عبد المجيد الشرنوبي.
الشيخ سعيد حوى، في كتابه "مذكرات في منازل الصدّيقين والربّانيين".
الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، في كتابه "الحكم العطائية، شرح وتحليل"، ويقع في خمسة مجلدات.
الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق.
الشيخ ماء العينين
د.محمد صحري مراحل السلوك الصوفي من خلال الحكم العطائية
مصطفى البحياوي شرحه شرحا ماتعا طويلا في اليوتيوب.
كتبها ابن عطاء الله السكندري وهو أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عيسي بن عطاء الله السكندري.
وهو أحد أركَان الطريقة الشاذلية الصوفية التي أسسها الشيخ أبو الحسن الشاذلي.
شرح الحكم العطائية عدد من العلماء، منهم:
الشيخ ابن عجيبة، في كتابه "إيقاظ الهمم في شرح الحكم".
الشيخ الخطيب الشربيني، في كتابه "سواطع الحكم".
الشيخ أحمد زروق، في كتابه "قرة العين في شرح حكم العارف بالله ابن عطاء الله السكندري".
ابن عباد، في كتابه "غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية".
عبد المجيد الشرنوبي.
الشيخ سعيد حوى، في كتابه "مذكرات في منازل الصدّيقين والربّانيين".
الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، في كتابه "الحكم العطائية، شرح وتحليل"، ويقع في خمسة مجلدات.
الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق.
الشيخ ماء العينين
د.محمد صحري مراحل السلوك الصوفي من خلال الحكم العطائية
مصطفى البحياوي شرحه شرحا ماتعا طويلا في اليوتيوب.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: الحكم العطائية
الحكمة الأولى
من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل .
الشرح : يقول لنا ابن عطاء فى هذه الحكمة أنه لا يجب على العاقل أن يعتمد على عمله كى ينال رضا الله والجزاء الذى وعده الله به ، بل العاقل هو من يعتمد على كرم الله ورحمته ولطفه لا على عمله.
ودليل ذلك من السنة هو ما رواه البخارى فى صحيحه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (اعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة).
ثم يوضح لنا ابن عطاء علامة من علامات الاعتماد على العمل فيقول: ومن أبرز الدلائل على اعتمادك على العمل لا على فضل الله، نقصان رجائك بعفوه تعالى عند تلبسك بالزلل أي عندما تتورط في المعاصي والموبقات ، إن هذا يعني أنك عندما كنت ترجو كرم الله وعطاءه إنما كنت تعتمد في ذلك على عملك فلما قلَّ العمل وكثرت الذنوب غاب الرجاء!! فهذا هو المقياس الدال على أنك إنما تعتمد في رجائك على عملك لا على فضل الله سبحانه وتعالى وكرمه.
وهذا لا يتعارض مع قوله عز وجل : (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) لأن العمل لا يكون معتبرا إلا بالقبول من الله عز وجل ، والقبول فى ذاته من كرم الله وفضله ، فصح أن يكون دخول الجنة بفضل الله ورحمته.
المصادر:
(1) الحكم العطائية شرح وتحليل : للبوطى.
(2) إيقاظ الهمم فى شرح الحكم : لابن عجيبة.
(3) شرح الحكم العطائية : للشرنوبى.
من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل .
الشرح : يقول لنا ابن عطاء فى هذه الحكمة أنه لا يجب على العاقل أن يعتمد على عمله كى ينال رضا الله والجزاء الذى وعده الله به ، بل العاقل هو من يعتمد على كرم الله ورحمته ولطفه لا على عمله.
ودليل ذلك من السنة هو ما رواه البخارى فى صحيحه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (اعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة).
ثم يوضح لنا ابن عطاء علامة من علامات الاعتماد على العمل فيقول: ومن أبرز الدلائل على اعتمادك على العمل لا على فضل الله، نقصان رجائك بعفوه تعالى عند تلبسك بالزلل أي عندما تتورط في المعاصي والموبقات ، إن هذا يعني أنك عندما كنت ترجو كرم الله وعطاءه إنما كنت تعتمد في ذلك على عملك فلما قلَّ العمل وكثرت الذنوب غاب الرجاء!! فهذا هو المقياس الدال على أنك إنما تعتمد في رجائك على عملك لا على فضل الله سبحانه وتعالى وكرمه.
وهذا لا يتعارض مع قوله عز وجل : (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) لأن العمل لا يكون معتبرا إلا بالقبول من الله عز وجل ، والقبول فى ذاته من كرم الله وفضله ، فصح أن يكون دخول الجنة بفضل الله ورحمته.
المصادر:
(1) الحكم العطائية شرح وتحليل : للبوطى.
(2) إيقاظ الهمم فى شرح الحكم : لابن عجيبة.
(3) شرح الحكم العطائية : للشرنوبى.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: الحكم العطائية
أحسنت يا "حمدة"
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: الحكم العطائية
قال صديقي وأخي علي الصوفي:
اسقاط الأعمال * اتلاف للعبادة
عليها الاعتماد * نقص في الشهادة
قول صحّ فيها * محو للبلادة
قم بأمر نهي * بداية الافادة
توجّه لا تعتمد * قصدا للارادة
غب عنها وزد * تنال السيادة
اسقاط الأعمال * اتلاف للعبادة
عليها الاعتماد * نقص في الشهادة
قول صحّ فيها * محو للبلادة
قم بأمر نهي * بداية الافادة
توجّه لا تعتمد * قصدا للارادة
غب عنها وزد * تنال السيادة
رد: الحكم العطائية
الحكمة الثانية
إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية ، وإرادتك الأسباب مع إقامة الله إيّاك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية.
الشرح : لنفهم قول ابن عطاء علينا أن نفهم الفرق بين حالتين : حالة الأسباب وحالة التجريد.
يقول الشيخ البوطى : (الأولى –أى حالة الأسباب- أن يجد نفسه متقلباً تحت سلطان من عالم الأسباب، فأينما تحرك وجد نفسه أمام أسباب لا مناص له من التعامل معها. فهذه التي تسمى حالة الأسباب.
والثانية –أى حالة التجريد- أن يجد نفسه معزولاً عن سلطان الأسباب، ليس له سبيل إليها، إذ تكون بعيدة عن متناوله وعن المناخ الذي أقامه الله فيه. وتسمى حالة التجرد أو التجريد.)
ثم يضرب الشيخ البوطى مثالا ليفرق بين الحالتين : (مجموعة من الناس توجهوا حجاجاً إلى بيت الله الحرام. أما البعض منهم فمتحررون من سائر القيود والتبعات والمسؤوليات، متفرغون لأداء هذه الشعيرة، مقبلون إلى مزيد من العبادات والقربات. وأما بعض منهم فأطباء أنيطت بهم مسؤولية الرعاية الجسمية للحجيج ومعالجة من يتعرضون منهم للآلام أو الأسقام، أو متعهدون أنيطت بهم مسؤولية توفير عوامل الراحة والحاجات التي لا بدّ منها لهم. مثال ثاني: رجل أناط الله به مسئولية أسرة ، إذا فهو محاط بأسباب تدعوه إلى البحث عن الرزق . فلو أن هذا الإنسان قال لا حاجة لى إلى الكدح فى الرزق وانقطع إلى عبادة الله عز وجل بحجة أنه يسبح مع الله تعالى فى بحار التوحيد ؛ علينا أن نذكره بالشطر الأول من هذه الحكمة ونقول له : لقد أقامك الله تحت سلطان من عالم الأسباب ، فإذا أعرضت عن هذه الحال التى أقامك الله فيها ؛ فاعلم أنك فى الظاهر تمارس التوحيد وفى الباطن ترعى هوى نفسك إذ تمتعها بشهوة من شهواتها الخفية غير المعلنة . وقل له : معنى ذلك أنك تسئ الأدب مع الله بإعراضك عن نظامه الكونى .. يقول لك الله : سبيلك إلى رعاية أهلك أن تطرق باب الأسباب .. فإذا قلت : لا . أنا لا أطرق الأبواب بل أطرق بابك مباشرة .. يقول لك الله : دعك من القفز المباشر إلى بابى وسر إليه عن طريق ما أقول لك . أما الشطر الثانى منها : زيد من الناس مثلا ليست فى عنقه مسئولية زوجة ولا أولاد ، وعنده بُلْغَةٌ من العيش ومقوماته .. نقول له : إن كنت تريد أن تركن إلى الدعة والكسل فتأكل وتشرب وتلهو وتنام . فاعلم أن هذه هى حياة البهائم . أما إن قصدت أن تتجه إلى دراسة دين الله تعالى وخدمة شرائعه . فإن قال هذا الإنسان : لكن العمل عبادة .. فليعلم أن هذا الخاطر الذى يساوره إنما هو تسويل من الشيطان له ، وقد حدث هذا مع الدكتور البوطى حيث ألزم والده نفسه بكل حاجات الدكتور البوطى المالية والدنيوية ، وقال له : لو علمت أن الطريق إلى الله يكمن فى كسح القمامة لجعلت منك زبالا ، ولكنى نظرت فوجدت الطريق الموصل إلى الله تعالى إنما يكون فى دراسة دينه وتعلم شرعه . فاسلك إذن هذا الطريق . ) انتهى بتصرف واختصار .
أما الطائفة الأولى فهي تمرّ من الوضع الذي هي فيه بما سماه ابن عطاء الله حال التجرد أو التجريد، فالمطلوب منها أن تقبل إلى ما قد فرغها الله له من كثرة العبادات والقربات والأذكار والاستزادة من النوافل.
وأما الطائفة الثانية ، فهي تمرّ من الوضع الذي هي فيه بما سماه ابن عطاء الله مرحلة الإقامة في الأسباب. فالمطلوب من أفراد هذه الطائفة التعامل مع الأسباب التي أقامهم الله فيها وألزمهم بها. فالطبيب منهم مكلف برعاية الكتلة التي كلف بالسهر على صحتها ومعالجة المرضى وأولي الأسقام فيها. ومتعهدو الخدمات الأخرى مكلفون بالقيام بما قد تعهدوا به على خير وجه.
فلو أن أحدهم تناسى المسؤولية التي أنيطت به، إذ أقامه الله سبباً لإحدى الخدمات الكثيرة للحجيج، وأمضى أوقاته كلها أو جلّها في البيت الحرام طائفاً ساعياً راكعاً ساجداً يتلو القرآن ويكرر الأذكار والأوراد، مهملاً سببيته التي أقامه الله عليها في خدمة المحتاجين وتطبيب المرضى، فهو مفتئت على شرع الله عابث بنظام هديه، ذلك لأن الله أقامه من الوضع الذي هو فيه، في عالم الأسباب، فتجاهله تناساه مصطنعاً لنفسه حالة التجرد التي هو، بحكم الشرع الإسلامي، بعيد عنها.)
وبذلك يتضح لنا المعنى الذى أراده ابن عطاء ، وهو أن المؤمن عليه أن يرضى بالحالة التى أقامه الله فيها ، فإن أقامه الله فى عالم الأسباب فعليه أن يرضى بقسمة ربه ولا يترك عالمه مريدا للتجرد ، وإن أقامه الله فى عالم التجريد فعليه حينئذ أن لا يطلب عالم الأسباب.
هل لهذه الحكمة دليل من الكتاب أو السنة ؟
نعم ، الدليل من الكتاب . قال تعالى : (( وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا )) فالمدخل الصدق أن تدخل فيه بربك لا بنفسك حتى يعينك المولى عليه وكذلك المخرج الصدق حتى لا يكلك المولى إلى نفسك . فلا تدخل فى التجريد بنفسك وكذلك لا تخرج من الأسباب بنفسك بل أقم حيث أقامك مولاك ولا تختر شيئا غير ما به تولاك ؛ فهكذا شأن الصديقين لا يخرجون من شئ حتى يكون الحق سبحانه هو الذى يتولى إخراجهم ؛ إذ أنه ليس الشأن أن تترك السبب بل الشأن أن يتركك السبب لذا قال بعضهم : ( تركت السبب كذا كذا مرة ، فعدت إليه فتركنى السبب فلم أعد إليه ) . وذلك لأن النفس إذا شرهت للشئ كان خفيفا عليها والخفيف عليها لا خير فيه وما خف عليها إلا لحظ لها فيه .
إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية ، وإرادتك الأسباب مع إقامة الله إيّاك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية.
الشرح : لنفهم قول ابن عطاء علينا أن نفهم الفرق بين حالتين : حالة الأسباب وحالة التجريد.
يقول الشيخ البوطى : (الأولى –أى حالة الأسباب- أن يجد نفسه متقلباً تحت سلطان من عالم الأسباب، فأينما تحرك وجد نفسه أمام أسباب لا مناص له من التعامل معها. فهذه التي تسمى حالة الأسباب.
والثانية –أى حالة التجريد- أن يجد نفسه معزولاً عن سلطان الأسباب، ليس له سبيل إليها، إذ تكون بعيدة عن متناوله وعن المناخ الذي أقامه الله فيه. وتسمى حالة التجرد أو التجريد.)
ثم يضرب الشيخ البوطى مثالا ليفرق بين الحالتين : (مجموعة من الناس توجهوا حجاجاً إلى بيت الله الحرام. أما البعض منهم فمتحررون من سائر القيود والتبعات والمسؤوليات، متفرغون لأداء هذه الشعيرة، مقبلون إلى مزيد من العبادات والقربات. وأما بعض منهم فأطباء أنيطت بهم مسؤولية الرعاية الجسمية للحجيج ومعالجة من يتعرضون منهم للآلام أو الأسقام، أو متعهدون أنيطت بهم مسؤولية توفير عوامل الراحة والحاجات التي لا بدّ منها لهم. مثال ثاني: رجل أناط الله به مسئولية أسرة ، إذا فهو محاط بأسباب تدعوه إلى البحث عن الرزق . فلو أن هذا الإنسان قال لا حاجة لى إلى الكدح فى الرزق وانقطع إلى عبادة الله عز وجل بحجة أنه يسبح مع الله تعالى فى بحار التوحيد ؛ علينا أن نذكره بالشطر الأول من هذه الحكمة ونقول له : لقد أقامك الله تحت سلطان من عالم الأسباب ، فإذا أعرضت عن هذه الحال التى أقامك الله فيها ؛ فاعلم أنك فى الظاهر تمارس التوحيد وفى الباطن ترعى هوى نفسك إذ تمتعها بشهوة من شهواتها الخفية غير المعلنة . وقل له : معنى ذلك أنك تسئ الأدب مع الله بإعراضك عن نظامه الكونى .. يقول لك الله : سبيلك إلى رعاية أهلك أن تطرق باب الأسباب .. فإذا قلت : لا . أنا لا أطرق الأبواب بل أطرق بابك مباشرة .. يقول لك الله : دعك من القفز المباشر إلى بابى وسر إليه عن طريق ما أقول لك . أما الشطر الثانى منها : زيد من الناس مثلا ليست فى عنقه مسئولية زوجة ولا أولاد ، وعنده بُلْغَةٌ من العيش ومقوماته .. نقول له : إن كنت تريد أن تركن إلى الدعة والكسل فتأكل وتشرب وتلهو وتنام . فاعلم أن هذه هى حياة البهائم . أما إن قصدت أن تتجه إلى دراسة دين الله تعالى وخدمة شرائعه . فإن قال هذا الإنسان : لكن العمل عبادة .. فليعلم أن هذا الخاطر الذى يساوره إنما هو تسويل من الشيطان له ، وقد حدث هذا مع الدكتور البوطى حيث ألزم والده نفسه بكل حاجات الدكتور البوطى المالية والدنيوية ، وقال له : لو علمت أن الطريق إلى الله يكمن فى كسح القمامة لجعلت منك زبالا ، ولكنى نظرت فوجدت الطريق الموصل إلى الله تعالى إنما يكون فى دراسة دينه وتعلم شرعه . فاسلك إذن هذا الطريق . ) انتهى بتصرف واختصار .
أما الطائفة الأولى فهي تمرّ من الوضع الذي هي فيه بما سماه ابن عطاء الله حال التجرد أو التجريد، فالمطلوب منها أن تقبل إلى ما قد فرغها الله له من كثرة العبادات والقربات والأذكار والاستزادة من النوافل.
وأما الطائفة الثانية ، فهي تمرّ من الوضع الذي هي فيه بما سماه ابن عطاء الله مرحلة الإقامة في الأسباب. فالمطلوب من أفراد هذه الطائفة التعامل مع الأسباب التي أقامهم الله فيها وألزمهم بها. فالطبيب منهم مكلف برعاية الكتلة التي كلف بالسهر على صحتها ومعالجة المرضى وأولي الأسقام فيها. ومتعهدو الخدمات الأخرى مكلفون بالقيام بما قد تعهدوا به على خير وجه.
فلو أن أحدهم تناسى المسؤولية التي أنيطت به، إذ أقامه الله سبباً لإحدى الخدمات الكثيرة للحجيج، وأمضى أوقاته كلها أو جلّها في البيت الحرام طائفاً ساعياً راكعاً ساجداً يتلو القرآن ويكرر الأذكار والأوراد، مهملاً سببيته التي أقامه الله عليها في خدمة المحتاجين وتطبيب المرضى، فهو مفتئت على شرع الله عابث بنظام هديه، ذلك لأن الله أقامه من الوضع الذي هو فيه، في عالم الأسباب، فتجاهله تناساه مصطنعاً لنفسه حالة التجرد التي هو، بحكم الشرع الإسلامي، بعيد عنها.)
وبذلك يتضح لنا المعنى الذى أراده ابن عطاء ، وهو أن المؤمن عليه أن يرضى بالحالة التى أقامه الله فيها ، فإن أقامه الله فى عالم الأسباب فعليه أن يرضى بقسمة ربه ولا يترك عالمه مريدا للتجرد ، وإن أقامه الله فى عالم التجريد فعليه حينئذ أن لا يطلب عالم الأسباب.
هل لهذه الحكمة دليل من الكتاب أو السنة ؟
نعم ، الدليل من الكتاب . قال تعالى : (( وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا )) فالمدخل الصدق أن تدخل فيه بربك لا بنفسك حتى يعينك المولى عليه وكذلك المخرج الصدق حتى لا يكلك المولى إلى نفسك . فلا تدخل فى التجريد بنفسك وكذلك لا تخرج من الأسباب بنفسك بل أقم حيث أقامك مولاك ولا تختر شيئا غير ما به تولاك ؛ فهكذا شأن الصديقين لا يخرجون من شئ حتى يكون الحق سبحانه هو الذى يتولى إخراجهم ؛ إذ أنه ليس الشأن أن تترك السبب بل الشأن أن يتركك السبب لذا قال بعضهم : ( تركت السبب كذا كذا مرة ، فعدت إليه فتركنى السبب فلم أعد إليه ) . وذلك لأن النفس إذا شرهت للشئ كان خفيفا عليها والخفيف عليها لا خير فيه وما خف عليها إلا لحظ لها فيه .
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: الحكم العطائية
الحكمة الثالثة
سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار .
الهمم: جمع همة، والهمة هي النشاط والنية في العمل والحركة، هذه الهمة حتى لو كانت سابقة، حتى لو كانت من سوابق ومعالي الهمم، فهى لا تخرق قدر الله تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}.
فهناك أقدار لله سبحانه وتعالى لن نستطيع أن نخرقها ولو ارتفعت الهمم. وهذه الأقدار هي سنن الله في كونه الذي خلقه متسقاً معها، وقال: {لن تجد لسنة الله تبديلاً}، وقال: {ولن تجد لسنة الله تحويلاً}.
فمن سنن الله تعالى: أنه خلق الحياة بنظام معين وخلق لها ظروف معينة تترتب عليها نتائج معينة، ولا يستطيع المسلم ولا غير المسلم أن يخرق هذه الأسوار مهما كان، أو أن يصل إلى النتائج دون المسببات والخطوات والظروف ونواميس الكون!
فمثلًا قال سبحانه وتعالى: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}؟ هذه سنة الابتلاء، وهي من سنن الله تعالى في الناس، أي إذا ادعيت الإيمان والصدق فإن الله عز وجل سيبتليك، ولا تستطيع أن تتجاوز الابتلاء ولو علت الهمة، ولو حاولت أن تهرب، لأن هذه من سنن الله وقوانين الكون.
ذه الحكمة ترشدنا إلى التوازن بين الهمة وبين القدر، بين ما تهم به وتتمنى أن تفعله بالكون وبين (أسوار الأقدار) وسنن الله عز وجل، وواجب الوقت، كما مر.
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الهمم العالية، وأن يلهمنا معها الحكمة، حتى نتوازن في أفعالنا، وحتى لا نحاول أن نخرق أسوار الأقدار، ولا أن نتعب هذه الدواب التي أعطانا الله عز وجل إياها حتى تفنى. فإن (سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار)، والبداية المتوازنة الهادئة –مع الهمة- أحرى أن تستمر وتدوم.
أيا سائلي عن الهمم * خذ وصفا من جوامع الكلم
قال يا غلام فلا ترى * نفعا وضرّا فذا القضا
دلّه وهو سامع رديف * الصائر جفّ في الصحيف
لو كانت تخرق القدر * يعقوب ما فقد البصر
ولمّا جاء المرسل بشيرا * بهمّة يوسف ارتدّ بصيرا
لتبقى في قدره الخارقات * بتوجّه الهمم في الكائنات
فجعل لك الكسب البسيط * داخل سور بحره المحيط
لا اختراق ما به الأقدار * جرت في سائر الأعمار
ما اختاره عكس ما تظنّ *لست مجبورا في هذا الفنّ.
سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار .
الهمم: جمع همة، والهمة هي النشاط والنية في العمل والحركة، هذه الهمة حتى لو كانت سابقة، حتى لو كانت من سوابق ومعالي الهمم، فهى لا تخرق قدر الله تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}.
فهناك أقدار لله سبحانه وتعالى لن نستطيع أن نخرقها ولو ارتفعت الهمم. وهذه الأقدار هي سنن الله في كونه الذي خلقه متسقاً معها، وقال: {لن تجد لسنة الله تبديلاً}، وقال: {ولن تجد لسنة الله تحويلاً}.
فمن سنن الله تعالى: أنه خلق الحياة بنظام معين وخلق لها ظروف معينة تترتب عليها نتائج معينة، ولا يستطيع المسلم ولا غير المسلم أن يخرق هذه الأسوار مهما كان، أو أن يصل إلى النتائج دون المسببات والخطوات والظروف ونواميس الكون!
فمثلًا قال سبحانه وتعالى: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}؟ هذه سنة الابتلاء، وهي من سنن الله تعالى في الناس، أي إذا ادعيت الإيمان والصدق فإن الله عز وجل سيبتليك، ولا تستطيع أن تتجاوز الابتلاء ولو علت الهمة، ولو حاولت أن تهرب، لأن هذه من سنن الله وقوانين الكون.
ذه الحكمة ترشدنا إلى التوازن بين الهمة وبين القدر، بين ما تهم به وتتمنى أن تفعله بالكون وبين (أسوار الأقدار) وسنن الله عز وجل، وواجب الوقت، كما مر.
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الهمم العالية، وأن يلهمنا معها الحكمة، حتى نتوازن في أفعالنا، وحتى لا نحاول أن نخرق أسوار الأقدار، ولا أن نتعب هذه الدواب التي أعطانا الله عز وجل إياها حتى تفنى. فإن (سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار)، والبداية المتوازنة الهادئة –مع الهمة- أحرى أن تستمر وتدوم.
أيا سائلي عن الهمم * خذ وصفا من جوامع الكلم
قال يا غلام فلا ترى * نفعا وضرّا فذا القضا
دلّه وهو سامع رديف * الصائر جفّ في الصحيف
لو كانت تخرق القدر * يعقوب ما فقد البصر
ولمّا جاء المرسل بشيرا * بهمّة يوسف ارتدّ بصيرا
لتبقى في قدره الخارقات * بتوجّه الهمم في الكائنات
فجعل لك الكسب البسيط * داخل سور بحره المحيط
لا اختراق ما به الأقدار * جرت في سائر الأعمار
ما اختاره عكس ما تظنّ *لست مجبورا في هذا الفنّ.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: الحكم العطائية
جميل فعلت، فهذا الكتاب لا يقرأ في يوم وليلة بل يجب ان يوقف عند كل حكمة حتى نستطيع استيعاب معانيها والعيش معها.
الحكم العطائية أقوال جليلة في تزكية النفس والارتقاء بها في مدارج الكمال والسمو، وقد تداولها أهل العلم على مرِّ العصور وشهدوا من نفحاتها الكثير، حتى قال قائلهم: ((لو جازت الصلاة بشيء غير القرآن، لجازت بحكم ابن عطاء الله)).
وتعدّ الحكم العطائية من ذخائر الأدب العربي وكنوز النفحات الصوفية، جرى فيها مؤلفها على نمط الحكم في توجيه مريديه، وختمها بمناجاة طويلة.
قال حاجي خليفة: (ولما صنفها عرضها على شيخه أبي العباس المرسي (ت686هـ) فقال له: (يا بني لقد أتيت في هذه الكراسة بمقاصد الإحياء (للغزالي) قال: ولذلك تعشقها أرباب الذوق لما رق لهم من معانيها وراق، وبسطوا القول فيها وشرحوها كثيراً.
رد: الحكم العطائية
الحكمة الرابعة
ارح نفسك من التدبير فما قام به غيرك عنك – لا تقم به لنفسك .
هذه الحكمة المباركة أصلها ثابت في أرض التوكل والأدب وفرعها ضارب في سماء الحصافة والتنوير، فالشيخ بن عطاء الله رحمه الله يبيّن فيها بكلمات معدودات كيف أنه من العبث انشغال العبد بما تولاّه عنه خالقه رب كل شيء ومليكه “الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين” [سورة السجدة/ الآية: 7].
فالتوكل عليه سبحانه يبدأ بعد استفراغ المرء الوسع فيما هو منوط به من واجبات وبعد الأخذ بالأسباب مع استدامة استحضار واضع الأسباب سبحانه.
والأدب متجلاه في عدم إقحام الذات فيما تولى رب الذات تعالى وخالقها القيام به، وهو التدبير المذموم، أما الحصافة في هذه الحكمة فمحلها كونها عين التدبير المحمود. والذي يصدق فيه قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه: “لا عقل كالتدبير” [أخرجه ابن ماجه في سننه]، إذ إن الإمام رحمه الله يوجه إلى حسن تدبير العبد طاقته وقدراته، وتوجيهها للقيام بما خلق له، وعدم تبديدها فيما ضُمن له.
أما التنوير في هذه الحكمة المباركة، فإشعاعه من كون الإمام رحمه الله تَكَشَّفَ له أن التعبد بالأسباب والتدبير منحصر فيما كُلِّف به الإنسان وطُلب منه لا فيما يتجاوز ذلك.
قد يرى بعض الناس في هذه الحكمة ما يعارض، قول ابن عطاء الله
في الحكمة السابقة: «إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في
الأسباب من الشهوة الخفية» إذ هو هناك يدعو إلى التعامل مع
الأسباب التي تواجه الإنسان في حياته، والتي يكون التعامل معها
بشكل شرعي.. ولكنه هنا يحذره منها ويدعوه إلى أن يريح نفسه من
عناء الإقبال إليها، وينصحه بأن لا يتعب نفسه بجهد قد أراحه
الله منه.والواقع أنه لا تعارض في كلام ابن عطاء الله. بل بين
ما ذكره في الحكمة السابقة وكلامه هنا منتهى التوافق
والانسجام.
ارح نفسك من التدبير فما قام به غيرك عنك – لا تقم به لنفسك .
هذه الحكمة المباركة أصلها ثابت في أرض التوكل والأدب وفرعها ضارب في سماء الحصافة والتنوير، فالشيخ بن عطاء الله رحمه الله يبيّن فيها بكلمات معدودات كيف أنه من العبث انشغال العبد بما تولاّه عنه خالقه رب كل شيء ومليكه “الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين” [سورة السجدة/ الآية: 7].
فالتوكل عليه سبحانه يبدأ بعد استفراغ المرء الوسع فيما هو منوط به من واجبات وبعد الأخذ بالأسباب مع استدامة استحضار واضع الأسباب سبحانه.
والأدب متجلاه في عدم إقحام الذات فيما تولى رب الذات تعالى وخالقها القيام به، وهو التدبير المذموم، أما الحصافة في هذه الحكمة فمحلها كونها عين التدبير المحمود. والذي يصدق فيه قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه: “لا عقل كالتدبير” [أخرجه ابن ماجه في سننه]، إذ إن الإمام رحمه الله يوجه إلى حسن تدبير العبد طاقته وقدراته، وتوجيهها للقيام بما خلق له، وعدم تبديدها فيما ضُمن له.
أما التنوير في هذه الحكمة المباركة، فإشعاعه من كون الإمام رحمه الله تَكَشَّفَ له أن التعبد بالأسباب والتدبير منحصر فيما كُلِّف به الإنسان وطُلب منه لا فيما يتجاوز ذلك.
قد يرى بعض الناس في هذه الحكمة ما يعارض، قول ابن عطاء الله
في الحكمة السابقة: «إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في
الأسباب من الشهوة الخفية» إذ هو هناك يدعو إلى التعامل مع
الأسباب التي تواجه الإنسان في حياته، والتي يكون التعامل معها
بشكل شرعي.. ولكنه هنا يحذره منها ويدعوه إلى أن يريح نفسه من
عناء الإقبال إليها، وينصحه بأن لا يتعب نفسه بجهد قد أراحه
الله منه.والواقع أنه لا تعارض في كلام ابن عطاء الله. بل بين
ما ذكره في الحكمة السابقة وكلامه هنا منتهى التوافق
والانسجام.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: الحكم العطائية
الحكمة الخامسة
اجتهادك فيما ضمن لك ، وتقصيرك فيما طلب منك - دليل على انطماس البصيرة منك .
يقول الشيخ الشرنوبى: ( يعني : أن اجتهادك أيها المريد في طلب ما ضمن أي كفل الله لك به من الرزق بنحو قوله تعالى : { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ {،وتقصيرك أي تفريطك فيما طلب منك من العبادة بنحو قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} البقرة “ 21 “ . دليل وبرهان على انطماس أي عمى البصيرة منك وهي عين في القلب تدرك بها الأمور المعنوية كما أن العين الباصرة تدرك بها الأمور الحسية.
و فهم من المصنف أن دليل انطماس البصيرة هو اجتماع الأمرين أعني الاجتهاد في طلب الرزق مع التقصير في العمل وأخبر عن الأمرين بقوله : “ دليل “ لأن فعيلا يستوي فيه المفرد وغيره ، وأما إذا اجتهد في طلب الرزق الحلال من غير تقصير في العبادة فإنه يدخل في حديث : " من بات كالا من طلب الحلال بات مغفور ا له")
ويقول المرحوم الشيخ سعيد رمضا ن البوطي
يقول الله عز وجل:{وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}.
لقد أقام الله الإنسان على وظيفة يؤديها لذاته العلية وهي أن يمارس عبوديته لله تعالى عن اختيار وقناعة.. وأقام الله عز وجل ذاته العلية على وظيفة يؤديها تجاه الإنسان، يضمن له بها مقومات حياته ورغد عيشه (أي طلب منه العبادة وضمن له الرزق). فما الذي تقتضيه هذه القسمة من المسؤوليات؟
مقتضى هذه القسمة أن ينصرف الإنسان المؤمن بالله طبعا الى الوظيفة التي عهدت إليه وكلف بها، مقابل التزام الله عز وجل بما قد تعهد له به من توفير مقومات العيش له وتسخير المكونات التي حوله لمصالحه ورغائبه..
لكن الناس يجتهدون ويجدون ويرهقون أنفسهم فيما قد ضمنه الله لهم، ويعرضون عن الوظيفة التي طلبها الله في مقابل ذلك منهم.. وهذا دليل، كما قال ابن عطاء الله، على انطماس البصيرة من هؤلاء الناس. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على عدم الثقة بوعد الله وما قد ضمنه الله للإنسان كما يدل على الرعونة النفسية التي تهيمن على كيانه وتفكيره.
تأمل في أي مخلوق حيوانا كان أو نباتا أو جمادا إلا وأقامه الله تعالى على وظيفته فهو منصرف إليها عاكف عليها.. قال الله تعالى:{كل قد علم صلاته وتسبيحه} وقال:{ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} أي أعطى كل شيء مظهره الذي أفرغه فيه، ثم هداه إلى المهمة التي كلفه بها.
والإنسان ليس بدعا من هذه المخلوقات فهو الآخر هُدِي إلى مهمته التي خُلق من أجلها، إلا أن سائر المخلوقات الأخرى من دون الإنسان تمارس وظيفتها بالقهر والاضطرار أوبالغريزة والطبع، أما الإنسان فقد قضى الله أن يخلقه ذا حرية وإرادة وذلك تكريما له وتنزيها له أن ينساق كالحيوانات، بعضا الغريزة القاهرة، ولكن الإنسان كثيرا ما يتخذ هذه الخاصية مطية للشرود عن أمره والتمرد على حكمه.
فما هي الوظيفة اللتي أقام الله الإنسان عليها؟
هي أن ينهض بعمارة الأرض التي أحياه الله عليها على النحو الذي بينه وشرعه طبقا لقوله تعالى:{هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها}.
ثم إن العجب كل العجب في أناس يشتغلون بما ضمن لهم ويدعون ما طلب منهم يقول تعالى:{وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى}.
وبذلك ليس للإنسان أن يضيع التكاليف التي خلق من أجلها لحاقا وراء الدنيا التي ضمنها الله له. وكثيرا من أحداث الواقع تصدق ذلك منها أن العرب كانوا هائمين في الصحراء فلما عبدوا الله وحده والتزموا بأحكام شرعه جعلهم ملوكا على الأرض في فترة وجيزة .
لكن ليعلم القارئ الكريم أن مفهوم العبادة لا يقتصر على مجرد الصلاة والصيام والحج وما هو معروف من أحكام الإسلام وتوابعه من نوافل القراءات والأذكار، بل هو شامل لكل سعي يُبتغى منه التقرب إلى الله، فإذا تحقق هذا القصد فكل أنواع التجارات والصناعات والبناء لا يتجزأ من العبادة ولبها ،شريطة أن لا يغفل عن أداء حقوق الله. فإن قصرت في حق الله واشتعلت بما ضمن لك كان هذا دليل عن انطماس بصيرتك.
اجتهادك فيما ضمن لك ، وتقصيرك فيما طلب منك - دليل على انطماس البصيرة منك .
يقول الشيخ الشرنوبى: ( يعني : أن اجتهادك أيها المريد في طلب ما ضمن أي كفل الله لك به من الرزق بنحو قوله تعالى : { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ {،وتقصيرك أي تفريطك فيما طلب منك من العبادة بنحو قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} البقرة “ 21 “ . دليل وبرهان على انطماس أي عمى البصيرة منك وهي عين في القلب تدرك بها الأمور المعنوية كما أن العين الباصرة تدرك بها الأمور الحسية.
و فهم من المصنف أن دليل انطماس البصيرة هو اجتماع الأمرين أعني الاجتهاد في طلب الرزق مع التقصير في العمل وأخبر عن الأمرين بقوله : “ دليل “ لأن فعيلا يستوي فيه المفرد وغيره ، وأما إذا اجتهد في طلب الرزق الحلال من غير تقصير في العبادة فإنه يدخل في حديث : " من بات كالا من طلب الحلال بات مغفور ا له")
ويقول المرحوم الشيخ سعيد رمضا ن البوطي
يقول الله عز وجل:{وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}.
لقد أقام الله الإنسان على وظيفة يؤديها لذاته العلية وهي أن يمارس عبوديته لله تعالى عن اختيار وقناعة.. وأقام الله عز وجل ذاته العلية على وظيفة يؤديها تجاه الإنسان، يضمن له بها مقومات حياته ورغد عيشه (أي طلب منه العبادة وضمن له الرزق). فما الذي تقتضيه هذه القسمة من المسؤوليات؟
مقتضى هذه القسمة أن ينصرف الإنسان المؤمن بالله طبعا الى الوظيفة التي عهدت إليه وكلف بها، مقابل التزام الله عز وجل بما قد تعهد له به من توفير مقومات العيش له وتسخير المكونات التي حوله لمصالحه ورغائبه..
لكن الناس يجتهدون ويجدون ويرهقون أنفسهم فيما قد ضمنه الله لهم، ويعرضون عن الوظيفة التي طلبها الله في مقابل ذلك منهم.. وهذا دليل، كما قال ابن عطاء الله، على انطماس البصيرة من هؤلاء الناس. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على عدم الثقة بوعد الله وما قد ضمنه الله للإنسان كما يدل على الرعونة النفسية التي تهيمن على كيانه وتفكيره.
تأمل في أي مخلوق حيوانا كان أو نباتا أو جمادا إلا وأقامه الله تعالى على وظيفته فهو منصرف إليها عاكف عليها.. قال الله تعالى:{كل قد علم صلاته وتسبيحه} وقال:{ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} أي أعطى كل شيء مظهره الذي أفرغه فيه، ثم هداه إلى المهمة التي كلفه بها.
والإنسان ليس بدعا من هذه المخلوقات فهو الآخر هُدِي إلى مهمته التي خُلق من أجلها، إلا أن سائر المخلوقات الأخرى من دون الإنسان تمارس وظيفتها بالقهر والاضطرار أوبالغريزة والطبع، أما الإنسان فقد قضى الله أن يخلقه ذا حرية وإرادة وذلك تكريما له وتنزيها له أن ينساق كالحيوانات، بعضا الغريزة القاهرة، ولكن الإنسان كثيرا ما يتخذ هذه الخاصية مطية للشرود عن أمره والتمرد على حكمه.
فما هي الوظيفة اللتي أقام الله الإنسان عليها؟
هي أن ينهض بعمارة الأرض التي أحياه الله عليها على النحو الذي بينه وشرعه طبقا لقوله تعالى:{هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها}.
ثم إن العجب كل العجب في أناس يشتغلون بما ضمن لهم ويدعون ما طلب منهم يقول تعالى:{وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى}.
وبذلك ليس للإنسان أن يضيع التكاليف التي خلق من أجلها لحاقا وراء الدنيا التي ضمنها الله له. وكثيرا من أحداث الواقع تصدق ذلك منها أن العرب كانوا هائمين في الصحراء فلما عبدوا الله وحده والتزموا بأحكام شرعه جعلهم ملوكا على الأرض في فترة وجيزة .
لكن ليعلم القارئ الكريم أن مفهوم العبادة لا يقتصر على مجرد الصلاة والصيام والحج وما هو معروف من أحكام الإسلام وتوابعه من نوافل القراءات والأذكار، بل هو شامل لكل سعي يُبتغى منه التقرب إلى الله، فإذا تحقق هذا القصد فكل أنواع التجارات والصناعات والبناء لا يتجزأ من العبادة ولبها ،شريطة أن لا يغفل عن أداء حقوق الله. فإن قصرت في حق الله واشتعلت بما ضمن لك كان هذا دليل عن انطماس بصيرتك.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: الحكم العطائية
الحكمة السادسة
لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك لا فما تختار لنفسك وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد.
أخذ الإمام بن عطاء الله من مشكاة القرآن المجيد والحديث النبوي الشريف ليزيد هذه المعاني إسفاراً وإشراقاً حين يُجلّي أمرين بالغي الأهمية:
- أولهما: أن ضمان الاستجابة ذو اندراج في إرادة الله اليسر بعباده "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [سورة البقرة، 185]، وهو سبحانه أعلم بما يصلح العبد من العبد نفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أحرص على أحدكم من أم على ولدها" [أخرجه الشيخان]، ولا يختار سبحانه للعباد إلا ما يصلحهم، والخير دائما فيما يختاره عز وجل، فالعباد لنسبيتهم ومحدوديتهم، قد يختارون ما يضرهم ولا ينفعهم ويَدْعون بذلك، تاركين ما ينفعهم، قال تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [سورة البقرة، 216]. كما أن الله جلّ وعلا، هو من أحاط بكل شيء علما، فاختياره لعبده يكون نفعا محققا محضا محمود العواقب بإطلاق، وقد ضمن تعالى الاستجابة حين يدعى بذلك، وهو قول ابن عطاء الله رحمه الله: "فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك" بيد أن اختيار العبد قد يكون فيه له دون إدراك منه، ضرر كبير، مما يجعل عدم استجابته سبحانه له في دعائه به رحمة جلّى.
- الأمر الثاني: أن ضمان الاستجابة في الأمور التي يختارها الله لعبده بحسب ما مر بيانه، يكون في الإبّان الذي هو الأوفق والأصلح للعبد في ذاته وفي محيطه. فلا قبل الإبان تكون الاستجابة، ولا بعده، ولأن الإنسان خلق من عجل "خلق الإنسان من عجل، سأوريكم آياتي فلا تستعجلون" [سورة الأنبياء، 37]. فقد يدعو بالشر دعاءه بالخير، وقد يستعجل الخيرَ إن وفّق للدعاء به قبل إبانه، مما ينقلب إلى شر. قال تعالى: "ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير، وكان الإنسان عجولا" [سورة الإسراء، 11]، ومن ثم فإن الرحمن الرحيم اللطيف الودود سبحانه، قد ضمن الاستجابة للعبد الملحاح في الزمن الذي تكون له فيه هذه الاستجابة أنفع، وله تعالى الحمد على ذلك والثناء الحسن. وهو قول ابن عطاء الله رحمه الله "وفي الوقت الذي يريد، لا في الوقت الذي تريد" والله تعالى لا يريد إلا خيرا.
ولكل ما سلف، فإن من تمام الأدب في الدعاء بأمر مخصوص، شفعه بصلاة الاستخارة والتي في دعائها المأثور هذه المعاني كلها: "اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كان هذا الأمر (كذا وكذا) خيراً لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به" [أخرجه البخاري]. كما أن من تمام الأدب التسليم لاختيار الله تعالى سبحانه استجابة وإبّانا. قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال العبد يستجاب له ما لم يقل دعوت فلم يستجب لي" [أخرجه البخاري].
والله الهادي إلى سواء السبيل.
يقول علي الصوفي:
اختيارك تابع هواك *** صفات جهل بلا أنوار
استعجالك لؤم لديك *** كرمي جارف كالتيّار
لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك لا فما تختار لنفسك وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد.
أخذ الإمام بن عطاء الله من مشكاة القرآن المجيد والحديث النبوي الشريف ليزيد هذه المعاني إسفاراً وإشراقاً حين يُجلّي أمرين بالغي الأهمية:
- أولهما: أن ضمان الاستجابة ذو اندراج في إرادة الله اليسر بعباده "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [سورة البقرة، 185]، وهو سبحانه أعلم بما يصلح العبد من العبد نفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أحرص على أحدكم من أم على ولدها" [أخرجه الشيخان]، ولا يختار سبحانه للعباد إلا ما يصلحهم، والخير دائما فيما يختاره عز وجل، فالعباد لنسبيتهم ومحدوديتهم، قد يختارون ما يضرهم ولا ينفعهم ويَدْعون بذلك، تاركين ما ينفعهم، قال تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [سورة البقرة، 216]. كما أن الله جلّ وعلا، هو من أحاط بكل شيء علما، فاختياره لعبده يكون نفعا محققا محضا محمود العواقب بإطلاق، وقد ضمن تعالى الاستجابة حين يدعى بذلك، وهو قول ابن عطاء الله رحمه الله: "فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك" بيد أن اختيار العبد قد يكون فيه له دون إدراك منه، ضرر كبير، مما يجعل عدم استجابته سبحانه له في دعائه به رحمة جلّى.
- الأمر الثاني: أن ضمان الاستجابة في الأمور التي يختارها الله لعبده بحسب ما مر بيانه، يكون في الإبّان الذي هو الأوفق والأصلح للعبد في ذاته وفي محيطه. فلا قبل الإبان تكون الاستجابة، ولا بعده، ولأن الإنسان خلق من عجل "خلق الإنسان من عجل، سأوريكم آياتي فلا تستعجلون" [سورة الأنبياء، 37]. فقد يدعو بالشر دعاءه بالخير، وقد يستعجل الخيرَ إن وفّق للدعاء به قبل إبانه، مما ينقلب إلى شر. قال تعالى: "ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير، وكان الإنسان عجولا" [سورة الإسراء، 11]، ومن ثم فإن الرحمن الرحيم اللطيف الودود سبحانه، قد ضمن الاستجابة للعبد الملحاح في الزمن الذي تكون له فيه هذه الاستجابة أنفع، وله تعالى الحمد على ذلك والثناء الحسن. وهو قول ابن عطاء الله رحمه الله "وفي الوقت الذي يريد، لا في الوقت الذي تريد" والله تعالى لا يريد إلا خيرا.
ولكل ما سلف، فإن من تمام الأدب في الدعاء بأمر مخصوص، شفعه بصلاة الاستخارة والتي في دعائها المأثور هذه المعاني كلها: "اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كان هذا الأمر (كذا وكذا) خيراً لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به" [أخرجه البخاري]. كما أن من تمام الأدب التسليم لاختيار الله تعالى سبحانه استجابة وإبّانا. قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال العبد يستجاب له ما لم يقل دعوت فلم يستجب لي" [أخرجه البخاري].
والله الهادي إلى سواء السبيل.
يقول علي الصوفي:
اختيارك تابع هواك *** صفات جهل بلا أنوار
استعجالك لؤم لديك *** كرمي جارف كالتيّار
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: الحكم العطائية
الحكمة السابعة
لا يُشَكّكُنّك في الوعد عدم وقوع الموعود - وإن تعين زمنه - لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك ، وإخمادا لنور سريرتك .
التشكيك في الشيء هو التردد في الوقوع وعدمه ... و"البصيرة" القوة المهيئة لإدراك المعاني و"السريرة" القوة المستعدة لتمكن العلم والمعرفة. واعلم أن النفس والعقل والروح والسر شيء واحد لكن تختلف التسامي باختلاف المدارك، فما كان من مدارك الشهوات فمدركه النفس وما كان من مدارك الأحكام الشرعية فمدركه العقل وما كان من مدارك التجليات والواردات فمدركه الروح وما كان من مدارك التحقيقات والتمكنات فمدركه السر والمحل واحد. قلت إذا وعدك الحق تعالى بشيء على لسان الوحي أو الإلهام من نبي أو ولي أو تجل قوي فلا تشك أيها المريد في ذلك الوعد إن كنت صديقا فإن لم يتعين زمنه فالأمر واسع وقد يطول الزمان وقد يقصر فلا تشك في وقوعه وإن طال زمنه وقد كان بين دعاء سيدنا موسى وهارون على فرعون بقوله "ربنا اطمس على أموالهم" الآية أربعون سنة على ما قيل. وإن تعين زمنه ولم يقع ذلك عند حلوله فلا تشك في صدق ذلك الوعد فقد يكون ذلك مترتبا على أسباب وشروط غيبية أخفاها الله تعالى عن ذلك النبي أو الولي لتظهر قهريته وعزته وحكمته وتأمل قضية سيدنا يونس عليه السلام حيث أخبر قومه بالعذاب لما أخبر به وفر عنهم وكان ذلك متوقفا على عدم إسلامهم فلما أسلموا تأخر عنهم العذاب وكذلك قضية سيدنا نوح عليه السلام حيث قال إن ابني من اهلي وإن وعدك الحق فوقف مع ظاهر العموم فقال له تعالى : "إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح" ونحن إنما وعدناك بنجاة الصالح من أهلك وإن فهمت العموم فعلمنا متسع ولهذا السر الخفي كان الرسل عليهم السلام وأكابر الصديقين لا يقفون مع ظاهر الوعد فلا يزول اضطرارهم ولا يكون مع غير الله قرارهم بل ينظرون لسعة علمه تعالى ونفوذ قهره ومنه قول سيدنا إبراهيم الخليل : "ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما" وقول سيدنا شعيب عليه السلام : "وما يكون لنا أن نعود فيها (أي في ملة الكفر) إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء" وقضية نبينا صلى الله عليه وسلم يوم بدر حيث دعا حتى سقط رداؤه وقال : "اللهم عهدك ووعدك، اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد بعد اليوم. فقال له الصديق حسبك يا رسول الله فإن الله منجز لك ما وعدك. فنظر المصطفى أوسع لعدم وقوفه مع ظاهر الوعد ووقف الصديق مع الظاهر فكل على صواب والنبي صلى الله عليه وسلم أوسع نظرا وأكمل علما. )
لا يُشَكّكُنّك في الوعد عدم وقوع الموعود - وإن تعين زمنه - لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك ، وإخمادا لنور سريرتك .
التشكيك في الشيء هو التردد في الوقوع وعدمه ... و"البصيرة" القوة المهيئة لإدراك المعاني و"السريرة" القوة المستعدة لتمكن العلم والمعرفة. واعلم أن النفس والعقل والروح والسر شيء واحد لكن تختلف التسامي باختلاف المدارك، فما كان من مدارك الشهوات فمدركه النفس وما كان من مدارك الأحكام الشرعية فمدركه العقل وما كان من مدارك التجليات والواردات فمدركه الروح وما كان من مدارك التحقيقات والتمكنات فمدركه السر والمحل واحد. قلت إذا وعدك الحق تعالى بشيء على لسان الوحي أو الإلهام من نبي أو ولي أو تجل قوي فلا تشك أيها المريد في ذلك الوعد إن كنت صديقا فإن لم يتعين زمنه فالأمر واسع وقد يطول الزمان وقد يقصر فلا تشك في وقوعه وإن طال زمنه وقد كان بين دعاء سيدنا موسى وهارون على فرعون بقوله "ربنا اطمس على أموالهم" الآية أربعون سنة على ما قيل. وإن تعين زمنه ولم يقع ذلك عند حلوله فلا تشك في صدق ذلك الوعد فقد يكون ذلك مترتبا على أسباب وشروط غيبية أخفاها الله تعالى عن ذلك النبي أو الولي لتظهر قهريته وعزته وحكمته وتأمل قضية سيدنا يونس عليه السلام حيث أخبر قومه بالعذاب لما أخبر به وفر عنهم وكان ذلك متوقفا على عدم إسلامهم فلما أسلموا تأخر عنهم العذاب وكذلك قضية سيدنا نوح عليه السلام حيث قال إن ابني من اهلي وإن وعدك الحق فوقف مع ظاهر العموم فقال له تعالى : "إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح" ونحن إنما وعدناك بنجاة الصالح من أهلك وإن فهمت العموم فعلمنا متسع ولهذا السر الخفي كان الرسل عليهم السلام وأكابر الصديقين لا يقفون مع ظاهر الوعد فلا يزول اضطرارهم ولا يكون مع غير الله قرارهم بل ينظرون لسعة علمه تعالى ونفوذ قهره ومنه قول سيدنا إبراهيم الخليل : "ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما" وقول سيدنا شعيب عليه السلام : "وما يكون لنا أن نعود فيها (أي في ملة الكفر) إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء" وقضية نبينا صلى الله عليه وسلم يوم بدر حيث دعا حتى سقط رداؤه وقال : "اللهم عهدك ووعدك، اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد بعد اليوم. فقال له الصديق حسبك يا رسول الله فإن الله منجز لك ما وعدك. فنظر المصطفى أوسع لعدم وقوفه مع ظاهر الوعد ووقف الصديق مع الظاهر فكل على صواب والنبي صلى الله عليه وسلم أوسع نظرا وأكمل علما. )
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: الحكم العطائية
الحكمة الثامنة
إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبال معها إن قل عملك ، فإنه مافتحها لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك ، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك والأعمال أنت مهديها إليه ! وأين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك ؟
يقول الشيخ الشرنوبى : (يعني إذا فتح لك الفتاح أيها المريد وجهة أي جهة من جهات التعرف وتلك الجهة كالأمراض والبلايا والفاقات فإنها سبب لمعرفة الله تعالى بصفاته كاللطف والقهر وغيرهما ، والمخاطب بذلك المتيقظ دون المرتبك في حبال الغفلة الذي يسخط عند نزولها ، فلا تبال معها أيها المريد أن قل عملك أي بقلة عملك لا تغتم مع تلك الجهة ولا تهتم بقلة الأعمال.
فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : " إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أنشطته من عقالي وأبدلته لحما خير ا من لحمه ودما خيرا من دمه وليستأنف العمل" (1) . يعني أنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ولا يحاسب على الأعمال السيئة السالفة . وورد : أن الله تعالى يقول للكرام الكاتبين عند مرض عبده المؤمن : " اكتبوا لعبدي ما كان يعمل صحيحا مقيما" (2) فصح أنه ما فتحها أي لك الجهة لك إلا وهو يرد أن يتعرف إليك بواسع فضله عليك . ولا شك أن هذا أعظم من كثرة الأعمال التي تطالب بوجود سر الإخلاص فيها.)
فإذا أنزل الله تعالى على العبد شيئا من البلايا ، فليستشعر ما ذكرناه ، وليجعله نصب عينيه ، وليجدد تذكاره على نفسه حتى يحصل له من السكون والطمأنينة ما يجب عنه أثقال ذلك ، ويزيل عنه مرارته ، ويوجده حلاوته ، وعند ذلك يكون حاله في بلائه حال الشاكرين من الفرح والاغتباط به ، فيرى من حق شكره أن يأتي بما يمكنه من أعمال بره ، واعتبر جميع ما قلناه في هذه المسألة بالحكاية التي ذكرها أبو العباس بن العريف رحمه الله في كتابه ( مفتاح السعادة ومنهاج سلوك طريق الإرادة ) قال فيه :
كان بالمغرب - عمره الله بالإسلام - رجل يدعى أبا الخيار رحمه الله ونفعنا بذكره ، أصله من صقلية ، وموطنه بغداد ، وجاور سنه التسعين وهو في الرق لم يعتقه مولاه ، وذلك منه عن قصد واختيار ، وعم جسده الجذام ، ورائحة المسك توجد منه على مسافة بعيدة ، قال الذي حدثني : رأيته يصلي على الماء . ثم لقيت بعده محمدا الإسفنجي فإذا هو الأبرص ، فقلت له : يا سيدي كأن الله تعالى لم يجد للبلاء محلا من أعدائه حتى أنزله بكم وأنتم من خاصة أوليائه ؟! قال : فقال لي : اسكت لا تقل ذلك ، أنه لما أشرفنا على خزائن العطاء ، لم نجد عند الله شيئا أشرف ولا أقرب إليه من البلاء ، فسألناه إياه ، فكيف بك لو رأيت سيد الزهاد ، وقطب العباد ، وإمام الأولياء الأوتاد ، بغار في أرض طرسوس وجبالها ، لحمه ينتاثر ، وجلده يسيل قيحا وصديدا ، وقد أحاط به الذباب والنمل ، فإذا كان الليل لم يقنع بذكر الله وشكره على ما أعطاه من الرحمة ، وأسكن جسده من العافية ، حتى يشد نفسه بالحديد ويستقبل القبلة عامة ليله حتى يطلع الفجر . ا هـ .
(1) رواه السيوطى فى الجامع الصغير عن أبى هريرة وصححه.
(2) رواه السيوطى فى الجامع الصغير عن أبى موسى الأشعرى وصححه.
إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبال معها إن قل عملك ، فإنه مافتحها لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك ، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك والأعمال أنت مهديها إليه ! وأين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك ؟
يقول الشيخ الشرنوبى : (يعني إذا فتح لك الفتاح أيها المريد وجهة أي جهة من جهات التعرف وتلك الجهة كالأمراض والبلايا والفاقات فإنها سبب لمعرفة الله تعالى بصفاته كاللطف والقهر وغيرهما ، والمخاطب بذلك المتيقظ دون المرتبك في حبال الغفلة الذي يسخط عند نزولها ، فلا تبال معها أيها المريد أن قل عملك أي بقلة عملك لا تغتم مع تلك الجهة ولا تهتم بقلة الأعمال.
فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : " إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أنشطته من عقالي وأبدلته لحما خير ا من لحمه ودما خيرا من دمه وليستأنف العمل" (1) . يعني أنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ولا يحاسب على الأعمال السيئة السالفة . وورد : أن الله تعالى يقول للكرام الكاتبين عند مرض عبده المؤمن : " اكتبوا لعبدي ما كان يعمل صحيحا مقيما" (2) فصح أنه ما فتحها أي لك الجهة لك إلا وهو يرد أن يتعرف إليك بواسع فضله عليك . ولا شك أن هذا أعظم من كثرة الأعمال التي تطالب بوجود سر الإخلاص فيها.)
فإذا أنزل الله تعالى على العبد شيئا من البلايا ، فليستشعر ما ذكرناه ، وليجعله نصب عينيه ، وليجدد تذكاره على نفسه حتى يحصل له من السكون والطمأنينة ما يجب عنه أثقال ذلك ، ويزيل عنه مرارته ، ويوجده حلاوته ، وعند ذلك يكون حاله في بلائه حال الشاكرين من الفرح والاغتباط به ، فيرى من حق شكره أن يأتي بما يمكنه من أعمال بره ، واعتبر جميع ما قلناه في هذه المسألة بالحكاية التي ذكرها أبو العباس بن العريف رحمه الله في كتابه ( مفتاح السعادة ومنهاج سلوك طريق الإرادة ) قال فيه :
كان بالمغرب - عمره الله بالإسلام - رجل يدعى أبا الخيار رحمه الله ونفعنا بذكره ، أصله من صقلية ، وموطنه بغداد ، وجاور سنه التسعين وهو في الرق لم يعتقه مولاه ، وذلك منه عن قصد واختيار ، وعم جسده الجذام ، ورائحة المسك توجد منه على مسافة بعيدة ، قال الذي حدثني : رأيته يصلي على الماء . ثم لقيت بعده محمدا الإسفنجي فإذا هو الأبرص ، فقلت له : يا سيدي كأن الله تعالى لم يجد للبلاء محلا من أعدائه حتى أنزله بكم وأنتم من خاصة أوليائه ؟! قال : فقال لي : اسكت لا تقل ذلك ، أنه لما أشرفنا على خزائن العطاء ، لم نجد عند الله شيئا أشرف ولا أقرب إليه من البلاء ، فسألناه إياه ، فكيف بك لو رأيت سيد الزهاد ، وقطب العباد ، وإمام الأولياء الأوتاد ، بغار في أرض طرسوس وجبالها ، لحمه ينتاثر ، وجلده يسيل قيحا وصديدا ، وقد أحاط به الذباب والنمل ، فإذا كان الليل لم يقنع بذكر الله وشكره على ما أعطاه من الرحمة ، وأسكن جسده من العافية ، حتى يشد نفسه بالحديد ويستقبل القبلة عامة ليله حتى يطلع الفجر . ا هـ .
(1) رواه السيوطى فى الجامع الصغير عن أبى هريرة وصححه.
(2) رواه السيوطى فى الجامع الصغير عن أبى موسى الأشعرى وصححه.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: الحكم العطائية
أبو أويس كتب:واصل أخي باقي الحكم
إن شاء الله نواصل ما أمكننا ... وشكرا
الحكمة التاسعة
تنوعت أجناس الأعمال ، لتنوع واردات الأحوال .
( ﺗﻨﻮﻋﺖ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻟﺘﻨﻮﻉ ﻭﺍﺭﺩﺍﺕ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ) ﺃﻱﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻰﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻭﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻘﻠﺐ .ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ:ﺃﻻ ﻭﺇﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻣﻀﻐﺔ ﺇﺫﺍ ﺻﻠﺤﺖ ﺻﻠﺢ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻛﻠﻪ ﻭﺇﺫﺍ ﻓﺴﺪﺕ ﻓﺴﺪ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻛﻠﻪ ﺃﻻ ﻭﻫﻲﺍﻟﻘﻠﺐ.ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻔﻀﺎﺋﻞ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺗﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺁﺛﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﺘﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺑﺎﻗﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺻﻮﺭ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻭﺃﺭﻭﺍﺣﻬﺎ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﺮ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺒﺮ ﻛﺼﻮﺭ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺃﻱ ﺃﺷﺒﺎﺡ ﻭﺃﺭﻭﺍﺣﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﺮ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﺃﻱ ﺳﺮ ﻫﻮ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻓﻴﻬﺎ . ﻓﻤﻦ ﻋﻤﻞ ﻋﻤﻼ ﺑﻼ ﺇﺧﻼﺹ ﻛﺎﻥ ﻛﻤﻦ ﺃﻫﺪﻯ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻣﻴﺘﺔ ﻟﻸﻣﻴﺮ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻣﻄﻠﻖ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﻷﻧﻮﺍﻋﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ . ﻓﺈﺧﻼﺹ العباﺩ ﺳﻼﻣﺔ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎء ﺍﻟﺠﻠﻲ ﻭﺍﻟﺨﻔﻲ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺣﻆ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻓﻼ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺇﻻ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻃﻠﺒﺎ ﻟﻠﺜﻮﺍﺏ ﻭﻫﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ .ﻭﺇﺧﻼﺹ ﺍﻟﻤﺤﺒﻴﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﷲ ﺇﺟﻼﻻ ﻭﺗﻌﻈﻴﻤﺎ ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻫﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻟﻘﺼﺪ ﺷﻲء ﻣﻤﺎ ﺫﻛﺮ . ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﺭﺍﺑﻌﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭﻳﺔ:
ﻛﻠﻬﻢ ﻳﻌﺒﺪﻭﻙ ﻣﻦ ﺧﻮﻑ ﻧﺎﺭ ﻭﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﺣﻈﺎ ﺟﺰﻳﻼ
ﺃﻭ ﺑﺄﻥ ﻳﺴﻜﻨﻮﺍ ﺍﻟﺠ ﻨﺎﻥ ﻓﻴﺤﻈ ﻮﺍ ﺑﻘﺼﻮﺭ ﻭﻳﺸﺮﺑﻮﺍ ﺳﻠﺴﺒﻴﻼ
ﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﺑﺎﻟﺠﻨﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺣﻆ ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺑﺘﻐﻲ ﺑﺤﺒﻲ ﺑﺪﻳﻼ
ﻭﺃﻣﺎ ﺇﺧﻼﺹ ﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ ﻓﻬﻮ ﺷﻬﻮﺩﻫﻢ ﺍﻧﻔﺮﺍﺩ ﺍﻟﺤﻖ ﺑﺘﺤﺮﻳﻜﻬﻢ ﻭﺗﺴﻜﻴﻨﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺒﺮﺅ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻮﻝ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﻓﻼ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﺎﷲ ﻭﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻤﻼ ﺍﺩﻓﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻙ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﺨﻤﻮﻝ ﻓﻤﺎ ﻧﺒﺖ ﻣﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺪ ﻓﻦ ﻻ ﻳﺘﻢ ﻧﺘﺎﺟﻪ ﺃﻱ ﺍﺩﻓﻦ =ﺃﻳﻬﺎ العبد= ﻧﻔﺴﻚ ﺃﻱ ﺷﻬﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻛﺎﻷﺭﺽ ﻟﻠﻤﻴﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺑﺄﻥ ﻻ ﺗﺘﻌﺎﻃﻰ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ . ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺨﻤﻮﻝ ﻣﻤﺎﻳﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﺑﺨﻼﻑ ﺣﺐ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻟﻘﻮﺍﻃﻊ ﺍﻟﻘﺎﺻﻤﺔ ﻟﻠﻈﻬﻮﺭ.ﻓﻤﺎ ﻧﺒﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐ ﻣﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺪﻓﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻻ ﻳﺘﻢ ﻧﺘﺎﺟﻪ ﺑﻞ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﺼﻔﺮﺍ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﻧﺖ= ﺃﻳﻬﺎ العبد= ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺎﻃﻴﺖ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺘﻚ ﻗﻞ ﺃﻥ ﺗﻔﻠﺢ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺘﻚ .ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﻟﺒﺸﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ :ﺃﻭﺻﻨﻲ ﻓﻘﺎﻝ:ﺃﺧﻤﻞ ﺫﻛﺮﻙ ﻭﺃﻃﺐ ﻣﻄﻌﻤﻚ . ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ :ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻃﺮﻳﻘﺘﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺇﻻ ﻷﻗﻮﺍﻡ ﻛﻨﺴﺖ ﺑﺄﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﺍﻟﻤﺰﺍﺑﻞ . ﻭﻗﺎﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺩﻫﻢ : ﻣﺎ ﺻﺪﻕ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ . ﻭﷲ ﺩﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ:ﻋﺶ ﺧﺎﻣﻞ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﺭﺽ ﺑﻪ ﻓﺬﺍﻙ ﺃﺳﻠﻢ ﻓﻲﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻓﻲﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻣﻦ ﻋﺎﺷﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻢ ﺗﺴﻠﻢ ﺩﻳﺎﻧ ﺘ ﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺰ ﻝ ﺑﻴﻦ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﻭﺗﺴﻜﻴﻦ.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: الحكم العطائية
ياخي باش تهبطلنا 264 حكمة عطائية ؟؟؟
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
اذا لم تكن شاهدا على عصرك ...و لم تقف في ساحة الكفاح الدائر بين الحق و الباطل ... و اذا لم تتخذ موقفا صحيحا من ذلك الصراع الدائر ... فكن ما تشاء : مصليا متعبدا في المحراب ام شاربا للخمر في الحانات ... فكلا الامران يصبحان سواء -
=======================
حامد عماري-
- عدد المساهمات : 2469
العمر : 54
نقاط تحت التجربة : 14495
تاريخ التسجيل : 29/07/2009
رد: الحكم العطائية
حامد عماري كتب:ياخي باش تهبطلنا 264 حكمة عطائية ؟؟؟
وما المانع يا سي حامد ما دامت الفائدة ممكنة الحصول
إسماعيل كتب:
إن شاء الله نواصل ما أمكننا ... وشكرا
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى