في صميم العقيدة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
في صميم العقيدة
موافقة إبي الحسن الأشعري للسلف في إثبات الصفات الخبرية لله تعالى كالوجه واليدين والعينين وإبطال تأويلها
من كتاب الأشاعرة في ميزان أهل السنة للشيخ فيصل بن قزار الجاسم
لم يختلف قول أبي الحسن الأشعري في إثبات الصفات الخبرية لله تعالى التي في القرآن، وقد ذكر ذلك في مواضع كثيرة من كتبه:
فقال في "مقالات الإسلاميين": (وقال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء وأنه على العرش كما قال عز وجل: {الرحمن على العرش استوى} طه5،، ولا نقدم بين يدي الله في القول، بل نقول استوى بلا كيف.
وأنه نور كما قال تعالى: {الله نور السموات والأرض} النور35.
وأن له وجهاً كما قال الله: {ويبقى وجه ربك} الرحمن27.
وأن له يدين كما قال: {خلقت بيدي} ص75.
وأن له عينين كما قال: {تجري بأعيننا} القمر14.
وأنه يجيء يوم القيامة هو وملائكته كما قال: {وجاء ربك والملك صفاً صفاً} الفجر22.
وأنه ينزل إلى السماء الدنيا كما جاء في الحديث.
ولم يقولوا شيئاً إلا ما وجدوه في الكتاب، أو جاءت به الرواية عن رسول الله r)[1] اهـ.
وقال في موضع آخر في سياق الاختلاف في العين والوجه واليد ونحوها: (وقال أصحاب الحديث: لسنا نقول في ذلك إلا ما قال الله عز وجل، أو جاءت به الرواية عن رسول الله r، فنقول: وجه بلا كيف، ويدان وعينان بلا كيف)[2] اهـ.
وقال أيضاً : (هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة
جملة ما عليه أهل الحديث والسنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله r، لا يردون من ذلك شيئاً .... – إلى أن قال: وأن الله سبحانه على عرشه كما قال: {الرحمن على العرش استوى} طه5.
وأن له يدين بلا كيف كما قال: {خلقت بيدي} ص75، وكما قال: {بل يداه مبسوطتان} المائدة64.
وأن له عينين بلا كيف كما قال: {تجري بأعيننا} القمر14.
وأن له وجهاً كما قال: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن27)[3] اهـ.
وقال في "الإبانة" : (فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة: فإن قال لنا قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافعة والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون، وديانتكم التي بها تدينون .
قيل له: قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها، التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل، وبسنة نبينا محمد r، وما روى عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته - قائلون، ولما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل، الذي أبان الله به الحق، ودفع به الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، وزيع الزائغين، وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم، وجليل معظم، وكبير مفهم .
وجملة قولنا: ...) ثم ذكر أموراً إلى أن قال: (وأن له سبحانه وجهاً بلا كيف، كما قال: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن27.
وأن له سبحانه يدين بلا كيف، كما قال سبحانه: {خلقت بيدي} ص75، وكما قال: {بل يداه مبسوطتان} المائدة64
وأن له سبحانه عينين بلا كيف، كما قال سبحانه: {تجري بأعيننا} القمر14)[4] اهـ.
وقال أيضاً : (الباب السادس الكلام في الوجه والعينين والبصر واليدين:
قال الله تبارك وتعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} القصص88،، وقال تعالى: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن27، فأخبر أن له سبحانه وجهاً لا يفنى، ولا يلحقه الهلاك .
وقال تعالى: {تجرى بأعيننا} القمر14، وقال تعالى: {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} هود37، فأخبر تعالى أن له وجهاً وعيناً، ولا تكيَّف ولا تحد .
وقال تعالى: {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا} الطور48، وقال تعالى: {ولتصنع على عيني} طه39، وقال تعالى: {وكان الله سميعا بصيرا} النساء85،، وقال لموسى وهارون عليهما أفضل الصلاة والسلام: {إنني معكما أسمع وأرى} طه46. فأخبر تعالى عن سمعه وبصره ورؤيته... ) إلى أن قال: (مسألة: فمن سألنا فقال: أتقولون إن لله سبحانه وجهاً؟
قيل له: نقول ذلك، خلافا لما قاله المبتدعون، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن27.
مسألة:
قد سئلنا أتقولون إن لله يدين؟
قيل: نقول ذلك بلا كيف، وقد دل عليه قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} الفتح10، ، وقوله تعالى: {لما خلقت بيدي} ص75.
وروي عن النبي rأنه قال: (إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته) فثبتت اليد بلا كيف)[5] اهـ.
وقال في إثبات صفتي الرضا والغضب لله تعالى: (وإذا كنا متى أثبتناه غضباناً على الكافرين فلا بد من إثبات غضب، وكذلك إذا أثبتناه راضياً عن المؤمنين فلا بد من إثبات رضى، وكذلك إذا أثبتناه حياً سميعاً بصيراً فلا بد من إثبات حياة وسمع وبصر)[6] اهـ.
كما أنه أبطل تأويل الصفات الخبرية ورد على أهلها في مواضع كثيرة، وبين أن تأويل الصفات الخبرية هو قول المعتزلة وأهل الضلال :
فقال في "مقالات الإسلاميين": (باب قول المعتزلة في "وجه الله": واختلفوا هل يقال لله وجه أم لا وهم ثلاث فرق: فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن لله وجهاً هو هو والقائل بهذا القول أبو الهذيل. والفرقة الثانية منهم يزعمون أنا نقول وجه توسعاً ونرجع إلى إثبات الله لأنا نثبت وجهاً هو هو... والفرقة الثالثة منهم ينكرون ذكر الوجه أن يقولوا لله وجه)[7] اهـ.
وقال في موضع آخر: (قولهم في العين واليد : وأجمعت المعتزلة بأسرها على إنكار العين واليد وافترقوا في ذلك على مقالتين: فمنهم من أنكر أن يقال: لله يدان وأنكر أن يقال أنه ذو عين وأن له عينين، ومنهم من زعم أن لله يداً وأن له يدين، وذهب في معنى ذلك إلى أن اليد نعمة، وذهب في معنى العين إلى أنه أراد العلم وأنه عالم، وتأول قول الله عز وجل: {ولتصنع على عيني} طه39، أي بعلمي.)[8] اهـ.
وقال: (الاختلاف في العين والوجه واليد ونحوها: واختلفوا في العين واليد والوجه على أربع مقالات: فقالت المجسمة: له يدان ورجلان ووجه وعينان وجنب يذهبون إلى الجوارح والأعضاء.
وقال أصحاب الحديث: لسنا نقول في ذلك إلا ما قاله الله عز وجل أو جاءت به الرواية من رسول الله r فنقول: وجه بلا كيف ويدان وعينان بلا كيف....
وقالت المعتزلة بإنكار ذلك إلا الوجه، وتأولت اليد بمعنى النعمة، وقوله: {تجري بأعيننا} القمر14، أي بعلمنا)[9] اهـ.
وقال في سياق أقوال المعتزلة : (وكان غيره من المعتزلة يقول أن وجه الله سبحانه هو الله، ويقول أن نفس الله سبحانه هي الله، وأن الله غير لا كالأغيار، وأن له يدين وأيدياً بمعنى نعم، وقوله تعالى أعين وأن الأشياء بعين الله أي بعلمه، ومعنى ذلك أنه يعلمها، ويتأولون قولهم أن الأشياء في قبضة الله سبحانه أي في ملكه، ويتأولون قول الله عز وجل: {لأخذنا منه باليمين} الحاقة45، أي بالقدرة. وكان سليمان بن جرير يقول أن وجه الله هو الله.)[10] اهـ.
وقال في "الإبانة" : ( الباب الأول: في إبانة قول أهل الزيغ والبدعة ..) ثم ساق كثيراً من أقوالهم إلى أن قال: (ودفعوا أن يكون لله وجه مع قوله عز وجل: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن27، وأنكروا أن له يدان مع قوله سبحانه: {لما خلقت بيدي} ص75،، وأنكروا أن يكون له عينان مع قوله سبحانه: {تجري بأعيننا} القمر14، وقوله: {ولتصنع على عيني} طه39)[11] اهـ.
وقال في موضع آخر: (ونفى الجهمية أن يكون لله تعالى وجه كما قال، وأبطلوا أن يكون له سمع وبصر وعين)[12] اهـ.
وليس المنفي عند المعتزلة هو الوجه المجازي، بل الوجه الحقيقي، إذ جميع المعتزلة يثبتون الوجه المضاف إلى الله تعالى في كتابه ولا ينكرونه، إذاً لكفروا إجماعاً، وإنما ينفون أن يكون وجهاً حقيقة، وإلا لم يكن خلاف بين أهل الحديث والمعتزلة إذا كان الجميع يثبتون وجهاً مضافاً إلى الله، وليس وجهاً حقيقة، بل مجاز!!!
وكل الصفات التي يحكي الأشعري نفيها عن المعتزلة فعلى هذا المنوال.
وهذا كما ترى ظاهر في أن إنكار أن تكون صفات الله تعالى كالوجه واليد والنزول ونحوها حقيقة، إنما هو قول المعتزلة، لا قول أهل السنة كما يزعمه الأشعريان.
وقال الأشعري أيضاً في رد تأويل الصفات: (مسألة: قد سئلنا أتقولون إن لله يدين؟
قيل: نقول ذلك بلا كيف، وقد دل عليه قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} الفتح10،، وقوله تعالى: {لما خلقت بيدي} ص75،.
وروي عن النبي r أنه قال: (إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته) فثبتت اليد بلا كيف .
وجاء في الخبر المأثور عن النبي r: (أن الله تعالى خلق آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس شجرة طوبى بيده)، أي بيد قدرته سبحانه. وقال تعالى: {بل يداه مبسوطتان} المائدة64، وجاء عن النبي r أنه قال: (كلتا يديه يمين) . وقال تعالى: {لأخذنا منه باليمين} الحاقة45.
وليس يجوز في لسان العرب، ولا في عادة أهل الخطاب، أن يقول القائل: عملت كذا بيدي، ويعني به النعمة، وإذا كان الله عز وجل إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوما في كلامها، ومعقولاً في خطابها، وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل: فعلت بيدي، ويعني النعمة؛ بطل أن يكون معنى قوله تعالى: {بيدي} ص75، النعمة، وذلك أنه لا يجوز أن يقول القائل: لي عليه يدي، بمعنى لي عليه نعمتي، ومن دافعنا عن استعمال اللغة ولم يرجع إلى أهل اللسان فيها دوفع عن أن تكون اليد بمعنى النعمة؛ إذ كان لا يمكنه أن يتعلق في أن اليد النعمة إلا من جهة اللغة، فإذا دفع اللغة لزمه أن لا يفسر القرآن من جهتها، وأن لا يثبت اليد نعمة من قبلها؛ لأنه إن روجع في تفسير قوله تعالى: {بيدي} ص75، نعمتي فليس المسلمون على ما ادعى متفقين، وإن روجع إلى اللغة فليس في اللغة أن يقول القائل: بيدي يعني نعمتي، وإن لجأ إلى وجه ثالث سألناه عنه، ولن يجد له سبيلا .
مسألة:
ويقال لأهل البدع: ولِم زعمتم أن معنى قوله: {بيدي} ص75، نعمتي أزعمتم ذلك إجماعا أو لغة؟
فلا يجدون ذلك إجماعاً ولا في اللغة.
وإن قالوا: قلنا ذلك من القياس.
قيل لهم: ومن أين وجدتم في القياس أن قوله تعالى: {بيدي} ص75، لا يكون معناه إلا نعمتي؟ ومن أين يمكن أن يعلم بالعقل أن تفسير كذا وكذا مع أنا رأينا الله عز وجل قد قال في كتابه العزيز، الناطق على لسان نبيه الصادق: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} إبراهيم4،، وقال تعالى: {لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} النحل 103،، وقال تعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربيا} الزخرف 3،، وقال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله} النساء82، ولو كان القرآن بلسان غير العرب لما أمكن أن نتدبره، ولا أن نعرف معانيه إذا سمعناه، فلما كان من لا يحسن لسان العرب لا يحسنه، وإنما يعرفه العرب إذا سمعوه على أنهم إنما علموه؛ لأنه بلسانهم نزل، وليس في لسانهم ما ادعوه.)[13] اهـ.
وقال الذهبي في السير: (قلت رأيت لأبي الحسن أربعة تواليف في الأصول يذكر فيها قواعد مذهب السلف في الصفات، وقال فيها: تمر كما جاءت، ثم قال: وبذلك أقول وبه أدين ولا تؤول)[14] اهـ.
[1]مقالات الإسلاميين (1/284).
[2]المرجع السابق (1/290).
[3]المرجع السابق (1/345).
[4]الإبانة للأشعري (ص43-44).
[5]المرجع السابق (104-106).
[6]المرجع السابق (ص117).
[7]مقالات الإسلاميين (1/265).
[8]المرجع السابق (1/271).
[9]المرجع السابق (1/290).
[10]المرجع السابق (2/205).
[11]الإبانة للأشعري (ص41).
[12]المرجع السابق (ص104).
[13]المرجع السابق (ص106-108).
[14]سير أعلام النبلاء (15/86).
أبو معاذ الاثري
من كتاب الأشاعرة في ميزان أهل السنة للشيخ فيصل بن قزار الجاسم
لم يختلف قول أبي الحسن الأشعري في إثبات الصفات الخبرية لله تعالى التي في القرآن، وقد ذكر ذلك في مواضع كثيرة من كتبه:
فقال في "مقالات الإسلاميين": (وقال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء وأنه على العرش كما قال عز وجل: {الرحمن على العرش استوى} طه5،، ولا نقدم بين يدي الله في القول، بل نقول استوى بلا كيف.
وأنه نور كما قال تعالى: {الله نور السموات والأرض} النور35.
وأن له وجهاً كما قال الله: {ويبقى وجه ربك} الرحمن27.
وأن له يدين كما قال: {خلقت بيدي} ص75.
وأن له عينين كما قال: {تجري بأعيننا} القمر14.
وأنه يجيء يوم القيامة هو وملائكته كما قال: {وجاء ربك والملك صفاً صفاً} الفجر22.
وأنه ينزل إلى السماء الدنيا كما جاء في الحديث.
ولم يقولوا شيئاً إلا ما وجدوه في الكتاب، أو جاءت به الرواية عن رسول الله r)[1] اهـ.
وقال في موضع آخر في سياق الاختلاف في العين والوجه واليد ونحوها: (وقال أصحاب الحديث: لسنا نقول في ذلك إلا ما قال الله عز وجل، أو جاءت به الرواية عن رسول الله r، فنقول: وجه بلا كيف، ويدان وعينان بلا كيف)[2] اهـ.
وقال أيضاً : (هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة
جملة ما عليه أهل الحديث والسنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله r، لا يردون من ذلك شيئاً .... – إلى أن قال: وأن الله سبحانه على عرشه كما قال: {الرحمن على العرش استوى} طه5.
وأن له يدين بلا كيف كما قال: {خلقت بيدي} ص75، وكما قال: {بل يداه مبسوطتان} المائدة64.
وأن له عينين بلا كيف كما قال: {تجري بأعيننا} القمر14.
وأن له وجهاً كما قال: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن27)[3] اهـ.
وقال في "الإبانة" : (فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة: فإن قال لنا قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافعة والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون، وديانتكم التي بها تدينون .
قيل له: قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها، التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل، وبسنة نبينا محمد r، وما روى عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته - قائلون، ولما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل، الذي أبان الله به الحق، ودفع به الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، وزيع الزائغين، وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم، وجليل معظم، وكبير مفهم .
وجملة قولنا: ...) ثم ذكر أموراً إلى أن قال: (وأن له سبحانه وجهاً بلا كيف، كما قال: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن27.
وأن له سبحانه يدين بلا كيف، كما قال سبحانه: {خلقت بيدي} ص75، وكما قال: {بل يداه مبسوطتان} المائدة64
وأن له سبحانه عينين بلا كيف، كما قال سبحانه: {تجري بأعيننا} القمر14)[4] اهـ.
وقال أيضاً : (الباب السادس الكلام في الوجه والعينين والبصر واليدين:
قال الله تبارك وتعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} القصص88،، وقال تعالى: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن27، فأخبر أن له سبحانه وجهاً لا يفنى، ولا يلحقه الهلاك .
وقال تعالى: {تجرى بأعيننا} القمر14، وقال تعالى: {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} هود37، فأخبر تعالى أن له وجهاً وعيناً، ولا تكيَّف ولا تحد .
وقال تعالى: {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا} الطور48، وقال تعالى: {ولتصنع على عيني} طه39، وقال تعالى: {وكان الله سميعا بصيرا} النساء85،، وقال لموسى وهارون عليهما أفضل الصلاة والسلام: {إنني معكما أسمع وأرى} طه46. فأخبر تعالى عن سمعه وبصره ورؤيته... ) إلى أن قال: (مسألة: فمن سألنا فقال: أتقولون إن لله سبحانه وجهاً؟
قيل له: نقول ذلك، خلافا لما قاله المبتدعون، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن27.
مسألة:
قد سئلنا أتقولون إن لله يدين؟
قيل: نقول ذلك بلا كيف، وقد دل عليه قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} الفتح10، ، وقوله تعالى: {لما خلقت بيدي} ص75.
وروي عن النبي rأنه قال: (إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته) فثبتت اليد بلا كيف)[5] اهـ.
وقال في إثبات صفتي الرضا والغضب لله تعالى: (وإذا كنا متى أثبتناه غضباناً على الكافرين فلا بد من إثبات غضب، وكذلك إذا أثبتناه راضياً عن المؤمنين فلا بد من إثبات رضى، وكذلك إذا أثبتناه حياً سميعاً بصيراً فلا بد من إثبات حياة وسمع وبصر)[6] اهـ.
كما أنه أبطل تأويل الصفات الخبرية ورد على أهلها في مواضع كثيرة، وبين أن تأويل الصفات الخبرية هو قول المعتزلة وأهل الضلال :
فقال في "مقالات الإسلاميين": (باب قول المعتزلة في "وجه الله": واختلفوا هل يقال لله وجه أم لا وهم ثلاث فرق: فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن لله وجهاً هو هو والقائل بهذا القول أبو الهذيل. والفرقة الثانية منهم يزعمون أنا نقول وجه توسعاً ونرجع إلى إثبات الله لأنا نثبت وجهاً هو هو... والفرقة الثالثة منهم ينكرون ذكر الوجه أن يقولوا لله وجه)[7] اهـ.
وقال في موضع آخر: (قولهم في العين واليد : وأجمعت المعتزلة بأسرها على إنكار العين واليد وافترقوا في ذلك على مقالتين: فمنهم من أنكر أن يقال: لله يدان وأنكر أن يقال أنه ذو عين وأن له عينين، ومنهم من زعم أن لله يداً وأن له يدين، وذهب في معنى ذلك إلى أن اليد نعمة، وذهب في معنى العين إلى أنه أراد العلم وأنه عالم، وتأول قول الله عز وجل: {ولتصنع على عيني} طه39، أي بعلمي.)[8] اهـ.
وقال: (الاختلاف في العين والوجه واليد ونحوها: واختلفوا في العين واليد والوجه على أربع مقالات: فقالت المجسمة: له يدان ورجلان ووجه وعينان وجنب يذهبون إلى الجوارح والأعضاء.
وقال أصحاب الحديث: لسنا نقول في ذلك إلا ما قاله الله عز وجل أو جاءت به الرواية من رسول الله r فنقول: وجه بلا كيف ويدان وعينان بلا كيف....
وقالت المعتزلة بإنكار ذلك إلا الوجه، وتأولت اليد بمعنى النعمة، وقوله: {تجري بأعيننا} القمر14، أي بعلمنا)[9] اهـ.
وقال في سياق أقوال المعتزلة : (وكان غيره من المعتزلة يقول أن وجه الله سبحانه هو الله، ويقول أن نفس الله سبحانه هي الله، وأن الله غير لا كالأغيار، وأن له يدين وأيدياً بمعنى نعم، وقوله تعالى أعين وأن الأشياء بعين الله أي بعلمه، ومعنى ذلك أنه يعلمها، ويتأولون قولهم أن الأشياء في قبضة الله سبحانه أي في ملكه، ويتأولون قول الله عز وجل: {لأخذنا منه باليمين} الحاقة45، أي بالقدرة. وكان سليمان بن جرير يقول أن وجه الله هو الله.)[10] اهـ.
وقال في "الإبانة" : ( الباب الأول: في إبانة قول أهل الزيغ والبدعة ..) ثم ساق كثيراً من أقوالهم إلى أن قال: (ودفعوا أن يكون لله وجه مع قوله عز وجل: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} الرحمن27، وأنكروا أن له يدان مع قوله سبحانه: {لما خلقت بيدي} ص75،، وأنكروا أن يكون له عينان مع قوله سبحانه: {تجري بأعيننا} القمر14، وقوله: {ولتصنع على عيني} طه39)[11] اهـ.
وقال في موضع آخر: (ونفى الجهمية أن يكون لله تعالى وجه كما قال، وأبطلوا أن يكون له سمع وبصر وعين)[12] اهـ.
وليس المنفي عند المعتزلة هو الوجه المجازي، بل الوجه الحقيقي، إذ جميع المعتزلة يثبتون الوجه المضاف إلى الله تعالى في كتابه ولا ينكرونه، إذاً لكفروا إجماعاً، وإنما ينفون أن يكون وجهاً حقيقة، وإلا لم يكن خلاف بين أهل الحديث والمعتزلة إذا كان الجميع يثبتون وجهاً مضافاً إلى الله، وليس وجهاً حقيقة، بل مجاز!!!
وكل الصفات التي يحكي الأشعري نفيها عن المعتزلة فعلى هذا المنوال.
وهذا كما ترى ظاهر في أن إنكار أن تكون صفات الله تعالى كالوجه واليد والنزول ونحوها حقيقة، إنما هو قول المعتزلة، لا قول أهل السنة كما يزعمه الأشعريان.
وقال الأشعري أيضاً في رد تأويل الصفات: (مسألة: قد سئلنا أتقولون إن لله يدين؟
قيل: نقول ذلك بلا كيف، وقد دل عليه قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} الفتح10،، وقوله تعالى: {لما خلقت بيدي} ص75،.
وروي عن النبي r أنه قال: (إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته) فثبتت اليد بلا كيف .
وجاء في الخبر المأثور عن النبي r: (أن الله تعالى خلق آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس شجرة طوبى بيده)، أي بيد قدرته سبحانه. وقال تعالى: {بل يداه مبسوطتان} المائدة64، وجاء عن النبي r أنه قال: (كلتا يديه يمين) . وقال تعالى: {لأخذنا منه باليمين} الحاقة45.
وليس يجوز في لسان العرب، ولا في عادة أهل الخطاب، أن يقول القائل: عملت كذا بيدي، ويعني به النعمة، وإذا كان الله عز وجل إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوما في كلامها، ومعقولاً في خطابها، وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل: فعلت بيدي، ويعني النعمة؛ بطل أن يكون معنى قوله تعالى: {بيدي} ص75، النعمة، وذلك أنه لا يجوز أن يقول القائل: لي عليه يدي، بمعنى لي عليه نعمتي، ومن دافعنا عن استعمال اللغة ولم يرجع إلى أهل اللسان فيها دوفع عن أن تكون اليد بمعنى النعمة؛ إذ كان لا يمكنه أن يتعلق في أن اليد النعمة إلا من جهة اللغة، فإذا دفع اللغة لزمه أن لا يفسر القرآن من جهتها، وأن لا يثبت اليد نعمة من قبلها؛ لأنه إن روجع في تفسير قوله تعالى: {بيدي} ص75، نعمتي فليس المسلمون على ما ادعى متفقين، وإن روجع إلى اللغة فليس في اللغة أن يقول القائل: بيدي يعني نعمتي، وإن لجأ إلى وجه ثالث سألناه عنه، ولن يجد له سبيلا .
مسألة:
ويقال لأهل البدع: ولِم زعمتم أن معنى قوله: {بيدي} ص75، نعمتي أزعمتم ذلك إجماعا أو لغة؟
فلا يجدون ذلك إجماعاً ولا في اللغة.
وإن قالوا: قلنا ذلك من القياس.
قيل لهم: ومن أين وجدتم في القياس أن قوله تعالى: {بيدي} ص75، لا يكون معناه إلا نعمتي؟ ومن أين يمكن أن يعلم بالعقل أن تفسير كذا وكذا مع أنا رأينا الله عز وجل قد قال في كتابه العزيز، الناطق على لسان نبيه الصادق: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} إبراهيم4،، وقال تعالى: {لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} النحل 103،، وقال تعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربيا} الزخرف 3،، وقال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله} النساء82، ولو كان القرآن بلسان غير العرب لما أمكن أن نتدبره، ولا أن نعرف معانيه إذا سمعناه، فلما كان من لا يحسن لسان العرب لا يحسنه، وإنما يعرفه العرب إذا سمعوه على أنهم إنما علموه؛ لأنه بلسانهم نزل، وليس في لسانهم ما ادعوه.)[13] اهـ.
وقال الذهبي في السير: (قلت رأيت لأبي الحسن أربعة تواليف في الأصول يذكر فيها قواعد مذهب السلف في الصفات، وقال فيها: تمر كما جاءت، ثم قال: وبذلك أقول وبه أدين ولا تؤول)[14] اهـ.
[1]مقالات الإسلاميين (1/284).
[2]المرجع السابق (1/290).
[3]المرجع السابق (1/345).
[4]الإبانة للأشعري (ص43-44).
[5]المرجع السابق (104-106).
[6]المرجع السابق (ص117).
[7]مقالات الإسلاميين (1/265).
[8]المرجع السابق (1/271).
[9]المرجع السابق (1/290).
[10]المرجع السابق (2/205).
[11]الإبانة للأشعري (ص41).
[12]المرجع السابق (ص104).
[13]المرجع السابق (ص106-108).
[14]سير أعلام النبلاء (15/86).
أبو معاذ الاثري
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: في صميم العقيدة
الحمد لله
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16464
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى