لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات
صفحة 1 من اصل 1
لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات
درة من العلامة المعلمي حول حديث "لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات"
قال العلامة المعلمي رحمه الله
الكذب في نفسه قبيح محرَّم، فإذا ترتبت عليه مفسدة كان أشدَّ قبحًا وإثمًا, ولا يخلو عن مفاسد تترتب عليه. ولا يُعْهَد في الشرع ولا العرف الترخيص في شيء منه، إلا إذا كان فيه دفع لمفسدة لا تندفع إلا به، وظهر أنه لا يترتب عليه مفسدة أعظم منها.
ولكن مثل هذا إن جاز لعامة الناس فلا أراه يجوز للأنبياء بعد النبوة؛ لأن مبنى الرسالة على الصدق المحض.
فإن قيل: فقد ثبت في "الصحيح": "لم يكذب إبراهيم - عليه السلام - إلا ثلاث كذبات" البخاري رقم (3357)، ومسلم رقم (2371) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
قلت: كلمات إبراهيم - عليه السلام - تجمع أمورًا:
الأول: التورية القريبة.
الثاني: أنه كان في حاله ما يدعو إلى أن يُظَنّ أنه وَرَّى، وهذا شبه قرينة، وذلك كقوله لما سُئل عن امرأته: "هي أختي"، وأراد الأخوَّة في الدين.
فإنه كان من عادة الجبار: الذي دخل بلاده أنه إذا سمع بامرأة جميلة لها زوج بدأ بقتل زوجها، ومن البيَّن أنّ الزوج إذا سُئل عن امرأته في مثل تلك الحال يحرص على تخليص نفسه من القتل، فإذا كان ممن لا يستحلّ صريحَ الكذب وَرَّى.
فتلك شِبْه قرينة تصرف عن الظاهر، ونحو هذا يأتي في الكلمتين الأخريين.
الأمر الثالث: أنه إنما بتلك الكلمات يدفع مفاسد عظيمة، ولهذا قال النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم: "لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات، كُلُّهنّ في ذات الله".
وأقربها إلى حظ النفس قوله: "هي أختي"، ولم يقلها لمجرد حظ نفسه، بل حرص على بقائه حيًّا ليدعو إلى الله عزَّ وجلَّ، ودفع بها ظلم القتل عن أولئك القوم.
ولا أستبعد أن تكون تلك الكلمات وقعت منه - عليه السلام - قبل النبوة، ويدل على ذلك قول الله عَزَّ وَجَلَّ فيما حكاه عن قومه بعد تكسير أصنامهم: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60]، والفتى: الشاب ، والغالب أن النبوة تكون بعد الأربعين.
وعلى ذلك أدلة أخرى من كيفية محاورته مع قومه، فكأنه - عليه السلام - أدرك التوحيد بصفاء فطرته وذكاء قريحته.
ومع هذا كله فإن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم سماها: "كذبات"، وبيَّن أنه لم يقع من إبراهيم مما يطلق عليه الكذب غيرها.
وثبت في "الصحيح" (في حديث الشفاعة الطويل عند البخاري رقم (4712)، ومسلم رقم (194) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.)
أن إبراهيم - عليه السلام - يعتذر عن الشفاعة يوم القيامة بهذه الكلمات، فيعدُّها يومئذٍ خطايا، كما يعتذر آدم بأكله من الشجرة، ويعتذر موسى بقتله نفسًا، وهذا مما يوضِّح شدة بُعدِ الأنبياء عن الكذب، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
قال العلامة المعلمي رحمه الله
الكذب في نفسه قبيح محرَّم، فإذا ترتبت عليه مفسدة كان أشدَّ قبحًا وإثمًا, ولا يخلو عن مفاسد تترتب عليه. ولا يُعْهَد في الشرع ولا العرف الترخيص في شيء منه، إلا إذا كان فيه دفع لمفسدة لا تندفع إلا به، وظهر أنه لا يترتب عليه مفسدة أعظم منها.
ولكن مثل هذا إن جاز لعامة الناس فلا أراه يجوز للأنبياء بعد النبوة؛ لأن مبنى الرسالة على الصدق المحض.
فإن قيل: فقد ثبت في "الصحيح": "لم يكذب إبراهيم - عليه السلام - إلا ثلاث كذبات" البخاري رقم (3357)، ومسلم رقم (2371) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
قلت: كلمات إبراهيم - عليه السلام - تجمع أمورًا:
الأول: التورية القريبة.
الثاني: أنه كان في حاله ما يدعو إلى أن يُظَنّ أنه وَرَّى، وهذا شبه قرينة، وذلك كقوله لما سُئل عن امرأته: "هي أختي"، وأراد الأخوَّة في الدين.
فإنه كان من عادة الجبار: الذي دخل بلاده أنه إذا سمع بامرأة جميلة لها زوج بدأ بقتل زوجها، ومن البيَّن أنّ الزوج إذا سُئل عن امرأته في مثل تلك الحال يحرص على تخليص نفسه من القتل، فإذا كان ممن لا يستحلّ صريحَ الكذب وَرَّى.
فتلك شِبْه قرينة تصرف عن الظاهر، ونحو هذا يأتي في الكلمتين الأخريين.
الأمر الثالث: أنه إنما بتلك الكلمات يدفع مفاسد عظيمة، ولهذا قال النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم: "لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات، كُلُّهنّ في ذات الله".
وأقربها إلى حظ النفس قوله: "هي أختي"، ولم يقلها لمجرد حظ نفسه، بل حرص على بقائه حيًّا ليدعو إلى الله عزَّ وجلَّ، ودفع بها ظلم القتل عن أولئك القوم.
ولا أستبعد أن تكون تلك الكلمات وقعت منه - عليه السلام - قبل النبوة، ويدل على ذلك قول الله عَزَّ وَجَلَّ فيما حكاه عن قومه بعد تكسير أصنامهم: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60]، والفتى: الشاب ، والغالب أن النبوة تكون بعد الأربعين.
وعلى ذلك أدلة أخرى من كيفية محاورته مع قومه، فكأنه - عليه السلام - أدرك التوحيد بصفاء فطرته وذكاء قريحته.
ومع هذا كله فإن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم سماها: "كذبات"، وبيَّن أنه لم يقع من إبراهيم مما يطلق عليه الكذب غيرها.
وثبت في "الصحيح" (في حديث الشفاعة الطويل عند البخاري رقم (4712)، ومسلم رقم (194) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.)
أن إبراهيم - عليه السلام - يعتذر عن الشفاعة يوم القيامة بهذه الكلمات، فيعدُّها يومئذٍ خطايا، كما يعتذر آدم بأكله من الشجرة، ويعتذر موسى بقتله نفسًا، وهذا مما يوضِّح شدة بُعدِ الأنبياء عن الكذب، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24473
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى