ليلة النصف من شعبان
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ليلة النصف من شعبان
لــيـلـة الـنـصـف هـل هــى لـيـلــة إنـــزال الـقـرآن ؟
ليلة النصف هى ليلة إنزال الأول من أم الكتاب :
وقــد فـســر بـعــض الـعـلـمـاء قــول الله تــعــالـى : ( إنَّــا أنـزَلْـنَاه فــىِ
لَــيْـلَـةٍ مُّـبَـارَكَةٍ ) ( ) بــأنـهـا لــيـلـة الـنـصـف مـن شـعبان وقالوا إن السفرة
الكرام اسـتـنـسـخـوا الــقــرآن مــن أم الـكـتـاب فــى أربــعـــيـن يـــومـــا ،
ابـتــدءوا فــى لــيــلــة الــنـصــف مــن شـعـبان ، ثم بعد الأربعين يوما نزل
إلـــى ســمـاء الــدنــيــا ثــم نـــزل جـبـريـل عـليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
نـجــومــا بـحـسـب الأحــداث عــلــى ثـــلاث وعــشريــن ســنــة . وكــــان
نــزولــهــا إلــى ســمـاء الــدنـيـا مــن أم الــكـتاب بعد نسخه فى الألواح ليلة
الـقــدر بـعـد مــضى الأربـعـيـن لـيـلـة ، وبــذلــك نـجـمـع بـيـن قــوله تعالى
( إنَّــا أَنــزَلْــنَــاهُ فــىِ لَــيْـلَـةٍ الْـقَـدْرِ ) ( ) وبين ( إنّــا أَنـزَلْـنَـاهُ فـــىِ لَـيْـلَــةٍ
مُــبَـــارَكــَةِ ) . فـــإنـزالــــه الأول إنــزالــه مــن أم الــكــتـاب لـيـنـسـخـه
الــســفـرة الــكــرام وهــو فـــى لــيـلـة مــبـاركة ، التى هى ليلة النصف من
شــعــبـان . وإنـــزالـــه الــثــانــى إلـــى ســمــاء فــى لـيلة القدر ، كما أخبر
الله تــعــالـى .
إنكار ذلك القول والرد عليه :
وقـــد أنــكــر بـعـض الـعـلـمـاء ذلك: فــمــنـكــر لــيــلـة الـنـصـف مــن
شــعــبـان لــم يــنـكـر مــا صــح عــنـده مــن الأخـــبــار عـن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ولـكـنـه أنـكــر صــحــة مــا ورد عــنــه صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لا يـمـنـع صــحــة تــــلك
الأحــاديــث . فــالـعـلـمـاء مـنـهــم مــن شــدد فــى تـحــرى الــسـنـد قـيـامـا
بــالــواجـــب عــلـيـه فــلـــم تـصـح عــنــده أحاديث كثيرة ومنهم من سهل .
والــذى أراه الــتــوســط ، فــمــا كــــان مـــن أخــبــار رســــول الله صلى الله عليه وآله وسلم
مـتـعـلـقـا بـحـكـم مــن أحــكـام الــشـريـعـة فى عـقـيـدة أو فى عبادة واجبة ،
أو فــى مــعــامــلــة مــفــروضـة ، أو فى أخلاق فاضلة أو جبها الله تعالى ،
فــالــواجـــب الأخـــذ بــالأحــوط مــنـهـا وقــبـول مــا ورد بالمراتب الثلاثة
فــقـط ، كـمـرتـبـة الـمـتـواتـر والـمــشـهــور والـصـحـيـح بـمراتبة كالحسن
والــعـزيــزة وبــاقــى الأقــســام مـتـعـلــق بـنـوال الـبـر وفـضائل الأعمال .
ومــا يـحـث عــلـى الأخـــذ بـالــعــزائــم ، فـــذلك مــا اسـتـحـسـن الـعـلـماء
والــربــانـيـون فـيـه الأخــذ ، مــن غــيــر تـشـديـد بسنده توسعه فى الرواية
عـمــلا بــقــولـــه صلى الله عليه وآله وسلم : ( حــدثـــوا عـــنــى بــكـل خــيـر ، وإن لـم أكن قلته
فــإنــى أقــول كــل خــيــر ) رواه عــن شـيـوخــه أبــو طــالــب المكى فى
كـتــاب ( قـــوت الـقــلـوب ) أمــا الـتـشـديــد والـتـجـريــح الـذى تـوسـع فيه
عــلـمـاء الـحـديـث فــى مثل هذه الأحاديــث الــشـريـفــة الــتــى تحث على
فــضـائــل الأعــمــال ، ونــوافــل الــبــر ، والإقــبــال عــلى عـمل الخير ،
فــذلك مــا يــوقــف عـزائــم الـنـاس عــن الـمـسارعـة إلـى نيل رضوان الله
الأكــبـــر ، كــمــا ورد فـــى الـحـديــث الـصـحـيـح بـسـنـد الإمــام البخارى
رضــى الله عــنــه يــقــول قــال صلى الله عليه وآله وسلم : قــال الله تــعــالــى : ( مـــن آذى لــى
ولـيـا آذيـتـه بـالـحـرب . ومــا تـقـرب إلــى عـبـدى بـشـىء أحــب مــن أداء
مــا افــتـرضـتـــه عــلــيـه ، ولا يـــزال عـــبــدى يـتقرب إلى بالنوافل حتى
أحبه .....) .
مـن هـــذا الحــديــث يـظـهـر لـنـا جـلـيـا أن الـتـقـرب إلى الله بالنوافل ،
بـعــد تـأديــة الـفـرائــض مــن مــوجـبـات مـحـبـة الله ، وهـو الـشرف الذى
لــيــس فــوقـه شــرف . وأن الــقـيـام بـالـمـأمــورات والـبـعـد عـن المنهيات
قـيـام بـالـواجــب الــذى لا يـسـتـحـق عـلـيـه فـاعـلـه نـوال محبة الله تعالى .
تــلك الأحـاديــث الــتـى تـضـمـنـت الـحـث عـلـى تـلـك الأعــمـــال الفاضلة
والـقــربــات الـمـوصـلــة فــى الـغـالــب لأفــراد خـصـوصيين أو فى بعض
رجال من أهل الخاصة .
ليلة النصف هى ليلة إنزال الأول من أم الكتاب :
وقــد فـســر بـعــض الـعـلـمـاء قــول الله تــعــالـى : ( إنَّــا أنـزَلْـنَاه فــىِ
لَــيْـلَـةٍ مُّـبَـارَكَةٍ ) ( ) بــأنـهـا لــيـلـة الـنـصـف مـن شـعبان وقالوا إن السفرة
الكرام اسـتـنـسـخـوا الــقــرآن مــن أم الـكـتـاب فــى أربــعـــيـن يـــومـــا ،
ابـتــدءوا فــى لــيــلــة الــنـصــف مــن شـعـبان ، ثم بعد الأربعين يوما نزل
إلـــى ســمـاء الــدنــيــا ثــم نـــزل جـبـريـل عـليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
نـجــومــا بـحـسـب الأحــداث عــلــى ثـــلاث وعــشريــن ســنــة . وكــــان
نــزولــهــا إلــى ســمـاء الــدنـيـا مــن أم الــكـتاب بعد نسخه فى الألواح ليلة
الـقــدر بـعـد مــضى الأربـعـيـن لـيـلـة ، وبــذلــك نـجـمـع بـيـن قــوله تعالى
( إنَّــا أَنــزَلْــنَــاهُ فــىِ لَــيْـلَـةٍ الْـقَـدْرِ ) ( ) وبين ( إنّــا أَنـزَلْـنَـاهُ فـــىِ لَـيْـلَــةٍ
مُــبَـــارَكــَةِ ) . فـــإنـزالــــه الأول إنــزالــه مــن أم الــكــتـاب لـيـنـسـخـه
الــســفـرة الــكــرام وهــو فـــى لــيـلـة مــبـاركة ، التى هى ليلة النصف من
شــعــبـان . وإنـــزالـــه الــثــانــى إلـــى ســمــاء فــى لـيلة القدر ، كما أخبر
الله تــعــالـى .
إنكار ذلك القول والرد عليه :
وقـــد أنــكــر بـعـض الـعـلـمـاء ذلك: فــمــنـكــر لــيــلـة الـنـصـف مــن
شــعــبـان لــم يــنـكـر مــا صــح عــنـده مــن الأخـــبــار عـن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ولـكـنـه أنـكــر صــحــة مــا ورد عــنــه صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لا يـمـنـع صــحــة تــــلك
الأحــاديــث . فــالـعـلـمـاء مـنـهــم مــن شــدد فــى تـحــرى الــسـنـد قـيـامـا
بــالــواجـــب عــلـيـه فــلـــم تـصـح عــنــده أحاديث كثيرة ومنهم من سهل .
والــذى أراه الــتــوســط ، فــمــا كــــان مـــن أخــبــار رســــول الله صلى الله عليه وآله وسلم
مـتـعـلـقـا بـحـكـم مــن أحــكـام الــشـريـعـة فى عـقـيـدة أو فى عبادة واجبة ،
أو فــى مــعــامــلــة مــفــروضـة ، أو فى أخلاق فاضلة أو جبها الله تعالى ،
فــالــواجـــب الأخـــذ بــالأحــوط مــنـهـا وقــبـول مــا ورد بالمراتب الثلاثة
فــقـط ، كـمـرتـبـة الـمـتـواتـر والـمــشـهــور والـصـحـيـح بـمراتبة كالحسن
والــعـزيــزة وبــاقــى الأقــســام مـتـعـلــق بـنـوال الـبـر وفـضائل الأعمال .
ومــا يـحـث عــلـى الأخـــذ بـالــعــزائــم ، فـــذلك مــا اسـتـحـسـن الـعـلـماء
والــربــانـيـون فـيـه الأخــذ ، مــن غــيــر تـشـديـد بسنده توسعه فى الرواية
عـمــلا بــقــولـــه صلى الله عليه وآله وسلم : ( حــدثـــوا عـــنــى بــكـل خــيـر ، وإن لـم أكن قلته
فــإنــى أقــول كــل خــيــر ) رواه عــن شـيـوخــه أبــو طــالــب المكى فى
كـتــاب ( قـــوت الـقــلـوب ) أمــا الـتـشـديــد والـتـجـريــح الـذى تـوسـع فيه
عــلـمـاء الـحـديـث فــى مثل هذه الأحاديــث الــشـريـفــة الــتــى تحث على
فــضـائــل الأعــمــال ، ونــوافــل الــبــر ، والإقــبــال عــلى عـمل الخير ،
فــذلك مــا يــوقــف عـزائــم الـنـاس عــن الـمـسارعـة إلـى نيل رضوان الله
الأكــبـــر ، كــمــا ورد فـــى الـحـديــث الـصـحـيـح بـسـنـد الإمــام البخارى
رضــى الله عــنــه يــقــول قــال صلى الله عليه وآله وسلم : قــال الله تــعــالــى : ( مـــن آذى لــى
ولـيـا آذيـتـه بـالـحـرب . ومــا تـقـرب إلــى عـبـدى بـشـىء أحــب مــن أداء
مــا افــتـرضـتـــه عــلــيـه ، ولا يـــزال عـــبــدى يـتقرب إلى بالنوافل حتى
أحبه .....) .
مـن هـــذا الحــديــث يـظـهـر لـنـا جـلـيـا أن الـتـقـرب إلى الله بالنوافل ،
بـعــد تـأديــة الـفـرائــض مــن مــوجـبـات مـحـبـة الله ، وهـو الـشرف الذى
لــيــس فــوقـه شــرف . وأن الــقـيـام بـالـمـأمــورات والـبـعـد عـن المنهيات
قـيـام بـالـواجــب الــذى لا يـسـتـحـق عـلـيـه فـاعـلـه نـوال محبة الله تعالى .
تــلك الأحـاديــث الــتـى تـضـمـنـت الـحـث عـلـى تـلـك الأعــمـــال الفاضلة
والـقــربــات الـمـوصـلــة فــى الـغـالــب لأفــراد خـصـوصيين أو فى بعض
رجال من أهل الخاصة .
abouimed-
- عدد المساهمات : 2452
العمر : 60
المكان : القصرين
المهنه : ولد القصرين و يرفض الذل
الهوايه : الحرية ضاهر و باطن
نقاط تحت التجربة : 15154
تاريخ التسجيل : 28/01/2010
رد: ليلة النصف من شعبان
إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَ سَلِّمُواْ تَسْلِيماً
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24473
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: ليلة النصف من شعبان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي
((شعبان كله شهر متميز من أشهر العام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يحفل به بعد شهر رمضان كما لم يكن يحفل بأي شهر من شهور العام، هذا الشهر
هو الشهر الذي ترتفع فيه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى كما قال عليه
الصلاة والسلام، هو الشهر الذي يرحم الله عز وجل فيه المسترحمين، ويغفر
لعباده المستغفرين، هذا الشهر شهر يعتق الله سبحانه وتعالى فيه أعداداً لا
تحصى، لا يحصيها إلا الله عز وجل من النار، ولقد روى أسامة بن زيد عن رسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنه سأله قائلاً:
يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من شهور العام كما تصوم من شهر شعبان !
فقال عليه الصلاة والسلام:
(( ذلك شهر يغفل عنه كثير من الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترتفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل، فأحب أن يرتفع عملي إلى الله وأنا صائم ))، رواه النسائي والحديث ذو سند صحيح، وروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
" ما من شهر أكثر صياماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم منه في شهر شعبان "
والسبب ما قد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر الذي رواه أسامة بن زيد.
وروى البيهقي بإسناد جيد كما قال عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فصلى
وسجد وأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض، فلما رأيت ذلك قمت وحركته أنمله
فتحرك، فرجعت فسمعته يقول في سجوده:
(( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ))، فلما سلم قال لي:
(( يا عائشة.. أظننت أن رسول الله قد خاس بك؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ولكنني ظننت أنك قد قبضت - أي لطول سجوده وعدم تحركه - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أتعلمين أي ليلة هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: إنها ليلة النصف من
شعبان، يطلع الله عز وجل فيها على عباده فيقول: ألا هل من مستغفر فأغفر
له، ألا هل من سائل فأعطيه، ألا هل من داع فأستجيب له، ويؤخر أهل الأحقاد
كما هم ))
والأحاديث التي وردت في فضل شعبان عموماً، وليلة النصف من شعبان جزء من
ليالي هذا الشهر المبارك كثيرة، وهي في جملتها صحيحة وقوية لا يلحقها
الريب.
أيها الإخوة نحن كلنا بحاجة إلى أن ننتهز فرص تجليات الله تعالى على عباد الله بالرحمة، نحن كما تعلمون مثقلون بالأوزار،
ولسنا نملك والحالة هذه سوى أن نتصيد هذه الأوقات التي أنبأ عنها رسول
الله صلى الله عليه وسلم، والتي يتجلى الله عز وجل فيها على عباده
بالرحمة، ليس لنا من سبيل إلا أن ننتهز هذه
الفرص لنتعرض لرحمة الله، نتعرض لمغفرته، نتعرض لإكرامه، ونبسط أكف
الضراعة والافتقار إليه، داعين متضرعين أن يخفف عنا عز وجل من ذنوبنا، وأن
يكرمنا بالعفو والعافية التامة، وأن يرحم أمة سيدنا محمد صلى الله عليه
وسلم مما قد أصابها.
فرصة
بين يدي شهر رمضان المبارك تتمثل في هذا الشهر الذي يغفل عنه كثير من
الناس كما قال رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أتأمل وأنظر في رحمة
الله عز وجل، المفروض أن يكون العبد المسرف على نفسه المثقل بالأوزار هو السباق إلى باب الله عز وجل يطرقه ويستجدى منه المغفرة والصفح، ولكن الأمر يجري على العكس من ذلك، الله عز وجل هو الذي يلاحق عباده، هو الذي يلاحق التائهين المعرضين الغافلين السادرين في غيهم، يدعوهم
إلى أن يعودوا فيصطلحوا معه، يدعوهم إلى أن يعودوا فيجددوا البيعة له،
يدعوهم أن يعودوا إلى رحابه ليرحمهم وليغفر لهم وليحط عنهم من أوزارهم
وآصارهم، تلك صورة من صور رحمة الله عز وجل
بعباده، إنها لظاهرة تجعل الإنسان يذوب خجلاً من الله، بل محبة لله عز وجل
أن يلاحق الله عز وجل عباده الشاردين التائهين العاصين له، العاكفين على
أوزارهم في مثل هذا الشهر المبارك، ليقول لهم: أما آن لكم أن تعودوا، أما آن لكم أن ترفعوا رؤوسكم عن الغي قبل أن تنتهي الفرصة ويحين المعاد!!
{ أَلَمْ
يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ
وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ
مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } [الحديد: 57/16]
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي
((شعبان كله شهر متميز من أشهر العام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يحفل به بعد شهر رمضان كما لم يكن يحفل بأي شهر من شهور العام، هذا الشهر
هو الشهر الذي ترتفع فيه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى كما قال عليه
الصلاة والسلام، هو الشهر الذي يرحم الله عز وجل فيه المسترحمين، ويغفر
لعباده المستغفرين، هذا الشهر شهر يعتق الله سبحانه وتعالى فيه أعداداً لا
تحصى، لا يحصيها إلا الله عز وجل من النار، ولقد روى أسامة بن زيد عن رسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنه سأله قائلاً:
يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من شهور العام كما تصوم من شهر شعبان !
فقال عليه الصلاة والسلام:
(( ذلك شهر يغفل عنه كثير من الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترتفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل، فأحب أن يرتفع عملي إلى الله وأنا صائم ))، رواه النسائي والحديث ذو سند صحيح، وروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
" ما من شهر أكثر صياماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم منه في شهر شعبان "
والسبب ما قد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر الذي رواه أسامة بن زيد.
وروى البيهقي بإسناد جيد كما قال عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فصلى
وسجد وأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض، فلما رأيت ذلك قمت وحركته أنمله
فتحرك، فرجعت فسمعته يقول في سجوده:
(( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ))، فلما سلم قال لي:
(( يا عائشة.. أظننت أن رسول الله قد خاس بك؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ولكنني ظننت أنك قد قبضت - أي لطول سجوده وعدم تحركه - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أتعلمين أي ليلة هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: إنها ليلة النصف من
شعبان، يطلع الله عز وجل فيها على عباده فيقول: ألا هل من مستغفر فأغفر
له، ألا هل من سائل فأعطيه، ألا هل من داع فأستجيب له، ويؤخر أهل الأحقاد
كما هم ))
والأحاديث التي وردت في فضل شعبان عموماً، وليلة النصف من شعبان جزء من
ليالي هذا الشهر المبارك كثيرة، وهي في جملتها صحيحة وقوية لا يلحقها
الريب.
أيها الإخوة نحن كلنا بحاجة إلى أن ننتهز فرص تجليات الله تعالى على عباد الله بالرحمة، نحن كما تعلمون مثقلون بالأوزار،
ولسنا نملك والحالة هذه سوى أن نتصيد هذه الأوقات التي أنبأ عنها رسول
الله صلى الله عليه وسلم، والتي يتجلى الله عز وجل فيها على عباده
بالرحمة، ليس لنا من سبيل إلا أن ننتهز هذه
الفرص لنتعرض لرحمة الله، نتعرض لمغفرته، نتعرض لإكرامه، ونبسط أكف
الضراعة والافتقار إليه، داعين متضرعين أن يخفف عنا عز وجل من ذنوبنا، وأن
يكرمنا بالعفو والعافية التامة، وأن يرحم أمة سيدنا محمد صلى الله عليه
وسلم مما قد أصابها.
فرصة
بين يدي شهر رمضان المبارك تتمثل في هذا الشهر الذي يغفل عنه كثير من
الناس كما قال رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أتأمل وأنظر في رحمة
الله عز وجل، المفروض أن يكون العبد المسرف على نفسه المثقل بالأوزار هو السباق إلى باب الله عز وجل يطرقه ويستجدى منه المغفرة والصفح، ولكن الأمر يجري على العكس من ذلك، الله عز وجل هو الذي يلاحق عباده، هو الذي يلاحق التائهين المعرضين الغافلين السادرين في غيهم، يدعوهم
إلى أن يعودوا فيصطلحوا معه، يدعوهم إلى أن يعودوا فيجددوا البيعة له،
يدعوهم أن يعودوا إلى رحابه ليرحمهم وليغفر لهم وليحط عنهم من أوزارهم
وآصارهم، تلك صورة من صور رحمة الله عز وجل
بعباده، إنها لظاهرة تجعل الإنسان يذوب خجلاً من الله، بل محبة لله عز وجل
أن يلاحق الله عز وجل عباده الشاردين التائهين العاصين له، العاكفين على
أوزارهم في مثل هذا الشهر المبارك، ليقول لهم: أما آن لكم أن تعودوا، أما آن لكم أن ترفعوا رؤوسكم عن الغي قبل أن تنتهي الفرصة ويحين المعاد!!
{ أَلَمْ
يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ
وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ
مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } [الحديد: 57/16]
abouimed-
- عدد المساهمات : 2452
العمر : 60
المكان : القصرين
المهنه : ولد القصرين و يرفض الذل
الهوايه : الحرية ضاهر و باطن
نقاط تحت التجربة : 15154
تاريخ التسجيل : 28/01/2010
رد: ليلة النصف من شعبان
بحث مختصر في
(استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان وبدعية إنكارها)
بقلم الشيخ العلامة محمود سعيد ممدوح
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
وبعد :
فإن
شهر شعبان من الشهور المعظمة في الشرع وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يلحظه بالعبادة فتستحب زيادة العبادة فيه كما ثبت في الحديث الصحيح , وإذا
كانت العبادة تتأكد في شهر شعبان فإنها آكد وأشد استحبابا في ليلة النصف
من شعبان لورود الأحاديث الثابتة والمفيدة لأفضلية هذه الليلة المباركة .
فقد ثبت فضل ليلة النصف من شعبان في أحاديث مروية عن النبي صلى الله عليه
وسلم من طرق متعددة , عن عبد الله بن عمرو , ومعاذ , وأبي هريرة , وأبي
ثعلبة , وعوف بن مالك , وأبي بكر , وأبي موسى , وعائشة رضي الله تعالى
عنهم أجمعين .
1 - فالحديث الأول رواه عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لاثنين
مشاحن وقاتل نفس) .أخرجه أحمد في المسند ( 2 / 176 ) بإسناد لين . (
الترغيب والترهيب 3 / 284 , مجمع الزوائد 8 / 65 )
2
- والحديث الثاني رواه معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
يطلع الله إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو
مشاحن ) . أخرجه ابن حبان في صحيحه ( 12 / 481 ) والطبراني في الكبير ( 20
/ ) , وفي الأوسط ( المجمع 8 / 65 ) , وأبو نعيم في الحلية ( 5 / 195 )
وغيرهم , جميعهم عن مكحول عن مالك بن يخامر عن معاذ به مرفوعاً . قال
الحافظ الهيثمي في المجمع ( 8 /65 ) : رواه الطبراني في الكبير والأوسط
ورجالهما ثقات . انتهى . ومالك بن يخامر ثقة مخضرم وقد أدركه مكحول فلا
انقطاع في إسناده كما قيل , والحاصل أن ابن حبان أصاب في تصحيحه لهذا
الحديث . ومن الطريقين السابقين فقط تعلم تقصير من حكم على هذا الحديث
بالضعف .
3-
والحديث الثالث رواه أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا كان ليلة النصف من شعبان يغفر الله لعباده , إلا لمشرك أو مشاحن ) .
أخرجه البزار في مسنده ( كشف الأستار 2 / 436 .( وقال الهيثمي في المجمع (
8 / 65 ) , رواه البزار وفيه هشام بن عبد الرحمن , ولم أعرفه وبقية رجاله
ثقات على أن هشاماً ذكره البخاري في التاريخ الكبير 8 / 199 وسكت عنه .
4
- والحديث الرابع رواه أبو ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: ( إذا كان ليلة النصف من شعبان يطلع الله عز وجل إلى خلقه فيغفر
للمؤمنين , ويترك أهل الضغائن وأهل الحقد بحقدهم ). أخرجه الطبراني (
المجمع 8 / 65 ) وابن أبي عاصم في السنة (1/223) ، وقال الهيثمي ( 8 / 65
) : وفيه الأحوص بن حكيم وهو ضعيف . انتهى . والأحوص بن حكيم القول فيه
قول الدارقطني : يعتبر به إذا حدث عن ثقة . انتهى ( التهذيب 1 / 168 ) ,
فمثله يحتج به في باب المتابعات والشواهد .
5 - والحديث الخامس رواه عوف بن مالك بنحو حديث أبي هريرة ومعاذ أخرجه البزار في مسنده ( كشف الأستار 2 / 436 ) وإسناده لين .
6-
والحديث السادس رواه أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( ينزل الله تبارك وتعالى ليلة النصف من شعبان إلى السماء
الدنيا , فيغفر لكل نفس إلا إنساناً في قلبه شحناء أو مشركاً بالله عز وجل
) . أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ( رقم 90 ) , وابن أبي عاصم ( رقم 509 )
وغيرهما . وقال البزار ( 2 / 435 ) : وقد روى هذا الحديث أهل العلم
واحتملوه . انتهى .
7
- والحديث السابع رواه أبو موسى بنحو حديث أبي هريرة ومعاذ وعوف , أخرجه
ابن ماجه ( 1 /446) ، واللالكائي ( رقم 763 ) وإسناده ضعيف .
8-
والحديث الثامن روته عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : (إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا
فيغفرلأكثر من عدد شعر غنم كلب ) . وإسناده ضعيف . أخرجه أحمد ( 6/238) ،
والترمذي ( 3 / 107) , وابن ماجه ( 1 / 445 ) , وله طريق آخر إسناده ضعيف
عن عائشة , أخرجه البيهقي في الشعب ( 3835 ) , وفيه التصريح بقيام النبي
صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة وجاء فيه : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( هذه ليلة النصف من شعبان إن الله عز وجل يطلع على عباده ليلة
النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين , ويؤخر أهل الحقد كما
هم ) .
وحاصل
ما تقدم من الروايات المذكورة ثبوت فضل ليلة النصف من شعبان خاصة وأن
إحداها وهي رواية معاذ قد صححها ابن حبان بمفردها . وتقدم قول البزار : (
روى هذا الحديث أهل العلم واحتملوه ) . فالحديث ثابت ثبوت الجبال الرواسي(
حتى إن الألباني قد صححه في السلسلة الصحيحة ) ( 1144 ) وفي التعليق على السنة لابن أبي عاصم ( 509 , 510 , 511 , 512 ) .
أما
من حكم على الحديث بالضعف فهو إنما أنه لا يعرف الحديث فليس له إلا أن
يقلد العارف به , أو هو متسرع . وإما مكابر ولا يجدي الكلام معه .
وإذا علم فضل تلك الليلة المباركة فيستحب فعل أي طاعة فيها تندرج تحت أصل عام من صلاة أو صدقة , ونحو ذلك .
ولو سلم ضعف الحديث وطلب المعترض الدليل الخاص على قيام تلك الليلة فنقول في رد هذا الكلام :
أولا
:- إن عدم الاكتفاء في المسألة بالدليل العام , وطلب الدليل الخاص في كل
مسألة بعينها يلزم منه تعطيل العموم في الشريعة مما يؤدي إلى تضييق دائرة
الشريعة المطهرة , ويلزم منه أيضا النيل من الشريعة فإن طلب الدليل الخاص
في كل مسألة بدعة في الدين .
ثانيا :- أما الاستدلال بمثل قوله تعالى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) (الشورى :21 ).
فهو استدلال في غير محله وفيه تهويل لا معنى له لأمرين :
1
- إن المثبت لفضيلة تلك الليلة المباركة مستدل بدليل شرعي وهو السنة
المباركة , وغايته أنه ضعيف في نظر المعارض , فلا يلزم من ذلك تبديعه أو
تشديد النكير عليه .
2-
إن فضل تلك الليلة ثابت في الأحاديث كما تقدم. فينبغي أن يراجع أمثال
هؤلاء أنفسهم , ويكفوا عن إيراد مثل هذه الآيات الخارجة عن محل النزاع .
أما
محل النزاع فهو سنية قيام ليلتها , ونحن إذا نظرنا فيما رواه مسلم في كتاب
الجنائز , باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها ( رقم 974 ) عن
عائشة أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة إلى البقيع .
وهو الفعل نفسه الذي روي من طريق أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعله ليلة النصف من شعبان، فيحمل قيام النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه
إلى البقيع في رواية مسلم على أنه كان في ليلة النصف , وإذا قيل إن هذا
احتمال ! قلنا : هذا الاحتمال أولى لاتحاد صفة العمل أما حمله على أنها
غير تلك الليلة فحمل لا يسعفه دليل .
فالاحتمال الأول أولى لأنه ينضم إليه الروايات الأخرى ولا ينضم للاحتمال الثاني شيء , لا ضعيف ولا غير ضعيف .
كما ينضم إلى هذا الاحتمال فعل السلف رضي الله عنهم واقتداء الخلف بهم إلى يومنا هذا فإن الإنكار ممنوع البتة وهو بدعة .
وقد سئل ابن تيمية رحمه الله تعالى عن صلاة ليلة النصف من شعبان فأجاب :
(إذا صلى الإنسان ليلة النصف وحده أو في جماعة خاصة كما كان يفعل طوائف من السلف فهو حسن ) ,
وقال في موضع آخر :
( وأما ليلة النصف فقد روي في فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف
أنهم كانوا يصلون فيها فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه
حجة فلا ينكر مثل هذا ) . انتهى . (مجموع فتاوى ابن تيمية) (ج 3 / ص131-132)
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في ( لطائف المعارف ) (ص 263 ) :
(وليلة
النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام يعظمونها ويجتهدون فيها في
العبادة , وكان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما من تابعي الشام
يقومون في المسجد ليلة النصف , ووافقهم الإمام إسحاق ابن راهويه على ذلك ,
وقال في قيامها في المساجد جماعة : ليس ذلك ببدعة . انتهى باختصار وتصرف .
والحاصل
أن فضل هذه الليلة المباركة قد ثبت بالأحاديث الصحيحة واستحب قيامها كثير
من السلف , فالقول ببدعيتها قول منكر , لم يعتمد في مذهب معتبر ولا غير
معتبر . ولا يلزم من كون الحديث – الآمر بقيام ليلها وصيام نهارها – ضعيفا
أن يكون العمل به بدعة بل استحباب القيام والصيام جاء من أدلة أخرى كما
بينا . كما أن الإنكار في الوقت نفسه فيه رد لفعل سيدنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم , فليحذر هؤلاء المنكرون من الوقوع في قوله تعالى : ((
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة , أو يصيبهم عذاب أليم )) (
النور : 63) .
والحمد لله في البدء والختام والصلاة والسلام على خير الأنام وعلى آله وأصحابه مصابيح الظلام .
(استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان وبدعية إنكارها)
بقلم الشيخ العلامة محمود سعيد ممدوح
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
وبعد :
فإن
شهر شعبان من الشهور المعظمة في الشرع وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يلحظه بالعبادة فتستحب زيادة العبادة فيه كما ثبت في الحديث الصحيح , وإذا
كانت العبادة تتأكد في شهر شعبان فإنها آكد وأشد استحبابا في ليلة النصف
من شعبان لورود الأحاديث الثابتة والمفيدة لأفضلية هذه الليلة المباركة .
فقد ثبت فضل ليلة النصف من شعبان في أحاديث مروية عن النبي صلى الله عليه
وسلم من طرق متعددة , عن عبد الله بن عمرو , ومعاذ , وأبي هريرة , وأبي
ثعلبة , وعوف بن مالك , وأبي بكر , وأبي موسى , وعائشة رضي الله تعالى
عنهم أجمعين .
1 - فالحديث الأول رواه عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لاثنين
مشاحن وقاتل نفس) .أخرجه أحمد في المسند ( 2 / 176 ) بإسناد لين . (
الترغيب والترهيب 3 / 284 , مجمع الزوائد 8 / 65 )
2
- والحديث الثاني رواه معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
يطلع الله إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو
مشاحن ) . أخرجه ابن حبان في صحيحه ( 12 / 481 ) والطبراني في الكبير ( 20
/ ) , وفي الأوسط ( المجمع 8 / 65 ) , وأبو نعيم في الحلية ( 5 / 195 )
وغيرهم , جميعهم عن مكحول عن مالك بن يخامر عن معاذ به مرفوعاً . قال
الحافظ الهيثمي في المجمع ( 8 /65 ) : رواه الطبراني في الكبير والأوسط
ورجالهما ثقات . انتهى . ومالك بن يخامر ثقة مخضرم وقد أدركه مكحول فلا
انقطاع في إسناده كما قيل , والحاصل أن ابن حبان أصاب في تصحيحه لهذا
الحديث . ومن الطريقين السابقين فقط تعلم تقصير من حكم على هذا الحديث
بالضعف .
3-
والحديث الثالث رواه أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا كان ليلة النصف من شعبان يغفر الله لعباده , إلا لمشرك أو مشاحن ) .
أخرجه البزار في مسنده ( كشف الأستار 2 / 436 .( وقال الهيثمي في المجمع (
8 / 65 ) , رواه البزار وفيه هشام بن عبد الرحمن , ولم أعرفه وبقية رجاله
ثقات على أن هشاماً ذكره البخاري في التاريخ الكبير 8 / 199 وسكت عنه .
4
- والحديث الرابع رواه أبو ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: ( إذا كان ليلة النصف من شعبان يطلع الله عز وجل إلى خلقه فيغفر
للمؤمنين , ويترك أهل الضغائن وأهل الحقد بحقدهم ). أخرجه الطبراني (
المجمع 8 / 65 ) وابن أبي عاصم في السنة (1/223) ، وقال الهيثمي ( 8 / 65
) : وفيه الأحوص بن حكيم وهو ضعيف . انتهى . والأحوص بن حكيم القول فيه
قول الدارقطني : يعتبر به إذا حدث عن ثقة . انتهى ( التهذيب 1 / 168 ) ,
فمثله يحتج به في باب المتابعات والشواهد .
5 - والحديث الخامس رواه عوف بن مالك بنحو حديث أبي هريرة ومعاذ أخرجه البزار في مسنده ( كشف الأستار 2 / 436 ) وإسناده لين .
6-
والحديث السادس رواه أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( ينزل الله تبارك وتعالى ليلة النصف من شعبان إلى السماء
الدنيا , فيغفر لكل نفس إلا إنساناً في قلبه شحناء أو مشركاً بالله عز وجل
) . أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ( رقم 90 ) , وابن أبي عاصم ( رقم 509 )
وغيرهما . وقال البزار ( 2 / 435 ) : وقد روى هذا الحديث أهل العلم
واحتملوه . انتهى .
7
- والحديث السابع رواه أبو موسى بنحو حديث أبي هريرة ومعاذ وعوف , أخرجه
ابن ماجه ( 1 /446) ، واللالكائي ( رقم 763 ) وإسناده ضعيف .
8-
والحديث الثامن روته عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : (إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا
فيغفرلأكثر من عدد شعر غنم كلب ) . وإسناده ضعيف . أخرجه أحمد ( 6/238) ،
والترمذي ( 3 / 107) , وابن ماجه ( 1 / 445 ) , وله طريق آخر إسناده ضعيف
عن عائشة , أخرجه البيهقي في الشعب ( 3835 ) , وفيه التصريح بقيام النبي
صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة وجاء فيه : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( هذه ليلة النصف من شعبان إن الله عز وجل يطلع على عباده ليلة
النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين , ويؤخر أهل الحقد كما
هم ) .
وحاصل
ما تقدم من الروايات المذكورة ثبوت فضل ليلة النصف من شعبان خاصة وأن
إحداها وهي رواية معاذ قد صححها ابن حبان بمفردها . وتقدم قول البزار : (
روى هذا الحديث أهل العلم واحتملوه ) . فالحديث ثابت ثبوت الجبال الرواسي(
حتى إن الألباني قد صححه في السلسلة الصحيحة ) ( 1144 ) وفي التعليق على السنة لابن أبي عاصم ( 509 , 510 , 511 , 512 ) .
أما
من حكم على الحديث بالضعف فهو إنما أنه لا يعرف الحديث فليس له إلا أن
يقلد العارف به , أو هو متسرع . وإما مكابر ولا يجدي الكلام معه .
وإذا علم فضل تلك الليلة المباركة فيستحب فعل أي طاعة فيها تندرج تحت أصل عام من صلاة أو صدقة , ونحو ذلك .
ولو سلم ضعف الحديث وطلب المعترض الدليل الخاص على قيام تلك الليلة فنقول في رد هذا الكلام :
أولا
:- إن عدم الاكتفاء في المسألة بالدليل العام , وطلب الدليل الخاص في كل
مسألة بعينها يلزم منه تعطيل العموم في الشريعة مما يؤدي إلى تضييق دائرة
الشريعة المطهرة , ويلزم منه أيضا النيل من الشريعة فإن طلب الدليل الخاص
في كل مسألة بدعة في الدين .
ثانيا :- أما الاستدلال بمثل قوله تعالى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) (الشورى :21 ).
فهو استدلال في غير محله وفيه تهويل لا معنى له لأمرين :
1
- إن المثبت لفضيلة تلك الليلة المباركة مستدل بدليل شرعي وهو السنة
المباركة , وغايته أنه ضعيف في نظر المعارض , فلا يلزم من ذلك تبديعه أو
تشديد النكير عليه .
2-
إن فضل تلك الليلة ثابت في الأحاديث كما تقدم. فينبغي أن يراجع أمثال
هؤلاء أنفسهم , ويكفوا عن إيراد مثل هذه الآيات الخارجة عن محل النزاع .
أما
محل النزاع فهو سنية قيام ليلتها , ونحن إذا نظرنا فيما رواه مسلم في كتاب
الجنائز , باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها ( رقم 974 ) عن
عائشة أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة إلى البقيع .
وهو الفعل نفسه الذي روي من طريق أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعله ليلة النصف من شعبان، فيحمل قيام النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه
إلى البقيع في رواية مسلم على أنه كان في ليلة النصف , وإذا قيل إن هذا
احتمال ! قلنا : هذا الاحتمال أولى لاتحاد صفة العمل أما حمله على أنها
غير تلك الليلة فحمل لا يسعفه دليل .
فالاحتمال الأول أولى لأنه ينضم إليه الروايات الأخرى ولا ينضم للاحتمال الثاني شيء , لا ضعيف ولا غير ضعيف .
كما ينضم إلى هذا الاحتمال فعل السلف رضي الله عنهم واقتداء الخلف بهم إلى يومنا هذا فإن الإنكار ممنوع البتة وهو بدعة .
وقد سئل ابن تيمية رحمه الله تعالى عن صلاة ليلة النصف من شعبان فأجاب :
(إذا صلى الإنسان ليلة النصف وحده أو في جماعة خاصة كما كان يفعل طوائف من السلف فهو حسن ) ,
وقال في موضع آخر :
( وأما ليلة النصف فقد روي في فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف
أنهم كانوا يصلون فيها فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه
حجة فلا ينكر مثل هذا ) . انتهى . (مجموع فتاوى ابن تيمية) (ج 3 / ص131-132)
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في ( لطائف المعارف ) (ص 263 ) :
(وليلة
النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام يعظمونها ويجتهدون فيها في
العبادة , وكان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما من تابعي الشام
يقومون في المسجد ليلة النصف , ووافقهم الإمام إسحاق ابن راهويه على ذلك ,
وقال في قيامها في المساجد جماعة : ليس ذلك ببدعة . انتهى باختصار وتصرف .
والحاصل
أن فضل هذه الليلة المباركة قد ثبت بالأحاديث الصحيحة واستحب قيامها كثير
من السلف , فالقول ببدعيتها قول منكر , لم يعتمد في مذهب معتبر ولا غير
معتبر . ولا يلزم من كون الحديث – الآمر بقيام ليلها وصيام نهارها – ضعيفا
أن يكون العمل به بدعة بل استحباب القيام والصيام جاء من أدلة أخرى كما
بينا . كما أن الإنكار في الوقت نفسه فيه رد لفعل سيدنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم , فليحذر هؤلاء المنكرون من الوقوع في قوله تعالى : ((
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة , أو يصيبهم عذاب أليم )) (
النور : 63) .
والحمد لله في البدء والختام والصلاة والسلام على خير الأنام وعلى آله وأصحابه مصابيح الظلام .
abouimed-
- عدد المساهمات : 2452
العمر : 60
المكان : القصرين
المهنه : ولد القصرين و يرفض الذل
الهوايه : الحرية ضاهر و باطن
نقاط تحت التجربة : 15154
تاريخ التسجيل : 28/01/2010
رد: ليلة النصف من شعبان
الحمد لله الذي أحيا قلوب المؤمنين بتبصرته
وزجر الغافلين عن ذكره بزاجر موعظته
والصلاة والسلام على البشير النذير النبي الساطع هداه كالصبح المستنير
الذي تمت به من الله على الناس المنة وجعل شفاعته سبيلا لدخول اللجنة
رزقني الله وإياكم شربة هنيئة بيده الشريفة من حوضه المورود لا نظمأ بعدها أبدا...
الهم أهدنا في الدنيا بطاعته وفى الآخرة لا تحرمنا شفاعته يا رب العالمين
يَا رَبْ اسْأَلُ مَنْكَ فَضْلَ زِيَـــارَةٍ *** لمحمد خيرِ الوَرَى المُخْتارِ طَـهَ
مَنْ جَـاءَ بَالآيَاتِ وَالنُّـــورِ الَّــذِي *** دَاوَى القُلُوبِ مِنْ الّعَمَى فَشَفَاهَا
أِوْلَى الأنَامِ بِخُطَــةِ الشَّرَفِ الْتِـي *** تُدْعَى الوَسِيلَة خَيْرُ مَنْ يُعْطِاهََاَ
إِنْسَانُ عَيِنِ الكَوْنِ سِـرُ وُجُــودِهِ *** يَسِ إِكْسِيـرِ المَحَامِـدِ طَــــــــــهَ
صَلُّـوا عَلَيْهِ وَسَلِمُوا فَبِذَلِكُـــــــمْ *** تُهْدَى النِّفُوسِ لِرُشْدِهَا وَغِنَاهَـــا
صَلَّى عَلَيْـهَ اللهُ غَيّـرَ مُقِيَـــــــدٍ *** وَعَلَيْـهِ مِـنْ بَركَاتِـــهِ أنْمَاهَـــــــا
وَعَلَى الأَكَابِرِ آَلِهِ سُرُجَ الهُـــدَى *** أَحْبِِـبْ بِعَــتْرَتِهِ وَمَنْ وَالاهَـــــــا
وَكَذَا السَّلامُ عَلَيْهِ ثُمْ َعَلَيْهِـــــــمُ *** وُعِلَى الصُحابَـةِ التي زَكَّاهَــــــا
أَعْنِى الكِرَامِ أُولِى النُهَى أَصْحَابِهِ *** فِئَــةِ التُقَى وَمَنْ ِاهْتَدَى بِهُدَاهَــا
أحبتي في الله ...
تعالوا بنا نعيش مع بركة ثانية من بركات شهر شعبان ، فمن بركاته أن أنزل
الله فيه آية الصلاة على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فقال في محكم
التنزيل : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً
}الأحزاب56
فالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي تعبير عن العرفان
بالجميل للنبي الجليل الذي أخرجنا الله على يديه من الظلمات إلى النور
وهدانا إلى الصراط المستقيم ،
الذى جَـاءَ بَالآيَاتِ وَالنُّـــورِ الَّــذِي *** دَاوَى القُلُوبِ مِنْ الّعَمَى فَشَفَاهَا .......
كما أنها تكريم لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولها أفضال وبركات
وكرامات على كل من يصلى عليه صلى الله عليه وسلم لذلك فقد أمرنا الله
سبحانه وتعالى أن نصلى ونسلم عليه .
فلبيك اللهم وامتثالا لأمرك ومحبة في حبيبك وتعظيما لقدره نصلى ونسلم عليه
في كل لمحة ونفس عدد ما ذكرك به خلقك فيما مضى وعدد ما هم ذاكروك به فيما
بقى ، صلاة وسلاما لا نهاية لهما دائمين بدوام ملكك يا رب العالمين .
أحبتي في الله ...
إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عظيمة الشأن ولها فضل جسيم وهى من
أفضل الطاعات وأجل القربات ، فحين يقول العبد : ( اللهم صل على سيدنا
محمد) فكأنما يقول اللهم عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء
شريعته ، وفى الآخرة بتشفيعه في أمته وإجزال أجره ومثوبته وإبداء فضله
للأولين والآخرين بالمقام المحمود وتقديمه على كافة المقربين الشهود .
قال بن عباس رضى الله تعالى عنهما : معنى ( إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) أي يباركون على النبي ،
وقيل إن الله يترحم على النبي ، وملائكته يدعون له وقيل الصلاة من الله
للنبي تشريف وزيادة كرامة ولغير النبي رحمة .
قال أحد الصالحين العارفين: ( إن صلاة الله على رسوله الكريم هي تشريف شرف
الله تعالى به سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم ) وهو شرف أتم وأجمع من
تشريف آدم عليه السلام حين أمر الملائكة بالسجود لأنه لا يجوز أن يكون
الله مع الملائكة في ذلك التشريف إلا أن الله قد أخبر عن نفسه بالصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (إِنَّ اللَّهَ) ثم أخبر عن الملائكة
فقال : (وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) فتشريف يصدر عنه
جـل شأنه أبلغ وأجل من تشريف يختص به الملائكة وحدهم من غير أن يكون الله
تعالى معهم في ذلك ) .
وروى عن على ابن أبى طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من حج حجة
الإسلام وغزا بعدها غزوة كتبت له غزوته بأربعمائة غزوة )) فانكسرت قلوب
قوم لا يقدرون على الغزو والجهاد فأوحى الله إليه :
(( ما صلى عليك من أحــد إلا كُتِبَتَ صلاتُه بأربعمائة غزوة كُلَ غزوة بأربعمائة حجــــة ))
ولا يفوتنا فى مقام الحديث عن الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم أن نرد وبإيجاز على بعض المتنطعين الذين يقولون إن كثرة
صلاتكم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنسيكم ذكر الله تعالى ،
نقول لهؤلاء :
إن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاتكون إلا باقتران إسمه
صلى الله عليه وآله وسلم باسم الجلالة ، قال سيدى أبو الجمال محمد الطاهر
بن الحسن الكتانى الحسينى فى مؤلفه مطالع السعادة فى اقتران كلمتى الشهادة
وتحديدا فى الصفحة 221
(( ... اعلم أن ذكره صلى الله عليه وآله وسلم مجردا واللجاج باسمه الشريف
مفردا من أعظم الأذكار قدرا وأنجحها قصدا فأحرى مع اقترانه باسم الله
تعالى ، وذلك لأنه صلى الله عليه وآله وسلم هو باب الله الأعظم فمن ذكره
ذكر الله ، لقوله جل وعلا { مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ
اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }النساء80
، وقوله جل وعلا : { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا
يُبَايِعُونَ اللَّهَ }الفتح10 .
وقال الشيح فى مؤلفه فى ذات الموضوع : (( وقال الشيخ الامام سيدى المهدى
الفاسى فى شرحه على دلائل الخيرات المسمى بمطالع المسرات مانصه : ومعنى
كونه صلى الله عليه وآله وسلم ذكر الله أن من رآه صلى الله عليه وآله وسلم
أو سمع باسمه الشريف وأحواله المنيفة وأخلاقه الحميدة ذكر الله تعالى
وحمده وأثنى عليه بما هو أهله وآمن به وصدقه فكان وجوده سببا فى ذكر الله
فسماه الله تعالى ذكر الله ولأن ذاته توجب ذكر الله وصفاته توجب توحيد
الله وأفعاله تدل على الله وأقواله تأمر بذكر الله فكان صلى الله عليه
وآله وسلم ذكر الله فى كل احواله وافعاله وصفاته ونومه ويقظته ولكثرة ذكره
صلى الله عليه وآله وسلم لمولاه فى دنياه وأخراه وحمده اياه فى جميع
احواله ولرفعة قدره عند الله تعالى وشرف منزلته عنده ولذكر الله سبحانه له
قبل الخلق فانه اول ماجرى فى الذكر ذكره وهو الاول فى المقاديرواول مذكور
فى اللوح ولكثرة ذكره تعالى له لأنه مكتوب على العرش وعلى السماوات وجميع
مواضعها والجنان وجميع مافيها وخلق خلقه على صورة اسمه صلى الله عليه وآله
وسلم وأضاف اسمه الى نفسه وقرن اسمه مع اسمه واشتق اسمه من اسمه ومن ذكره
فقد ذكر الله ومن أطاعه فقد أطاع الله ومن بايعه فإنما بايع الله فكان صلى
الله عليه وآله وسلم ذكرالله تعالى فى كل وجه . ))
احبتى فى الله .....
نحمد الله تعالى على أننا من أتباع المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم )
فإننا بتشريف الله له قد نالنا التشريف بتشريفه فالأمر بالصلاة عليه له
فوائد لا تعد ولا تحصى وتعود تلك الفوائد على كل من يصلى عليه (صلى الله
عليه وآله وسلم ) .
ومن فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أنها سبب في حصول المصلى
على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) على ثلاث عشرات من الخيرات
1) عشر صلوات من الله تعالى على المصلى صلاة واحدة .
2) يحط الله عن المصلى عشر خطيئات .
3) يرفع الله له عشر درجات .
روى الإمام أحمد والنسائي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جاء
صحابته ذات يوم والسرور يـرى في وجهه فقالوا: يا رسول الله إنـا لنرى
السرور في وجهك ! فقال: ( أنه أتأنى المَلَـك فقال : يا محمد ، أمَا
يُرضِيك أن ربُك عز وجل يقول : إنه لا يُصلى عليك أحدٌ من أمتك إلا صليت
عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا )
وروى النسائي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من صلى علـىّ صلاة
واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات )
ومن الفوائد أيضا أن الصلاة على الحبيب تكون سببا لغفران الذنوب وسبب
لكفاية الله تعالى للعبد ما أهمه ، روى الإمام أحمد عن أُبَـىَّ بن كعب
رضى الله عنه قال : قال رجل : يا رسول الله إني رأيت إِنْ جَعَلْتُ صلاتي
كلها عليك ؟ قال : إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك .
وكذلك أحبائي في الله .. فالصلاة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم
) سبب لقرب العبد من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة فقد روى
التمرذى عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : ( أولى الناس بي يوم
القيامة أكثرهم علـى صلاة )
"" فصلاة وسلاما عليك دائمين يا سيدي يا رسول الله ""
كما أن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم ) تقوم مقام الصدقة فقد روى
البخاري وابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أيُمِا رجلٍ
مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه : اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك
وصلى على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنها زكاة )
أحبتي في الله ...
ورد في تفسير قوله تعالى (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) قال القاضي أبو بكر بن بكير:
(( نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر الله جل شأنه أصحابه
رضى الله عنهم أن يسلموا عليه وكذلك مـن هم بعدهم ، أمرهم أن يسلموا عليه
عند حضورهم قبــره وعند ذكره صلى الله عليه وآله وسلم ))
لذلك أحبائي في الله ... علينا أن نحمد الله تعالى على أننا الأمة
التي أعزها الله بنبيه الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) وجعل له قبرٌ معلوم
المكان يزار فَيُلْقِى عليه كل من يزوره السلام فيرد عليه فان الله سبحانه
وتعالى قد جعل الصلاة والتسليم على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) سبب لرد
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على من يصلى ويسلم عليه ، روى الإمام أحمد
وأبو داود عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ما من أحــــــــد يسلم
علىّ إلا رد الله علىّ روحي حتى أرد عليه ))
ومما روى في ذلك ما رواه العتبى رضى الله تعالى عنه قال : (( جاء
أعرابي إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف أمام قبره الشريف وقال
: يا رسول الله لقد سمعت قول الله تعالى وهو يقول : { وَلَوْ أَنَّهُمْ
إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً
}النساء64 وها أنا ذا قد جئتك يا رسول الله مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى
ربى وانشد يقول :
يا خير من دُفِنَتْ في التُرْبِ أعْظُمُهُ***فطاب من طِيِبِهِنَ القاعُ والأكـَمُ
نفسي فِدَاءٌ لِقَبْـرٍ أنْـَت سَاكِنَـهُ***فِيهِ العَفَافُ وفِيهِ الجُودِ والكَرَمُ
ثم انصرف الأعرابي ، قال العتبى رضى الله تعالى عنه : ثم أخذتني سِنَةٌ من
النوم فرأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : يا عُتْبِّى قـُمْ والحق
بالأعرابي وبشره بأن الله تعالى قـد غفـر لـه .
أحبتي في الله ...
إن من لم يحظ بزيارة الحبيـب صلى الله عليه
وسلم فان صلاتـه عليه تصله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نعم تصله ويرد
عليها ، روى أبو داود عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم :
(( لا تجعلوا قبرى عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وصلوا علـى وسلموا حيثما كنتم فسيبلغني سلامكم وصلاتكم ))
وفى الحديث أيضا ما رواه الإمام أحمد والنسائي وابن حبان عنه صلى
الله عليه وسلم أنه قال : (( إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني من
أمتى السلام ))
كما الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سبب طيب المجلس فقد
روى الإمام أحمد عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) أنه قال : (( من جلس
مجلسا لم يذكر الله فيه ولم يصلى على نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) كان
عليه تـرة يوم القيامة )) أي كان عليه حسرة يوم القيامة .
والصلاة على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تنفى صفة البخل عن العبد فقد
روى الترمذى والنسائي عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : ((البخيل من
ذكرت عنده فلم يصلى علـى ))
وروى الإمام أحمد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ألا أخبركم بأبخل
الناس ؟ قالوا: بلى يا رسول الله . قال: من ذكرت عنده فلم يصلى علـى ،
فذلك أبخل الناس ))
اللهم صلاة وسلاما دائمين عليك يا سيدى يا رسول الله .
وعنه صلى الله عليه وسلم انه قال :
( يؤمر بأقوام يوم القيامة إلى الجنة فيخطئون الطريق فقيل يا رسول الله ولم ذلك ؟ فقال : سمعوا باسمي ولم يصلوا علىّ )
أحبتي في الله …
وكما أن للصلاة على رسول الله ( صلى الله
عليه وسلم) فوائد فإن لها كذلك بركات وكرامات لمن يصلى عليه ( صلى الله
عليه وسلم ) فمن كراماتها أنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه
( أي المرور عليه ) فقد روى الطبرانى والقرطبي في التذكرة ما رواه ( صلى
الله عليه وسلم ) مما رآه في رحلة المعراج حيث قال : (( … ورأيت رجلا من
أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته علـى
فأقامتـه علـى قدميـه وأنقذتـه ))
كما أن من بركاتها أيضا أنها رافعة للدعاء ، فعن أبو سليمان الدارانى قال:
( من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي ( صلى الله عليه
وسلم ) ثم يسأل الله حاجته ثم يختم بالصلاة على النبي ( صلى الله عليه
وسلم ) فإن الله يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يرد ما بينهما )
وروى سعيد بن المسيب ( رضى الله عنه ) عن أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب ( رضى الله عنه ) أنه قال : (( الدعاء يـحجب دون السماء حتى يـصلـى
على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فإذا جاءت الصلاة على النبي ( صلى الله
عليه وسلم) رفع الدعاء )) .
ومن بركاتها أيضا أن الملائكة تصلى على من يصلى على رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فقد روى الإمام أحمد والحاكم عن عبد الرحمن بن عوف رضى الله
عنه أنه قال : ( أتيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وهو ساجد فأطال السجود
ـ قال : (( أتاني جبريل قال : من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت
عليه ، فسجدت لله شكرا ))
ومن البركات والكرامات لمن يصلى عليه (صلى الله عليه وسلم) ما جاء في
شرح قوله صلى الله عليه وسلم : ( من صلى علـىّ صــــــــــلاة واحدة صلى
الله عليه عشـر صلوات ) ...
يقول ابن عطاء الله السكندري رضى الله عنه : ( من فاته كثرة الصيام
والقيام عليه أن يشغل نفسه بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) فانك
لو فعلت في عمرك كل طاعة ، ثم صلى الله عليك صلاة واحدة رجحت تلك الصلاة
الواحدة على كل ما عملته في عمرك كله من جميع الطاعات لأنك تصلى على قدر
وسعك والله عز وجل يصلى على حسب ربوبيته)
( هذا إذا كانت صلاة واحدة فكيف إذا صلى عليك الله عز وجل عشرا )
أحبتي في الله ...
مما لا شك فيه أن الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم لها فضائل عظيمة سيما وأن الأمر بها كان مباشرا من المولى
عز وجل حيث قال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56 ومن تلك الفضائل ما روى عن جابر بن عبد
الله في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( جاءوا برجل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا عليه بسرقة جمل فأمر بقطع يده فولى
الرجل وهو يقول اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من صلاتك شئ ،حين ذلك أنطق
الله الجمل فتكلم وقال : يا رسول الله انه برئ من سرقتي ، فقال النبي : من
يأتيني بالرجل ؟ فجاءوا به فقال : يا هذا ما قلت آنفا ؟( أي ماذا قلت حين
تركتنا ) فأخبره الرجل بما قال ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لذلك
نزلت الملائكة يخترقون سكك المدينة حتى كادوا يحولون بيني وبينك ثم قال :
لتردن على الصراط ووجهك أضوأ من القمر ليلة البدر)) .
وروى بعض الصحابة انه بينما النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ دخل
أعرابي فقال : السلام عليكم يا أهل العز الشامخ والكرم الباذخ ، فأجلسه
النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبى بكر الصديق :
فقال أبو بكر : يا رسول الله تجلسه بيني وبينك ولا أعلم على وجه الأرض أحب
إلىّ منك ، فقال : أخبرني جبريل أنه يصلى على صلاة لم يصلها علىّ أحد قط
قبله ، قال : كيف يقول ؟ قال يقول : اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد في
الأولين والآخرين وفى الملأ الأعلى إلى يوم الدين ، فقال أبو بكر الصديق :
أخبرني عن ثواب هذه الصلاة قال : لو كانت البحار مدادا والاشجارأقلاما
والملائكة كتابا لفنى المداد وتكسرت الأقلام ولم تبلغ ثواب هذه الصلاة .
وقال أحد العارفين كنت في مركب فعصفت علينا الريح فأشرفنا على الغرق فرأيت
النبي صلى الله عليه وسلم في منامي فقال : قل لهم : يقولون اللهم صلى على
محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات وتقضى لنا بها جميع الحاجات
وتطهرنا بها من جميع السيئات وترفعنا بها عندك أغلى الدرجات وتبلغنا بها
أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات ، قال : فاستيقظت
فقلناها جميعا فسكن الريح بإذن الله تعالى
وروى عن أحد الصالحين أنه قال : خرجت أيام الربيع فقلت اللهم صلى على محمد
عدد أوراق الأشجار وصلى على محمد عدد الأزهار والثمار وصلى على محمد عدد
قطر البحار وصلى على محمد عدد رمال القفار وصلى على محمد عدد مافى البر
والبحار ، فهتف بي هاتف يقول : أتعبت الحفظة في كتابة ثواب ما قلت إلى آخر
الدهر والأعمار واستوجبت من الكريم الغفار جنات عدن فنعم عقبى الدار .
وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: (( ما من عبد صلى على محمد مرة واحدة إلا بعث الله ملكا يبلغ تلك الصلاة
أسرع من طرفة عين ويقول : إن فلانا أقرأك الصلاة فيقول بلغه عنى عشرا وقل
له لو كانت لك واحدة من هذه العشرة لدخلت الجنة معي كالسبابة والوسطى ، ثم
يصعد الملك حتى ينتهي إلى العرش فيقول : إن فلان ابن فلان صلى على محمد
مرة واحدة فيقول الله تعالى : بلغه عنى عشرا وقل له لو كانت لك واحدة من
هذه العشر لما مستك النار أبدا ثم يقول عظموا صلاة عبدي على نبيي واجعلوها
في عليين ثم يخلق الله من كل صلاة بكل حرف ملكا له ثلاثمائة وستون وجها فى
كل وجه ثلاثمائـة وستون لسانا يسبح الله تعالى ويكتب ثواب ذلك لمن صلى على
محمد ))
أحبتي في الله ...
إن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم )
بأي صيغة كانت ولا شئ أنفع لتنوير القلوب ووصول المريدين إلى الله عز وجل
منها ، فإن المواظب على الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم ) يحصل له
أنوار كثيرة وببركتها يتصل بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) فما أحوجنا إلى
الاتصال بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ونحن في آخر الزمان وقد قل
المرشدون والتبست الأمور على الناس ، فمن أراد هداية الخلق وإرشادهم فعليه
أن يأمر الناس بالاستغفار والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم ) .
وقد حثنا رسول الله على الإكثار من الصلاة عليه ليلة الجمعة فقال : (( إذا
كان يوم الخميس يبعث الله ملائكة معهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون
يوم الخميس وليلة الجمعة أكثر الناس صلاة على ))
كما حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الصلاة علية يوم
الجمعة فقال : (( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه
النفخة وفيه الصعقة ، فأكثروا من الصلاة علىّ فان صلاتكم معروضة علـىّ ،
قالوا يا رسول الله : كيف تعرض عليك وقد أرمت ـ أي بلى جسدك ـ قال صلى
الله عليه وسلم : إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)) .
أحبائي في الله …
إن الصلاة على النبي ( صلى الله عليه وسلم )
سبب لدوام محبة النبي(صلى الله عليه وسلم ) ودوام لصلاته على المصلى عليه
فقد روى الطبرانى عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : (( من صلى
علـى بلغتني صلاته وصليت عليه وكتبـت له سوى ذلك عشر حسنات ))
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة توصلنا إليه
وتجمعنا عليه وتقربنا لحضرته وتمتعنا برؤيته يقظة أو مناما
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة
تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات
وتقضى لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات
وترفعنا بها عنده أعلى الدرجات وتبلغنا بها أخص الغايات
من جميع الخيرات في الحياة والممات
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تغفر بها ذنوبنا
وتستر بها عيوبنا وتقضى بها همومنا
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة العبد الحائر الذي ضج
من ضيق وحرج ولجأ إلى ربه فانفتحت له أبواب الفرج
اللهم صل على سيدنا محمد على قدر حبك فيه
اللهم صل على سيدنا محمد حـق قدره ومقداره
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله صلاة تلهمنا بها الحكمة والصواب
وتجعلنا بها من العاملين بالسنة والكتاب
اللهم يا من جعلت الصلاة على النبيئ من القربات اتقرب اليك بكل صلاة صليت عليه من اول النشاة الى ما لا نهاية للكمالات
عدد كلمات القرآن وحروفه وعدد آياته ووقوفه
اللهم يا من جلت قدرته أحينا على سنته وتوفانا على ملته
واجعلنا من أهل شفاعته واحشرنا في زمرته
إنك على ذلك قدير
وزجر الغافلين عن ذكره بزاجر موعظته
والصلاة والسلام على البشير النذير النبي الساطع هداه كالصبح المستنير
الذي تمت به من الله على الناس المنة وجعل شفاعته سبيلا لدخول اللجنة
رزقني الله وإياكم شربة هنيئة بيده الشريفة من حوضه المورود لا نظمأ بعدها أبدا...
الهم أهدنا في الدنيا بطاعته وفى الآخرة لا تحرمنا شفاعته يا رب العالمين
يَا رَبْ اسْأَلُ مَنْكَ فَضْلَ زِيَـــارَةٍ *** لمحمد خيرِ الوَرَى المُخْتارِ طَـهَ
مَنْ جَـاءَ بَالآيَاتِ وَالنُّـــورِ الَّــذِي *** دَاوَى القُلُوبِ مِنْ الّعَمَى فَشَفَاهَا
أِوْلَى الأنَامِ بِخُطَــةِ الشَّرَفِ الْتِـي *** تُدْعَى الوَسِيلَة خَيْرُ مَنْ يُعْطِاهََاَ
إِنْسَانُ عَيِنِ الكَوْنِ سِـرُ وُجُــودِهِ *** يَسِ إِكْسِيـرِ المَحَامِـدِ طَــــــــــهَ
صَلُّـوا عَلَيْهِ وَسَلِمُوا فَبِذَلِكُـــــــمْ *** تُهْدَى النِّفُوسِ لِرُشْدِهَا وَغِنَاهَـــا
صَلَّى عَلَيْـهَ اللهُ غَيّـرَ مُقِيَـــــــدٍ *** وَعَلَيْـهِ مِـنْ بَركَاتِـــهِ أنْمَاهَـــــــا
وَعَلَى الأَكَابِرِ آَلِهِ سُرُجَ الهُـــدَى *** أَحْبِِـبْ بِعَــتْرَتِهِ وَمَنْ وَالاهَـــــــا
وَكَذَا السَّلامُ عَلَيْهِ ثُمْ َعَلَيْهِـــــــمُ *** وُعِلَى الصُحابَـةِ التي زَكَّاهَــــــا
أَعْنِى الكِرَامِ أُولِى النُهَى أَصْحَابِهِ *** فِئَــةِ التُقَى وَمَنْ ِاهْتَدَى بِهُدَاهَــا
أحبتي في الله ...
تعالوا بنا نعيش مع بركة ثانية من بركات شهر شعبان ، فمن بركاته أن أنزل
الله فيه آية الصلاة على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فقال في محكم
التنزيل : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً
}الأحزاب56
فالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي تعبير عن العرفان
بالجميل للنبي الجليل الذي أخرجنا الله على يديه من الظلمات إلى النور
وهدانا إلى الصراط المستقيم ،
الذى جَـاءَ بَالآيَاتِ وَالنُّـــورِ الَّــذِي *** دَاوَى القُلُوبِ مِنْ الّعَمَى فَشَفَاهَا .......
كما أنها تكريم لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولها أفضال وبركات
وكرامات على كل من يصلى عليه صلى الله عليه وسلم لذلك فقد أمرنا الله
سبحانه وتعالى أن نصلى ونسلم عليه .
فلبيك اللهم وامتثالا لأمرك ومحبة في حبيبك وتعظيما لقدره نصلى ونسلم عليه
في كل لمحة ونفس عدد ما ذكرك به خلقك فيما مضى وعدد ما هم ذاكروك به فيما
بقى ، صلاة وسلاما لا نهاية لهما دائمين بدوام ملكك يا رب العالمين .
أحبتي في الله ...
إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عظيمة الشأن ولها فضل جسيم وهى من
أفضل الطاعات وأجل القربات ، فحين يقول العبد : ( اللهم صل على سيدنا
محمد) فكأنما يقول اللهم عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء
شريعته ، وفى الآخرة بتشفيعه في أمته وإجزال أجره ومثوبته وإبداء فضله
للأولين والآخرين بالمقام المحمود وتقديمه على كافة المقربين الشهود .
قال بن عباس رضى الله تعالى عنهما : معنى ( إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) أي يباركون على النبي ،
وقيل إن الله يترحم على النبي ، وملائكته يدعون له وقيل الصلاة من الله
للنبي تشريف وزيادة كرامة ولغير النبي رحمة .
قال أحد الصالحين العارفين: ( إن صلاة الله على رسوله الكريم هي تشريف شرف
الله تعالى به سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم ) وهو شرف أتم وأجمع من
تشريف آدم عليه السلام حين أمر الملائكة بالسجود لأنه لا يجوز أن يكون
الله مع الملائكة في ذلك التشريف إلا أن الله قد أخبر عن نفسه بالصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (إِنَّ اللَّهَ) ثم أخبر عن الملائكة
فقال : (وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) فتشريف يصدر عنه
جـل شأنه أبلغ وأجل من تشريف يختص به الملائكة وحدهم من غير أن يكون الله
تعالى معهم في ذلك ) .
وروى عن على ابن أبى طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من حج حجة
الإسلام وغزا بعدها غزوة كتبت له غزوته بأربعمائة غزوة )) فانكسرت قلوب
قوم لا يقدرون على الغزو والجهاد فأوحى الله إليه :
(( ما صلى عليك من أحــد إلا كُتِبَتَ صلاتُه بأربعمائة غزوة كُلَ غزوة بأربعمائة حجــــة ))
ولا يفوتنا فى مقام الحديث عن الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم أن نرد وبإيجاز على بعض المتنطعين الذين يقولون إن كثرة
صلاتكم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنسيكم ذكر الله تعالى ،
نقول لهؤلاء :
إن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاتكون إلا باقتران إسمه
صلى الله عليه وآله وسلم باسم الجلالة ، قال سيدى أبو الجمال محمد الطاهر
بن الحسن الكتانى الحسينى فى مؤلفه مطالع السعادة فى اقتران كلمتى الشهادة
وتحديدا فى الصفحة 221
(( ... اعلم أن ذكره صلى الله عليه وآله وسلم مجردا واللجاج باسمه الشريف
مفردا من أعظم الأذكار قدرا وأنجحها قصدا فأحرى مع اقترانه باسم الله
تعالى ، وذلك لأنه صلى الله عليه وآله وسلم هو باب الله الأعظم فمن ذكره
ذكر الله ، لقوله جل وعلا { مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ
اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }النساء80
، وقوله جل وعلا : { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا
يُبَايِعُونَ اللَّهَ }الفتح10 .
وقال الشيح فى مؤلفه فى ذات الموضوع : (( وقال الشيخ الامام سيدى المهدى
الفاسى فى شرحه على دلائل الخيرات المسمى بمطالع المسرات مانصه : ومعنى
كونه صلى الله عليه وآله وسلم ذكر الله أن من رآه صلى الله عليه وآله وسلم
أو سمع باسمه الشريف وأحواله المنيفة وأخلاقه الحميدة ذكر الله تعالى
وحمده وأثنى عليه بما هو أهله وآمن به وصدقه فكان وجوده سببا فى ذكر الله
فسماه الله تعالى ذكر الله ولأن ذاته توجب ذكر الله وصفاته توجب توحيد
الله وأفعاله تدل على الله وأقواله تأمر بذكر الله فكان صلى الله عليه
وآله وسلم ذكر الله فى كل احواله وافعاله وصفاته ونومه ويقظته ولكثرة ذكره
صلى الله عليه وآله وسلم لمولاه فى دنياه وأخراه وحمده اياه فى جميع
احواله ولرفعة قدره عند الله تعالى وشرف منزلته عنده ولذكر الله سبحانه له
قبل الخلق فانه اول ماجرى فى الذكر ذكره وهو الاول فى المقاديرواول مذكور
فى اللوح ولكثرة ذكره تعالى له لأنه مكتوب على العرش وعلى السماوات وجميع
مواضعها والجنان وجميع مافيها وخلق خلقه على صورة اسمه صلى الله عليه وآله
وسلم وأضاف اسمه الى نفسه وقرن اسمه مع اسمه واشتق اسمه من اسمه ومن ذكره
فقد ذكر الله ومن أطاعه فقد أطاع الله ومن بايعه فإنما بايع الله فكان صلى
الله عليه وآله وسلم ذكرالله تعالى فى كل وجه . ))
احبتى فى الله .....
نحمد الله تعالى على أننا من أتباع المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم )
فإننا بتشريف الله له قد نالنا التشريف بتشريفه فالأمر بالصلاة عليه له
فوائد لا تعد ولا تحصى وتعود تلك الفوائد على كل من يصلى عليه (صلى الله
عليه وآله وسلم ) .
ومن فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أنها سبب في حصول المصلى
على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) على ثلاث عشرات من الخيرات
1) عشر صلوات من الله تعالى على المصلى صلاة واحدة .
2) يحط الله عن المصلى عشر خطيئات .
3) يرفع الله له عشر درجات .
روى الإمام أحمد والنسائي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جاء
صحابته ذات يوم والسرور يـرى في وجهه فقالوا: يا رسول الله إنـا لنرى
السرور في وجهك ! فقال: ( أنه أتأنى المَلَـك فقال : يا محمد ، أمَا
يُرضِيك أن ربُك عز وجل يقول : إنه لا يُصلى عليك أحدٌ من أمتك إلا صليت
عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا )
وروى النسائي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من صلى علـىّ صلاة
واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات )
ومن الفوائد أيضا أن الصلاة على الحبيب تكون سببا لغفران الذنوب وسبب
لكفاية الله تعالى للعبد ما أهمه ، روى الإمام أحمد عن أُبَـىَّ بن كعب
رضى الله عنه قال : قال رجل : يا رسول الله إني رأيت إِنْ جَعَلْتُ صلاتي
كلها عليك ؟ قال : إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك .
وكذلك أحبائي في الله .. فالصلاة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم
) سبب لقرب العبد من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة فقد روى
التمرذى عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : ( أولى الناس بي يوم
القيامة أكثرهم علـى صلاة )
"" فصلاة وسلاما عليك دائمين يا سيدي يا رسول الله ""
كما أن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم ) تقوم مقام الصدقة فقد روى
البخاري وابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أيُمِا رجلٍ
مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه : اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك
وصلى على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنها زكاة )
أحبتي في الله ...
ورد في تفسير قوله تعالى (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) قال القاضي أبو بكر بن بكير:
(( نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر الله جل شأنه أصحابه
رضى الله عنهم أن يسلموا عليه وكذلك مـن هم بعدهم ، أمرهم أن يسلموا عليه
عند حضورهم قبــره وعند ذكره صلى الله عليه وآله وسلم ))
لذلك أحبائي في الله ... علينا أن نحمد الله تعالى على أننا الأمة
التي أعزها الله بنبيه الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) وجعل له قبرٌ معلوم
المكان يزار فَيُلْقِى عليه كل من يزوره السلام فيرد عليه فان الله سبحانه
وتعالى قد جعل الصلاة والتسليم على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) سبب لرد
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على من يصلى ويسلم عليه ، روى الإمام أحمد
وأبو داود عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ما من أحــــــــد يسلم
علىّ إلا رد الله علىّ روحي حتى أرد عليه ))
ومما روى في ذلك ما رواه العتبى رضى الله تعالى عنه قال : (( جاء
أعرابي إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف أمام قبره الشريف وقال
: يا رسول الله لقد سمعت قول الله تعالى وهو يقول : { وَلَوْ أَنَّهُمْ
إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً
}النساء64 وها أنا ذا قد جئتك يا رسول الله مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى
ربى وانشد يقول :
يا خير من دُفِنَتْ في التُرْبِ أعْظُمُهُ***فطاب من طِيِبِهِنَ القاعُ والأكـَمُ
نفسي فِدَاءٌ لِقَبْـرٍ أنْـَت سَاكِنَـهُ***فِيهِ العَفَافُ وفِيهِ الجُودِ والكَرَمُ
ثم انصرف الأعرابي ، قال العتبى رضى الله تعالى عنه : ثم أخذتني سِنَةٌ من
النوم فرأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : يا عُتْبِّى قـُمْ والحق
بالأعرابي وبشره بأن الله تعالى قـد غفـر لـه .
أحبتي في الله ...
إن من لم يحظ بزيارة الحبيـب صلى الله عليه
وسلم فان صلاتـه عليه تصله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نعم تصله ويرد
عليها ، روى أبو داود عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم :
(( لا تجعلوا قبرى عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وصلوا علـى وسلموا حيثما كنتم فسيبلغني سلامكم وصلاتكم ))
وفى الحديث أيضا ما رواه الإمام أحمد والنسائي وابن حبان عنه صلى
الله عليه وسلم أنه قال : (( إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني من
أمتى السلام ))
كما الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سبب طيب المجلس فقد
روى الإمام أحمد عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) أنه قال : (( من جلس
مجلسا لم يذكر الله فيه ولم يصلى على نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) كان
عليه تـرة يوم القيامة )) أي كان عليه حسرة يوم القيامة .
والصلاة على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تنفى صفة البخل عن العبد فقد
روى الترمذى والنسائي عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : ((البخيل من
ذكرت عنده فلم يصلى علـى ))
وروى الإمام أحمد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ألا أخبركم بأبخل
الناس ؟ قالوا: بلى يا رسول الله . قال: من ذكرت عنده فلم يصلى علـى ،
فذلك أبخل الناس ))
اللهم صلاة وسلاما دائمين عليك يا سيدى يا رسول الله .
وعنه صلى الله عليه وسلم انه قال :
( يؤمر بأقوام يوم القيامة إلى الجنة فيخطئون الطريق فقيل يا رسول الله ولم ذلك ؟ فقال : سمعوا باسمي ولم يصلوا علىّ )
أحبتي في الله …
وكما أن للصلاة على رسول الله ( صلى الله
عليه وسلم) فوائد فإن لها كذلك بركات وكرامات لمن يصلى عليه ( صلى الله
عليه وسلم ) فمن كراماتها أنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه
( أي المرور عليه ) فقد روى الطبرانى والقرطبي في التذكرة ما رواه ( صلى
الله عليه وسلم ) مما رآه في رحلة المعراج حيث قال : (( … ورأيت رجلا من
أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته علـى
فأقامتـه علـى قدميـه وأنقذتـه ))
كما أن من بركاتها أيضا أنها رافعة للدعاء ، فعن أبو سليمان الدارانى قال:
( من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي ( صلى الله عليه
وسلم ) ثم يسأل الله حاجته ثم يختم بالصلاة على النبي ( صلى الله عليه
وسلم ) فإن الله يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يرد ما بينهما )
وروى سعيد بن المسيب ( رضى الله عنه ) عن أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب ( رضى الله عنه ) أنه قال : (( الدعاء يـحجب دون السماء حتى يـصلـى
على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فإذا جاءت الصلاة على النبي ( صلى الله
عليه وسلم) رفع الدعاء )) .
ومن بركاتها أيضا أن الملائكة تصلى على من يصلى على رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فقد روى الإمام أحمد والحاكم عن عبد الرحمن بن عوف رضى الله
عنه أنه قال : ( أتيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وهو ساجد فأطال السجود
ـ قال : (( أتاني جبريل قال : من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت
عليه ، فسجدت لله شكرا ))
ومن البركات والكرامات لمن يصلى عليه (صلى الله عليه وسلم) ما جاء في
شرح قوله صلى الله عليه وسلم : ( من صلى علـىّ صــــــــــلاة واحدة صلى
الله عليه عشـر صلوات ) ...
يقول ابن عطاء الله السكندري رضى الله عنه : ( من فاته كثرة الصيام
والقيام عليه أن يشغل نفسه بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) فانك
لو فعلت في عمرك كل طاعة ، ثم صلى الله عليك صلاة واحدة رجحت تلك الصلاة
الواحدة على كل ما عملته في عمرك كله من جميع الطاعات لأنك تصلى على قدر
وسعك والله عز وجل يصلى على حسب ربوبيته)
( هذا إذا كانت صلاة واحدة فكيف إذا صلى عليك الله عز وجل عشرا )
أحبتي في الله ...
مما لا شك فيه أن الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم لها فضائل عظيمة سيما وأن الأمر بها كان مباشرا من المولى
عز وجل حيث قال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56 ومن تلك الفضائل ما روى عن جابر بن عبد
الله في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( جاءوا برجل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا عليه بسرقة جمل فأمر بقطع يده فولى
الرجل وهو يقول اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من صلاتك شئ ،حين ذلك أنطق
الله الجمل فتكلم وقال : يا رسول الله انه برئ من سرقتي ، فقال النبي : من
يأتيني بالرجل ؟ فجاءوا به فقال : يا هذا ما قلت آنفا ؟( أي ماذا قلت حين
تركتنا ) فأخبره الرجل بما قال ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لذلك
نزلت الملائكة يخترقون سكك المدينة حتى كادوا يحولون بيني وبينك ثم قال :
لتردن على الصراط ووجهك أضوأ من القمر ليلة البدر)) .
وروى بعض الصحابة انه بينما النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ دخل
أعرابي فقال : السلام عليكم يا أهل العز الشامخ والكرم الباذخ ، فأجلسه
النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبى بكر الصديق :
فقال أبو بكر : يا رسول الله تجلسه بيني وبينك ولا أعلم على وجه الأرض أحب
إلىّ منك ، فقال : أخبرني جبريل أنه يصلى على صلاة لم يصلها علىّ أحد قط
قبله ، قال : كيف يقول ؟ قال يقول : اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد في
الأولين والآخرين وفى الملأ الأعلى إلى يوم الدين ، فقال أبو بكر الصديق :
أخبرني عن ثواب هذه الصلاة قال : لو كانت البحار مدادا والاشجارأقلاما
والملائكة كتابا لفنى المداد وتكسرت الأقلام ولم تبلغ ثواب هذه الصلاة .
وقال أحد العارفين كنت في مركب فعصفت علينا الريح فأشرفنا على الغرق فرأيت
النبي صلى الله عليه وسلم في منامي فقال : قل لهم : يقولون اللهم صلى على
محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات وتقضى لنا بها جميع الحاجات
وتطهرنا بها من جميع السيئات وترفعنا بها عندك أغلى الدرجات وتبلغنا بها
أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات ، قال : فاستيقظت
فقلناها جميعا فسكن الريح بإذن الله تعالى
وروى عن أحد الصالحين أنه قال : خرجت أيام الربيع فقلت اللهم صلى على محمد
عدد أوراق الأشجار وصلى على محمد عدد الأزهار والثمار وصلى على محمد عدد
قطر البحار وصلى على محمد عدد رمال القفار وصلى على محمد عدد مافى البر
والبحار ، فهتف بي هاتف يقول : أتعبت الحفظة في كتابة ثواب ما قلت إلى آخر
الدهر والأعمار واستوجبت من الكريم الغفار جنات عدن فنعم عقبى الدار .
وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: (( ما من عبد صلى على محمد مرة واحدة إلا بعث الله ملكا يبلغ تلك الصلاة
أسرع من طرفة عين ويقول : إن فلانا أقرأك الصلاة فيقول بلغه عنى عشرا وقل
له لو كانت لك واحدة من هذه العشرة لدخلت الجنة معي كالسبابة والوسطى ، ثم
يصعد الملك حتى ينتهي إلى العرش فيقول : إن فلان ابن فلان صلى على محمد
مرة واحدة فيقول الله تعالى : بلغه عنى عشرا وقل له لو كانت لك واحدة من
هذه العشر لما مستك النار أبدا ثم يقول عظموا صلاة عبدي على نبيي واجعلوها
في عليين ثم يخلق الله من كل صلاة بكل حرف ملكا له ثلاثمائة وستون وجها فى
كل وجه ثلاثمائـة وستون لسانا يسبح الله تعالى ويكتب ثواب ذلك لمن صلى على
محمد ))
أحبتي في الله ...
إن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم )
بأي صيغة كانت ولا شئ أنفع لتنوير القلوب ووصول المريدين إلى الله عز وجل
منها ، فإن المواظب على الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم ) يحصل له
أنوار كثيرة وببركتها يتصل بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) فما أحوجنا إلى
الاتصال بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ونحن في آخر الزمان وقد قل
المرشدون والتبست الأمور على الناس ، فمن أراد هداية الخلق وإرشادهم فعليه
أن يأمر الناس بالاستغفار والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم ) .
وقد حثنا رسول الله على الإكثار من الصلاة عليه ليلة الجمعة فقال : (( إذا
كان يوم الخميس يبعث الله ملائكة معهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون
يوم الخميس وليلة الجمعة أكثر الناس صلاة على ))
كما حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الصلاة علية يوم
الجمعة فقال : (( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه
النفخة وفيه الصعقة ، فأكثروا من الصلاة علىّ فان صلاتكم معروضة علـىّ ،
قالوا يا رسول الله : كيف تعرض عليك وقد أرمت ـ أي بلى جسدك ـ قال صلى
الله عليه وسلم : إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)) .
أحبائي في الله …
إن الصلاة على النبي ( صلى الله عليه وسلم )
سبب لدوام محبة النبي(صلى الله عليه وسلم ) ودوام لصلاته على المصلى عليه
فقد روى الطبرانى عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : (( من صلى
علـى بلغتني صلاته وصليت عليه وكتبـت له سوى ذلك عشر حسنات ))
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة توصلنا إليه
وتجمعنا عليه وتقربنا لحضرته وتمتعنا برؤيته يقظة أو مناما
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة
تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات
وتقضى لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات
وترفعنا بها عنده أعلى الدرجات وتبلغنا بها أخص الغايات
من جميع الخيرات في الحياة والممات
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تغفر بها ذنوبنا
وتستر بها عيوبنا وتقضى بها همومنا
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة العبد الحائر الذي ضج
من ضيق وحرج ولجأ إلى ربه فانفتحت له أبواب الفرج
اللهم صل على سيدنا محمد على قدر حبك فيه
اللهم صل على سيدنا محمد حـق قدره ومقداره
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله صلاة تلهمنا بها الحكمة والصواب
وتجعلنا بها من العاملين بالسنة والكتاب
اللهم يا من جعلت الصلاة على النبيئ من القربات اتقرب اليك بكل صلاة صليت عليه من اول النشاة الى ما لا نهاية للكمالات
عدد كلمات القرآن وحروفه وعدد آياته ووقوفه
اللهم يا من جلت قدرته أحينا على سنته وتوفانا على ملته
واجعلنا من أهل شفاعته واحشرنا في زمرته
إنك على ذلك قدير
abouimed-
- عدد المساهمات : 2452
العمر : 60
المكان : القصرين
المهنه : ولد القصرين و يرفض الذل
الهوايه : الحرية ضاهر و باطن
نقاط تحت التجربة : 15154
تاريخ التسجيل : 28/01/2010
رد: ليلة النصف من شعبان
ليلة منتصف شعبان، هي ليلة الخامس عشر من الشهر الهجري شعبان، وهي الليلة التي تسبق يوم 15 شعبان.
توافق هذه السنة الليلة الفاصلة بين الإثنين والثلاثاء 1و2 جوان 2015
ولها أهمية خاصّة في المنظور الإسلامي، إذ ورد في فيها عدة أحاديث من نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يبيّن فضلها وأهميتها، ويحيها عدد من المسلمين بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن.
فيها تحويل القبلة ذكر عدد من المؤرخين ورواة السيرة النبوية أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة كان في الخامس عشر من شعبان، في السنة الثانية للهجرة، ويوافق نوفمبر 623م ، وهناك قول أن ذلك منتصف شهر رجب ، قال الجمهور الأعظم، إنما صرفت في النصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهراً من الهجرة وبه قال ابن حبيب وذكره النووي في (الروضة).
توافق هذه السنة الليلة الفاصلة بين الإثنين والثلاثاء 1و2 جوان 2015
ولها أهمية خاصّة في المنظور الإسلامي، إذ ورد في فيها عدة أحاديث من نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يبيّن فضلها وأهميتها، ويحيها عدد من المسلمين بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن.
فيها تحويل القبلة ذكر عدد من المؤرخين ورواة السيرة النبوية أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة كان في الخامس عشر من شعبان، في السنة الثانية للهجرة، ويوافق نوفمبر 623م ، وهناك قول أن ذلك منتصف شهر رجب ، قال الجمهور الأعظم، إنما صرفت في النصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهراً من الهجرة وبه قال ابن حبيب وذكره النووي في (الروضة).
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل"
إسماعيل- مشرف
- عدد المساهمات : 2980
العمر : 53
نقاط تحت التجربة : 16466
تاريخ التسجيل : 17/04/2008
مواضيع مماثلة
» فضل ليلة النصف من شعبان
» تنبيه*هل ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين؟
» الترغيب في صوم شعبان
» تونس تحتفل بذكرى الاستقلال بعد النصف قرن
» شعبان و الاستعداد لرمضان
» تنبيه*هل ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين؟
» الترغيب في صوم شعبان
» تونس تحتفل بذكرى الاستقلال بعد النصف قرن
» شعبان و الاستعداد لرمضان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى