خاص بشهر رمضان
صفحة 1 من اصل 1
خاص بشهر رمضان
أخطاء ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ
ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺇﻓﻄﺎﺭﻩ
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻚ ﺻﻤﺖ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺯﻗﻚ ﺃﻓﻄﺮﺕ.
] ﺣﺪﻳﺚ ﺿﻌﻴﻒ. [
ﻓﻴﻪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻭﺷﻴﺨﻪ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﺿﻌﻴﻔﺎﻥ .ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﺿﻌﻔﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺿﻌﻴﻒ ﺃﺑﻲ ﺩﺍﻭﺩ ٢٣٥٨.ﻓﻼ ﻳُﻘﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ.
ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ:
] ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻈﻤﺄ ﻭﺍﺑﺘﻠﺖ ﺍﻟﻌﺮﻭﻕ ﻭﺛﺒُﺖ ﺍﻷﺟﺮُ ﺃﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ[.
) ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ (ﺣﺴّﻨﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺇﺭﻭﺍﺀ ﺍﻟﻐﻠﻴﻞ٩٢٠ .
ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻣﺴﺘﺠﺎﺑﺔ ﻋﻨﺪ ﻓﻄﺮﻩ ﻣﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﺿﻌﻴﻒ ﻭﻫﻮ :
) ﻟﻜﻞ ﺻﺎﺋﻢ ﻋﻨﺪ ﻓﻄﺮﻩ ﺩﻋﻮﺓ ﻣﺴﺘﺠﺎﺑﺔ. (
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﻋﺪﻱ ٢/٣١٤ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ﻭﻫﻮ ﺿﻌﻴﻒ، ﺿﻌﻔﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ٤٣٢٥.
ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻳﺪﻋﻮ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻭﻫﻮ ﺻﺎﺋﻢ ﻭﺩﻋﻮﺗﻪ ﻻ ﺗﺮﺩ ﺑﺪﻟﻴﻞ :
ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ: ) ﺛﻼﺙ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﻻ ﺗُﺮﺩ: ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ،ﻭﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ،ﻭﺩﻋﻮﺓ
ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺮ. (
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭﺓ ١٠٨/١ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ
١٧٩٧ .
ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺇﻓﻄﺎﺭﻩ
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻚ ﺻﻤﺖ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺯﻗﻚ ﺃﻓﻄﺮﺕ.
] ﺣﺪﻳﺚ ﺿﻌﻴﻒ. [
ﻓﻴﻪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻭﺷﻴﺨﻪ ﺩﺍﻭﺩ ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﺿﻌﻴﻔﺎﻥ .ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﺿﻌﻔﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺿﻌﻴﻒ ﺃﺑﻲ ﺩﺍﻭﺩ ٢٣٥٨.ﻓﻼ ﻳُﻘﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ.
ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ:
] ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻈﻤﺄ ﻭﺍﺑﺘﻠﺖ ﺍﻟﻌﺮﻭﻕ ﻭﺛﺒُﺖ ﺍﻷﺟﺮُ ﺃﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ[.
) ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ (ﺣﺴّﻨﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺇﺭﻭﺍﺀ ﺍﻟﻐﻠﻴﻞ٩٢٠ .
ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻣﺴﺘﺠﺎﺑﺔ ﻋﻨﺪ ﻓﻄﺮﻩ ﻣﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﺿﻌﻴﻒ ﻭﻫﻮ :
) ﻟﻜﻞ ﺻﺎﺋﻢ ﻋﻨﺪ ﻓﻄﺮﻩ ﺩﻋﻮﺓ ﻣﺴﺘﺠﺎﺑﺔ. (
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﻋﺪﻱ ٢/٣١٤ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ﻭﻫﻮ ﺿﻌﻴﻒ، ﺿﻌﻔﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ٤٣٢٥.
ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ ﻳﺪﻋﻮ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻭﻫﻮ ﺻﺎﺋﻢ ﻭﺩﻋﻮﺗﻪ ﻻ ﺗﺮﺩ ﺑﺪﻟﻴﻞ :
ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ: ) ﺛﻼﺙ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﻻ ﺗُﺮﺩ: ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ،ﻭﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ،ﻭﺩﻋﻮﺓ
ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺮ. (
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭﺓ ١٠٨/١ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ
١٧٩٧ .
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
أجاب عنها الشيخ الألباني رحمه الله
سؤال : إذا كان مسلم يأكل وأذن عليه الفجر فما حكم صومه وهل عليه قضاء؟؟
الشيخ : النص القرآنى صريح في هذا ألا وهو قوله تعالى :" وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ " فالآية صريحة في إباحة استمرار المتسحر في طعامه وشرابه حتى يتبين الفجر أى حتى يتأكد من طلوع الفجر .
تأتى هذه الرخصة الكريمة حيث قال عليه الصلاة والسلام : إذا سمعَ أحدُكُمُ النِّداءَ والإناءُ على يدِهِ ، فلا يَضعهُ حتَّى يقضيَ حاجتَهُ منهُ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 2350 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يأخذ حاجته منه ففى هذا رخصة أن يستمر الصائم في الطعام حتى يأخذ حاجته.
.** عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " لا تَقدَّموا رمَضانَ بِصَومِ يومٍ ولا يومَينِ إلَّا أن يَكونَ رَجلًا كانَ يَصومُ صيامًا فليَصمهُ " متفق عليه ، في هذا الحديث نهى صريح عن التقدم بين يدى رمضان بصوم يوم أو أكثر من يوم ، وهذا من باب المحافظة على المقدار المفروض في الصيام ، ذلك هو شهر رمضان فلا يجوز لمسلم أن يزيد على رمضان سواء بالتقدم أو بالتأخر يوماً أو يومين .
**عن عمار بن ياسر رضى الله عنه قال : " مَن صامَ اليومَ الَّذي يَشُكُّ فيهِ النَّاسُ فقد عصَى أبا القاسمِ " ذكره البخارى تعليقاً ووصله الخمسة وصححه بن خزيمة وبن حبان .
**سؤال : بالنسبة لصيام ثلاثة أيام كفارة يمين هل يشترط أن يكون الصوم متتاليا وهل يشترط تببيت النية أم لا ؟
الجواب: بالنسبة للشرط الأول لا يشترط التتالى النص مطلق ثلاث أيام ، لكننا نذكر دائما في مثل هذه المناسبة بالأصل الذى أسسه ربنا عز وجل في قوله تعالى " وسارعو الى مغفرة من ربكم .... إلى آخر الآية ، وفيها حض على المسارعة بالخيرات لاسيما إذا كانت من الواجبات .
أما الشرط الثانى وهو يجب تبييت النية ، الجواب بالإيجاب ، والقاعدة في ذلك أن الصوم الواجب لابد من تبييت النية فيه بخلاف صوم التطوع فيجوز استحضار النية من ضحوة ، هذا هو الذى ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، بناءاً على ذلك فمن كان عليه صيام أيام ككفارة يمين أو أي كفارة من الكفارات المعروفة صياماً فلابد فيها من تبييت النية .
**السائل : كيف يعرف الإنسان المسلم أنه قد صادفته ليلة القدر مع تحريه الآية الماثورة عنه صلى الله عليه وسلم
ذلك أمر وجدانى يشعر به كل من أنعم الله تبارك وتعالى عليه برؤية ليلة القدر ، لأن الإنسان في هذه الليلة يكون مقبلا على عبادة الله عز وجل وعلى ذكره والصلاة له ، فيتجلى الله عز وجل على بعض عباده بشعور ليس يعتاده حتى الصالحون لا يعتادونه في سائر أوقاتهم .
**السائل: ما درجة حديث " مَن صام رمَضانَ وأتبَعه سِتًّا مِن شوَّالٍ خرَج مِن ذُنوبِه كيومَ ولَدَتْه أُمُّه "
الشيخ : من الأحاديث الصحيحة التى أخرجها الإمام مسلم في صحيحه .
سؤال : إذا كان مسلم يأكل وأذن عليه الفجر فما حكم صومه وهل عليه قضاء؟؟
الشيخ : النص القرآنى صريح في هذا ألا وهو قوله تعالى :" وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ " فالآية صريحة في إباحة استمرار المتسحر في طعامه وشرابه حتى يتبين الفجر أى حتى يتأكد من طلوع الفجر .
تأتى هذه الرخصة الكريمة حيث قال عليه الصلاة والسلام : إذا سمعَ أحدُكُمُ النِّداءَ والإناءُ على يدِهِ ، فلا يَضعهُ حتَّى يقضيَ حاجتَهُ منهُ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 2350 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يأخذ حاجته منه ففى هذا رخصة أن يستمر الصائم في الطعام حتى يأخذ حاجته.
.** عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " لا تَقدَّموا رمَضانَ بِصَومِ يومٍ ولا يومَينِ إلَّا أن يَكونَ رَجلًا كانَ يَصومُ صيامًا فليَصمهُ " متفق عليه ، في هذا الحديث نهى صريح عن التقدم بين يدى رمضان بصوم يوم أو أكثر من يوم ، وهذا من باب المحافظة على المقدار المفروض في الصيام ، ذلك هو شهر رمضان فلا يجوز لمسلم أن يزيد على رمضان سواء بالتقدم أو بالتأخر يوماً أو يومين .
**عن عمار بن ياسر رضى الله عنه قال : " مَن صامَ اليومَ الَّذي يَشُكُّ فيهِ النَّاسُ فقد عصَى أبا القاسمِ " ذكره البخارى تعليقاً ووصله الخمسة وصححه بن خزيمة وبن حبان .
**سؤال : بالنسبة لصيام ثلاثة أيام كفارة يمين هل يشترط أن يكون الصوم متتاليا وهل يشترط تببيت النية أم لا ؟
الجواب: بالنسبة للشرط الأول لا يشترط التتالى النص مطلق ثلاث أيام ، لكننا نذكر دائما في مثل هذه المناسبة بالأصل الذى أسسه ربنا عز وجل في قوله تعالى " وسارعو الى مغفرة من ربكم .... إلى آخر الآية ، وفيها حض على المسارعة بالخيرات لاسيما إذا كانت من الواجبات .
أما الشرط الثانى وهو يجب تبييت النية ، الجواب بالإيجاب ، والقاعدة في ذلك أن الصوم الواجب لابد من تبييت النية فيه بخلاف صوم التطوع فيجوز استحضار النية من ضحوة ، هذا هو الذى ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، بناءاً على ذلك فمن كان عليه صيام أيام ككفارة يمين أو أي كفارة من الكفارات المعروفة صياماً فلابد فيها من تبييت النية .
**السائل : كيف يعرف الإنسان المسلم أنه قد صادفته ليلة القدر مع تحريه الآية الماثورة عنه صلى الله عليه وسلم
ذلك أمر وجدانى يشعر به كل من أنعم الله تبارك وتعالى عليه برؤية ليلة القدر ، لأن الإنسان في هذه الليلة يكون مقبلا على عبادة الله عز وجل وعلى ذكره والصلاة له ، فيتجلى الله عز وجل على بعض عباده بشعور ليس يعتاده حتى الصالحون لا يعتادونه في سائر أوقاتهم .
**السائل: ما درجة حديث " مَن صام رمَضانَ وأتبَعه سِتًّا مِن شوَّالٍ خرَج مِن ذُنوبِه كيومَ ولَدَتْه أُمُّه "
الشيخ : من الأحاديث الصحيحة التى أخرجها الإمام مسلم في صحيحه .
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
الصوم وصحة الجهاز الهضمي
د/ خالد سعد النجار
• بعض النصائح للصائمين:
** يفضل الإفطار على التمر أولا فعن أنس -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (من وجدَ تمرًا فليفطِر عليهِ ، ومن لَا فليُفطِر على ماءٍ فإنَّهُ طَهورٌ) رواه الترمذي (صحيح) انظر حديث رقم: 6583 في صحيح الجامع.، وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُفْطِرُ على رُطَباتٍ قَبلَ أنْ يُصَلِّي ، فإنْ لم تَكُنْ رُطَباتٍ فتَمْراتٌ ، فإِنْ لَم تَكُنْ تَمْراتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ من ماءٍ رواه أبو داود والترمذي( حسن ) انظر حديث رقم : 4995 في صحيح الجامع ( ثمرة النخيل تمر على المراحل التالية أولها الطلع، ثم البلح، ثم البسر، ثم الرطب ثم التمر) فعندما يبدأ الصائم في تناول إفطاره تتنبه الأجهزة، ويبدأ الجهاز الهضمي في عمله، وخصوصا المعدة التي تريد التلطف بها، ومحاولة إيقاظها باللين. والصائم في تلك الحال بحاجة إلى مصدر سكري سريع، يدفع عنه الجوع، مثلما يكون في حاجة إلى الماء.
وأسرع المواد الغذائية التي يمكن امتصاصها ووصولها إلى الدم هي المواد السكرية، وخاصة تلك التي تحتوي على السكريات الأحادية أو الثنائية ( الجلوكوز أو السكروز ) لأن الجسم يستطيع امتصاصها بسهولة وسرعة خلال دقائق معدودة .
**بعد تناول التمر يستحب أن يأخذ الصائم فترة صغيرة من الراحة والحركة، فيصلى المغرب فيها.. هذه الحركة تساعد الجهاز الهضمي على استئناف العمل والحركة وتؤهله لاستقبال طعام الإفطار والتعامل معه سريعا دون كسل.. يسبب عسر الهضم.
** من المستحسن أن يبدأ من يفطر بعد عودته من الصلاة بشرب بعض الحساء الدافئ .. وأن تكون البروتينات المتمثلة في لحم الدجاج أو الحيوانات إما مسلوقة أو مشوية .. ومن الأفضل الابتعاد عن المسبكات والأطعمة الحريفة أو كثيرة التوابل لأنها ترهق الجهاز الهضمي وتسبب الانتفاخات وعسر الهضم.
**يجب الاعتدال في الوجبات (من حيث الكمية والنوعية) واعتبار وجبة الإفطار وجبة عادية مثل الغداء أو العشاء في الأيام العادية، مع عدم الإكثار من تناول السوائل مع أو بعد الإفطار مباشرة لأنها تعيق عمل المعدة. قال تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} [الأعراف:31] وفي الحديث النبوي: (ما ملأَ آدميٌّ وعاءً شرًّا مِن بطنٍ ، بحسبِ ابنِ آدمَ أُكُلاتٌ يُقمنَ صُلبَهُ ، فإن كانَ لا محالةَ فثُلثٌ لطعامِهِ وثُلثٌ لشرابِهِ وثُلثٌ لنفَسِهِ) رواه أحمد والترمذي عن المقدام بن معد يكرب. (صحيح) انظر حديث رقم: 5674 في صحيح الجامع.
**إن تناول الحلويات الرمضانية اليومية لا تعود بالفائدة على الصائم بل على العكس تؤدي إلى زيادة الوزن والتخمة وغيرها من العوارض المرتبطة بصحة ونظافة ونوعية هذه الحلويات ويمكننا الاستغناء عنها والتعويض بتناول الفاكهة الطازجة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُوا واشرَبوا والبَسوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيلةٍ) رواه أحمد (حسن) انظر حديث رقم: 4505 في صحيح الجامع.
**الأغذية الغنية بالطاقة والخالية من الدهون الحيوانية والمواد المتأكسدة والحافظة هي أفضل الأغذية على الإطلاق ومن أمثلتها: التمور، العسل، الفاكهة بأنواعها، الخضراوات، اللحوم البيضاء مثل الأسماك والدجاج، البقول مثل العدس، اللبن ومنتجاته، وفي الحديث الشريف: (إذا أكلَ أحدُكم طعامًا فليقُلْ اللَّهمَّ بارِكْ لنا فيه وأطعِمنا خيرًا منه ومن سقاهُ اللهُ لبنًا فليقلْ اللَّهمَّ بارِكْ لنا فيه وزِدنا منه فإنَّه ليس شيءٌ ويجزئُ عن الطَّعامِ والشَّرابِ غيرَ اللَّبنِ) رواه أحمد والترمذي عن ابن عباس (حسن) انظر حديث رقم: 381 في صحيح الجامع.
د/ خالد سعد النجار
• بعض النصائح للصائمين:
** يفضل الإفطار على التمر أولا فعن أنس -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (من وجدَ تمرًا فليفطِر عليهِ ، ومن لَا فليُفطِر على ماءٍ فإنَّهُ طَهورٌ) رواه الترمذي (صحيح) انظر حديث رقم: 6583 في صحيح الجامع.، وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُفْطِرُ على رُطَباتٍ قَبلَ أنْ يُصَلِّي ، فإنْ لم تَكُنْ رُطَباتٍ فتَمْراتٌ ، فإِنْ لَم تَكُنْ تَمْراتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ من ماءٍ رواه أبو داود والترمذي( حسن ) انظر حديث رقم : 4995 في صحيح الجامع ( ثمرة النخيل تمر على المراحل التالية أولها الطلع، ثم البلح، ثم البسر، ثم الرطب ثم التمر) فعندما يبدأ الصائم في تناول إفطاره تتنبه الأجهزة، ويبدأ الجهاز الهضمي في عمله، وخصوصا المعدة التي تريد التلطف بها، ومحاولة إيقاظها باللين. والصائم في تلك الحال بحاجة إلى مصدر سكري سريع، يدفع عنه الجوع، مثلما يكون في حاجة إلى الماء.
وأسرع المواد الغذائية التي يمكن امتصاصها ووصولها إلى الدم هي المواد السكرية، وخاصة تلك التي تحتوي على السكريات الأحادية أو الثنائية ( الجلوكوز أو السكروز ) لأن الجسم يستطيع امتصاصها بسهولة وسرعة خلال دقائق معدودة .
**بعد تناول التمر يستحب أن يأخذ الصائم فترة صغيرة من الراحة والحركة، فيصلى المغرب فيها.. هذه الحركة تساعد الجهاز الهضمي على استئناف العمل والحركة وتؤهله لاستقبال طعام الإفطار والتعامل معه سريعا دون كسل.. يسبب عسر الهضم.
** من المستحسن أن يبدأ من يفطر بعد عودته من الصلاة بشرب بعض الحساء الدافئ .. وأن تكون البروتينات المتمثلة في لحم الدجاج أو الحيوانات إما مسلوقة أو مشوية .. ومن الأفضل الابتعاد عن المسبكات والأطعمة الحريفة أو كثيرة التوابل لأنها ترهق الجهاز الهضمي وتسبب الانتفاخات وعسر الهضم.
**يجب الاعتدال في الوجبات (من حيث الكمية والنوعية) واعتبار وجبة الإفطار وجبة عادية مثل الغداء أو العشاء في الأيام العادية، مع عدم الإكثار من تناول السوائل مع أو بعد الإفطار مباشرة لأنها تعيق عمل المعدة. قال تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} [الأعراف:31] وفي الحديث النبوي: (ما ملأَ آدميٌّ وعاءً شرًّا مِن بطنٍ ، بحسبِ ابنِ آدمَ أُكُلاتٌ يُقمنَ صُلبَهُ ، فإن كانَ لا محالةَ فثُلثٌ لطعامِهِ وثُلثٌ لشرابِهِ وثُلثٌ لنفَسِهِ) رواه أحمد والترمذي عن المقدام بن معد يكرب. (صحيح) انظر حديث رقم: 5674 في صحيح الجامع.
**إن تناول الحلويات الرمضانية اليومية لا تعود بالفائدة على الصائم بل على العكس تؤدي إلى زيادة الوزن والتخمة وغيرها من العوارض المرتبطة بصحة ونظافة ونوعية هذه الحلويات ويمكننا الاستغناء عنها والتعويض بتناول الفاكهة الطازجة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُوا واشرَبوا والبَسوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيلةٍ) رواه أحمد (حسن) انظر حديث رقم: 4505 في صحيح الجامع.
**الأغذية الغنية بالطاقة والخالية من الدهون الحيوانية والمواد المتأكسدة والحافظة هي أفضل الأغذية على الإطلاق ومن أمثلتها: التمور، العسل، الفاكهة بأنواعها، الخضراوات، اللحوم البيضاء مثل الأسماك والدجاج، البقول مثل العدس، اللبن ومنتجاته، وفي الحديث الشريف: (إذا أكلَ أحدُكم طعامًا فليقُلْ اللَّهمَّ بارِكْ لنا فيه وأطعِمنا خيرًا منه ومن سقاهُ اللهُ لبنًا فليقلْ اللَّهمَّ بارِكْ لنا فيه وزِدنا منه فإنَّه ليس شيءٌ ويجزئُ عن الطَّعامِ والشَّرابِ غيرَ اللَّبنِ) رواه أحمد والترمذي عن ابن عباس (حسن) انظر حديث رقم: 381 في صحيح الجامع.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
الدليل الطبي للمريض في شهر الصيام
أسئلة كثيرة تتردد على بال المرضى وأقربائهم، والبعض يقع فريسة الأوهام، أو يفتيه جاهل بالطب فيصوم أو يفطر، دون الرجوع إلى طبيب أخصائي مسلم يقوّم حالته، ويعطيه النصيحة والإرشاد.
** مريض الجهاز الهضمي في شهر الصيام: أهم أمراض الجهاز الهضمي ذات العلاقة بالصيام.
** قرحة المعدة أو الإثني عشر: ينبغي على مريض القرحة المصاب بإحدى الحالات التالية الإفطار:
القرحة الحادة: وذلك حين يشكو المريض من أعراض القرحة. كالألم عند الجوع، أو ألم يوقظه من النوم. عند حدوث مضاعفات القرحة، كالنزيف الهضمي، أو عند عدم التئام القرحة رغم الاستمرار بالعلاج الدوائي.
** عسر الهضم: وهي كلمة شائعة تشمل عدداً من الأعراض التي تعقب تناول الطعام، وتشمل الألم البطني وغازات البطن والتجشؤ والغثيان، وحس عدم الارتياح في أعلى البطن، وخاصة عقب تناول وجبة كبيرة، أو بعد تناولها بسرعة، أو بعد تناول طعام غني بالدسم أو البهارات.
** الإسهال: ينصح المريض المصاب بالإسهال بالإفطار، وخاصة إذا كان الإسهال شديداً، فلا يستطيع المريض الصيام، لعدم قدرة الجسم على تعويض ما يفقده من سوائل وأملاح بسبب الإسهال. وإذا صام المصاب بالإسهال فقد يصاب بالجفاف وهبوط في ضغط الدم أو يصاب بالفشل الكلوي.
** أمراض الكبد: ينصح المصابون بأمراض الكبد المتقدمة كتشمع الكبد وأورام الكبد بالإفطار، كما ينصح بالإفطار أيضاً المصابون بالتهاب الكبد الفيروسي الحاد.
** عمليات قطع المعدة: هناك بعض المرضى الذين أجريت لهم عملية قطع أو استئصال جزء من المعدة بسبب قرحة في المعدة مثلاً، وهؤلاء المرضى يحتاجون إلى تناول وجبات صغيرة من الطعام وبطريقة منتظمة، وقد لا يستطيعون الصيام.
** مريض القلب في شهر الصيام: لا شك أن في الصيام فائدة عظيمة لكثير من مرضى القلب، ولكن هناك حالات معينة قد لا تستطيع الصيام.
** ارتفاع ضغط الدم: يفيد الصيام في علاج ارتفاع ضغط الدم، فإنقاص الوزن الذي يرافق الصيام يخفض ضغط الدم بصورة ملحوظة، كما أن الرياضة البدنية من صلاة تراويح وتهجد وغيرها تفيد في خفض ضغط الدم المرتفع.
وإذا كان ضغط الدم مسيطراً عليه بالدواء أمكن للمريض الصيام شريطة أن يتناول أدويته بانتظام، فهناك حالياً أدوية لارتفاع ضغط الدم تعطى مرة واحدة أو اثنتان في اليوم.
** فشل القلب (قصور القلب): ينصح المصاب بفشل القلب الحاد بعدم الصيام، حيث يحتاج لتناول مدرَّات بولية وأدوية أخرى مقوية لعضلة القلب وكثيراً ما يحتاج إلى علاج في المستشفى.
وينبغي استشارة طبيب القلب المسلم فهو الذي يقرر ما إذا كان المريض قادراً على الصوم أم لا.
** الذبحة الصدرية: مرضى الذبحة الصدرية غير المستقرة، أو الذين يحتاجون لتناول حبوب النيتروغليسرين تحت اللسان أثناء النهار فلا ينصحون بالصوم، وينبغي عليهم مراجعة الطبيب لتحديد خطة العلاج.
** جلطة القلب : ينصح مرضى الجلطة الحديثة، وخاصة في الأسابيع الستة الأولى بعد الجلطة بالصيام، أما إذا تماثل المريض للشفاء، وعاد إلى حياته الطبيعية، فيمكنه حينئذ الصيام.
** أمراض صمامات (دسامات) القلب: إذا كانت حالة المريض مستقرة، ولا يشكو من أعراض تذكر أمكنه الصيام، أما إذا كان المريض يشكو من ضيق النفس ويحتاج إلى تناول المدرات البولية فينصح بعدم الصوم.
** من هم مرضى القلب الذين ينصحون بعدم الصيام؟
1) المرضى المصابون بفشل القلب غير المستقر. 2) مرضى الذبحة الصدرية غير المستقرة، أو غير المستجيبة للعلاج. 3) مرضى الجلطة القلبية الحديثة. 4) حالات التضيق الشديد أو القصور الشديد في صمامات القلب. 5) الحمى الرئوية (الروماتيزمية) النشطة. 6) الاضطرابات الخطيرة في نظم القلب. 7) خلال فترة الأسابيع التي تعقب عمليات جراحة القلب.
** مريض الكلى في شهر الصيام: إذا كانت الكليتان سليمتين فالصوم لهما راحة وعافية، أما عندما تصبح الكلى مريضة، فلا تستطيع القيام بالكفاءة المطلوبة لتركيز البول والتخلص من المواد السامة كالبولة الدموية وغيرها. وينبغي على أي مريض مصاب بمرض كلوي استشارة طبيبه قبل البدء بالصيام.
** الحصيات الكلوية: إذا لم يكن لدى المرء حصيات كلوية من قبل فلا داعي للقلق في شهر رمضان، أما الذين لديهم حصيّات كلوية، أو تكرر حدوث حصيّات في الكلى، فقد تزداد حالتهم سوءاً بالجفاف إذا لم يشرب المريض السوائل بكميات كافية.
**مريض السكري في شهر الصيام: يقسم مرضى السكر إلى فئتين، فئة تستطيع الصوم وأخرى تُمنع من الصوم.
أ) مريض السكري الذي يستطيع الصوم: مريض السكري الكهلي (سكري النضوج) الذي يعالج بالحمية الغذائية فقط. مريض السكري الكهلي الذي يعالج بالحمية الغذائية والأقراص الخافضة لسكر الدم: وهذه الفئة تقسم بدورها إلى قسمين:
1). المريض الذي يتناول حبة واحدة يومياً: يستطيع الصيام عادة، على أن يفطر بعد أذان المغرب مباشرة على تمرتين أو ثلاث تمرات مع كأس من الماء، وبعد صلاة المغرب يتناول وجبة الدواء ثم يبدأ بالوجبة الرئيسية للإفطار.
2). الذي يتناول حبتين يومياً: يستطيع الصوم عادة، على أن يتناول حبة واحدة قبل الإفطار ونصف حبة قبل السحور بدلاً من الحبة الكاملة التي كان يتناولها قبل شهر رمضان، وهكذا لأكثر من حبتين يومياً، بحيث يكون المبدأ إنقاص جرعة ما قبل السحور إلى النصف بناء على توصية طبيبه المعالج.
ب) مريض السكري الذي لا يستطيع الصوم: 1. مريض السكري الشبابي (المريض الذي يصاب بمرض السكري دون الثلاثين عاماً من العمر).
2. مريض السكري الذي يحقن بكمية كبيرة من الإنسولين (أكثر من 40 وحدة دولية يومياً)، أو الذي يتعاطون الإنسولين مرتين يومياً.
3. المريض المصاب بالسكري غير المستقر.
4. المريضة الحامل المصابة بالسكري.
5. المريض المسنّ المصاب بالسكري لسنين طويلة، وفي الوقت نفسه يعاني من مضاعفات مرض السكر المتقدمة.
6. المريض الذي أصيب بحماض ارتفاع السكر قبل شهر رمضان بأيام أو في بدايته.
وينبغي التأكيد على الحقائق التالية: 1. يجب على المريض الذي يصاب بنوبات نقص السكر أو الارتفاع الشديد في سكر الدم أن يقطع صيامه فوراً، لأنه يضطر إلى علاج فوري.
2. ينبغي تقسيم الوجبات إلى ثلاثة أجزاء متساوية، الأولى عند الإفطار، والثانية بعد صلاة التراويح، والثالثة عند السحور.
3. يفضّل تأجيل وجبة السحور قدر الإمكان.
4. الحذر من الإفراط في الطعام، وخاصة الحلويات أو السوائل المحلاَّة.
وبصفة عامة فإن السماح بالصيام أو عدمه إضافة إلى تنظيم الدواء وأوقات تناولها يعود إلى الطبيب المعالج دون غيره.
** مريض الصدر في شهر الصيام: كثيراً ما تأتي أمراض الصدر فجأة على شكل التهاب في القصبات أو التهاب في الرئة.
أ) التهاب القصبات الحاد: إذا كانت حالة التهاب القصبات الحاد بسيطة، فإن المريض يستطيع تناول علاجه ما بين الإفطار والسحور، أما إذا احتاج الأمر لمضادات حيوية تعطى كل 6 – 8 ساعات، أو إذا كانت الحالة شديدة فينصح بالإفطار حتى يشفى من الالتهاب.
ب) التهاب القصبات المزمن: وفيه يشكو المريض من سعال مترافق ببلغم يومياً ولمدة ثلاثة أشهر متتابعة ولسنتين متتابعتين على الأقل.
وإذا كانت حالة المريض مستقرة استطاع الصيام دون مشقة تذكر، أما في الحالات الحادة التي تحتاج إلى مضادات حيوية أو موسعات القصبات أو البخاخات الحاوية على مواد موسعة للقصبات فيقدّر الطبيب المختص ما إذا كان المريض يستطيع الصوم أم لا.
ج) الربو القصبي: قد تكون نوبات الربو خفيفة لا تحتاج إلى تناول أدوية عن طريق الفم، كما يمكن إعطاء المريض الأقراص المديدة التأثير عند الإفطار والسحور، وكثير من مرضى الربو من يحتاج إلى تناول بختين أو أكثر من بخاخ الربو عند الإحساس بضيق في الصدر، ويعود بعدها المريض إلى ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، ولا ينبغي للمريض عند حدوث الأزمة متابعة الصيام، بل عليه تناول البخاخ فوراً، ومن العلماء الأفاضل من أفتى بأن هذه البخاخات لا تفطر.
ولكن ينبغي الإفطار قطعاً عند حدوث نوبة ربو شديدة حيث كثيراً ما يحتاج المريض إلى دخول المستشفى لتلقي العلاج المكثف لها.
د) السل (التدرُّن الرئوي): يستطيع المريض المصاب بالسل الصيام إذا كانت حالته العامة جيدة وفي غياب أية مضاعفات، شريطة أن يتناول المريض دواءه بانتظام.
**أمراض الغدد في شهر الصيام: الغدد الصماء: هي مجموعة من الأعضاء في جسم الإنسان تختص بإفراز الهرمونات. وأهم هذه الغدد: الغدة النخامية، والغدرة الدرقية، والغدد الكظرية، ومجاورات الدرق، والمبيضان والخصيتان والبنكرياس.
أ) أمراض الغدد الدرقية:1 (الغدة الدرقية: تقع في الرقبة، أمام القصبة الهوائية، وهي تشبه في شكلها الفراشة ، وهي ذات لون بني محمر. وتتكون من فصين، وتحتوي على خلايا خاصة تقع في بطانتها تدعى الخلايا الكيسية، وهذه الخلايا هي المسؤولة عن إفراز هرمونات الغدة الدرقية "تصنيع الهرمونات" هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِه...
2). قصور الغدة الدرقية: ويشكو المريض في هذه الحالة من الوهن والإعياء الشديدين ونقص في النشاط الفكري والعصبي. ويعطى هرمون الثيروكسين مرة واحدة يومياً كعلاج لهذه الحالة، وبذلك يمكن للمريض الصيام دون أي تأثير خاص.
3). أورام الغدة الدرقية: ليس للصوم تأثير على أورام الغدة الدرقية، ويمكن للمريض الصيام، وعلاج أورام الدرق عادة جراحي.
4). التهابات الغدة الدرقية الحادة: وتسبب عادة ألماً في الغدة وقد تحدث الحمى، مما قد يجعل الصوم غير ممكن في المرحلة الحادة، شأنه في ذلك الأمراض الحادة، أما الالتهابات المزمنة للغدة الدرقية فلا تتعارض عادة مع الصوم.
ب) أمراض الغدة الكظرية:الكظران غدتان تقعان فوق الكليتين وتفرزان عدة هرمونات أهمها الكورتيزول والألدوسترون والهرمونات التناسلية. وأمراضها عادة غير شائعة.
ج) أمراض الغدة النخامية: وهي أيضاً أمراض نادرة، وأهمها مرض (ضخامة النهايات) وقصور الغدة النخامية، وينصح فيهما بعدم الصوم.
الغدة النخامية: غدة تقع في تجويف عظمي في جمجمة الإنسان أسفل الدماغ يسمى السرج التركي .و إذا زاد إفراز هذه الغدة من هرمون النمو تحدث ضخامة و طول غير طبيعي في الجسم (العملقة)، أما إذا حدث زيادة بعد البلوغ فإنها تسبب مرض (العملقة الطرفية و هو ضخامة في اليدين و القدمين دون باقى الجسم، والعكس صحيح أي أن قلة أفراز تلك الغدة لهرمون النمو يؤدي إلي بطء النمو وقصر القامة (القزامة) وزيادة افراز هرمون الحليب يؤدي إلى إفراز الحليب والعقم وكذلك ظهور الثدي عند الذكور... فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
** الأمراض العصبية والنفسية في شهر الصيام: أ) الصرع: يستطيع المصاب بالصرع أو الاختلاجات الصيام، شريطة أن يتناول الأدوية المضادة للاختلاج بانتظام، فهناك حالياً أدوية تعطى مرة واحدة باليوم للسيطرة على الاختلاجات.
ب) الاكتئاب: يستطيع مريض الاكتئاب الصيام شريطة أن يتناول الأدوية المضادة للاكتئاب بانتظام، وتعطى هذه الأدوية عادة مرة أو مرتين في اليوم.
ج) مريض الفصام: لا يجوز لمريض الفصام الصيام، فإن التوقف عن استعمال أدوية الفصام قد يؤدي إلى نوبات من العنف والضلالات الخاطئة والهلاوس، وقد يؤدي ذلك إلى الاعتداء على الآخرين.
**الحامل والمرضع في شهر الصيام: لا يمكن إطلاق قول حاسم على كل الحوامل والمرضعات بحيث تقول إن هناك حامل أو مرضع تستطيع الصيام، وأخرى لا تقدر عليه. وإذا ما شعرت الحامل والمرضع بصداع شديد، أو (زغللة) في العينين، أو هبوط وإجهاد عام، أو عدم القدرة على القيام بأي نشاط فإن ذلك يعني حدوث انخفاض واضح في سكر الدم، أو أن هناك أمراً غير طبيعي، وعليها استشارة الطبيب المعالج.
أ) ما هي الأحوال المرضية التي تجيز للحامل الإفطار؟
انخفاض ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأعلى) عن 100 ملم زئبقي، حيث قد يسبب هذا الانخفاض إحساساً بالإغماء إضافة إلى عدم القدرة على التركيز.
القي المصاحب للحمل، وخاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
التسمم الحملي: حيث يحدث ارتفاع في ضغط الدم، ويظهر الزلال في البول كما تحدث وذمة في الأطراف. حدوث انخفاض في سكر الدم. وجود مرض عضوي.
والخلاصة: فإن موضوع صيام الحامل في شهر رمضان يعتمد على حالة الحامل والجنين قبل دخول شهر رمضان، فإن كانت كافة المؤشرات والفحص السريري تشير إلى تمام صحة الحامل والجنين فإن الطبيب على الأغلب سيشير بالاستمرار في الصيام، ويعود تقرير ذلك إلى الطبيبة أو الطبيب الأخصائي المسلم.
** الرضاعة والصيام: يمكن للمرأة المرضع صيام شهر رمضان، شريطة أن يكون هناك تعويض في نوعية الطعام والشراب أثناء شهر رمضان في الفترة المسائية، وشريطة أن لا تتأثر كمية ونوعية الحليب (اللبن) عند الطفل الرضيع.
أما إذا خافت المرضع على نفسها أو رضيعها من جرَّاء الصيام، أو أثَّر ذلك على الرضاعة، جاز لها أن تفطر.
والخلاصة: فإن تقرير إمكانية الصيام أو عدمه ليس بالأمر السهل، ولا يمكن تقرير قواعد عامة لجميع المرضى، بل ينبغي بحث كل مريض على حدة، ولا يتيَّسر ذلك الأمر إلا للطبيب المسلم المختص، فهو يملك ما يكفيه من المعطيات التي تمكنه من نصح مريضه بإمكانية الصوم أو عدمه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدكتور حسان شمسي باشا
أسئلة كثيرة تتردد على بال المرضى وأقربائهم، والبعض يقع فريسة الأوهام، أو يفتيه جاهل بالطب فيصوم أو يفطر، دون الرجوع إلى طبيب أخصائي مسلم يقوّم حالته، ويعطيه النصيحة والإرشاد.
** مريض الجهاز الهضمي في شهر الصيام: أهم أمراض الجهاز الهضمي ذات العلاقة بالصيام.
** قرحة المعدة أو الإثني عشر: ينبغي على مريض القرحة المصاب بإحدى الحالات التالية الإفطار:
القرحة الحادة: وذلك حين يشكو المريض من أعراض القرحة. كالألم عند الجوع، أو ألم يوقظه من النوم. عند حدوث مضاعفات القرحة، كالنزيف الهضمي، أو عند عدم التئام القرحة رغم الاستمرار بالعلاج الدوائي.
** عسر الهضم: وهي كلمة شائعة تشمل عدداً من الأعراض التي تعقب تناول الطعام، وتشمل الألم البطني وغازات البطن والتجشؤ والغثيان، وحس عدم الارتياح في أعلى البطن، وخاصة عقب تناول وجبة كبيرة، أو بعد تناولها بسرعة، أو بعد تناول طعام غني بالدسم أو البهارات.
** الإسهال: ينصح المريض المصاب بالإسهال بالإفطار، وخاصة إذا كان الإسهال شديداً، فلا يستطيع المريض الصيام، لعدم قدرة الجسم على تعويض ما يفقده من سوائل وأملاح بسبب الإسهال. وإذا صام المصاب بالإسهال فقد يصاب بالجفاف وهبوط في ضغط الدم أو يصاب بالفشل الكلوي.
** أمراض الكبد: ينصح المصابون بأمراض الكبد المتقدمة كتشمع الكبد وأورام الكبد بالإفطار، كما ينصح بالإفطار أيضاً المصابون بالتهاب الكبد الفيروسي الحاد.
** عمليات قطع المعدة: هناك بعض المرضى الذين أجريت لهم عملية قطع أو استئصال جزء من المعدة بسبب قرحة في المعدة مثلاً، وهؤلاء المرضى يحتاجون إلى تناول وجبات صغيرة من الطعام وبطريقة منتظمة، وقد لا يستطيعون الصيام.
** مريض القلب في شهر الصيام: لا شك أن في الصيام فائدة عظيمة لكثير من مرضى القلب، ولكن هناك حالات معينة قد لا تستطيع الصيام.
** ارتفاع ضغط الدم: يفيد الصيام في علاج ارتفاع ضغط الدم، فإنقاص الوزن الذي يرافق الصيام يخفض ضغط الدم بصورة ملحوظة، كما أن الرياضة البدنية من صلاة تراويح وتهجد وغيرها تفيد في خفض ضغط الدم المرتفع.
وإذا كان ضغط الدم مسيطراً عليه بالدواء أمكن للمريض الصيام شريطة أن يتناول أدويته بانتظام، فهناك حالياً أدوية لارتفاع ضغط الدم تعطى مرة واحدة أو اثنتان في اليوم.
** فشل القلب (قصور القلب): ينصح المصاب بفشل القلب الحاد بعدم الصيام، حيث يحتاج لتناول مدرَّات بولية وأدوية أخرى مقوية لعضلة القلب وكثيراً ما يحتاج إلى علاج في المستشفى.
وينبغي استشارة طبيب القلب المسلم فهو الذي يقرر ما إذا كان المريض قادراً على الصوم أم لا.
** الذبحة الصدرية: مرضى الذبحة الصدرية غير المستقرة، أو الذين يحتاجون لتناول حبوب النيتروغليسرين تحت اللسان أثناء النهار فلا ينصحون بالصوم، وينبغي عليهم مراجعة الطبيب لتحديد خطة العلاج.
** جلطة القلب : ينصح مرضى الجلطة الحديثة، وخاصة في الأسابيع الستة الأولى بعد الجلطة بالصيام، أما إذا تماثل المريض للشفاء، وعاد إلى حياته الطبيعية، فيمكنه حينئذ الصيام.
** أمراض صمامات (دسامات) القلب: إذا كانت حالة المريض مستقرة، ولا يشكو من أعراض تذكر أمكنه الصيام، أما إذا كان المريض يشكو من ضيق النفس ويحتاج إلى تناول المدرات البولية فينصح بعدم الصوم.
** من هم مرضى القلب الذين ينصحون بعدم الصيام؟
1) المرضى المصابون بفشل القلب غير المستقر. 2) مرضى الذبحة الصدرية غير المستقرة، أو غير المستجيبة للعلاج. 3) مرضى الجلطة القلبية الحديثة. 4) حالات التضيق الشديد أو القصور الشديد في صمامات القلب. 5) الحمى الرئوية (الروماتيزمية) النشطة. 6) الاضطرابات الخطيرة في نظم القلب. 7) خلال فترة الأسابيع التي تعقب عمليات جراحة القلب.
** مريض الكلى في شهر الصيام: إذا كانت الكليتان سليمتين فالصوم لهما راحة وعافية، أما عندما تصبح الكلى مريضة، فلا تستطيع القيام بالكفاءة المطلوبة لتركيز البول والتخلص من المواد السامة كالبولة الدموية وغيرها. وينبغي على أي مريض مصاب بمرض كلوي استشارة طبيبه قبل البدء بالصيام.
** الحصيات الكلوية: إذا لم يكن لدى المرء حصيات كلوية من قبل فلا داعي للقلق في شهر رمضان، أما الذين لديهم حصيّات كلوية، أو تكرر حدوث حصيّات في الكلى، فقد تزداد حالتهم سوءاً بالجفاف إذا لم يشرب المريض السوائل بكميات كافية.
**مريض السكري في شهر الصيام: يقسم مرضى السكر إلى فئتين، فئة تستطيع الصوم وأخرى تُمنع من الصوم.
أ) مريض السكري الذي يستطيع الصوم: مريض السكري الكهلي (سكري النضوج) الذي يعالج بالحمية الغذائية فقط. مريض السكري الكهلي الذي يعالج بالحمية الغذائية والأقراص الخافضة لسكر الدم: وهذه الفئة تقسم بدورها إلى قسمين:
1). المريض الذي يتناول حبة واحدة يومياً: يستطيع الصيام عادة، على أن يفطر بعد أذان المغرب مباشرة على تمرتين أو ثلاث تمرات مع كأس من الماء، وبعد صلاة المغرب يتناول وجبة الدواء ثم يبدأ بالوجبة الرئيسية للإفطار.
2). الذي يتناول حبتين يومياً: يستطيع الصوم عادة، على أن يتناول حبة واحدة قبل الإفطار ونصف حبة قبل السحور بدلاً من الحبة الكاملة التي كان يتناولها قبل شهر رمضان، وهكذا لأكثر من حبتين يومياً، بحيث يكون المبدأ إنقاص جرعة ما قبل السحور إلى النصف بناء على توصية طبيبه المعالج.
ب) مريض السكري الذي لا يستطيع الصوم: 1. مريض السكري الشبابي (المريض الذي يصاب بمرض السكري دون الثلاثين عاماً من العمر).
2. مريض السكري الذي يحقن بكمية كبيرة من الإنسولين (أكثر من 40 وحدة دولية يومياً)، أو الذي يتعاطون الإنسولين مرتين يومياً.
3. المريض المصاب بالسكري غير المستقر.
4. المريضة الحامل المصابة بالسكري.
5. المريض المسنّ المصاب بالسكري لسنين طويلة، وفي الوقت نفسه يعاني من مضاعفات مرض السكر المتقدمة.
6. المريض الذي أصيب بحماض ارتفاع السكر قبل شهر رمضان بأيام أو في بدايته.
وينبغي التأكيد على الحقائق التالية: 1. يجب على المريض الذي يصاب بنوبات نقص السكر أو الارتفاع الشديد في سكر الدم أن يقطع صيامه فوراً، لأنه يضطر إلى علاج فوري.
2. ينبغي تقسيم الوجبات إلى ثلاثة أجزاء متساوية، الأولى عند الإفطار، والثانية بعد صلاة التراويح، والثالثة عند السحور.
3. يفضّل تأجيل وجبة السحور قدر الإمكان.
4. الحذر من الإفراط في الطعام، وخاصة الحلويات أو السوائل المحلاَّة.
وبصفة عامة فإن السماح بالصيام أو عدمه إضافة إلى تنظيم الدواء وأوقات تناولها يعود إلى الطبيب المعالج دون غيره.
** مريض الصدر في شهر الصيام: كثيراً ما تأتي أمراض الصدر فجأة على شكل التهاب في القصبات أو التهاب في الرئة.
أ) التهاب القصبات الحاد: إذا كانت حالة التهاب القصبات الحاد بسيطة، فإن المريض يستطيع تناول علاجه ما بين الإفطار والسحور، أما إذا احتاج الأمر لمضادات حيوية تعطى كل 6 – 8 ساعات، أو إذا كانت الحالة شديدة فينصح بالإفطار حتى يشفى من الالتهاب.
ب) التهاب القصبات المزمن: وفيه يشكو المريض من سعال مترافق ببلغم يومياً ولمدة ثلاثة أشهر متتابعة ولسنتين متتابعتين على الأقل.
وإذا كانت حالة المريض مستقرة استطاع الصيام دون مشقة تذكر، أما في الحالات الحادة التي تحتاج إلى مضادات حيوية أو موسعات القصبات أو البخاخات الحاوية على مواد موسعة للقصبات فيقدّر الطبيب المختص ما إذا كان المريض يستطيع الصوم أم لا.
ج) الربو القصبي: قد تكون نوبات الربو خفيفة لا تحتاج إلى تناول أدوية عن طريق الفم، كما يمكن إعطاء المريض الأقراص المديدة التأثير عند الإفطار والسحور، وكثير من مرضى الربو من يحتاج إلى تناول بختين أو أكثر من بخاخ الربو عند الإحساس بضيق في الصدر، ويعود بعدها المريض إلى ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، ولا ينبغي للمريض عند حدوث الأزمة متابعة الصيام، بل عليه تناول البخاخ فوراً، ومن العلماء الأفاضل من أفتى بأن هذه البخاخات لا تفطر.
ولكن ينبغي الإفطار قطعاً عند حدوث نوبة ربو شديدة حيث كثيراً ما يحتاج المريض إلى دخول المستشفى لتلقي العلاج المكثف لها.
د) السل (التدرُّن الرئوي): يستطيع المريض المصاب بالسل الصيام إذا كانت حالته العامة جيدة وفي غياب أية مضاعفات، شريطة أن يتناول المريض دواءه بانتظام.
**أمراض الغدد في شهر الصيام: الغدد الصماء: هي مجموعة من الأعضاء في جسم الإنسان تختص بإفراز الهرمونات. وأهم هذه الغدد: الغدة النخامية، والغدرة الدرقية، والغدد الكظرية، ومجاورات الدرق، والمبيضان والخصيتان والبنكرياس.
أ) أمراض الغدد الدرقية:1 (الغدة الدرقية: تقع في الرقبة، أمام القصبة الهوائية، وهي تشبه في شكلها الفراشة ، وهي ذات لون بني محمر. وتتكون من فصين، وتحتوي على خلايا خاصة تقع في بطانتها تدعى الخلايا الكيسية، وهذه الخلايا هي المسؤولة عن إفراز هرمونات الغدة الدرقية "تصنيع الهرمونات" هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِه...
2). قصور الغدة الدرقية: ويشكو المريض في هذه الحالة من الوهن والإعياء الشديدين ونقص في النشاط الفكري والعصبي. ويعطى هرمون الثيروكسين مرة واحدة يومياً كعلاج لهذه الحالة، وبذلك يمكن للمريض الصيام دون أي تأثير خاص.
3). أورام الغدة الدرقية: ليس للصوم تأثير على أورام الغدة الدرقية، ويمكن للمريض الصيام، وعلاج أورام الدرق عادة جراحي.
4). التهابات الغدة الدرقية الحادة: وتسبب عادة ألماً في الغدة وقد تحدث الحمى، مما قد يجعل الصوم غير ممكن في المرحلة الحادة، شأنه في ذلك الأمراض الحادة، أما الالتهابات المزمنة للغدة الدرقية فلا تتعارض عادة مع الصوم.
ب) أمراض الغدة الكظرية:الكظران غدتان تقعان فوق الكليتين وتفرزان عدة هرمونات أهمها الكورتيزول والألدوسترون والهرمونات التناسلية. وأمراضها عادة غير شائعة.
ج) أمراض الغدة النخامية: وهي أيضاً أمراض نادرة، وأهمها مرض (ضخامة النهايات) وقصور الغدة النخامية، وينصح فيهما بعدم الصوم.
الغدة النخامية: غدة تقع في تجويف عظمي في جمجمة الإنسان أسفل الدماغ يسمى السرج التركي .و إذا زاد إفراز هذه الغدة من هرمون النمو تحدث ضخامة و طول غير طبيعي في الجسم (العملقة)، أما إذا حدث زيادة بعد البلوغ فإنها تسبب مرض (العملقة الطرفية و هو ضخامة في اليدين و القدمين دون باقى الجسم، والعكس صحيح أي أن قلة أفراز تلك الغدة لهرمون النمو يؤدي إلي بطء النمو وقصر القامة (القزامة) وزيادة افراز هرمون الحليب يؤدي إلى إفراز الحليب والعقم وكذلك ظهور الثدي عند الذكور... فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
** الأمراض العصبية والنفسية في شهر الصيام: أ) الصرع: يستطيع المصاب بالصرع أو الاختلاجات الصيام، شريطة أن يتناول الأدوية المضادة للاختلاج بانتظام، فهناك حالياً أدوية تعطى مرة واحدة باليوم للسيطرة على الاختلاجات.
ب) الاكتئاب: يستطيع مريض الاكتئاب الصيام شريطة أن يتناول الأدوية المضادة للاكتئاب بانتظام، وتعطى هذه الأدوية عادة مرة أو مرتين في اليوم.
ج) مريض الفصام: لا يجوز لمريض الفصام الصيام، فإن التوقف عن استعمال أدوية الفصام قد يؤدي إلى نوبات من العنف والضلالات الخاطئة والهلاوس، وقد يؤدي ذلك إلى الاعتداء على الآخرين.
**الحامل والمرضع في شهر الصيام: لا يمكن إطلاق قول حاسم على كل الحوامل والمرضعات بحيث تقول إن هناك حامل أو مرضع تستطيع الصيام، وأخرى لا تقدر عليه. وإذا ما شعرت الحامل والمرضع بصداع شديد، أو (زغللة) في العينين، أو هبوط وإجهاد عام، أو عدم القدرة على القيام بأي نشاط فإن ذلك يعني حدوث انخفاض واضح في سكر الدم، أو أن هناك أمراً غير طبيعي، وعليها استشارة الطبيب المعالج.
أ) ما هي الأحوال المرضية التي تجيز للحامل الإفطار؟
انخفاض ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأعلى) عن 100 ملم زئبقي، حيث قد يسبب هذا الانخفاض إحساساً بالإغماء إضافة إلى عدم القدرة على التركيز.
القي المصاحب للحمل، وخاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
التسمم الحملي: حيث يحدث ارتفاع في ضغط الدم، ويظهر الزلال في البول كما تحدث وذمة في الأطراف. حدوث انخفاض في سكر الدم. وجود مرض عضوي.
والخلاصة: فإن موضوع صيام الحامل في شهر رمضان يعتمد على حالة الحامل والجنين قبل دخول شهر رمضان، فإن كانت كافة المؤشرات والفحص السريري تشير إلى تمام صحة الحامل والجنين فإن الطبيب على الأغلب سيشير بالاستمرار في الصيام، ويعود تقرير ذلك إلى الطبيبة أو الطبيب الأخصائي المسلم.
** الرضاعة والصيام: يمكن للمرأة المرضع صيام شهر رمضان، شريطة أن يكون هناك تعويض في نوعية الطعام والشراب أثناء شهر رمضان في الفترة المسائية، وشريطة أن لا تتأثر كمية ونوعية الحليب (اللبن) عند الطفل الرضيع.
أما إذا خافت المرضع على نفسها أو رضيعها من جرَّاء الصيام، أو أثَّر ذلك على الرضاعة، جاز لها أن تفطر.
والخلاصة: فإن تقرير إمكانية الصيام أو عدمه ليس بالأمر السهل، ولا يمكن تقرير قواعد عامة لجميع المرضى، بل ينبغي بحث كل مريض على حدة، ولا يتيَّسر ذلك الأمر إلا للطبيب المسلم المختص، فهو يملك ما يكفيه من المعطيات التي تمكنه من نصح مريضه بإمكانية الصوم أو عدمه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدكتور حسان شمسي باشا
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
فائدة عظيمة جدا في فضل الصيام
قال العلامة العثيمين:
بل إذا كان يوم القيامة، وكان على الإنسان الصائم مظالم للعباد، فإنه يُؤخذ للعباد من حسناته إلا الصيام فإنه لا يؤخذ منه شيء، لأنه لله عزَّ وجلَّ وليس للإنسان، وهذا معنى جيد، أن الصيام يتوفر أجره لصاحبه ولا يُؤخذ منه لمظالم الخَلْق شيء، كما ورد ذلك عن بعض العلماء في معنى اختصاص الله تبارك وتعالى لعبادة الصيام.
)شرح رياض الصالحين: ص 266. (
قال العلامة العثيمين:
بل إذا كان يوم القيامة، وكان على الإنسان الصائم مظالم للعباد، فإنه يُؤخذ للعباد من حسناته إلا الصيام فإنه لا يؤخذ منه شيء، لأنه لله عزَّ وجلَّ وليس للإنسان، وهذا معنى جيد، أن الصيام يتوفر أجره لصاحبه ولا يُؤخذ منه لمظالم الخَلْق شيء، كما ورد ذلك عن بعض العلماء في معنى اختصاص الله تبارك وتعالى لعبادة الصيام.
)شرح رياض الصالحين: ص 266. (
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
فتاوى الصيام ...رائع للغاية
http://www.alifta.net/Fatawa/DisplayFeqhMoesar.aspx?languagename=ar&Bookid=19&TOC=10
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
فتاوى المرأة المسلمة في الصيام
سؤال في الصيام يجيب عليها الشيخ بن عثيمين رحمه الله.
س١: ما هي المفطرات التي تُفَطّر الصائم؟
فأجاب الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
المفطرات في القرآن ثلاثة: الأكل، الشرب، الجماع، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧]
فبالنسبة للأكل والشرب سواء كان حلالاً أم حراماً، وسواء كان نافعاً أم ضاراً أو لا نافعاً ولا ضاراً، وسواء كان قليلاً أم كثيراً، وعلى هذا فشُرب الدخان مفطر، ولو كان ضاراً حراماً.
حتى إن العلماء قالوا: لو أن رجلاً بلع خرزة لأفطر. والخرزة لا تنفع البدن ومع ذلك تعتبر من المفطرات. ولو أكل عجيناً عجن بنجس لأفطر مع أنه ضار.
الثالث: الجماع.. وهو أغلظ أنواع المفطرات. لوجوب الكفارة فيه، والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
الرابع: إنزال المني بلذة، فإذا أخرجه الإنسان بلذة فسد صومه، ولكن ليس فيه كفارة، لأن الكفارة تكون في الجماع خاصة.
الخامس: الإبر التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب، وهي المغذية، أما الإبر غير المغذية فلا تُفسد الصيام سواء أخذها الإنسان بالوريد، أو بالعضلات، لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب.
السادس: القيء عمداً، فإذا تقيأ الإنسان عمداً فسد صومه، وإن غلبه القيء فليس عليه شيء.
السابع: خروج دم الحيض أو النفاس، فإذا خرج من المرأة دم الحيض أو النفاس ولو قبل الغروب بلحظة فسد الصوم.
وإن خرج دم النفاس أو الحيض بعد الغروب بلحظة واحدة صحَّ صومها.
الثامن: إخراج الدم بالحجامة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: «أفطر الحاجم والمحجوم»
)صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (
فإذا احتجم الرجل وظهر منه دم فسد صومه، وفسد صوم من حجمه إذا كانت بالطريقة المعروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، وهي أن الحاجم يمص قارورة الدم، أما إذا حجم بواسطة الآلات المنفصلة عن الحاجم، فإن المحجوم يُفطر، والحاجم لا يُفطر، وإذا وقعت هذه المفطرات في نهار رمضان من صائم يجب عليه الصوم، ترتب على ذلك
أربعة أمور: ١ـ الإثم. ٢ـ فساد الصوم. ٣ـ وجوب الإمساك بقية ذلك اليوم. ٤ـ وجوب القضاء.
وإن كان الفطر بالجماع ترتب على ذلك أمر خامس وهو الكفارة.
ولكن يجب أن نعلم أن هذه المفطرات لا تُفسد الصوم إلاّ بشروط ثلاثة:
١ـ العلم. ٢ـ الذِّكر. ٣ـ الإرادة.
فإذا تناول الصائم شيئاً من هذه المفطرات جاهلاً، فصيامه صحيح، سواء كان جاهلاً بالوقت، أو كان جاهلاً بالحكم، مثال الجاهل بالوقت: أن يقوم الرجل في آخر الليل، ويظن أن الفجر لم يطلع، فيأكل ويشرب ويتبيَّن أن الفجر قد طلع، فهذا صومه صحيح؛ لأنه جاهل بالوقت.
ومثال الجاهل بالحكم: أن يحتجم الصائم وهو لا يعلم أن الحجامة مفطرة، فيُقال له صومك صحيح. والدليل على ذلك قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] هذا من القرآن.
ومن السنة: حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما الذي رواه البخاري في صحيحه (١) ، قالت: أفطرنا يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، ثم طلعت الشمس فصار إفطارهم في النهار، ولكنهم لا يعلمون بل ظنوا أن الشمس قد غربت ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنُقل إلينا. ولكن لو أفطر ظانًّا غروب الشمس وظهر أنها لم تغرب وجب عليه الإمساك حتى تغرب وصومه صحيح.
الشرط الثاني: أن يكون ذاكراً، وضد الذكر النسيان، فلو نسيَ الصائم فأكل أو شرب فصومه صحيح؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلّم فيما رواه أبوهريرة رضي الله عنه: «مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه»(رواه بخاري ومسلم) .
الشرط الثالث: الإرادة، فلو فعل الصائم شيئاً من هذه المفطرات بغير إرادة منه واختيار، فصومه صحيح، ولو أنه تمضمض ونزل الماء إلى بطنه بدون إرادة فصومه صحيح.
ولو أَكْرَه الرجلُ امرأته على الجماع ولم تتمكن من دفعه، فصومها صحيح؛ لأنها غير مريدة، ودليل ذلك قوله تعالى فيمن كفر مكرهاً: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} الآية [النحل: ١٠٦] .
فإذا أُكْرِه الصائم على الفطر أو فعل مُفطراً بدون إرادة، فلا شيء عليه وصومه صحيح.
( من كتاب ٤٨ سؤال في الصيام للشيخ بن عثيمين رحمه الله ج١ ص٨)
سؤال في الصيام يجيب عليها الشيخ بن عثيمين رحمه الله.
س١: ما هي المفطرات التي تُفَطّر الصائم؟
فأجاب الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
المفطرات في القرآن ثلاثة: الأكل، الشرب، الجماع، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧]
فبالنسبة للأكل والشرب سواء كان حلالاً أم حراماً، وسواء كان نافعاً أم ضاراً أو لا نافعاً ولا ضاراً، وسواء كان قليلاً أم كثيراً، وعلى هذا فشُرب الدخان مفطر، ولو كان ضاراً حراماً.
حتى إن العلماء قالوا: لو أن رجلاً بلع خرزة لأفطر. والخرزة لا تنفع البدن ومع ذلك تعتبر من المفطرات. ولو أكل عجيناً عجن بنجس لأفطر مع أنه ضار.
الثالث: الجماع.. وهو أغلظ أنواع المفطرات. لوجوب الكفارة فيه، والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
الرابع: إنزال المني بلذة، فإذا أخرجه الإنسان بلذة فسد صومه، ولكن ليس فيه كفارة، لأن الكفارة تكون في الجماع خاصة.
الخامس: الإبر التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب، وهي المغذية، أما الإبر غير المغذية فلا تُفسد الصيام سواء أخذها الإنسان بالوريد، أو بالعضلات، لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب.
السادس: القيء عمداً، فإذا تقيأ الإنسان عمداً فسد صومه، وإن غلبه القيء فليس عليه شيء.
السابع: خروج دم الحيض أو النفاس، فإذا خرج من المرأة دم الحيض أو النفاس ولو قبل الغروب بلحظة فسد الصوم.
وإن خرج دم النفاس أو الحيض بعد الغروب بلحظة واحدة صحَّ صومها.
الثامن: إخراج الدم بالحجامة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: «أفطر الحاجم والمحجوم»
)صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (
فإذا احتجم الرجل وظهر منه دم فسد صومه، وفسد صوم من حجمه إذا كانت بالطريقة المعروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، وهي أن الحاجم يمص قارورة الدم، أما إذا حجم بواسطة الآلات المنفصلة عن الحاجم، فإن المحجوم يُفطر، والحاجم لا يُفطر، وإذا وقعت هذه المفطرات في نهار رمضان من صائم يجب عليه الصوم، ترتب على ذلك
أربعة أمور: ١ـ الإثم. ٢ـ فساد الصوم. ٣ـ وجوب الإمساك بقية ذلك اليوم. ٤ـ وجوب القضاء.
وإن كان الفطر بالجماع ترتب على ذلك أمر خامس وهو الكفارة.
ولكن يجب أن نعلم أن هذه المفطرات لا تُفسد الصوم إلاّ بشروط ثلاثة:
١ـ العلم. ٢ـ الذِّكر. ٣ـ الإرادة.
فإذا تناول الصائم شيئاً من هذه المفطرات جاهلاً، فصيامه صحيح، سواء كان جاهلاً بالوقت، أو كان جاهلاً بالحكم، مثال الجاهل بالوقت: أن يقوم الرجل في آخر الليل، ويظن أن الفجر لم يطلع، فيأكل ويشرب ويتبيَّن أن الفجر قد طلع، فهذا صومه صحيح؛ لأنه جاهل بالوقت.
ومثال الجاهل بالحكم: أن يحتجم الصائم وهو لا يعلم أن الحجامة مفطرة، فيُقال له صومك صحيح. والدليل على ذلك قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] هذا من القرآن.
ومن السنة: حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما الذي رواه البخاري في صحيحه (١) ، قالت: أفطرنا يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، ثم طلعت الشمس فصار إفطارهم في النهار، ولكنهم لا يعلمون بل ظنوا أن الشمس قد غربت ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنُقل إلينا. ولكن لو أفطر ظانًّا غروب الشمس وظهر أنها لم تغرب وجب عليه الإمساك حتى تغرب وصومه صحيح.
الشرط الثاني: أن يكون ذاكراً، وضد الذكر النسيان، فلو نسيَ الصائم فأكل أو شرب فصومه صحيح؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلّم فيما رواه أبوهريرة رضي الله عنه: «مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه»(رواه بخاري ومسلم) .
الشرط الثالث: الإرادة، فلو فعل الصائم شيئاً من هذه المفطرات بغير إرادة منه واختيار، فصومه صحيح، ولو أنه تمضمض ونزل الماء إلى بطنه بدون إرادة فصومه صحيح.
ولو أَكْرَه الرجلُ امرأته على الجماع ولم تتمكن من دفعه، فصومها صحيح؛ لأنها غير مريدة، ودليل ذلك قوله تعالى فيمن كفر مكرهاً: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} الآية [النحل: ١٠٦] .
فإذا أُكْرِه الصائم على الفطر أو فعل مُفطراً بدون إرادة، فلا شيء عليه وصومه صحيح.
( من كتاب ٤٨ سؤال في الصيام للشيخ بن عثيمين رحمه الله ج١ ص٨)
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
.شروط صحة الصيام:
شروط صحة الصيام ثلاثة:
الإسلام؛ لأن الصيام عبادة، فلا يصح من كافر.
النية؛ لأن الصيام عبادة، فلا يصح إلا بنية.
الطهارة من الحيض والنفاس-وهذا خاص بالنساء-.
.وقت الصيام:
وقت الصيام يبدأ من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، من أي يوم.
البلاد التي لا تطلع عليها الشمس إلا لحظات، أو لا تغيب عنها الشمس إلا لحظات، أو لا تغيب عنها الشمس صيفاً، أو لا تطلع فيها الشمس شتاءً، أو البلاد التي يستمر نهارها ستة أشهر، وليلها كذلك، أو أكثر أو أقل ونحو ذلك:
فهذه البلاد يُقدَّر وقت الصلاة والصيام فيها بأقرب بلد إليهم يتميز فيه الليل من النهار، فيحددون أوقات الصلوات الخمس، وأول الشهر، ونهايته، وبدء الإمساك في رمضان، ووقت الإفطار، حسب توقيت ذلك البلد في الصيف والشتاء.
.مراحل فرض الصيام:
الصيام فيه نوع مشقة على النفوس، فأُخذت به على التدريج شيئاً فشيئاً لتعتاده وتألفه على ثلاث مراحل:
الأولى: فرض صيام عاشوراء، وهو العاشر من محرم.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ، فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ، صَامَهُ وَأمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ قال: «مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ». متفق عليه.
الثانية: ثم نُسخ إيجاب صيام عاشوراء، وفُرض صيام رمضان على التخيير بين الصيام والفدية كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [183] أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [184]} [البقرة:183- 184].
الثالثة: ثم فُرض صوم رمضان على كل مسلم بدون تخيير كما قال سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [185]}[البقرة:185].
.أقسام المسلمين في رمضان:
المسلمون في رمضان على ثلاثة أقسام:
قسم يجب عليه الصيام، وقسم يجب عليه الفطر، وقسم يجوز له الفطر والصوم.
الذين يجب عليهم الصيام:
وهم: كل مسلم، بالغ، عاقل، صحيح غير مريض، مقيم غير مسافر، والمرأة الطاهرة من الحيض والنفاس.
الذين يجب عليهم الفطر وعليهم القضاء:
الحائض والنفساء.
عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَألْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ فَقَالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أسْألُ، قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ. أخرجه مسلم.
من خشي الهلاك بصومه فيجب عليه الفطر لإنقاذ نفسه أو غيره.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [29]} [النساء:29].
الذين يجوز لهم الفطر والصوم هم:
الأول: المريض: وللمريض ثلاث حالات:
أن يكون مرضه يسيراً لا يتأثر بالصوم كالزكام والصداع اليسير، فهذا لا يجوز له أن يفطر.
أن يزيد مرضه بالصوم، أو يتأخر برؤه، ويشق عليه الصوم لكن لا يضره، فهذا يستحب له الفطر، ويكره له الصوم.
قال الله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [185]} [البقرة:185].
أن يشق عليه الصوم، ويتسبب في ضرر قد يفضي به إلى الهلاك، فهذا يجب عليه الفطر، ويحرم عليه الصوم؛ لما فيه من تعريض نفسه للهلاك، وهو محرم.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [29]} [النساء:29].
الثاني: المسافر: والمسافر له ثلاث حالات:
أن يشق عليه الصوم، أو يعوقه عن فعل الخير، فهذا الفطر في حقه أولى من الصيام.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَرَأى زِحَاماً وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا». فَقالوا: صَائِمٌ، فَقالَ:
«لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ». متفق عليه.
وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا المُفْطِرُ، قال: فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فِي يَوْمٍ حَارٍّ، أكْثَرُنَا ظِلاً صَاحِبُ الكِسَاءِ، وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ، قال: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ، وَقَامَ المُفْطِرُونَ، فَضَرَبُوا الأبْنِيَةِ وَسَقَوُا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليَوْمَ بِالأجْرِ». متفق عليه.
أن يشق عليه الصوم مشقة شديدة قد تفضي به إلى الهلاك، فهذا يجب عليه الفطر؛ حفظاً للنفس من الهلاك.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [29]} [النساء:29].
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَامَ الفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمِ، فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ، حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، فَقَالَ: «أولَئِكَ العُصَاةُ، أولَئِكَ العُصَاةُ». أخرجه مسلم.
أن لا يشق عليه الصوم، ولا يعوقه عن فعل الخير، فهذا الصوم في حقه أولى من الفطر.
قال الله تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [184]} [البقرة:184].
وَعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرو الأسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ الله! أجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ الله، فَمَنْ أخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، وَمَنْ أحَبَّ أنْ يَصُومَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ». متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّهَا قَالَتْ: سَألَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرو الأسْلَمِيُّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، عَنِ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأفْطِرْ». متفق عليه.
الثالث: الحامل والمرضع:
الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما، أو على الجنين، أو الرضيع، فيجوز لهما الفطر، وتطعمان عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليهما.
الرابع: المريض الذي لا يرجى برؤه، والشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة:
فهؤلاء يفطرون، ويطعمون عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليهم.
قال الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [184]} [البقرة:184].
.حكم الحائض أو النفساء إذا طهرت:
إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل الفجر فيجب عليها الصوم كغيرها، ويصح صومها وإن أخرت الغسل لما بعد الفجر.
إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء النهار فلا يلزمها الإمساك بقية اليوم، فلها أن تأكل وتشرب، ولزوجها أن يجامعها إذا قدم من سفر وهو مفطر.
يجوز للحائض أن تأكل ما يقطع الحيض من أجل رمضان أو الحج إذا لم يضرّ بها، وتأخذ-إذا انقطع الدم- حكم الطاهرات في الصيام، والصلاة، والطواف، والجماع، وفي كل ما يجوز للطاهرات.
المستحاضة، وهي التي لا ينقطع عنها الدم، لها حكم الطاهرات في كل شيء فتصوم، وتصلي كغيرها.
.وقت الفطر للمسافر:
إذا بدأ المسلم السفر قبل الفجر، فيجوز له الفطر؛ لأنه قد دخل في السفر.
أن يبدأ السفر بعد الفجر، فيباح له الفطر ذلك اليوم إذا فارق البلد، ولا يفطر قبل السفر؛ لأنه لا يجوز له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد، فكذلك لا يجوز أن يفطر حتى يخرج من البلد.
عَنِ ابْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: لا تَعِبْ عَلَى مَنْ صَامَ وَلا عَلَى مَنْ أفْطَرَ، قَدْ صَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فِي السَّفَرِ وَأفْطَرَ. متفق عليه.
أن ينوي الصوم وهو مسافر، ثم يبدو له أن يفطر، فيجوز له الفطر؛ لأنه من رخص السفر.
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ، وَلا المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. متفق عليه.
.حكم تقدم رمضان بالصيام:
لا يجوز لأحد تقدم رمضان بصيام يوم أو يومين من أجل الاحتياط لرمضان لما يلي:
تمييز فرائض العبادات عن نوافلها، وليستعد المسلم لصوم رمضان بنشاط ورغبة، ولأن صيام رمضان معلق برؤية الهلال، فمن تقدَّمه تنطَّعَ في الدين، وتجاوز الحدود التي فرضها الله.
يجوز للمسلم إذا كان عليه صوم واجب كقضاء رمضان، أو صوم نذر، أو له عادة صيام كصيام الإثنين أن يصوم قبل رمضان؛ لأن صومه ليس من أجل رمضان.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَتَقَدَّمَنَّ أحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أوْ يَوْمَيْنِ، إِلا أنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ». متفق عليه.
.حكم من ترك صيام رمضان:
من ترك صيام رمضان جاحداً لوجوبه كفر.
ومن ترك صيام رمضان تهاوناً وكسلاً فليس بكافر، لكنه آثم إثماً عظيماً، فتجب عليه التوبة، وقضاء ما ترك من الصيام الواجب.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وَإقَامِ الصَّلاةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفق عليه.
.3- فضائل الصيام:
.فقه فضائل الأعمال:
من رحمة الله عز وجل بعباده أن جعل لكل عمل صالح فضائل؛ لكي ترغب النفوس فيه، وتكثر منه.
وإذا عرف المسلم فضيلة العمل من صلاة، أو زكاة، أو صيام، أو حج أو غيرها، سهل عليه فعله، وزادت محبته في قلبه، ونشطت جوارحه لأدائه، وشمر لكسب الأجر الموعود عليه، وتلذذ بفعله والإكثار منه، وحفظ به أوقاته، ونافس فيه غيره.
قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [97]} [النحل:97].
.فضائل رمضان:
قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [185]} [البقرة:185].
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ».
متفق عليه.
وَعَنِ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لامْرَأةٍ مِنَ الأنْصَارِ-سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَهَا- «مَا مَنَعَكِ أنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟» قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلا نَاضِحَانِ، فَحَجَّ أبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ، قالَ: «فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً». متفق عليه.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه.
.فضائل صيام رمضان:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [183]}[البقرة:183].
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه». متفق عليه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ». متفق عليه.
.فضائل الصوم:
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ، هُوَ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ». متفق عليه.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أبْوَابٍ، فِيهَا باب يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لا يَدْخُلُهُ إِلا الصَّائِمُونَ». متفق عليه.
.فضل الصوم في سبيل الله:
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله، بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً». متفق عليه.
.4- أقسام الصيام:
أقسام الصيام:
الصيام الذي شرعه الله عز وجل قسمان:
صيام فرض، وصيام تطوع.
وصيام الفرض ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
صوم رمضان، وصوم الكفارات، وصوم النذر.
وصيام التطوع ينقسم إلى قسمين:
صيام التطوع المطلق كصيام ثلاثة أيام من كل شهر ونحوها.
وصيام التطوع المقيد كصوم يوم الإثنين، وصوم عرفة، وصوم عاشوراء، وصوم أيام البيض ونحو ذلك.
.أقسام الصيام من حيث الحكم:
الصيام على أربعة أوجه:
.1- الصوم الواجب:
وهو ثلاثة أنواع:
صوم شهر رمضان، والصوم الواجب بالنذر، والصوم الواجب في كفارة الجماع في نهار رمضان، وفي كفارة قتل الخطأ، وفي كفارة الظهار، وفي كفارة اليمين.
.2- الصوم المستحب:
وهو صوم التطوع، وهو أنواع منها:
صوم يوم الإثنين، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم يوم عرفة، وصوم يوم عاشوراء ونحو ذلك.
الصوم المكروه، وهو أنواع منها:
صيام أيام التشريق.. صوم المريض صوم المسافر الذي يشق عليه السفر.. صوم الدهر ونحو ذلك.
الصوم المحرم، وهو أنواع منها:
صوم الحائض، وصوم النفساء، وصوم يوم عيد الفطر، وصوم يوم عيد الأضحى، وصوم يوم الشك، والوصال ليوم أو يومين ونحو ذلك.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
.أنواع الصيام في الكفارات:
.1- كفارة الجماع:
في نهار رمضان هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ، يَا رَسُولَ الله! قالَ: «وَمَا أهْلَكَكَ؟». قال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأتِي فِي رَمَضَانَ، قال: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟» قال: لا، قال: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟». قال: لا، قال: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟». قال: لا، قال: ثُمَّ جَلَسَ، فَأتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تمرٌ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا». قال: أفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أهْلُ بَيْتٍ أحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قال: «اذْهَبْ فَأطْعِمْهُ أهْلَكَ». متفق عليه.
.2- كفارة قتل الخطأ:
بأن يقتل مؤمناً خطأً، فيجب عليه أن يعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين.
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [92]}[النساء:92].
.3- كفارة الظهار:
كأن يقول الزوج لزوجته: أنت علي كظهر أمي يريد تحريمها، فيجب عليه قبل أن يمس زوجته عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [3] فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [4]} [المجادلة:3، 4].
.4- كفارة اليمين:
بأن يحلف المسلم على شيء فيحنث فيه، فيجب عليه على التخيير:
عتق رقبة مؤمنة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم.
فإن لم يجد شيئاً من ذلك فيجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام.
قال الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [89]} [المائدة:89].
.5- كفارة جزاء الصيد:
بأن يقتل المحرم بالحج أو العمرة صيداً برياً، فيجب عليه أن يقوِّمه بدراهم، ويطعم كل مسكين نصف صاع، أو يصوم عن طعام كل مسكين يوماً.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ [95]} [المائدة:95].
.الأشياء التي لا ينقطع بها تتابع الصيام:
من وجب عليه صيام شهرين متتابعين فإنه لا يقطع التتابع ما يلي:
العيدان، والسفر المبيح للفطر، والمرض المبيح للفطر، والحيض، والنفاس.
.5- أحكام الصيام:
.ثبوت دخول رمضان:
يجب صيام رمضان إذا ثبت دخول الشهر.
ويثبت دخول شهر رمضان بأحد أمرين:
رؤية هلال رمضان.
فإذا شهد بدخول رمضان مسلم، عدل، قوي البصر، رجلاً كان أو امرأة فقد ثبت دخوله، ووجب صومه.
إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً.
فإذا لم ير الناس الهلال مع صحو السماء ليلة الثلاثين من شعبان أصبحوا مفطرين، وكذا لو حال دون رؤيته غيم أو قتر فإنه لا يصام.
قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُ} [البقرة:185].
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ». متفق عليه.
.أحكام رؤية الهلال:
الطريق إلى معرفة دخول الشهر هو رؤية الهلال بالبصر لا بالحساب الفلكي.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «إِنَّا أمَّةٌ أمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاثِينَ. متفق عليه.
إذا رأى هلال رمضان جمع من المسلمين العدول وجب صومه، ويجوز الاكتفاء بخبر الواحد إن كان ثقة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: تَرَاءَى النَّاسُ الهِلاَلَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بصِيَامِهِ. أخرجه أبو داود.
إذا رأى هلال شوال اثنان من المسلمين العدول وجب الإفطار، ولا يقبل في خروج رمضان أقل من شاهدين.
عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ زَيْد قَالَ: أَلاَ إِنِّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَسَاءَلْتُهُمْ، وَإِنَّهُمْ حَدَّثونِي أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ وَانْسُكُوا لَهَا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثلاَثِينَ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا». أخرجه أحمد والنسائي.
إذا صام الناس بشهادة واحدٍ ثلاثين يوماً فلم ير الهلال، لم يفطروا حتى يروا الهلال.
إذا صام الناس ثمانية وعشرين يوماً ثم رأوا هلال شوال فيجب عليهم أن يفطروا، ويصوموا يوماً بعد العيد قضاء؛ لأن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوماً.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ، فَقالَ: «لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلالَ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». متفق عليه.
إذا رئي الهلال نهاراً فهو لليلة المقبلة، فإن غاب قبل الشمس فهو لليلة الماضية.
.حكم من رأى الهلال ورُدّ قوله:
من رأى من المسلمين الهلال وحده، ورُدَّ قوله فإنه يصوم سراً إذا رأى هلال رمضان، ويفطر سراً إذا رأى هلال شوال؛ لئلا يخالف الجماعة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا رَأيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأيْتُمُوهُ فَأفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». متفق عليه.
.حكم صوم يوم الشك:
يوم الشك: هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر ونحوهما مما يمنع الرؤية.
إذا تبين أن يوم الشك من رمضان، فمن صامه بنية أنه من رمضان فصومه صحيح، ومن صامه احتياطاً لرمضان مع صحو السماء فهو آثم، وصومه غير صحيح.
عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ أخرجه أبو داود والترمذي.
من أفطر يوم الشك ثم تبين في أثناء النهار أنه من رمضان وقد أكل وشرب فيجب عليه الإمساك بقية اليوم، ولا يلزمه القضاء؛ لأن النية تتبع العلم، والعلم لم يحصل إلا أثناء النهار، والله لم يكلف أحداً أن ينوي ما لم يعلم.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ أسْلَمَ: «أنْ أذِّنْ فِي النَّاسِ: أنَّ مَنْ كَانَ أكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ». متفق عليه.
.حكم إعلان رؤية الهلال:
صيام رمضان من العبادات العامة العظمى، فيجب على إمام المسلمين إذا ثبتت لديه رؤية الهلال شرعاً أن يعلن للمسلمين دخول شهر رمضان وخروجه، بأوسع وسيلة مباحة، وأسرعها بلاغاً؛ ليتمكن المسلمون من فعل ما يجب، وما يسن، في وقت مبكر.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ أسْلَمَ: «أنْ أذِّنْ فِي النَّاسِ: أنَّ مَنْ كَانَ أكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ». متفق عليه.
.اختلاف المطالع:
التوقيت اليومي يختلف من بلد إلى بلد، فإذا طلع الفجر في المشرق فلا يلزم أهل المغرب أن يمسكوا في نفس الوقت؛ لأن الليل قد يكون بدأ عندهم.
ولو غابت الشمس في المشرق فلا يجوز لأهل المغرب الفطر؛ لأنه عندهم قد يكون بدأ النهار، وهذا أمر معقول ومحسوس ومعلوم.
كما يختلف المسلمون في الإمساك والإفطار اليومي في كل بلد، فكذلك لابد أن يختلفوا في الإمساك والإفطار الشهري؛ لأنه لكل بلد رؤيتهم، ولا يلزم غيرهم الصوم معهم.
عَنْ كُرَيْبٍ أنَّهُ كَانَ فِيَ رَمَضَانِ بِالشَّامِ ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ فَسَألَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَتَى رَأيْتُمُ الهِلالَ؟ فَقُلْتُ: رَأيْنَاهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: أنْتَ رَأيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: لَكِنَّا رَأيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلاثِينَ، أوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أوَ لا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لا، هَكَذَا أمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم.
إذا رؤي الهلال في بلد فإنه يجب الصوم على أهل البلاد التي لا تختلف مطالعها، وإذا اختلفت المطالع لم يجب.
.من يلزمه الصوم بالرؤية:
إذا رأى الهلال أهل بلد لزمهم الصوم، وحيث أن مطالع الهلال مختلفة، فلكل إقليم، أو قطر، أو بلد حكم يخصه في بدء الصيام ونهايته حسب رؤيتهم، وفي الإمساك والإفطار اليومي.
.1- كفارة الجماع:
في نهار رمضان هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ، يَا رَسُولَ الله! قالَ: «وَمَا أهْلَكَكَ؟». قال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأتِي فِي رَمَضَانَ، قال: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟» قال: لا، قال: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟». قال: لا، قال: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟». قال: لا، قال: ثُمَّ جَلَسَ، فَأتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تمرٌ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا». قال: أفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أهْلُ بَيْتٍ أحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قال: «اذْهَبْ فَأطْعِمْهُ أهْلَكَ». متفق عليه.
.2- كفارة قتل الخطأ:
بأن يقتل مؤمناً خطأً، فيجب عليه أن يعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين.
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [92]}[النساء:92].
.3- كفارة الظهار:
كأن يقول الزوج لزوجته: أنت علي كظهر أمي يريد تحريمها، فيجب عليه قبل أن يمس زوجته عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [3] فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [4]} [المجادلة:3، 4].
.4- كفارة اليمين:
بأن يحلف المسلم على شيء فيحنث فيه، فيجب عليه على التخيير:
عتق رقبة مؤمنة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم.
فإن لم يجد شيئاً من ذلك فيجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام.
قال الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [89]} [المائدة:89].
.5- كفارة جزاء الصيد:
بأن يقتل المحرم بالحج أو العمرة صيداً برياً، فيجب عليه أن يقوِّمه بدراهم، ويطعم كل مسكين نصف صاع، أو يصوم عن طعام كل مسكين يوماً.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ [95]} [المائدة:95].
.الأشياء التي لا ينقطع بها تتابع الصيام:
من وجب عليه صيام شهرين متتابعين فإنه لا يقطع التتابع ما يلي:
العيدان، والسفر المبيح للفطر، والمرض المبيح للفطر، والحيض، والنفاس.
.5- أحكام الصيام:
.ثبوت دخول رمضان:
يجب صيام رمضان إذا ثبت دخول الشهر.
ويثبت دخول شهر رمضان بأحد أمرين:
رؤية هلال رمضان.
فإذا شهد بدخول رمضان مسلم، عدل، قوي البصر، رجلاً كان أو امرأة فقد ثبت دخوله، ووجب صومه.
إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً.
فإذا لم ير الناس الهلال مع صحو السماء ليلة الثلاثين من شعبان أصبحوا مفطرين، وكذا لو حال دون رؤيته غيم أو قتر فإنه لا يصام.
قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُ} [البقرة:185].
وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ». متفق عليه.
.أحكام رؤية الهلال:
الطريق إلى معرفة دخول الشهر هو رؤية الهلال بالبصر لا بالحساب الفلكي.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «إِنَّا أمَّةٌ أمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاثِينَ. متفق عليه.
إذا رأى هلال رمضان جمع من المسلمين العدول وجب صومه، ويجوز الاكتفاء بخبر الواحد إن كان ثقة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: تَرَاءَى النَّاسُ الهِلاَلَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بصِيَامِهِ. أخرجه أبو داود.
إذا رأى هلال شوال اثنان من المسلمين العدول وجب الإفطار، ولا يقبل في خروج رمضان أقل من شاهدين.
عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ زَيْد قَالَ: أَلاَ إِنِّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَسَاءَلْتُهُمْ، وَإِنَّهُمْ حَدَّثونِي أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ وَانْسُكُوا لَهَا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثلاَثِينَ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا». أخرجه أحمد والنسائي.
إذا صام الناس بشهادة واحدٍ ثلاثين يوماً فلم ير الهلال، لم يفطروا حتى يروا الهلال.
إذا صام الناس ثمانية وعشرين يوماً ثم رأوا هلال شوال فيجب عليهم أن يفطروا، ويصوموا يوماً بعد العيد قضاء؛ لأن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوماً.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ، فَقالَ: «لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلالَ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». متفق عليه.
إذا رئي الهلال نهاراً فهو لليلة المقبلة، فإن غاب قبل الشمس فهو لليلة الماضية.
.حكم من رأى الهلال ورُدّ قوله:
من رأى من المسلمين الهلال وحده، ورُدَّ قوله فإنه يصوم سراً إذا رأى هلال رمضان، ويفطر سراً إذا رأى هلال شوال؛ لئلا يخالف الجماعة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا رَأيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأيْتُمُوهُ فَأفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». متفق عليه.
.حكم صوم يوم الشك:
يوم الشك: هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر ونحوهما مما يمنع الرؤية.
إذا تبين أن يوم الشك من رمضان، فمن صامه بنية أنه من رمضان فصومه صحيح، ومن صامه احتياطاً لرمضان مع صحو السماء فهو آثم، وصومه غير صحيح.
عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ أخرجه أبو داود والترمذي.
من أفطر يوم الشك ثم تبين في أثناء النهار أنه من رمضان وقد أكل وشرب فيجب عليه الإمساك بقية اليوم، ولا يلزمه القضاء؛ لأن النية تتبع العلم، والعلم لم يحصل إلا أثناء النهار، والله لم يكلف أحداً أن ينوي ما لم يعلم.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ أسْلَمَ: «أنْ أذِّنْ فِي النَّاسِ: أنَّ مَنْ كَانَ أكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ». متفق عليه.
.حكم إعلان رؤية الهلال:
صيام رمضان من العبادات العامة العظمى، فيجب على إمام المسلمين إذا ثبتت لديه رؤية الهلال شرعاً أن يعلن للمسلمين دخول شهر رمضان وخروجه، بأوسع وسيلة مباحة، وأسرعها بلاغاً؛ ليتمكن المسلمون من فعل ما يجب، وما يسن، في وقت مبكر.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ أسْلَمَ: «أنْ أذِّنْ فِي النَّاسِ: أنَّ مَنْ كَانَ أكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ». متفق عليه.
.اختلاف المطالع:
التوقيت اليومي يختلف من بلد إلى بلد، فإذا طلع الفجر في المشرق فلا يلزم أهل المغرب أن يمسكوا في نفس الوقت؛ لأن الليل قد يكون بدأ عندهم.
ولو غابت الشمس في المشرق فلا يجوز لأهل المغرب الفطر؛ لأنه عندهم قد يكون بدأ النهار، وهذا أمر معقول ومحسوس ومعلوم.
كما يختلف المسلمون في الإمساك والإفطار اليومي في كل بلد، فكذلك لابد أن يختلفوا في الإمساك والإفطار الشهري؛ لأنه لكل بلد رؤيتهم، ولا يلزم غيرهم الصوم معهم.
عَنْ كُرَيْبٍ أنَّهُ كَانَ فِيَ رَمَضَانِ بِالشَّامِ ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ فَسَألَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَتَى رَأيْتُمُ الهِلالَ؟ فَقُلْتُ: رَأيْنَاهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: أنْتَ رَأيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: لَكِنَّا رَأيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلاثِينَ، أوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أوَ لا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لا، هَكَذَا أمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم.
إذا رؤي الهلال في بلد فإنه يجب الصوم على أهل البلاد التي لا تختلف مطالعها، وإذا اختلفت المطالع لم يجب.
.من يلزمه الصوم بالرؤية:
إذا رأى الهلال أهل بلد لزمهم الصوم، وحيث أن مطالع الهلال مختلفة، فلكل إقليم، أو قطر، أو بلد حكم يخصه في بدء الصيام ونهايته حسب رؤيتهم، وفي الإمساك والإفطار اليومي.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
.حكم صوم جميع المسلمين برؤية واحدة:
يجوز أن يصوم المسلمون جميعاً في أقطار الأرض برؤية واحدة، ويفطرون برؤية واحدة، خاصة في هذا الزمان الذي يمكن فيه إبلاغ الخبر للعالم كله في أقل من دقيقة واحدة.
وهذا أمر حسن يدل على وحدة المسلمين، واجتماع كلمتهم، وإلى أن يتحقق ذلك إن شاء الله تعالى، فعلى كل مسلم في أنحاء الأرض أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم أهل البلد على أنفسهم فيصوم بعضهم معها، وبعضهم مع غيرها؛ حسماً لمادة الفرقة التي نهى الله عنها.
ليلة القدر واحدة لا تتعدد-ولو اختلفت المطالع-، فإذا كانت ليلة القدر في ليلة سبع وعشرين في بلد، فهي ليلة القدر في العالم كله، ولو لم تكن ليلة سبع وعشرين.
.حكم من لم يعلم بدخول رمضان:
من لم يعلم بدخول رمضان فحكمه في وجوب الصوم من وقت علمه، فيمسك إن كان في النهار، ولا قضاء عليه.
من نام ليلة الثلاثين من شعبان وقال إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فصام، ثم تبين أنه أول يوم من رمضان، فصومه صحيح؛ لأن تردده في ثبوت الشهر، لا في نية الصيام.
.حكم نية الصيام:
الصيام مركب من ركنين: النية، والإمساك عن المفطرات.
فلو أمسك عن الطعام بلا نية الصيام فلا صيام له، وإذا نوى الإفطار أفطر ولو لم يأكل؛ لأنه سقط الركن الأول، الذي هو أساس الأعمال، وأعظم مقومات العبادة، وهو النية.
يجب على المسلم ليحصل على الأجر أن يصوم رمضان إيماناً واحتساباً، لا رياء ولا سمعة، ولا تقليداً للناس، ولا متابعة لأهل بلده، بل يصوم لأن الله أمره، ويحتسب الأجر عند الله.
يجب على المسلم تعيين نية الصيام من الليل قبل طلوع الفجر للصوم الواجب كصوم رمضان؛ لأن الصوم عبادة لها بداية ونهاية، فلابد أن تسبقه النية.
السنة في صيام التطوع أن ينويه قبل الفجر، ويصح صوم التطوع بنية من النهار إن لم يفعل ما يفطِّر بعد طلوع الفجر.
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟». فَقُلْنَا: لا، قال: «فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ». ثُمَّ أتَانَا يَوْماً آخَرَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: «أرِينِيهِ، فَلَقَدْ أصْبَحْتُ صَائِماً». فَأكَلَ. أخرجه مسلم.
من نوى الصوم ثم تسحر وغلبه النوم، ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس، فصومه صحيح ولا قضاء عليه.
.حكم صوم رمضان بنية من النهار:
يجب صوم رمضان بنية من الليل، ويصح صومه بنية من النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل، كما لو قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار، فإنه يمسك بقية يومه ولا يلزمه القضاء وإن كان قد أكل؛ لأن الأحكام الشرعية لا تلزم إلا بعد العلم بها، والتمكن من العمل بها.
من وجب عليه الصوم نهاراً كالمجنون يفيق، والصبي يبلغ، والكافر يسلم، هؤلاء تُجزيهم النية من النهار حين الوجوب، ولو بعد أن أكلوا وشربوا، ولا قضاء عليهم.
.حكم صوم المجنون:
المجنون ليس من المكلفين، فلا تجب عليه عبادة.
وإذا جُن المسلم جميع النهار في رمضان من قبل الفجر أو بعد الفجر إلى غروب الشمس، فلا يصح صومه، ولا يلزمه القضاء؛ لأنه ليس أهلاً للعبادة.
.حكم صوم المغمى عليه:
من نوى الصوم، ثم صام فأغمي عليه جميع النهار أو بعضه فصومه صحيح إن شاء الله.
من فقد شعوره بإغماء، أو مرض، أو جنون، ثم أفاق، فلا يلزمه قضاء الصوم والصلاة؛ لارتفاع التكليف عنه.
من فقد شعوره بفعله واختياره بسكر ونحوه ثم أفاق فعليه التوبة والاستغفار، ويلزمه قضاء ما تركه من صوم وصلاة.
.حكم صوم النائم:
إذا تسحر المسلم ثم نام ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس:
فإن كان معذوراً فصومه صحيح، ولا قضاء عليه.
وإن كان غير معذور فصومه صحيح، لكنه آثم بالنوم عن الصلوات المفروضة.. وتعطيل وقت الطاعة والعمل.. والإسراف في النوم.
فعليه التوبة والاستغفار، وقضاء ما فاته من الصلوات.
.حكم صوم الصبي:
العبادات لا تجب إلا على البالغ العاقل، لكن ينبغي لولي أمر الصغير أن يأمره بالصيام، ويرغبه فيه، ليعتاد عليه من الصغر ما دام مستطيعاً له.
عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالتْ: أرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأنْصار:«مَنْ أصْبَحَ مُفْطِراً فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أصْبَحَ صَائِماً فَليَصُمْ». قالتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإفْطَار. متفق عليه.
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثلاَثةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ». أخرجه أبو داود والترمذي.
.حكم صوم رمضان بنية واحدة:
صوم رمضان عبادة واحدة مستقلة مركبة من أجزاء وهي الأيام، كالصلاة عبادة مستقلة مركبة من أركان وهي القيام والركوع والسجود وغيرها، فيجوز صوم رمضان بنية واحدة في أول الشهر، وكذا كل صيام متتابع كصوم كفارة الجماع في نهار رمضان، وكفارة الظهار وقتل الخطأ ونحوها، ما لم يقطعه بسفر أو مرض، أو يصيب المرأة حيض أو نفاس، فيلزم حينئذ استئناف النية.
يجب تعيين نية الصوم من واجب أو تطوع، فينوي ما يصوم له من أداء رمضان أو قضائه أو نذر أو كفارة أو تطوع.
عَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أوْ إلَى امْرَأةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ». متفق عليه.
.حكم من صام في بلد ثم سافر:
إذا صام المسلم في بلد ثم سافر إلى بلد آخر فحكمه في الصيام والإفطار حكم البلد الذي انتقل إليه، فيفطر معهم إذا أفطروا.
وإن أفطر معهم لأقل من تسعة وعشرين يوماً قضى يوماً بعد العيد، ولو صام معهم أكثر من ثلاثين يوماً فلا يفطر إلا معهم.
.حكم من صام أو أفطر خطأً:
إذا أذن المؤذن قبل الوقت، ثم أفطر بعض المسلمين بأذانه، فعليهم قضاء ذلك اليوم، وهكذا لو تأخر المؤذن فلم يؤذن إلا بعد وقت طويل من طلوع الفجر، فأمسكوا بأذانه، فعليهم قضاء ذلك اليوم؛ لأن الله عز وجل حد حدوداً، وجعل لكل عبادة بداية ونهاية، وأوجب على المسلم أن يصوم يوماً كاملاً من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وحق الله يجب ضمانه.
وهذا الخطأ يُسقط الإثم، ولكنه لا يُسقط الحق، فالحق ثابت، ودَيْن الله أحق أن يُقضى.
إذا صام المسلمون وحال دون الشمس غيم أو قتر فأفطروا ثم طلعت الشمس، أمسكوا إلى الغروب، وصومهم صحيح، ولا قضاء عليهم.
عَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَتْ: أفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. أخرجه البخاري.
.حكم الصيام في السفر:
لكل مسلم في الصلاة والصيام حكم المكان الذي هو فيه، فالصائم يمسك ويفطر في المكان الذي هو فيه، سواء كان على سطح الأرض، أو كان على سفينة في البحر، أو كان على طائرة في الجو.
والمسافر في رمضان له ثلاث حالات:
إن كان الصيام والفطر بالنسبة له سواء فالصيام أولى.
وإن كان يشق عليه الصيام في السفر فالفطر أولى.
وإن كان يشق عليه الصيام في السفر مشقة شديدة فالفطر في حقه واجب، ويقضي فيما بعد.
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ، وَلا المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. متفق عليه.
.حكم صيام الكبير والعاجز:
العاجز عن الصيام لا يخلو من أمرين:
أن يكون عجزه غير مستمر، فهذا يفطر ويقضي.
أن يكون المرض مستمراً، وعجزه مستمراً، كالمريض الذي لا يرجى برؤه، والكبير الذي لا يقدر على الصيام، فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً.
من أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، مقيماً كان أو مسافراً، أطعم عن كل يوم مسكيناً، ويكفيه ذلك عن الصيام.
من أصابه الخرف والتخليط فلا صيام عليه ولا كفارة؛ لأنه مرفوع عنه القلم.
قال الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [184]} [البقرة:184].
.صفة الإطعام:
إذا لم يستطع المسلم الصيام لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم عن كل يوم مسكيناً، وله في الإطعام طريقان:
الأول: أن يصنع طعاماً حسب طعام أوسط الناس في بلده، ويطعمه ثلاثين فقيراً عن كامل شهر رمضان.
الثاني: أن يعطي الفقراء ستة أصواع من أرز أو بر أو نحوهما من طعام بلده، ويقسمها على الثلاثين، ومعها اللحم الذي يكفيها أو غيره، حسب عادة بلده، ويخرجها عن كامل شهر رمضان.
.وقت الإطعام:
من أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فهو بالخيار:
إن شاء أطعم عن كل يوم من رمضان بيومه.. وإن شاء قدَّم الإطعام عن الشهر كله في أول رمضان.. وإن شاء أخره كله إلى آخر يوم.
فالحمد؟ على حسن التسهيل والتيسير: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [185]} [البقرة:185].
.6- سنن الصيام:
.سنن الصيام:
للصيام سنن وآداب ينبغي للمسلم فعلها والحرص عليها، ليكمل صيامه، ويزيد أجره، ويحصل له كمال التقوى.
وأهم سنن الصيام في رمضان ما يلي:
أكل السحور.. وتأخير السحور.. وتعجيل الفطر.. والفطر على الرطب أو التمر.. والدعاء عند الفطر.. والجود بأنواع الخير.. والإكثار من الصدقة والإطعام.. وقراءة القرآن ومدارسته.. والمحافظة على صلاة التراويح في رمضان.. وقيام الليل.. وإحياء الليل في العشر الأواخر من رمضان بأنواع العبادة.. وتحري ليلة القدر.. وقيام ليلتها.. والاعتكاف.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [183]}[البقرة:183].
.فضل أكل السحور:
عَنْ أنَس بن مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً». متفق عليه.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أهْلِ الكِتَابِ، أكْلَةُ السَّحَرِ». أخرجه مسلم.
.أفضل السحور:
يسن للمسلم إذا أراد الصيام أن يتسحر بما تيسر من طعام حلال من تمر ونحوه.
قال الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة:187].
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نِعْمَ سَحُورُ المُؤْمِنِ التَّمْرُ». أخرجه أبو داود.
.وقت السحور:
يسن تأخير السحور إلى ما قبل أذان الفجر الثاني بمقدار خمسين آية = خمس دقائق تقريباً.
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قال: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. متفق عليه.
2- وَعَنْ ابنِ عُمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ بِلالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أمِّ مَكْتُومٍ». ثُمَّ قال: وَكَانَ رَجُلاً أعْمَى، لا يُنَادِي حَتَّى يُقال لَهُ: أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ. متفق عليه.
.بركة السحور:
في السحور بركات حسية ومعنوية وشرعية منها:
1- امتثال أمر الله ورسوله، وهذه أعظم البركات.
2- أن الأكل جعله الله سبباً يقوي الصائم على طاعة الله وعبادته.
3- أن السحور يعطي الصائم قوة لا يمل معها من العبادة.
4- أن السحور يكون سبباً للقيام من النوم في وقت السحر، الذي هو وقت الدعاء والاستغفار، ووقت نزول الرب عز وجل إلى السماء الدنيا.
5- أن السحور يكون سبباً لصلاة الفجر مع الجماعة في وقتها الفاضل.
6- في أكل السحور مخالفة أهل الكتاب وهي مطلوبة شرعاً.
7- أن المسلم إذا قام للسحور يحصل منه للمسلمين خير ينتفع به غيره من طعام، أو مال، أو علم، أو قضاء حاجة.
عَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ:«هَلُمَّ إِلَى الغَدَاءِ المُبَارَكِ». أخرجه أحمد وأبو داود.
.حكم من سمع النداء والإناء في يده:
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالإنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلاَ يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ». أخرجه أبو داود.
.وقت فطر الصائم:
1- عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ». متفق عليه.
2- وَعَنْ عَبْدالله بن أبِي أوْفَى رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قالَ: يَا رَسُولَ الله، لَوْ أمْسَيْتَ؟ قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ عَلَيْكَ نَهَاراً، قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». فَنَزَلَ فَجَدَحَ، ثُمَّ قال: «إِذَا رَأيْتُمُ اللَّيْلَ أقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ». وَأشَارَ بِإِصْبَعِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ. متفق عليه.
.فضل تعجيل الفطر:
1- يستحب للصائم تعجيل الفطر إذا سمع الأذان، أو تحقق غروب الشمس، وتعجيل الفطر دليل على بقاء الخير عند من عجله، ورأس الخير هو اتباع السنة، الذي هو أساس خيري الدنيا والآخرة.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ». متفق عليه.
2- تعجيل الفطر شعار أهل الإسلام، وتأخير الفطر شعار أهل الكتاب.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِراً مَا عَجَّلَ النَّاسُ الفِطْرَ، لأَنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ». أخرجه أبو داود وابن ماجه.
.حكم تعجيل المغرب والإفطار:
يسن للصائم أن يفطر إذا سمع الأذان، ثم يصلي المغرب في وقتها.
عَنْ أبِي عَطِيَّةَ قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَمَسْرُوقٌ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا مَسْرُوقٌ: رَجُلانِ مِنْ أصْحَابِ محمد صلى الله عليه وسلم، كِلاهُمَا لا يَأْلُو عَنِ الخَيْرِ، أحَدُهُمَا يُعَجِّلُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ، وَالآخَرُ يُؤَخِّرُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ، فَقَالَتْ: مَنْ يُعَجِّلُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ؟ قال: عَبْدُالله، فَقَالَتْ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ. أخرجه مسلم.
.ما يفطر به الصائم:
السنة أن يفطر الصائم على الرطب أو التمر، فإن لم يتيسر أفطر على الماء، فإن لم يتيسر أفطر على ما تيسر من طعام أو شراب حلال، فإن لم يجد ما يفطر عليه نوى بقلبه الفطر.
1- عَنْ أَنَس بن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمرَاتٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ. أخرجه أبو داود والترمذي.
2- وعَنْ عَبْدِالله بْنِ أبِي أوْفَى رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قالَ لِبَعْضِ القَوْمِ: «يَا فُلانُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا». فَقال: يَا رَسُولَ الله لَوْ أمْسَيْتَ؟ قالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قالَ: يَا رَسُولَ الله، فَلَوْ أمْسَيْتَ؟ قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَاراً، قالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال: «إِذَا رَأيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ». متفق عليه.
يجوز أن يصوم المسلمون جميعاً في أقطار الأرض برؤية واحدة، ويفطرون برؤية واحدة، خاصة في هذا الزمان الذي يمكن فيه إبلاغ الخبر للعالم كله في أقل من دقيقة واحدة.
وهذا أمر حسن يدل على وحدة المسلمين، واجتماع كلمتهم، وإلى أن يتحقق ذلك إن شاء الله تعالى، فعلى كل مسلم في أنحاء الأرض أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم أهل البلد على أنفسهم فيصوم بعضهم معها، وبعضهم مع غيرها؛ حسماً لمادة الفرقة التي نهى الله عنها.
ليلة القدر واحدة لا تتعدد-ولو اختلفت المطالع-، فإذا كانت ليلة القدر في ليلة سبع وعشرين في بلد، فهي ليلة القدر في العالم كله، ولو لم تكن ليلة سبع وعشرين.
.حكم من لم يعلم بدخول رمضان:
من لم يعلم بدخول رمضان فحكمه في وجوب الصوم من وقت علمه، فيمسك إن كان في النهار، ولا قضاء عليه.
من نام ليلة الثلاثين من شعبان وقال إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فصام، ثم تبين أنه أول يوم من رمضان، فصومه صحيح؛ لأن تردده في ثبوت الشهر، لا في نية الصيام.
.حكم نية الصيام:
الصيام مركب من ركنين: النية، والإمساك عن المفطرات.
فلو أمسك عن الطعام بلا نية الصيام فلا صيام له، وإذا نوى الإفطار أفطر ولو لم يأكل؛ لأنه سقط الركن الأول، الذي هو أساس الأعمال، وأعظم مقومات العبادة، وهو النية.
يجب على المسلم ليحصل على الأجر أن يصوم رمضان إيماناً واحتساباً، لا رياء ولا سمعة، ولا تقليداً للناس، ولا متابعة لأهل بلده، بل يصوم لأن الله أمره، ويحتسب الأجر عند الله.
يجب على المسلم تعيين نية الصيام من الليل قبل طلوع الفجر للصوم الواجب كصوم رمضان؛ لأن الصوم عبادة لها بداية ونهاية، فلابد أن تسبقه النية.
السنة في صيام التطوع أن ينويه قبل الفجر، ويصح صوم التطوع بنية من النهار إن لم يفعل ما يفطِّر بعد طلوع الفجر.
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟». فَقُلْنَا: لا، قال: «فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ». ثُمَّ أتَانَا يَوْماً آخَرَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: «أرِينِيهِ، فَلَقَدْ أصْبَحْتُ صَائِماً». فَأكَلَ. أخرجه مسلم.
من نوى الصوم ثم تسحر وغلبه النوم، ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس، فصومه صحيح ولا قضاء عليه.
.حكم صوم رمضان بنية من النهار:
يجب صوم رمضان بنية من الليل، ويصح صومه بنية من النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل، كما لو قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار، فإنه يمسك بقية يومه ولا يلزمه القضاء وإن كان قد أكل؛ لأن الأحكام الشرعية لا تلزم إلا بعد العلم بها، والتمكن من العمل بها.
من وجب عليه الصوم نهاراً كالمجنون يفيق، والصبي يبلغ، والكافر يسلم، هؤلاء تُجزيهم النية من النهار حين الوجوب، ولو بعد أن أكلوا وشربوا، ولا قضاء عليهم.
.حكم صوم المجنون:
المجنون ليس من المكلفين، فلا تجب عليه عبادة.
وإذا جُن المسلم جميع النهار في رمضان من قبل الفجر أو بعد الفجر إلى غروب الشمس، فلا يصح صومه، ولا يلزمه القضاء؛ لأنه ليس أهلاً للعبادة.
.حكم صوم المغمى عليه:
من نوى الصوم، ثم صام فأغمي عليه جميع النهار أو بعضه فصومه صحيح إن شاء الله.
من فقد شعوره بإغماء، أو مرض، أو جنون، ثم أفاق، فلا يلزمه قضاء الصوم والصلاة؛ لارتفاع التكليف عنه.
من فقد شعوره بفعله واختياره بسكر ونحوه ثم أفاق فعليه التوبة والاستغفار، ويلزمه قضاء ما تركه من صوم وصلاة.
.حكم صوم النائم:
إذا تسحر المسلم ثم نام ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس:
فإن كان معذوراً فصومه صحيح، ولا قضاء عليه.
وإن كان غير معذور فصومه صحيح، لكنه آثم بالنوم عن الصلوات المفروضة.. وتعطيل وقت الطاعة والعمل.. والإسراف في النوم.
فعليه التوبة والاستغفار، وقضاء ما فاته من الصلوات.
.حكم صوم الصبي:
العبادات لا تجب إلا على البالغ العاقل، لكن ينبغي لولي أمر الصغير أن يأمره بالصيام، ويرغبه فيه، ليعتاد عليه من الصغر ما دام مستطيعاً له.
عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالتْ: أرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأنْصار:«مَنْ أصْبَحَ مُفْطِراً فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أصْبَحَ صَائِماً فَليَصُمْ». قالتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإفْطَار. متفق عليه.
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثلاَثةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ». أخرجه أبو داود والترمذي.
.حكم صوم رمضان بنية واحدة:
صوم رمضان عبادة واحدة مستقلة مركبة من أجزاء وهي الأيام، كالصلاة عبادة مستقلة مركبة من أركان وهي القيام والركوع والسجود وغيرها، فيجوز صوم رمضان بنية واحدة في أول الشهر، وكذا كل صيام متتابع كصوم كفارة الجماع في نهار رمضان، وكفارة الظهار وقتل الخطأ ونحوها، ما لم يقطعه بسفر أو مرض، أو يصيب المرأة حيض أو نفاس، فيلزم حينئذ استئناف النية.
يجب تعيين نية الصوم من واجب أو تطوع، فينوي ما يصوم له من أداء رمضان أو قضائه أو نذر أو كفارة أو تطوع.
عَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أوْ إلَى امْرَأةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ». متفق عليه.
.حكم من صام في بلد ثم سافر:
إذا صام المسلم في بلد ثم سافر إلى بلد آخر فحكمه في الصيام والإفطار حكم البلد الذي انتقل إليه، فيفطر معهم إذا أفطروا.
وإن أفطر معهم لأقل من تسعة وعشرين يوماً قضى يوماً بعد العيد، ولو صام معهم أكثر من ثلاثين يوماً فلا يفطر إلا معهم.
.حكم من صام أو أفطر خطأً:
إذا أذن المؤذن قبل الوقت، ثم أفطر بعض المسلمين بأذانه، فعليهم قضاء ذلك اليوم، وهكذا لو تأخر المؤذن فلم يؤذن إلا بعد وقت طويل من طلوع الفجر، فأمسكوا بأذانه، فعليهم قضاء ذلك اليوم؛ لأن الله عز وجل حد حدوداً، وجعل لكل عبادة بداية ونهاية، وأوجب على المسلم أن يصوم يوماً كاملاً من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وحق الله يجب ضمانه.
وهذا الخطأ يُسقط الإثم، ولكنه لا يُسقط الحق، فالحق ثابت، ودَيْن الله أحق أن يُقضى.
إذا صام المسلمون وحال دون الشمس غيم أو قتر فأفطروا ثم طلعت الشمس، أمسكوا إلى الغروب، وصومهم صحيح، ولا قضاء عليهم.
عَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَتْ: أفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. أخرجه البخاري.
.حكم الصيام في السفر:
لكل مسلم في الصلاة والصيام حكم المكان الذي هو فيه، فالصائم يمسك ويفطر في المكان الذي هو فيه، سواء كان على سطح الأرض، أو كان على سفينة في البحر، أو كان على طائرة في الجو.
والمسافر في رمضان له ثلاث حالات:
إن كان الصيام والفطر بالنسبة له سواء فالصيام أولى.
وإن كان يشق عليه الصيام في السفر فالفطر أولى.
وإن كان يشق عليه الصيام في السفر مشقة شديدة فالفطر في حقه واجب، ويقضي فيما بعد.
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ، وَلا المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. متفق عليه.
.حكم صيام الكبير والعاجز:
العاجز عن الصيام لا يخلو من أمرين:
أن يكون عجزه غير مستمر، فهذا يفطر ويقضي.
أن يكون المرض مستمراً، وعجزه مستمراً، كالمريض الذي لا يرجى برؤه، والكبير الذي لا يقدر على الصيام، فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً.
من أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، مقيماً كان أو مسافراً، أطعم عن كل يوم مسكيناً، ويكفيه ذلك عن الصيام.
من أصابه الخرف والتخليط فلا صيام عليه ولا كفارة؛ لأنه مرفوع عنه القلم.
قال الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [184]} [البقرة:184].
.صفة الإطعام:
إذا لم يستطع المسلم الصيام لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم عن كل يوم مسكيناً، وله في الإطعام طريقان:
الأول: أن يصنع طعاماً حسب طعام أوسط الناس في بلده، ويطعمه ثلاثين فقيراً عن كامل شهر رمضان.
الثاني: أن يعطي الفقراء ستة أصواع من أرز أو بر أو نحوهما من طعام بلده، ويقسمها على الثلاثين، ومعها اللحم الذي يكفيها أو غيره، حسب عادة بلده، ويخرجها عن كامل شهر رمضان.
.وقت الإطعام:
من أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فهو بالخيار:
إن شاء أطعم عن كل يوم من رمضان بيومه.. وإن شاء قدَّم الإطعام عن الشهر كله في أول رمضان.. وإن شاء أخره كله إلى آخر يوم.
فالحمد؟ على حسن التسهيل والتيسير: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [185]} [البقرة:185].
.6- سنن الصيام:
.سنن الصيام:
للصيام سنن وآداب ينبغي للمسلم فعلها والحرص عليها، ليكمل صيامه، ويزيد أجره، ويحصل له كمال التقوى.
وأهم سنن الصيام في رمضان ما يلي:
أكل السحور.. وتأخير السحور.. وتعجيل الفطر.. والفطر على الرطب أو التمر.. والدعاء عند الفطر.. والجود بأنواع الخير.. والإكثار من الصدقة والإطعام.. وقراءة القرآن ومدارسته.. والمحافظة على صلاة التراويح في رمضان.. وقيام الليل.. وإحياء الليل في العشر الأواخر من رمضان بأنواع العبادة.. وتحري ليلة القدر.. وقيام ليلتها.. والاعتكاف.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [183]}[البقرة:183].
.فضل أكل السحور:
عَنْ أنَس بن مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً». متفق عليه.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أهْلِ الكِتَابِ، أكْلَةُ السَّحَرِ». أخرجه مسلم.
.أفضل السحور:
يسن للمسلم إذا أراد الصيام أن يتسحر بما تيسر من طعام حلال من تمر ونحوه.
قال الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة:187].
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نِعْمَ سَحُورُ المُؤْمِنِ التَّمْرُ». أخرجه أبو داود.
.وقت السحور:
يسن تأخير السحور إلى ما قبل أذان الفجر الثاني بمقدار خمسين آية = خمس دقائق تقريباً.
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قال: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. متفق عليه.
2- وَعَنْ ابنِ عُمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ بِلالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أمِّ مَكْتُومٍ». ثُمَّ قال: وَكَانَ رَجُلاً أعْمَى، لا يُنَادِي حَتَّى يُقال لَهُ: أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ. متفق عليه.
.بركة السحور:
في السحور بركات حسية ومعنوية وشرعية منها:
1- امتثال أمر الله ورسوله، وهذه أعظم البركات.
2- أن الأكل جعله الله سبباً يقوي الصائم على طاعة الله وعبادته.
3- أن السحور يعطي الصائم قوة لا يمل معها من العبادة.
4- أن السحور يكون سبباً للقيام من النوم في وقت السحر، الذي هو وقت الدعاء والاستغفار، ووقت نزول الرب عز وجل إلى السماء الدنيا.
5- أن السحور يكون سبباً لصلاة الفجر مع الجماعة في وقتها الفاضل.
6- في أكل السحور مخالفة أهل الكتاب وهي مطلوبة شرعاً.
7- أن المسلم إذا قام للسحور يحصل منه للمسلمين خير ينتفع به غيره من طعام، أو مال، أو علم، أو قضاء حاجة.
عَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ:«هَلُمَّ إِلَى الغَدَاءِ المُبَارَكِ». أخرجه أحمد وأبو داود.
.حكم من سمع النداء والإناء في يده:
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالإنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلاَ يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ». أخرجه أبو داود.
.وقت فطر الصائم:
1- عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ». متفق عليه.
2- وَعَنْ عَبْدالله بن أبِي أوْفَى رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قالَ: يَا رَسُولَ الله، لَوْ أمْسَيْتَ؟ قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ عَلَيْكَ نَهَاراً، قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». فَنَزَلَ فَجَدَحَ، ثُمَّ قال: «إِذَا رَأيْتُمُ اللَّيْلَ أقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ». وَأشَارَ بِإِصْبَعِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ. متفق عليه.
.فضل تعجيل الفطر:
1- يستحب للصائم تعجيل الفطر إذا سمع الأذان، أو تحقق غروب الشمس، وتعجيل الفطر دليل على بقاء الخير عند من عجله، ورأس الخير هو اتباع السنة، الذي هو أساس خيري الدنيا والآخرة.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ». متفق عليه.
2- تعجيل الفطر شعار أهل الإسلام، وتأخير الفطر شعار أهل الكتاب.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِراً مَا عَجَّلَ النَّاسُ الفِطْرَ، لأَنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ». أخرجه أبو داود وابن ماجه.
.حكم تعجيل المغرب والإفطار:
يسن للصائم أن يفطر إذا سمع الأذان، ثم يصلي المغرب في وقتها.
عَنْ أبِي عَطِيَّةَ قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَمَسْرُوقٌ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا مَسْرُوقٌ: رَجُلانِ مِنْ أصْحَابِ محمد صلى الله عليه وسلم، كِلاهُمَا لا يَأْلُو عَنِ الخَيْرِ، أحَدُهُمَا يُعَجِّلُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ، وَالآخَرُ يُؤَخِّرُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ، فَقَالَتْ: مَنْ يُعَجِّلُ المَغْرِبَ وَالإفْطَارَ؟ قال: عَبْدُالله، فَقَالَتْ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ. أخرجه مسلم.
.ما يفطر به الصائم:
السنة أن يفطر الصائم على الرطب أو التمر، فإن لم يتيسر أفطر على الماء، فإن لم يتيسر أفطر على ما تيسر من طعام أو شراب حلال، فإن لم يجد ما يفطر عليه نوى بقلبه الفطر.
1- عَنْ أَنَس بن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمرَاتٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ. أخرجه أبو داود والترمذي.
2- وعَنْ عَبْدِالله بْنِ أبِي أوْفَى رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قالَ لِبَعْضِ القَوْمِ: «يَا فُلانُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا». فَقال: يَا رَسُولَ الله لَوْ أمْسَيْتَ؟ قالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قالَ: يَا رَسُولَ الله، فَلَوْ أمْسَيْتَ؟ قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَاراً، قالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال: «إِذَا رَأيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ». متفق عليه.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
.حكمة الفطر على التمر أو الماء:
1- إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع الجسم به، والصائم يفقد كمية من السكر المخزون في جسمه أثناء الصيام، وأكل الرطب أو التمر يعيد إليه بإذن الله ما فقده من السكر والنشاط.
وهبوط نسبة السكر عند الإنسان عن حدها المعتاد يسبب ما يشعر به الصائم من ضعف وكسل وروغان البصر، والفطر على التمر يعيد إليه بسرعة ما فقده من السكر.
2- وأما الماء فالكبد يحصل لها بالصوم نوع يُبس، فإذا رُطِّبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده.
.ما يقوله الصائم عند الإفطار:
1- يسن للصائم عند الإفطار أن يسمي، وإذا نسي ثم ذكر قال: بسم الله أوله وآخره.
عَنْ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ غُلاماً فِي حَجْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ. متفق عليه.
2- إذا أفطر وشرب الماء قَالَ: «ذهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ العُرُوقُ وَثبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ». أخرجه أبو داود.
3- أن يحمد الله عند الانتهاء.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا». أخرجه مسلم.
.ما يقوله الصائم إذا شُتم:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «إِذَا أصْبَحَ أحَدُكُمْ يَوْماً صَائِماً، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ». متفق عليه.
.فضل الجود بالخير في رمضان:
يسن للمسلم الإكثار من الصدقة والإطعام، وقراءة القرآن ومدارسته، والجود بأنواع الخير، ويتأكد ذلك في رمضان؛ لما فيه من شرف الزمان.
عَنْ ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَكَانَ أجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم القُرْآنَ: فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام، كَانَ أجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. متفق عليه.
.ما يقوله الصائم إذا أفطر عند أحد:
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَجَاءَ بخُبْزٍ وَزَيْتٍ فَأَكَلَ ثمَّ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلاَئِكَةُ». أخرجه أبو داود وابن ماجه.
.فضل إطعام الصائمين:
الإطعام مستحب في كل وقت، ويتأكد في رمضان؛ لما فيه من تفريغ قلوب الصائمين والقائمين للعبادة.
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كَانَ لَهُ مِثلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئاً». أخرجه الترمذي وابن ماجه.
.فضل صلاة التراويح:
تسن صلاة التراويح في ليالي شهر رمضان بعد صلاة العشاء الآخرة إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، مع الوتر.
هذا هو السنة، ومن صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه.
.فضل الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر:
يسن للمسلم أن يجتهد في العشر الأواخر من رمضان، ويحيي الليل بأنواع العبادة.
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ العَشْرُ، أحْيَا اللَّيْلَ وَأيْقَظَ أهْلَهُ وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ. متفق عليه.
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِي العَشْرِ الأوَاخِرِ، مَا لا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ. أخرجه مسلم.
.فضل العمرة في رمضان:
تسن العمرة في رمضان، وهي فيه تعدل حجة.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لامْرَأةٍ مِنَ الأنْصَارِ: «مَا مَنَعَكِ أنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟». قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلا نَاضِحَانِ، فَحَجَّ أبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحاً نَنْضِحُ عَلَيْهِ، قال: «فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً». متفق عليه.
.فضل الاعتكاف في رمضان:
يسن للصائم الاعتكاف في رمضان، لاسيما في العشر الأواخر؛ لأنه أقرب إلى صيانة النفس عن المنهيات، وإتيانها بالمأمورات، ورجاء أن يصادف ليلة القدر.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفق عليه.
.فضل ليلة القدر:
يسن للمسلم إحياء ليلة القدر بالصلاة والذكر والدعاء وتلاوة القرآن وبذل المعروف، وهي ليلة عظيمة القدر، حيث يفرق فيها كل أمر حكيم.
وليلة القدر خير من ألف شهر، وذلك يساوي ثلاثة وثمانون عاماً وأربعة أشهر، وهي في العشر الأواخر، وترجى ليلة سبع وعشرين من رمضان.
1- قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [1] وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [2] لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [3] تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ [4] سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [5]} [القدْر:1- 5].
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه.
3- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله! أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ:«قُولِي اللهمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي». أخرجه الترمذي وابن ماجه.
.حكم العمرة ليلة القدر:
تسن العمرة في كل وقت، وهي في رمضان آكد؛ لأنها فيه تعدل حجة.
أما تخصيص ليلة القدر بعمرة فبدعة؛ لأنه تخصيص لعبادة في زمن لم يخصصه الشرع، وإنما خص الشرع ليلة القدر بالقيام فيها، وإحياء ليلها بالعبادة والصلاة.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه.
.7- ما يجب على الصائم:
يجب على الصائم ما يلي:
1- يجب على الصائم الفطر إذا أذن المغرب، والإمساك عن المفطرات إذا تبين له طلوع الفجر الثاني.
1- قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [187]} [البقرة:187].
2- عَنْ عَبْدِالله بْنِ أبِي أوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ قالَ: «يَا فُلانُ! انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قال: يَا رَسُولَ الله! إِنَّ عَلَيْكَ نَهَاراً، قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قال: فَنَزَلَ فَجَدَحَ، فَأتَاهُ بِهِ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قال بِيَدِهِ: «إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ هَا هُنَا، وَجَاءَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ». متفق عليه.
2- يجب على المسلم اجتناب الكذب والغيبة والسب في كل وقت، وفي رمضان آكد.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». أخرجه البخاري.
3- عدم الرفث والصخب، وعدم الرد على من جهل عليه.
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «قال اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». متفق عليه.
4- يجب على الصائم حفظ الجوارح عن المعاصي والآثام في كل وقت، وفي رمضان آكد.
قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [36]}[الإسراء:36]
.8- ما يحرم على الصائم:
يحرم على الصائم ما يلي:
1- الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات في النهار.
قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187].
2- الوصال يوماً أو يومين فأكثر من غير أكل وشرب بينهما.
1- عَنْ أبِي سَعِيدٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا تُوَاصِلُوا، فَأيُّكُمْ إِذَا أرَادَ أنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ». قالوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ الله، قال: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ». أخرجه البخاري.
2- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالوِصَالَ». مَرَّتَيْنِ، قِيلَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قال: «إِنِّي أبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ، فَاكْلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ». متفق عليه.
3- تحرم الغيبة والنميمة ونحوهما في كل وقت، وهي في رمضان أشد حرمة؛ لحرمة الزمان.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». أخرجه البخاري.
4- تقبيل الزوجة ومباشرتها نهاراً إذا خشي نزول المني.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ. متفق عليه.
5- استعمال الإبر المغذية، وغسيل الكلى في نهار رمضان.
.9- ما يكره للصائم:
يكره للصائم ما يلي:
1- المبالغة في المضمضة والاستنشاق في النهار.
2- ذوق الطعام في النهار بلا حاجة.
3- الحجامة إن خشي الضعف.
4- الفصد إن خشي الضعف.
5- مضغ العلك في النهار.
6- تقبيل ومباشرة الزوجة في النهار بشهوة.
7- فضول الكلام والنظر والنوم.
8- جمع الريق وبلعه.
9- بلع النخامة سواء كانت من الرأس، أو الحلق، للصائم وغيره؛ لأنها مستقذرة طبعاً.
.10- ما يجوز للصائم:
يجوز للصائم ما يلي:
1- تقبيل الزوجة ومباشرتها، إن أمن نزول المني، ولو تحركت شهوته.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أمْلَكُكُمْ لإرْبِهِ. متفق عليه.
من قبّل زوجته أو باشرها وهو صائم فأمذى أو أمذت فلا شيء عليهما.
ومن علم أنه يمني بالتقبيل أو المباشرة، وهي مس بشرة الزوجة فيما دون الفرج لم يجز له ذلك.
فإن فعل وأمنى أو أمنت هي فقد أفطر الذي أنزل منهما، وبطل صومه، وأثم بفعله، وعليه القضاء دون الكفارة.
فإن جامعها نهاراً وهو صائم فهو آثم، وعليه القضاء والكفارة.
2- أن يصبح يوم الصيام جنباً، فمن أجنب ليلاً، ثم أصبح صائماً، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه، ولا إثم عليه.
ومن احتلم وهو صائم فصومه صحيح، ولا قضاء عليه.
عَنْ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. متفق عليه.
3- الأكل والشرب في نهار رمضان ناسياً لا يفسد الصوم، ولا يوجب القضاء، وكذلك الجماع ناسياً.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأكَلَ أوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ». متفق عليه.
4- الاغتسال وصب الماء على الرأس للتبرد من الحر والعطش.
عَنْ أبِي بَكْر بْن عَبدِالرَّحمنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الفَتْحِ بالفِطْرِ وَقَالَ: «تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ» وَصَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ الَّذِي حَدَّثنِي: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بالعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ المَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ العَطَشِ أَوْ مِنَ الحَرِّ. أخرجه أبو داود.
5- المضمضة والاستنشاق من غير مبالغة.
عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «بَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِماً». أخرجه أبو داود والترمذي.
6- الحجامة إن كانت لا تضعفه، والتبرع بالدم إن كان لا يضعفه، والفصد إن كان لا يضعفه، ونحو ذلك.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ. متفق عليه.
1- إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع الجسم به، والصائم يفقد كمية من السكر المخزون في جسمه أثناء الصيام، وأكل الرطب أو التمر يعيد إليه بإذن الله ما فقده من السكر والنشاط.
وهبوط نسبة السكر عند الإنسان عن حدها المعتاد يسبب ما يشعر به الصائم من ضعف وكسل وروغان البصر، والفطر على التمر يعيد إليه بسرعة ما فقده من السكر.
2- وأما الماء فالكبد يحصل لها بالصوم نوع يُبس، فإذا رُطِّبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده.
.ما يقوله الصائم عند الإفطار:
1- يسن للصائم عند الإفطار أن يسمي، وإذا نسي ثم ذكر قال: بسم الله أوله وآخره.
عَنْ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ غُلاماً فِي حَجْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ. متفق عليه.
2- إذا أفطر وشرب الماء قَالَ: «ذهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ العُرُوقُ وَثبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ». أخرجه أبو داود.
3- أن يحمد الله عند الانتهاء.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا». أخرجه مسلم.
.ما يقوله الصائم إذا شُتم:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «إِذَا أصْبَحَ أحَدُكُمْ يَوْماً صَائِماً، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ». متفق عليه.
.فضل الجود بالخير في رمضان:
يسن للمسلم الإكثار من الصدقة والإطعام، وقراءة القرآن ومدارسته، والجود بأنواع الخير، ويتأكد ذلك في رمضان؛ لما فيه من شرف الزمان.
عَنْ ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَكَانَ أجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم القُرْآنَ: فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام، كَانَ أجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. متفق عليه.
.ما يقوله الصائم إذا أفطر عند أحد:
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَجَاءَ بخُبْزٍ وَزَيْتٍ فَأَكَلَ ثمَّ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلاَئِكَةُ». أخرجه أبو داود وابن ماجه.
.فضل إطعام الصائمين:
الإطعام مستحب في كل وقت، ويتأكد في رمضان؛ لما فيه من تفريغ قلوب الصائمين والقائمين للعبادة.
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كَانَ لَهُ مِثلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئاً». أخرجه الترمذي وابن ماجه.
.فضل صلاة التراويح:
تسن صلاة التراويح في ليالي شهر رمضان بعد صلاة العشاء الآخرة إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، مع الوتر.
هذا هو السنة، ومن صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه.
.فضل الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر:
يسن للمسلم أن يجتهد في العشر الأواخر من رمضان، ويحيي الليل بأنواع العبادة.
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ العَشْرُ، أحْيَا اللَّيْلَ وَأيْقَظَ أهْلَهُ وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ. متفق عليه.
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِي العَشْرِ الأوَاخِرِ، مَا لا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ. أخرجه مسلم.
.فضل العمرة في رمضان:
تسن العمرة في رمضان، وهي فيه تعدل حجة.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لامْرَأةٍ مِنَ الأنْصَارِ: «مَا مَنَعَكِ أنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟». قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلا نَاضِحَانِ، فَحَجَّ أبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحاً نَنْضِحُ عَلَيْهِ، قال: «فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً». متفق عليه.
.فضل الاعتكاف في رمضان:
يسن للصائم الاعتكاف في رمضان، لاسيما في العشر الأواخر؛ لأنه أقرب إلى صيانة النفس عن المنهيات، وإتيانها بالمأمورات، ورجاء أن يصادف ليلة القدر.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفق عليه.
.فضل ليلة القدر:
يسن للمسلم إحياء ليلة القدر بالصلاة والذكر والدعاء وتلاوة القرآن وبذل المعروف، وهي ليلة عظيمة القدر، حيث يفرق فيها كل أمر حكيم.
وليلة القدر خير من ألف شهر، وذلك يساوي ثلاثة وثمانون عاماً وأربعة أشهر، وهي في العشر الأواخر، وترجى ليلة سبع وعشرين من رمضان.
1- قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [1] وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [2] لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [3] تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ [4] سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [5]} [القدْر:1- 5].
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه.
3- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله! أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ:«قُولِي اللهمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي». أخرجه الترمذي وابن ماجه.
.حكم العمرة ليلة القدر:
تسن العمرة في كل وقت، وهي في رمضان آكد؛ لأنها فيه تعدل حجة.
أما تخصيص ليلة القدر بعمرة فبدعة؛ لأنه تخصيص لعبادة في زمن لم يخصصه الشرع، وإنما خص الشرع ليلة القدر بالقيام فيها، وإحياء ليلها بالعبادة والصلاة.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه.
.7- ما يجب على الصائم:
يجب على الصائم ما يلي:
1- يجب على الصائم الفطر إذا أذن المغرب، والإمساك عن المفطرات إذا تبين له طلوع الفجر الثاني.
1- قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [187]} [البقرة:187].
2- عَنْ عَبْدِالله بْنِ أبِي أوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ قالَ: «يَا فُلانُ! انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قال: يَا رَسُولَ الله! إِنَّ عَلَيْكَ نَهَاراً، قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قال: فَنَزَلَ فَجَدَحَ، فَأتَاهُ بِهِ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قال بِيَدِهِ: «إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ هَا هُنَا، وَجَاءَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ». متفق عليه.
2- يجب على المسلم اجتناب الكذب والغيبة والسب في كل وقت، وفي رمضان آكد.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». أخرجه البخاري.
3- عدم الرفث والصخب، وعدم الرد على من جهل عليه.
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «قال اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». متفق عليه.
4- يجب على الصائم حفظ الجوارح عن المعاصي والآثام في كل وقت، وفي رمضان آكد.
قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [36]}[الإسراء:36]
.8- ما يحرم على الصائم:
يحرم على الصائم ما يلي:
1- الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات في النهار.
قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187].
2- الوصال يوماً أو يومين فأكثر من غير أكل وشرب بينهما.
1- عَنْ أبِي سَعِيدٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا تُوَاصِلُوا، فَأيُّكُمْ إِذَا أرَادَ أنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ». قالوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ الله، قال: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ». أخرجه البخاري.
2- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالوِصَالَ». مَرَّتَيْنِ، قِيلَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قال: «إِنِّي أبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ، فَاكْلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ». متفق عليه.
3- تحرم الغيبة والنميمة ونحوهما في كل وقت، وهي في رمضان أشد حرمة؛ لحرمة الزمان.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». أخرجه البخاري.
4- تقبيل الزوجة ومباشرتها نهاراً إذا خشي نزول المني.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ. متفق عليه.
5- استعمال الإبر المغذية، وغسيل الكلى في نهار رمضان.
.9- ما يكره للصائم:
يكره للصائم ما يلي:
1- المبالغة في المضمضة والاستنشاق في النهار.
2- ذوق الطعام في النهار بلا حاجة.
3- الحجامة إن خشي الضعف.
4- الفصد إن خشي الضعف.
5- مضغ العلك في النهار.
6- تقبيل ومباشرة الزوجة في النهار بشهوة.
7- فضول الكلام والنظر والنوم.
8- جمع الريق وبلعه.
9- بلع النخامة سواء كانت من الرأس، أو الحلق، للصائم وغيره؛ لأنها مستقذرة طبعاً.
.10- ما يجوز للصائم:
يجوز للصائم ما يلي:
1- تقبيل الزوجة ومباشرتها، إن أمن نزول المني، ولو تحركت شهوته.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أمْلَكُكُمْ لإرْبِهِ. متفق عليه.
من قبّل زوجته أو باشرها وهو صائم فأمذى أو أمذت فلا شيء عليهما.
ومن علم أنه يمني بالتقبيل أو المباشرة، وهي مس بشرة الزوجة فيما دون الفرج لم يجز له ذلك.
فإن فعل وأمنى أو أمنت هي فقد أفطر الذي أنزل منهما، وبطل صومه، وأثم بفعله، وعليه القضاء دون الكفارة.
فإن جامعها نهاراً وهو صائم فهو آثم، وعليه القضاء والكفارة.
2- أن يصبح يوم الصيام جنباً، فمن أجنب ليلاً، ثم أصبح صائماً، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه، ولا إثم عليه.
ومن احتلم وهو صائم فصومه صحيح، ولا قضاء عليه.
عَنْ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. متفق عليه.
3- الأكل والشرب في نهار رمضان ناسياً لا يفسد الصوم، ولا يوجب القضاء، وكذلك الجماع ناسياً.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأكَلَ أوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ». متفق عليه.
4- الاغتسال وصب الماء على الرأس للتبرد من الحر والعطش.
عَنْ أبِي بَكْر بْن عَبدِالرَّحمنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الفَتْحِ بالفِطْرِ وَقَالَ: «تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ» وَصَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ الَّذِي حَدَّثنِي: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بالعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ المَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ العَطَشِ أَوْ مِنَ الحَرِّ. أخرجه أبو داود.
5- المضمضة والاستنشاق من غير مبالغة.
عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «بَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِماً». أخرجه أبو داود والترمذي.
6- الحجامة إن كانت لا تضعفه، والتبرع بالدم إن كان لا يضعفه، والفصد إن كان لا يضعفه، ونحو ذلك.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ. متفق عليه.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
أحوال أخذ الدم:
الحجامة والفصد والتبرع بالدم لا يفطر الصائم.
ويجوز ذلك في حق الصائم الذي لا يضعف به.. ويكره في حق من يضعف به.. ويحرم في حق من بلغ به الضعف إلى أن تكون سبباً في إفطاره.
عَنْ أنَس بن مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّهُ سُئِلَ: أكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِم؟ قَالَ: لا، إِلا مِنْ أجْلِ الضَّعْفِ. وَزَادَ شَبابةُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري.
7- خروج القيء، فمن غلبه القيء، أو استقاء لحاجة، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه ولا كفارة.
8- كل ما لا يسمى أكلاً ولا شرباً، ولا يقصد به الأكل والشرب كالكحل والقطرة والحقنة والأدهان والطيب والبخور والحنا ومعجون الأسنان ونحو ذلك.
9- كل ما لا يمكن التحرز منه كالطعام بين الأسنان، والدم اليسير من اللثة والأسنان، إذا اختلط بالريق وغلبه.
وغبار الطريق والطحين والدخان، ونحو ذلك مما لا يمكن التحرز منه إذا بلعه الصائم، والرعاف والنزيف، وخروج المذي والودي ونحو ذلك.
10- بلع النخامة والبلغم لا يفطر الصائم، لكن ذلك مستقذر، فينبغي للإنسان لفظه لقذارته وضرره.
11- ذوق الطعام للحاجة ما لم يصل إلى الجوف فيفطر به.
12- وصال الصيام إلى السحر، والأَوْلى تركه.
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا تُوَاصِلُوا، فَأيُّكُمْ أرَادَ أنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ». قالوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ الله، قال: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ». أخرجه البخاري.
.ما يباح فعله أثناء الصوم:
الأشياء التي لا يفطر بها الصائم، ويجوز للصائم فعلها أثناء النهار ما يلي:
قطرة العين والأنف والأذن.. وبخاخ الربو.. وبخاخ الأنف.. والكحل.. والتحاميل.. والحقن الشرجية.. وتحليل الدم.. والدهانات.. والمراهم.
وإبر الأنسولين.. والإبر العلاجية غير المغذية.. والأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج الأزمات القلبية.. والتخدير إن أفاق جزءاً من النهار.. ومنظار الكشف على المعدة ونحو ذلك مما هو ليس بأكل ولا شرب.
.11- أقسام المفطرات:
فقه المفطرات:
المفطرات هي كل ما يزيد الجسم قوة أو ضعفاً، وهي نوعان:
1- الطعام والشراب الذي يمد الجسم بالتغذية، فيتولد الدم الكثير الذي يجري في العروق، ويزيد قوة الشهوة، ويسهل للشيطان أن يجري في هذا الدم، فيغوي بني آدم، ويزين لهم المعاصي.
2- خروج الأشياء المنهكة للجسم، والتي تزيد الجسم ضعفاً إلى ضعف، فيضعف المسلم بسببها عن الطاعة والعبادة، كالجماع والحيض والنفاس ونحو ذلك.
فمنع الشرع منه رحمة بالعبد وشفقة عليه؛ لئلا يزيد ضعفه إلى ضعف آخر فيقصِّر في أداء ما أمره الله به.
فهذان الأمران هما أساس المفطرات، وعليهما مدار كل مفطر.
.الأشياء التي يفسد بها الصوم:
يفسد الصوم بما يلي:
1- الأكل والشرب في نهار رمضان.
2- الجماع في نهار رمضان.
3- إنزال المني يقظة بتقبيل، أو مباشرة، أو استمناء ونحو ذلك.
4- استعمال الإبر المغذية للبدن في نهار رمضان.
وهذه المفطرات يفطر بها الصائم إذا فعلها عالماً، متعمداً، ذاكراً لصومه.
5- خروج دم الحيض والنفاس.
6- الردة عن الإسلام.
.شروط المفطرات:
شروط المفطرات ثلاثة: العلم.. والذكر.. والعمد.
والصائم له حالتان:
الأولى: أن يفعل شيئاً من مفسدات الصيام السابقة ناسياً، أو جاهلاً، أو بغير قصد، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه.
1- قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة:286].
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأكَلَ أوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ». متفق عليه.
الثانية: أن يفعل شيئاً من مفسدات الصيام مختاراً، عالماً، ذاكراً، من غير رخصة شرعية، فهذا قد فسد صومه، وهو آثم بفعله، وعليه أن يتوب إلى الله من ذنبه، ولا يصح منه الأيام التي أفطرها، وإن كان الفطر بالجماع فعليه إثم الفطر والجماع.
قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [5]} [الأحزاب:5].
.منافذ المفطرات:
ما يفسد الصيام له ستة منافذ:
1- قسم من الفم: وهو الأكل والشرب عمداً.
2- قسم من الأنف: وهو المبالغة في الاستنشاق حتى دخل الماء في جوفه.
3- قسم من الفرج: وهو ثلاثة أقسام:
الجماع.. ونزول المني في غير احتلام بمباشرة أو تقبيل ونحو ذلك.. وخروج دم الحيض والنفاس.
4- قسم من الدماغ: وهو نوعان:
الجنون.. والإغماء.. فمن جن أو أغمي عليه فسد صومه، ولا قضاء عليه؛ لارتفاع التكليف عنه.
5- قسم من سائر البدن: وهو الإبر المغذية للبدن.
6- قسم من العروق: كحقن الدم في الجسم، وغسيل الكلى، ويكون بإخراج الدم من الجسم، ثم إعادته نقياً مع إضافة بعض المواد إليه.
وهذه الأقسام كلها مفسدة للصوم.
.حكم استخدام الصائم الإبر:
الإبر نوعان:
1- الإبر المغذية التي تستخدم في إطعام المرضى، فهذه تفطِّر من استعملها؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب.
2- الإبر غير المغذية التي تستخدم للدواء للتغذية مثل إبر الأنسولين ونحوها، فهذه لا تفطر الصائم؛ لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما.
.حكم استخدام بخاخ الربو:
من كان عنده ضيق في التنفس فيجوز له استخدام البخار، أو بخاخ الربو، من أجل توسيع الشعب الهوائية وترطيبها، ولا يفطر بذلك الصائم.
.حكم حقن الدم في الصائم:
إذا احتاج الصائم إلى دم، كأن يحصل معه نزيف، أو ينقص دمه، فحُقن به دم، فإنه يفطر بذلك؛ لأن الدم خلاصة الغذاء، والغذاء من المفطرات، فيفطر ويقضي فيما بعد.
.الذين يجوز لهم الفطر في رمضان:
الذين يجوز لهم الفطر في رمضان سبعة:
أربعة من أهل القضاء.. وثلاثة من أهل الكفارة.
فأهل القضاء أربعة، وهم:
المسافر إذا أفطر.. والمريض إذا أفطر.. والحامل إذا خافت على نفسها أو ولدها فأفطرت.. والمرضع إذا خافت على الرضيع فأفطرت.
فهؤلاء إذا أفطروا فعليهم القضاء بلا كفارة.
وأهل الكفارة ثلاثة، وهم:
المريض الذي لا يرجى برؤه.. وصاحب العطش الذي لا يصبر عن الماء.. والكبير من الرجال والنساء الذي لا يستطيع الصوم.
فهؤلاء جميعاً يفطرون ويطعمون عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليهم.
.حكم الجماع في نهار رمضان:
1- إذا أنزل الصائم في نهار رمضان باستمناء ومباشرة زوجته بدون جماع، فهو آثم، وعليه القضاء دون الكفارة.
2- من سافر في نهار رمضان، وصام في سفره، ثم جامع زوجته، فعليه القضاء دون الكفارة، ولا إثم عليه.
3- من جامع في نهار رمضان وهو مقيم فعليه القضاء والكفارة والإثم إن كان متعمداً، عالماً، ذاكراً.
فإن كان مكرهاً، أو جاهلاً، أو ناسياً، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه ولا كفارة، والمرأة كالرجل في الحالتين.
.كفارة الفطر بالجماع في نهار رمضان:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ الله! قال: «وَمَا أهْلَكَكَ؟». قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأتِي فِي رَمَضَانَ، قال: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟» قالَ: لا، قال: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟». قال: لا، قالَ: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟». قال: لا، قال: ثُمَّ جَلَسَ، فَأتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمر، فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا». قال: أفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أهْلُ بَيْتٍ أحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قال: «اذْهَبْ فَأطْعِمْهُ أهْلَكَ». متفق عليه.
.متى تسقط الكفارة بالجماع:
تسقط الكفارة فيما يلي:
1- إذا جامع زوجته في السفر.
2- إذا جامع زوجته في قضاء رمضان.
3- إذا جامع زوجته في رمضان دون الفرج فأنزل.
4- إذا كان معذوراً بجهل، أو نسيان، أو إكراه، فلا قضاء عليه ولا كفارة.
5- إذا واقع زوجته في صوم نفل أو نذر.
لا تجب الكفارة مطلقاً بغير الجماع في نهار رمضان ممن يلزمه الصوم.
.حكم من احتال للجماع في نهار رمضان:
من احتال لجماع أهله في رمضان فأفطر بالطعام أو الشراب، ثم جامع أهله لتسقط عنه الكفارة فهذا قد خرق حرمة رمضان بالفطر.. وفَعَل الجماع المحرم في نهار رمضان.. واحتال لمقارفة المحرم.. وأفسد صوم غيره بالجماع فعلى الحاكم أن يستتيبه.. وعليه التوبة إلى الله من ذنبه العظيم.. وعليه القضاء.. وعليه الكفارة المغلظة.
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ؛ أنَّ رَجُلاً وَقَعَ بِامْرَأتِهِ فِي رَمَضَانَ، فَاسْتَفْتَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً؟». قال: لا، قال: «وَهَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ؟». قال: لا، قال: «فَأطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». متفق عليه.
.حكم الكفارة إذا كرر الجماع:
1- تجب الكفارة على من جامع في نهار رمضان متعمداً على الترتيب:
عتق رقبة مؤمنة.. فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين.. فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
2- من جامع في نهار رمضان ثم كفر، ثم جامع في يوم آخر، فعليه كفارة أخرى.
3- من جامع مراراً في يوم واحد، فعليه كفارة واحدة، لكن إثمه أعظم.
4- من جامع في نهار رمضان ولم يكفر، ثم جامع في يوم آخر، فعليه كفارة لكل يوم؛ لأن كل يوم عبادة مفردة.
.أقسام الناس في الصيام والقضاء:
الناس في رمضان أربعة أصناف:
1- من يلزمه صوم رمضان أداءً، وهو كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصيام مقيم.
2- من يفطر ويقضي وهم سبعة:
المريض الذي يرجى زوال مرضه.. المسافر.. الحائض والنفساء.. الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو الجنين أو الرضيع.. المفطر لإنقاذ من وقع في هلكة.
3- من لا يجب عليه الصيام أداءً ولا قضاءً، وإنما تجب عليه الكفارة بدل الصيام وهم ثلاثة:
الشيخ الكبير.. والعجوز الكبيرة.. والمريض الذي لا يرجى برؤه.
4- من لا يجب عليه الصيام أداء ولا قضاءً، ولا يصح منه، وهم أربعة:
1- الكافر: فالصوم عبادة لا تصح من كافر.
2- الصغير دون البلوغ: والمميز يصح منه، ولا يجب عليه أداءً ولا قضاءً.
3- المجنون: لأنه مرفوع عنه القلم.
4- الخرف في عقله: لأنه مرفوع عنه القلم، فلا يجب عليه، ولا يطعم عنه.
12-.الذين يجب عليهم الصيام والقضاء والإطعام.
1- الله عز وجل أوجب صيام رمضان أداءً في حق غير ذوي الأعذار.
2- وأوجبه قضاءً في حق ذوي الأعذار التي تزول كالسفر والمرض والحيض والنفاس.
3- وأوجب الإطعام في حق من لا يستطيع الصيام أداء ولا قضاء كالكبير، والمريض الذي لا يرجى برؤه.
.حكم قضاء رمضان:
1- يجب على من أفطر في نهار رمضان بعذر أن يقضي جميع الأيام التي أفطرها؛ لأنها دين لله يجب أداؤه إلا إن كان عاجزاً عن الصيام فيطعم عن كل يوم مسكيناً.
2- ويسن قضاء رمضان فوراً متتابعاً، وإذا ضاق الوقت وجب التتابع، وإن أخر قضاء رمضان إلى ما بعد رمضان آخر بغير عذر فهو آثم، وعليه القضاء.
3- قضاء رمضان لا يجب على الفور، وإنما يجب على التراخي وجوباً موسعاً، لكن تستحب المبادرة بالقضاء.
1- قال الله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [61]} [المؤمنون:61].
2- وَعَنْ أبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أسْتَطِيعُ أنْ أقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ الله؟، أوْ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
.حكم قضاء من أفطر رمضان متعمداً:
من أفطر رمضان أو بعضه عالماً متعمداً ذاكراً من غير عذر، لم يجزه صيام الدهر كله، فلا يشرع له القضاء، ولا يصح منه، وهو آثم إثماً عظيماً؛ لأنه انتهك حرمة الشهر، وحرمة الأمر، متعمداً من غير عذر، فعليه التوبة والاستغفار من ذنبه.
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا [110]} [النساء:110].
.حكم صوم التطوع قبل القضاء:
1- من كان عليه قضاء من رمضان فإنه يبدأ بالقضاء قبل التطوع؛ لأن الفرض مقدم على النفل، وأداء الفرائض أحب إلى الله.
2- من كان عليه صيام من رمضان فالسنة أن يقضيه، ثم يصوم الستة أيام من شوال؛ ليحصل على فضيلة ثواب صوم الدهر، باتباع رمضان بست من شوال.
عَنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». أخرجه مسلم.
3- السنة أن يبادر المسلم إلى قضاء ما فاته من رمضان، لكن لو صام تطوعاً قبل أن يقضي ذلك جاز له، خاصة إذا كان الصوم مما له فضيلة تفوت كيوم عرفة، والعاشر من محرم ونحوهما؛ لأن وقت القضاء موسّع.
.حكم قضاء الصيام عن الميت:
من مات وعليه صيام من رمضان فله ثلاث حالات:
1- أن يتصل عذره بموته فلا يتمكن من القضاء حتى يموت وهو غير قادر على القضاء، فهذا ليس عليه ولا على ورثته صيام ولا إطعام.
2- أن يزول عذره، ويتمكن من القضاء، لكنه لم يقض حتى مات، فهذا يصوم عنه وليه؛ لأنه دَيْن يجب قضاؤه.
3- أن يموت وعليه صوم نذر، فهذا يصوم عنه وليه؛ لأنه دَيْن في ذمته يجب قضاؤه.
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقال: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أفَأقْضِيهِ عَنْهَا؟ قال: «نَعَمْ» قال: «فَدَيْنُ الله أحَقُّ أنْ يُقْضَى». متفق عليه.
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ». متفق عليه.
.حكم الصيام والإطعام في القضاء:
من مات وعليه صيام واجب كقضاء رمضان، أو صوم نذر، فالسنة أن يقضيه عنه وليه، والولي هو الوارث، وإن قضاه عنه غيره أجزأ عنه.
وإن صام عنه رجال أو نساء بعدد الأيام التي عليه جاز ذلك.
وإن جمع وليه المساكين بعدد الأيام التي عليه وأطعمهم أجزأ ذلك عنه.
.صفة قضاء صيام رمضان:
من كان عليه قضاء من رمضان فله أن يقضيه متتابعاً أو مفرقاً حسب الأرفق به، فإن استويا فالتتابع في القضاء أولى؛ لأن القضاء يحكي الأداء، والمسارعة في القضاء أولى للقادر.
قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [185]} [البقرة:185].
.حكم من نوى الإفطار:
من نوى الإفطار أفطر؛ لأن الصيام مركب من ركنين: النية، والإمساك عن المفطرات، فإذا نوى الإفطار جازماً سقط الركن الأول، وهو أساس الأعمال، وعليه قضاء يوم مكانه.
.حكم من أكل فبان خلاف ظنه:
من أكل أو شرب أو جامع معتقداً أنه في ليل فبان نهاراً، أو أكل أو شرب أو جامع ظاناً غروب الشمس فتبين أنها لم تغرب، فصومه في الحالتين صحيح، ولا قضاء عليه؛ لأنه الأصل، وقد اجتهد وفَعَل ما يجوز له شرعاً، فظهر أنه مخطئ، لكن يجب عليه الإمساك فوراً.
قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [5]} [الأحزاب:5].
.حكم قضاء الست من شوال:
1- صيام الأيام الستة من شوال لا تقضى إذا فات وقتها من غير عذر.
2- من كان معذوراً بمرض لا يمكن معه الصوم، أو استغرقت المرأة صيام شوال قضاءً، فلهذين صيام الست من شوال في ذي القعدة قضاءً كالرواتب الفائتة لعذر.
.13- صيام التطوع:
.أنواع الصيام:
الصيام نوعان:
1- الصيام الواجب: وهو ثلاثة أنواع هي:
صيام رمضان.. وصيام الكفارات.. وصيام النذر.
2- صيام التطوع: وهو كل صيام مشروع ليس بواجب، وهو نوعان:
1- تطوع مطلق كصيام يوم وإفطار يوم.
2- وتطوع مقيد كصيام يوم عرفة وعاشوراء ونحوهما.
وصيام التطوع بعضه آكد من بعض.
.حكمة مشروعية صيام التطوع:
صوم التطوع فيه ثواب عظيم، وزيادة في الأجر، وجبر لما يحصل في الصيام الواجب من نقص أو خلل.
وثمرة الصيام حصول التقوى، وفي صيام التطوع حفظ جوارح المسلم من الآثام على مدار العام، والتقرب إلى الله بما يحب.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قال: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ». أخرجه البخاري.
.هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صيام التطوع:
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قال: مَا صَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَهْراً كَامِلاً قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لا وَالله لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لا وَالله لا يَصُومُ. متفق عليه.
2- وَعَنْ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئاً، وَكَانَ لا تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّياً إِلا رَأيْتَهُ، وَلا نَائِماً إِلا رَأيْتَهُ. أخرجه البخاري.
3- وَعَنَْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْراً أكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ: «خُذُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا». وَأحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا. متفق عليه
.أنواع صيام التطوع:
صوم التطوع المشروع أربعة أنواع:
1- ما يتكرر بتكرر الأيام كصوم يوم وفطر يوم.
2- ما يتكرر بتكرر الأسابيع، وهو صوم يوم الإثنين.
3- ما يتكرر بتكرر الشهور، وهو صيام ثلاثة أيام من كل شهر.
4- ما يتكرر بتكرر السنين، وهو ما يلي:
صيام يوم عرفة.. والعاشر من محرم.. وست من شوال.. وتسع ذي الحجة.. وصوم أكثر شهر الله المحرم.. وصوم أكثر شعبان.
الحجامة والفصد والتبرع بالدم لا يفطر الصائم.
ويجوز ذلك في حق الصائم الذي لا يضعف به.. ويكره في حق من يضعف به.. ويحرم في حق من بلغ به الضعف إلى أن تكون سبباً في إفطاره.
عَنْ أنَس بن مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّهُ سُئِلَ: أكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِم؟ قَالَ: لا، إِلا مِنْ أجْلِ الضَّعْفِ. وَزَادَ شَبابةُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري.
7- خروج القيء، فمن غلبه القيء، أو استقاء لحاجة، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه ولا كفارة.
8- كل ما لا يسمى أكلاً ولا شرباً، ولا يقصد به الأكل والشرب كالكحل والقطرة والحقنة والأدهان والطيب والبخور والحنا ومعجون الأسنان ونحو ذلك.
9- كل ما لا يمكن التحرز منه كالطعام بين الأسنان، والدم اليسير من اللثة والأسنان، إذا اختلط بالريق وغلبه.
وغبار الطريق والطحين والدخان، ونحو ذلك مما لا يمكن التحرز منه إذا بلعه الصائم، والرعاف والنزيف، وخروج المذي والودي ونحو ذلك.
10- بلع النخامة والبلغم لا يفطر الصائم، لكن ذلك مستقذر، فينبغي للإنسان لفظه لقذارته وضرره.
11- ذوق الطعام للحاجة ما لم يصل إلى الجوف فيفطر به.
12- وصال الصيام إلى السحر، والأَوْلى تركه.
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا تُوَاصِلُوا، فَأيُّكُمْ أرَادَ أنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ». قالوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ الله، قال: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ». أخرجه البخاري.
.ما يباح فعله أثناء الصوم:
الأشياء التي لا يفطر بها الصائم، ويجوز للصائم فعلها أثناء النهار ما يلي:
قطرة العين والأنف والأذن.. وبخاخ الربو.. وبخاخ الأنف.. والكحل.. والتحاميل.. والحقن الشرجية.. وتحليل الدم.. والدهانات.. والمراهم.
وإبر الأنسولين.. والإبر العلاجية غير المغذية.. والأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج الأزمات القلبية.. والتخدير إن أفاق جزءاً من النهار.. ومنظار الكشف على المعدة ونحو ذلك مما هو ليس بأكل ولا شرب.
.11- أقسام المفطرات:
فقه المفطرات:
المفطرات هي كل ما يزيد الجسم قوة أو ضعفاً، وهي نوعان:
1- الطعام والشراب الذي يمد الجسم بالتغذية، فيتولد الدم الكثير الذي يجري في العروق، ويزيد قوة الشهوة، ويسهل للشيطان أن يجري في هذا الدم، فيغوي بني آدم، ويزين لهم المعاصي.
2- خروج الأشياء المنهكة للجسم، والتي تزيد الجسم ضعفاً إلى ضعف، فيضعف المسلم بسببها عن الطاعة والعبادة، كالجماع والحيض والنفاس ونحو ذلك.
فمنع الشرع منه رحمة بالعبد وشفقة عليه؛ لئلا يزيد ضعفه إلى ضعف آخر فيقصِّر في أداء ما أمره الله به.
فهذان الأمران هما أساس المفطرات، وعليهما مدار كل مفطر.
.الأشياء التي يفسد بها الصوم:
يفسد الصوم بما يلي:
1- الأكل والشرب في نهار رمضان.
2- الجماع في نهار رمضان.
3- إنزال المني يقظة بتقبيل، أو مباشرة، أو استمناء ونحو ذلك.
4- استعمال الإبر المغذية للبدن في نهار رمضان.
وهذه المفطرات يفطر بها الصائم إذا فعلها عالماً، متعمداً، ذاكراً لصومه.
5- خروج دم الحيض والنفاس.
6- الردة عن الإسلام.
.شروط المفطرات:
شروط المفطرات ثلاثة: العلم.. والذكر.. والعمد.
والصائم له حالتان:
الأولى: أن يفعل شيئاً من مفسدات الصيام السابقة ناسياً، أو جاهلاً، أو بغير قصد، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه.
1- قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة:286].
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأكَلَ أوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ». متفق عليه.
الثانية: أن يفعل شيئاً من مفسدات الصيام مختاراً، عالماً، ذاكراً، من غير رخصة شرعية، فهذا قد فسد صومه، وهو آثم بفعله، وعليه أن يتوب إلى الله من ذنبه، ولا يصح منه الأيام التي أفطرها، وإن كان الفطر بالجماع فعليه إثم الفطر والجماع.
قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [5]} [الأحزاب:5].
.منافذ المفطرات:
ما يفسد الصيام له ستة منافذ:
1- قسم من الفم: وهو الأكل والشرب عمداً.
2- قسم من الأنف: وهو المبالغة في الاستنشاق حتى دخل الماء في جوفه.
3- قسم من الفرج: وهو ثلاثة أقسام:
الجماع.. ونزول المني في غير احتلام بمباشرة أو تقبيل ونحو ذلك.. وخروج دم الحيض والنفاس.
4- قسم من الدماغ: وهو نوعان:
الجنون.. والإغماء.. فمن جن أو أغمي عليه فسد صومه، ولا قضاء عليه؛ لارتفاع التكليف عنه.
5- قسم من سائر البدن: وهو الإبر المغذية للبدن.
6- قسم من العروق: كحقن الدم في الجسم، وغسيل الكلى، ويكون بإخراج الدم من الجسم، ثم إعادته نقياً مع إضافة بعض المواد إليه.
وهذه الأقسام كلها مفسدة للصوم.
.حكم استخدام الصائم الإبر:
الإبر نوعان:
1- الإبر المغذية التي تستخدم في إطعام المرضى، فهذه تفطِّر من استعملها؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب.
2- الإبر غير المغذية التي تستخدم للدواء للتغذية مثل إبر الأنسولين ونحوها، فهذه لا تفطر الصائم؛ لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما.
.حكم استخدام بخاخ الربو:
من كان عنده ضيق في التنفس فيجوز له استخدام البخار، أو بخاخ الربو، من أجل توسيع الشعب الهوائية وترطيبها، ولا يفطر بذلك الصائم.
.حكم حقن الدم في الصائم:
إذا احتاج الصائم إلى دم، كأن يحصل معه نزيف، أو ينقص دمه، فحُقن به دم، فإنه يفطر بذلك؛ لأن الدم خلاصة الغذاء، والغذاء من المفطرات، فيفطر ويقضي فيما بعد.
.الذين يجوز لهم الفطر في رمضان:
الذين يجوز لهم الفطر في رمضان سبعة:
أربعة من أهل القضاء.. وثلاثة من أهل الكفارة.
فأهل القضاء أربعة، وهم:
المسافر إذا أفطر.. والمريض إذا أفطر.. والحامل إذا خافت على نفسها أو ولدها فأفطرت.. والمرضع إذا خافت على الرضيع فأفطرت.
فهؤلاء إذا أفطروا فعليهم القضاء بلا كفارة.
وأهل الكفارة ثلاثة، وهم:
المريض الذي لا يرجى برؤه.. وصاحب العطش الذي لا يصبر عن الماء.. والكبير من الرجال والنساء الذي لا يستطيع الصوم.
فهؤلاء جميعاً يفطرون ويطعمون عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليهم.
.حكم الجماع في نهار رمضان:
1- إذا أنزل الصائم في نهار رمضان باستمناء ومباشرة زوجته بدون جماع، فهو آثم، وعليه القضاء دون الكفارة.
2- من سافر في نهار رمضان، وصام في سفره، ثم جامع زوجته، فعليه القضاء دون الكفارة، ولا إثم عليه.
3- من جامع في نهار رمضان وهو مقيم فعليه القضاء والكفارة والإثم إن كان متعمداً، عالماً، ذاكراً.
فإن كان مكرهاً، أو جاهلاً، أو ناسياً، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه ولا كفارة، والمرأة كالرجل في الحالتين.
.كفارة الفطر بالجماع في نهار رمضان:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ الله! قال: «وَمَا أهْلَكَكَ؟». قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأتِي فِي رَمَضَانَ، قال: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟» قالَ: لا، قال: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟». قال: لا، قالَ: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟». قال: لا، قال: ثُمَّ جَلَسَ، فَأتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمر، فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا». قال: أفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أهْلُ بَيْتٍ أحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قال: «اذْهَبْ فَأطْعِمْهُ أهْلَكَ». متفق عليه.
.متى تسقط الكفارة بالجماع:
تسقط الكفارة فيما يلي:
1- إذا جامع زوجته في السفر.
2- إذا جامع زوجته في قضاء رمضان.
3- إذا جامع زوجته في رمضان دون الفرج فأنزل.
4- إذا كان معذوراً بجهل، أو نسيان، أو إكراه، فلا قضاء عليه ولا كفارة.
5- إذا واقع زوجته في صوم نفل أو نذر.
لا تجب الكفارة مطلقاً بغير الجماع في نهار رمضان ممن يلزمه الصوم.
.حكم من احتال للجماع في نهار رمضان:
من احتال لجماع أهله في رمضان فأفطر بالطعام أو الشراب، ثم جامع أهله لتسقط عنه الكفارة فهذا قد خرق حرمة رمضان بالفطر.. وفَعَل الجماع المحرم في نهار رمضان.. واحتال لمقارفة المحرم.. وأفسد صوم غيره بالجماع فعلى الحاكم أن يستتيبه.. وعليه التوبة إلى الله من ذنبه العظيم.. وعليه القضاء.. وعليه الكفارة المغلظة.
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ؛ أنَّ رَجُلاً وَقَعَ بِامْرَأتِهِ فِي رَمَضَانَ، فَاسْتَفْتَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً؟». قال: لا، قال: «وَهَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ؟». قال: لا، قال: «فَأطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». متفق عليه.
.حكم الكفارة إذا كرر الجماع:
1- تجب الكفارة على من جامع في نهار رمضان متعمداً على الترتيب:
عتق رقبة مؤمنة.. فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين.. فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً.
2- من جامع في نهار رمضان ثم كفر، ثم جامع في يوم آخر، فعليه كفارة أخرى.
3- من جامع مراراً في يوم واحد، فعليه كفارة واحدة، لكن إثمه أعظم.
4- من جامع في نهار رمضان ولم يكفر، ثم جامع في يوم آخر، فعليه كفارة لكل يوم؛ لأن كل يوم عبادة مفردة.
.أقسام الناس في الصيام والقضاء:
الناس في رمضان أربعة أصناف:
1- من يلزمه صوم رمضان أداءً، وهو كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصيام مقيم.
2- من يفطر ويقضي وهم سبعة:
المريض الذي يرجى زوال مرضه.. المسافر.. الحائض والنفساء.. الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو الجنين أو الرضيع.. المفطر لإنقاذ من وقع في هلكة.
3- من لا يجب عليه الصيام أداءً ولا قضاءً، وإنما تجب عليه الكفارة بدل الصيام وهم ثلاثة:
الشيخ الكبير.. والعجوز الكبيرة.. والمريض الذي لا يرجى برؤه.
4- من لا يجب عليه الصيام أداء ولا قضاءً، ولا يصح منه، وهم أربعة:
1- الكافر: فالصوم عبادة لا تصح من كافر.
2- الصغير دون البلوغ: والمميز يصح منه، ولا يجب عليه أداءً ولا قضاءً.
3- المجنون: لأنه مرفوع عنه القلم.
4- الخرف في عقله: لأنه مرفوع عنه القلم، فلا يجب عليه، ولا يطعم عنه.
12-.الذين يجب عليهم الصيام والقضاء والإطعام.
1- الله عز وجل أوجب صيام رمضان أداءً في حق غير ذوي الأعذار.
2- وأوجبه قضاءً في حق ذوي الأعذار التي تزول كالسفر والمرض والحيض والنفاس.
3- وأوجب الإطعام في حق من لا يستطيع الصيام أداء ولا قضاء كالكبير، والمريض الذي لا يرجى برؤه.
.حكم قضاء رمضان:
1- يجب على من أفطر في نهار رمضان بعذر أن يقضي جميع الأيام التي أفطرها؛ لأنها دين لله يجب أداؤه إلا إن كان عاجزاً عن الصيام فيطعم عن كل يوم مسكيناً.
2- ويسن قضاء رمضان فوراً متتابعاً، وإذا ضاق الوقت وجب التتابع، وإن أخر قضاء رمضان إلى ما بعد رمضان آخر بغير عذر فهو آثم، وعليه القضاء.
3- قضاء رمضان لا يجب على الفور، وإنما يجب على التراخي وجوباً موسعاً، لكن تستحب المبادرة بالقضاء.
1- قال الله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [61]} [المؤمنون:61].
2- وَعَنْ أبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أسْتَطِيعُ أنْ أقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ الله؟، أوْ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
.حكم قضاء من أفطر رمضان متعمداً:
من أفطر رمضان أو بعضه عالماً متعمداً ذاكراً من غير عذر، لم يجزه صيام الدهر كله، فلا يشرع له القضاء، ولا يصح منه، وهو آثم إثماً عظيماً؛ لأنه انتهك حرمة الشهر، وحرمة الأمر، متعمداً من غير عذر، فعليه التوبة والاستغفار من ذنبه.
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا [110]} [النساء:110].
.حكم صوم التطوع قبل القضاء:
1- من كان عليه قضاء من رمضان فإنه يبدأ بالقضاء قبل التطوع؛ لأن الفرض مقدم على النفل، وأداء الفرائض أحب إلى الله.
2- من كان عليه صيام من رمضان فالسنة أن يقضيه، ثم يصوم الستة أيام من شوال؛ ليحصل على فضيلة ثواب صوم الدهر، باتباع رمضان بست من شوال.
عَنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». أخرجه مسلم.
3- السنة أن يبادر المسلم إلى قضاء ما فاته من رمضان، لكن لو صام تطوعاً قبل أن يقضي ذلك جاز له، خاصة إذا كان الصوم مما له فضيلة تفوت كيوم عرفة، والعاشر من محرم ونحوهما؛ لأن وقت القضاء موسّع.
.حكم قضاء الصيام عن الميت:
من مات وعليه صيام من رمضان فله ثلاث حالات:
1- أن يتصل عذره بموته فلا يتمكن من القضاء حتى يموت وهو غير قادر على القضاء، فهذا ليس عليه ولا على ورثته صيام ولا إطعام.
2- أن يزول عذره، ويتمكن من القضاء، لكنه لم يقض حتى مات، فهذا يصوم عنه وليه؛ لأنه دَيْن يجب قضاؤه.
3- أن يموت وعليه صوم نذر، فهذا يصوم عنه وليه؛ لأنه دَيْن في ذمته يجب قضاؤه.
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقال: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أفَأقْضِيهِ عَنْهَا؟ قال: «نَعَمْ» قال: «فَدَيْنُ الله أحَقُّ أنْ يُقْضَى». متفق عليه.
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ». متفق عليه.
.حكم الصيام والإطعام في القضاء:
من مات وعليه صيام واجب كقضاء رمضان، أو صوم نذر، فالسنة أن يقضيه عنه وليه، والولي هو الوارث، وإن قضاه عنه غيره أجزأ عنه.
وإن صام عنه رجال أو نساء بعدد الأيام التي عليه جاز ذلك.
وإن جمع وليه المساكين بعدد الأيام التي عليه وأطعمهم أجزأ ذلك عنه.
.صفة قضاء صيام رمضان:
من كان عليه قضاء من رمضان فله أن يقضيه متتابعاً أو مفرقاً حسب الأرفق به، فإن استويا فالتتابع في القضاء أولى؛ لأن القضاء يحكي الأداء، والمسارعة في القضاء أولى للقادر.
قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [185]} [البقرة:185].
.حكم من نوى الإفطار:
من نوى الإفطار أفطر؛ لأن الصيام مركب من ركنين: النية، والإمساك عن المفطرات، فإذا نوى الإفطار جازماً سقط الركن الأول، وهو أساس الأعمال، وعليه قضاء يوم مكانه.
.حكم من أكل فبان خلاف ظنه:
من أكل أو شرب أو جامع معتقداً أنه في ليل فبان نهاراً، أو أكل أو شرب أو جامع ظاناً غروب الشمس فتبين أنها لم تغرب، فصومه في الحالتين صحيح، ولا قضاء عليه؛ لأنه الأصل، وقد اجتهد وفَعَل ما يجوز له شرعاً، فظهر أنه مخطئ، لكن يجب عليه الإمساك فوراً.
قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [5]} [الأحزاب:5].
.حكم قضاء الست من شوال:
1- صيام الأيام الستة من شوال لا تقضى إذا فات وقتها من غير عذر.
2- من كان معذوراً بمرض لا يمكن معه الصوم، أو استغرقت المرأة صيام شوال قضاءً، فلهذين صيام الست من شوال في ذي القعدة قضاءً كالرواتب الفائتة لعذر.
.13- صيام التطوع:
.أنواع الصيام:
الصيام نوعان:
1- الصيام الواجب: وهو ثلاثة أنواع هي:
صيام رمضان.. وصيام الكفارات.. وصيام النذر.
2- صيام التطوع: وهو كل صيام مشروع ليس بواجب، وهو نوعان:
1- تطوع مطلق كصيام يوم وإفطار يوم.
2- وتطوع مقيد كصيام يوم عرفة وعاشوراء ونحوهما.
وصيام التطوع بعضه آكد من بعض.
.حكمة مشروعية صيام التطوع:
صوم التطوع فيه ثواب عظيم، وزيادة في الأجر، وجبر لما يحصل في الصيام الواجب من نقص أو خلل.
وثمرة الصيام حصول التقوى، وفي صيام التطوع حفظ جوارح المسلم من الآثام على مدار العام، والتقرب إلى الله بما يحب.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قال: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ». أخرجه البخاري.
.هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صيام التطوع:
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قال: مَا صَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَهْراً كَامِلاً قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لا وَالله لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لا وَالله لا يَصُومُ. متفق عليه.
2- وَعَنْ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئاً، وَكَانَ لا تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّياً إِلا رَأيْتَهُ، وَلا نَائِماً إِلا رَأيْتَهُ. أخرجه البخاري.
3- وَعَنَْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْراً أكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ: «خُذُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا». وَأحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا. متفق عليه
.أنواع صيام التطوع:
صوم التطوع المشروع أربعة أنواع:
1- ما يتكرر بتكرر الأيام كصوم يوم وفطر يوم.
2- ما يتكرر بتكرر الأسابيع، وهو صوم يوم الإثنين.
3- ما يتكرر بتكرر الشهور، وهو صيام ثلاثة أيام من كل شهر.
4- ما يتكرر بتكرر السنين، وهو ما يلي:
صيام يوم عرفة.. والعاشر من محرم.. وست من شوال.. وتسع ذي الحجة.. وصوم أكثر شهر الله المحرم.. وصوم أكثر شعبان.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
أقسام صيام التطوع:
ينقسم صيام التطوع إلى ثمانية أقسام:
الأول: صوم يوم وإفطار يوم: وهو أفضل صيام التطوع، وهو صوم داود؟.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى الله صِيَامُ دَاوُدَ، وَأحَبَّ الصَّلاةِ إِلَى الله صَلاةُ دَاوُدَ (عَلَيْهِ السَّلام). كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً». متفق عليه.
الثاني: صيام شهر الله المحرم: وهو أفضل الصيام بعد رمضان، وآكده العاشر ثم التاسع، وصوم العاشر يكفر ذنوب السنة الماضية، ويسن أن يصوم التاسع ثم العاشر مخالفة لليهود.
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ الله المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، فَرَأى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقال: «مَا هَذَا». قالوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قال: «فَأنَا أحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ». فَصَامَهُ وَأمَرَ بِصِيَامِهِ. متفق عليه.
3- وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: حِينَ صَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا اليَوْمَ التَّاسِعَ». قال: فَلَمْ يَأْتِ العَامُ المُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم.
الثالث: صيام ست من شوال: والأفضل أن تكون متتابعة بعد العيد، ويجوز تفريقها.
عَنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». أخرجه مسلم.
الرابع: صيام ثلاثة أيام من كل شهر: وهي كصيام الدهر.
ويسن أن تكون أيام البيض، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر، أو يصوم أيام الإثنين، أو يصوم ما شاء من الشهر.
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ، لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ. متفق عليه.
2- وَعَنْ أَبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذرٍّ إِذا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثلاَثةَ أَيَّامٍ فَصُمْ ثلاَث عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ». أخرجه الترمذي.
3- وَعَنْ مُعَاذَةُ أنَّهَا سَألَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيَّامٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ لَهَا: مِنْ أيِّ أيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ؟ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أيِّ أيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ. أخرجه مسلم.
الخامس: صيام يوم الإثنين من كل أسبوع.
عَنْ أبِي قَتَادَةَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ الإثْنَيْنِ؟ فَقَالَ: «فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ». أخرجه مسلم.
السادس: صيام تسعة أيام من أول شهر ذي الحجة، وأفضلها التاسع، وهو يوم عرفة، ويسن صيامه لغير حاج، وصيام يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية، ويستحب للمسافر صوم يوم عرفة وعاشوراء؛ لأنه يفوت وقتهما.
1- عَنْ أبِي قَتَادَةَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ: رَضِينَا بِالله رَبّاً، وَبِالإسْلامِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا، وَبِبَيْعَتِنَا بَيْعَةً. قال: فَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ؟ فَقَالَ: «لا صَامَ وَلا أفْطَرَ (أوْ مَا صَامَ وَمَا أفْطَرَ»). قال: فَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ؟ قال: «وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ؟». قال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمَيْنِ؟ قال: «لَيْتَ أنَّ اللهَ قَوَّانَا لِذَلِكَ». قال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ؟ قال: «ذَاكَ صَوْمُ أخِي دَاوُدَعَلَيْهِ السَّلام». قال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الإثْنَيْنِ، قال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ». قال: فَقَالَ «صَوْمُ ثَلاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ، صَوْمُ الدَّهْرِ». قال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ». قال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ». قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ». أخرجه البخاري.
السابع: الصيام في سبيل الله لمن يطيقه بلا ضرر ولا تفويت مصلحة.
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضيَ اللهُ عَنهُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً». متفق عليه.
الثامن: صيام أكثر شعبان: ويسن أن لا يخلي شهراً من صيام.
عَنْ عَائِشَةَ رضيَ اللهُ عَنهَا قالتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ، فَمَا رَأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ، وَمَا رَأيْتُهُ أكْثَرَ صِيَاماً مِنْهُ فِي شَعْبَانَ. متفق عليه.
هذه أهم الأيام التي يسن صومها، ويسن للمسلم المحافظة عليها زيادة في الأجر، وسداً لنقص الصوم الواجب.
.أفضل صيام التطوع:
1- عَنْ عَبْدالله بن عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أخْبِرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أنِّي أقُولُ: وَالله لأصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلأقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ. فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بأبي أنْتَ وَأمِّي، قال: «فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أيَّامٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ». قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قال:«فَصُمْ يَوْماً وَأفْطِرْ يَوْمَيْنِ». قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قال: «فَصُمْ يَوْماً وَأفْطِرْ يَوْماً، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام، وَهُوَ أفْضَلُ الصِّيَامِ». فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ». متفق عليه.
2- وَعَنْ عَبْدالله بْن عَمْرو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَالله، ألَمْ أخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ». فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قال: «فَلا تَفْعَلْ، صُمْ وَأفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ». متفق عليه.
3- وَعنْ عَبْدالله بْن عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى الله صِيَامُ دَاوُدَ: كَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً وَأحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى الله صَلاةُ دَاوُدَ: كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ». متفق عليه.
.الذين لا يجوز لهم صوم التطوع إلا بإذن:
يسن صوم التطوع للرجال والنساء على حد سواء.
والذين لا يجوز لهم صوم التطوع إلا بإذن هم:
الزوجة لا تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها.. والأَمَة لا تصوم تطوعاً إلا بإذن سيدها.. والعبد لا يصوم تطوعاً إلا بإذن سيده.. والأجير لا يصوم تطوعاً إلا بإذن من استأجره إن كان الصوم يضر بعمله.
أما صوم رمضان، وقضاء رمضان إذا ضاق وقته فيصام بلا إذن أحد.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَصُومُ المَرْأةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ». متفق عليه.
.ما يفعله الصائم إذا دعي لطعام:
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا دُعِيَ أحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنْ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أمِّ سُلَيْمٍ، فَأتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قال: «أعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ». متفق عليه.
.حكم قطع صوم التطوع:
1- الواجب نية الصيام المفروض قبل الفجر؛ لأن النية ركن في كل عبادة من أولها.
2- يصح صوم النفل بنية من النهار إن لم يكن قد أتى بمفطر بعد الفجر وقبل النية، ويثاب على الصوم من وقت النية؛ لأن ما قبله لا نية فيه، فلا يقع عبادة.
3- يسن للصائم تطوعاً إكمال صومه، ولا ينبغي قطعه بلا عذر؛ لما فيه من تفويت الأجر، ولا يجب قضاؤه.
4- ينبغي للصائم تطوعاً مراعاة المصلحة في إمضاء صومه أو فطره، فإن حقق فطره مصلحة له أو لغيره كإدخال السرور على قلب من دعاه إلى وليمة نهاراً، أوحصل له عذر، فهذا يسن له الفطر، وإن لم تكن مصلحة فالأولى كسب الأجر بالصوم.
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ: «يَا عَائِشَةُ! هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟». قَالَتْ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ، قال: «فَإِنِّي صَائِمٌ». قَالَتْ: فَخَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ أوْ جَاءَنَا زَوْرٌ قَالَتْ: فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ أوْ جَاءَنَا زَوْرٌ وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئاً، قال: «مَا هُوَ» قُلْتُ: حَيْسٌ، قال: «هَاتِيهِ». فَجِئْتُ بِهِ فَأكَلَ. أخرجه مسلم.
.حكم صيام يوم السبت والأحد:
يستحب صيام يوم السبت والأحد؛ لأنهما عيدان للمشركين، وبصيامهما تحصل المخالفة لهم، ويكره إفراد السبت أو الأحد بالصيام؛ لأن فيه تعظيم عيد الكفار، ويجوز صوم الجمعة أو السبت أو الأحد إذا قرنه بغيره.
.ما يكره صومه من الأيام والشهور:
1- يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا إذا كان يوافق عادة له في صيامه فلا يكره؛ لأن يوم الجمعة يوم عيد فلا يصام مفرداً.
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلا يَوْماً قَبْلَهُ أوْ بَعْدَهُ». متفق عليه.
2- وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقالَ: «أصُمْتِ أمْسِ؟». قالتْ: لا، قال: «تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَداً؟». قالتْ: لا، قال: «فَأفْطِرِي». أخرجه البخاري.
2- يكره إفراد رجب بالصوم؛ لأن أهل الجاهلية يعظمونه، وفي صومه إحياء لذلك.
.الأيام المنهي عن صيامها:
1- صوم يوم عيد الفطر والأضحى.
1- عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ. متفق عليه.
2- وَعَنْ أبِي عُبَيْدٍ قالَ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَجَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ، نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ. متفق عليه.
2- صيام أيام التشريق إلا لحاج لم يجد الهدي، وهي الأيام الثلاثة التي تلي العيد.
1- قال الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة:196].
2- وَعَنْ نُبَيْشَةَ الهُذَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيَّامُ التَّشْرِيقِ أيَّامُ أكْلٍ وَشُرْبٍ». أخرجه مسلم.
3- صوم يوم الجمعة منفرداً:
أما إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم عاشوراء، أو وافق صياماً معتاداً له، فلا حرج في إفراده بالصيام؛ لأنه لم يتعمده بعينه.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلا يَوْماً قَبْلَهُ أوْ بَعْدَهُ». متفق عليه.
4- صوم يوم الشك على نية الاحتياط لصوم رمضان.
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر.
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَتَقَدَّمَنَّ أحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أوْ يَوْمَيْنِ، إِلا أنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ». متفق عليه.
2- وَعَنْ عَمَّار رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يَشُكُ فِيهِ النّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود والترمذي.
5- صيام الدهر: لما فيه من المشقة والضعف والحرج.
عَنْ عَبْدالله بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ». فَقُلْتُ: نَعَمْ، قال: «إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ العَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، لا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ». قُلْتُ: فَإِنِّي أُطيقُ أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قال: «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام، كَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً، وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى». متفق عليه.
6- صوم المرأة تطوعاً بغير إذن زوجها، فإن كان غائباً فلها أن تصوم بلا إذنه.
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَصُمِ المَرْأةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ، وَلا تَأْذَنْ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ، وَمَا أنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أمْرِهِ فَإِنَّ نِصْفَ أجْرِهِ لَهُ». متفق عليه.
.فضل صيام الواجب والمسنون:
1- عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ، هُوَ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ». متفق عليه.
2- وَعَنْ سَهْلٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَاباً يُقال لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ مِنْهُ أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقال أيْنَ الصَّائِمُونَ، فَيَقُومُونَ لا يَدْخُلُ مِنْهُ أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أحَدٌ». متفق عليه.
3- وَعَنْ عَبْدِالله بنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». متفق عليه.
.شروط اعتكاف المرأة:
يشترط لصحة اعتكاف المرأة ثلاثة شروط:
1- أن يأذن لها وليها في الاعتكاف.
2- أن لا يكون في اعتكافها فتنة لها أو لغيرها.
3- أن تستتر عن الرجال في خباء خاص بالنساء؛ لئلا تَفتن أو تُفتن.
.حكم اعتكاف المرأة المستحاضة:
يسن للمرأة المسلمة الاعتكاف في المسجد، سواء كانت طاهراً، أو مستحاضة، أو حائضاً، لكن ينبغي للمستحاضة والحائض أن تتحفظ لئلا تلوث المسجد، وليس للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها؛ لأنه ليس بمسجد حقيقة.
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالتِ: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم امْرَأةٌ مِنْ أزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي. أخرجه البخاري.
2- وَعَنْ أمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: أمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، أنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ وَالحُيَّضَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فَأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، قُلْتُ يَا رَسُولَ الله! إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قال: «لِتُلْبِسْهَا أخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا». متفق عليه.
.حكم زيارة المرأة زوجها في معتكفه:
يجوز للمرأة أن تزور زوجها في معتكفه، وله أن يخلو بها، ويقلبها إلى بيتها، ولأهله وأصحابه أن يزوروه.
عَنْ عَلِيّ بن الحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَتْهُ: أنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي المَسْجِدِ، فِي العَشْرِ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ باب المَسْجِدِ عِنْدَ باب أمِّ سَلَمَةَ، مَرَّ رَجُلانِ مِنَ الأنْصار، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقال لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ». فَقالا: سُبْحَانَ الله يَا رَسُولَ الله، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئاً». متفق عليه.
.حكم قطع الاعتكاف:
1- يسن للمسلم إذا نوى الاعتكاف وشرع فيه أن يتمه، ويجوز له قطع الاعتكاف لعذر أو مصلحة قبل تمام المدة، ولا حرج عليه.
2- الاعتكاف سنة، ومن قطعه لعذر فيستحب له قضاؤه ولا يجب، ولا حرج عليه.
عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنهَا قالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أضْرِبُ لَهُ خِبَاءً، فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأذِنَتْ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أصْبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَأى الأخْبِيَةَ، فَقال: «مَا هَذَا». فَأُخْبِرَ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «آلْبِرَّ تُرَوْنَ بِهِنَّ». فَتَرَكَ الاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْراً مِنْ شَوَّالٍ. متفق عليه.
.ما يبطل به الاعتكاف:
يبطل الاعتكاف بما يلي:
1- الخروج من المسجد لغير حاجة.
2- الجماع، فمن جامع زوجته وهو معتكف بطل اعتكافه، وله مباشرتها ولمسها من غير شهوة، والاحتلام لا يفسد الاعتكاف.
3- السكر.
4- الردة.
1- قال الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [187]} [البقرة:187].
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إِذَا اعْتَكَفَ، يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لا يَدْخُلُ البَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإنْسَانِ. متفق عليه.
ينقسم صيام التطوع إلى ثمانية أقسام:
الأول: صوم يوم وإفطار يوم: وهو أفضل صيام التطوع، وهو صوم داود؟.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى الله صِيَامُ دَاوُدَ، وَأحَبَّ الصَّلاةِ إِلَى الله صَلاةُ دَاوُدَ (عَلَيْهِ السَّلام). كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً». متفق عليه.
الثاني: صيام شهر الله المحرم: وهو أفضل الصيام بعد رمضان، وآكده العاشر ثم التاسع، وصوم العاشر يكفر ذنوب السنة الماضية، ويسن أن يصوم التاسع ثم العاشر مخالفة لليهود.
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ الله المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، فَرَأى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقال: «مَا هَذَا». قالوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قال: «فَأنَا أحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ». فَصَامَهُ وَأمَرَ بِصِيَامِهِ. متفق عليه.
3- وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: حِينَ صَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا اليَوْمَ التَّاسِعَ». قال: فَلَمْ يَأْتِ العَامُ المُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم.
الثالث: صيام ست من شوال: والأفضل أن تكون متتابعة بعد العيد، ويجوز تفريقها.
عَنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». أخرجه مسلم.
الرابع: صيام ثلاثة أيام من كل شهر: وهي كصيام الدهر.
ويسن أن تكون أيام البيض، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر، أو يصوم أيام الإثنين، أو يصوم ما شاء من الشهر.
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ، لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ. متفق عليه.
2- وَعَنْ أَبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذرٍّ إِذا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثلاَثةَ أَيَّامٍ فَصُمْ ثلاَث عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ». أخرجه الترمذي.
3- وَعَنْ مُعَاذَةُ أنَّهَا سَألَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيَّامٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ لَهَا: مِنْ أيِّ أيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ؟ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أيِّ أيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ. أخرجه مسلم.
الخامس: صيام يوم الإثنين من كل أسبوع.
عَنْ أبِي قَتَادَةَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ الإثْنَيْنِ؟ فَقَالَ: «فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ». أخرجه مسلم.
السادس: صيام تسعة أيام من أول شهر ذي الحجة، وأفضلها التاسع، وهو يوم عرفة، ويسن صيامه لغير حاج، وصيام يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية، ويستحب للمسافر صوم يوم عرفة وعاشوراء؛ لأنه يفوت وقتهما.
1- عَنْ أبِي قَتَادَةَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ: رَضِينَا بِالله رَبّاً، وَبِالإسْلامِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا، وَبِبَيْعَتِنَا بَيْعَةً. قال: فَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ؟ فَقَالَ: «لا صَامَ وَلا أفْطَرَ (أوْ مَا صَامَ وَمَا أفْطَرَ»). قال: فَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ؟ قال: «وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ؟». قال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمَيْنِ؟ قال: «لَيْتَ أنَّ اللهَ قَوَّانَا لِذَلِكَ». قال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ؟ قال: «ذَاكَ صَوْمُ أخِي دَاوُدَعَلَيْهِ السَّلام». قال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الإثْنَيْنِ، قال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ». قال: فَقَالَ «صَوْمُ ثَلاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ، صَوْمُ الدَّهْرِ». قال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ». قال: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ». قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ». أخرجه البخاري.
السابع: الصيام في سبيل الله لمن يطيقه بلا ضرر ولا تفويت مصلحة.
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضيَ اللهُ عَنهُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً». متفق عليه.
الثامن: صيام أكثر شعبان: ويسن أن لا يخلي شهراً من صيام.
عَنْ عَائِشَةَ رضيَ اللهُ عَنهَا قالتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ، فَمَا رَأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ، وَمَا رَأيْتُهُ أكْثَرَ صِيَاماً مِنْهُ فِي شَعْبَانَ. متفق عليه.
هذه أهم الأيام التي يسن صومها، ويسن للمسلم المحافظة عليها زيادة في الأجر، وسداً لنقص الصوم الواجب.
.أفضل صيام التطوع:
1- عَنْ عَبْدالله بن عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أخْبِرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أنِّي أقُولُ: وَالله لأصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلأقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ. فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بأبي أنْتَ وَأمِّي، قال: «فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أيَّامٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ». قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قال:«فَصُمْ يَوْماً وَأفْطِرْ يَوْمَيْنِ». قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قال: «فَصُمْ يَوْماً وَأفْطِرْ يَوْماً، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام، وَهُوَ أفْضَلُ الصِّيَامِ». فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا أفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ». متفق عليه.
2- وَعَنْ عَبْدالله بْن عَمْرو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَالله، ألَمْ أخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ». فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قال: «فَلا تَفْعَلْ، صُمْ وَأفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ». متفق عليه.
3- وَعنْ عَبْدالله بْن عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى الله صِيَامُ دَاوُدَ: كَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً وَأحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى الله صَلاةُ دَاوُدَ: كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ». متفق عليه.
.الذين لا يجوز لهم صوم التطوع إلا بإذن:
يسن صوم التطوع للرجال والنساء على حد سواء.
والذين لا يجوز لهم صوم التطوع إلا بإذن هم:
الزوجة لا تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها.. والأَمَة لا تصوم تطوعاً إلا بإذن سيدها.. والعبد لا يصوم تطوعاً إلا بإذن سيده.. والأجير لا يصوم تطوعاً إلا بإذن من استأجره إن كان الصوم يضر بعمله.
أما صوم رمضان، وقضاء رمضان إذا ضاق وقته فيصام بلا إذن أحد.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَصُومُ المَرْأةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ». متفق عليه.
.ما يفعله الصائم إذا دعي لطعام:
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا دُعِيَ أحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنْ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أمِّ سُلَيْمٍ، فَأتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قال: «أعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ». متفق عليه.
.حكم قطع صوم التطوع:
1- الواجب نية الصيام المفروض قبل الفجر؛ لأن النية ركن في كل عبادة من أولها.
2- يصح صوم النفل بنية من النهار إن لم يكن قد أتى بمفطر بعد الفجر وقبل النية، ويثاب على الصوم من وقت النية؛ لأن ما قبله لا نية فيه، فلا يقع عبادة.
3- يسن للصائم تطوعاً إكمال صومه، ولا ينبغي قطعه بلا عذر؛ لما فيه من تفويت الأجر، ولا يجب قضاؤه.
4- ينبغي للصائم تطوعاً مراعاة المصلحة في إمضاء صومه أو فطره، فإن حقق فطره مصلحة له أو لغيره كإدخال السرور على قلب من دعاه إلى وليمة نهاراً، أوحصل له عذر، فهذا يسن له الفطر، وإن لم تكن مصلحة فالأولى كسب الأجر بالصوم.
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ: «يَا عَائِشَةُ! هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟». قَالَتْ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ، قال: «فَإِنِّي صَائِمٌ». قَالَتْ: فَخَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ أوْ جَاءَنَا زَوْرٌ قَالَتْ: فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ أوْ جَاءَنَا زَوْرٌ وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئاً، قال: «مَا هُوَ» قُلْتُ: حَيْسٌ، قال: «هَاتِيهِ». فَجِئْتُ بِهِ فَأكَلَ. أخرجه مسلم.
.حكم صيام يوم السبت والأحد:
يستحب صيام يوم السبت والأحد؛ لأنهما عيدان للمشركين، وبصيامهما تحصل المخالفة لهم، ويكره إفراد السبت أو الأحد بالصيام؛ لأن فيه تعظيم عيد الكفار، ويجوز صوم الجمعة أو السبت أو الأحد إذا قرنه بغيره.
.ما يكره صومه من الأيام والشهور:
1- يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا إذا كان يوافق عادة له في صيامه فلا يكره؛ لأن يوم الجمعة يوم عيد فلا يصام مفرداً.
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلا يَوْماً قَبْلَهُ أوْ بَعْدَهُ». متفق عليه.
2- وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقالَ: «أصُمْتِ أمْسِ؟». قالتْ: لا، قال: «تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَداً؟». قالتْ: لا، قال: «فَأفْطِرِي». أخرجه البخاري.
2- يكره إفراد رجب بالصوم؛ لأن أهل الجاهلية يعظمونه، وفي صومه إحياء لذلك.
.الأيام المنهي عن صيامها:
1- صوم يوم عيد الفطر والأضحى.
1- عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ. متفق عليه.
2- وَعَنْ أبِي عُبَيْدٍ قالَ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَجَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ، نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ. متفق عليه.
2- صيام أيام التشريق إلا لحاج لم يجد الهدي، وهي الأيام الثلاثة التي تلي العيد.
1- قال الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة:196].
2- وَعَنْ نُبَيْشَةَ الهُذَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيَّامُ التَّشْرِيقِ أيَّامُ أكْلٍ وَشُرْبٍ». أخرجه مسلم.
3- صوم يوم الجمعة منفرداً:
أما إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم عاشوراء، أو وافق صياماً معتاداً له، فلا حرج في إفراده بالصيام؛ لأنه لم يتعمده بعينه.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلا يَوْماً قَبْلَهُ أوْ بَعْدَهُ». متفق عليه.
4- صوم يوم الشك على نية الاحتياط لصوم رمضان.
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر.
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَتَقَدَّمَنَّ أحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أوْ يَوْمَيْنِ، إِلا أنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ». متفق عليه.
2- وَعَنْ عَمَّار رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يَشُكُ فِيهِ النّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود والترمذي.
5- صيام الدهر: لما فيه من المشقة والضعف والحرج.
عَنْ عَبْدالله بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ». فَقُلْتُ: نَعَمْ، قال: «إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ العَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، لا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ». قُلْتُ: فَإِنِّي أُطيقُ أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قال: «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام، كَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً، وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى». متفق عليه.
6- صوم المرأة تطوعاً بغير إذن زوجها، فإن كان غائباً فلها أن تصوم بلا إذنه.
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَصُمِ المَرْأةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ، وَلا تَأْذَنْ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ، وَمَا أنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أمْرِهِ فَإِنَّ نِصْفَ أجْرِهِ لَهُ». متفق عليه.
.فضل صيام الواجب والمسنون:
1- عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ، هُوَ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ». متفق عليه.
2- وَعَنْ سَهْلٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَاباً يُقال لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ مِنْهُ أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقال أيْنَ الصَّائِمُونَ، فَيَقُومُونَ لا يَدْخُلُ مِنْهُ أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أحَدٌ». متفق عليه.
3- وَعَنْ عَبْدِالله بنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». متفق عليه.
.شروط اعتكاف المرأة:
يشترط لصحة اعتكاف المرأة ثلاثة شروط:
1- أن يأذن لها وليها في الاعتكاف.
2- أن لا يكون في اعتكافها فتنة لها أو لغيرها.
3- أن تستتر عن الرجال في خباء خاص بالنساء؛ لئلا تَفتن أو تُفتن.
.حكم اعتكاف المرأة المستحاضة:
يسن للمرأة المسلمة الاعتكاف في المسجد، سواء كانت طاهراً، أو مستحاضة، أو حائضاً، لكن ينبغي للمستحاضة والحائض أن تتحفظ لئلا تلوث المسجد، وليس للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها؛ لأنه ليس بمسجد حقيقة.
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالتِ: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم امْرَأةٌ مِنْ أزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي. أخرجه البخاري.
2- وَعَنْ أمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: أمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، أنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ وَالحُيَّضَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فَأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، قُلْتُ يَا رَسُولَ الله! إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قال: «لِتُلْبِسْهَا أخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا». متفق عليه.
.حكم زيارة المرأة زوجها في معتكفه:
يجوز للمرأة أن تزور زوجها في معتكفه، وله أن يخلو بها، ويقلبها إلى بيتها، ولأهله وأصحابه أن يزوروه.
عَنْ عَلِيّ بن الحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَتْهُ: أنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي المَسْجِدِ، فِي العَشْرِ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ باب المَسْجِدِ عِنْدَ باب أمِّ سَلَمَةَ، مَرَّ رَجُلانِ مِنَ الأنْصار، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقال لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ». فَقالا: سُبْحَانَ الله يَا رَسُولَ الله، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئاً». متفق عليه.
.حكم قطع الاعتكاف:
1- يسن للمسلم إذا نوى الاعتكاف وشرع فيه أن يتمه، ويجوز له قطع الاعتكاف لعذر أو مصلحة قبل تمام المدة، ولا حرج عليه.
2- الاعتكاف سنة، ومن قطعه لعذر فيستحب له قضاؤه ولا يجب، ولا حرج عليه.
عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنهَا قالتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأواخر مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أضْرِبُ لَهُ خِبَاءً، فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأذِنَتْ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أصْبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَأى الأخْبِيَةَ، فَقال: «مَا هَذَا». فَأُخْبِرَ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «آلْبِرَّ تُرَوْنَ بِهِنَّ». فَتَرَكَ الاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْراً مِنْ شَوَّالٍ. متفق عليه.
.ما يبطل به الاعتكاف:
يبطل الاعتكاف بما يلي:
1- الخروج من المسجد لغير حاجة.
2- الجماع، فمن جامع زوجته وهو معتكف بطل اعتكافه، وله مباشرتها ولمسها من غير شهوة، والاحتلام لا يفسد الاعتكاف.
3- السكر.
4- الردة.
1- قال الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [187]} [البقرة:187].
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إِذَا اعْتَكَفَ، يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لا يَدْخُلُ البَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإنْسَانِ. متفق عليه.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
تفقه في الصيام مع الشيخ بن عثيمين
كتاب الصيام
تعريف الصيام
لغة : مصدر صام يصوم ، ومعناه : أمسك .
شرعاً : التعبد لله تعالى بالإمساك عن الأكل والشرب ، وسائر المفطرات ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
يقول الشيخ : ويجب التفطن لإلحاق كلمة التعبد في التعريف، لأن كثيراً من الفقهاء لا يذكرونها ، بل يقولون : الإمساك عن المفطرات ... ، ولكن ينبغي أن نزيد هذه الكلمة حتى لا يكون مجرد إمساك ، بل تكون عبادة .
حكم صيام رمضان
واجب بالنص والإجماع . ومرتبته في الدين الإسلامي : أنه أحد أركانه .
مسألة : متى يجب صوم رمضان ؟
يجب بأحد أمرين :
1- رؤية هلاله ، قال تعالى : فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ . وقوله عليه السلام: إذا رأيتُمُوهُ فَصُومُوا متفق عليه]
2- إتمام شعبان ثلاثين يوماً لأن الشهر الهلالي لا يمكن أن يزيد عن ثلاثين يوماً ، ولا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً.
وعلم منه أنه لا يجب الصوم بمقتضى الحساب، لأن الشرع علق هذا الحكم بأمر محسوس، وهو الرؤية.
مسألة : إن حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر (أي التراب الذي يأتي مع الرياح) ليلة الثلاثين من شعبان فما العمل؟ الراجح أنه يحرم صيام ذلك اليوم ، ولكن إذا ثبت عند الإمام وجوب صوم ذلك اليوم وأمر الناس بصيامه فإنه لا ينابذ ، ويحصل عدم منابذته بألا يظهر الإنسان فطره ذلك اليوم ، وإنما يفطر سراً.
وأدلة القول بالتحريم :1- قوله عليه السلام : لا تقْدُموا رمضانَ بصومِ يومٍ ولا يومينِ . إلا رجلٌ كان يصومُ صومًا ، فلْيصمْه. [متفق عليه] وإن لم يكن يصوم صوماً فصام هذا اليوم الذي يشك فيه فقد تقدم رمضان بيوم.
2- قوله عليه السلام: هلك المتنطعون [رواه مسلم]. فإن هذا من باب التنطع في العبادة والاحتياط بها في غير محله.
3- وقوله عليه السلام: الشهرُ تسعٌ وعشرونَ ليلةً ، فلا تَصوموا حتى تَرَوْهُ ، فإنْ غُمَّ عليكم فأكمِلوا العدةَ ثلاثينَ . [رواه البخاري]. فقوله : أكملوا العدة ثلاثين أمر ، والأصل في الأمر الوجوب ، فإذا وجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً حرم الصوم.
مسألة : إذا رأى الهلال أهل بلد دون غيرهم ، فهل يلزم الصوم كل الناس؟
في المسألة أقوال أربعة :
1- يلزم الناس كلهم الصوم، وهذا هو المذهب.
2- لا يجب إلا على من رآه أو كان في حكمهم بأن توافقت مطالع الهلال ، فإن لم تتفق فلا يجب الصوم.
3- أنه يلزم حكم الرؤية كل من أمكن وصول الخبر إليه في الليلة نفسها. وهذا في الحقيقة يشابه المذهب في الوقت الحاضر؛ لأنه يمكن أن يصل الخبر إلى جميع أقطار الدنيا في أقل من دقيقة، ولكن يختلف عن المذهب فيما إذا كانت وسائل الاتصالات مفقودة.
4- أن الناس تبع للإمام؛ فإذا صام صاموا، وإذا أفطر افطروا ، ولو كانت الخلافة عامة لجميع المسلمين فرآه الناس في بلد الخليفة ، ثم حكم الخليفة بالثبوت لزم من تحت ولايته في مشارق الأرض ومغاربها أن يصوموا أو يفطروا. وعمل الناس اليوم على هذا . وهذا من الناحية الاجتماعية قول قوي ، حتى لو صححنا القول الثاني الذي نحكم فيه باختلاف المطالع فيجب على من رأى أن المسألة مبنية على المطالع أن لا يظهر خلافاً لما عليه الناس.
الشروط التي يجب أن تتوفر فيمن رأى الهلال حتى يقبل قوله :
الشرط الأول : أن يكون عدلاً :
والعدل لغة : هو المستقيم ، وضده المعوج . وفي الشرع : من قام بالواجبات ولم يفعل كبيرة ، ولم يصر على صغيرة . والمراد بالقيام بالواجبات : أداء الفرائض كالصلوات الخمس.
وذكر الشيخ أن من الكبائر النميمة والغيبة . والغيبة ذكرك أخاك بما يكره من عيب خَلْقِي أو خُلُقِي ، أو ديني ، سواء في غيبته أو حضوره . كأن تقول : أن هذا الرجل أعور . أو عيب ديني كأن تقول : هذا متهاون في الصلاة ، أو لا يبر والديه . أو عيب خُلُقِي كأن تقول : هذا سريع الغضب ، عصبي .
والفقهاء يزيدون على ذلك : ولم يخالف المروءة ، فإن خالفها فليس بعدل ، ومثلوا على ذلك : بمن يأكل في الأسواق، وبمن يتمسخر بالناس (أي يقلد أصواتهم) وما أشبه ذلك.
- لكن ينبغي أن يقال : أن الشهادة في الأموال ليست كالشهادة في الأخبار الدينية، ففي الأموال يجب أن نشدد، أما الدينية فيبعد أن يكذب فيها.
الشرط الثاني : أن يكون قوي البصر .
مسألة : هل تقبل شهادة الأنثى برؤية الهلال؟
قولان : 1- لا تقبل استدلالاً بما جاء في السنة لقوله فإن شهد شاهدان والمرأة شاهدة لا شاهد . 2- تقبل لأنه خبر ديني يستوي فيه الذكور والإناث (وهذا هو المذهب).
مسألة : يثبت دخول شهر رمضان بشهادة واحد :
والدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخبرت النبي برؤيته ، فصام ، وأمر الناس بصيامه . [صححه الألباني]
مسألة : يثبت دخول شهر شوال ، وغيره من الشهور بشهادة شاهدين.
مسألة : إن صام الناس بشهادة واحد في دخول رمضان ، ولم يروا هلال شوال:
فإنهم لا يفطرون ، فيصومون واحداً وثلاثين يوماً ؛ لأنه لا يثبت خروج الشهر إلا بشهادة رجلين ، وهنا الصوم مبني على شهادة رجل ، فهو مبني على سبب لا يثبت به خروج الشهر . وهو المشهور من المذهب .
وهذا الذي قالوه نوافقهم عليه ؛ لأن صيامهم في أول الشهر ليس مبنياً على بينة ، وإنما هو احتياط.
مسألة : من رأى هلال رمضان وحده أي منفرداً إما بمكان أو برؤية :
فإنه يصوم سراً، وهذا من باب الاحتياط.
مسألة : ومن رأى هلال شوال وحده :
فإنه يصوم كذلك ولا يفطر تبعاً للجماعة، وهذا من باب الاحتياط كذلك. ولأنه لا تثبت رؤية هلال شوال إلا بشاهدين.
شروط وجوب الصيام
يجب الصوم بشروط خمسة :
الشرط الأول : الإسلام، فالكافر لا يلزمه الصوم، ولا يصح منه.
الشرط الثاني : التكليف؛ بأن يكون بالغاً، عاقلاً.
الشرط الثالث : القدرة احترازاً من العاجز. والعجز قسمان : 1- طارئ، وهو المذكور في قوله تعالى :ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر. 2- الدائم، وهو المذكور في قوله تعالى :وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، حيث فسرها ابن عباس رضي الله عنهما : بالشيخ والشيخة إذا كانا لا يطيقان الصوم، فيطعمان عن كل يوم مسكيناً. ووجه الدلالة من الآية : أن الله تعالى جعل الفدية عديلاً للصوم لمن قدر، فإذا لم يقدر بقي عديله وهو : الفدية، فصار العاجز عجزاً لا يرجى زواله : الواجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً.
الإطعام له طريقتان :
1- أن يضع طعاماً يدعو إليه المساكين بحسب الأيام التي عليه، كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله لما كبر، ويؤخره إلى آخر يوم.
2- أن يطعم كل يوم بيومه.
ولكن ماذا يطعم ؟ يطعم بكل ما يسمى طعاماً؛ من تمر أو بر، أو أرز ، أو غيره.
وكم يخرج ؟ يرجع فيه إلى العرف، وما يحصل به الإطعام، وعلى هذا فإذا غدى المساكين أو عشاهم كفاه ذلك عن الفدية.
وإن أراد تمليك الطعام : فيطعمهم (مد بر) أو نصف صاع من غيره بصاع النبي ، وهو يساوي أربعة أمداد، وقيل نصف صاع من أي طعام كان ؛ لأن النبي قال لكعب بن عجرة في فدية الأذى : أو أطعِمْ ستَّةَ مساكينَ، لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ [البخاري ومسلم]. ويقدم معه إدام من لحم ونحوه. وصاعنا الحالي (في القصيم) يساوي خمسة أمداد.
مسألة : هل يقدم الإطعام على الصوم؟
لا. لأن تقديم الفدية كتقديم الصوم، فهل يجزئ أن يقدم الصوم في شعبان؟ الجواب : لا.
الشرط الرابع من شروط الصوم : الإقامة .
فلا يجب على المسافر؛ قال تعالى :ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر وأجمع العلماء على جواز فطر المسافر.
مسألة : أيهما أفضل للمسافر : الصوم أو الفطر؟
الأفضل أن يفعل الأيسر.
إن كان في الصوم ضرر : كان الصوم حراماً؛ قال تعالى :ولا تقتلوا أنفسكم.
وإن كان الفطر والصيام سواء : فالصيام أولى للأدلة التالية :
1- أن هذا فعل النبي حيث قال أبو الدرداء : (خرَجنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ في بعضِ غَزواتِهِ في حرٍّ شديدٍ حتَّى إنَّ أحدَنا ليضعُ يدَهُ على رأسِهِ أو كفَّهُ علَى رأسِهِ مِن شدَّةِ الحرِّ ما فينا صائمٌ إلَّا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ وعبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ). [متفق عليه]
2- أنه أسرع إلى إبراء الذمة.
3- أنه أسهل على المكلف غالباً؛ لأن الصوم مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم بعد ، كما هو مجرب ومعروف.
4- أنه يدرك الزمن الفاضل، وهو رمضان؛ فإن رمضان أفضل من غيره؛ لأنه محل الوجوب.
وإن كان يشق عليه الصيام : فالفطر أولى؛ والدليل ما أخرجه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر ولم يفطر إلا حين قيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام، وينتظرون ما ستفعل . فإنه في غزوة الفتح صام حتى بلغ كُراع الغَمِيم -مع علمهم أن الصائم مخير لكنهم يريدون التأسي بالنبي - فدعا بقدح من الماء بعد العصر ورفعه على فخذه حتى رآه الناس فشرب والناس ينظرون إليه ليقتدوا به، فجيء إليه فقيل : إن بعض الناس قد صام فقال : أولئكَ العُصاةُ أولئك العصاةُ .لأنهم صاموا مع المشقة. لذا نقول مع المشقة فالفطر أولى، أما المشقة الشديدة فيحرم الصوم معها كما سبق.
وأجيب عن حديث : ليسَ من البِرِّ الصومُ في السَّفَرِ [البخاري ومسلم] الذي استدل به من قال بأن الأولى الفطر وبكراهة الصوم في السفر :
أن هذا الحديث خاص بالرجل الذي قد ضلل والناس حوله، فقال رسولنا ما هذا؟. فقالوا : هذا صائم. فقال : ليس من البر ... فيقال ليس من البر الصوم في السفر لمن شق عليه كهذا الرجل، ولا يعم كل إنسان صام.
الشرط الخامس من شروط الصوم : الخلو من الموانع
وهذا خاص بالنساء. والمانع هو الحيض أو النفاس، فلا يلزمهما الصوم، ولا يصح منهما إجماعاً؛ لقوله أليس إذا حاضَتْ لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ [رواه البخاري ومسلم]
مسائل في الصيام
مسألة : إذا قامت البينة أثناء النهار بدخول شهر رمضان، فهل يجب الإمساك والقضاء؟
مثال : أن يكون الذي رأى الهلال في مكان بعيد، وحضر إلى القاضي في النهار، وشهد بالرؤية.
في المسألة قولان : القول الأول : يجب الإمساك والقضاء.
أما وجوب الإمساك فلا شك فيه، ولا يعلم الشيخ فيه خلافاً، ودليله : أن النبي حين وجب صوم عاشوراء أمر المسلمين بالإمساك عن الصيام في أثناء النهار فأمسكوا. [البخاري] ولأن هذا اليوم من رمضان فهو يوم له حرمته، ولا يمكن أن تنتهك بالفطر.
أما القضاء فإنه يلزم، لأن من شرط صيام الفرض : أن ينوي قبل الفجر لأنه إذا لم ينو في أثناء اليوم صار الصائم صائماً نصف يوم، وقد قال النبي إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى . فلا يجزئ، وعلى هذا فيلزمه القضاء لهذه العلة.
القول الثاني يجب الإمساك دون القضاء قال به شيخ الإسلام وتعليله :
أن هؤلاء الذين يأكلون ويشربون قبل ثبوته بالبينة كانوا يأكلون ويشربون بإذن الله، فقد أحله الله لهم، فهم لم ينتهكوا له حرمة، بل هم جاهلون يدخلون في عموم قوله تعالى :ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. وبناء على قوله : لو لم تكن البينة إلا بعد غروب شمس ذلك اليوم لا يلزمهم قضاؤه. فإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً فقد صاموا ثمانية وعشرين يوماً.
وأجاب شيخ الإسلام على قولنا : ويشترط أن ينوي من الفجر :
بأن النية تتبع العلم، والله لا يكلف أحداً أن ينوي ما لا يعلم، والعلم لم يحدث إلا أثناء النهار. أي : لو أخر النية بعد العلم لا يصح صومه، ولا يكلف أن ينوي قبل أن يعلم.
والقياس : أن من أكل ظاناً غروب الشمس فتبين له أنها لم تغرب، أو من أكل شاكاً في طلوع الفجر ثم تبين أنه قد خرج فإن صومه صحيح.
ولا شك أن تعليله قوي يرحمه الله، ولكن يقال : أن من أفطر قبل غروب الشمس ظاناً غروبها، أو من أكل بعد طلوع الفجر ظاناً أن الليل باق كان عنده نية، وهي نية الصوم، فأكل في آخر النهار ظاناً أن الوقت قد انقضى، أما هؤلاء فليس عندهم نية أصلاً، ولهذا كان الخلاف في المسألتين الأخيرتين أشهر من الخلاف في المسألة الأولى.
وكون الإنسان يقضي يوماً ويبرئ ذمته عن يقين خير له من كونه يأخذ برأي شيخ الإسلام رحمه الله وإن كان له حظ من النظر.
مسألة : ما الذي يلزم الحائض والنفساء إذا طهرتا أثناء رمضان، والمسافر المفطر إذا قدم أثناء النهار؟
في المسألة قولان : الأول : أنه يلزمهم الإمساك والقضاء. أما الإمساك فلزوال المانع، وأما القضاء فلعدم توفر النية من أول النهار. الثاني : أنه يلزمهم القضاء دون الإمساك؛ لأن النهار في حق الحائض والنفساء غير محترم؛ إذ يجوز لهما الفطر في أول النهار ظاهراً وباطناً. وكذلك فإن الإمساك لا تستفيدان منه شيئاً، ولكنه مجرد حرمان لهما.
وأيضاً المسافر لأنه يجوز له الفطر في أول النهار ظاهراً وباطناً، وهذا هو الراجح.
وكذلك يلحق بهذه المسألة : المريض إذا برئ أثناء النهار.
مسألة :إذا تجدد سبب الوجوب. مثلا : إذا بلغ أثناء النهار، أو عقل أثناءه ، أو اسلم كافر :
فإنه يجب عليه إمساك بقية اليوم، ولا يجب عليه القضاء.
مسألة : إذا أفطر الإنسان لكبر أو مرض لا يرجى برؤه :
الحكم : أن يطعم عن كل يوم مسكيناً. (أما كيفية الإطعام وكميته فراجع ص:4)
أحوال المريض، ومتى يجوز له الفطر، ومتى لا يجوز :
1- إذا كان الصوم يشق عليه ويضره، كالمصاب بالكلى والسكر، فالصوم في حقه : حرام لقوله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم.
2- إذا كان الصوم يشق عليه ولا يضره : فهذا يكره صومه، ويسن فطره.
3- إذا كان لا يتأثر بالصوم ، مثل : الزكام اليسير، والصداع، وما أشبه ذلك ؛ فهذا لا يحل له الفطر.
مسألة :لو سافر من لا يستطيع الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه؟
هو كالمقيم تجب عليه الفدية، فيطعم عن كل يوم مسكيناً؛لأن الفدية لا فرق فيها بين السفر والحضر.
مسألة : إن نوى حاضر صيام يوم ثم سافر في أثنائه :
له الفطر؛ استدلالاً بعموم قوله تعالى :ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يعني فأفطر فعدة من أيام أخر، وهذا الآن سافر وصار على سفر فيصدق عليه أنه ممن رخص له بالفطر فيفطر.
وقد جاءت السنة بهذا من حديث جابر رضي الله عنه : أن رسول الله خرج إلى غزوة الفتح فصام حتى بلغ كُرَاع الغَمِيم ... فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه. [رواه مسلم]
والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم كثيرة في هذا الباب.
مسألة : هل يشترط أن يفارق قريته، أو له الفطر قبل أن يفارقها؟
الصحيح : انه لا يفطر حتى يفارق قريته، لأنه لم يكن الآن على سفر، ولكنه ناو للسفر،ولذلك لا يجوز له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد.
وله أن يفطر بأي مفطر شاء من أكل، وشرب، وجماع...
مسألة : ما الحكم لو أفطرتا الحامل والمرضع خوفاً على نفسيهما فقط ؟
الحامل إذا خافت على نفسها ولو لو تكن مريضة، وكذلك المرضع فإنه يجوز لهما الفطر، وعليهما القضاء . والدليل : لأن الله فرض الصيام على كل مسلم، وقال تعالى في المريض والمسافر :فعدة من أيام أخر مع أنهما مفطرتان بعذر. فإذا لم يسقط القضاء عمن أفطر لعذر من مرض أو سفر فعدم سقوطه عمن أفطرت لمجرد الراحة من باب أولى.
مسألة : ما الحكم لو أفطرت الحامل والمرضع خوفاً على ولديهما فقط؟
عليهما القضاء والإطعام. أما القضاء فلأنهما أفطرتا، وأما الإطعام فلأنهما أفطرتا لمصلحة غيرهما، فلزمهما الإطعام. قال ابن عباس رضي الله عنه: المرضع والحبلى إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وأطعمتا [رواه أبو داود]
مسألة : ما الحكم لو أفطرت الحامل والمرضع خوفاً على نفسيهما وولديهما؟
يلزمهما القضاء دون الإطعام.
لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض والمسافر فقط، وتغليباً لجانب الأم.
يتبع....
كتاب الصيام
تعريف الصيام
لغة : مصدر صام يصوم ، ومعناه : أمسك .
شرعاً : التعبد لله تعالى بالإمساك عن الأكل والشرب ، وسائر المفطرات ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
يقول الشيخ : ويجب التفطن لإلحاق كلمة التعبد في التعريف، لأن كثيراً من الفقهاء لا يذكرونها ، بل يقولون : الإمساك عن المفطرات ... ، ولكن ينبغي أن نزيد هذه الكلمة حتى لا يكون مجرد إمساك ، بل تكون عبادة .
حكم صيام رمضان
واجب بالنص والإجماع . ومرتبته في الدين الإسلامي : أنه أحد أركانه .
مسألة : متى يجب صوم رمضان ؟
يجب بأحد أمرين :
1- رؤية هلاله ، قال تعالى : فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ . وقوله عليه السلام: إذا رأيتُمُوهُ فَصُومُوا متفق عليه]
2- إتمام شعبان ثلاثين يوماً لأن الشهر الهلالي لا يمكن أن يزيد عن ثلاثين يوماً ، ولا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً.
وعلم منه أنه لا يجب الصوم بمقتضى الحساب، لأن الشرع علق هذا الحكم بأمر محسوس، وهو الرؤية.
مسألة : إن حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر (أي التراب الذي يأتي مع الرياح) ليلة الثلاثين من شعبان فما العمل؟ الراجح أنه يحرم صيام ذلك اليوم ، ولكن إذا ثبت عند الإمام وجوب صوم ذلك اليوم وأمر الناس بصيامه فإنه لا ينابذ ، ويحصل عدم منابذته بألا يظهر الإنسان فطره ذلك اليوم ، وإنما يفطر سراً.
وأدلة القول بالتحريم :1- قوله عليه السلام : لا تقْدُموا رمضانَ بصومِ يومٍ ولا يومينِ . إلا رجلٌ كان يصومُ صومًا ، فلْيصمْه. [متفق عليه] وإن لم يكن يصوم صوماً فصام هذا اليوم الذي يشك فيه فقد تقدم رمضان بيوم.
2- قوله عليه السلام: هلك المتنطعون [رواه مسلم]. فإن هذا من باب التنطع في العبادة والاحتياط بها في غير محله.
3- وقوله عليه السلام: الشهرُ تسعٌ وعشرونَ ليلةً ، فلا تَصوموا حتى تَرَوْهُ ، فإنْ غُمَّ عليكم فأكمِلوا العدةَ ثلاثينَ . [رواه البخاري]. فقوله : أكملوا العدة ثلاثين أمر ، والأصل في الأمر الوجوب ، فإذا وجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً حرم الصوم.
مسألة : إذا رأى الهلال أهل بلد دون غيرهم ، فهل يلزم الصوم كل الناس؟
في المسألة أقوال أربعة :
1- يلزم الناس كلهم الصوم، وهذا هو المذهب.
2- لا يجب إلا على من رآه أو كان في حكمهم بأن توافقت مطالع الهلال ، فإن لم تتفق فلا يجب الصوم.
3- أنه يلزم حكم الرؤية كل من أمكن وصول الخبر إليه في الليلة نفسها. وهذا في الحقيقة يشابه المذهب في الوقت الحاضر؛ لأنه يمكن أن يصل الخبر إلى جميع أقطار الدنيا في أقل من دقيقة، ولكن يختلف عن المذهب فيما إذا كانت وسائل الاتصالات مفقودة.
4- أن الناس تبع للإمام؛ فإذا صام صاموا، وإذا أفطر افطروا ، ولو كانت الخلافة عامة لجميع المسلمين فرآه الناس في بلد الخليفة ، ثم حكم الخليفة بالثبوت لزم من تحت ولايته في مشارق الأرض ومغاربها أن يصوموا أو يفطروا. وعمل الناس اليوم على هذا . وهذا من الناحية الاجتماعية قول قوي ، حتى لو صححنا القول الثاني الذي نحكم فيه باختلاف المطالع فيجب على من رأى أن المسألة مبنية على المطالع أن لا يظهر خلافاً لما عليه الناس.
الشروط التي يجب أن تتوفر فيمن رأى الهلال حتى يقبل قوله :
الشرط الأول : أن يكون عدلاً :
والعدل لغة : هو المستقيم ، وضده المعوج . وفي الشرع : من قام بالواجبات ولم يفعل كبيرة ، ولم يصر على صغيرة . والمراد بالقيام بالواجبات : أداء الفرائض كالصلوات الخمس.
وذكر الشيخ أن من الكبائر النميمة والغيبة . والغيبة ذكرك أخاك بما يكره من عيب خَلْقِي أو خُلُقِي ، أو ديني ، سواء في غيبته أو حضوره . كأن تقول : أن هذا الرجل أعور . أو عيب ديني كأن تقول : هذا متهاون في الصلاة ، أو لا يبر والديه . أو عيب خُلُقِي كأن تقول : هذا سريع الغضب ، عصبي .
والفقهاء يزيدون على ذلك : ولم يخالف المروءة ، فإن خالفها فليس بعدل ، ومثلوا على ذلك : بمن يأكل في الأسواق، وبمن يتمسخر بالناس (أي يقلد أصواتهم) وما أشبه ذلك.
- لكن ينبغي أن يقال : أن الشهادة في الأموال ليست كالشهادة في الأخبار الدينية، ففي الأموال يجب أن نشدد، أما الدينية فيبعد أن يكذب فيها.
الشرط الثاني : أن يكون قوي البصر .
مسألة : هل تقبل شهادة الأنثى برؤية الهلال؟
قولان : 1- لا تقبل استدلالاً بما جاء في السنة لقوله فإن شهد شاهدان والمرأة شاهدة لا شاهد . 2- تقبل لأنه خبر ديني يستوي فيه الذكور والإناث (وهذا هو المذهب).
مسألة : يثبت دخول شهر رمضان بشهادة واحد :
والدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخبرت النبي برؤيته ، فصام ، وأمر الناس بصيامه . [صححه الألباني]
مسألة : يثبت دخول شهر شوال ، وغيره من الشهور بشهادة شاهدين.
مسألة : إن صام الناس بشهادة واحد في دخول رمضان ، ولم يروا هلال شوال:
فإنهم لا يفطرون ، فيصومون واحداً وثلاثين يوماً ؛ لأنه لا يثبت خروج الشهر إلا بشهادة رجلين ، وهنا الصوم مبني على شهادة رجل ، فهو مبني على سبب لا يثبت به خروج الشهر . وهو المشهور من المذهب .
وهذا الذي قالوه نوافقهم عليه ؛ لأن صيامهم في أول الشهر ليس مبنياً على بينة ، وإنما هو احتياط.
مسألة : من رأى هلال رمضان وحده أي منفرداً إما بمكان أو برؤية :
فإنه يصوم سراً، وهذا من باب الاحتياط.
مسألة : ومن رأى هلال شوال وحده :
فإنه يصوم كذلك ولا يفطر تبعاً للجماعة، وهذا من باب الاحتياط كذلك. ولأنه لا تثبت رؤية هلال شوال إلا بشاهدين.
شروط وجوب الصيام
يجب الصوم بشروط خمسة :
الشرط الأول : الإسلام، فالكافر لا يلزمه الصوم، ولا يصح منه.
الشرط الثاني : التكليف؛ بأن يكون بالغاً، عاقلاً.
الشرط الثالث : القدرة احترازاً من العاجز. والعجز قسمان : 1- طارئ، وهو المذكور في قوله تعالى :ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر. 2- الدائم، وهو المذكور في قوله تعالى :وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، حيث فسرها ابن عباس رضي الله عنهما : بالشيخ والشيخة إذا كانا لا يطيقان الصوم، فيطعمان عن كل يوم مسكيناً. ووجه الدلالة من الآية : أن الله تعالى جعل الفدية عديلاً للصوم لمن قدر، فإذا لم يقدر بقي عديله وهو : الفدية، فصار العاجز عجزاً لا يرجى زواله : الواجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً.
الإطعام له طريقتان :
1- أن يضع طعاماً يدعو إليه المساكين بحسب الأيام التي عليه، كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله لما كبر، ويؤخره إلى آخر يوم.
2- أن يطعم كل يوم بيومه.
ولكن ماذا يطعم ؟ يطعم بكل ما يسمى طعاماً؛ من تمر أو بر، أو أرز ، أو غيره.
وكم يخرج ؟ يرجع فيه إلى العرف، وما يحصل به الإطعام، وعلى هذا فإذا غدى المساكين أو عشاهم كفاه ذلك عن الفدية.
وإن أراد تمليك الطعام : فيطعمهم (مد بر) أو نصف صاع من غيره بصاع النبي ، وهو يساوي أربعة أمداد، وقيل نصف صاع من أي طعام كان ؛ لأن النبي قال لكعب بن عجرة في فدية الأذى : أو أطعِمْ ستَّةَ مساكينَ، لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ [البخاري ومسلم]. ويقدم معه إدام من لحم ونحوه. وصاعنا الحالي (في القصيم) يساوي خمسة أمداد.
مسألة : هل يقدم الإطعام على الصوم؟
لا. لأن تقديم الفدية كتقديم الصوم، فهل يجزئ أن يقدم الصوم في شعبان؟ الجواب : لا.
الشرط الرابع من شروط الصوم : الإقامة .
فلا يجب على المسافر؛ قال تعالى :ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر وأجمع العلماء على جواز فطر المسافر.
مسألة : أيهما أفضل للمسافر : الصوم أو الفطر؟
الأفضل أن يفعل الأيسر.
إن كان في الصوم ضرر : كان الصوم حراماً؛ قال تعالى :ولا تقتلوا أنفسكم.
وإن كان الفطر والصيام سواء : فالصيام أولى للأدلة التالية :
1- أن هذا فعل النبي حيث قال أبو الدرداء : (خرَجنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ في بعضِ غَزواتِهِ في حرٍّ شديدٍ حتَّى إنَّ أحدَنا ليضعُ يدَهُ على رأسِهِ أو كفَّهُ علَى رأسِهِ مِن شدَّةِ الحرِّ ما فينا صائمٌ إلَّا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ وعبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ). [متفق عليه]
2- أنه أسرع إلى إبراء الذمة.
3- أنه أسهل على المكلف غالباً؛ لأن الصوم مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم بعد ، كما هو مجرب ومعروف.
4- أنه يدرك الزمن الفاضل، وهو رمضان؛ فإن رمضان أفضل من غيره؛ لأنه محل الوجوب.
وإن كان يشق عليه الصيام : فالفطر أولى؛ والدليل ما أخرجه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر ولم يفطر إلا حين قيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام، وينتظرون ما ستفعل . فإنه في غزوة الفتح صام حتى بلغ كُراع الغَمِيم -مع علمهم أن الصائم مخير لكنهم يريدون التأسي بالنبي - فدعا بقدح من الماء بعد العصر ورفعه على فخذه حتى رآه الناس فشرب والناس ينظرون إليه ليقتدوا به، فجيء إليه فقيل : إن بعض الناس قد صام فقال : أولئكَ العُصاةُ أولئك العصاةُ .لأنهم صاموا مع المشقة. لذا نقول مع المشقة فالفطر أولى، أما المشقة الشديدة فيحرم الصوم معها كما سبق.
وأجيب عن حديث : ليسَ من البِرِّ الصومُ في السَّفَرِ [البخاري ومسلم] الذي استدل به من قال بأن الأولى الفطر وبكراهة الصوم في السفر :
أن هذا الحديث خاص بالرجل الذي قد ضلل والناس حوله، فقال رسولنا ما هذا؟. فقالوا : هذا صائم. فقال : ليس من البر ... فيقال ليس من البر الصوم في السفر لمن شق عليه كهذا الرجل، ولا يعم كل إنسان صام.
الشرط الخامس من شروط الصوم : الخلو من الموانع
وهذا خاص بالنساء. والمانع هو الحيض أو النفاس، فلا يلزمهما الصوم، ولا يصح منهما إجماعاً؛ لقوله أليس إذا حاضَتْ لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ [رواه البخاري ومسلم]
مسائل في الصيام
مسألة : إذا قامت البينة أثناء النهار بدخول شهر رمضان، فهل يجب الإمساك والقضاء؟
مثال : أن يكون الذي رأى الهلال في مكان بعيد، وحضر إلى القاضي في النهار، وشهد بالرؤية.
في المسألة قولان : القول الأول : يجب الإمساك والقضاء.
أما وجوب الإمساك فلا شك فيه، ولا يعلم الشيخ فيه خلافاً، ودليله : أن النبي حين وجب صوم عاشوراء أمر المسلمين بالإمساك عن الصيام في أثناء النهار فأمسكوا. [البخاري] ولأن هذا اليوم من رمضان فهو يوم له حرمته، ولا يمكن أن تنتهك بالفطر.
أما القضاء فإنه يلزم، لأن من شرط صيام الفرض : أن ينوي قبل الفجر لأنه إذا لم ينو في أثناء اليوم صار الصائم صائماً نصف يوم، وقد قال النبي إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى . فلا يجزئ، وعلى هذا فيلزمه القضاء لهذه العلة.
القول الثاني يجب الإمساك دون القضاء قال به شيخ الإسلام وتعليله :
أن هؤلاء الذين يأكلون ويشربون قبل ثبوته بالبينة كانوا يأكلون ويشربون بإذن الله، فقد أحله الله لهم، فهم لم ينتهكوا له حرمة، بل هم جاهلون يدخلون في عموم قوله تعالى :ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. وبناء على قوله : لو لم تكن البينة إلا بعد غروب شمس ذلك اليوم لا يلزمهم قضاؤه. فإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً فقد صاموا ثمانية وعشرين يوماً.
وأجاب شيخ الإسلام على قولنا : ويشترط أن ينوي من الفجر :
بأن النية تتبع العلم، والله لا يكلف أحداً أن ينوي ما لا يعلم، والعلم لم يحدث إلا أثناء النهار. أي : لو أخر النية بعد العلم لا يصح صومه، ولا يكلف أن ينوي قبل أن يعلم.
والقياس : أن من أكل ظاناً غروب الشمس فتبين له أنها لم تغرب، أو من أكل شاكاً في طلوع الفجر ثم تبين أنه قد خرج فإن صومه صحيح.
ولا شك أن تعليله قوي يرحمه الله، ولكن يقال : أن من أفطر قبل غروب الشمس ظاناً غروبها، أو من أكل بعد طلوع الفجر ظاناً أن الليل باق كان عنده نية، وهي نية الصوم، فأكل في آخر النهار ظاناً أن الوقت قد انقضى، أما هؤلاء فليس عندهم نية أصلاً، ولهذا كان الخلاف في المسألتين الأخيرتين أشهر من الخلاف في المسألة الأولى.
وكون الإنسان يقضي يوماً ويبرئ ذمته عن يقين خير له من كونه يأخذ برأي شيخ الإسلام رحمه الله وإن كان له حظ من النظر.
مسألة : ما الذي يلزم الحائض والنفساء إذا طهرتا أثناء رمضان، والمسافر المفطر إذا قدم أثناء النهار؟
في المسألة قولان : الأول : أنه يلزمهم الإمساك والقضاء. أما الإمساك فلزوال المانع، وأما القضاء فلعدم توفر النية من أول النهار. الثاني : أنه يلزمهم القضاء دون الإمساك؛ لأن النهار في حق الحائض والنفساء غير محترم؛ إذ يجوز لهما الفطر في أول النهار ظاهراً وباطناً. وكذلك فإن الإمساك لا تستفيدان منه شيئاً، ولكنه مجرد حرمان لهما.
وأيضاً المسافر لأنه يجوز له الفطر في أول النهار ظاهراً وباطناً، وهذا هو الراجح.
وكذلك يلحق بهذه المسألة : المريض إذا برئ أثناء النهار.
مسألة :إذا تجدد سبب الوجوب. مثلا : إذا بلغ أثناء النهار، أو عقل أثناءه ، أو اسلم كافر :
فإنه يجب عليه إمساك بقية اليوم، ولا يجب عليه القضاء.
مسألة : إذا أفطر الإنسان لكبر أو مرض لا يرجى برؤه :
الحكم : أن يطعم عن كل يوم مسكيناً. (أما كيفية الإطعام وكميته فراجع ص:4)
أحوال المريض، ومتى يجوز له الفطر، ومتى لا يجوز :
1- إذا كان الصوم يشق عليه ويضره، كالمصاب بالكلى والسكر، فالصوم في حقه : حرام لقوله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم.
2- إذا كان الصوم يشق عليه ولا يضره : فهذا يكره صومه، ويسن فطره.
3- إذا كان لا يتأثر بالصوم ، مثل : الزكام اليسير، والصداع، وما أشبه ذلك ؛ فهذا لا يحل له الفطر.
مسألة :لو سافر من لا يستطيع الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه؟
هو كالمقيم تجب عليه الفدية، فيطعم عن كل يوم مسكيناً؛لأن الفدية لا فرق فيها بين السفر والحضر.
مسألة : إن نوى حاضر صيام يوم ثم سافر في أثنائه :
له الفطر؛ استدلالاً بعموم قوله تعالى :ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يعني فأفطر فعدة من أيام أخر، وهذا الآن سافر وصار على سفر فيصدق عليه أنه ممن رخص له بالفطر فيفطر.
وقد جاءت السنة بهذا من حديث جابر رضي الله عنه : أن رسول الله خرج إلى غزوة الفتح فصام حتى بلغ كُرَاع الغَمِيم ... فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه. [رواه مسلم]
والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم كثيرة في هذا الباب.
مسألة : هل يشترط أن يفارق قريته، أو له الفطر قبل أن يفارقها؟
الصحيح : انه لا يفطر حتى يفارق قريته، لأنه لم يكن الآن على سفر، ولكنه ناو للسفر،ولذلك لا يجوز له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد.
وله أن يفطر بأي مفطر شاء من أكل، وشرب، وجماع...
مسألة : ما الحكم لو أفطرتا الحامل والمرضع خوفاً على نفسيهما فقط ؟
الحامل إذا خافت على نفسها ولو لو تكن مريضة، وكذلك المرضع فإنه يجوز لهما الفطر، وعليهما القضاء . والدليل : لأن الله فرض الصيام على كل مسلم، وقال تعالى في المريض والمسافر :فعدة من أيام أخر مع أنهما مفطرتان بعذر. فإذا لم يسقط القضاء عمن أفطر لعذر من مرض أو سفر فعدم سقوطه عمن أفطرت لمجرد الراحة من باب أولى.
مسألة : ما الحكم لو أفطرت الحامل والمرضع خوفاً على ولديهما فقط؟
عليهما القضاء والإطعام. أما القضاء فلأنهما أفطرتا، وأما الإطعام فلأنهما أفطرتا لمصلحة غيرهما، فلزمهما الإطعام. قال ابن عباس رضي الله عنه: المرضع والحبلى إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وأطعمتا [رواه أبو داود]
مسألة : ما الحكم لو أفطرت الحامل والمرضع خوفاً على نفسيهما وولديهما؟
يلزمهما القضاء دون الإطعام.
لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض والمسافر فقط، وتغليباً لجانب الأم.
يتبع....
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: خاص بشهر رمضان
مسألة : ما الحكم لو أفطر شخص لمصلحة الغير في غير مسألة الحامل والمرضع؟
مثل : أن يفطر لإنقاذ غريق، أو إطفاء حريق. فيه قولان :
الأول : يلزمه القضاء والإطعام قياساً على الحامل والمرضع.
الثاني : يلزمه القضاء فقط لأن النص إنما ورد في الحبلى والمرضع دون غيرهما.
ولكن قال أصحاب القول الأول : وإن ورد النص بذلك لكن القياس في هذه المسألة تام، وهو أنه افطر لمصلحة الغير.
في هذه الحال مثلا لأجل إنقاذ غريق هل له أن يأكل ويشرب بقية اليوم؟
نعم. لأن هذا الرجل أُذن له في فطر هذا اليوم ، وإذا أُذن له في فطر هذا اليوم صار هذا اليوم في حقه من الأيام التي لا يجب إمساكها.
وكذلك لو أن شخصاً احتيج إلى دمه، ولولم يتدارك هذا المريض بالدم لمات فله أن يأذن في استخراج دمه، وفي هذه الحال يفطر.
مسألة : إذا لزم الحامل والمرضع الإطعام فعلى من يجب؟
الإطعام واجب على من تلزمه النفقة. فمثلاً : إذا كان الأب موجوداً فالذي يطعم الأب؛ لأنه هو الذي تلزمه النفقة على ولده دون الأم.
مسألة : إذا جن الإنسان جميع النهار في رمضان من قبل الفجر حتى غربت الشمس :
لا يصح صومه، ولا يلزمه القضاء، لأنه ليس أهلاً للعبادة، ومن شرط الوجوب الصحة والعقل.
مسألة : إذا أغمي على الإنسان جميع النهار :
فلا يصح صومه، لأنه ليس بعاقل، ويلزمه القضاء، لأنه مكلف.
مسألة : إذا نام الإنسان قبل أذان الفجر، ولم يستيقظ إلا بعد الغروب، وكان ناوياً للصوم :
صح صومه ولا قضاء.
مسألة : يجب في صيام الفرض تبييت النية قبل طلوع الفجر :
وهذا لحديث عائشة مرفوعاً : من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له [أخرجه الدار قطني والبيهقي]
وما يشترط فيه التتابع كصيام رمضان أو صيام شهرين متتابعين (كفارة) فإنه تكفي فيه النية من أوله ما لم يقطعه لعذر فيستأنف النية، كمن سافر فإنه إذا عاد يجدد النية.
مسألة : ما الحكم لو قال قائل : أنا صائم غداً إن شاء الله؟
إن قالها متردداً فسدت نيته.
وإن قالها متبركاً (أي مستعيناً بالتعليق بالمشيئة لتحقيق مراده) : صح صومه.
مسألة : صيام النفل يصح، ولو بنية من النهار. بشرط أن لا يأتي مفطراً بعد طلوع الفجر. والدليل : أنه دخل ذات يوم على أهله فقال : هل عندكم من شيء، فقالوا : لا، قال : إني إذن صائم . [رواه مسلم]
مسألة : ما الحكم لو قال : إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فرضي، وإن لم يكن فلا؟
في المسألة : قولان : الأول : لا يصح صومه؛ لأن قوله : (فهو فرضي) وقع على وجه التردد، والنية لا بد فيها من الجزم. الثاني :-وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية- أن صومه صحيح، ولعل هذا يدخل في عموم قول النبي حجي واشترطي : أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيتي . [منفق عليه]. ولأن تردده مبني على التردد في ثبوت الشهر، لا على التردد في النية.
وعلى هذا ينبغي لنا إذا نمنا قبل أن يأتي الخبر في ليلة الثلاثين من شعبان أن ننوي بأنفسنا أنه إن كان غداً رمضان فنحن صائمون.
مسألة : من نوى الإفطار أثناء الصوم هل يفطر؟
نعم. والدليل قوله إنما الإعمال بالنيات كما لو نوى قطع الصلاة فإنها تقطع.
باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة
المفطرات أصولها ثلاثة ، مذكورة في قوله تعالى :فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل
وقد أجمع العلماء على مدلول هذه الثلاثة.
أولا : الأكل : وهو : إدخال شيء إلى المعدة عن طريق الفم. ويشمل ما ينفع (كالخبز) وما يضر (كالحشيشة) ومالا نفع فيه ولا ضرر (كالخرزة). ووجه العموم إطلاق الآية :كلواوهذا يسمى أكلاً.
ثانياً : الشرب :وهو كالأكل يشمل ما ينفع ، وما يضر، وما لاينفع ولا يضر.
ثالثاً : السعوط :وهو : ما يصل إلى الجوف عن طريق الأنف. لأن الأنف منفذ يصل إلى المعدة، فيعتبر مفطراً. والدليل : قوله وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً [أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح]
رابعاً : الاحتقان :وهو إدخال الأدوية عن طريق الدبر . والراجح أنها لا تفطر لأنه :
- لا يطلق عليها اسم الأكل والشرب لا لغة ولا عرفاً.
- وليس هناك دليل في الكتاب والسنة أن مناط الحكم وصول شيء إلى الجوف.
- والكتاب والسنة دلا على شيء معين وهو الأكل والشرب.
ولدينا قاعدة مهمة لطالب العلم : أننا إذا شككنا في شيء مفطر أم لا فالأصل عدم الفطر، فلا نجرؤ على أن نفسد عبادة متعبد لله إلا بدليل واضح يكون لنا حجة عند الله تعالى.
خامساً : الاكتحال (بما يصل إلى الحلق) :والراجح أنه لا يفطر، ولو وصل إلى الحلق؛ لأنه :
- ليس أكل ولا شرب، ولا في معنى الأكل والشرب. ولا يحصل به ما يحصل بهما.
- وليس عن النبيحديث صحيح صريح يدل على أنه مفطر.
- والأصل عدم التفطير وسلامة العبادة حتى يثبت لدينا ما يفسدها.
ويدخل في حكمه : القطرة في العين.
مسألة : إذا أدخل المنظار إلى المعدة حتى وصل إليها هل يفطر؟الصحيح أنه لا يفطر، إلا أن يكون في هذا المنظار دهن يصل إلى المعدة فإنه يكون مفطراً.
مسألة : لو أدخل عن طريق الذكر خيط فيه طعم دواء هل يفطر؟الصحيح أنه لا يفطر لأنه لا يسمى أكلاً ولا شرباً.
سادساً : تعمد القيء :يعتبر مفطراً، ولا فرق بين أن يكون القيء قليلاً، أو كثيراً ؛ لقوله من استقاء عمداً فليقض ، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه .[أخرجه أحمد والترمذي وقال حديث حسن غريب]
أما إذا استقاء فلم يخرج القيء : فصومه صحيح. ولا يفطر إلا ما خرج من المعدة، أما ما خرج بالتعتعة من الحلق فلا.
سابعا : الاستمناء :وهو طلب خروج المني بأي وسيلة، فإذا أنزل المني فسد صومه. ودليله :
1- قوله في الحديث القدسي : يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي [رواه البخاري ومسلم] والاستمناء شهوة وخروج المني شهوة.
2- القياس : فكما أن المستقيء والمحتجم يفطران لأنهما بفعلهما هذا يضعف بدنهما، فكذلك الاستمناء، ولهذا أُمر بالاغتسال ليعود إليه النشاط.
مسألة : لو باشر الرجل زوجته باليد أو التقبيل فأمذى ما الحكم؟ لا يفسد صومه بل هو صحيح. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والحجة : عدم الحجة؛ لأن هذا الصوم عبادة شرع فيها الصوم على وجه شرعي فلا يمكن أن نفسد هذه العبادة إلا بدليل.
مسألة : ما الحكم لو كرر النظر فأنزل؟
فسد صومه. أما إن نظر نظرة واحدة فأنزل فلا يفسد صومه لعموم قوله لك الأولى وليست لك الثانية رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن غريب]
مسألة : ما الحكم لو فكر فأنزل؟
لا يفسد صومه لعموم قوله إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم . [متفق عليه]
ثامناً : الاحتجام:يشترط فيه خروج الدم. فمن احتجم فلم يخرج دمه لم يفطر سواء كان الدم قليلاً أو كثيراً . وسواء كانت الحجامة في الرأس أو في غيره. والدليل على ذلك : أفطر الحاجم والمحجوم. وهذا الحديث ضعفه البعض وقالوا لا يصح، وصححه البعض كالإمام أحمد وشيخ الإسلام وغيرهما، وعلى هذا يكون الحديث حجة عند من صححه.
ما الحكمة من فساد الصوم بالاحتجام؟ قال الفقهاء إنها تعبدية. وقال شيخ الإسلام : لذلك حكمة : أما المحجوم فلأن الحجامة تسبب له الضعف الذي يحتاج معه إلى غذاء؛ لأنه لو بقي بلا غذاء لأثر ذلك عليه في المستقبل. أما الحاجم : فلئلا يصل الدم إلى جوفه أثناء مصه لدم المحجوم.
ولو حجم بآلة منفصلة؟ بمعنى أنه لا يمص الدم :
فيه قولان : الراجح عند الشيخ أنه لا يفطر؛ لعدم وجود العلة.
مسألة : هل يلحق بالحجامة الفصد، والشرط، والإرعاف المعتمد؟
(الفصد: شق العرق عرضاً. والشرط : شق العرق طولاً)
قولان : الأول : لا يلحق لأن العلة في الحجامة تعبدية، والتعبدي لا يقاس عليه.
الثاني وهو قول شيخ الإسلام : يلحق للحكمة السابقة.
مسألة : خروج الدم القليل أثناء الاستياك، والحك، أو الرعاف بدون اختيار، أو قلع ضرسه :
قلع الضرس، ولو خرج دم لا يفطر؛ لأنه لم يقصد إخراج الدم، بل خروج الدم جاء تبعاً. وكذلك الحك وغيره لا يضر خروج الدم معه.
مسالة : يشترط لفساد الصوم : أن يكون عامداً ذاكراً عالما :
دليل الأول : قوله تعالى : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم.
دليل الثاني : قوله من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه [أخرجه البخاري ومسلم]
دليل الثالث: قوله تعالى:ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
مسألة : لو أكل ناسياً ثم ذكر أنه صائم واللقمة في فمه : فإنه يلزمه أن يلفظها لأنها في حكم الظاهر إذ الفم في حكم الظاهر. أما لو ابتلعها حتى وصلت ما بين حنجرته ومعدته لا يلزمه إخراجها، ولو حاول وأخرجها لفسد صومه من جهة التقيؤ.
مسألة : الاحتلام لا يفسد الصوم لأن النائم غير قاصد، وقد رفع عنه القلم.
مسألة : لو تمضمض فدخل الماء إلى حلقه حتى وصل إلى معدته فإنه لا يفطر لعدم القصد.]
مسألة : هل يجوز للصائم أن يستعمل الفرشة والمعجون؟
يجوز ، لكن الأولى ألاّ يستعملها لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق، وبدلاً من أن يفعل ذلك في النهار يفعله في الليل.
مسألة : من أكل وشرب ، وهو شاك في طلوع الفجر : فصومه صحيح لقوله تعالى :حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. وضد التبين الشك، فما دمنا لم يتبين له فلنا أن نأكل ونشرب حتى لو تبين لنا فيما بعد أن الفجر قد طلع فصومه صحيح.
فائدة : روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : أحل الله لك الأكل والشرب ما شككت. وروي عن ابن أبي شيبة من طريق أبي الضحي قال : سأل رجل ابن عباس عن السحور، فقال له رجل من جلسائه كل حتى لا تشك فقال ابن عباس إن هذا لا يقول شيئاً، كل ما شككت حتى لا تشك. قال ابن المنذر : وعلى هذا القول صار أكثر العلماء. [فتح الباري ج4 ص161]
مسألة : من أكل شاكاً في غروب الشمس : فصومه غير صحيح لأن الأصل بقاء النهار ، وعليه القضاء.
مسألة : من غلب على ظنه غروب الشمس فأكل : فصومه صحيح ولا قضاء، سواء تبين أنها غربت أو تبين أنها لم تغرب. والدليل على جواز الفطر مع غلبة الظن مع أن الأصل بقاء النهار حديث أسماء قالت :أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي. وإفطارهم بناء على ظن قطعاً، فدل ذلك على أنه يجوز الفطر بالظن.
مسألة : من أكل معتقداً أنه ليل فبان نهاراً : (أي اعتقد أن الفجر لم يطلع، وكذلك من أكل معتقداً غروب الشمس) الراجح : لا قضاء عليه.
فصل في الجماع على أنه من أعظم المفطرات تحريماً
شروط من تلزمه الكفارة والقضاء إذا جامع :
1- أن يكون ممن يلزمه الصوم، أما الصغير فلا قضاء عليه ولا كفارة.
2- أن لا يكون هناك مسقط للصوم، كالمسافر مثلاً فإن عليه قضاء هذا اليوم دون كفارة.
مسألة : رجل مريض صائم، وهو ممن يباح له الفطر بالمرض، لكنه تكلف وصام، ثم جامع، ما الحكم؟
ليس عليه كفارة لأنه ممن يحل له الفطر.
مسألة : تجب الكفارة في أي جماع سواء أكان حلالاً أم حراماً ، وحتى في الدبر.
مسألة : وجوب الكفارة احتراماً للزمن :
وبناء على ذلك لو كان هذا في قضاء رمضان فالقضاء واجب وعليه القضاء لهذا اليوم الذي جامع فيه، وليس عليه كفارة لأنه خارج شهر رمضان، بخلاف ما إذا كان في الشهر.
مسألة : إن كانت المرأة مطاوعة فعليها القضاء والكفارة.
مسألة : المعذور بالجهل أو نسيان أو إكراه –سواء الرجل أو المرأة- : لا يجب عليهما الكفارة، ولا القضاء.
مسألة : دليل وجوب الكفارة على من جامع : حديث أبي هريرة المتفق عليه : أن رجلا أتى رسول الله فقال :هلكت، قال : ما أهلكك؟ قال : وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم. فسأله النبي هل تجد رقبة؟ فقال : لا. قال : هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال : لا. قال : هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال : لا. ثم جلس الرجل فجيء إلى النبي بتمر فقال : خذ هذا وتصدق به. قال : على أفقر مني يا رسول الله، والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني. فضحك النبي ثم قال : أطعمه أهلك فرجع إلى أهله بالتمر . وهذا الرجل ليس جاهلاً بحكم الجماع، وإنما جاهل بما يجب عليه بعد الجماع.
مسألة : من جامع في يومين : مثلاً في اليوم الأول، واليوم الثاني : فإنه يلزمه كفارتان، وذلك لأن كل يوم عبادة مستقلة، ولهذا لا يفسد صيام الأول بفساد الثاني، وهذا قول. وقيل : لا تلزمه إلا كفارة واحدة، كما لو حنث في أيمان، ولم يكفر عن واحدة منهن فإنه تلزمه كفارة واحدة.
وقال الشيخ : وهذا القول وإن كان له حظ من النظر والقوة، لكن لا ينبغي الفتيا به؛ لأنه لو أفتي به لانتهك الناس حرمات الشهر كله.
مسألة : إذا جامع في يوم واحد مرتين :قولان :
الأول : إن كفر عن الأول لزمه كفارة عن الثاني، وإن لم يكفر عن الأول أجزأه كفارة واحدة؛ لأن الموجب واحد واليوم واحد. الثاني : لا يلزمه كفارة عن الثاني لأن يومه فسد بالجماع الأول، وإن كان يلزمه الإمساك، لكن ليس هذا الإمساك مجزياً عن الصوم، ولأن الكفارة تلزم إذا أفسد صوماً صحيحاً، وهذا القول له وجه من النظر.
مسألة : مسافر وكان مفطراً فقدم إلى بلاده : على القول الراجح : يجوز له الجماع لأن هذا اليوم في حقه غير محترم. وكذلك المريض إذا شفي والحائض إذا طهرت.
مسألة : من جامع وهو معافى ثم مرض أو جن، ومن جامع وهو مقيم ثم سافر : لم تسقط عنهما الكفارة مع إباحة الفطر لهما آخر النهار؛ لأنه حين الجماع كان ممن لم يؤذن له بالفطر فلزمته الكفارة.
مسألة : لا تجب الكفارة في جماع صيام غير رمضان (كالنفل ونذر وكفارة يمين).
مسألة : الكفارة تجب بالجماع ولو لم يحدث الإنزال ، ما دام أولج الحشفة في القبل.
باب ما يكره وما يستحب من الصائم وحكم قضاء رمضان
مسألة : ما حكم جمع الريق ثم بلعه؟ ليس بمكروه، ولا يقال إن الصوم نقص بذلك (على الراجح)، لكن لو بقي طعم طعام (كحلاوة تمر أو ما أشبه ذلك) فهذا لا بد أن يتفله، ولا يبلعه.
مسألة : ما حكم بلع النخامة؟ حرام على الصائم وغير لأنها مستقذرة، وربما تحمل أمراضاً، ولكنها على الراجح : لا تفطر ولو وصلت إلى فمه لأنها لم تخرج من الفم، ولا يعد بلعها أكلاً ، ولا شرباً.
مسألة : إذا ظهر دم من لسانه أو أسنانه ، هل يجوز بلعه ؟ لا يجوز لا للصائم ولا لغيره لقوله تعالى :حرمت عليكم الميتة والدم. وإذا وقع للصائم فإنه يفطر.
مسألة : حكم ذوق الطعام لغير حاجة : مكروه لأنه ربما نزل شيء من هذا الطعام إلى الجوف من غير أن يشعر فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم أما لحاجة فليس بمكروه.
مسألة : يكره مضغ العلك القوي الذي لا يتفتت لثلاث علل :
لأنه ربما تسرب إلى بطنه شيء من طعمه إن كان له طعم. لأنه يساء به الظن إذا مضغه أمام الناس. ولأنه يجلب له البلغم، ويجمع الريق، ويذهب العطش.
وعليه فالعلك المتحلل يحرم على الصائم. لأنه إذا علكه لا بد أن ينزل منه شيء لأنه متحلل يمشي مع الريق. وما كان وسيلة لفساد الصوم فإنه يكون حراماً.
مسألة : حكم القبلة وغيرها من دواعي الوطء :إذا كان هذا يحرك الشهوة مع أمن إفساد الصوم بإنزال فهذا لا بأس به، والدليل : أن النبي كان يقبل وهو صائم. [متفق عليه]
وإذا كانت تحرك الشهوة مع خشية فساد الصوم بالإنزال بأن يكون شاباً قوياً شديد الشهوة، وشديد المحبة لأهله في هذه الحالة : يكون فعله هذا محرماً لأنه يعرض صومه للفساد.
فوائد :
1- إذا سب الصائم أحد فإنه لا يرد عليه بمثل ما قال، بل يقول :(إني صائم) جهراً؛ للحديث المتفق عليه، قال : رسول الله إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يصخب ولا يرفث، وإن سابه أو قاتله أحد فليقل إني صائم .
2- ويسن تأخير السحور، لما ورد في البخاري أن النبي كان يؤخر السحور حتى أنه لم يكن بين سحوره، وبين إقامة الصلاة إلا نحو خمسين آية.
3- ويسن تعجيل الفطور لقوله لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر . [رواه البخاري ومسلم]
4- ويسن الفطر على رطب، فإن عدم فتمر، فإن عدم فماء؛ لما رواه الترمذي وهو حسن صحيح قوله إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور .
ويسمي عند فطره وجوباً، ويحمد الله عند الانتهاء، ويسن قول ما وردت به الآثار، وإن كان فيها ما فيها، لكن إذا قالها فلا بأس :(اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم). [أخرجه ابن السني، وفي سنده عبد الملك بن هارون ضعفه أحمد والدار قطني، وقال ابن القيم:لا يثبت]. وقوله: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) [صححه الحاكم على شرطهما، وحسنه الألباني في الإرواء]
مسألة : يستحب تتابع القضاء :
1-لأنه أقرب لمشابهة الأداء. 2- لأنه أسرع في إبراء الذمة. 3- لأنه أحوط. وينبغي أن يبادر به بعد يوم العيد مباشرة. [445]
مسألة : ولا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان الآخر من غير عذر :
1- لحديث عائشة : كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان. [رواه البخاري]. فقولها : (ما استطيع) دليل على أنه لا يؤخر إلى ما بعد رمضان.
2- ولأنه صار كمن أخر صلاة الفريضة إلى وقت ما بعدها، وهذا لا يجوز. ودليل جواز التأخير قبل رمضان، قوله تعالى :فعدة من ايام أخر. فلم يقيدها بالتتابع، ولو قيدت للزم من ذلك الفورية.
أما إن كان لعذر كمن استمر به المرض إلى رمضان آخر : جاز له أن يفطر لأنه إذا جاز أن يفطر في رمضان، وهو أداء ؛ فجواز الإفطار في أيام القضاء من باب أولى.
مسألة :هل يصح التطوع بالصيام قبل قضاء الفرض؟
يصح لأن الوقت موسع ما لم يضيق الوقت، لكن الأولى أن يبدأ بالصيام للقضاء.
لكن ستة شوال لا تقدم على قضاء رمضان، ولو قدمها لصار نفلاً مطلقاً، ولم يحصل على ثوابها الوارد عند مسلم في قوله من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر . فالحديث نص على من صام رمضان، ومن كان عليه قضاء فإنه لا يصدق عليه أنه صام رمضان.
مسألة : من أخر صيام القضاء إلى رمضان آخر دون عذر : لا يلزمه إلا القضاء فقط مع الإثم، هذا هو الراجح. وهناك قولان آخران :
1- أنه يجب عليه القضاء والإطعام لحديث مرفوع ضعيف جداً لا تقوم به الحجة، ولأثر عن ابن عباس وأبي هريرة في هذا، وما ذكر عنهما فإنه ليس بحجة؛ لأن الحجة لا تثبت إلا بالكتاب والسنة ، أما أقوال الصحابة فإن في حجتها نظر إذا خالفت ظاهر القرآن.
2- أنه لا يجب عليه إلا الإطعام فقط، ولا يصح منه الصيام بناء على أنه عمل عملاً ليس عليه أمر الله ولا رسوله .
مسألة : إذا مر رمضان على إنسان مريض ففيه تفصيل :
1- إذا كان يرجى برؤه بقي الصوم واجباً عليه حتى يشفى، ولكن لو استمر به المرض حتى مات فهذا لا شيء عليه لأن الواجب عليه القضاء، ولم يدركه.
2- إذا كان يُرجى زواله، ثم عوفي، ثم مات قبل أن يقضي، هذا يُطْعَم عنه عن كل يوم مسكيناً بعد موته.
3- إذا كان لا يُرجى زواله، فهذا عليه الإطعام ابتداء. ولو فرض أن الله عافاه : فلا يلزمه الصوم، لأنه يجب عليه الإطعام، وقد أطعم فبرئت ذمته.
مسألة : من مات وعليه صوم : صام عنه وليه بالنص، وهو قوله من مات وعليه صوم صام عنه وليه [متفق عليه] وصوم نكرة غير مقيدة بصوم معين. والمقصود هنا: من أمكنه القضاء ولم يفعل فإذا مات : صام عنه وليه. (وهو الوارث) وذلك استحباباً، والذي صرف الأمر للاستحباب قوله تعالى :ولا تزر وازرة وزر أخرىفإن لم يفعل قلنا أطعم عن كل يوم مسكيناً، قياساً على صومه الفريضة.
مسألة : يجوز أن يصوم واحد من الورثة، ويجوز أن تفرق الأيام عليهم : بشرط ألاّ يشترط التتابع، فإن كان مما يشترط فيه التتابع (ككفارة الظهار) لزم أن يصومه واحد من الورثة فقط
انتهى.
مثل : أن يفطر لإنقاذ غريق، أو إطفاء حريق. فيه قولان :
الأول : يلزمه القضاء والإطعام قياساً على الحامل والمرضع.
الثاني : يلزمه القضاء فقط لأن النص إنما ورد في الحبلى والمرضع دون غيرهما.
ولكن قال أصحاب القول الأول : وإن ورد النص بذلك لكن القياس في هذه المسألة تام، وهو أنه افطر لمصلحة الغير.
في هذه الحال مثلا لأجل إنقاذ غريق هل له أن يأكل ويشرب بقية اليوم؟
نعم. لأن هذا الرجل أُذن له في فطر هذا اليوم ، وإذا أُذن له في فطر هذا اليوم صار هذا اليوم في حقه من الأيام التي لا يجب إمساكها.
وكذلك لو أن شخصاً احتيج إلى دمه، ولولم يتدارك هذا المريض بالدم لمات فله أن يأذن في استخراج دمه، وفي هذه الحال يفطر.
مسألة : إذا لزم الحامل والمرضع الإطعام فعلى من يجب؟
الإطعام واجب على من تلزمه النفقة. فمثلاً : إذا كان الأب موجوداً فالذي يطعم الأب؛ لأنه هو الذي تلزمه النفقة على ولده دون الأم.
مسألة : إذا جن الإنسان جميع النهار في رمضان من قبل الفجر حتى غربت الشمس :
لا يصح صومه، ولا يلزمه القضاء، لأنه ليس أهلاً للعبادة، ومن شرط الوجوب الصحة والعقل.
مسألة : إذا أغمي على الإنسان جميع النهار :
فلا يصح صومه، لأنه ليس بعاقل، ويلزمه القضاء، لأنه مكلف.
مسألة : إذا نام الإنسان قبل أذان الفجر، ولم يستيقظ إلا بعد الغروب، وكان ناوياً للصوم :
صح صومه ولا قضاء.
مسألة : يجب في صيام الفرض تبييت النية قبل طلوع الفجر :
وهذا لحديث عائشة مرفوعاً : من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له [أخرجه الدار قطني والبيهقي]
وما يشترط فيه التتابع كصيام رمضان أو صيام شهرين متتابعين (كفارة) فإنه تكفي فيه النية من أوله ما لم يقطعه لعذر فيستأنف النية، كمن سافر فإنه إذا عاد يجدد النية.
مسألة : ما الحكم لو قال قائل : أنا صائم غداً إن شاء الله؟
إن قالها متردداً فسدت نيته.
وإن قالها متبركاً (أي مستعيناً بالتعليق بالمشيئة لتحقيق مراده) : صح صومه.
مسألة : صيام النفل يصح، ولو بنية من النهار. بشرط أن لا يأتي مفطراً بعد طلوع الفجر. والدليل : أنه دخل ذات يوم على أهله فقال : هل عندكم من شيء، فقالوا : لا، قال : إني إذن صائم . [رواه مسلم]
مسألة : ما الحكم لو قال : إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فرضي، وإن لم يكن فلا؟
في المسألة : قولان : الأول : لا يصح صومه؛ لأن قوله : (فهو فرضي) وقع على وجه التردد، والنية لا بد فيها من الجزم. الثاني :-وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية- أن صومه صحيح، ولعل هذا يدخل في عموم قول النبي حجي واشترطي : أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيتي . [منفق عليه]. ولأن تردده مبني على التردد في ثبوت الشهر، لا على التردد في النية.
وعلى هذا ينبغي لنا إذا نمنا قبل أن يأتي الخبر في ليلة الثلاثين من شعبان أن ننوي بأنفسنا أنه إن كان غداً رمضان فنحن صائمون.
مسألة : من نوى الإفطار أثناء الصوم هل يفطر؟
نعم. والدليل قوله إنما الإعمال بالنيات كما لو نوى قطع الصلاة فإنها تقطع.
باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة
المفطرات أصولها ثلاثة ، مذكورة في قوله تعالى :فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل
وقد أجمع العلماء على مدلول هذه الثلاثة.
أولا : الأكل : وهو : إدخال شيء إلى المعدة عن طريق الفم. ويشمل ما ينفع (كالخبز) وما يضر (كالحشيشة) ومالا نفع فيه ولا ضرر (كالخرزة). ووجه العموم إطلاق الآية :كلواوهذا يسمى أكلاً.
ثانياً : الشرب :وهو كالأكل يشمل ما ينفع ، وما يضر، وما لاينفع ولا يضر.
ثالثاً : السعوط :وهو : ما يصل إلى الجوف عن طريق الأنف. لأن الأنف منفذ يصل إلى المعدة، فيعتبر مفطراً. والدليل : قوله وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً [أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح]
رابعاً : الاحتقان :وهو إدخال الأدوية عن طريق الدبر . والراجح أنها لا تفطر لأنه :
- لا يطلق عليها اسم الأكل والشرب لا لغة ولا عرفاً.
- وليس هناك دليل في الكتاب والسنة أن مناط الحكم وصول شيء إلى الجوف.
- والكتاب والسنة دلا على شيء معين وهو الأكل والشرب.
ولدينا قاعدة مهمة لطالب العلم : أننا إذا شككنا في شيء مفطر أم لا فالأصل عدم الفطر، فلا نجرؤ على أن نفسد عبادة متعبد لله إلا بدليل واضح يكون لنا حجة عند الله تعالى.
خامساً : الاكتحال (بما يصل إلى الحلق) :والراجح أنه لا يفطر، ولو وصل إلى الحلق؛ لأنه :
- ليس أكل ولا شرب، ولا في معنى الأكل والشرب. ولا يحصل به ما يحصل بهما.
- وليس عن النبيحديث صحيح صريح يدل على أنه مفطر.
- والأصل عدم التفطير وسلامة العبادة حتى يثبت لدينا ما يفسدها.
ويدخل في حكمه : القطرة في العين.
مسألة : إذا أدخل المنظار إلى المعدة حتى وصل إليها هل يفطر؟الصحيح أنه لا يفطر، إلا أن يكون في هذا المنظار دهن يصل إلى المعدة فإنه يكون مفطراً.
مسألة : لو أدخل عن طريق الذكر خيط فيه طعم دواء هل يفطر؟الصحيح أنه لا يفطر لأنه لا يسمى أكلاً ولا شرباً.
سادساً : تعمد القيء :يعتبر مفطراً، ولا فرق بين أن يكون القيء قليلاً، أو كثيراً ؛ لقوله من استقاء عمداً فليقض ، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه .[أخرجه أحمد والترمذي وقال حديث حسن غريب]
أما إذا استقاء فلم يخرج القيء : فصومه صحيح. ولا يفطر إلا ما خرج من المعدة، أما ما خرج بالتعتعة من الحلق فلا.
سابعا : الاستمناء :وهو طلب خروج المني بأي وسيلة، فإذا أنزل المني فسد صومه. ودليله :
1- قوله في الحديث القدسي : يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي [رواه البخاري ومسلم] والاستمناء شهوة وخروج المني شهوة.
2- القياس : فكما أن المستقيء والمحتجم يفطران لأنهما بفعلهما هذا يضعف بدنهما، فكذلك الاستمناء، ولهذا أُمر بالاغتسال ليعود إليه النشاط.
مسألة : لو باشر الرجل زوجته باليد أو التقبيل فأمذى ما الحكم؟ لا يفسد صومه بل هو صحيح. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والحجة : عدم الحجة؛ لأن هذا الصوم عبادة شرع فيها الصوم على وجه شرعي فلا يمكن أن نفسد هذه العبادة إلا بدليل.
مسألة : ما الحكم لو كرر النظر فأنزل؟
فسد صومه. أما إن نظر نظرة واحدة فأنزل فلا يفسد صومه لعموم قوله لك الأولى وليست لك الثانية رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن غريب]
مسألة : ما الحكم لو فكر فأنزل؟
لا يفسد صومه لعموم قوله إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم . [متفق عليه]
ثامناً : الاحتجام:يشترط فيه خروج الدم. فمن احتجم فلم يخرج دمه لم يفطر سواء كان الدم قليلاً أو كثيراً . وسواء كانت الحجامة في الرأس أو في غيره. والدليل على ذلك : أفطر الحاجم والمحجوم. وهذا الحديث ضعفه البعض وقالوا لا يصح، وصححه البعض كالإمام أحمد وشيخ الإسلام وغيرهما، وعلى هذا يكون الحديث حجة عند من صححه.
ما الحكمة من فساد الصوم بالاحتجام؟ قال الفقهاء إنها تعبدية. وقال شيخ الإسلام : لذلك حكمة : أما المحجوم فلأن الحجامة تسبب له الضعف الذي يحتاج معه إلى غذاء؛ لأنه لو بقي بلا غذاء لأثر ذلك عليه في المستقبل. أما الحاجم : فلئلا يصل الدم إلى جوفه أثناء مصه لدم المحجوم.
ولو حجم بآلة منفصلة؟ بمعنى أنه لا يمص الدم :
فيه قولان : الراجح عند الشيخ أنه لا يفطر؛ لعدم وجود العلة.
مسألة : هل يلحق بالحجامة الفصد، والشرط، والإرعاف المعتمد؟
(الفصد: شق العرق عرضاً. والشرط : شق العرق طولاً)
قولان : الأول : لا يلحق لأن العلة في الحجامة تعبدية، والتعبدي لا يقاس عليه.
الثاني وهو قول شيخ الإسلام : يلحق للحكمة السابقة.
مسألة : خروج الدم القليل أثناء الاستياك، والحك، أو الرعاف بدون اختيار، أو قلع ضرسه :
قلع الضرس، ولو خرج دم لا يفطر؛ لأنه لم يقصد إخراج الدم، بل خروج الدم جاء تبعاً. وكذلك الحك وغيره لا يضر خروج الدم معه.
مسالة : يشترط لفساد الصوم : أن يكون عامداً ذاكراً عالما :
دليل الأول : قوله تعالى : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم.
دليل الثاني : قوله من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه [أخرجه البخاري ومسلم]
دليل الثالث: قوله تعالى:ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
مسألة : لو أكل ناسياً ثم ذكر أنه صائم واللقمة في فمه : فإنه يلزمه أن يلفظها لأنها في حكم الظاهر إذ الفم في حكم الظاهر. أما لو ابتلعها حتى وصلت ما بين حنجرته ومعدته لا يلزمه إخراجها، ولو حاول وأخرجها لفسد صومه من جهة التقيؤ.
مسألة : الاحتلام لا يفسد الصوم لأن النائم غير قاصد، وقد رفع عنه القلم.
مسألة : لو تمضمض فدخل الماء إلى حلقه حتى وصل إلى معدته فإنه لا يفطر لعدم القصد.]
مسألة : هل يجوز للصائم أن يستعمل الفرشة والمعجون؟
يجوز ، لكن الأولى ألاّ يستعملها لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق، وبدلاً من أن يفعل ذلك في النهار يفعله في الليل.
مسألة : من أكل وشرب ، وهو شاك في طلوع الفجر : فصومه صحيح لقوله تعالى :حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. وضد التبين الشك، فما دمنا لم يتبين له فلنا أن نأكل ونشرب حتى لو تبين لنا فيما بعد أن الفجر قد طلع فصومه صحيح.
فائدة : روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : أحل الله لك الأكل والشرب ما شككت. وروي عن ابن أبي شيبة من طريق أبي الضحي قال : سأل رجل ابن عباس عن السحور، فقال له رجل من جلسائه كل حتى لا تشك فقال ابن عباس إن هذا لا يقول شيئاً، كل ما شككت حتى لا تشك. قال ابن المنذر : وعلى هذا القول صار أكثر العلماء. [فتح الباري ج4 ص161]
مسألة : من أكل شاكاً في غروب الشمس : فصومه غير صحيح لأن الأصل بقاء النهار ، وعليه القضاء.
مسألة : من غلب على ظنه غروب الشمس فأكل : فصومه صحيح ولا قضاء، سواء تبين أنها غربت أو تبين أنها لم تغرب. والدليل على جواز الفطر مع غلبة الظن مع أن الأصل بقاء النهار حديث أسماء قالت :أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي. وإفطارهم بناء على ظن قطعاً، فدل ذلك على أنه يجوز الفطر بالظن.
مسألة : من أكل معتقداً أنه ليل فبان نهاراً : (أي اعتقد أن الفجر لم يطلع، وكذلك من أكل معتقداً غروب الشمس) الراجح : لا قضاء عليه.
فصل في الجماع على أنه من أعظم المفطرات تحريماً
شروط من تلزمه الكفارة والقضاء إذا جامع :
1- أن يكون ممن يلزمه الصوم، أما الصغير فلا قضاء عليه ولا كفارة.
2- أن لا يكون هناك مسقط للصوم، كالمسافر مثلاً فإن عليه قضاء هذا اليوم دون كفارة.
مسألة : رجل مريض صائم، وهو ممن يباح له الفطر بالمرض، لكنه تكلف وصام، ثم جامع، ما الحكم؟
ليس عليه كفارة لأنه ممن يحل له الفطر.
مسألة : تجب الكفارة في أي جماع سواء أكان حلالاً أم حراماً ، وحتى في الدبر.
مسألة : وجوب الكفارة احتراماً للزمن :
وبناء على ذلك لو كان هذا في قضاء رمضان فالقضاء واجب وعليه القضاء لهذا اليوم الذي جامع فيه، وليس عليه كفارة لأنه خارج شهر رمضان، بخلاف ما إذا كان في الشهر.
مسألة : إن كانت المرأة مطاوعة فعليها القضاء والكفارة.
مسألة : المعذور بالجهل أو نسيان أو إكراه –سواء الرجل أو المرأة- : لا يجب عليهما الكفارة، ولا القضاء.
مسألة : دليل وجوب الكفارة على من جامع : حديث أبي هريرة المتفق عليه : أن رجلا أتى رسول الله فقال :هلكت، قال : ما أهلكك؟ قال : وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم. فسأله النبي هل تجد رقبة؟ فقال : لا. قال : هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال : لا. قال : هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال : لا. ثم جلس الرجل فجيء إلى النبي بتمر فقال : خذ هذا وتصدق به. قال : على أفقر مني يا رسول الله، والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني. فضحك النبي ثم قال : أطعمه أهلك فرجع إلى أهله بالتمر . وهذا الرجل ليس جاهلاً بحكم الجماع، وإنما جاهل بما يجب عليه بعد الجماع.
مسألة : من جامع في يومين : مثلاً في اليوم الأول، واليوم الثاني : فإنه يلزمه كفارتان، وذلك لأن كل يوم عبادة مستقلة، ولهذا لا يفسد صيام الأول بفساد الثاني، وهذا قول. وقيل : لا تلزمه إلا كفارة واحدة، كما لو حنث في أيمان، ولم يكفر عن واحدة منهن فإنه تلزمه كفارة واحدة.
وقال الشيخ : وهذا القول وإن كان له حظ من النظر والقوة، لكن لا ينبغي الفتيا به؛ لأنه لو أفتي به لانتهك الناس حرمات الشهر كله.
مسألة : إذا جامع في يوم واحد مرتين :قولان :
الأول : إن كفر عن الأول لزمه كفارة عن الثاني، وإن لم يكفر عن الأول أجزأه كفارة واحدة؛ لأن الموجب واحد واليوم واحد. الثاني : لا يلزمه كفارة عن الثاني لأن يومه فسد بالجماع الأول، وإن كان يلزمه الإمساك، لكن ليس هذا الإمساك مجزياً عن الصوم، ولأن الكفارة تلزم إذا أفسد صوماً صحيحاً، وهذا القول له وجه من النظر.
مسألة : مسافر وكان مفطراً فقدم إلى بلاده : على القول الراجح : يجوز له الجماع لأن هذا اليوم في حقه غير محترم. وكذلك المريض إذا شفي والحائض إذا طهرت.
مسألة : من جامع وهو معافى ثم مرض أو جن، ومن جامع وهو مقيم ثم سافر : لم تسقط عنهما الكفارة مع إباحة الفطر لهما آخر النهار؛ لأنه حين الجماع كان ممن لم يؤذن له بالفطر فلزمته الكفارة.
مسألة : لا تجب الكفارة في جماع صيام غير رمضان (كالنفل ونذر وكفارة يمين).
مسألة : الكفارة تجب بالجماع ولو لم يحدث الإنزال ، ما دام أولج الحشفة في القبل.
باب ما يكره وما يستحب من الصائم وحكم قضاء رمضان
مسألة : ما حكم جمع الريق ثم بلعه؟ ليس بمكروه، ولا يقال إن الصوم نقص بذلك (على الراجح)، لكن لو بقي طعم طعام (كحلاوة تمر أو ما أشبه ذلك) فهذا لا بد أن يتفله، ولا يبلعه.
مسألة : ما حكم بلع النخامة؟ حرام على الصائم وغير لأنها مستقذرة، وربما تحمل أمراضاً، ولكنها على الراجح : لا تفطر ولو وصلت إلى فمه لأنها لم تخرج من الفم، ولا يعد بلعها أكلاً ، ولا شرباً.
مسألة : إذا ظهر دم من لسانه أو أسنانه ، هل يجوز بلعه ؟ لا يجوز لا للصائم ولا لغيره لقوله تعالى :حرمت عليكم الميتة والدم. وإذا وقع للصائم فإنه يفطر.
مسألة : حكم ذوق الطعام لغير حاجة : مكروه لأنه ربما نزل شيء من هذا الطعام إلى الجوف من غير أن يشعر فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم أما لحاجة فليس بمكروه.
مسألة : يكره مضغ العلك القوي الذي لا يتفتت لثلاث علل :
لأنه ربما تسرب إلى بطنه شيء من طعمه إن كان له طعم. لأنه يساء به الظن إذا مضغه أمام الناس. ولأنه يجلب له البلغم، ويجمع الريق، ويذهب العطش.
وعليه فالعلك المتحلل يحرم على الصائم. لأنه إذا علكه لا بد أن ينزل منه شيء لأنه متحلل يمشي مع الريق. وما كان وسيلة لفساد الصوم فإنه يكون حراماً.
مسألة : حكم القبلة وغيرها من دواعي الوطء :إذا كان هذا يحرك الشهوة مع أمن إفساد الصوم بإنزال فهذا لا بأس به، والدليل : أن النبي كان يقبل وهو صائم. [متفق عليه]
وإذا كانت تحرك الشهوة مع خشية فساد الصوم بالإنزال بأن يكون شاباً قوياً شديد الشهوة، وشديد المحبة لأهله في هذه الحالة : يكون فعله هذا محرماً لأنه يعرض صومه للفساد.
فوائد :
1- إذا سب الصائم أحد فإنه لا يرد عليه بمثل ما قال، بل يقول :(إني صائم) جهراً؛ للحديث المتفق عليه، قال : رسول الله إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يصخب ولا يرفث، وإن سابه أو قاتله أحد فليقل إني صائم .
2- ويسن تأخير السحور، لما ورد في البخاري أن النبي كان يؤخر السحور حتى أنه لم يكن بين سحوره، وبين إقامة الصلاة إلا نحو خمسين آية.
3- ويسن تعجيل الفطور لقوله لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر . [رواه البخاري ومسلم]
4- ويسن الفطر على رطب، فإن عدم فتمر، فإن عدم فماء؛ لما رواه الترمذي وهو حسن صحيح قوله إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور .
ويسمي عند فطره وجوباً، ويحمد الله عند الانتهاء، ويسن قول ما وردت به الآثار، وإن كان فيها ما فيها، لكن إذا قالها فلا بأس :(اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم). [أخرجه ابن السني، وفي سنده عبد الملك بن هارون ضعفه أحمد والدار قطني، وقال ابن القيم:لا يثبت]. وقوله: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) [صححه الحاكم على شرطهما، وحسنه الألباني في الإرواء]
مسألة : يستحب تتابع القضاء :
1-لأنه أقرب لمشابهة الأداء. 2- لأنه أسرع في إبراء الذمة. 3- لأنه أحوط. وينبغي أن يبادر به بعد يوم العيد مباشرة. [445]
مسألة : ولا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضان الآخر من غير عذر :
1- لحديث عائشة : كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان. [رواه البخاري]. فقولها : (ما استطيع) دليل على أنه لا يؤخر إلى ما بعد رمضان.
2- ولأنه صار كمن أخر صلاة الفريضة إلى وقت ما بعدها، وهذا لا يجوز. ودليل جواز التأخير قبل رمضان، قوله تعالى :فعدة من ايام أخر. فلم يقيدها بالتتابع، ولو قيدت للزم من ذلك الفورية.
أما إن كان لعذر كمن استمر به المرض إلى رمضان آخر : جاز له أن يفطر لأنه إذا جاز أن يفطر في رمضان، وهو أداء ؛ فجواز الإفطار في أيام القضاء من باب أولى.
مسألة :هل يصح التطوع بالصيام قبل قضاء الفرض؟
يصح لأن الوقت موسع ما لم يضيق الوقت، لكن الأولى أن يبدأ بالصيام للقضاء.
لكن ستة شوال لا تقدم على قضاء رمضان، ولو قدمها لصار نفلاً مطلقاً، ولم يحصل على ثوابها الوارد عند مسلم في قوله من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر . فالحديث نص على من صام رمضان، ومن كان عليه قضاء فإنه لا يصدق عليه أنه صام رمضان.
مسألة : من أخر صيام القضاء إلى رمضان آخر دون عذر : لا يلزمه إلا القضاء فقط مع الإثم، هذا هو الراجح. وهناك قولان آخران :
1- أنه يجب عليه القضاء والإطعام لحديث مرفوع ضعيف جداً لا تقوم به الحجة، ولأثر عن ابن عباس وأبي هريرة في هذا، وما ذكر عنهما فإنه ليس بحجة؛ لأن الحجة لا تثبت إلا بالكتاب والسنة ، أما أقوال الصحابة فإن في حجتها نظر إذا خالفت ظاهر القرآن.
2- أنه لا يجب عليه إلا الإطعام فقط، ولا يصح منه الصيام بناء على أنه عمل عملاً ليس عليه أمر الله ولا رسوله .
مسألة : إذا مر رمضان على إنسان مريض ففيه تفصيل :
1- إذا كان يرجى برؤه بقي الصوم واجباً عليه حتى يشفى، ولكن لو استمر به المرض حتى مات فهذا لا شيء عليه لأن الواجب عليه القضاء، ولم يدركه.
2- إذا كان يُرجى زواله، ثم عوفي، ثم مات قبل أن يقضي، هذا يُطْعَم عنه عن كل يوم مسكيناً بعد موته.
3- إذا كان لا يُرجى زواله، فهذا عليه الإطعام ابتداء. ولو فرض أن الله عافاه : فلا يلزمه الصوم، لأنه يجب عليه الإطعام، وقد أطعم فبرئت ذمته.
مسألة : من مات وعليه صوم : صام عنه وليه بالنص، وهو قوله من مات وعليه صوم صام عنه وليه [متفق عليه] وصوم نكرة غير مقيدة بصوم معين. والمقصود هنا: من أمكنه القضاء ولم يفعل فإذا مات : صام عنه وليه. (وهو الوارث) وذلك استحباباً، والذي صرف الأمر للاستحباب قوله تعالى :ولا تزر وازرة وزر أخرىفإن لم يفعل قلنا أطعم عن كل يوم مسكيناً، قياساً على صومه الفريضة.
مسألة : يجوز أن يصوم واحد من الورثة، ويجوز أن تفرق الأيام عليهم : بشرط ألاّ يشترط التتابع، فإن كان مما يشترط فيه التتابع (ككفارة الظهار) لزم أن يصومه واحد من الورثة فقط
انتهى.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى