تفسير قوله تعالى "..حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ.."
صفحة 1 من اصل 1
تفسير قوله تعالى "..حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ.."
تفسير قوله تعالى "..حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ.."
السؤال
في أي سورة نزلت الآية (حتى يلج الجمل في سم الخياط) وما معناها وما سبب نزولها؟؟؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) [الأعراف:40]. ولم يرد سبب لنزولها فيما اطلعنا عليه.
أما معناها، فقال شيخ المفسرين الطبري في تفسيره لهذه الآية:
إن الذين كذبوا بحججنا وأدلتنا فلم يصدقوا بها ولم يتبعوا رسلنا (وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا) يقول: وتكبروا عن التصديق بها، وأنفوا من اتباعها والانقياد لها تكبراً (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ) لأرواحهم إذا خرجت من أجسادهم (أَبْوَابُ السَّمَاءِ) ولا يصعد لهم في حياتهم إلى الله قول ولا عمل، لأن أعمالهم خبيثة، وإنما يرفع الكلم الطيب والعمل الصالح، كما قال جل ثناؤه :(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر:10].
قال: ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ)
فقال بعضهم: معناها: لا تفتح لأرواح هولاء الكفار أبواب السماء، قال آخرون: معنى ذلك أنه لا يصعد لهم عمل صالح ولا دعاء إلى الله،
وقال آخرون: معنى ذلك: لا تفتح أبواب السماء لأرواحهم ولا لأعمالهم.
وقوله: (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) [الأعراف:40].
يقول جل ثناؤه : ولا يدخل هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها الجنة التي أعدها الله لأوليائه المؤمنين أبداً، كما لا يلج الجمل في سم الخياط أبداً، وذلك ثقب الإبرة وكل ثقب في عين أو أنف أو غير ذلك فإن العرب تسميه "سماً " وتجمعه"سموماً".
وأما الخياط : فإنه من المخيط وهي الإبرة، قيل لها خياط ومخيط كما قيل: قناع ومقنع وإزار ومئزر، ثم ذكر تأويل "الجمل" بأنه الجمل المعروف أي البعير، وقيل هو حبل السفينة الغليظ الضخم من ليف. اهـ
مختصراً من جامع البيان في تأويل القرآن للطبري.
والله أعلم.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: تفسير قوله تعالى "..حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ.."
تأملت قول الله تعالى : " ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط " فقلت في نفسي : ما علاقة الجمل بسم الخياط ؟ وعند مطالعة كتب التفسير تبين لي أن من المفسرين من فسره بالبعير ومنهم من فسره بحبل السفينة وللفائدة أجمل لكم كلام المفسرين :
ابن كثير : ( قوله تعالى ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط هكذا قرأه الجمهور وفسروه بأنه البعير قال ابن مسعود : هو الجمل ابن الناقة وفي رواية زوج الناقة وقال الحسن البصري : حتى يدخل البعير في خرم الإبرة وكذا قال أبو العالية والضحاك وكذا روى علي بن أبي طلحة العوفي عن ابن عباس وقال مجاهد وعكرمة عن ابن عباس : إنه كان يقرؤها يلج الجُمّل في سم الخياط بضم الجيم وتشديد الميم يعني الحبل الغليظ في خرم الإبرة وهذا اختيار سعيد بن جبير وفي رواية أنه قرأ حتى يلج الجمل يعني قلوس السفن وهي الحبال الغلاظ .
القرطبي : قرأ ابن عباس الجُمَّل بضم الجيم وفتح الميم وتشديدها وهو حبل السفينة الذي يقال له القلس وهو حبال مجموعة جمع جملة قاله أحمد بن يحيى ثعلب وقيل : الحبل الغليظ من القنب وقيل : الحبل الذي يصعد به في النخل وروى عنه أيضا وعن سعيد بن جبير : الجُمْل بضم الجيم وتخفيف الميم هو القلس أيضا والحبل على ما ذكرنا آنفا وروى عنه أيضا الجُمُل بضمتين جمع جمل كأسد وأسد والجمل مثل أسد وأسد وعن أبي السمال الجَمْل بفتح الجيم وسكون الميم وتخفيف جمل
فتح القدير : ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط أي أن هؤلاء الكفار المكذبين المستكبرين لا يدخلون الجنة بحال من الأحوال ولهذا علقه بالمستحيل فقال : حتى يلج الجمل في سم الخياط وهو لا يلج أبدا وخص الجمل بالذكر لكونه يضرب به المثل في كبر الذات وخص سم الخياط وهو ثقب الإبرة بالذكر لكونه غاية في الضيق والجمل الذكر من الإبل والجمع جمال وأجمال وجمالات وإنما سمي جملا إذا أربع وقرأ ابن عباس الجمل بضم الجيم وفتح الميم مشددة وهو حبل السفينة الذي يقال له : القلس وهو حبال مجموعة قاله ثعلب وقيل : الحبل الغليظ من القنب وقيل : الحبل الذي يصعد به في النخل وقرأ سعيد بن جبير الجمل بضم الجيم وتخفيف الميم وهو القلس أيضا وقرأ أبو السماك الجمل بضم الجيم وسكون الميم وقرئ أيضا بضمهما وقرأ عبد الله بن مسعود : حتى يلج الجمل الأصغر في سم الخياط
تفسير البغوي : ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط أي : حتى يدخل البعير في ثقب الإبرة والخياط والمخيط الإبرة والمراد منه : أنهم لا يدخلون الجنة أبدا لأن الشيء إذا علق بما يستحيل كونه يدل ذلك على تأكيد المنع كما يقال : لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب أو يبيض .
تفسير البيضاوي : أي حتى يدخل ما هو مثل في عظم الجرم وهو البعير فيما هو مثل في ضيق المسلك وهو ثقبة الإبرة وذلك مما لا يكون فكذا ما يتوقف عليه وقرئ الجمل كالقمل والجمل كالنغر والجمل كالقفل والجمل كالنصب والجمل كالحبل وهو الحبل الغليظ من القنب وقيل حبل السفينة .
تفسير ابي السعود : أي حتى يدخل ما هو مثل في عظم الجرم فيما علم في ضيق الملك وهو يقبة الإبرة وفي كون الجمل مما ليس من شأنه الولج في سم الإبرة مبالغة في الاستبعاد وقرىء الجمل كالقمل والجمل كالنغر والجمل كالقفل والجمل كالنصب والجمل كالحبل وهي الحبل الغليظ من القنب وقيل حبل السفينة وسم بالضم والكسر وقرىء في سم المخيط وهو الخياط أي ما يخاط به كالحزام والمحزم.
ومما سمعته من الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - - صاحب الأضواء في تفسير هذه الآية ما معناه قال : " إن العرب تعلق المستحيل على الشيء الذي لا يمكن حدوثه ، كقولهم :
إذا شاب الغراب أتيت أهلي ..... وصار القار كاللبن الحليب
والغراب لا يشيب أبدا ، والقار لا يصير لبنا ابدا .. فهؤلاء الكفار لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل الكبير الضخم في خرق الأبرة الصغير الضيق ، وهذا مستحيل ... انتهى كلامه
نعوذ بالله من النار
ابن كثير : ( قوله تعالى ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط هكذا قرأه الجمهور وفسروه بأنه البعير قال ابن مسعود : هو الجمل ابن الناقة وفي رواية زوج الناقة وقال الحسن البصري : حتى يدخل البعير في خرم الإبرة وكذا قال أبو العالية والضحاك وكذا روى علي بن أبي طلحة العوفي عن ابن عباس وقال مجاهد وعكرمة عن ابن عباس : إنه كان يقرؤها يلج الجُمّل في سم الخياط بضم الجيم وتشديد الميم يعني الحبل الغليظ في خرم الإبرة وهذا اختيار سعيد بن جبير وفي رواية أنه قرأ حتى يلج الجمل يعني قلوس السفن وهي الحبال الغلاظ .
القرطبي : قرأ ابن عباس الجُمَّل بضم الجيم وفتح الميم وتشديدها وهو حبل السفينة الذي يقال له القلس وهو حبال مجموعة جمع جملة قاله أحمد بن يحيى ثعلب وقيل : الحبل الغليظ من القنب وقيل : الحبل الذي يصعد به في النخل وروى عنه أيضا وعن سعيد بن جبير : الجُمْل بضم الجيم وتخفيف الميم هو القلس أيضا والحبل على ما ذكرنا آنفا وروى عنه أيضا الجُمُل بضمتين جمع جمل كأسد وأسد والجمل مثل أسد وأسد وعن أبي السمال الجَمْل بفتح الجيم وسكون الميم وتخفيف جمل
فتح القدير : ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط أي أن هؤلاء الكفار المكذبين المستكبرين لا يدخلون الجنة بحال من الأحوال ولهذا علقه بالمستحيل فقال : حتى يلج الجمل في سم الخياط وهو لا يلج أبدا وخص الجمل بالذكر لكونه يضرب به المثل في كبر الذات وخص سم الخياط وهو ثقب الإبرة بالذكر لكونه غاية في الضيق والجمل الذكر من الإبل والجمع جمال وأجمال وجمالات وإنما سمي جملا إذا أربع وقرأ ابن عباس الجمل بضم الجيم وفتح الميم مشددة وهو حبل السفينة الذي يقال له : القلس وهو حبال مجموعة قاله ثعلب وقيل : الحبل الغليظ من القنب وقيل : الحبل الذي يصعد به في النخل وقرأ سعيد بن جبير الجمل بضم الجيم وتخفيف الميم وهو القلس أيضا وقرأ أبو السماك الجمل بضم الجيم وسكون الميم وقرئ أيضا بضمهما وقرأ عبد الله بن مسعود : حتى يلج الجمل الأصغر في سم الخياط
تفسير البغوي : ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط أي : حتى يدخل البعير في ثقب الإبرة والخياط والمخيط الإبرة والمراد منه : أنهم لا يدخلون الجنة أبدا لأن الشيء إذا علق بما يستحيل كونه يدل ذلك على تأكيد المنع كما يقال : لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب أو يبيض .
تفسير البيضاوي : أي حتى يدخل ما هو مثل في عظم الجرم وهو البعير فيما هو مثل في ضيق المسلك وهو ثقبة الإبرة وذلك مما لا يكون فكذا ما يتوقف عليه وقرئ الجمل كالقمل والجمل كالنغر والجمل كالقفل والجمل كالنصب والجمل كالحبل وهو الحبل الغليظ من القنب وقيل حبل السفينة .
تفسير ابي السعود : أي حتى يدخل ما هو مثل في عظم الجرم فيما علم في ضيق الملك وهو يقبة الإبرة وفي كون الجمل مما ليس من شأنه الولج في سم الإبرة مبالغة في الاستبعاد وقرىء الجمل كالقمل والجمل كالنغر والجمل كالقفل والجمل كالنصب والجمل كالحبل وهي الحبل الغليظ من القنب وقيل حبل السفينة وسم بالضم والكسر وقرىء في سم المخيط وهو الخياط أي ما يخاط به كالحزام والمحزم.
ومما سمعته من الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - - صاحب الأضواء في تفسير هذه الآية ما معناه قال : " إن العرب تعلق المستحيل على الشيء الذي لا يمكن حدوثه ، كقولهم :
إذا شاب الغراب أتيت أهلي ..... وصار القار كاللبن الحليب
والغراب لا يشيب أبدا ، والقار لا يصير لبنا ابدا .. فهؤلاء الكفار لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل الكبير الضخم في خرق الأبرة الصغير الضيق ، وهذا مستحيل ... انتهى كلامه
نعوذ بالله من النار
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: تفسير قوله تعالى "..حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ.."
بسم الله الرحمن الرحيم
من فضل الله علينا إقبال المسلمين على القرآن في رمضان وفي غيره والسؤال عن معانيه وعن المناهج الصحيحة في فهمه وتفسيره ، ونسأل الله المزيد من التوفيق للمسلمين للتمسك بالوحي والتدبر لمعانيه والعمل به . وقد وصلتني أسئلة كثيرة عن معنى (الجمل) في الآية رقم 40 من سورة الأعراف وهي قوله تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ).
وهل الجَمَلُ في هذه الآية بمعنى البعير المعروف، أم هي بمعنى الحَبْلِ الغليظِ الذي تُشَدُّ بهِ السفينةُ للمرسى ؟ وقد أجبتُ باختصار في تغريدات مختصرة على بعض الأصدقاء من المتابعين، ولكن رأيت كثرة السؤال فأحببت الكتابة المفصلة الآن بعد أن استقر بي المقام.
وقد عرفتُ بعدُ أنَّ الذي جعل الناس يكثرون السؤال هو مقطع مرئي للدكتور علي منصور كيالي يرجح فيه أن الجمل في الآية ليس بمعنى البعير المعروف ، وإنما هو بمعنى الحبل الغليظ الذي تُشدُّ السفينة للمرسى .
بيانُ معنى الجَمَل في الآية :
جمهور المفسرين فسروا الجمل في الآية التي في سورة الأعراف بمعنى البعير وهو الحيوان المعروف، لأنّه المعنى المتبادر المشهور المستفيض في لغة العرب للجمل، وأشعار العرب في الجاهلية وفي الإسلام تدل على أن الجَمَلَ هو البعير، ومن قواعد تفسير القرآن باللغة بالعربية أن القرآن يفسر باللغة المشهورة المعروفة المستفيضة في اللغة العربية ولا يفسر باللغة النادرة والشاذة التي لا يتكلم بها إلا بعض قبائل العرب . وأما القول بأن الجمل هو الحبل الغليظ الذي تشد به السفينة، فهو قولٌ قال به بعض المفسرين بناء على قراءة شاذة عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، حيث قرأوا (الجُمَّلُ) بضم الجيم، وتشديد الميم وفتحها، وقرأ بعضهم بضيم الجيم وفتح الميم دون تشديد ، ومعناه على هذه القراءة الشاذة الحبل الغليظ الذي تُشَدُّ به السفينةُ وغيرها .
فنحن نلاحظ أنَّ التفسير الصحيح والقراءة الصحيحة هي منسجمة مع بعضها، فالقراءة التي قرأ بها جميع القراء العشرة التي تواترت قراءتهم هي (الجَمَلُ) بفتح الجيم وفتح الميم ، بمعنى الحيوان البعير المعروف. وأما التفسير بأنه الحبل الغليظ فهو على القراءة الشاذة التي لا يجوز القراءة بها. وبهذا يتضح الخطأ الذي وقع فيه الكيالي في زعمه أن التفسير الصحيح للجمل هو الحبل الغليظ لأنه هو الذي ينسجم - حسب رأيه - مع سم الخياط وهو ثقب الإبرة.
وأُصولُ التفسيرِ تُلزمُنا بأنْ نعتمدَ المعنى الذي قال به جمهور السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وهو الذي يتوافق مع اللغة العربية وهي لغتهم وهم أصحابها وأولى الناس بتفسيرها، ثم اعتبار القراءة المتواترة الصحيحة دون القراءة الشاذة التي لا يجوز القراءة بها. وهذا كافٍ إن شاء الله في بيان الصواب في معنى هذه الآية .
والمعنى الذي تشير إليه الآية الكريمة هو أن الله سبحانه وتعالى حَرَّمَ على مَن مَات كافراً مستكبراً معانداً مكذباً أن يدخل الجنَّة، والآيات في ذلك كثيرة مثل قوله تعالى :(إِنَّه مَنْ يُشرك بالله فقد حَرَّمَ اللهُ عليه الجنَّةَ ومأواهُ النَّار) وغيرها ، فلا يدخل هؤلاء الذين كذبوا بآيات الله واستكبروا عنها الجنةَ التي أعدها الله لأوليائه المؤمنين أبداً ، كما لا يلج الجمل في سم الخياط أبداً وذلك ثقب الإبرة ما داما على حاليهما المعروفين. فالله علَّق دخولهم الجنة بأمر مستحيل الوقوع وهو أن يتمكن البعير على ضخامته في ثقب الإبرة وهو سم الخياط على ضيقه،والعرب لا تعرف حيواناً أضخم من الجَمَل فيضربون به المثل في الضخامة، والعرب كذلك تضرب المثل بالضيق بثقب الإبرة فيقولون : (أضيق من ثقب الإبرة) .
وقد استجهلَ عبدالله بن مسعود رضي الله عنه مَنْ سأَلَهُ عن معنى الجمل فقال : الجمل هو زوج الناقة ! قال الإمام القرطبي تعليقاً على جواب ابن مسعود:(كأَنَّه استجهلَ مَن سأَلَهُ عمَّا يعرفهُ النَّاسُ جميعاً). ومثله الحسن البصري رضي الله عنه عندما أكثروا في سؤاله عن معنى الجمل مع ظهوره أجابهم بقوله : هو الأُشْتُرُ . وهو البعير باللغة الفارسية ! وأبو العالية في تفسيره للجمل قال : هو الجمل الذي له أربع قوائم ! ومثله قال الضحاك بن مزاحم الهلالي، وابن عباس رضي الله عنهما شيخ المفسرين قال بهذا القول أيضاً وهو القول المعتمد له، والقول الآخر بأنه الحبل قول مرويٌّ عنه كذلك كما تقدم.
ولكن نحن نكرر هذا تعليماً لأنفسنا الصواب، وتنبيهاً على مثل هذا الخطأ في فهم القرآن الكريم، وعفا الله عن د.علي كيالي على اجتهاده مع وجوب تنبيهه ومؤاخذته على الكلام في التفسير بغير علمٍ، والتلبيس على المشاهدين، وقد استمعتُ لكلامه مراراً في هذه الآية وفي غيرها فلاحظتُ أنه يلقي الكلامَ إلقاء الواثق من صواب فكرته، وهذا يوقع كثيراً من المشاهدين في اللبس، مع افتقاره إلى معرفة أسهل قواعد التفسير وأصوله الكبرى فضلاً عن دقائق مسائله ، ولكننا في زمان الفضائيات لا نملك إلا التنبيه على ضرورة الالتزام بهذه الأصول والقواعد وسؤال أهل العلم الراسخين والله هو الهادي والموفق .
وينبغي عند الكلام في تفسير القرآن الالتزام بأصوله وقواعده التي قرَّرها العلماءُ مِن لدنِ النبي صلى الله عليه وسلم فيما استُنبِطَ من منهجه في التفسير وما قرره الصحابة والتابعون وأتباعهم حتى لا نضل في فهم كلام الله فنتعرض للوعيد والله الموفق للصواب .
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
وكتبه / عبدالرحمن بن معاضة الشهري
ليلة الحادي والعشرين من رمضان 1434هـ
من فضل الله علينا إقبال المسلمين على القرآن في رمضان وفي غيره والسؤال عن معانيه وعن المناهج الصحيحة في فهمه وتفسيره ، ونسأل الله المزيد من التوفيق للمسلمين للتمسك بالوحي والتدبر لمعانيه والعمل به . وقد وصلتني أسئلة كثيرة عن معنى (الجمل) في الآية رقم 40 من سورة الأعراف وهي قوله تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ).
وهل الجَمَلُ في هذه الآية بمعنى البعير المعروف، أم هي بمعنى الحَبْلِ الغليظِ الذي تُشَدُّ بهِ السفينةُ للمرسى ؟ وقد أجبتُ باختصار في تغريدات مختصرة على بعض الأصدقاء من المتابعين، ولكن رأيت كثرة السؤال فأحببت الكتابة المفصلة الآن بعد أن استقر بي المقام.
وقد عرفتُ بعدُ أنَّ الذي جعل الناس يكثرون السؤال هو مقطع مرئي للدكتور علي منصور كيالي يرجح فيه أن الجمل في الآية ليس بمعنى البعير المعروف ، وإنما هو بمعنى الحبل الغليظ الذي تُشدُّ السفينة للمرسى .
بيانُ معنى الجَمَل في الآية :
جمهور المفسرين فسروا الجمل في الآية التي في سورة الأعراف بمعنى البعير وهو الحيوان المعروف، لأنّه المعنى المتبادر المشهور المستفيض في لغة العرب للجمل، وأشعار العرب في الجاهلية وفي الإسلام تدل على أن الجَمَلَ هو البعير، ومن قواعد تفسير القرآن باللغة بالعربية أن القرآن يفسر باللغة المشهورة المعروفة المستفيضة في اللغة العربية ولا يفسر باللغة النادرة والشاذة التي لا يتكلم بها إلا بعض قبائل العرب . وأما القول بأن الجمل هو الحبل الغليظ الذي تشد به السفينة، فهو قولٌ قال به بعض المفسرين بناء على قراءة شاذة عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، حيث قرأوا (الجُمَّلُ) بضم الجيم، وتشديد الميم وفتحها، وقرأ بعضهم بضيم الجيم وفتح الميم دون تشديد ، ومعناه على هذه القراءة الشاذة الحبل الغليظ الذي تُشَدُّ به السفينةُ وغيرها .
فنحن نلاحظ أنَّ التفسير الصحيح والقراءة الصحيحة هي منسجمة مع بعضها، فالقراءة التي قرأ بها جميع القراء العشرة التي تواترت قراءتهم هي (الجَمَلُ) بفتح الجيم وفتح الميم ، بمعنى الحيوان البعير المعروف. وأما التفسير بأنه الحبل الغليظ فهو على القراءة الشاذة التي لا يجوز القراءة بها. وبهذا يتضح الخطأ الذي وقع فيه الكيالي في زعمه أن التفسير الصحيح للجمل هو الحبل الغليظ لأنه هو الذي ينسجم - حسب رأيه - مع سم الخياط وهو ثقب الإبرة.
وأُصولُ التفسيرِ تُلزمُنا بأنْ نعتمدَ المعنى الذي قال به جمهور السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وهو الذي يتوافق مع اللغة العربية وهي لغتهم وهم أصحابها وأولى الناس بتفسيرها، ثم اعتبار القراءة المتواترة الصحيحة دون القراءة الشاذة التي لا يجوز القراءة بها. وهذا كافٍ إن شاء الله في بيان الصواب في معنى هذه الآية .
والمعنى الذي تشير إليه الآية الكريمة هو أن الله سبحانه وتعالى حَرَّمَ على مَن مَات كافراً مستكبراً معانداً مكذباً أن يدخل الجنَّة، والآيات في ذلك كثيرة مثل قوله تعالى :(إِنَّه مَنْ يُشرك بالله فقد حَرَّمَ اللهُ عليه الجنَّةَ ومأواهُ النَّار) وغيرها ، فلا يدخل هؤلاء الذين كذبوا بآيات الله واستكبروا عنها الجنةَ التي أعدها الله لأوليائه المؤمنين أبداً ، كما لا يلج الجمل في سم الخياط أبداً وذلك ثقب الإبرة ما داما على حاليهما المعروفين. فالله علَّق دخولهم الجنة بأمر مستحيل الوقوع وهو أن يتمكن البعير على ضخامته في ثقب الإبرة وهو سم الخياط على ضيقه،والعرب لا تعرف حيواناً أضخم من الجَمَل فيضربون به المثل في الضخامة، والعرب كذلك تضرب المثل بالضيق بثقب الإبرة فيقولون : (أضيق من ثقب الإبرة) .
وقد استجهلَ عبدالله بن مسعود رضي الله عنه مَنْ سأَلَهُ عن معنى الجمل فقال : الجمل هو زوج الناقة ! قال الإمام القرطبي تعليقاً على جواب ابن مسعود:(كأَنَّه استجهلَ مَن سأَلَهُ عمَّا يعرفهُ النَّاسُ جميعاً). ومثله الحسن البصري رضي الله عنه عندما أكثروا في سؤاله عن معنى الجمل مع ظهوره أجابهم بقوله : هو الأُشْتُرُ . وهو البعير باللغة الفارسية ! وأبو العالية في تفسيره للجمل قال : هو الجمل الذي له أربع قوائم ! ومثله قال الضحاك بن مزاحم الهلالي، وابن عباس رضي الله عنهما شيخ المفسرين قال بهذا القول أيضاً وهو القول المعتمد له، والقول الآخر بأنه الحبل قول مرويٌّ عنه كذلك كما تقدم.
ولكن نحن نكرر هذا تعليماً لأنفسنا الصواب، وتنبيهاً على مثل هذا الخطأ في فهم القرآن الكريم، وعفا الله عن د.علي كيالي على اجتهاده مع وجوب تنبيهه ومؤاخذته على الكلام في التفسير بغير علمٍ، والتلبيس على المشاهدين، وقد استمعتُ لكلامه مراراً في هذه الآية وفي غيرها فلاحظتُ أنه يلقي الكلامَ إلقاء الواثق من صواب فكرته، وهذا يوقع كثيراً من المشاهدين في اللبس، مع افتقاره إلى معرفة أسهل قواعد التفسير وأصوله الكبرى فضلاً عن دقائق مسائله ، ولكننا في زمان الفضائيات لا نملك إلا التنبيه على ضرورة الالتزام بهذه الأصول والقواعد وسؤال أهل العلم الراسخين والله هو الهادي والموفق .
وينبغي عند الكلام في تفسير القرآن الالتزام بأصوله وقواعده التي قرَّرها العلماءُ مِن لدنِ النبي صلى الله عليه وسلم فيما استُنبِطَ من منهجه في التفسير وما قرره الصحابة والتابعون وأتباعهم حتى لا نضل في فهم كلام الله فنتعرض للوعيد والله الموفق للصواب .
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
وكتبه / عبدالرحمن بن معاضة الشهري
ليلة الحادي والعشرين من رمضان 1434هـ
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24471
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
مواضيع مماثلة
» معنى السراب في قوله تعالى ’’والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة’’
» من روائع ابن القيم قوله
» وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ
» مطوية (فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ)
» فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم
» من روائع ابن القيم قوله
» وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ
» مطوية (فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ)
» فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى