أخي أتعرف نداء القبر ؟؟

أخي أتعرف نداء القبر ؟؟
۞۞۞۞۞۞۞۞


فالقبر سيناديك و يكلمك و يكلمني بمجرد ما نوضع فيه

و ياله من نداء

و ياله من حديث و حوار و كلام

فالأمر مخيف جداً أيها الحبيب

تأمل معي أخي الحبيب فيما سيأتي

و تخيل الموقف و حاول أن تعيشه اليوم بذاكرتك قبل أن تمر عليه غداً و يكون واقعاً لك تراه رأي العين

: روى أبو نعيم رحمه الله بإسناد صحيح عن عبيد بن عمير رحمه الله أنه قال

(( يـُـجْـعَـل للقبر لسانا ينطق به فيقول : ابن آدم كيف نسيتنى ؟ أمَـا علمت أني بيت الأكلة و بيت الدود و بيت الوحشة ))

: كما أخرج بن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح عن عبيد بن عمير رحمه الله أنه قال

(( إن القبر ليقول : يا ابن آدم ماذا أعددت لى ؟ ألم تعلم أني بيت الغربة و بيت الوحدة و بيت الأكلة و بيت الدود ))

من كتاب رحلة إلى الدار الآخرة ( للشيخ أبو عمار.. محمود المصرى ص : 212 - 213)

..أخي الحبيب الغالي

حينما تقرأ هذا الكلام فأنا أرجوك أن تقرأه بتمهل و رويــة

تأمل كل حرف من حروف هذا الكلام

.و حاول أن تعيش فيه بمخيلتك

..ياالله

تأمل نفسك و قد وضعوك فى قبرك

أبوك و ابنك و أخوك و خالك وعمك و صاحبك وجارك و كل أحبابك

كلهم اجتمعوا على جنازتك و قالوا لبعضهم البعض إن فلاناً قد مات

و لا حول و لا قوة إلا بالله

.و حينما وصلوا لقبرك و فتحوه.. نزلوا و وضعوك فيه

و ما هو القبر ؟
۞۞۞۞۞

إنه حفرة في باطن الأرض أيها الحبيب

الأرض التي نمشى اليوم فوقها سننام غدا تحتها و في باطنها

تخيل هذا و توجع و تألم و اعلم بأن الإنسان مهما بلغ و مهما علا في الدنيا له شأن فهو فى نهاية الأمر لاقيمة له أبداً

و الله إلا إذا رضي الله عنه و أحبه

تأمل أخي الحبيب أول ما ستوضع في قبرك ماذا سيحدث لك ؟

تخيل أنك بمجرد أن يلامس جسدك تراب القبر تسمع صوت القبر و هو يناديك و يخاطبك وحدك

و كأنه يستقبل الضيف الجديد القادم له من الدنيا

فأنت الزائر الذي أتاه من دار مختلفة بحق

فالقبر أول منازل الآخرة

فالدنيا دار مليئة بالباطل

أما هذا القبر فليس فيه سوى الحقيقة

الحقيقة كاملة سواء سرت صاحبها أو لم تسره.. و لكنها الحقيقة

حقيقة نفسه التى لم يكن يراها وسط مجاملات الناس و مداهناتهم

فحتى إن كنت بعيون الناس صالحا و أنت غير ذلك

و حتى إن كان الناس يخاطبونك بعبارات الثناء الخداعة و أنت لاتستحقها

ففي القبر لن تجد شيئاً من ذلك

و إنما ستجد الحقيقة عارية و مجردة من كل شىء سواها

ستلقى في هذه الحفرة الحساب.. ستخوض الإختبارات.. و ليس معك في هذه اللحظات أحد من أهل الدنيا

.و لا أحد ممن كانوا بالأمس رفاقاً و أصحاباً و أحباباً لكي يخففوا عنك أو يعينوك

تخيل أيها الحبيب أول ما ستسمع صوت قبرك و هو يخاطبك و يناديك.. ماذا ستفعل ؟

فهذه اللحظة من اللحظات العسيرة حقاً.. و أصعب ما فيها أنه ليس منها مفر ولا مهرب

أخي ماذا تفعل فى الدنيا حينما ينقطع عنك تيار الكهرباء و أنت و حدك ؟

سيصيبك الخوف و لكن ستهرول فى ثوان معدودات إلى الشموع لتضيئها

إلى مصباح حديث يعمل بأحد البطاريات لتضيء به المكان

و قد يكون انقطاع الكهرباء في الدنيا يترك لك فى هذه الظلمة ضوءاً خافتاً من أي مصدر خارجى

و لكن في القبر فالظلمة حالكة السواد مظلمة جدا بشكل مخيف مرعب

و مع هذا فلن تستطيع فيها أن تجد شمعة الدنيا و مصباح الأمس كي تنير به هذا المكان

تخيل أيها الحبيب الغالي أن مصدر الطاقة الوحيد لك آنذاك هو عملك الذي عملته فى الدنيا

هو و قودك وهو زادك و هو كل شيء بعد رحمة الله بك

فاعمل من الآن أيها الحبيب لهذه الظلمة.. جهز شيئاً ينير لك قبرك من الآن

و إلا فأنت من ستقاسي وحدك و أنت من ستعيش الألم وتستشعره وحدك و لن يخفف أحد عنك ما ستلاقيه

..تخيل ياحبيبي

عندما ترى نفسك فى الظلام وحيداً

بل منقطعاً عن الدنيا و أهلها و لا أحد من أهلك يعلم بحالك

و كل ماحولك ظلام و في وسط هذا الظلام المسيطر على المكان حولك

يأتي صوت عمرك ماسمعته.. يقول لك متسائلا : كيف نسيتنى ؟

و حقا يا أخي كيف نسيناه و هو يذكرنا و لا يغفل عنا و لا ينسانا

نهرب نحن من تذكره وهو ينتظرنا في حقيقة الأمر

..و الله ياحبيبي

يالها من حسرة ينبغي لها أن تمزق قلوبنا و تقطع أوصالنا من الألم و الحزن

: و حينما يسألك إستنكاراً عليك و استنكاراً على نسيانك إياه فيقول

أما علمت أني بيت الغربة

أما علمت أني بيت الوحشة

أما علمت أني بيت الدود

أما علمت أني بيت الأكلة

فأين الإجابة على هذه التساؤلات ؟

..إن الإجابة عليها هي حالنا

فحالنا وقتها هو الإجابة الشافية لكل هذا

فكل واحد منا حينذاك غريباً داخل قبره

تتسابق عليه الديدان و الأكلة لتنهشه وت أكله و هو لا يستطيع أن يدفعها و لا أن يكفي نفسه إياها

ستكون وحدك في وحشة داخل الظلمات ياهذا

فلمثل هذا اليوم فأعدوا من الآن

..أخي الحبيب كلنا سيسمع نداء قبره و كلامه و لكن ستختلف كلمات القبر من هذا إلى ذاك

ففريق يسمع أعذب كلمات و فريق سيسمع ماتشيب من هوله الولدان فى ريعان الصبا

فمن أي الفريقين تحب أن تكون

وأي نداء تحب أن يخالط مسامعك

: روى ابن المبارك بإسناد صحيح عن أسيد بن عبد الرحمن رحمه الله أنه قال

((بلغني أن المؤمن إذا مات وحُـمِـل قال : أسرعوا بي فإذا وُضِـع فى لحده كلمته الأرض

فقالت له : إن كنت لأحبك و أنت على ظهري فأنت الآن أحب إلى

فإذا مات الكافر و حُـمِـل قال : ارجعوا بي فإذا وُضِـع في لحده كلمته الأرض

فقالت : إن كنت لأبغضك و أنت على ظهري فأنت الآن أبغض إلى))

من كتاب رحلة إلى الدار الآخرة ( للشيخ أبو عمار _ محمود المصري ص : 213)

أخي الحبيب.. ماذا تحب أن تسمع و بأي نداء تحب أن تناديك الأرض ؟

تذكر أيها الحبيب أنك ستكون في هذا وحدك

و لن يكون معك فيه لا أب شفوق و لا أم حنون و لا أخ حبيب و لا صاحب ناصح

تذكر أخي الحبيب أن كل هؤلاء أنت الآن تسمع قرع نعالهم و هم يغادرون المكان مسرعين في خطاهم إلى بيوتهم

بعد أن أسكنوك فى جوف التراب و تركوك و انصرفوا

.فلمثل هذا اليوم فأعدوا من الآن