سلسلة الدروس الدينية
3 مشترك
صفحة 3 من اصل 3
صفحة 3 من اصل 3 • 1, 2, 3
سلسلة الدروس الدينية
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
الحمد لله الفتاح العليم الوهاب الكريم ، الحمد لله الذي فقه في الدين من أراد به خيرا
وصلى الله وسلم على خير من قام بشكر النعمة وحمدها ، سيدنا محمد المبعوث للخلق رحمة وهدى والقائل: : "من يرد اللّه به خيراً يفقهه في الدين" ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فبتوفيق الله وعونه ومشيئته نشرع في سلسلة من الدروس المختارة من أقوال نخبة من العلماء المتميزين بالوسطية منتهجين في ذلك منهجهم في فهم وفقه الدين – ولأن هذه الدروس مقتبسة من أقوال كثير من العلماء رأينا ألاّ نكون مقيدين بذكر أصحابها - ولإِنَّ الوسطيَّةَ من خَصائصِ هذه الأُمَّة وهي سببُ خَيْريَّتِها نبدأ إن شاء الله دروسنا بها:
قال تعالى ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً ﴾[ البقرة:143]
لا تزالُ الأُمَّةُ بخَيْرِ ما حافَظَتْ على هذه الخَاصيَّةِ التي تتميَّزُ بها خاصية الوسطيَّةِ التي تُمثِّلُ الاعتدالَ والاستقامةَ على صِراطِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فإِذا خرَجتْ عن الوسَطِ إلى أحَدِ جانِبَيْه ففرّطَتْ أو أَفْرَطَتْ فقد هلَكت، فإِنَّ التَّطرُّف مَهْلَكة، التَّطرُّف لا يخْتَصُّ بالغُلُوِّ والإفْراط، وإٍنَّما الغُلُّوُ والإفْرَاطُ تطرُّف، والتَّقْصِيرُ والتَّفرِيطُ تَطرُّفٌ أيضاً، وكِلاَهُما مَهْلَكَةٌ للفَرْدِ والمُجْتَمع.
فالَّذِي يُفَرّط في حِقِّ اللهِ ويُقْصِّرُ في القِيَام به مُتَطَّرِّف .
كما أَنَّ الذي يتطَّرف إلى جِهَةِ الغُلُوِّ والتَّشدُّد والتَّزمُّت يُوجِبُ ما لَيْس بواجب، ويُحَرِّم ما لَيْسَ بمحرَّم، ويكفِّر المسلمينَ ويُفَسِّق الصَّالحين، فيسْتَحِلُّ دِماءَهم وأمْوالَهم، ويخرُج على حُكَّامهم وأُمرائهم، فيثيرُ الفَوْضَى ويَسْعَى في الأرضِ فساداً ﴿ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾.
الوَسَط اسمٌ لما بيْن طَرَفَي الشَّيء، وقد يُطْلَقُ على ما لَه طرَفانِ مَذْمُومانِ كالجُودِ بيْن البُخْل والسَّرَف.
فالوَسَطُ الخِيَّار، فوَسَطُ الوادِي خَيْرُ مكانِ فيه، ويُقَالُ فُلانُ وسَطٌ في قوْمِه، إذا كان أوْسَطَهم نسَباً وأرْفَعهم مَجْداً، وقد جاء فى صِفَةِ نبِّينا - صلى الله عليه وسلم- أَنَّه كان من أوْسَطِ قَوْمِه أيْ خِيارهم، وقد جعلَ اللهُ أُمَّته وسَطاً أي خِياراً.
والمقصود بالتوسُّط أَنْ يتحرَّى المُسْلِمُ الاعتدالَ ويبْتَعِدَ عن التطرُّف في الأقْوالِ والأفْعال بحيثُ لا يَغْلُو ولا يقصِّر، ولا يُفرْط ولا يُفرِّط « (2).
فإِنَّ الإفْرَاطَ والتَّفريطَ مذمُومانِ وقد نهىَ اللهُ عنهما وذمَّ أهلَهما، فقال تعالى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْ ﴾[ هـود:112] .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ( هَاتِ الْقُطْ لِي ) فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: ( أَمْثَالِ هَؤُلاَءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ).
وقال تعالى: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [ الأنعام:31] .
وقد نهى اللهُ تعالى عن طاعةِ هؤلاءِ وأمر بمخالفتهم فقال تعالى:﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطً ﴾ [ الكهف:28] .
فمتى ابتعدَ الإنسانُ عن الإفْراطِ والتَّفريط فقد اعتدلَ على أوْسَطَ الطريق واستقامَ على الصِراطِ المستقيم كما أمر الله ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [ الأنعام:153] .
وقد أمر اللهُ تعالى عبادَه المؤمنينَ أَنْ يسألوه ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ [ الفاتحة6: 7] ،فالمغضوبُ عليهم وهم اليهودُ فرّطوا وقصَّروا، والضَّالين وهم النَّصارى غَلَوْ وأَفْرَطُوا وتشدَّدوا حتى ابْتدَعُوا، والصِّراطُ المستقيمُ الذي هدى اللهُ إليه النبِّيين والصِّديقينَ َوالشُّهداءَ والصَّالحين هو العَمَلُ بالعِلْم في غَيْرِ إفْرَاطٍ ولا تفريط، وقد أنعم الله على أمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم- بالهدايةِ إلى هذا الصِّراطِ المستقيمِ فكانُوا بذلك أُمَّةً وسطاً، قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطً ﴾[ البقرة142 : 143] .
فالوسَطِيَّةُ تعني اتِّباعَ الصِّراطِ المُسْتَقيم والثَّباتَ عليه والحَذَرَ من المَيْلِ إلى أَحَدِ جانِبَيْه، ولقد ضربَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- لذلكَ مثلاً محسُوساً:
فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَّ خَطًّا وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الأَوْسَطِ فَقَالَ:( هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ) ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآَيَةَ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [ الأنعام153] .
قال ابن القيِّم: « وهذا الصِّراطُ المستقيمُ الذي وصَّانا الله تعالى باتِِّباعه هو الصِّراط الذي كان عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه، وهو قَصْدُ السَّبيل، وما خرَج عنه فهو من السُّبلُ الجائرة، لكنَّ الجَوْرَ قد يكونُ جُوْراً عظيماً عن الصِّراط وقد يكونُ يسيراً، وبيْن ذلك مراتبُ لا يُحْصِيها إِلاَّ الله، وهذا كالطَّريق الحِسِّي فإِنَّ السَّالِكَ قد يَعْدِلُ عنه ويجوُر جَوْراً فَاحِشاً وقد يجُور دُون ذلك، فالميزانُ الذي تُعْرَفُ به الاسْتِقَامةُ على الطريق والجَوْرُ عنه هو ما كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- وأصحابُه عليه، والجائرُ عنه إِمَّا مُفْرِّطٌ ظالم، أو مجْتَهِدٌ متأوِّل، أو مُقَلِّدٌ جاهِل، وكلُّ ذلك قد نَهى اللهُ عنه فلم يَبْقََ إِلاَّ الاقْتِصَادُ والاعْتِصَامُ بالسُّنَّةِ وعَلَيْهما مدَارُ الدِّين» .
وقد كَثُرَتْ الآياتُ القرآنيَّةُ والأحاديثُ النبويَّةُ في الأمرِ بالوسَطيَّة والحَثِّ عليها ومَدْحِ أَهْلِها قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [ الإسراء:29] ،
وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾[ الفرقان:67]
وقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾[ الأعراف:31]
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [ المائدة87،88 ]
وقال تعالى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [ الأعراف: 55]
وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [ الأعراف:205]
وقال تعالى: ﴿ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴾ [ الإسراء:110]
وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ﴾[ الأنبياء:90 ]
يتبع
- الكود:
المشرف : رجاء عدم الرد والتعقيب
الحمد لله الفتاح العليم الوهاب الكريم ، الحمد لله الذي فقه في الدين من أراد به خيرا
وصلى الله وسلم على خير من قام بشكر النعمة وحمدها ، سيدنا محمد المبعوث للخلق رحمة وهدى والقائل: : "من يرد اللّه به خيراً يفقهه في الدين" ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فبتوفيق الله وعونه ومشيئته نشرع في سلسلة من الدروس المختارة من أقوال نخبة من العلماء المتميزين بالوسطية منتهجين في ذلك منهجهم في فهم وفقه الدين – ولأن هذه الدروس مقتبسة من أقوال كثير من العلماء رأينا ألاّ نكون مقيدين بذكر أصحابها - ولإِنَّ الوسطيَّةَ من خَصائصِ هذه الأُمَّة وهي سببُ خَيْريَّتِها نبدأ إن شاء الله دروسنا بها:
الدرس الأول
الوسطيـة فـي الإسـلام
الوسطيـة فـي الإسـلام
قال تعالى ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً ﴾[ البقرة:143]
لا تزالُ الأُمَّةُ بخَيْرِ ما حافَظَتْ على هذه الخَاصيَّةِ التي تتميَّزُ بها خاصية الوسطيَّةِ التي تُمثِّلُ الاعتدالَ والاستقامةَ على صِراطِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فإِذا خرَجتْ عن الوسَطِ إلى أحَدِ جانِبَيْه ففرّطَتْ أو أَفْرَطَتْ فقد هلَكت، فإِنَّ التَّطرُّف مَهْلَكة، التَّطرُّف لا يخْتَصُّ بالغُلُوِّ والإفْراط، وإٍنَّما الغُلُّوُ والإفْرَاطُ تطرُّف، والتَّقْصِيرُ والتَّفرِيطُ تَطرُّفٌ أيضاً، وكِلاَهُما مَهْلَكَةٌ للفَرْدِ والمُجْتَمع.
فالَّذِي يُفَرّط في حِقِّ اللهِ ويُقْصِّرُ في القِيَام به مُتَطَّرِّف .
كما أَنَّ الذي يتطَّرف إلى جِهَةِ الغُلُوِّ والتَّشدُّد والتَّزمُّت يُوجِبُ ما لَيْس بواجب، ويُحَرِّم ما لَيْسَ بمحرَّم، ويكفِّر المسلمينَ ويُفَسِّق الصَّالحين، فيسْتَحِلُّ دِماءَهم وأمْوالَهم، ويخرُج على حُكَّامهم وأُمرائهم، فيثيرُ الفَوْضَى ويَسْعَى في الأرضِ فساداً ﴿ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾.
الوَسَط اسمٌ لما بيْن طَرَفَي الشَّيء، وقد يُطْلَقُ على ما لَه طرَفانِ مَذْمُومانِ كالجُودِ بيْن البُخْل والسَّرَف.
فالوَسَطُ الخِيَّار، فوَسَطُ الوادِي خَيْرُ مكانِ فيه، ويُقَالُ فُلانُ وسَطٌ في قوْمِه، إذا كان أوْسَطَهم نسَباً وأرْفَعهم مَجْداً، وقد جاء فى صِفَةِ نبِّينا - صلى الله عليه وسلم- أَنَّه كان من أوْسَطِ قَوْمِه أيْ خِيارهم، وقد جعلَ اللهُ أُمَّته وسَطاً أي خِياراً.
والمقصود بالتوسُّط أَنْ يتحرَّى المُسْلِمُ الاعتدالَ ويبْتَعِدَ عن التطرُّف في الأقْوالِ والأفْعال بحيثُ لا يَغْلُو ولا يقصِّر، ولا يُفرْط ولا يُفرِّط « (2).
فإِنَّ الإفْرَاطَ والتَّفريطَ مذمُومانِ وقد نهىَ اللهُ عنهما وذمَّ أهلَهما، فقال تعالى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْ ﴾[ هـود:112] .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ( هَاتِ الْقُطْ لِي ) فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: ( أَمْثَالِ هَؤُلاَءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ).
وقال تعالى: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [ الأنعام:31] .
وقد نهى اللهُ تعالى عن طاعةِ هؤلاءِ وأمر بمخالفتهم فقال تعالى:﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطً ﴾ [ الكهف:28] .
فمتى ابتعدَ الإنسانُ عن الإفْراطِ والتَّفريط فقد اعتدلَ على أوْسَطَ الطريق واستقامَ على الصِراطِ المستقيم كما أمر الله ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [ الأنعام:153] .
وقد أمر اللهُ تعالى عبادَه المؤمنينَ أَنْ يسألوه ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ [ الفاتحة6: 7] ،فالمغضوبُ عليهم وهم اليهودُ فرّطوا وقصَّروا، والضَّالين وهم النَّصارى غَلَوْ وأَفْرَطُوا وتشدَّدوا حتى ابْتدَعُوا، والصِّراطُ المستقيمُ الذي هدى اللهُ إليه النبِّيين والصِّديقينَ َوالشُّهداءَ والصَّالحين هو العَمَلُ بالعِلْم في غَيْرِ إفْرَاطٍ ولا تفريط، وقد أنعم الله على أمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم- بالهدايةِ إلى هذا الصِّراطِ المستقيمِ فكانُوا بذلك أُمَّةً وسطاً، قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطً ﴾[ البقرة142 : 143] .
فالوسَطِيَّةُ تعني اتِّباعَ الصِّراطِ المُسْتَقيم والثَّباتَ عليه والحَذَرَ من المَيْلِ إلى أَحَدِ جانِبَيْه، ولقد ضربَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- لذلكَ مثلاً محسُوساً:
فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَّ خَطًّا وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الأَوْسَطِ فَقَالَ:( هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ) ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآَيَةَ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [ الأنعام153] .
قال ابن القيِّم: « وهذا الصِّراطُ المستقيمُ الذي وصَّانا الله تعالى باتِِّباعه هو الصِّراط الذي كان عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه، وهو قَصْدُ السَّبيل، وما خرَج عنه فهو من السُّبلُ الجائرة، لكنَّ الجَوْرَ قد يكونُ جُوْراً عظيماً عن الصِّراط وقد يكونُ يسيراً، وبيْن ذلك مراتبُ لا يُحْصِيها إِلاَّ الله، وهذا كالطَّريق الحِسِّي فإِنَّ السَّالِكَ قد يَعْدِلُ عنه ويجوُر جَوْراً فَاحِشاً وقد يجُور دُون ذلك، فالميزانُ الذي تُعْرَفُ به الاسْتِقَامةُ على الطريق والجَوْرُ عنه هو ما كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- وأصحابُه عليه، والجائرُ عنه إِمَّا مُفْرِّطٌ ظالم، أو مجْتَهِدٌ متأوِّل، أو مُقَلِّدٌ جاهِل، وكلُّ ذلك قد نَهى اللهُ عنه فلم يَبْقََ إِلاَّ الاقْتِصَادُ والاعْتِصَامُ بالسُّنَّةِ وعَلَيْهما مدَارُ الدِّين» .
وقد كَثُرَتْ الآياتُ القرآنيَّةُ والأحاديثُ النبويَّةُ في الأمرِ بالوسَطيَّة والحَثِّ عليها ومَدْحِ أَهْلِها قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [ الإسراء:29] ،
وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾[ الفرقان:67]
وقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾[ الأعراف:31]
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [ المائدة87،88 ]
وقال تعالى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [ الأعراف: 55]
وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [ الأعراف:205]
وقال تعالى: ﴿ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴾ [ الإسراء:110]
وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ﴾[ الأنبياء:90 ]
يتبع
- الكود:
المشرف : رجاء عدم الرد والتعقيب
شرف الدين-
- عدد المساهمات : 53
العمر : 56
نقاط تحت التجربة : 12066
تاريخ التسجيل : 06/06/2008
حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من الخطأ والباطل وتسديده بالحق والصواب في جميع أحواله
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على النبي وآله وصحبه أجمعين وبعد :
فهذا كلام رائع للشيخ المفسر المحدث عبد الله سراج الدين الحسيني رضي الله عنه وموضوع البحث هو حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من الخطأ والباطل وتسديده بالحق والصواب في جميع أحواله من كتاب سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شمائله الحميْدة . خصاله المجيْدة وهذا هو :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من الخطأ والباطل وتسديده بالحق والصواب في جميع أحواله
إن الله تعالى قد أيَّد رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالحق ,
وسدَّده في أقواله وأفعاله في جميع أحواله , في حال رضاه وغضبه , وحال
جِدِّه ومزاحه , وحال صحته ومرضه .
فكان صلى الله عليه وسلم إذا غضب لا يخرجه غضبه عن الحق والصواب , بل هو
على الحق في حال غضبه , كما هو على الحق في حال رضاه , بخلاف غيره من
الأمة , فإن الغضب قد يخرجهم عن الاعتدال والنطق بالصواب , ولذلك نبهنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا يَعتريه ما يعتري غيرَه في حال
الغضب , بل هو على كمال الاعتدال , وصواب الأقوال والأفعال , في سائر
الأحوال .
روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول
الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه , فنهتني قريش وقالوا : أتكتب كل شيء
تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم
بَشرٌ يتكلم في الغضب والرضا ؟! فأمسكت عن الكتابة , فذكرت ذلك للنبي صلى
الله عليه وسلم .
فأومأ بأصبعه إلى فيه-أي : فمه- فقال : " اكتبْ , فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق " .
وعند الدرامي : " اكتب , فو الذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق " .
نعم ما خرج من فمه صلى الله عليه وسلم وما يخرج منه إلا حق! .
كما أن مزاحه صلى الله عليه وسلم حق وليس فيه باطل ؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم " إني لأمزح ولا أقول إلا حقاً".
وقال : " لستُ من دَدٍ – أي : لست من أهل اللهو واللعب – ولا الدَّدُ مني
, ولست من الباطل ولا الباطل مني " الحديث كما تقدم في مزاحه صلى الله
عليه وسلم.
فليس للشيطان عليه تأثير فيخرجه عن الحق والصواب , بل هو معصوم من ذلك كما تقدم .
وليس للغضب ونحوه عليه تأثير يخرجه عن كمال الاعتدال , وعن الحق والصواب
في الأقوال والأعمال , ولذا قال : " اكتب كل شيء تسمعه مني , فوالله ما
يخرج منه – أي : من فمه – إلا حق".
وليس له من نفسه الطيبة الطاهرة الزكية النقية إلا داعيةُ الخير والحق
والصواب والصدق , ولذا قال : " لست من ددٍ ولا الدد مني , ولست من الباطل
ولا الباطل مني ".
فكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صائبَ الرأي , سديدَ النظر ,
حفظه الله من الخطأ في جميع قضاياه وآرائه , وكيف لا يكون كذلك وقد أعطاه
الله تعالى العقل الواسع الأكمل , والعلم الفائض الأفضل , ودقَّة النظر ,
وقوَّة الفكر , وكمال التبصُّر في جميع ميادين الأمور!.
وقد شهدت له بذلك المشاهد ورجالها , وأثبتت له ذلك الوقائع وقوادها , حتى
إنه صلى الله عليه وسلم كان يرى الرأي في الأمور , فإذا خالف بعضُ الصحابة
رأيه , عاد الأمر عليهم بالوبال والشر.
وخذ مثالاً لذلك قضية يوم أحد :
فإنه صلى الله عليه وسلم عيَّن خمسين من الرماة , وأمَّر عليهم عبد الله
بن جبير , وأمرهم أن يقيموا في موضعٍ عيَّنه لهم , وقال لهم : " احْمُوا
ظهورنا , فإنْ رأيتمونا نُقتل فلا تنصرونا , وإن رأيتمونا نغنم فلا
تَشْرَكونا " .
وفي رواية قال لهم : " إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا , وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا " اهـ كما في السِّيَر .
وفي (مسند ) الإمام أحمد قال لهم صلى الله عليه وسلم : " إن رأيتمونا تخطَفنا الطير فلا تبرحوا , حتى أرسل إليكم ".
فلما هَزم المسلمون المشركين قال أصحاب عبد الله : الغنيمةَ! ظهر أصحابكم فما تنتظرون ؟
فقال لهم عبد الله : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقالوا : إنا والله لنأتينَّ فلنصيبنَّ من الغنيمة .
فإذا بالمشركين يأتون من الثغرة وراء المسلمين التي كانت محمية بالرماة ,
وحملوا على المسلمين فانهزم كثير منهم – وكان ذلك بسبب مخالفة أمر النبي
صلى الله عليه وسلم .
وقد تقدم في بحث أرجحية عقله الشريف صلى الله عليه وسلم أنواع من الوجوه
الدالَّة على سداد نظره , وصواب رأيه في مواقفه الخاصة والعامة , وفي
مواقفه مع أعدائه , وفي جميع المعارك والحروب.
وقد ذهب الجمهور من العلماء والمحققين إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم
معصوم عن الخطأ بعصمة الله تعالى له , واستدلوا على ذلك بوجوه من الأدلة
المفصلة في مطوَّلات كتب التفسير وأصول الفقه.
قالوا : وإن نسبة الخطأ إليه صلى الله عليه وسلم في أمرٍ ما , تحتاج إلى
دليل يثبت ذلك , ولم يرد نص من آية أو حديث تثبت تخطئته صلى الله صليه
وسلم في أمر من الأمور ؛ بل ولم يرد على لسان الصحابة نسبة الخطأ إلى
النبي صلى الله عليه وسلم أصلاً .
وذهب جماعة من العلماء إلى أنه يجوز الخطأ عليه صلى الله عليه وسلم دون أن
يُقَرَّ عليه , لتنبيه الوحي إياه , واستدلوا على ذلك بقصة أسرى بدر ,
وقصة تأبير النخل , وربما أوردوا قصة نزوله صلى الله عليه وسلم يوم بدر في
مكان ثم تحوّله عنه ؛ عملاً برأي الحُباب بن المنذر .
فهذا كلام رائع للشيخ المفسر المحدث عبد الله سراج الدين الحسيني رضي الله عنه وموضوع البحث هو حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من الخطأ والباطل وتسديده بالحق والصواب في جميع أحواله من كتاب سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شمائله الحميْدة . خصاله المجيْدة وهذا هو :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من الخطأ والباطل وتسديده بالحق والصواب في جميع أحواله
إن الله تعالى قد أيَّد رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالحق ,
وسدَّده في أقواله وأفعاله في جميع أحواله , في حال رضاه وغضبه , وحال
جِدِّه ومزاحه , وحال صحته ومرضه .
فكان صلى الله عليه وسلم إذا غضب لا يخرجه غضبه عن الحق والصواب , بل هو
على الحق في حال غضبه , كما هو على الحق في حال رضاه , بخلاف غيره من
الأمة , فإن الغضب قد يخرجهم عن الاعتدال والنطق بالصواب , ولذلك نبهنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا يَعتريه ما يعتري غيرَه في حال
الغضب , بل هو على كمال الاعتدال , وصواب الأقوال والأفعال , في سائر
الأحوال .
روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول
الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه , فنهتني قريش وقالوا : أتكتب كل شيء
تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم
بَشرٌ يتكلم في الغضب والرضا ؟! فأمسكت عن الكتابة , فذكرت ذلك للنبي صلى
الله عليه وسلم .
فأومأ بأصبعه إلى فيه-أي : فمه- فقال : " اكتبْ , فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق " .
وعند الدرامي : " اكتب , فو الذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق " .
نعم ما خرج من فمه صلى الله عليه وسلم وما يخرج منه إلا حق! .
كما أن مزاحه صلى الله عليه وسلم حق وليس فيه باطل ؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم " إني لأمزح ولا أقول إلا حقاً".
وقال : " لستُ من دَدٍ – أي : لست من أهل اللهو واللعب – ولا الدَّدُ مني
, ولست من الباطل ولا الباطل مني " الحديث كما تقدم في مزاحه صلى الله
عليه وسلم.
فليس للشيطان عليه تأثير فيخرجه عن الحق والصواب , بل هو معصوم من ذلك كما تقدم .
وليس للغضب ونحوه عليه تأثير يخرجه عن كمال الاعتدال , وعن الحق والصواب
في الأقوال والأعمال , ولذا قال : " اكتب كل شيء تسمعه مني , فوالله ما
يخرج منه – أي : من فمه – إلا حق".
وليس له من نفسه الطيبة الطاهرة الزكية النقية إلا داعيةُ الخير والحق
والصواب والصدق , ولذا قال : " لست من ددٍ ولا الدد مني , ولست من الباطل
ولا الباطل مني ".
فكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صائبَ الرأي , سديدَ النظر ,
حفظه الله من الخطأ في جميع قضاياه وآرائه , وكيف لا يكون كذلك وقد أعطاه
الله تعالى العقل الواسع الأكمل , والعلم الفائض الأفضل , ودقَّة النظر ,
وقوَّة الفكر , وكمال التبصُّر في جميع ميادين الأمور!.
وقد شهدت له بذلك المشاهد ورجالها , وأثبتت له ذلك الوقائع وقوادها , حتى
إنه صلى الله عليه وسلم كان يرى الرأي في الأمور , فإذا خالف بعضُ الصحابة
رأيه , عاد الأمر عليهم بالوبال والشر.
وخذ مثالاً لذلك قضية يوم أحد :
فإنه صلى الله عليه وسلم عيَّن خمسين من الرماة , وأمَّر عليهم عبد الله
بن جبير , وأمرهم أن يقيموا في موضعٍ عيَّنه لهم , وقال لهم : " احْمُوا
ظهورنا , فإنْ رأيتمونا نُقتل فلا تنصرونا , وإن رأيتمونا نغنم فلا
تَشْرَكونا " .
وفي رواية قال لهم : " إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا , وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا " اهـ كما في السِّيَر .
وفي (مسند ) الإمام أحمد قال لهم صلى الله عليه وسلم : " إن رأيتمونا تخطَفنا الطير فلا تبرحوا , حتى أرسل إليكم ".
فلما هَزم المسلمون المشركين قال أصحاب عبد الله : الغنيمةَ! ظهر أصحابكم فما تنتظرون ؟
فقال لهم عبد الله : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقالوا : إنا والله لنأتينَّ فلنصيبنَّ من الغنيمة .
فإذا بالمشركين يأتون من الثغرة وراء المسلمين التي كانت محمية بالرماة ,
وحملوا على المسلمين فانهزم كثير منهم – وكان ذلك بسبب مخالفة أمر النبي
صلى الله عليه وسلم .
وقد تقدم في بحث أرجحية عقله الشريف صلى الله عليه وسلم أنواع من الوجوه
الدالَّة على سداد نظره , وصواب رأيه في مواقفه الخاصة والعامة , وفي
مواقفه مع أعدائه , وفي جميع المعارك والحروب.
وقد ذهب الجمهور من العلماء والمحققين إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم
معصوم عن الخطأ بعصمة الله تعالى له , واستدلوا على ذلك بوجوه من الأدلة
المفصلة في مطوَّلات كتب التفسير وأصول الفقه.
قالوا : وإن نسبة الخطأ إليه صلى الله عليه وسلم في أمرٍ ما , تحتاج إلى
دليل يثبت ذلك , ولم يرد نص من آية أو حديث تثبت تخطئته صلى الله صليه
وسلم في أمر من الأمور ؛ بل ولم يرد على لسان الصحابة نسبة الخطأ إلى
النبي صلى الله عليه وسلم أصلاً .
وذهب جماعة من العلماء إلى أنه يجوز الخطأ عليه صلى الله عليه وسلم دون أن
يُقَرَّ عليه , لتنبيه الوحي إياه , واستدلوا على ذلك بقصة أسرى بدر ,
وقصة تأبير النخل , وربما أوردوا قصة نزوله صلى الله عليه وسلم يوم بدر في
مكان ثم تحوّله عنه ؛ عملاً برأي الحُباب بن المنذر .
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16430
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: سلسلة الدروس الدينية
الفرق بين الكرامة والسحر
ابن حجر الهيتمي / الفتاوى الحديثية
وأما الفرق بين الكرامة والسحر فهو أن الخارق الغير مقترن بتحدي النبوة
فإن ظهر على يد صالح وهو القائم بحقوق الله وحقوق خلقه فهو الكرامة ، أو
على يد من ليس كذلك فهو السحر أو الاستدراج .
قال إمام الحرمين : وليس ذلك مقتضي العقل ولكنه متلقى من إجماع العلماء . انتهى
وتميز الصالح المذكور عن غيره بين لا خفاء فيه ؛ إذ ليست السيما كالسيما
ولا الآداب كالآداب ، وغير الصالح لو لبس ما عسى أن يلبس لا بد أن يرشح من
نتن فعله أو قوله ما يميزه عن الصالح .
الفرق بين اليقين وعلم اليقين وعين اليقين وحق اليقين
ابن حجر الهيتمي / الفتاوى الحديثية
واعلم أن اليقين هو نهاية المعرفة ، ومراتبه ثلاثة :
علم اليقين : وهو ما ينشأ عن النظر والاستدلال .
وعين اليقين : وهو ما يكون من طريق الكشف والنوال .
وحق اليقين : وهو مشاهدة الغيب ومشاهدة العيان كما يشاهد الرائي .
فالأول للأولياء ، والثاني لخواصهم ، والثالث للأنبياء ، وحقيقته اختص بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
في وجه تذكير الشمس في ( هذا ربي ) وتأنيثها في ( بازغة )
ابن حجر الهيتمي/ الفتاوى الحديثية
وذكَّر الشمس في ( هذا ربي ) وأنثها في ( بازغة ) لأن فيها لغتين التذكير
والتأنيث ، فالتذكير بتأويل الكوكب أو الضوء أو النور أو الطالع أو الشخص
أو الشيء أو لكونه أخبر عنها بمذكر ، والمبتدأ والخبر كالشيء الواحد ،
وقول أبي حيان على لغة أكثر الأعاجم لأنهم لا يفرقون في الضمائر وأسماء
الإشارة بين المذكر والمؤنث مردود بأن هذا إنما يقال لو عبر بلغة إبراهيم
وهي العبرانية .
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16430
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
مواضع السجود في القرآن
مواضع السجود في القرآن خمسة عشر
موضعاً فعن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة
سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان رواه أبو داود وابن
ماجة والحاكم والدار قطني وحسنه المنذري والنووي وهي :
1- ( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ) (الأعراف/206 ) .
2- ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال). ( الرعد/15) .
3- ( ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ) (النحل/49) .
4- ( قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ) (الإسراء/107 ) .
5- ( إذ تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً ) ( مريم/58 ) .
6- ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في
الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير
حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء )
(الحج/18
) .
7- ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) (الحج/77 )
8- ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزداهم نفوراً) . ( الفرقان/60 ) .
9- ( ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون ) (النمل/25 ) .
10- ( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون ) (السجدة/15 ) .
11- ( وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب ) (ص/24) .
12- ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) (فصلت/37) .
13- ( فاسجدوا لله واعبدوا ) (النجم/63) .
14- ( وإذا قرء عليهم القرآن لا يسجدون ) (الانشقاق/21 ) .
15- ( كلا لا تطعه واسجد واقترب ) (العلق/19 ) .
فقه السنة 1/186-188[/b]
موضعاً فعن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة
سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان رواه أبو داود وابن
ماجة والحاكم والدار قطني وحسنه المنذري والنووي وهي :
1- ( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ) (الأعراف/206 ) .
2- ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال). ( الرعد/15) .
3- ( ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ) (النحل/49) .
4- ( قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ) (الإسراء/107 ) .
5- ( إذ تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً ) ( مريم/58 ) .
6- ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في
الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير
حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء )
(الحج/18
) .
7- ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) (الحج/77 )
8- ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزداهم نفوراً) . ( الفرقان/60 ) .
9- ( ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون ) (النمل/25 ) .
10- ( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون ) (السجدة/15 ) .
11- ( وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب ) (ص/24) .
12- ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) (فصلت/37) .
13- ( فاسجدوا لله واعبدوا ) (النجم/63) .
14- ( وإذا قرء عليهم القرآن لا يسجدون ) (الانشقاق/21 ) .
15- ( كلا لا تطعه واسجد واقترب ) (العلق/19 ) .
فقه السنة 1/186-188[/b]
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16430
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
رد: سلسلة الدروس الدينية
:roll:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم أخي إسماعيل الفاضل على المجهود في مواصلة الدروس جزاكم الله كل خير.
وأعتذر للإخوة الكرام عن هذا الغياب الطويل وكم كنت أتمنى عدم مفارقتكم غير أنها الشواغل تفعل فينا أفاعيلها، والحمد لله.
ونواصل ما بدأناه بإذن الله سائلين المولى عز وجل السداد وحسن الخطاب .
مقدمة : مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة (1)
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
توطئة :
أيها الإخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس أسماء الله الحسنى ، وفي هذا الدرس نتحدث بشكل عام عن مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة إلى الله .
1 – القوة الإدراكية في الإنسان :
بادئ ذي بدء ، لقد أودع الله في الإنسان قوة إدراكية ، وميّزه بهذه القوة عن بقية المخلوقات ، هذه القوة الإدراكية تستلزم طلب الحقيقة ، فقد خلق فيه حاجة عليا للمعرفة ، وما لم تلبَّ هذه الحاجة العليا ، وما لم يبحث الإنسان عن الحقيقة ، وما لم يبحث عن سر وجوده ، وعن غاية وجوده ، وعن أفضل شيء يمكن أن يفعله في وجوده فقد هبط عن مستوى إنسانيته ، هناك حاجات سفلى ، وحاجات دنيا ، وهناك حاجات عليا مقدسة .
فالله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان هذه القوة كي تلبَّى ، لذلك الإنسان الذي يبحث عن الحقيقة ، والذي يتعرف إلى سر وجوده ، وإلى غاية وجوده هو إنسان لعله اقترب من أن يؤكد ذاته ، ويحقق وجوده في الأرض .
2 – أصلُ الدين معرفةُ الله :
النقطة الدقيقة أن أصل الدين معرفة الله ، وفضلً معرفة الله على معرفة خَلقه كفضل الله على خلقه ، وكم هي المسافة كبيرة جداً بين أن تعرف شيئاً من مخلوقات الله وأن تعرف خالق السماوات والأرض ، المسافة كبيرة جداً ، فعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى كَلَامِ خَلْقِهِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ )) .
[ رواه الدارمي في سننه] .
والآن فضل معرفة الله على معرفة خلقه كفضل الله على خلقه ، فلذلك ما من معرفة تعلو على أن نعرف الله عز وجل :
(( ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء)) .
[ ورد في الأثر ] .
أيها الإخوة الكرام ، لو أن طفلاً صغيراً قال : معي مبلغ عظيم ، كم نقدر هذا المبلغ ؟ نقدره مئتي ليرة مثلاً ، أما إذا قال مسؤول كبير في دولة عظمى : أعددنا مبلغاً عظيماً للحرب ، فإنك تقدره مئتي مليار ، الكلمة نفسها قالها طفل فقدرناها برقم ، وقالها إنسان آخر فقدرناها برقم ، فإذا قال خالق السماوات والأرض :
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ .
( سورة النساء ) .
3 – لا شيء يعلو على مرتبة العلم :
لذلك لا شيء يعلو على مرتبة العلم ، وإذا أدرت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل .
بالمناسبة ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاًَ .
4 – معرفةُ الآمرِ قبل معرفة الأمر :
أيها الإخوة الكرام ، هناك نقطة دقيقة جداً ؛ يمكن أن تتعرف إلى الله ، ويمكن أن تضعف معرفتك بالله ، وتتعرف إلى أمره ونهيه ، لكن الحقيقة الصارخة أنك إذا عرفت الآمر ، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر ، بينما إذا عرفت الأمر ، ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر .
كأنني وضعت يدي على مشكلة العالم الإسلامي الأولى ، الصحابة الكرام قلة ، وقد وصلت راياتهم إلى أطراف الدنيا ، لأنهم عرفوا الله ، وحينما اكتفينا بمعرفة أمره ، ولم نصل إلى معرفته المعرفة التي تحملنا على طاعته كما ترون حال العالم الإسلامي فإنانا لسنا ممكَّنين ، والله عز وجل يقول :
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي (55)
( سورة النور)
نحن كما في الآية الكريمة ، وهذا هو الواقع المرّ ، نحن لسنا مستخلَفين ، ولسنا ممكَّنين ، ولسنا آمنين ، والكرة في ملعبنا ، لأنه :
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) .
( سورة مريم)
إذاً : الفرق واضح بين الرعيل الأول من الصحابة الكرام الذين عرفوا الله ، وطبقوا منهجه ، فاستحقوا وعود الله عز وجل ، وكما تعلمون جميعاً زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .
على كلٍّ ؛ قضية العلم واسعة جداً ، قال بعض العلماء : هناك علم بخلقه ، يعني عندنا واقع ، والعلم وصف ما هو كائن ، هناك ظواهر فلكية ، علم الفلك ، ظواهر فيزيائية ، علم الفيزياء ظواهر كيميائية ، علم الكيمياء ، ظواهر نفسية علم نفس ، ظواهر اجتماعية علم الاجتماع ، فالعلم مختص بما هو كائن ، وهو علاقة مقطوع بها بين متغيرين ، تطابق الواقع ، عليها دليل ، هذا هو العلم .
5 – العلم بخَلقه أصلُ صلاح الدنيا ، والعلمُ بأمْره أصل صلاح الآخرة :
لكن هناك شيء آخر ، هناك علم بأمره ، العلم بخَلقه من اختصاص الجامعات في العالم ، أية جامعة تذهب إليها فيها كليات العلوم ، والطب ، والهندسة ، والصيدلة ، وما إلى ذلك ، هذا علم بخلقه ، والعلم بخلقه أصل صلاح الدنيا ، والمسلمون مفروض عليهم فرضاً كفائياً أن يتعلموا هذه العلوم كي يكونوا أقوياء ، لذلك العلم بخلق الله أصل في صلاح الدنيا ، أما العلم بأمره فأصل في العبادة ، قال تعالى :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ .
( سورة الذاريات ) .
يتبع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم أخي إسماعيل الفاضل على المجهود في مواصلة الدروس جزاكم الله كل خير.
وأعتذر للإخوة الكرام عن هذا الغياب الطويل وكم كنت أتمنى عدم مفارقتكم غير أنها الشواغل تفعل فينا أفاعيلها، والحمد لله.
ونواصل ما بدأناه بإذن الله سائلين المولى عز وجل السداد وحسن الخطاب .
مقدمة : مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة (1)
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
توطئة :
أيها الإخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس أسماء الله الحسنى ، وفي هذا الدرس نتحدث بشكل عام عن مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة إلى الله .
1 – القوة الإدراكية في الإنسان :
بادئ ذي بدء ، لقد أودع الله في الإنسان قوة إدراكية ، وميّزه بهذه القوة عن بقية المخلوقات ، هذه القوة الإدراكية تستلزم طلب الحقيقة ، فقد خلق فيه حاجة عليا للمعرفة ، وما لم تلبَّ هذه الحاجة العليا ، وما لم يبحث الإنسان عن الحقيقة ، وما لم يبحث عن سر وجوده ، وعن غاية وجوده ، وعن أفضل شيء يمكن أن يفعله في وجوده فقد هبط عن مستوى إنسانيته ، هناك حاجات سفلى ، وحاجات دنيا ، وهناك حاجات عليا مقدسة .
فالله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان هذه القوة كي تلبَّى ، لذلك الإنسان الذي يبحث عن الحقيقة ، والذي يتعرف إلى سر وجوده ، وإلى غاية وجوده هو إنسان لعله اقترب من أن يؤكد ذاته ، ويحقق وجوده في الأرض .
2 – أصلُ الدين معرفةُ الله :
النقطة الدقيقة أن أصل الدين معرفة الله ، وفضلً معرفة الله على معرفة خَلقه كفضل الله على خلقه ، وكم هي المسافة كبيرة جداً بين أن تعرف شيئاً من مخلوقات الله وأن تعرف خالق السماوات والأرض ، المسافة كبيرة جداً ، فعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى كَلَامِ خَلْقِهِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ )) .
[ رواه الدارمي في سننه] .
والآن فضل معرفة الله على معرفة خلقه كفضل الله على خلقه ، فلذلك ما من معرفة تعلو على أن نعرف الله عز وجل :
(( ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء)) .
[ ورد في الأثر ] .
أيها الإخوة الكرام ، لو أن طفلاً صغيراً قال : معي مبلغ عظيم ، كم نقدر هذا المبلغ ؟ نقدره مئتي ليرة مثلاً ، أما إذا قال مسؤول كبير في دولة عظمى : أعددنا مبلغاً عظيماً للحرب ، فإنك تقدره مئتي مليار ، الكلمة نفسها قالها طفل فقدرناها برقم ، وقالها إنسان آخر فقدرناها برقم ، فإذا قال خالق السماوات والأرض :
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ .
( سورة النساء ) .
3 – لا شيء يعلو على مرتبة العلم :
لذلك لا شيء يعلو على مرتبة العلم ، وإذا أدرت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل .
بالمناسبة ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاًَ .
4 – معرفةُ الآمرِ قبل معرفة الأمر :
أيها الإخوة الكرام ، هناك نقطة دقيقة جداً ؛ يمكن أن تتعرف إلى الله ، ويمكن أن تضعف معرفتك بالله ، وتتعرف إلى أمره ونهيه ، لكن الحقيقة الصارخة أنك إذا عرفت الآمر ، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر ، بينما إذا عرفت الأمر ، ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر .
كأنني وضعت يدي على مشكلة العالم الإسلامي الأولى ، الصحابة الكرام قلة ، وقد وصلت راياتهم إلى أطراف الدنيا ، لأنهم عرفوا الله ، وحينما اكتفينا بمعرفة أمره ، ولم نصل إلى معرفته المعرفة التي تحملنا على طاعته كما ترون حال العالم الإسلامي فإنانا لسنا ممكَّنين ، والله عز وجل يقول :
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي (55)
( سورة النور)
نحن كما في الآية الكريمة ، وهذا هو الواقع المرّ ، نحن لسنا مستخلَفين ، ولسنا ممكَّنين ، ولسنا آمنين ، والكرة في ملعبنا ، لأنه :
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) .
( سورة مريم)
إذاً : الفرق واضح بين الرعيل الأول من الصحابة الكرام الذين عرفوا الله ، وطبقوا منهجه ، فاستحقوا وعود الله عز وجل ، وكما تعلمون جميعاً زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .
على كلٍّ ؛ قضية العلم واسعة جداً ، قال بعض العلماء : هناك علم بخلقه ، يعني عندنا واقع ، والعلم وصف ما هو كائن ، هناك ظواهر فلكية ، علم الفلك ، ظواهر فيزيائية ، علم الفيزياء ظواهر كيميائية ، علم الكيمياء ، ظواهر نفسية علم نفس ، ظواهر اجتماعية علم الاجتماع ، فالعلم مختص بما هو كائن ، وهو علاقة مقطوع بها بين متغيرين ، تطابق الواقع ، عليها دليل ، هذا هو العلم .
5 – العلم بخَلقه أصلُ صلاح الدنيا ، والعلمُ بأمْره أصل صلاح الآخرة :
لكن هناك شيء آخر ، هناك علم بأمره ، العلم بخَلقه من اختصاص الجامعات في العالم ، أية جامعة تذهب إليها فيها كليات العلوم ، والطب ، والهندسة ، والصيدلة ، وما إلى ذلك ، هذا علم بخلقه ، والعلم بخلقه أصل صلاح الدنيا ، والمسلمون مفروض عليهم فرضاً كفائياً أن يتعلموا هذه العلوم كي يكونوا أقوياء ، لذلك العلم بخلق الله أصل في صلاح الدنيا ، أما العلم بأمره فأصل في العبادة ، قال تعالى :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ .
( سورة الذاريات ) .
يتبع
شرف الدين-
- عدد المساهمات : 53
العمر : 56
نقاط تحت التجربة : 12066
تاريخ التسجيل : 06/06/2008
رد: سلسلة الدروس الدينية
العبادة:
1 – تعريف العبادة :
والعبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها
معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية.
2 – الكليات الثلاث في العبادة :
هذا التعريف فيه كليات ثلاث ، فيه كلية معرفية ، وكلية سلوكية ، وكلية جمالية :
الكلية السلوكية هي الأصل ، وما لم يستقم المسلم على أمر
الله فلن يستطيع أن يقطف من الدين شيئاً ، هذه الكلية السلوكية .
المؤمن ملتزم ، المؤمن مقيَّد بمنهج الله عز وجل ،
المؤمن في حياته منظومة قيم ، عنده فرض ، عنده واجب ، عنده سنة مؤكدة ، سنة
غير مؤكدة ، مباح ، مكروه تنزيهاً ، مكروه تحريماً ، حرام ، العلم بأمره أصل في قبول العبادة .
3 – العبادات شعائرية وتعاملية :
بالمناسبة العبادة واسعة جداً ، هناك عبادة شعائرية ،
وهناك عبادة تعاملية، العبادات الشعائرية
منها الصلاة والصوم لا تصح ، ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، لذلك قال بعض العلماء :
" ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام ، وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة :
(( والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا )) .
[ الترغيب والترهيب عن ابن عباس بسند ضعيف]
العلمُ بأمر الله ونهيه فرض عين :
هناك علم بخلق الله ، والمسلمون مدعوون إلى طلب هذا العلم ، بل هو عليهم
فرض كفائي ، إذا قام به البعض سقط عن الكل ، وهو أصل في صلاح الدنيا ، بينما العلم بأمره أن تعرف الحلال والحرام ،
أن تعرف أحكام التعامل التجاري ، أحكام التعامل اليومي ، هذه كلها من
أحكام الفقه ، ولا بد من أن يتعرف الإنسان إليها ، لتأتي حركته في الحياة مطابقة لمنهج الله عز وجل .
إنك بالاستقامة تسلم ، لأنك تطبق تعليمات الصانع ، وما من جهة في الأرض
أجدر من أن تتبع تعليماتها إلا الجهة الصانعة ، لأنها الجهة الخبيرة وحدها : ﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ ( سورة فاطر الآية : 19 ) .
العلم بأمره فرض عين على كل مسلم ، العلم بخَلقه فرض كفائي ، إذا قام به
البعض سقط عن الكل ، بينما العلم بأمره فرض عيني على كل مسلم ، كيف تعبد الله ؟
من أجل أن تعبده لا بد من أن تعرف أمره ونهيه ، فالعلم بخلقه من أجل صلاح الدنيا ، ومن أجل قوة المسلمين ، وعلم
بأمره من أجل قبول العبادة.
العلمُ بأمر الله يحتاج إلى دراسة ، والعلم بالله يحتاج إلى مجاهدة :
لكن بقي العلم به ، العلم بأمره وبخلقه يحتاج إلى مدارسة ، إلى مدرس ، إلى كتاب ، إلى وقت ، إلى مطالعة ، إلى مذاكرة ، إلى مراجعة ،
إلى أداء امتحان ، إلى نيل شهادة ، ولكن العلم به يحتاج إلى مجاهدة .
أنت حينما تلتزم ، وحينما تأتي حركتك في الحياة مطابقة لمنهج الله عز وجل
عندئذ يتفضل الله علينا جميعاً فيمنحنا وميضاً من معرفته جل جلاله ،
فلذلك العلم بخلقه يحتاج إلى مدارسة ، وعلم بأمره يحتاج إلى مدارسة أيضاً والعلم بخلقه وبأمره أصل في صلاح
الدنيا ، ومن أجل قوة المسلمين ، والثاني أصل في قبول العبادة ، لكن العلم به يحتاج إلى مجاهدة ،
فبقدر ما تضبط جوارحك ، بقدر ما تضبط حركاتك وسكناتك ، بقدر ما تضبط تطلعاتك وبيتك وعملك ، بقدر ما يتفضل الله عليك بأن يمنحك
شيئاً من معرفته .
شرف الدين-
- عدد المساهمات : 53
العمر : 56
نقاط تحت التجربة : 12066
تاريخ التسجيل : 06/06/2008
رد: سلسلة الدروس الدينية
طرق معرفة الله تعالى :
الحقيقة نحن أمام طرق ثلاثة سالكة :
الطريق الأولى : النظرُ في الآيات الكونية :
أول بند آياته الكونية ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي
الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ ﴾ .
( سورة آل عمران ) .
لذلك من أجل أن نعرف الله عز وجل لا بد من أن نتفكر في مخلوقاته ، والآية
واضحة جداً ، وفيها إشارة دقيقة إلى أن المؤمن يتفكر في خلق
السماوات والأرض تفكراً مستمراً ، والفعل المضارع ( يتفكرون ) يدل على الاستمرار ، فمن أجل أن أعرف الله ينبغي
أن أتفكر في مخلوقاته . هذا الكون أيها الإخوة الكرام ينطق بوجود الله ووحدانيته
وكماله ، وقد قيل : الكون قرآن صامت ، والقرآن كون ناطق ، والنبي عليه الصلاة
والسلام قرآن يمشي .
أول شيء ، هناك آيات كونية تحتاج إلى تفكر ، الآيات الكونية نتفكر بها ،
وهذا طريق آمن ، لأن كل ما في الكون يعد مظهراً لأسماء الله الحسنى
، وهذا موضوع الدرس الأول .
ترى في الكون رحمة ، إذاً : الله رحيم ، ترى في الكون حكمة ، إذاً : الله حكيم ،
ترى في الكون قوة ، الله قوي ، ترى في الكون غنى الله غني ،
فكأن الكون مظهر لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى ، هذا طريق إلى معرفة الله .
بالمناسبة في القرآن الكريم ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون .
أيها الإخوة الكرام ، بربكم إن قرأت آية فيها أمر ، تقتضي هذه الآية أن
تأتمر ، وإن قرأت آية فيها نهي ، تقتضي هذه الآية أن تنتهي ، وإن قرأت آية فيها
وصف لحال أهل الجنة تقتضي هذه الآية أن تسعى لدخول الجنة ، وإن قرأت آية فيها وصف لحال أهل النار
تقتضي هذه الآية أن تتقي النار ، ولو بشق تمرة ، وإن قرأت قصة أقوام سابقين دمرهم الله عز
وجل تقتضي هذه الآية أن نتعظ ، وأن نبتعد عن كل عمل يفعله هؤلاء .
الآن السؤال : وإذا قرأت آية فيها إشارة إلى الكون ، إلى خلق الإنسان ،
ماذا تقتضي هذه الآية ؟ تقتضي هذه الآية أن تفكر في خلق السماوات والأرض .
أيها الإخوة الكرام ، ألف وثلاث مئة آية في القرآن الكريم تتحدث عن الكون ، وخلق الإنسان ،
والآية مرة ثانية أكررها لكم :
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي
الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ .
( سورة آل عمران ) .
هذا طريق سالك إلى الله ، وهو التفكر في خلق السماوات والأرض ، وهو طريق سالك وآمن ومثمر.
الطريق الثانية : النظرُ في أفعالِ الله تعالى :
هناك طريق آخر ، قال تعالى :
[ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)]( سورة النحل) .
الآن الطريق الثاني في معرفة الله : أن تنظر في أفعاله ، الله عز وجل فعّال لما يريد ،
وأفعاله متعلقة بالحكمة المطلقة ، وقد قال بعض العلماء : كل شيء وقع
أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، وأراده الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، والحكمة
المطلقة متعلقة بالخير المطلق.
بالمناسبة ، هناك آيات كونية هي خَلقه ، وهناك آيات تكوينية هي أفعالُه ،
وهناك آيات قرآنية كلامُه ، إذاً : طريق معرفة الله التفكر في آياته الكونية خلقه ، والنظر في
آياته التكوينية أفعاله ، ثم تدبر آياته القرآنية .
ابن آدم اطلبني تجدني ، فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن
فتُك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء .
فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لـــما وليت عنا لغيرنا
و لــو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب و جئتنا
ولـــو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحـبنا
ولو نسمت من قربنا لك نسمـــة لمت غريباً و اشتياقاً لقربنـــا
***
وأخيرا آية فيها سلامة الإنسان : أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
أيها الإخوة الكرام ،
﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ ( سورة الرعد الآية : 28 ) .
في القلب فراغ لا يملأه المال ، ولا تملأه المتع ، ولا تملأه القوة ،
نحن بحاجة إلى الإيمان ، لأن الله عز وجل يقول :
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ . ( سورة طه ) .
الإنسان مجبول على حب وجوده ، وعلى حب سلامة وجوده ، وعلى حب كمال وجوده ،
وعلى حب استمرار وجوده ، سلامة وجوده أساسها تطبيق منهج الله ،
وكمال وجوده أساسها القرب من الله عز وجل ،
واستمرار وجوده أساسها تربية الأولاد كي يكون هذا الابن استمراراً لأبيه.
شرف الدين-
- عدد المساهمات : 53
العمر : 56
نقاط تحت التجربة : 12066
تاريخ التسجيل : 06/06/2008
رد: سلسلة الدروس الدينية
أربع مساحات في الإسلام :
1 ـ مساحة العقيدة :
العقيدة أخطر المساحات الأربع :
أيها الإخوة الكرام ، إذا : يمكن أن نرمز إلى الإسلام بمثلث فيه أربع مساحات ، المساحة الأولى : مساحة العقيدة ، وأخطر شيء في الإسلام العقيدة ، لأنها إذا صحت صح العمل ، وإذا فسدت فسد العمل .
بالمناسبة ، الإسلام يقدم للإنسان تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة للكون والحياة والإنسان ، لمجرد أن تقرأ القرآن الكريم فأنت أمام منظومة تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة ، تعرف سر الحياة الدنيا ، لماذا أنت في الدنيا ؟ ما حكمة المرض ؟ ما حكمة المصائب ؟ لماذا هناك موت ؟ وماذا بعد الموت ؟ ماذا قبل الموت ؟ من أين جئت ؟ وإلى أين أنا ذاهب ؟ ولماذا عندك أمن عقائدي ؟
لذلك إذا شرد الإنسان عن الله ، وتوهم أفكاراً معينة ، وآمن بها قد يفاجأ مفاجأة صاعقة ، أن هذه الأفكار غير صحيحة ، أما حينما يؤمن بالله ، ويؤمن بمنهجه ، والمنهج يقدم له تفسيراً عميقاً دقيقاً متناسقاً لحقيقة الكون ، ولحقيقة الحياة الدنيا ، ولحقيقة الإنسان عندها يفلح .
فلذلك في هذا المثلث المساحة الأولى مساحة العقائد ، لذلك الخطأ في الميزان لا يصحح ، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر ، أفضل ألف مرة أن تقع في خطأ في مفردات المنهج من أن تقع في خطأ في أصل التصور ، فالميزان غير منضبط لو استخدمته مليون مرة فالوزن غير صحيح ، أما إذا كان منضبطاً ، وأنت أخطأت بقراءة الرقم فهذه مرة واحدة ، فالخطأ في الميزان لا يصحح ، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر .
لذلك أفضل ألف مرة أن نخطئ في الوزن من أن نخطئ في الميزان ، فالمساحة الأولى في المثلث هي مساحة العقيدة ، فإن صحت صحّ العمل ، وإن فسدت فسد العمل ، وما من انحراف في السلوك إلا بسبب انحراف في العقيدة ، ولو أن العقيدة لا يتأثر بها السلوك فاعتقد ما شئت ، ولكن ما من خطأ في العقيدة إلا وينعكس خطأ في السلوك .
للتقريب : أحياناً يخطئ الطيار في تحديد الهدف في الجو بميليمتر واحد ، هذا الميليمتر في الجو ينقلب في الأرض إلى كيلو متر ، فالخطأ في العقيدة له آثار سيئة جداً ، لذلك يجب أن تصح عقائدنا ، والإنسان بحاجة إلى أن يراجع ما يعتقد ، أحياناً يعتقد شيئا غير صحيح ، خرافة أحياناً ، شيئا شاع بين الناس ، فلابد من بحث في العقيدة ، والشيء الدقيق أن الله لو قبِل من إنسان عقيدة تقليداً لكان كل الضالين في الأرض مقبولين عند الله ، لكن لأن الله عز وجل يقول :
[ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ]
( سورة محمد ) .
لا تقبل العقيدة من المؤمن إلا تحقيقاً ، قضية التقليد مرفوضة ، لأن الله عز وجل يقول :
[ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ]
( سورة محمد ) .
1 ـ مساحة العقيدة :
العقيدة أخطر المساحات الأربع :
أيها الإخوة الكرام ، إذا : يمكن أن نرمز إلى الإسلام بمثلث فيه أربع مساحات ، المساحة الأولى : مساحة العقيدة ، وأخطر شيء في الإسلام العقيدة ، لأنها إذا صحت صح العمل ، وإذا فسدت فسد العمل .
بالمناسبة ، الإسلام يقدم للإنسان تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة للكون والحياة والإنسان ، لمجرد أن تقرأ القرآن الكريم فأنت أمام منظومة تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة ، تعرف سر الحياة الدنيا ، لماذا أنت في الدنيا ؟ ما حكمة المرض ؟ ما حكمة المصائب ؟ لماذا هناك موت ؟ وماذا بعد الموت ؟ ماذا قبل الموت ؟ من أين جئت ؟ وإلى أين أنا ذاهب ؟ ولماذا عندك أمن عقائدي ؟
لذلك إذا شرد الإنسان عن الله ، وتوهم أفكاراً معينة ، وآمن بها قد يفاجأ مفاجأة صاعقة ، أن هذه الأفكار غير صحيحة ، أما حينما يؤمن بالله ، ويؤمن بمنهجه ، والمنهج يقدم له تفسيراً عميقاً دقيقاً متناسقاً لحقيقة الكون ، ولحقيقة الحياة الدنيا ، ولحقيقة الإنسان عندها يفلح .
فلذلك في هذا المثلث المساحة الأولى مساحة العقائد ، لذلك الخطأ في الميزان لا يصحح ، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر ، أفضل ألف مرة أن تقع في خطأ في مفردات المنهج من أن تقع في خطأ في أصل التصور ، فالميزان غير منضبط لو استخدمته مليون مرة فالوزن غير صحيح ، أما إذا كان منضبطاً ، وأنت أخطأت بقراءة الرقم فهذه مرة واحدة ، فالخطأ في الميزان لا يصحح ، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر .
لذلك أفضل ألف مرة أن نخطئ في الوزن من أن نخطئ في الميزان ، فالمساحة الأولى في المثلث هي مساحة العقيدة ، فإن صحت صحّ العمل ، وإن فسدت فسد العمل ، وما من انحراف في السلوك إلا بسبب انحراف في العقيدة ، ولو أن العقيدة لا يتأثر بها السلوك فاعتقد ما شئت ، ولكن ما من خطأ في العقيدة إلا وينعكس خطأ في السلوك .
للتقريب : أحياناً يخطئ الطيار في تحديد الهدف في الجو بميليمتر واحد ، هذا الميليمتر في الجو ينقلب في الأرض إلى كيلو متر ، فالخطأ في العقيدة له آثار سيئة جداً ، لذلك يجب أن تصح عقائدنا ، والإنسان بحاجة إلى أن يراجع ما يعتقد ، أحياناً يعتقد شيئا غير صحيح ، خرافة أحياناً ، شيئا شاع بين الناس ، فلابد من بحث في العقيدة ، والشيء الدقيق أن الله لو قبِل من إنسان عقيدة تقليداً لكان كل الضالين في الأرض مقبولين عند الله ، لكن لأن الله عز وجل يقول :
[ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ]
( سورة محمد ) .
لا تقبل العقيدة من المؤمن إلا تحقيقاً ، قضية التقليد مرفوضة ، لأن الله عز وجل يقول :
[ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (19) ]
( سورة محمد ) .
شرف الدين-
- عدد المساهمات : 53
العمر : 56
نقاط تحت التجربة : 12066
تاريخ التسجيل : 06/06/2008
رد: سلسلة الدروس الدينية
2 ـ مساحة العبادة :
الأصل في العبادات المنعُ والحَظْرُ :
المساحة الثانية في المثلث مساحة العبادات ، والأصل في العبادات الحظر ، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي والثابت ، لأن العبادات قربات إلى الله ، والله عز وجل يقول :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ .
( سورة الذاريات ) .
والعبادة علة وجودنا ، بل هي سر وجودنا ، لكن لهذه العبادة مفهومات دقيقة جداً ، ولها مفهومات واسعة .
العبادة تدور مع الإنسان حيثما دار في كل أوقاته ، وفي كل أحواله ، وفي كل شؤونه فلذلك ، المساحة الثانية العبادات .
لا تصح العبادات الشعائرية إلا إذا صحت العبادات التعاملية :
أخطر ما في الموضوع أن العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ ، قَالَ : الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ )) .
[ مسلم عن أبي هريرة ]
هذه الصلاة .
الصوم :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) .
(( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) .
[ أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة] .
الحج :
(( من حج بمال حرام ، ووضع رجله في الركاب ، وقال : لبيك اللهم لبيك ينادى أن : لا لبيك ، ولا سعديك ، وحجك مردود عليك )) .
[ ورد في الأثر ]
الزكاة
الأصل في العبادات المنعُ والحَظْرُ :
المساحة الثانية في المثلث مساحة العبادات ، والأصل في العبادات الحظر ، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي والثابت ، لأن العبادات قربات إلى الله ، والله عز وجل يقول :
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ .
( سورة الذاريات ) .
والعبادة علة وجودنا ، بل هي سر وجودنا ، لكن لهذه العبادة مفهومات دقيقة جداً ، ولها مفهومات واسعة .
العبادة تدور مع الإنسان حيثما دار في كل أوقاته ، وفي كل أحواله ، وفي كل شؤونه فلذلك ، المساحة الثانية العبادات .
لا تصح العبادات الشعائرية إلا إذا صحت العبادات التعاملية :
أخطر ما في الموضوع أن العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ ، قَالَ : الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ )) .
[ مسلم عن أبي هريرة ]
هذه الصلاة .
الصوم :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) .
(( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) .
[ أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة] .
الحج :
(( من حج بمال حرام ، ووضع رجله في الركاب ، وقال : لبيك اللهم لبيك ينادى أن : لا لبيك ، ولا سعديك ، وحجك مردود عليك )) .
[ ورد في الأثر ]
الزكاة
، قال تعالى :
﴿ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ {53} ﴾
( سورة التوبة الآية : 53 ) .
شهادة أن لا إله لا الله :
(( من قال : لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة ، قيل : وما حقها ؟ قال : أن تحجزه عن محارم الله )) .
[ الترغيب والترهيب عن زيد بن أرقم بسند فيه مقال كبير ]
فالعبادات الشعائرية كالصلاة والصوم لا تصح ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، فلذلك المساحة الأولى مساحة العقائد ، والمساحة الثانية مساحة العبادات .
( سورة التوبة الآية : 53 ) .
شهادة أن لا إله لا الله :
(( من قال : لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة ، قيل : وما حقها ؟ قال : أن تحجزه عن محارم الله )) .
[ الترغيب والترهيب عن زيد بن أرقم بسند فيه مقال كبير ]
فالعبادات الشعائرية كالصلاة والصوم لا تصح ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، فلذلك المساحة الأولى مساحة العقائد ، والمساحة الثانية مساحة العبادات .
شرف الدين-
- عدد المساهمات : 53
العمر : 56
نقاط تحت التجربة : 12066
تاريخ التسجيل : 06/06/2008
رد: سلسلة الدروس الدينية
3 ـ مساحة المعاملات :
والمساحة الثالثة مساحة المعاملات ، سيدنا جعفر رضي الله عنه حينما لما سأله النجاشي عن الإسلام ماذا قال ؟ قال :
(( أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُالْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ،وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّمِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُإِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ ، وَأَمَانَتَهُوَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ ، وَنَعْبُدَهُ ،وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْالْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ،وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ،وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنْالْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِالْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُبِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ )) .
[ أحمد عن أم سلة ]
إذاً : الإسلام مجموعة قيم أخلاقية ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام :
(( بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ )) .
[ متفق عليه عن ابن عمر ]
الإسلام بناء أخلاقي ، والعبادات الخمس أركان الإسلام ، لذلك قالوا : الإيمان هو الخَلق ، ومن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الإيمان .
أول مساحة العقائد ، الثانية العبادات ، الثالثة المعاملات :
ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام .
والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا .
4 ـ مساحة الأخلاق :
المساحة الأخيرة مساحة الأخلاق :
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ما لم تكن متمسكاً بمكارم الأخلاق ، ما لم يكن منصفاً ، ما لم يكن متواضعاً ، ما لم يكن رحيماً فكأنك لن تقطف ثمار هذا الدين .
والحمد لله رب العالمين
والمساحة الثالثة مساحة المعاملات ، سيدنا جعفر رضي الله عنه حينما لما سأله النجاشي عن الإسلام ماذا قال ؟ قال :
(( أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُالْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ،وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّمِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُإِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ ، وَأَمَانَتَهُوَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ ، وَنَعْبُدَهُ ،وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْالْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ،وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ،وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنْالْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِالْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُبِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ )) .
[ أحمد عن أم سلة ]
إذاً : الإسلام مجموعة قيم أخلاقية ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام :
(( بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ )) .
[ متفق عليه عن ابن عمر ]
الإسلام بناء أخلاقي ، والعبادات الخمس أركان الإسلام ، لذلك قالوا : الإيمان هو الخَلق ، ومن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الإيمان .
أول مساحة العقائد ، الثانية العبادات ، الثالثة المعاملات :
ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام .
والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا .
4 ـ مساحة الأخلاق :
المساحة الأخيرة مساحة الأخلاق :
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ما لم تكن متمسكاً بمكارم الأخلاق ، ما لم يكن منصفاً ، ما لم يكن متواضعاً ، ما لم يكن رحيماً فكأنك لن تقطف ثمار هذا الدين .
والحمد لله رب العالمين
شرف الدين-
- عدد المساهمات : 53
العمر : 56
نقاط تحت التجربة : 12066
تاريخ التسجيل : 06/06/2008
صفحة 3 من اصل 3 • 1, 2, 3
مواضيع مماثلة
» ][ قائمة البرامج الدينية في رمضان ][
» بيان وزارة الشؤون الدينية
» أجمل إسطوانة لاروع الأناشيد الدينية
» علمانيو تونس وخوفهم من القنوات الدينية
» البرامج الدينية في رمضان 2
» بيان وزارة الشؤون الدينية
» أجمل إسطوانة لاروع الأناشيد الدينية
» علمانيو تونس وخوفهم من القنوات الدينية
» البرامج الدينية في رمضان 2
صفحة 3 من اصل 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى