السعودية تدور في الفلك الأمريكي، وإيران تنام في أحضان الشيطان الأكبر.
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
السعودية تدور في الفلك الأمريكي، وإيران تنام في أحضان الشيطان الأكبر.
عن إيران والسعودية واليمن
لست مناصرا للسعودية ولا عدوا لإيران، ففيهما نظامان يعمل كل منهما بكل الطرق لتحقيق مصالحه المشروعة وغير المشروعة..
إيران من "الموت لأمريكا" إلى النوم في حضنها
تاريخيا كنت متعاطفا مع إيران.. كنت متشيعا سياسيا لها، فقد نشأت في بيئة وثقافة رأت في الثورة الإيرانية إعادة للإسلام للعالم الحديث في وقت ظن فيه الظانون أن الدين عامة والإسلام خاصة مجرد ذكرى من بقايا التطور البشري، انسجاما مع الرؤية الوضعية التي لونت السبعينيات والثمانينات في العالم عامة وفي تونس خاصة. وجاءت الثورة الايرانية لتقول إن الإسلام معطى حي واقعي يقلب الموازين ويغير المشهد في قلب الربع الاخير من القرن العشرين.
كنت في طفولتي وشبابي متعاطفا مع إيران متشيعا سياسيا لها حتى في حربها مع العراق.. ثم اكتشفت أن شعارات الثورة التي ترفعها إيران ليست بالطهورية التي يتم الترويج لها.. واكتشفت أيضا أن شعارات الإسلام التي ترفعها إيران أيضا ليست تعبيرا عن الإسلام المحمدي الأصيل المتعالي على الطائفية المقيتة،، بل وجدت منسوب الروح الطائفية فيها عال جدا.
بعد تفجيرات 11 سبتمبر عام 2001 ظهر وجه جديد لإيران.. وجه قبيح نقض كل شعاراتها الثورية وخاصة شعار الموت لأميركا.. فإيران تعاونت بطريقة واضحة تمام الوضوح مع أميركا في إسقاط نظام طالبان في أفغانستان. وأعلن مسؤولون إيرانيون أنه لو لا تعاونهم ما كان لأميركا أن تتغلب بتلك السرعة والسهولة على طالبان.. فشعار الموت لأمريكا الذي كان يسحرني وأنا طفل صغير أو شاب في مطلع الشباب عوضته ممارسة التعاون مع أميركا لإسقاط نظام حكم في بلد ثالث.
في العام 2003 ظهرت إيران بصورة أقبح. فقد تعاونت مع الأمريكان عبر عملائها في العراق وعبر دعمها السياسي والاستخباري لإسقاط نظام الراحل صدام حسين رحمه الله.. وكسبت من دعمها وتعاونها مع أميركا احتلالا مجانيا للعراق لم تدفع من أجله فلسا واحدا ولا حياة جندي واحد..
فإيران عملت مع الأمريكان بنظام المناولة.. أنت تحتل وأنا آخذ الاحتلال مناولة منك.. ولا يمكن أن يحصل ما حصل برغم أنف الأمريكان بل حصل برضاهم.. فالأمريكان يعلمون أن إيران جارة كبرى ولها أطماع كثيرة في العراق.. ولا يمكن أن يهدوها بالمجان، بل باتفاق مسبق، قرارا تاريخيا بحل الجيش العراقي الذي قاوم إيران وكبدها خسائر هائلة في حرب الثماني سنوات..
لقد كان قرار حل الجيش العراقي المقدمة الضرورية لاستيلاء إيران بنظام المناولة على العراق الذي يحتله الأمريكان.. وقد زرت العراق في العام 2004 صحفيا لأغطي الحرب، ولمست عن قرب كيف تكون التوافقات تحت الطاولة مقدمة للاحتلال بالنيابة.. فقد تجند الأمريكان سياسيا وإعلاميا وعسكريا وحرصوا بكل قوة على تسليم العراق للشيعة الموالين لإيران، وسهروا على تنظيف مؤسسات الدولة من كل حضور فعال للسنة المعارضين للنفوذ الإيراني، تحت لافتة "اجتثاث البعث"، بينما كان البعثيون الشيعة يلقون غض الطرف على الجرائم التي يؤاخذ عليها زملاؤهم البعثيين السنة ويمكنون أكثر من أجهزة الدولة.
لقد أقنع الإيرانيون الأمريكيين بأن عدوهم هو الإرهاب السني، وأنه لا يوجد إرهاب شيعي ولا إرهابيين شيعة.. ومن ذلك الوقت حصل التعاون الإيراني الأمريكي، وتم تمكين إيران من احتلال العراق.. ولاحقا تم غض الطرف عن احتلال إيران لسورية.. فلولا الدعم الإيراني لبشار الاسد لانتهى حكمه منذ العام الاول للثورة السورية.. وكان الامريكيون يرون كل ذلك ولا يحركون ساكنا.. فالهدف ليس إلا ما يسمى الارهاب السني.
السعودية.. كوكب في الفلك الأمريكي
امتدادا لتشيعي السياسي لإيران في طفولتي ومطلع شبابي نشأت على كره النظام السعودي.. فثقافتي الثورية جعلتني لا أرى في السعودية إلا ذلك النظام الدكتاتوري العميل للغرب المرتهن للقرار الأمريكي.. ولا شك أن كثيرا من ذلك صادق وصحيح. فالسعودية منذ الحرب الباردة كانت ولا تزال نقطة محورية في السياسة الأمريكية.. وربما ظلت السعودية منذ اكتشاف النفط وحتى اليوم تحوم في الفلك الأمريكي لا تكاد تغادره إلا قليلا.
أمر آخر مهم جدا نفرني من السياسة السعودية، فالمملكة التي تحكم تحت غطاء الدفاع عن الإسلام، ويحمل العاهل فيها منذ عقود لقب خادم الحرمين الشريفين وحامي حمى الملة والدين.. كانت في المقابل في تحالف متين مع المارونية اللبنانية في الثقافة والإعلام.. ورأينا المال السعودي الرسمي والشعبي يوظف في خدمة ثقافة بعيدة كل البعد عن الدين في طبعته الوهابية، وهي الايديولوجيا الرسمية للمملكة، وذلك عبر شبكة ام بي سي وروتانا وغيرها من القنوات والصحف والمجلات والإذاعات.
لكن النظر للسعودية ولنظامها مهما تغيرت الوجوه الحاكمة فيه، باعتبارها عميلة تأتمر بالأوامر الأمريكية لا تخرج عنها قيد أنملة ليس صحيحا بالمرة. فانخراط السعودية في العام 1973 في معركة قطع الإمدادات النفطية عن الغرب مثال شهير على أن للمملكة في الأوقات العصيبة موقفها المستقل عن القرار الأمريكي.
بالمختصر: ليست إيران ملاكا.. وليست السعودية شيطانا.. هما بلدان فيهما نظاما حكم تهم كلا منهما مصالحه واستقرار الحكم فيه وتوسيع نفوذه على أي شيء آخر.. وما يبقى من خطاب وشعارات مجرد وهم إيديولوجي.. أيديولوجيا الثورة الإيرانية تخفي الأطماع الصفوية والبعد الطائفي المقيت لإيران.. وإيديولوجيا الوهابية تخفي فسادا وانحلالا ونمطا ثقافيا متغربا في السعودية.
إيران تريد ضم اليمن لمجال نفوذها عبر الحوثيين بعد استكمال احتلالها العراق وسيطرتها على أجزاء واسعة من سورية ولبنان.. والسعودية تدافع عن مصالحها في المقابل حتى لا تطوق من الشمال والجنوب بالنفوذ الإيراني.. وتحفظ موضوعيا، أرادت ذلك أم لم ترد، عروبة اليمن من التهديد الصفوي الفارسي والتشيع الاثنى عشري.. هذا الأمر لا يجعل تأييد المرء لعاصفة الحزم جريمة ولا تأييدا لأميركا وإسرائيل ولا استهدافا لفلسطين، كما يروج بعض الثورجيين.. فإذا كانت السعودية تدور في الفلك الأمريكي، فإيران تنام في أحضان الشيطان الأكبر.
نور الدين العويديدي
لست مناصرا للسعودية ولا عدوا لإيران، ففيهما نظامان يعمل كل منهما بكل الطرق لتحقيق مصالحه المشروعة وغير المشروعة..
إيران من "الموت لأمريكا" إلى النوم في حضنها
تاريخيا كنت متعاطفا مع إيران.. كنت متشيعا سياسيا لها، فقد نشأت في بيئة وثقافة رأت في الثورة الإيرانية إعادة للإسلام للعالم الحديث في وقت ظن فيه الظانون أن الدين عامة والإسلام خاصة مجرد ذكرى من بقايا التطور البشري، انسجاما مع الرؤية الوضعية التي لونت السبعينيات والثمانينات في العالم عامة وفي تونس خاصة. وجاءت الثورة الايرانية لتقول إن الإسلام معطى حي واقعي يقلب الموازين ويغير المشهد في قلب الربع الاخير من القرن العشرين.
كنت في طفولتي وشبابي متعاطفا مع إيران متشيعا سياسيا لها حتى في حربها مع العراق.. ثم اكتشفت أن شعارات الثورة التي ترفعها إيران ليست بالطهورية التي يتم الترويج لها.. واكتشفت أيضا أن شعارات الإسلام التي ترفعها إيران أيضا ليست تعبيرا عن الإسلام المحمدي الأصيل المتعالي على الطائفية المقيتة،، بل وجدت منسوب الروح الطائفية فيها عال جدا.
بعد تفجيرات 11 سبتمبر عام 2001 ظهر وجه جديد لإيران.. وجه قبيح نقض كل شعاراتها الثورية وخاصة شعار الموت لأميركا.. فإيران تعاونت بطريقة واضحة تمام الوضوح مع أميركا في إسقاط نظام طالبان في أفغانستان. وأعلن مسؤولون إيرانيون أنه لو لا تعاونهم ما كان لأميركا أن تتغلب بتلك السرعة والسهولة على طالبان.. فشعار الموت لأمريكا الذي كان يسحرني وأنا طفل صغير أو شاب في مطلع الشباب عوضته ممارسة التعاون مع أميركا لإسقاط نظام حكم في بلد ثالث.
في العام 2003 ظهرت إيران بصورة أقبح. فقد تعاونت مع الأمريكان عبر عملائها في العراق وعبر دعمها السياسي والاستخباري لإسقاط نظام الراحل صدام حسين رحمه الله.. وكسبت من دعمها وتعاونها مع أميركا احتلالا مجانيا للعراق لم تدفع من أجله فلسا واحدا ولا حياة جندي واحد..
فإيران عملت مع الأمريكان بنظام المناولة.. أنت تحتل وأنا آخذ الاحتلال مناولة منك.. ولا يمكن أن يحصل ما حصل برغم أنف الأمريكان بل حصل برضاهم.. فالأمريكان يعلمون أن إيران جارة كبرى ولها أطماع كثيرة في العراق.. ولا يمكن أن يهدوها بالمجان، بل باتفاق مسبق، قرارا تاريخيا بحل الجيش العراقي الذي قاوم إيران وكبدها خسائر هائلة في حرب الثماني سنوات..
لقد كان قرار حل الجيش العراقي المقدمة الضرورية لاستيلاء إيران بنظام المناولة على العراق الذي يحتله الأمريكان.. وقد زرت العراق في العام 2004 صحفيا لأغطي الحرب، ولمست عن قرب كيف تكون التوافقات تحت الطاولة مقدمة للاحتلال بالنيابة.. فقد تجند الأمريكان سياسيا وإعلاميا وعسكريا وحرصوا بكل قوة على تسليم العراق للشيعة الموالين لإيران، وسهروا على تنظيف مؤسسات الدولة من كل حضور فعال للسنة المعارضين للنفوذ الإيراني، تحت لافتة "اجتثاث البعث"، بينما كان البعثيون الشيعة يلقون غض الطرف على الجرائم التي يؤاخذ عليها زملاؤهم البعثيين السنة ويمكنون أكثر من أجهزة الدولة.
لقد أقنع الإيرانيون الأمريكيين بأن عدوهم هو الإرهاب السني، وأنه لا يوجد إرهاب شيعي ولا إرهابيين شيعة.. ومن ذلك الوقت حصل التعاون الإيراني الأمريكي، وتم تمكين إيران من احتلال العراق.. ولاحقا تم غض الطرف عن احتلال إيران لسورية.. فلولا الدعم الإيراني لبشار الاسد لانتهى حكمه منذ العام الاول للثورة السورية.. وكان الامريكيون يرون كل ذلك ولا يحركون ساكنا.. فالهدف ليس إلا ما يسمى الارهاب السني.
السعودية.. كوكب في الفلك الأمريكي
امتدادا لتشيعي السياسي لإيران في طفولتي ومطلع شبابي نشأت على كره النظام السعودي.. فثقافتي الثورية جعلتني لا أرى في السعودية إلا ذلك النظام الدكتاتوري العميل للغرب المرتهن للقرار الأمريكي.. ولا شك أن كثيرا من ذلك صادق وصحيح. فالسعودية منذ الحرب الباردة كانت ولا تزال نقطة محورية في السياسة الأمريكية.. وربما ظلت السعودية منذ اكتشاف النفط وحتى اليوم تحوم في الفلك الأمريكي لا تكاد تغادره إلا قليلا.
أمر آخر مهم جدا نفرني من السياسة السعودية، فالمملكة التي تحكم تحت غطاء الدفاع عن الإسلام، ويحمل العاهل فيها منذ عقود لقب خادم الحرمين الشريفين وحامي حمى الملة والدين.. كانت في المقابل في تحالف متين مع المارونية اللبنانية في الثقافة والإعلام.. ورأينا المال السعودي الرسمي والشعبي يوظف في خدمة ثقافة بعيدة كل البعد عن الدين في طبعته الوهابية، وهي الايديولوجيا الرسمية للمملكة، وذلك عبر شبكة ام بي سي وروتانا وغيرها من القنوات والصحف والمجلات والإذاعات.
لكن النظر للسعودية ولنظامها مهما تغيرت الوجوه الحاكمة فيه، باعتبارها عميلة تأتمر بالأوامر الأمريكية لا تخرج عنها قيد أنملة ليس صحيحا بالمرة. فانخراط السعودية في العام 1973 في معركة قطع الإمدادات النفطية عن الغرب مثال شهير على أن للمملكة في الأوقات العصيبة موقفها المستقل عن القرار الأمريكي.
بالمختصر: ليست إيران ملاكا.. وليست السعودية شيطانا.. هما بلدان فيهما نظاما حكم تهم كلا منهما مصالحه واستقرار الحكم فيه وتوسيع نفوذه على أي شيء آخر.. وما يبقى من خطاب وشعارات مجرد وهم إيديولوجي.. أيديولوجيا الثورة الإيرانية تخفي الأطماع الصفوية والبعد الطائفي المقيت لإيران.. وإيديولوجيا الوهابية تخفي فسادا وانحلالا ونمطا ثقافيا متغربا في السعودية.
إيران تريد ضم اليمن لمجال نفوذها عبر الحوثيين بعد استكمال احتلالها العراق وسيطرتها على أجزاء واسعة من سورية ولبنان.. والسعودية تدافع عن مصالحها في المقابل حتى لا تطوق من الشمال والجنوب بالنفوذ الإيراني.. وتحفظ موضوعيا، أرادت ذلك أم لم ترد، عروبة اليمن من التهديد الصفوي الفارسي والتشيع الاثنى عشري.. هذا الأمر لا يجعل تأييد المرء لعاصفة الحزم جريمة ولا تأييدا لأميركا وإسرائيل ولا استهدافا لفلسطين، كما يروج بعض الثورجيين.. فإذا كانت السعودية تدور في الفلك الأمريكي، فإيران تنام في أحضان الشيطان الأكبر.
نور الدين العويديدي
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
إنك لا تدع شيئاً إتقاء الله تعالى إلا أعطاك الله عز وجل خيرا منه
رد: السعودية تدور في الفلك الأمريكي، وإيران تنام في أحضان الشيطان الأكبر.
السعودية تدور في الفلك الأمريكي، وإيران تنام في أحضان الشيطان الأكبر
هذا هو الصحيح وبارك الله فيك على هذا التحليل
هذا هو الصحيح وبارك الله فيك على هذا التحليل
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16466
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
مواضيع مماثلة
» عقيدة الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي
» قلي كيف تنام اقول لك من انت؟
» تعلم كيف تنام بسرعه
» كي تنام إسرائيل قريرة العين
» الحاسة الوحيدة التي لا تنام
» قلي كيف تنام اقول لك من انت؟
» تعلم كيف تنام بسرعه
» كي تنام إسرائيل قريرة العين
» الحاسة الوحيدة التي لا تنام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى