البدعة وحكم تقسيمها
صفحة 1 من اصل 1
البدعة وحكم تقسيمها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله لا شك أن الرسول قال : كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وقال : من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها ، وقال عمر بن الخطاب لما جمع الناس في صلاة التراويح على أبي بن كعب ( نعمت البدعة هذه ) فلا بد من الرجوع إلى كلام علماء الأمة الأقدمين في فهم نصوص الكتاب والسنة لأنهم هم الذين بينوا مراد الله ومراد رسوله من تلك النصوص ، وإليك كلام بعض العلماء في هذا الموضوع الذي كتبته : قال البيهقي : أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الربيع بن سليمان قال : قال الشافعي : المحدثات من الأمور ضربان أحدهما ما أحدث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً فهذه لبدعة الضلالة ، والثانية ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا فهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر في قيام شهر رمضان نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن وإن كانت فليس فيها رد لما مضى .
أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى ص206 ، وأبو شامة في الباعث على إنكار البدع ص23 ، والذهبي في تاريخ الإسلام 14 / 339 ، وفي سير أعلام النبلاء 10 / 70 وسنده صحيح .
قال ابن الأثير : وفي حديث عمر في قيام رمضان نعمت البدعة هذه البدعة بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلال فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهو في حيز الذم والإنكار وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه الله أو رسوله فهو في حيز المدح وما لم يكن له مثال موجود كنضوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به لأن النبي قد جعل له في ذلك ثوابا فقال من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها وقال في ضده ومن سن سنة سيئة كان عله وزرها ووزر من عمل بها وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله ومن هذا النوع قول عمر نعمت البدعة هذه لما كانت من أفعال الخير وداخله في حيز المدح سماها بدعة ومدحها لأن النبي لم يسنها لهم وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس لها ولا كانت في زمن أبي بكر وإنما عمر جمع الناس عليها وندبهم إليها فبهذا سماها بدعة وهي على الحقيقة سنة لقوله عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وقوله اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر كل محدثة بدعة إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة .
النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 1 / 106- 107 .
قال الشاطبي : قال عمر بن الخطاب : نعمت البدعة هذا فأطلق عليها لفظ البدعة - كما ترى - نظراً - والله أعلم - إلى اعتبار الدوام وإن كان شهراً في السنة وأنه لم يقع فيمن قبله عملا دائما أو انه أظهره في المسجد الجامع مخالفا لسائر النوافل وإن كان ذلك واقعا في أصله كذلك فلما كان الدليل على ذلك القيام على الخصوص واضحاً قال نعمت البدعة هذه فحسنها بصيغة نعم التى تقتضى من المدح ما تقتضيه صيغة التعجب لو قال ما أحسنها من بدعة وذلك يخرجها قطعا عن كونها بدعة ، وعلى هذا المعنى جرى كلام أبى أمامة مستشهداً بالآية حيث قال أحدثتم قيام رمضان ولم يكتب عليكم .
الاعتصام ج1/ص322 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وما خالف النصوص فهو بدعة باتفاق المسلمين وما لم يعلم أنه خالفها فقد لا يسمى بدعة قال الشافعي : البدعة بدعتان بدعة خالفت كتاباً وسنة وإجماعاً وأثراً عن بعض أصحاب رسول الله فهذه بدعه ضلاله وبدعة لم تخالف شيئاً من ذلك فهذه قد تكون حسنة لقول عمر نعمت البدعة هذه هذا الكلام أو نحوه رواه البيهقي بإسناده الصحيح فى المدخل ويروى عن مالك أنه قال إذا قل العلم ظهر الجفا وإذا قلت الآثار كثرت الأهواء .
مجموع فتاوى ابن تيمية 20 / 163.
قال العيني : البدعة على نوعين إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي بدعة حسنة وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي بدعة مستقبحة .
عمدة القاري شرح صحيح البخاري 11 / 126 .
قال الشوكاني : قوله فقال عمر نعمت البدعة قال في الفتح البدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق وتطلق في الشرع على مقابلة السنة فتكون مذمومة والتحقيق أنها إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة وإلا فهي من قسم المباح وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة .
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار 3 / 63 .
وقال القرطبي : كل بدعة صدرت من مخلوق فلا يجوز أن يكون لها أصل في الشرع أولا فان كان لها أصل كانت واقعة تحت عموم ما ندب الله إليه وخص رسوله عليه فهي في حيز المدح وإن لم يكن مثاله موجودا كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهذا فعله من الأفعال المحمودة وإن لم يكن الفاعل قد سبق إليه ويعضد هذا قول عمر نعمت البدعة هذه لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح وهي وإن كان النبي قد صلاها إلا إنه تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس عليها فمحافظة عمر عليها وجمع الناس لها وندبهم إليها بدعة لكنها بدعة محمودة ممدوحة وإن كانت في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهي في حيز الذم والإنكار قال معناه الخطابي وغيره قلت وهو معنى قوله في خطبته وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة يريد ما لم يوافق كتابا أو سنة أو عمل الصحابة وقد بين هذا بقوله من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وهذا إشارة إلى ما أبتدع من قبيح وحسن وهو أصل هذا الباب وبالله العصمة والتوفيق لا رب غيره .
تفسير القرطبي 2 / 87 .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : قال عمر نعمت البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يريد بذلك آخر الليل وكان الناس يقومون أوله وهذا الاجتماع العام لما لم يكن قد فعل سماه بدعة لأن ما فعل ابتداء يسمى بدعة في اللغة وليس ذلك بدعة شرعية فإن البدعة الشرعية التي هي ضلالة هي ما فعل بغير دليل شرعي كاستحباب ما لم يحبه الله وإيجاب ما لم يوجبه الله وتحريم ما لم يحرمه الله فلا بد مع الفعل من اعتقاد يخالف الشريعة وإلا فلو عمل الإنسان فعلا محرم يعتقد تحريمه لم يقل إنه فعل بدعة .
الرابع أن هذا لو كان قبيحاً منهياً عنه لكان علي أبطله لما صار أمير المؤمنين وهو بالكوفة فلما كان جاريا في ذلك مجرى عمر دل على استحباب ذلك بل روى عن علي أنه قال نور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا
وعن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا دعا القراء في رمضان فأمر رجلا منهم يصلى بالناس عشرين ركعة قال وكان علي يوتر بهم وعن عرفجة الثقفي قال كان علي يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً قال عرفجة فكنت أنا إمام النساء رواهما البيهقي في سننه .
منهاج السنة النبوية ج8/ص307 - 308
وأما الفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان
فقد قال الشاطبي أيضاً : هذا الباب يضطر إلى الكلام فيه عند النظر فيما هو بدعة وما ليس ببدعة فإن كثيرا من الناس عدواً أكثر المصالح المرسلة بدعاً ونسبوها إلى الصحابة والتابعين وجعلوها حجة فيما ذهبوا إليه من اختراع العبادات وقوم جعلوا البدع تنقسم بأقسام أحكام الشريعة فقالوا إن منها ما هو واجب ومندوب وعدوا من الواجب كتب المصحف وغيره ومن المندوب الاجتماع في قيام رمضان على قارىء واحد ، وأيضا فإن المصالح المرسلة يرجع معناها إلى اعتبار المناسب الذي لا يشهد له أصل معين فليس له على هذا شاهد شرعى على الخصوص ولا كونه قياسا بحيث إذا عرض على العقول تلقته بالقبول وهذا بعينه موجود في البدع المستحسنة فإنها راجعة إلى امور في الدين مصلحية - في زعم واضعيها - في الشرع على الخصوص وإذا ثبت هذا فإن كان اعتبار المصالح المرسلة حقا فاعتبار البدع المستحسنة حق لأنهم يجريان من واد واحد وإن لم يكن اعتبار البدع حقا لم يصح اعتبار المصالح المرسلة وأيضا فإن القول بالمصالح المرسلة ليس متفقا فيه بل قد اختلف عليه أهل الأصول على أربعة أقوال - فذهب القاضى وطائفة من الأصوليين إلى رده وأن المعنى لا يعتبر ما لم يستند إلى أصل وذهب مالك إلى اعتبار ذلك وبنى الأحكام عليه على الإطلاق وذهب الشافعى ومعظم الحنفية إلى التمسك بالمعنى الذى لم يستند إلى أصل صحيح لكن بشرط قربه من معانى الأصول الثابتة هذا ما حكى الإمام الجويني وذهب الغزالى إلى أن المناسب إن وقع في رتبة التحسين والتزيين لم يعتبر حتى يشهد له أصل معين وإن وقع في رتبة الضروري فميله إلى قبوله لكن بشرط قال ولا يبعد أن يؤدى إليه اجتهاد مجتهد واختلف قوله في الرتبة المتوسطة وهي رتبة الحاجي فرده في المستصفى هو آخر قوليه وقبله في شفاء الغليل كما قبل ما قبله وإذا اعتبر من الغزالي اختلاف قوله فالأقوال خمسة فإذا الراد لاعتبارها لايبقى له في الواقع له في الوقائع الصحابية مستند إلا أنها بدعة مستحسنة - كما قال عمر بن الخطاب في الاجتماع لقيام رمضان نعمت البدعة هذه - إذ لا يمكنهم ردها لإجماعهم عليها وكذلك القول في الاستحسان فإنه - على ما المتقدمون راجع إلى الحكم بغير دليل والنافي له لا يعد الاستحسان سببا فلا يعتبر في الأحكام البتة فصار كالمصالح المرسلة إذا قيل بردها فلما كان هذا الوضع مزلة قدم لأهل البدع أن يستدلوا على بدعتهم من جهته - كان الحق المتعين النظر في مناط الغلط الواقع لهؤلاء حتى يتبين أن المصالح المرسلة ليست من البدع في ورد ولا صدر بحول الله والله الموفق فنقول المعنى المناسب الذي يربط به الحكم لا يخلو من ثلاثة أقسام : أحدها أن يشهد الشرع بقبوله فلا إشكال في صحته ولا خلاف في إعماله وإلا كان مناقضة للشريعة كشريعة القصاص حفظا للنفوس والأطراف وغيرها ، والثاني ما شهد الشرع برده فلا سبيل إلى قبوله إذ المناسبة لا تقتضى الحكم لنفسها وإنما ذلك مذهب أهل التحسين العقلي بل إذا ظهر المعنى وفهمنا من الشرع اعتباره في اقتضاء الأحكام فحينئذ نقبله فإن المراد بالمصلحة عندنا ما فهم رعايته في حق الخلق من جلب المصالح ودرء المفاسد على وجه لا يستقل العقل بدركه على حال فإذا لم يشهد الشرع باعتبار ذلك المعنى بل يرده كان مردودا باتفاق المسلمين .
الاعتصام ج2/ص111- 113
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه وأن يجنبنا البدع والفتن ما ظهر منها وما بطن وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16430
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: البدعة وحكم تقسيمها
هل يوجد ما يسمى بالبدعة التركية ؟
أي هل يعتبر ترك أمر شيء ما بدعة ؟
ومن هو أول من قال ذلك ؟
هل يجب الاقتصار على افعال النبي ؟ وكل فعل لم يفعله يعتبر الإتيان به بدعة ؟
ومن قال ذلك ؟
( البدعة التركية ) هل تعتبر بدعة ؟
قاله الشاطبي حيث عقد له فصلاً خاصاً فقال : فصل
وفي الحد أيضاً معنى آخر مما ينظر فيه وهو أن البدعة من حيث قيل فيها إنها طريقة في الدين مخترعة إلى آخره يدخل في عموم لفظها البدعة التركية كما يدخل فيه البدعة غير التركية فقد يقع الابتداع بنفس الترك تحريما للمتروك أو غير تحريم فان الفعل مثلا قد يكون حلالاً بالشرع فيحرمه الإنسان على نفسه أو يقصد تركه قصدا فبهذا الترك إما أن يكون لأمر يعتبر مثله شرعاً أولا فان كان لأمر يعتبر فلا حرج فيه إذ معناه انه ترك ما يجوز تركه أو ما يطلب بتركه كالذي يحرم على نفسه الطعام الفلاني من جهة أنه يضره في جسمه أو عقله أو دينه وما أشبه ذلك فلا مانع هنا من الترك بل إن قلنا بطلب التداوي للمريض فان الترك هنا مطلوب وان قلنا بإباحة التداوي فالترك مباح فهذا راجع إلى العزم على الحمية من المضرات وأصله قوله عليه الصلاة والسلام يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج إلى أن قال ومن لم يستطع فعليه بالصوم الذي يكسر من شهوة الشباب حتى لا تطغى عليه الشهوة فيصير إلى العنت وكذلك إذا ترك ما لا بأس به حذرا مما به البأس فذلك من أوصاف المتقين وكتارك المتشابه حذراً من الوقوع في الحرام واستبراءً للدين والعرض وان كان الترك لغير ذلك فأما أن يكون تديناً أو لا فان لم يكن تدينا فالتارك عابث بتحريمه الفعل أو بعزيمته على الترك ولا يسمى هذا الترك بدعة إذ لا يدخل تحت لفظ الحد إلا على الطريقة الثانية القائلة أن البدعة تدخل في العادات وأما على الطريقة الأولى فلا يدخل لكن هذا التارك يصير عاصيا بتركه أو باعتقاده التحريم فيما احل الله وأما إن كان الترك تدينا فهو الابتداع في الدين على كلتا الطريقتين إذ قد فرضنا الفعل جائزا شرعا فصار الترك المقصود معارضة للشارع في شرع التحليل وفي مثله نزل قول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين يأتي للآية تقرير إن شاء الله لان بعض الصحابة هم أن يحرم على نفسه النوم بالليل وآخر الأكل بالنهار وآخر إتيان النساء وبعضهم هم بالاختصاء مبالغة في ترك شأن النساء ، وفي أمثال ذلك قال النبي من رغب عن سنتي فليس مني فإذاً كل من منع نفسه من تناول ما أحل الله من غير عذر شرعي فهو خارج عن سنة النبي ، والعامل بغير السنة تدينا هو المبتدع بعينه ، فان قيل فتارك المطلوبات الشرعية ندباً أو وجوبا هي يسمى مبتدعا أم لا فالجواب أن التارك للمطلوبات على ضربين أحدهما أن يتركها لغير التدين إما كسلا أو تضييعاً أو ما أشبه ذلك من الدواعي النفسية فهذا الضرب راجع إلى المخالفة للأمر فإن كان في واجب فمعصية وإن كان في ندب فليس بمعصية إذا كان الترك جزئياً وإن كلياً فمعصية حسبما تبين في الأصول ، والثاني أن يتركها تدينا فهذا الضرب من قبيل البدع حيث تدين بضد ما شرع الله ، فإذاً قوله في الحد طريقة مخترعة تضاهي الشرعية يشمل البدعة التركية كما يشمل غيرها لان الطريقة الشرعية أيضاً تنقسم إلى ترك وغيره وسواء علينا قلنا أن الترك فعل أم قلنا إنه نفي الفعل الطريقتين المذكورتين في أصول الفقه وكما يشمل الحد الترك يشمل أيضاً ضد ذلك وهو ثلاثة أقسام قسم الاعتقاد وقسم القول وقسم الفعل فالجميع أربعة أقسام وبالجملة فكل ما يتعلق به الخطاب الشرعي يتعلق به الابتداع .
الاعتصام للشاطبي ص42 – 45 .
أي هل يعتبر ترك أمر شيء ما بدعة ؟
ومن هو أول من قال ذلك ؟
هل يجب الاقتصار على افعال النبي ؟ وكل فعل لم يفعله يعتبر الإتيان به بدعة ؟
ومن قال ذلك ؟
( البدعة التركية ) هل تعتبر بدعة ؟
قاله الشاطبي حيث عقد له فصلاً خاصاً فقال : فصل
وفي الحد أيضاً معنى آخر مما ينظر فيه وهو أن البدعة من حيث قيل فيها إنها طريقة في الدين مخترعة إلى آخره يدخل في عموم لفظها البدعة التركية كما يدخل فيه البدعة غير التركية فقد يقع الابتداع بنفس الترك تحريما للمتروك أو غير تحريم فان الفعل مثلا قد يكون حلالاً بالشرع فيحرمه الإنسان على نفسه أو يقصد تركه قصدا فبهذا الترك إما أن يكون لأمر يعتبر مثله شرعاً أولا فان كان لأمر يعتبر فلا حرج فيه إذ معناه انه ترك ما يجوز تركه أو ما يطلب بتركه كالذي يحرم على نفسه الطعام الفلاني من جهة أنه يضره في جسمه أو عقله أو دينه وما أشبه ذلك فلا مانع هنا من الترك بل إن قلنا بطلب التداوي للمريض فان الترك هنا مطلوب وان قلنا بإباحة التداوي فالترك مباح فهذا راجع إلى العزم على الحمية من المضرات وأصله قوله عليه الصلاة والسلام يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج إلى أن قال ومن لم يستطع فعليه بالصوم الذي يكسر من شهوة الشباب حتى لا تطغى عليه الشهوة فيصير إلى العنت وكذلك إذا ترك ما لا بأس به حذرا مما به البأس فذلك من أوصاف المتقين وكتارك المتشابه حذراً من الوقوع في الحرام واستبراءً للدين والعرض وان كان الترك لغير ذلك فأما أن يكون تديناً أو لا فان لم يكن تدينا فالتارك عابث بتحريمه الفعل أو بعزيمته على الترك ولا يسمى هذا الترك بدعة إذ لا يدخل تحت لفظ الحد إلا على الطريقة الثانية القائلة أن البدعة تدخل في العادات وأما على الطريقة الأولى فلا يدخل لكن هذا التارك يصير عاصيا بتركه أو باعتقاده التحريم فيما احل الله وأما إن كان الترك تدينا فهو الابتداع في الدين على كلتا الطريقتين إذ قد فرضنا الفعل جائزا شرعا فصار الترك المقصود معارضة للشارع في شرع التحليل وفي مثله نزل قول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين يأتي للآية تقرير إن شاء الله لان بعض الصحابة هم أن يحرم على نفسه النوم بالليل وآخر الأكل بالنهار وآخر إتيان النساء وبعضهم هم بالاختصاء مبالغة في ترك شأن النساء ، وفي أمثال ذلك قال النبي من رغب عن سنتي فليس مني فإذاً كل من منع نفسه من تناول ما أحل الله من غير عذر شرعي فهو خارج عن سنة النبي ، والعامل بغير السنة تدينا هو المبتدع بعينه ، فان قيل فتارك المطلوبات الشرعية ندباً أو وجوبا هي يسمى مبتدعا أم لا فالجواب أن التارك للمطلوبات على ضربين أحدهما أن يتركها لغير التدين إما كسلا أو تضييعاً أو ما أشبه ذلك من الدواعي النفسية فهذا الضرب راجع إلى المخالفة للأمر فإن كان في واجب فمعصية وإن كان في ندب فليس بمعصية إذا كان الترك جزئياً وإن كلياً فمعصية حسبما تبين في الأصول ، والثاني أن يتركها تدينا فهذا الضرب من قبيل البدع حيث تدين بضد ما شرع الله ، فإذاً قوله في الحد طريقة مخترعة تضاهي الشرعية يشمل البدعة التركية كما يشمل غيرها لان الطريقة الشرعية أيضاً تنقسم إلى ترك وغيره وسواء علينا قلنا أن الترك فعل أم قلنا إنه نفي الفعل الطريقتين المذكورتين في أصول الفقه وكما يشمل الحد الترك يشمل أيضاً ضد ذلك وهو ثلاثة أقسام قسم الاعتقاد وقسم القول وقسم الفعل فالجميع أربعة أقسام وبالجملة فكل ما يتعلق به الخطاب الشرعي يتعلق به الابتداع .
الاعتصام للشاطبي ص42 – 45 .
عدل سابقا من قبل إسماعيل في الخميس 26 مارس - 19:22 عدل 1 مرات
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16430
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: البدعة وحكم تقسيمها
هل الاجتهاد في العبادة بدعة ؟؟
الجواب : الاجتهاد في العبادة من سنة النبي ومن عمل السلف الصالح وليس ببدعة ما لم يحرم حلالاً أو يحلل حراماً كقصة النفر الثلاثة الذين اجتهدوا في العبادة : منهم : من حرم على نفسه النوم بالليل ، وآخر الأكل بالنهار ، وآخر إتيان النساء . فقال لهم النبي من رغب عن سنتي فليس مني . فكل من منع نفسه من تناول ما أحل الله من غير عذر شرعي فهو خارج عن سنة النبي ، وقد كان النبي يجتهد في العبادة ، فعن المغيرة بن شعبة قال: كان النبي يصلي حتى ترم أو تنتفخ قدماه فيقال له فيقول أفلا أكون عبداً شكوراً .
أخرجه البخاري رقم ( 6106 ) 5 / 2375، ومسلم رقم ( 2819 ) 4 / 2171 .
قال الحافظ ابن حجر : كان يقوم من الليل حتى ترم بفتح المثناة وكسر الراء وتخفيف الميم بلفظ المضارع من الورم هكذا سمع وهو نادر وفي رواية خلاد بن يحيى حتى ترم أو تنتفخ قدماه وفي رواية أبي عوانة عن زياد عند الترمذي حتى انتفخت قدماه قوله قدماه أو ساقاه وفي رواية خلاد قدماه ولم يشك وللمصنف في تفسير الفتح حتى تورمت وللنسائي من حديث أبي هريرة حتى تزلع قدماه بزاي وعين مهمله ولا اختلاف بين هذه الروايات فإنه إذا حصل الانتفاخ أو الورم حصل الزلع والتشقق والله أعلم قوله فيقال له لم يذكر المقول ولم يسم القائل وفي تفسير الفتح فقيل له غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر وفي رواية أبي عوانة فقيل له أتتكلف هذا وفي حديث عائشة فقالت له عائشة لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك وفي حديث أبي هريرة عند البزار فقيل له تفعل هذا وقد جاءك من الله أن قد غفر لك قوله أفلا أكون في حديث عائشة أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا وزادت فيه فلما كثر لحمه صلى جالسا الحديث والفاء في قوله أفلا أكون للسببية وهي عن محذوف تقديره أأترك تهجدي فلا أكون عبداً شكوراً والمعنى أن المغفرة سبب لكون التهجد شكرا فكيف اتركه قال بن بطال في هذا الحديث أخذ الإنسان على نفسه بالشدة في العبادة وأن أضر ذلك ببدنه لأنه إذا فعل ذلك مع علمه بما سبق له فكيف بمن لم يعلم بذلك فضلاً عمن لم يأمن أنه استحق النار ، ومحل ذلك ما إذا لم يفض إلى الملال لأن حال النبي كانت أكمل الأحوال فكان لا يمل من عبادة ربه وأن أضر ذلك ببدنه بل صح أنه قال وجعلت قرة عيني في الصلاة كما أخرجه النسائي من حديث أنس فأما غيره فإذا خشي الملل لا ينبغي له أن يكره نفسه وعليه يحمل قوله خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وفيه مشروعيه الصلاة للشكر وفيه أن الشكر يكون بالعمل كما يكون باللسان كما قال الله تعالى اعملوا آل داود شكراً وقال القرطبي ظن من سأله عن سبب تحمله المشقة في العبادة أنه إنما يعبد الله خوفاً من الذنوب وطلباً للمغفرة والرحمة فمن تحقق أنه غفر له لا يحتاج إلى ذلك فأفادهم أن هناك طريقا آخر للعبادة وهو الشكر على المغفرة وإيصال النعمة لمن لا يستحق عليه فيها شيئا فيتعين كثرة الشكر على ذلك والشكر الاعتراف بالنعمة والقيام بالخدمة فمن كثر ذلك منه سمي شكوراً ومن ثم قال وقليل من عبادي الشكور وفيه ما كان النبي عليه من الاجتهاد في العبادة والخشية من ربه قال العلماء إنما ألزم الأنبياء أنفسهم بشدة الخوف لعلمهم بعظيم نعمة الله تعالى عليهم وأنه ابتدأهم بها قبل استحقاقها فبذلوا مجهودهم في عبادته ليؤدوا بعض شكره مع أن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد والله أعلم .
فتح الباري شرح صحيح البخاري 3 / 15
مقتبس
الجواب : الاجتهاد في العبادة من سنة النبي ومن عمل السلف الصالح وليس ببدعة ما لم يحرم حلالاً أو يحلل حراماً كقصة النفر الثلاثة الذين اجتهدوا في العبادة : منهم : من حرم على نفسه النوم بالليل ، وآخر الأكل بالنهار ، وآخر إتيان النساء . فقال لهم النبي من رغب عن سنتي فليس مني . فكل من منع نفسه من تناول ما أحل الله من غير عذر شرعي فهو خارج عن سنة النبي ، وقد كان النبي يجتهد في العبادة ، فعن المغيرة بن شعبة قال: كان النبي يصلي حتى ترم أو تنتفخ قدماه فيقال له فيقول أفلا أكون عبداً شكوراً .
أخرجه البخاري رقم ( 6106 ) 5 / 2375، ومسلم رقم ( 2819 ) 4 / 2171 .
قال الحافظ ابن حجر : كان يقوم من الليل حتى ترم بفتح المثناة وكسر الراء وتخفيف الميم بلفظ المضارع من الورم هكذا سمع وهو نادر وفي رواية خلاد بن يحيى حتى ترم أو تنتفخ قدماه وفي رواية أبي عوانة عن زياد عند الترمذي حتى انتفخت قدماه قوله قدماه أو ساقاه وفي رواية خلاد قدماه ولم يشك وللمصنف في تفسير الفتح حتى تورمت وللنسائي من حديث أبي هريرة حتى تزلع قدماه بزاي وعين مهمله ولا اختلاف بين هذه الروايات فإنه إذا حصل الانتفاخ أو الورم حصل الزلع والتشقق والله أعلم قوله فيقال له لم يذكر المقول ولم يسم القائل وفي تفسير الفتح فقيل له غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر وفي رواية أبي عوانة فقيل له أتتكلف هذا وفي حديث عائشة فقالت له عائشة لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك وفي حديث أبي هريرة عند البزار فقيل له تفعل هذا وقد جاءك من الله أن قد غفر لك قوله أفلا أكون في حديث عائشة أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا وزادت فيه فلما كثر لحمه صلى جالسا الحديث والفاء في قوله أفلا أكون للسببية وهي عن محذوف تقديره أأترك تهجدي فلا أكون عبداً شكوراً والمعنى أن المغفرة سبب لكون التهجد شكرا فكيف اتركه قال بن بطال في هذا الحديث أخذ الإنسان على نفسه بالشدة في العبادة وأن أضر ذلك ببدنه لأنه إذا فعل ذلك مع علمه بما سبق له فكيف بمن لم يعلم بذلك فضلاً عمن لم يأمن أنه استحق النار ، ومحل ذلك ما إذا لم يفض إلى الملال لأن حال النبي كانت أكمل الأحوال فكان لا يمل من عبادة ربه وأن أضر ذلك ببدنه بل صح أنه قال وجعلت قرة عيني في الصلاة كما أخرجه النسائي من حديث أنس فأما غيره فإذا خشي الملل لا ينبغي له أن يكره نفسه وعليه يحمل قوله خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وفيه مشروعيه الصلاة للشكر وفيه أن الشكر يكون بالعمل كما يكون باللسان كما قال الله تعالى اعملوا آل داود شكراً وقال القرطبي ظن من سأله عن سبب تحمله المشقة في العبادة أنه إنما يعبد الله خوفاً من الذنوب وطلباً للمغفرة والرحمة فمن تحقق أنه غفر له لا يحتاج إلى ذلك فأفادهم أن هناك طريقا آخر للعبادة وهو الشكر على المغفرة وإيصال النعمة لمن لا يستحق عليه فيها شيئا فيتعين كثرة الشكر على ذلك والشكر الاعتراف بالنعمة والقيام بالخدمة فمن كثر ذلك منه سمي شكوراً ومن ثم قال وقليل من عبادي الشكور وفيه ما كان النبي عليه من الاجتهاد في العبادة والخشية من ربه قال العلماء إنما ألزم الأنبياء أنفسهم بشدة الخوف لعلمهم بعظيم نعمة الله تعالى عليهم وأنه ابتدأهم بها قبل استحقاقها فبذلوا مجهودهم في عبادته ليؤدوا بعض شكره مع أن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد والله أعلم .
فتح الباري شرح صحيح البخاري 3 / 15
مقتبس
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16430
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
مواضيع مماثلة
» ما هو معنى البدعة، وكيف تعامل علماء الأمة مع البدعة، وما هو الفهم الصحيح لقضية البدعة ؟
» مفهوم البدعة عند علماء السنة والجماعة
» مواعظ وحكم لك ولزمن
» البدعة و ضابطها
» ميراث أهل السنَّة وأهل البدعة
» مفهوم البدعة عند علماء السنة والجماعة
» مواعظ وحكم لك ولزمن
» البدعة و ضابطها
» ميراث أهل السنَّة وأهل البدعة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى