رد قوي من اﻹمام اﻷلباني على الخوارج في مسألة الجهاد
صفحة 1 من اصل 1
رد قوي من اﻹمام اﻷلباني على الخوارج في مسألة الجهاد
رد قوي من اﻹمام اﻷلباني على الخوارج في مسألة الجهاد
للإمام المجدد الرباني/ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى-.
«والذي يهمني منها هنا: أن فيها رداً صريحاً على الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ فإنهم يعلمون دون شك أو ريب أنه لم يروا منه (كفراً بواحاً)، ومع ذلك استحلوا قتاله وسفك دمه هو ومَن معه مِن الصحابة والتابعين، فاضطر -رضي الله عنه- لقتالهم واستئصال شأفتهم، فلم ينجُ منهم إلا القليل، ثم غدروا به -رضي الله عنه- كما هو معروف في التاريخ. والمقصود أنهم سنوا في الإسلام سنة سيئة، وجعلوا الخروج على حكام المسلمين ديناً على مر الزمان والأيام، رغم تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم في أحاديث كثيرة، منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (...الخوارج كلاب أهل النار). ورغم أنهم لم يروا كفرآ بواحآ منهم، وإنما ما دون ذلك من ظلم وفجور وفسق. واليوم -والتاريخ يعيد نفسه كما يقولون-؛ فقد نبتت نابتة من الشباب المسلم، لم يتفقهوا في الدين إلا قليلاً، ورأوا أن الحكام لا يحكمون بما أنزل الله إلا قليلاً، فرأوا الخروج عليهم دون أن يستشيروا أهل العلم والفقه والحكمة منهم، بل ركبوا رؤوسهم، وأثاروا فتناً عمياء، وسفكوا الدماء في مصر، وسوريا، والجزائر، وقبل ذلك فتنة الحرم المكي، فخالفوا بذلك هذا الحديث الصحيح الذي جرى عليه عمل المسلمين سلفآ وخلفآ إلا الخوارج. ولما كان يغلب على الظن أن في أولئك الشباب مَن هو مخلص يبتغي وجه الله، ولكنه شُبِّهَ له الأمر أو غرر به؛ فأنا أريد أن أوجه إليهم نصيحة وتذكرة، يتعرفون بها خطأهم، ولعلهم يهتدون. فأقول: من المعلوم أن ما أمر به المسلم من الأحكام منوط بالإستطاعة؛ حتى ما كان من أركان الإسلام، قال الله تعالى: {...ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلآ} [آل عمران: 97]، وهذا من الوضوح بمكان فلا يحتاج الى تفصيل. والذي يحتاج إلى تفصيل؛ إنما التذكير بحقيقتين اثنتين: الأولى: أن قتال أعداء الله -من أي نوع كان- يتطلب تربية النفس على الخضوع لأحكام الله واتباعها؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (...المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله). والأخرى: أن ذلك يتطلب الإعداد المادي والسلاح الحربي؛ الذي ينكأ أعداء الله، فإن الله أمر المؤمنين فقال: {...وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}، والإخلال بذلك مع الإستطاعة؛ إنما هو من صفات المنافقين، ولذلك قال الله فيهم رب العالمين: {...ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة} [التوبة: 46]. وأنا أعتقد جازماً أن هذا الإعداد المادي لا يستطيع اليوم القيام به جماعة من المؤمنين دون علم من حكامهم -كما هو معلوم- وعليه؛ فقتال أعداء الله من جماعة ما سابق لأوانه، كما كان الأمر في العهد المكي، ولذلك؛ لم يؤمروا به إلا في العهد المدني؛ وهذا هو مقتضى النص الرباني: {...لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [البقرة: 286]. وعليه فاني أنصح الشباب المتحمس للجهاد والمخلص حقاً لرب العباد: أن يلتفتوا لإصلاح الداخل وتأجيل الإهتمام بالخارج الذي لا حيلة فيه، وهذا يتطلب عملآ دؤوباً، وزمناً طويلاً؛ لتحقيق ما أسميته بـ (التصفية والتربية)؛ فإن القيام بهذا لا ينهض به إلا جماعة من العلماء الأصفياء، والمربين الأتقياء، فما أقلهم في هذا الزمان، وبخاصة في الجماعات التي تخرج على الحكام! وقد ينكر بعضهم ضرورة هذه التصفية، كما هو واقع بعض الأحزاب اﻹسلامية، وقد يزعم بعضهم أنه قد انتهى دورها، فانحرفوا إلى العمل السياسي أو الجهاد، وأعرضوا عن الإهتمام بالتصفية والتربية، وكلهم واهمون في ذلك، فكم من مخالفات شرعية تقع منهم جميعاً بسبب الإخلال بواجب التصفية، وركونهم إلى التقليد والتلفيق، الذي به يستحلون كثيراً مما حرم الله! وهذا هو المثال: الخروج على الحكام؛ ولو لم يصدر منهم الكفر البواح. وختاماً أقول: نحن لا ننكر أن يكون هناك بعض الحكام يجب الخروج عليهم؛ كذلك الذي أنكر شرعية صيام رمضان والأضاحي في عيد الاضحى، وغير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة، فهؤلاء يجب قتالهم بنص الحديث، ولكن بشرط الإستطاعة كما تقدم. لكن مجاهدة اليهود المحتلين للأرض المقدسة والسافكين لدماء المسلمين أوجب من قتال مثل ذاك الحاكم من وجوه كثيرة، لا مجال الآن لبيانها، من أهمها أن جند ذاك الحاكم من إخواننا المسلمين، وقد يكون جمهورهم -أو على الأقل الكثير منهم- عنه غير راضين، فلماذا لا يجاهد هؤلاء الشباب المتحمس اليهود، بدل مجاهدتهم لبعض الحكام؟!. أظن أن سيكون جوابهم عدم الإستطاعة بالمعنى المشروح سابقاً، والجواب هو جوابنا، والواقع يؤكد ذلك؛ بدليل أن خروجهم -مع تعذر إمكانه- لم يثمر شيئاً سوى سفك الدماء سُدى! والمثال -مع الأسف الشديد- لا يزال ماثلاً في الجزائر، فهل من مذكر؟!».
[«السلسلة الصحيحة» (7 / 1241- 1243)»] .
للإمام المجدد الرباني/ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى-.
«والذي يهمني منها هنا: أن فيها رداً صريحاً على الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ فإنهم يعلمون دون شك أو ريب أنه لم يروا منه (كفراً بواحاً)، ومع ذلك استحلوا قتاله وسفك دمه هو ومَن معه مِن الصحابة والتابعين، فاضطر -رضي الله عنه- لقتالهم واستئصال شأفتهم، فلم ينجُ منهم إلا القليل، ثم غدروا به -رضي الله عنه- كما هو معروف في التاريخ. والمقصود أنهم سنوا في الإسلام سنة سيئة، وجعلوا الخروج على حكام المسلمين ديناً على مر الزمان والأيام، رغم تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم في أحاديث كثيرة، منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (...الخوارج كلاب أهل النار). ورغم أنهم لم يروا كفرآ بواحآ منهم، وإنما ما دون ذلك من ظلم وفجور وفسق. واليوم -والتاريخ يعيد نفسه كما يقولون-؛ فقد نبتت نابتة من الشباب المسلم، لم يتفقهوا في الدين إلا قليلاً، ورأوا أن الحكام لا يحكمون بما أنزل الله إلا قليلاً، فرأوا الخروج عليهم دون أن يستشيروا أهل العلم والفقه والحكمة منهم، بل ركبوا رؤوسهم، وأثاروا فتناً عمياء، وسفكوا الدماء في مصر، وسوريا، والجزائر، وقبل ذلك فتنة الحرم المكي، فخالفوا بذلك هذا الحديث الصحيح الذي جرى عليه عمل المسلمين سلفآ وخلفآ إلا الخوارج. ولما كان يغلب على الظن أن في أولئك الشباب مَن هو مخلص يبتغي وجه الله، ولكنه شُبِّهَ له الأمر أو غرر به؛ فأنا أريد أن أوجه إليهم نصيحة وتذكرة، يتعرفون بها خطأهم، ولعلهم يهتدون. فأقول: من المعلوم أن ما أمر به المسلم من الأحكام منوط بالإستطاعة؛ حتى ما كان من أركان الإسلام، قال الله تعالى: {...ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلآ} [آل عمران: 97]، وهذا من الوضوح بمكان فلا يحتاج الى تفصيل. والذي يحتاج إلى تفصيل؛ إنما التذكير بحقيقتين اثنتين: الأولى: أن قتال أعداء الله -من أي نوع كان- يتطلب تربية النفس على الخضوع لأحكام الله واتباعها؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (...المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله). والأخرى: أن ذلك يتطلب الإعداد المادي والسلاح الحربي؛ الذي ينكأ أعداء الله، فإن الله أمر المؤمنين فقال: {...وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}، والإخلال بذلك مع الإستطاعة؛ إنما هو من صفات المنافقين، ولذلك قال الله فيهم رب العالمين: {...ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة} [التوبة: 46]. وأنا أعتقد جازماً أن هذا الإعداد المادي لا يستطيع اليوم القيام به جماعة من المؤمنين دون علم من حكامهم -كما هو معلوم- وعليه؛ فقتال أعداء الله من جماعة ما سابق لأوانه، كما كان الأمر في العهد المكي، ولذلك؛ لم يؤمروا به إلا في العهد المدني؛ وهذا هو مقتضى النص الرباني: {...لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [البقرة: 286]. وعليه فاني أنصح الشباب المتحمس للجهاد والمخلص حقاً لرب العباد: أن يلتفتوا لإصلاح الداخل وتأجيل الإهتمام بالخارج الذي لا حيلة فيه، وهذا يتطلب عملآ دؤوباً، وزمناً طويلاً؛ لتحقيق ما أسميته بـ (التصفية والتربية)؛ فإن القيام بهذا لا ينهض به إلا جماعة من العلماء الأصفياء، والمربين الأتقياء، فما أقلهم في هذا الزمان، وبخاصة في الجماعات التي تخرج على الحكام! وقد ينكر بعضهم ضرورة هذه التصفية، كما هو واقع بعض الأحزاب اﻹسلامية، وقد يزعم بعضهم أنه قد انتهى دورها، فانحرفوا إلى العمل السياسي أو الجهاد، وأعرضوا عن الإهتمام بالتصفية والتربية، وكلهم واهمون في ذلك، فكم من مخالفات شرعية تقع منهم جميعاً بسبب الإخلال بواجب التصفية، وركونهم إلى التقليد والتلفيق، الذي به يستحلون كثيراً مما حرم الله! وهذا هو المثال: الخروج على الحكام؛ ولو لم يصدر منهم الكفر البواح. وختاماً أقول: نحن لا ننكر أن يكون هناك بعض الحكام يجب الخروج عليهم؛ كذلك الذي أنكر شرعية صيام رمضان والأضاحي في عيد الاضحى، وغير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة، فهؤلاء يجب قتالهم بنص الحديث، ولكن بشرط الإستطاعة كما تقدم. لكن مجاهدة اليهود المحتلين للأرض المقدسة والسافكين لدماء المسلمين أوجب من قتال مثل ذاك الحاكم من وجوه كثيرة، لا مجال الآن لبيانها، من أهمها أن جند ذاك الحاكم من إخواننا المسلمين، وقد يكون جمهورهم -أو على الأقل الكثير منهم- عنه غير راضين، فلماذا لا يجاهد هؤلاء الشباب المتحمس اليهود، بدل مجاهدتهم لبعض الحكام؟!. أظن أن سيكون جوابهم عدم الإستطاعة بالمعنى المشروح سابقاً، والجواب هو جوابنا، والواقع يؤكد ذلك؛ بدليل أن خروجهم -مع تعذر إمكانه- لم يثمر شيئاً سوى سفك الدماء سُدى! والمثال -مع الأسف الشديد- لا يزال ماثلاً في الجزائر، فهل من مذكر؟!».
[«السلسلة الصحيحة» (7 / 1241- 1243)»] .
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: رد قوي من اﻹمام اﻷلباني على الخوارج في مسألة الجهاد
اللهم ارحم الشيخ الالباني رحمة واسعة واجعله في الفردوس الاعلى
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
مَنْ قال : لا إلهَ إلَّا اللهُ ابْتغاءَ وجْهِ اللهِ
مَنْ قال : لا إلهَ إلَّا اللهُ ابْتغاءَ وجْهِ اللهِ خُتِمَ لهُ بِها دخلَ الجنةَ ، ومَنْ صامَ يومًا ابتغاءَ وجهِ اللهِ خُتِمَ لهُ بِها دخلَ الجنةَ ، ومَنْ تصدَّقَ بصدقةٍ ابتغاءَ وجْهِ اللهِ خُتِمَ لهُ بها دخلَ الجنةَ .
الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: الألباني - المصدر: أحكام الجنائز - الصفحة أو الرقم: 58
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: الألباني - المصدر: أحكام الجنائز - الصفحة أو الرقم: 58
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
مواضيع مماثلة
» صفات الخوارج في السنة النبوية
» مسألة التشريع
» صفات الخوارج كما وصفتهم السنة النبوية
» باب استئذان الأبوين في الجهاد
» مسألة النية في الصوم
» مسألة التشريع
» صفات الخوارج كما وصفتهم السنة النبوية
» باب استئذان الأبوين في الجهاد
» مسألة النية في الصوم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى