البدع وأثــرها السـيء في الأمة
صفحة 1 من اصل 1
البدع وأثــرها السـيء في الأمة
البدع وأثــرها السـيء في الأمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
فإن من سنن الله عز وجل التي لا تتبدل
سنة الصراع بين الحق والباطل
والتدافع بينهما حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
قال الله عز وجل
(وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ
وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا
وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
[سورة الحـج: 40]
وقال سبحانه
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا
لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)
[سورة الأنعام: 123]
وقال الله عز وجل
(ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ )
[سورة محمد: 4]
ومن أشد هذه التدافعات والابتلاءات التي تدور في واقعنا المعاصر
من هجوم منظم وحملة حاقدة على عقيدة أهل السنة ورموزها
يقوم به تحالف مشبوه يتوزع فيه الحلفاء الأدوار بينهم
فإن الواجب على كُلِ مُسلمٍ أن يبين الحقائق للناس
حتى يسيروا على بصيرةً وهُدىً , وليس على جهلاٍ ,
فالحقُ أبلج كالشمسِ في رابعة النهار
وقد مدح الله كتابه المجيد بأنه
{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}
[هود: 1]
وامتنَّ على عباده بذلك فقال
{وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى
وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
[الأعراف: 52]
فهذا من رحمة الله تعالى بعباده،
فإن فيه حكماً عظيمة
وفوائد جمة،
منها:
إقامة الحجة بينةً واضحةً لا لبس فيها ولا غموض
فيسفر وجه الحق، ويتعرّى الباطل،
وتنكشف حقيقته، فلا ينخدع ببهرجه أحد
قال تعالى
{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}
[الأنعام: 55]
فهذا بحث مختصر في بيان البدع وما يترتب عليها من آثار سيئة
تضر بالأمة في دينها ودنياها،
راعيت فيه الاختصار والتركيز على الضوابط العامة
التي تمكننا من التعامل مع الواقع بشيء من الموضوعية والمنهجية،
حتى نتمكن من تشمير ساعد الجد للعمل على إحياء سنة النبي
صلى الله عليه وسلم،
وتخليص أمتنا من تبعات فشو البدع والظلمات في جنباتها،
سائلاً المولى عز وجل التوفيق والصواب
رب يسر وأعن
إن العلم بأصول التعامل مع أهل الافتراق عن منهج صحابة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرورةٌ يفرضها وجود هذه الفرق،
ويحتمها ما يترتب على أسماء الدين وأحكامه من حقوق وواجبات شرعية،
يأثم المرء بتعطيلها فضلاً عما يصيبه من ضنك العيش بالتفريط فيها
ولقد سلكت في هذا البحث مسلكاً مبسطاً،
حيث تناولته في قسمين؛
أولهما بيان حد البدعة وضوابطها،
وثانيهما بيان أهم الآثار المترتبة على فشو البدع في المجتمع والأمة
المبحث الأول: البدعة؛ تعريفها وضوابطها
------------------------------------------
إن الحديث عن الأثر السيء للبدع في الأمة
لا بد من أن يستهل بتحرير مصطلح البدعة،
والمقصود في هذا المقام أن نبين ما إذا كان مصطلح البدعة مصطلحاً
شرعياً تتعلق به أحكام وموجبات شرعية أم لا،
إذ أنه من المقرر لدى العلماء أنه لا يجوز تعليق أحكام الشرع
بما لم يجعله الله تعالى ورسوله صلى لله عليه وسلم مناطاً لذلك
هذا بالإضافة إلى أن تفاوت حد مصطلح البدعة عند البعض
قد يوهم بوجود بعض التعارض في أقوال أهل العلم حول مسائل البدع،
في حين أن تحرير هذا المصطلح تحريراً دقيقاً
يرفع هذا الوهم بإذن الله تعالى
وسوف أعرض مصطلح البدعة في هذا المبحث من جهة التعريف
ومن جهة الضوابط الشرعية إن شاء الله
المطلب الأول: تعريف البدعة
-----------------------------------
1--البدعة في اللغة
------
من بدع الشيء يبدعه بدعاً و ابتدعه أنشأه وبدأه،
والبدع الشيء الذي يكون أولا ،
ومنه قوله تعالى
" قل ما كنت بدعاً من الرسل"
لسان العرب – ابن منظور – 8/6
والبدع بالكسر الأمر الذي يكون أولا ،
و بدع أبدع الشيء اخترعه لا على مثال ،
ومنه قوله تعالى
" بديع السماوات والأرض"
القاموس المحيط – الفيروزآبادي - 906
فمدار معنى البدعة في اللغة يدور حول الإحداث والأولية.
2--وأما في الاصطلاح
---------------------------
فلقد وردت تعريفات عدة منها أن البدعة
"هي الفِعلة المخالفة للسنة، سميت البدعة لأن قائلها ابتدعها
من غير مقال إمام وهي الأمر المحدث الذي لم يكن عليه الصحابة
والتابعون ولم يكن مما اقتضاه الدليل الشرعي "
التعريفات – الجرجاني – 1/62
وعرفها الإمام الشاطبي رحمه الله بقوله :
"فالبدعة إذن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية
يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه"
الاعتصام – الشاطبي- 1/24
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،
وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب"
مجموع الفتاوى – ابن تيمية – 4/67
وإن جملة أقوال العلماء في تعريف البدعة يدور في فلك ما تقدم،
ولسوف نبين حد البدعة بتحرير أدق إن شاء الله
عند الكلام على ضوابط البدعة،
حيث تم المقصود في هذا الموضع
وهو تحديد الفرق بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للبدعة
لأن عدم تحرير ذلك سبب التباس الأمر على البعض
حيث ورد كلام عن بعض السلف رحمة الله ورضوانه عليهم
قد يفهم منه ارتضاء بعض البدعة
وليس الأمر كذلك،
تأمل معي قول أبي الفرج البغدادي رحمه الله
"وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع،
فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية؛
فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس
في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد
وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: نعمت البدعة هذه"
جامع العلوم والحكم – البغدادي – 1/266
وتأمل قول الحافظ ابن حجر رحمه الله
"قال الشافعي البدعة بدعتان محمودة ومذمومة
فما وافق السنة فهو محمود وما خالفها فهو مذموم"
فتح الباري – ابن حجر – 13/253
فهذه النقول عن علماء السلف ينصرف استعمال لفظ البدعة فيها
إلى الاستعمال اللغوي كما هو واضح،
أما في استعمال الشرع فإنك لا تكاد تجد نصاً من الكتاب أو السنة
ورد فيه لفظ البدعة إلا وهو في مقام الذم،
وهذا يدل على أن البدعة بالاصطلاح الشرعي مذمومة
ولا يصح حمل كلام العلماء على غير هذا
يتبع
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
فإن من سنن الله عز وجل التي لا تتبدل
سنة الصراع بين الحق والباطل
والتدافع بينهما حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
قال الله عز وجل
(وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ
وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا
وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
[سورة الحـج: 40]
وقال سبحانه
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا
لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)
[سورة الأنعام: 123]
وقال الله عز وجل
(ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ )
[سورة محمد: 4]
ومن أشد هذه التدافعات والابتلاءات التي تدور في واقعنا المعاصر
من هجوم منظم وحملة حاقدة على عقيدة أهل السنة ورموزها
يقوم به تحالف مشبوه يتوزع فيه الحلفاء الأدوار بينهم
فإن الواجب على كُلِ مُسلمٍ أن يبين الحقائق للناس
حتى يسيروا على بصيرةً وهُدىً , وليس على جهلاٍ ,
فالحقُ أبلج كالشمسِ في رابعة النهار
وقد مدح الله كتابه المجيد بأنه
{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}
[هود: 1]
وامتنَّ على عباده بذلك فقال
{وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى
وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
[الأعراف: 52]
فهذا من رحمة الله تعالى بعباده،
فإن فيه حكماً عظيمة
وفوائد جمة،
منها:
إقامة الحجة بينةً واضحةً لا لبس فيها ولا غموض
فيسفر وجه الحق، ويتعرّى الباطل،
وتنكشف حقيقته، فلا ينخدع ببهرجه أحد
قال تعالى
{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}
[الأنعام: 55]
فهذا بحث مختصر في بيان البدع وما يترتب عليها من آثار سيئة
تضر بالأمة في دينها ودنياها،
راعيت فيه الاختصار والتركيز على الضوابط العامة
التي تمكننا من التعامل مع الواقع بشيء من الموضوعية والمنهجية،
حتى نتمكن من تشمير ساعد الجد للعمل على إحياء سنة النبي
صلى الله عليه وسلم،
وتخليص أمتنا من تبعات فشو البدع والظلمات في جنباتها،
سائلاً المولى عز وجل التوفيق والصواب
رب يسر وأعن
إن العلم بأصول التعامل مع أهل الافتراق عن منهج صحابة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرورةٌ يفرضها وجود هذه الفرق،
ويحتمها ما يترتب على أسماء الدين وأحكامه من حقوق وواجبات شرعية،
يأثم المرء بتعطيلها فضلاً عما يصيبه من ضنك العيش بالتفريط فيها
ولقد سلكت في هذا البحث مسلكاً مبسطاً،
حيث تناولته في قسمين؛
أولهما بيان حد البدعة وضوابطها،
وثانيهما بيان أهم الآثار المترتبة على فشو البدع في المجتمع والأمة
المبحث الأول: البدعة؛ تعريفها وضوابطها
------------------------------------------
إن الحديث عن الأثر السيء للبدع في الأمة
لا بد من أن يستهل بتحرير مصطلح البدعة،
والمقصود في هذا المقام أن نبين ما إذا كان مصطلح البدعة مصطلحاً
شرعياً تتعلق به أحكام وموجبات شرعية أم لا،
إذ أنه من المقرر لدى العلماء أنه لا يجوز تعليق أحكام الشرع
بما لم يجعله الله تعالى ورسوله صلى لله عليه وسلم مناطاً لذلك
هذا بالإضافة إلى أن تفاوت حد مصطلح البدعة عند البعض
قد يوهم بوجود بعض التعارض في أقوال أهل العلم حول مسائل البدع،
في حين أن تحرير هذا المصطلح تحريراً دقيقاً
يرفع هذا الوهم بإذن الله تعالى
وسوف أعرض مصطلح البدعة في هذا المبحث من جهة التعريف
ومن جهة الضوابط الشرعية إن شاء الله
المطلب الأول: تعريف البدعة
-----------------------------------
1--البدعة في اللغة
------
من بدع الشيء يبدعه بدعاً و ابتدعه أنشأه وبدأه،
والبدع الشيء الذي يكون أولا ،
ومنه قوله تعالى
" قل ما كنت بدعاً من الرسل"
لسان العرب – ابن منظور – 8/6
والبدع بالكسر الأمر الذي يكون أولا ،
و بدع أبدع الشيء اخترعه لا على مثال ،
ومنه قوله تعالى
" بديع السماوات والأرض"
القاموس المحيط – الفيروزآبادي - 906
فمدار معنى البدعة في اللغة يدور حول الإحداث والأولية.
2--وأما في الاصطلاح
---------------------------
فلقد وردت تعريفات عدة منها أن البدعة
"هي الفِعلة المخالفة للسنة، سميت البدعة لأن قائلها ابتدعها
من غير مقال إمام وهي الأمر المحدث الذي لم يكن عليه الصحابة
والتابعون ولم يكن مما اقتضاه الدليل الشرعي "
التعريفات – الجرجاني – 1/62
وعرفها الإمام الشاطبي رحمه الله بقوله :
"فالبدعة إذن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية
يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه"
الاعتصام – الشاطبي- 1/24
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،
وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب"
مجموع الفتاوى – ابن تيمية – 4/67
وإن جملة أقوال العلماء في تعريف البدعة يدور في فلك ما تقدم،
ولسوف نبين حد البدعة بتحرير أدق إن شاء الله
عند الكلام على ضوابط البدعة،
حيث تم المقصود في هذا الموضع
وهو تحديد الفرق بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للبدعة
لأن عدم تحرير ذلك سبب التباس الأمر على البعض
حيث ورد كلام عن بعض السلف رحمة الله ورضوانه عليهم
قد يفهم منه ارتضاء بعض البدعة
وليس الأمر كذلك،
تأمل معي قول أبي الفرج البغدادي رحمه الله
"وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع،
فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية؛
فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس
في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد
وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: نعمت البدعة هذه"
جامع العلوم والحكم – البغدادي – 1/266
وتأمل قول الحافظ ابن حجر رحمه الله
"قال الشافعي البدعة بدعتان محمودة ومذمومة
فما وافق السنة فهو محمود وما خالفها فهو مذموم"
فتح الباري – ابن حجر – 13/253
فهذه النقول عن علماء السلف ينصرف استعمال لفظ البدعة فيها
إلى الاستعمال اللغوي كما هو واضح،
أما في استعمال الشرع فإنك لا تكاد تجد نصاً من الكتاب أو السنة
ورد فيه لفظ البدعة إلا وهو في مقام الذم،
وهذا يدل على أن البدعة بالاصطلاح الشرعي مذمومة
ولا يصح حمل كلام العلماء على غير هذا
يتبع
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
المطلب الثاني : تاريخ ظهور البدع
------------------------------
يمكن القول أن إرهاصات البدع وبوادر أصول الفرق قد ظهرت في عصر النبوة،
ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري قال
](( بعث عليٌ رضي الله عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر؛
الأقرع بن حابس الحنظلي
وعيينة بن بدر الفزاري
وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بنى كلاب
وزيد الخير الطائي ثم أحد بنى نبهان،
قال فغضبت قريش فقالوا:
أيعطي صناديد نجد ويدعنا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم"
فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين
ناتىء الجبين محلوق الرأس
فقال: اتق الله يا محمد.
قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" فمن يطع الله إن عصيته؟ أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني؟!
قال: ثم أدبر الرجل، فاستأذن رجلٌ من القوم في قتله -
يرون أنه خالد بن الوليد -
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن من ضئضئ هذا قوماً يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم
يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام
كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد"
قال الإمام النووي رحمه الله
أي قتلاً عاماً مستأصلاً كما قال تعالى
"فهل ترى لهم من باقية"
ثم مضى العهد النبوي ،
وظلت كلمة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم مجتمعة على الحق،
إلى أن وقعت الفتنة
كما ذكر محمد بن سيرين رحمه الله تعالى حيث قال
"لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة
قالوا سمُّوا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم
وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"
شرح صحيح مسلم – النووي – 3/132
وذلك حين وقع أول اختلاف في هذه الأمة
وهو بزوغ الخوارج وخلافهم للصحابة رضوان الله عليهم
وتحققت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم
فعن أبي سلمة وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد الخدري
فسألاه عن الحرورية
هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها؟
قال: لا أدري من الحرورية
ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" يخرج في هذه الأمة [ ولم يقل منها] قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم،
فيقرأون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم،
يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية،
فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله إلى رصافه
فيتمارى في الفوقة هل علق بها من الدم شيء"
تأمل كيف قال
" يخرج في هذه الأمة ولم يقل منها "
أي أن سبيل أهل البدع مفارق لسبيل أهل الحق،
ووجود أهل البدع والأهواء بين ظهراني أهل السنة والحق
ليس من قبيل الانتساب إليهم في شيء
وما أجمل قول قتادة رحمه الله
" أهل رحمة الله أهل الجماعة وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم،
وأهل معصيته أهل فرقته وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم"
تفسير القرآن العظيم – ابن كثير - 4/455
فالقضية قضية منهج لا قضية تواجد حسي بين ظهراني المسلمين،
فتأمل كيف ظهرت بدعة الخوارج حيث قالوا بكفر العصاة من الموحدين
واستباحوا بذلك دماء المسلمين
مخالفين بذلك إجماع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم
ثم ظهر بعد ذلك قول المعتزلة في المنزلة بين المنزلتين،
وظهر بعدئذٍ قول المرجئة بأن الفاسق مؤمن كامل الإيمان
وفي مقابل بدعة الخوارج الذي كفّروا علياً رضي الله عنه
ظهرت نزعة التشيع الغالي،
وتعددت أصول البدعة فظهرت بالإضافة إلى هذه
الفرقة العملية البدع العقدية حيث ظهرت أولى هذه البدع
في مقولة القدرية في أول إمارة المروانية
والتي أنكرها كبار الصحابة
كعبد الله بن عمر وابن عباس رضي الله عن الجميع ،
فعن يحيى بن يعمر قال:
كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني،
فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا:
لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه
عما يقول هؤلاء في القدر
فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد،
فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله،
فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي
فقلت
أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن
ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم
وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف.
قال
"فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وأنهم برآء مني،
والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أُحد ذهباً فأنفقه
ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر"
وهنا إشكال حيث ذكر أهل العلم في بعض المواضع أن بدعة الخوارج
هي أول الفتن ظهوراً في الأمة،
في حين ذكر البعض أن مقولة القدرية هي أول بدعة،
والجمع بينهما سهل بإذن الله إذ أن الأولية نسبية
فبدعة الخوارج كانت أول افتراق عملي في الأمة
أما بدعة القدرية فكانت أول بدعة عقدية
وإن كان مرد البدع جميعاً إلى العقيدة، والله أعلم.
ولقد قيض الله تعالى من علماء وجهابذة هذه الأمة
من وقف لهذه البدع بالمرصاد بدءً من ابن عمر
وباقي الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
ومروراً بالتابعين فمن بعدهم من حملة لواء السنة،
وقد صنف العلماء قديما وحديثا في هذه المسائل تصانيف متعددة
وممن صنف في الإيمان من أئمة السلف الإمام أحمد
وأبو عبيد القاسم بن سلام
وأبو بكر بن أبي شيبة
ومحمد بن أسلم الطوسي وغيرهم كثير بعدهم،
فالحمد لله الذي عقد لواء السنة وقيض لرفعه رجالاً أفذاذاً
هم الظاهرين على الحق بإذن الله إلى يوم الدين
يتبع
------------------------------
يمكن القول أن إرهاصات البدع وبوادر أصول الفرق قد ظهرت في عصر النبوة،
ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري قال
](( بعث عليٌ رضي الله عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر؛
الأقرع بن حابس الحنظلي
وعيينة بن بدر الفزاري
وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بنى كلاب
وزيد الخير الطائي ثم أحد بنى نبهان،
قال فغضبت قريش فقالوا:
أيعطي صناديد نجد ويدعنا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم"
فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين
ناتىء الجبين محلوق الرأس
فقال: اتق الله يا محمد.
قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" فمن يطع الله إن عصيته؟ أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني؟!
قال: ثم أدبر الرجل، فاستأذن رجلٌ من القوم في قتله -
يرون أنه خالد بن الوليد -
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن من ضئضئ هذا قوماً يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم
يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام
كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد"
قال الإمام النووي رحمه الله
أي قتلاً عاماً مستأصلاً كما قال تعالى
"فهل ترى لهم من باقية"
ثم مضى العهد النبوي ،
وظلت كلمة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم مجتمعة على الحق،
إلى أن وقعت الفتنة
كما ذكر محمد بن سيرين رحمه الله تعالى حيث قال
"لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة
قالوا سمُّوا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم
وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"
شرح صحيح مسلم – النووي – 3/132
وذلك حين وقع أول اختلاف في هذه الأمة
وهو بزوغ الخوارج وخلافهم للصحابة رضوان الله عليهم
وتحققت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم
فعن أبي سلمة وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد الخدري
فسألاه عن الحرورية
هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها؟
قال: لا أدري من الحرورية
ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" يخرج في هذه الأمة [ ولم يقل منها] قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم،
فيقرأون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم،
يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية،
فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله إلى رصافه
فيتمارى في الفوقة هل علق بها من الدم شيء"
تأمل كيف قال
" يخرج في هذه الأمة ولم يقل منها "
أي أن سبيل أهل البدع مفارق لسبيل أهل الحق،
ووجود أهل البدع والأهواء بين ظهراني أهل السنة والحق
ليس من قبيل الانتساب إليهم في شيء
وما أجمل قول قتادة رحمه الله
" أهل رحمة الله أهل الجماعة وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم،
وأهل معصيته أهل فرقته وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم"
تفسير القرآن العظيم – ابن كثير - 4/455
فالقضية قضية منهج لا قضية تواجد حسي بين ظهراني المسلمين،
فتأمل كيف ظهرت بدعة الخوارج حيث قالوا بكفر العصاة من الموحدين
واستباحوا بذلك دماء المسلمين
مخالفين بذلك إجماع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم
ثم ظهر بعد ذلك قول المعتزلة في المنزلة بين المنزلتين،
وظهر بعدئذٍ قول المرجئة بأن الفاسق مؤمن كامل الإيمان
وفي مقابل بدعة الخوارج الذي كفّروا علياً رضي الله عنه
ظهرت نزعة التشيع الغالي،
وتعددت أصول البدعة فظهرت بالإضافة إلى هذه
الفرقة العملية البدع العقدية حيث ظهرت أولى هذه البدع
في مقولة القدرية في أول إمارة المروانية
والتي أنكرها كبار الصحابة
كعبد الله بن عمر وابن عباس رضي الله عن الجميع ،
فعن يحيى بن يعمر قال:
كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني،
فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا:
لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه
عما يقول هؤلاء في القدر
فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد،
فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله،
فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي
فقلت
أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن
ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم
وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف.
قال
"فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وأنهم برآء مني،
والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أُحد ذهباً فأنفقه
ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر"
وهنا إشكال حيث ذكر أهل العلم في بعض المواضع أن بدعة الخوارج
هي أول الفتن ظهوراً في الأمة،
في حين ذكر البعض أن مقولة القدرية هي أول بدعة،
والجمع بينهما سهل بإذن الله إذ أن الأولية نسبية
فبدعة الخوارج كانت أول افتراق عملي في الأمة
أما بدعة القدرية فكانت أول بدعة عقدية
وإن كان مرد البدع جميعاً إلى العقيدة، والله أعلم.
ولقد قيض الله تعالى من علماء وجهابذة هذه الأمة
من وقف لهذه البدع بالمرصاد بدءً من ابن عمر
وباقي الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
ومروراً بالتابعين فمن بعدهم من حملة لواء السنة،
وقد صنف العلماء قديما وحديثا في هذه المسائل تصانيف متعددة
وممن صنف في الإيمان من أئمة السلف الإمام أحمد
وأبو عبيد القاسم بن سلام
وأبو بكر بن أبي شيبة
ومحمد بن أسلم الطوسي وغيرهم كثير بعدهم،
فالحمد لله الذي عقد لواء السنة وقيض لرفعه رجالاً أفذاذاً
هم الظاهرين على الحق بإذن الله إلى يوم الدين
يتبع
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
المطلب الثالث : ضوابط البدعة
---------------------
إن وقوع بعض التجوز في استعمال لفظ البدعة في كلام المتقدمين
قد يوقع البعض في لبس وحيرة تجاه ما هو مذموم أو محمود
من كل محدث جديد وقع بعد النبي صلى الله عليه وسلم،
ومن ذلك ما استحدث من علوم النحو والحديث والتفسير،
فهذه لم تكن موجودة زمن النبي صلى الله عليه وسلم،
فهل يحكم عليها بالبدعة؟
وفي المقابل فإن البدعة المذمومة تتعلق بها أحكام وموجبات شرعية
توجب بيان حدها بياناً شافياً ييسر التعامل معها بما يؤمن به جانبها،
فلا تستشري ولا تعود على دين الناس بالفساد.
ولقد تكلم الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى
كلاماً نفيساً في تحديد معالم وضوابط البدعة المذمومة
ولكن كلامه جاء متناثراً،
فعسى أن ييسر الله تعالى جمع هذه الضوابط في هذا الموضع.
الضابط الأول: البدعة المذمومة يقصد بها الغلو في التعبد لله تعالى
--------------------
قال شيخ الاسلام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى
"قال بعض السلف:
ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان:
إما إلى تفريط وتقصير
وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر"
إغاثة اللهفان – ابن قيم الجوزية - 114
ومن هذا قوله تعالى
"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
فهذا الإخبار حقيقته أمرٌ بالعبادة،
ويأبى الشيطان إلا أن يكون له في هذا الأمر مهالك ومصارع
ينصب لبني آدم شراكها،
فإما أن يغويه إلى المعاصي فيقع في مهالك التقصير
وإما أن يدفعه إلى الغلو والاختراع والتقول على الله تعالى
فيما يزين كونه عبادة وحقيقته مهلكة العبد،
ذلك أن الله تعالى جعل العبادة موقوفة على أمر الله تعالى
تأمل معي قول الله عز وجل
" ورهبانيةً ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعَوها
حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثيرٌ منهم فاسقون"
فهذا إنكار من الله تعالى على النصارى في اختراع عبادة لم يكتبها
أي لم يفرضها الله تعالى عليهم، والاستثناء في قوله تعالى
(إلا ابتغاء رضوان الله )
استثناء منقطع،
وهو يبين مقصود النصارى من هذه الطريقة المخترعة
وهو بزعمهم طلب رضوان الله تعالى
ولقد أشار إلى هذا الضابط الإمام الشاطبي
في تعريفه المتقدم وذلك في قوله
" يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه"
وبين رحمه الله أن هذا القيد
يحدد البدعة بما يقصد به التعبد لله تعالى على وجه الغلو،
قال رحمه الله
" وهو تمام معنى البدعة إذ هو المقصود بتشريعها"
والنكتة في ذم هذا السلوك أن المبتدع تجاوز بمحض رأيه وهواه
حد الشرع في العبادة، فلم يره كافياً شافياً
وارتضى أن ينصب نفسه وهواه إلهاً
يشرع أصل العبادة أو يطلق وصفها،
ولقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة
ونقول السلف على تحريم ذلك والمنع منه،
وفيما يلي طائفة من هذه الأدلة
1-قوله تعالى
" أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله "
قال ابن جرير رحمه الله تعالى في تأويل الآية
"أم لهؤلاء المشركين بالله شركاء في شركهم وضلالتهم
شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله،
يقول ابتدعوا لهم من الدين ما لم يبح الله لهم ابتداعه"
تفسير الطبري – 25/21
فهذا صريح في إنكار البدعة التي تضاهي الدين.
2-قوله تعالى
" يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق
إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم
وروحٌ منه فآمنوا بالله ورسوله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم
إنما الله إلهٌ واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات
وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً"
روى الإمام ابن أبي حاتم رحمه الله بسنده عن قتادة قال
" لا تغلوا في دينكم ، يقول لا تبتدعوا"
تفسير ابن أبي حاتم – 4/1180
وذكر وجهاً ثانياً بسنده عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول
" في قوله يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم : الغلو فراق الحق"
فهذه الآية تنكر بشكلٍ واضحٍ وصريحٍ على النصارى غلوهم في دينهم
حيث جاوزوا بعيسى عليه السلام من مرتبة النبوة إلى مرتبة الألوهية
وما قصدهم من ذلك – بزعمهم –
إلا عبادة الله عز وجل خابوا وخسروا،
والشاهد هنا تحرير ضابط الغلو في التعبد لله تعالى
وهو واضحٌ من جهة نسبة الغلو إلى الدين في هذه الآية
وإنكار ذلك عليهم وبيان أنه فراق للحق
3-حديث ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة
وهو على ناقته القط لي حصى، فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف،
فجعل ينفضهن في كفه ويقول: أمثال هؤلاء فارموا. ثم قال
" يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين
فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين"
فهذا صريح في النهي عن الغلو في الدين
والمبالغة في التعبد لله تعالى بما لم يشرعه أو يأذن به الله تعالى.
4-حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد"
فهذا صريح في عدم جواز الإحداث في الدين،
وقوله (أمرنا) أي ديننا.
5- عن أبي ذر رضي الله عنه قال
قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس
تدري أين تذهب؟
قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش،
فتستأذن فيؤذن لها،
ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها،
يقال لها ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها،
فذلك قوله تعالى
"والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم"
والشاهد في هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم
(تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها)
فهذا أصل في أن العبادة – وهي هنا السجود –
توقيفية مطلقاً
ولا يجوز إحداثها إلا بأمر من الشارع،
وهذا ما يعبر عنه العلماء بقولهم :
الأصل في العبادة الحظر
ويدخل في هذا كل سلوك يلتزمه العبد تجاه ربه تعبداً وتألهاً له،
فإنه لا بد وأن يكون بأمر من الله تعالى
وإلا فهو رد كما تقدم في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
فهذه الأدلة صريحة في أن طريقة التعبد لله تعالى
تفتقر إلى إذن الله عز وجل
وإنما بلغنا هذا الإذن عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فمن أراد لعبادته القبول
فلا مناص له عن تجريد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم،
كما قال الله تعالى
" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"
قال ابن كثير رحمه الله
" هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله
وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه
في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي
والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله،
كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"
ولهذا قال
" إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله "
تفسير القرآن العظيم – ابن كثير - 1/359
وفائدة هذا الضابط في تحرير مفهوم البدعة التمييز بينها
وبين ما أحدث بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم
مما لا يراد به التعبد بذاته،
قال الإمام الشاطبي
"وقد تبين بهذا القيد أن البدع لا تدخل في العادات"
الاعتصام - 27
ومثال هذا وسائل الركوب والاتصال وكل ما دخل على حياة الناس
من وسائل الراحة التي سخرها الله تعالى لنا،
بل إن هذا القيد يُخرج من البدعة أيضاً أموراً حدثت
بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقصد التعبد لله بذاتها،
وإنما هي من الوسائل التي يوجد في أصول الشرع
ما يدل على مشروعية اتخاذها لتحقيق مقصود الشرع،
وذلك من باب أن
الوسائل لها حكم المقاصد
وأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
فإذا دل الشرع على مقصد مشروع – كتسوية الصف في الصلاة –
فلا مانع من اتخاذ وسيلة مباحة لتحقيق ذلك،
طالما لم يرد التعبد بهذه الوسيلة
وإن لم تكن موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
ومثال ذلك الخطوط التي ترسم في أرض المسجد
فإن هذه لم تكن معروفة عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
ومع ذلك فإنها لا تعتبر بدعة لأننا لا نتعبد لله بها،
وإنما نتعبد لله بتسوية الصف ونتخذ هذه الخطوط وسيلة لضبط ذلك،
وكذلك ركوب السيارة إلى المسجد لا يراد منه التعبد بركوب السيارة،
وإنما يتعبد لله بالسعي إلى المسجد
وتتخذ السيارة وسيلة لتحقيق هذا المقصد المشروع،
ومن ذلك أيضاً علوم النحو والإعراب ونقط المصحف وإعجام الحروف،
فهي وسائل لحفظ القرآن الكريم
ولكننا لا نتعبد لله تعالى بذاتها وإنما نتعبد لله بالمقصد الذي تبلغنا إياه.
إن تحرير هذا الضابط مفيد جداً في التمييز
ما بين البدع المذمومة والمستحدثات غير المذمومة
ويقطع دابر التشويش الذي يحدثه البعض حين يلبسون على الناس،
فيوهمونهم أن دعاة الحق ممن يحاربون البدعة
يريدون أن يعودوا بالناس إلى عصر الدواب والحمير والبغال،
وهذا التشويش إرجافٌ وتضليلٌ بلا ريب،
فدعاة الحق في كل زمان ومكان – نسأل الله أن يجعلنا منهم -
ليس لهم همٌ سوى حمل الناس على متابعة هدي النبوة،
ثم ليستمتعوا بما أباحه وسخره الله تعالى لهم في الكون ما شاؤوا،
وهل كان ضلال أهل الكتاب إلا عندما فرطوا في هذه المتابعة
فأحدثوا في دينهم وحرفوا كتاب ربهم حتى
انتهى بهم الحال إلى عبادة العباد
ومخالفة صراط رب العباد
يتبع
الضابط الثاني: البدعة تكون في أصل السلوك أو في صفته
---------------------
إن وقوع بعض التجوز في استعمال لفظ البدعة في كلام المتقدمين
قد يوقع البعض في لبس وحيرة تجاه ما هو مذموم أو محمود
من كل محدث جديد وقع بعد النبي صلى الله عليه وسلم،
ومن ذلك ما استحدث من علوم النحو والحديث والتفسير،
فهذه لم تكن موجودة زمن النبي صلى الله عليه وسلم،
فهل يحكم عليها بالبدعة؟
وفي المقابل فإن البدعة المذمومة تتعلق بها أحكام وموجبات شرعية
توجب بيان حدها بياناً شافياً ييسر التعامل معها بما يؤمن به جانبها،
فلا تستشري ولا تعود على دين الناس بالفساد.
ولقد تكلم الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى
كلاماً نفيساً في تحديد معالم وضوابط البدعة المذمومة
ولكن كلامه جاء متناثراً،
فعسى أن ييسر الله تعالى جمع هذه الضوابط في هذا الموضع.
الضابط الأول: البدعة المذمومة يقصد بها الغلو في التعبد لله تعالى
--------------------
قال شيخ الاسلام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى
"قال بعض السلف:
ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان:
إما إلى تفريط وتقصير
وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر"
إغاثة اللهفان – ابن قيم الجوزية - 114
ومن هذا قوله تعالى
"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
فهذا الإخبار حقيقته أمرٌ بالعبادة،
ويأبى الشيطان إلا أن يكون له في هذا الأمر مهالك ومصارع
ينصب لبني آدم شراكها،
فإما أن يغويه إلى المعاصي فيقع في مهالك التقصير
وإما أن يدفعه إلى الغلو والاختراع والتقول على الله تعالى
فيما يزين كونه عبادة وحقيقته مهلكة العبد،
ذلك أن الله تعالى جعل العبادة موقوفة على أمر الله تعالى
تأمل معي قول الله عز وجل
" ورهبانيةً ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعَوها
حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثيرٌ منهم فاسقون"
فهذا إنكار من الله تعالى على النصارى في اختراع عبادة لم يكتبها
أي لم يفرضها الله تعالى عليهم، والاستثناء في قوله تعالى
(إلا ابتغاء رضوان الله )
استثناء منقطع،
وهو يبين مقصود النصارى من هذه الطريقة المخترعة
وهو بزعمهم طلب رضوان الله تعالى
ولقد أشار إلى هذا الضابط الإمام الشاطبي
في تعريفه المتقدم وذلك في قوله
" يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه"
وبين رحمه الله أن هذا القيد
يحدد البدعة بما يقصد به التعبد لله تعالى على وجه الغلو،
قال رحمه الله
" وهو تمام معنى البدعة إذ هو المقصود بتشريعها"
والنكتة في ذم هذا السلوك أن المبتدع تجاوز بمحض رأيه وهواه
حد الشرع في العبادة، فلم يره كافياً شافياً
وارتضى أن ينصب نفسه وهواه إلهاً
يشرع أصل العبادة أو يطلق وصفها،
ولقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة
ونقول السلف على تحريم ذلك والمنع منه،
وفيما يلي طائفة من هذه الأدلة
1-قوله تعالى
" أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله "
قال ابن جرير رحمه الله تعالى في تأويل الآية
"أم لهؤلاء المشركين بالله شركاء في شركهم وضلالتهم
شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله،
يقول ابتدعوا لهم من الدين ما لم يبح الله لهم ابتداعه"
تفسير الطبري – 25/21
فهذا صريح في إنكار البدعة التي تضاهي الدين.
2-قوله تعالى
" يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق
إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم
وروحٌ منه فآمنوا بالله ورسوله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم
إنما الله إلهٌ واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات
وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً"
روى الإمام ابن أبي حاتم رحمه الله بسنده عن قتادة قال
" لا تغلوا في دينكم ، يقول لا تبتدعوا"
تفسير ابن أبي حاتم – 4/1180
وذكر وجهاً ثانياً بسنده عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول
" في قوله يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم : الغلو فراق الحق"
فهذه الآية تنكر بشكلٍ واضحٍ وصريحٍ على النصارى غلوهم في دينهم
حيث جاوزوا بعيسى عليه السلام من مرتبة النبوة إلى مرتبة الألوهية
وما قصدهم من ذلك – بزعمهم –
إلا عبادة الله عز وجل خابوا وخسروا،
والشاهد هنا تحرير ضابط الغلو في التعبد لله تعالى
وهو واضحٌ من جهة نسبة الغلو إلى الدين في هذه الآية
وإنكار ذلك عليهم وبيان أنه فراق للحق
3-حديث ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة
وهو على ناقته القط لي حصى، فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف،
فجعل ينفضهن في كفه ويقول: أمثال هؤلاء فارموا. ثم قال
" يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين
فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين"
فهذا صريح في النهي عن الغلو في الدين
والمبالغة في التعبد لله تعالى بما لم يشرعه أو يأذن به الله تعالى.
4-حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد"
فهذا صريح في عدم جواز الإحداث في الدين،
وقوله (أمرنا) أي ديننا.
5- عن أبي ذر رضي الله عنه قال
قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس
تدري أين تذهب؟
قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش،
فتستأذن فيؤذن لها،
ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها،
يقال لها ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها،
فذلك قوله تعالى
"والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم"
والشاهد في هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم
(تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها)
فهذا أصل في أن العبادة – وهي هنا السجود –
توقيفية مطلقاً
ولا يجوز إحداثها إلا بأمر من الشارع،
وهذا ما يعبر عنه العلماء بقولهم :
الأصل في العبادة الحظر
ويدخل في هذا كل سلوك يلتزمه العبد تجاه ربه تعبداً وتألهاً له،
فإنه لا بد وأن يكون بأمر من الله تعالى
وإلا فهو رد كما تقدم في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
فهذه الأدلة صريحة في أن طريقة التعبد لله تعالى
تفتقر إلى إذن الله عز وجل
وإنما بلغنا هذا الإذن عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فمن أراد لعبادته القبول
فلا مناص له عن تجريد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم،
كما قال الله تعالى
" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"
قال ابن كثير رحمه الله
" هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله
وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه
في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي
والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله،
كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"
ولهذا قال
" إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله "
تفسير القرآن العظيم – ابن كثير - 1/359
وفائدة هذا الضابط في تحرير مفهوم البدعة التمييز بينها
وبين ما أحدث بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم
مما لا يراد به التعبد بذاته،
قال الإمام الشاطبي
"وقد تبين بهذا القيد أن البدع لا تدخل في العادات"
الاعتصام - 27
ومثال هذا وسائل الركوب والاتصال وكل ما دخل على حياة الناس
من وسائل الراحة التي سخرها الله تعالى لنا،
بل إن هذا القيد يُخرج من البدعة أيضاً أموراً حدثت
بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقصد التعبد لله بذاتها،
وإنما هي من الوسائل التي يوجد في أصول الشرع
ما يدل على مشروعية اتخاذها لتحقيق مقصود الشرع،
وذلك من باب أن
الوسائل لها حكم المقاصد
وأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
فإذا دل الشرع على مقصد مشروع – كتسوية الصف في الصلاة –
فلا مانع من اتخاذ وسيلة مباحة لتحقيق ذلك،
طالما لم يرد التعبد بهذه الوسيلة
وإن لم تكن موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
ومثال ذلك الخطوط التي ترسم في أرض المسجد
فإن هذه لم تكن معروفة عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
ومع ذلك فإنها لا تعتبر بدعة لأننا لا نتعبد لله بها،
وإنما نتعبد لله بتسوية الصف ونتخذ هذه الخطوط وسيلة لضبط ذلك،
وكذلك ركوب السيارة إلى المسجد لا يراد منه التعبد بركوب السيارة،
وإنما يتعبد لله بالسعي إلى المسجد
وتتخذ السيارة وسيلة لتحقيق هذا المقصد المشروع،
ومن ذلك أيضاً علوم النحو والإعراب ونقط المصحف وإعجام الحروف،
فهي وسائل لحفظ القرآن الكريم
ولكننا لا نتعبد لله تعالى بذاتها وإنما نتعبد لله بالمقصد الذي تبلغنا إياه.
إن تحرير هذا الضابط مفيد جداً في التمييز
ما بين البدع المذمومة والمستحدثات غير المذمومة
ويقطع دابر التشويش الذي يحدثه البعض حين يلبسون على الناس،
فيوهمونهم أن دعاة الحق ممن يحاربون البدعة
يريدون أن يعودوا بالناس إلى عصر الدواب والحمير والبغال،
وهذا التشويش إرجافٌ وتضليلٌ بلا ريب،
فدعاة الحق في كل زمان ومكان – نسأل الله أن يجعلنا منهم -
ليس لهم همٌ سوى حمل الناس على متابعة هدي النبوة،
ثم ليستمتعوا بما أباحه وسخره الله تعالى لهم في الكون ما شاؤوا،
وهل كان ضلال أهل الكتاب إلا عندما فرطوا في هذه المتابعة
فأحدثوا في دينهم وحرفوا كتاب ربهم حتى
انتهى بهم الحال إلى عبادة العباد
ومخالفة صراط رب العباد
يتبع
الضابط الثاني: البدعة تكون في أصل السلوك أو في صفته
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
الضابط الثاني: البدعة تكون في أصل السلوك أو في صفته
وهذا القيد يبين لنا ماهية البدعة سواء أكانت قولاً أم فعلاً،
1-- فالبدعة قد تكون في إحداث أمرٍ لا أصل له في الدين مطلقاً،
كثالوث النصارى الذي لا أصل له في الدين البتة،
2-- أو في إحداث صفةٍ على أمر له أصلٌ في الدين،
كطواف مشركي العرب بالبيت عراة لقولهم :
لا نطوف بثياب عصينا الله فيها ،
فالطواف بالبيت له أصلٌ في ملة إبراهيم عليه السلام،
ولكن المشركين أحدثوا صفاتٍ في بقايا الحنيفية دين
إبراهيم عليه السلام بمحض عقولهم وأهوائهم،
الاعتصام - 26
وهذا الضابط مفيد جداً في تحرير الأعمال الموافقة للشرع،
ذلك أن قبول العبادة منوط بأمرين هما
1- تجريد القصد لله تعالى
2-- وتجريد المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم،
فمتى اختل واحد من هذين الشرطين اختل العمل ورُد
نسأل الله تعالى العافية من ذلك،
ولئن كان حد البدعة واضحاً في الأمر المستحدث
الذي لا أصل له في الدين،
فإنه قد يلتبس على البعض بالنسبة لاستحداث صفة
في العبادة التي لها أصلٌ في الدين
ولقد نبه الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى
على جملة من هذه الصفات التي تضاد الشرع
في معرض تعليقه على قيد مضاهاة الشريعة الوارد في
تعريف البدعة فذكر أموراً تضاد بها البدعة الطريقة الشرعية منها:
1-وضع الحدود للعبادة:
ومثال ذلك أن ينذر المكلف أن يصوم قائمأً،
أو أن يقتصر على صنف من المأكل والمشرب
أو أن يلتزم صنفاً من الملبس ونحوه.
2-التزام كيفيات وهيئات معينة:
ومثال ذلك الذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد،
والرقص والهز مع الذكر، ونحوه.
3-التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يدل دليل الشرع
على تفضيل أو تخصيص ذلك الوقت المعين
ومثال ذلك تخصيص يوم النصف من شعبان بالصيام وليلته بالقيام.
فهذه صفات أدخلت على عبادات دل دليل الشرع
على شرعيتها أعني العبادات،
ولكن لم يدل على شرعية هذه الصفة المستحدثة
الاعتصام – 25-26 بتصرف
وهذا ضابطٌ عظيم في تمييز كثير من البدع،
وإن كثيراً من اللبس على العوام يحدث بسبب غياب هذا الضابط،
فعلى سبيل المثال تجد كثيراً من المسلمين يستشكلون الإنكار
على اتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً،
لأنهم يفعلون ذلك بدافع محبته صلى الله عليه وسلم،
ولا شك أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم من الدين بل هي من الإيمان،
ولكن كيفية التعبد لله تعالى بهذا الحب
لا بد من أن تكون وفق طريقة الشرع،
فالإنكار لا ينصب على التعبير عن حب النبي صلى الله عليه وسلم
وإنما ينصب على طريقة التعبير هذه التي تمثل كيفية في هذه العبادة
لم يأذن بها الشرع ولم يدل عليها.
أما أدلة الشرع على عدم مشروعية العمل المتلبس بهذا الضابط
فأذكر منها ما يلي:
1-قال الله تعالى
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً"
فهذا الدين كاملٌ في تشريعه وأحكامه وفروضه وسننه
ومن أتى بشيءٍ مُحدَثٍ ينسبه إلى الدين
فقد نسب النقص إلى هذا الدين،
وطعن في شهادة الله عز وحل على كمال الدين والعياذ بالله،
بل ونسب الخيانة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
كما قال ابن الماجشون:
سمعت مالكاً يقول:
( من ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنة
فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة،
لأن الله يقول
"اليوم أكملت لكم دينكم"
فما لم يكن يومئذِ ديناً فلا يكون اليوم ديناً)
الاعتصام - 33
2-قال الله تعالى
" وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل
فتفرَّق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"
قال الإمام الشاطبي رحمه الله
" فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه وهو السنة،
والسُبُل هي سبل أهل الاختلاف الحائدين
عن الصراط المستقيم وهم أهل البدع، "
وتأمل كيف جاء وصف الصراط المستقيم مفرداً
في حين جاءت السبل المضاهية لطريق الشريعة بالجمع،
وذلك بسبب تعدد الأهواء في مقابل طريق الحق.
ولقد أجاد الإمام الشاطبي رحمه الله
حيث نبه إلى أن هذه السبل الواردة في الآية لا يقصد بها المعاصي
لأنها – أي المعاصي – لم توضع لمضاهاة التشريع،
أي ليس أحد من الناس يقترف المعصية
وهو يرى أنها معصية ويزعم أنه يتقرب إلى الله تعالى بذلك،
أما السبل والطرق والكيفيات المستحدثة
فإنهم يقصدون بها التعبد لله تعالى،
وهذه قد تشمل في بعض الأحيان أفعالاً
هي بحد ذاتها من المعاصي
ولكن الذين يمارسونها على سبيل التعبد
لا يرون أنها معصية في هذا السياق.
3-عن ابن عباس رضى الله عنه قال:
( بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجلٍ قائم،
فسأل عنه، فقالوا أبو إسرائيل؛
نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم
" مُره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه"
صحيح البخاري – كتاب الأيمان – باب النذر فيما لا يملك وفي معصية
والشاهد هنا أن هذا الرجل قد أدخل على عبادة الصوم المشروعة
صفةً غير مشروعة بقصد التعبد لله تعالى –
بدليل أنه نذر ذلك والنذر لا يكون إلا للعبادة –
فألغى النبي صلى الله عليه وسلم الصفة غير المشروعة
التي أدخلها الرجل على العبادة،
وهي أن يصوم واقفاً في الشمس من غير كلام،
وهذا صريح في أن إدخال صفة على العبادة التي دل الشرع على أصلها
يعتبر بدعة مذمومةً
وأنه يعود على العبادة بالبطلان ما لم يقلع عن هذه الصفة،
وهذا ينطبق على كل العبادات المشروعة في أصلها كالتهجد مثلاً
فإنه نفلٌ مطلق فلا يصح تقييده بزمانٍ أو مكانٍ يعتقد فضله
بدون دليل شرعي، لأن هذا التقييد صفة زائدة على العبادة،
وقد رد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم،
فلو اعتقد أن التهجد ليلة كل أربعاء له فضلٌ زائدٌ
فهذه صفة بدعية لم يرد بها الشرع، وهكذا.
.هذه بعض الأدلة التي تبين حقيقة هذا الضابط وأصله في الشرع،
وهو ضابط مفيد جداً في تمييز كثير من البدع التي تشكل على الناس
لأن لها أصل في الشرع ولكن بغير الصفة المقحمة فيها،
ولعل التمسك بصفة العبادة الشرعية دون غلو وابتداع
هو مقصود عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله
"اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة"
المعجم الكبير – الطبراني
ويفسره أيضاً قول حذيفة رضي الله عنه وكان مر بحلقة في المسجد
" اتقوا الله معشر القراء وخذوا طريق من كان قبلكم،
فوالله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقاً بعيداً،
ولئن تركتموه شمالاً ويميناً ضللتم ضلالاً بعيداً أو قال مبيناً"
السنة – المروزي
وواضح من سياق الحال أن التنبيه والإنكار منصبٌ على صفة العبادة
وإلا فإن أصل قراءة القرآن وتدارسه قد دل عليه دليل الشرع،
فتأمل
يتبع
وهذا القيد يبين لنا ماهية البدعة سواء أكانت قولاً أم فعلاً،
1-- فالبدعة قد تكون في إحداث أمرٍ لا أصل له في الدين مطلقاً،
كثالوث النصارى الذي لا أصل له في الدين البتة،
2-- أو في إحداث صفةٍ على أمر له أصلٌ في الدين،
كطواف مشركي العرب بالبيت عراة لقولهم :
لا نطوف بثياب عصينا الله فيها ،
فالطواف بالبيت له أصلٌ في ملة إبراهيم عليه السلام،
ولكن المشركين أحدثوا صفاتٍ في بقايا الحنيفية دين
إبراهيم عليه السلام بمحض عقولهم وأهوائهم،
الاعتصام - 26
وهذا الضابط مفيد جداً في تحرير الأعمال الموافقة للشرع،
ذلك أن قبول العبادة منوط بأمرين هما
1- تجريد القصد لله تعالى
2-- وتجريد المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم،
فمتى اختل واحد من هذين الشرطين اختل العمل ورُد
نسأل الله تعالى العافية من ذلك،
ولئن كان حد البدعة واضحاً في الأمر المستحدث
الذي لا أصل له في الدين،
فإنه قد يلتبس على البعض بالنسبة لاستحداث صفة
في العبادة التي لها أصلٌ في الدين
ولقد نبه الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى
على جملة من هذه الصفات التي تضاد الشرع
في معرض تعليقه على قيد مضاهاة الشريعة الوارد في
تعريف البدعة فذكر أموراً تضاد بها البدعة الطريقة الشرعية منها:
1-وضع الحدود للعبادة:
ومثال ذلك أن ينذر المكلف أن يصوم قائمأً،
أو أن يقتصر على صنف من المأكل والمشرب
أو أن يلتزم صنفاً من الملبس ونحوه.
2-التزام كيفيات وهيئات معينة:
ومثال ذلك الذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد،
والرقص والهز مع الذكر، ونحوه.
3-التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يدل دليل الشرع
على تفضيل أو تخصيص ذلك الوقت المعين
ومثال ذلك تخصيص يوم النصف من شعبان بالصيام وليلته بالقيام.
فهذه صفات أدخلت على عبادات دل دليل الشرع
على شرعيتها أعني العبادات،
ولكن لم يدل على شرعية هذه الصفة المستحدثة
الاعتصام – 25-26 بتصرف
وهذا ضابطٌ عظيم في تمييز كثير من البدع،
وإن كثيراً من اللبس على العوام يحدث بسبب غياب هذا الضابط،
فعلى سبيل المثال تجد كثيراً من المسلمين يستشكلون الإنكار
على اتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً،
لأنهم يفعلون ذلك بدافع محبته صلى الله عليه وسلم،
ولا شك أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم من الدين بل هي من الإيمان،
ولكن كيفية التعبد لله تعالى بهذا الحب
لا بد من أن تكون وفق طريقة الشرع،
فالإنكار لا ينصب على التعبير عن حب النبي صلى الله عليه وسلم
وإنما ينصب على طريقة التعبير هذه التي تمثل كيفية في هذه العبادة
لم يأذن بها الشرع ولم يدل عليها.
أما أدلة الشرع على عدم مشروعية العمل المتلبس بهذا الضابط
فأذكر منها ما يلي:
1-قال الله تعالى
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً"
فهذا الدين كاملٌ في تشريعه وأحكامه وفروضه وسننه
ومن أتى بشيءٍ مُحدَثٍ ينسبه إلى الدين
فقد نسب النقص إلى هذا الدين،
وطعن في شهادة الله عز وحل على كمال الدين والعياذ بالله،
بل ونسب الخيانة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
كما قال ابن الماجشون:
سمعت مالكاً يقول:
( من ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنة
فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة،
لأن الله يقول
"اليوم أكملت لكم دينكم"
فما لم يكن يومئذِ ديناً فلا يكون اليوم ديناً)
الاعتصام - 33
2-قال الله تعالى
" وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل
فتفرَّق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"
قال الإمام الشاطبي رحمه الله
" فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه وهو السنة،
والسُبُل هي سبل أهل الاختلاف الحائدين
عن الصراط المستقيم وهم أهل البدع، "
وتأمل كيف جاء وصف الصراط المستقيم مفرداً
في حين جاءت السبل المضاهية لطريق الشريعة بالجمع،
وذلك بسبب تعدد الأهواء في مقابل طريق الحق.
ولقد أجاد الإمام الشاطبي رحمه الله
حيث نبه إلى أن هذه السبل الواردة في الآية لا يقصد بها المعاصي
لأنها – أي المعاصي – لم توضع لمضاهاة التشريع،
أي ليس أحد من الناس يقترف المعصية
وهو يرى أنها معصية ويزعم أنه يتقرب إلى الله تعالى بذلك،
أما السبل والطرق والكيفيات المستحدثة
فإنهم يقصدون بها التعبد لله تعالى،
وهذه قد تشمل في بعض الأحيان أفعالاً
هي بحد ذاتها من المعاصي
ولكن الذين يمارسونها على سبيل التعبد
لا يرون أنها معصية في هذا السياق.
3-عن ابن عباس رضى الله عنه قال:
( بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجلٍ قائم،
فسأل عنه، فقالوا أبو إسرائيل؛
نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم
" مُره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه"
صحيح البخاري – كتاب الأيمان – باب النذر فيما لا يملك وفي معصية
والشاهد هنا أن هذا الرجل قد أدخل على عبادة الصوم المشروعة
صفةً غير مشروعة بقصد التعبد لله تعالى –
بدليل أنه نذر ذلك والنذر لا يكون إلا للعبادة –
فألغى النبي صلى الله عليه وسلم الصفة غير المشروعة
التي أدخلها الرجل على العبادة،
وهي أن يصوم واقفاً في الشمس من غير كلام،
وهذا صريح في أن إدخال صفة على العبادة التي دل الشرع على أصلها
يعتبر بدعة مذمومةً
وأنه يعود على العبادة بالبطلان ما لم يقلع عن هذه الصفة،
وهذا ينطبق على كل العبادات المشروعة في أصلها كالتهجد مثلاً
فإنه نفلٌ مطلق فلا يصح تقييده بزمانٍ أو مكانٍ يعتقد فضله
بدون دليل شرعي، لأن هذا التقييد صفة زائدة على العبادة،
وقد رد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم،
فلو اعتقد أن التهجد ليلة كل أربعاء له فضلٌ زائدٌ
فهذه صفة بدعية لم يرد بها الشرع، وهكذا.
.هذه بعض الأدلة التي تبين حقيقة هذا الضابط وأصله في الشرع،
وهو ضابط مفيد جداً في تمييز كثير من البدع التي تشكل على الناس
لأن لها أصل في الشرع ولكن بغير الصفة المقحمة فيها،
ولعل التمسك بصفة العبادة الشرعية دون غلو وابتداع
هو مقصود عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله
"اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة"
المعجم الكبير – الطبراني
ويفسره أيضاً قول حذيفة رضي الله عنه وكان مر بحلقة في المسجد
" اتقوا الله معشر القراء وخذوا طريق من كان قبلكم،
فوالله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقاً بعيداً،
ولئن تركتموه شمالاً ويميناً ضللتم ضلالاً بعيداً أو قال مبيناً"
السنة – المروزي
وواضح من سياق الحال أن التنبيه والإنكار منصبٌ على صفة العبادة
وإلا فإن أصل قراءة القرآن وتدارسه قد دل عليه دليل الشرع،
فتأمل
يتبع
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
ضوابط البدعة.. الضابط الثالث : البدعة تكون فعلية أو تركية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
ضوابط البدعة.. الضابط الثالث : البدعة تكون فعلية أو تركية
وهذا الضابط الثالث
يراد منه بيان أن البدعة لا تقتصر على اقتراف ما ليس بمشروع،
بل قد تكون البدعة بترك ما هو مشروع،
إذا كان مقصود هذا الترك التعبد لله تعالى بذلك،
ولقد نبه الإمام الشاطبي رحمه الله
على هذا حيث أشار في تعليقه على تعريف البدعة إلى أنه
يدخل في عموم لفظها البدعة التركية إضافة إلى البدعة غير التركية،
قال رحمه الله:
" فقد يقع الابتداع بنفس الترك تحريماً للمتروك أو غير تحريم"
الاعتصام - 28
ولكن مسألة الترك هذه بحاجة إلى تحرير،
فليس كل ترك يعتبر بدعة،
وإنما ينظر في هذا الذي تركه المكلف
هل تركه لسبب معتبر شرعاً أو لا؟
فإن كان سبب الترك معتبر شرعاً –
كأن يترك طعاماً يضره في صحته-
فهذا لا حرج فيه من جهة حفظ النفس،
وهو مقصد معتبر شرعاً،
أو تركه خشية الوقوع في المحذور
كترك المتشابه استبراءً لدينه وعرضه
فهذا لا حرج فيه من جهة حفظ الدين،
وهو بلا شك مقصدٌ معتبر شرعاً،
أما إن كان الترك بغير سبب معتبر،
فلا يخلو من أن يكون مجرد عبث
لا يقصد به التعبد أو يقصد به التعبد؛
أما الأول فلا يعتبر بدعة لانخرام الضابط الأول
ولكن يحترز من اعتقاد تحريم ما أحل الله،
وأما الثاني فهو المقصود من وصف البدعة هنا
وهو التعبد لله تعالى بترك ما أباحه الله تعالى،
كأن يتعبد لله تعالى بترك لبس القطن أو بترك أكل الفاكهة،
وإليك الدليل على ذلك
1-قوله تعالى
" يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم
ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"
وفي الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود قال
(كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا شيء،
فقلنا ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك،
ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب، ثم قرأ علينا
"يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم
ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين")
فهذا نصٌ صريحٌ
في المنع من ترك المباحات مبالغةً في التعبد لله تعالى،
قال إمام المفسرين ابن جرير في تأويل هذه الآية:
" لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم"
يعني بالطيبات اللذيذات التي تشتهيها النفوس وتميل إليها القلوب،
فتمنعوها إياها كالذي فعله القسيسون والرهبان،
فحرموا على أنفسهم النساء والمطاعم الطيبة
والمشارب اللذيذة وحبس في الصوامع بعضهم أنفسهم
وساح في الأرض بعضهم
يقول تعالى ذكره فلا تفعلوا أيها المؤمنون كما فعل أولئك
ولا تعتدوا حد الله الذي حد لكم فيما أحل لكم وفيما حرم عليكم"
تفسير الطبري – 7/8
2-قال الله تعالى منكراً على المشركين
"وقالوا هذه أنعام وحرثٌ حِجرٌ لا يطعمها إلا من نشاء
بزعمهم وأنعامٌ حُرِّمت ظهورها وأنعامٌ لا يذكرون اسم
الله عليها افتراءً عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون"
قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى
( افتراءً عليه)
" أي على الله وكذباً منهم في إسنادهم ذلك إلى دين الله
وشرعه فإنه لم يأذن لهم في ذلك ولا رضيه منهم"
تفسير ابن كثير – 2/181
والآيات في القرآن التي تنكر على المشركين والكفار
مثل هذه التحريمات كثيرة وكلها جاءت بلغة الإنكار،
فلا حرام إلا ما حرم الله ولا حلال إلا ما أحل الله،
ومن تعبد لله تعالى بشيء من التركيات ينسبه للدين
بغير دليل أو إذن من الشرع فقد أعظم الفرية على الله،
وبدهي أن تعبده هذا باطل وأن بدعته هذه مردودة.
3-حديث أنس بن مالك رضي الله عنه يقول
( جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم،
فلما أُخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا :
وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم،
قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟
قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبداً،
وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر،
وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً،
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" أنتم الذين قلتم كذا وكذا،
أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له،
لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء،
فمن رغب عن سنتي فليس مني"
فالنبي صلى الله عليه وسلم علل تعنت هؤلاء في العبادة
بتوهم كونه دليلاً على التقوى والخشية لله تعالى،
فبين لهم وللأمة صلوات الله وسلامه عليه
أن هذا التلازم موهومٌ وباطل،
وأن حقيقة الخشية والتقوى هي الوقوف عند أمر الله عز وجل
بدليل أنه صلى الله عليه وسلم هو أتقى هذه الأمة وأخشاها لله،
ومع ذلك لم يترك شيئاً مما أباحه الله تعالى معتقداً القربة في ذلك،
ولهذا فإن العلامة الحقيقية لتقوى الله تعالى وخشيته
هي تجريد متابعة النبي صلى الله عليه وسلم،
لأنه هو الأسوة الحسنة الكفيلة بالوقوف عند حد الله
وعدم تجاوز مقام العبودية بفعل أو ترك لم يأذن به الله تعالى.
والحقيقة أن الأدلة في هذا المقام كثيرة،
ويكفي ما قدمنا لبيان المقصود بهذا الضابط
وهو أن البدعة لا تقتصر على تعاطي الأمور المستحدثة في الدين بالفعل
وإنما تشمل استحداث ترك مباحات طيبات
بدافع توهم التقرب إلى الله تعالى بذلك،
وهو ضابط مهم يقي المسلم من الوقوع في جملة من البدع
قد لا يتنبه لها فيقع في الحرج في دينه
ويفارق منهج نبينا صلى الله عليه وسلم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
ضوابط البدعة.. الضابط الثالث : البدعة تكون فعلية أو تركية
وهذا الضابط الثالث
يراد منه بيان أن البدعة لا تقتصر على اقتراف ما ليس بمشروع،
بل قد تكون البدعة بترك ما هو مشروع،
إذا كان مقصود هذا الترك التعبد لله تعالى بذلك،
ولقد نبه الإمام الشاطبي رحمه الله
على هذا حيث أشار في تعليقه على تعريف البدعة إلى أنه
يدخل في عموم لفظها البدعة التركية إضافة إلى البدعة غير التركية،
قال رحمه الله:
" فقد يقع الابتداع بنفس الترك تحريماً للمتروك أو غير تحريم"
الاعتصام - 28
ولكن مسألة الترك هذه بحاجة إلى تحرير،
فليس كل ترك يعتبر بدعة،
وإنما ينظر في هذا الذي تركه المكلف
هل تركه لسبب معتبر شرعاً أو لا؟
فإن كان سبب الترك معتبر شرعاً –
كأن يترك طعاماً يضره في صحته-
فهذا لا حرج فيه من جهة حفظ النفس،
وهو مقصد معتبر شرعاً،
أو تركه خشية الوقوع في المحذور
كترك المتشابه استبراءً لدينه وعرضه
فهذا لا حرج فيه من جهة حفظ الدين،
وهو بلا شك مقصدٌ معتبر شرعاً،
أما إن كان الترك بغير سبب معتبر،
فلا يخلو من أن يكون مجرد عبث
لا يقصد به التعبد أو يقصد به التعبد؛
أما الأول فلا يعتبر بدعة لانخرام الضابط الأول
ولكن يحترز من اعتقاد تحريم ما أحل الله،
وأما الثاني فهو المقصود من وصف البدعة هنا
وهو التعبد لله تعالى بترك ما أباحه الله تعالى،
كأن يتعبد لله تعالى بترك لبس القطن أو بترك أكل الفاكهة،
وإليك الدليل على ذلك
1-قوله تعالى
" يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم
ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"
وفي الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود قال
(كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا شيء،
فقلنا ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك،
ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب، ثم قرأ علينا
"يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم
ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين")
فهذا نصٌ صريحٌ
في المنع من ترك المباحات مبالغةً في التعبد لله تعالى،
قال إمام المفسرين ابن جرير في تأويل هذه الآية:
" لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم"
يعني بالطيبات اللذيذات التي تشتهيها النفوس وتميل إليها القلوب،
فتمنعوها إياها كالذي فعله القسيسون والرهبان،
فحرموا على أنفسهم النساء والمطاعم الطيبة
والمشارب اللذيذة وحبس في الصوامع بعضهم أنفسهم
وساح في الأرض بعضهم
يقول تعالى ذكره فلا تفعلوا أيها المؤمنون كما فعل أولئك
ولا تعتدوا حد الله الذي حد لكم فيما أحل لكم وفيما حرم عليكم"
تفسير الطبري – 7/8
2-قال الله تعالى منكراً على المشركين
"وقالوا هذه أنعام وحرثٌ حِجرٌ لا يطعمها إلا من نشاء
بزعمهم وأنعامٌ حُرِّمت ظهورها وأنعامٌ لا يذكرون اسم
الله عليها افتراءً عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون"
قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى
( افتراءً عليه)
" أي على الله وكذباً منهم في إسنادهم ذلك إلى دين الله
وشرعه فإنه لم يأذن لهم في ذلك ولا رضيه منهم"
تفسير ابن كثير – 2/181
والآيات في القرآن التي تنكر على المشركين والكفار
مثل هذه التحريمات كثيرة وكلها جاءت بلغة الإنكار،
فلا حرام إلا ما حرم الله ولا حلال إلا ما أحل الله،
ومن تعبد لله تعالى بشيء من التركيات ينسبه للدين
بغير دليل أو إذن من الشرع فقد أعظم الفرية على الله،
وبدهي أن تعبده هذا باطل وأن بدعته هذه مردودة.
3-حديث أنس بن مالك رضي الله عنه يقول
( جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم،
فلما أُخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا :
وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم،
قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟
قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبداً،
وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر،
وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً،
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" أنتم الذين قلتم كذا وكذا،
أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له،
لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء،
فمن رغب عن سنتي فليس مني"
فالنبي صلى الله عليه وسلم علل تعنت هؤلاء في العبادة
بتوهم كونه دليلاً على التقوى والخشية لله تعالى،
فبين لهم وللأمة صلوات الله وسلامه عليه
أن هذا التلازم موهومٌ وباطل،
وأن حقيقة الخشية والتقوى هي الوقوف عند أمر الله عز وجل
بدليل أنه صلى الله عليه وسلم هو أتقى هذه الأمة وأخشاها لله،
ومع ذلك لم يترك شيئاً مما أباحه الله تعالى معتقداً القربة في ذلك،
ولهذا فإن العلامة الحقيقية لتقوى الله تعالى وخشيته
هي تجريد متابعة النبي صلى الله عليه وسلم،
لأنه هو الأسوة الحسنة الكفيلة بالوقوف عند حد الله
وعدم تجاوز مقام العبودية بفعل أو ترك لم يأذن به الله تعالى.
والحقيقة أن الأدلة في هذا المقام كثيرة،
ويكفي ما قدمنا لبيان المقصود بهذا الضابط
وهو أن البدعة لا تقتصر على تعاطي الأمور المستحدثة في الدين بالفعل
وإنما تشمل استحداث ترك مباحات طيبات
بدافع توهم التقرب إلى الله تعالى بذلك،
وهو ضابط مهم يقي المسلم من الوقوع في جملة من البدع
قد لا يتنبه لها فيقع في الحرج في دينه
ويفارق منهج نبينا صلى الله عليه وسلم
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
الضابط الرابع: البدعة ما توافر دافعه وارتفع مانعه زمن النبوة
_____________________________
لقد أشار الإمام الشاطبي
في كتابه النفيس الموافقات إلى أمر دقيق جداً
( فيما يتعلق بسكوت الشارع عن تشريع أمرٍ ما،
أو بيان شرعية العمل به مع قيام المعنى المقتضي له،
حيث نبه إلى أن سكوت الشارع عن الحكم يكون على ضربين اثنين؛
أحدهما أن يسكت الشرع عن الحكم لأن الداعي إليه
والمقتضي له لم يوجد زمن النبوة،
وإنما حدثت النازلة المقتضية لهذا الحكم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وهذا القسم تجري فروعه على أصول الشرع المقررة،
فيعرف الحكم من جهتها بالنظر الصحيح والقياس ونحوه
والضرب الثاني هو ما سكت الشارع عنه مع وجود المقتضي له
زمن النبي صلى الله عليه وسلم
فلم يقرر له حكماً زائداً على ما كان في زمانه صلى الله عليه وسلم،
فهذا الضرب من السكوت فيه كالنص على أن قصد الشارع
أن لا يزاد فيه ولا ينقص
لأنه لما كان هذا المعنى الموجب لتشريع الحكم العملي
موجوداً ثم لم يشرع الحكم دلالةً عليه
كان ذلك صريحاً في أن الزائد على ما كان هنالك
– أي زمن النبوة –
بدعة زائدة ومخالفة لما قصده الشارع)
الموافقات – الشاطبي – 2/287-288 بتصرف يسير
وهذا الذي أشار إليه الإمام الشاطبي في غاية الحسن،
فأقول إن هذه الشريعة شريعة كاملة تفي حاجة الناس إلى آخر الزمان،
وإن النوازل المقتضية لحكم الشرع عليها لا تنتهي،
فمنها ما قد حدث زمن الوحي ومنها ما يحدث بعد زمن الوحي،
فأما ما يحدث بعد الزمن الوحي
ولا سابق له في زمن الوحي
فلا يخرج عن كونه جزئية أو فرعاً له أصلٌ في الشرع مقررٌ
بحيث يمكن قياسه أو تخريجه عليه،
ودليل ذلك نصوص الشرع الناطقة بكمال التشريع
وبلزومه للناس إلى قيام الساعة،
وهذا أمر مستفيض بل معلوم من الدين بالضرورة،
وأما ما حدث زمن الوحي فهذا قد حكم الشرع عليه إما صراحةً أو ضمناً،
فأما صراحة
فببيان الحكم عليه كما حدث في مسألة الأسرى يوم بدر مثلاً،
وأما ضمناً
فبالسكوت عنه مع وجود ما يقتضيه وهذا السكوت على درجات هي:
1-إما أن يكون السكوت عن حدٍ زائد على ما قرره الشرع:
ومثال ذلك التشريعات العملية المتعلقة بحب الرسول صلى الله عليه وسلم،
فإن المقتضي الشرعي والعقلي لحب الرسول صلى الله عليه وسلم
موجود زمن الوحي،
وقد أقر الشرع التشريعات العملية المتعلقة بالدلالة على هذا الحب
كتفضيله صلى الله عليه وسلم على النفس وكالصلاة عليه
وكعدم رفع الصوت بحضرته وعدم مناداته باسمه مجرداً،
وسكت عما سوى ذلك كالاحتفال بيوم مولده
ونهى عن صراحة عن بعض ذلك كالسجود له،
فدل هذا السكوت على عدم مشروعية هذا الحد الزائد،
لأنه لو كان مشروعاً لما سكت عنه الشارع
كما أنه لم يسكت عن الصلاة عليه
وعدم رفع الصوت بين يديه ونحو ذلك.
2--وإما أن يكون السكوت عن الأمر بالكلية
ولربما كان الداعي والمقتضي له موجوداً
ولكن ثمة موانع من تشريع العمل،
ومثال ذلك جمع المصحف فإن الداعي له هو الحفظ
وهذا الداعي لا شك أنه موجود زمن النبوة،
ولكن منع من تقرير حكمه استمرار الوحي،
فلما انقطع الوحي بموت النبي صلى الله عليه وسلم
ارتفع المانع وبقي الدافع موجوداً،
واحتاج الناس لأمر فوق ما كان مشروعاً زمن النبوة
من حفظ وكتابة مفرقين في الصدور والسطور،
فكان الأمر بجمع المصحف نوعاً من المصلحة المرسلة،
ولا لعلاقة له بالبدعة البتة،
وقل مثل هذا فيما أحدثه المسلمون
من دواوين ووزارات وأنظمة للدولة ونحو ذلك.
ولعل البعض يقول بعد هذا كله
وما الدليل على كل ما تقدم؟
والجواب أن الدليل قد تقدم حيث أشرنا إلى أن كمال الشريعة
يقتضي هذا الذي قرره الإمام الشاطبي ،
فلقد قال الله تعالى:
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الإسلام ديناً"
فكون الشريعة كاملة يستلزم ما ذكرناه من أن كل الأحكام
التي يحتاجها المكلفون قد بينها الشرع إما صراحةً أو ضمناً ،
وإما بذكر آحادها أو بتقرير الأصول التي تتفرع عليها هذه الآحاد والجزئيات،
ويشهد لهذا أيضاً حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال
" ما بقي شيء يُقرِّب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيِّن لكم"
المعجم الكبير الطبراني وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم 1803
وذكره المنذري عن ابن مسعود رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
"ليس من عمل يقرب من الجنة إلا قد أمرتكم به
ولا عمل يقرب من النار إلا وقد نهيتكم عنه"
الترغيب والترهيب المنذري ورواه الحاكم في المستدرك كتاب البيوع
وهذا يصلح أن يكون دليلاً عاماً على ما ذكرنا،
ويدل عليه كلام الشاطبي رحمه الله حيث قال:
" ودل على أن وجود المعنى المقتضي مع عدم التشريع
دليل على قصد الشارع عدم الزيادة على ما كان موجوداً قبل،
فإذا زاد الزائد ظهر أنه مخالفٌ لقصد الشارع فبطل"
الموافقات - 2/291
فإذا نظرنا إلى الداعي للتشريع عموماً
وجدنا الرسول صلى الله عليه وسلم قد صرح به في الحديث
ألا وهو القرب من الجنة والبعد من النار،
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بكل ما حكم به الشرع
من أحكام عملية تدل على ما يقتضيه هذا الدافع،
وعليه فإن كل ما يأتي به أحد مما لم يَرِد عن طريق الشرع
فإنه لا يحقق مقصود الشرع ولا يدل على مقتضاه،
وإن من أتى ببدعة يزعم أنه تقرب إلى الله تعالى
فقد كذَّب محمداً صلى الله عليه وسلم في قوله
إنه بين لنا كل ما يقرب من الجنة ويبعد من النار
حاشاه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم،
والذي يطالب بدليل بعد هذا فإنما هو مُكابرٌ جَحود لا شأن لنا به.
بهذا تجتمع لنا أربعة ضوابط تبين لنا حد البدعة بياناً شافياً
يمكن أن نلخصه بقولنا :
البدعة
----------------
( هي التعبد لله تعالى بما ليس له أو لصفته أصل في الشرع
بالفعل أو الترك
وكان الداعي إليه موجوداً والمانع مفقوداً زمن الوحي)
ولقد أطلت في هذا المطلب قليلاً لأن موضوع البحث كله مفرعٌ عليه،
إذ لا يمكن المضي في بيان الأثر السيء للبدعة على الأمة
قبل أن تتصور ماهية البدعة اصطلاحاً،
ويستقر في الأذهان قبح هذه البدع شرعاً وعقلاً،
وهنا مسألة وهي أنه لما أطلنا النفس في بيان
وتحرير ضوابط البدعة
فكذلك يجب أن يكون الدعاة إلى طريق السنة طويلي النفس
مع من تلبسوا بالبدع،
لا يأخذونهم بالشدة في موضع الرأفة
ولا يحملونهم على الظن السيء ما وسعهم الظن الحسن،
وليكن حال الداعي إلى السنة مع من خالف رسم النبوة
كحال الطبيب مع المريض تلبسه المرض فجعل يترك الدواء تبرماً
ويعرض عنه تسخطاً،
ولكنه في قرارة نفسه محتاج لهذا الدواء لا غني له عنه
– بعد الله – في صلاح نفسه وبدنه،
فليتأمل.
يتبع
_____________________________
لقد أشار الإمام الشاطبي
في كتابه النفيس الموافقات إلى أمر دقيق جداً
( فيما يتعلق بسكوت الشارع عن تشريع أمرٍ ما،
أو بيان شرعية العمل به مع قيام المعنى المقتضي له،
حيث نبه إلى أن سكوت الشارع عن الحكم يكون على ضربين اثنين؛
أحدهما أن يسكت الشرع عن الحكم لأن الداعي إليه
والمقتضي له لم يوجد زمن النبوة،
وإنما حدثت النازلة المقتضية لهذا الحكم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وهذا القسم تجري فروعه على أصول الشرع المقررة،
فيعرف الحكم من جهتها بالنظر الصحيح والقياس ونحوه
والضرب الثاني هو ما سكت الشارع عنه مع وجود المقتضي له
زمن النبي صلى الله عليه وسلم
فلم يقرر له حكماً زائداً على ما كان في زمانه صلى الله عليه وسلم،
فهذا الضرب من السكوت فيه كالنص على أن قصد الشارع
أن لا يزاد فيه ولا ينقص
لأنه لما كان هذا المعنى الموجب لتشريع الحكم العملي
موجوداً ثم لم يشرع الحكم دلالةً عليه
كان ذلك صريحاً في أن الزائد على ما كان هنالك
– أي زمن النبوة –
بدعة زائدة ومخالفة لما قصده الشارع)
الموافقات – الشاطبي – 2/287-288 بتصرف يسير
وهذا الذي أشار إليه الإمام الشاطبي في غاية الحسن،
فأقول إن هذه الشريعة شريعة كاملة تفي حاجة الناس إلى آخر الزمان،
وإن النوازل المقتضية لحكم الشرع عليها لا تنتهي،
فمنها ما قد حدث زمن الوحي ومنها ما يحدث بعد زمن الوحي،
فأما ما يحدث بعد الزمن الوحي
ولا سابق له في زمن الوحي
فلا يخرج عن كونه جزئية أو فرعاً له أصلٌ في الشرع مقررٌ
بحيث يمكن قياسه أو تخريجه عليه،
ودليل ذلك نصوص الشرع الناطقة بكمال التشريع
وبلزومه للناس إلى قيام الساعة،
وهذا أمر مستفيض بل معلوم من الدين بالضرورة،
وأما ما حدث زمن الوحي فهذا قد حكم الشرع عليه إما صراحةً أو ضمناً،
فأما صراحة
فببيان الحكم عليه كما حدث في مسألة الأسرى يوم بدر مثلاً،
وأما ضمناً
فبالسكوت عنه مع وجود ما يقتضيه وهذا السكوت على درجات هي:
1-إما أن يكون السكوت عن حدٍ زائد على ما قرره الشرع:
ومثال ذلك التشريعات العملية المتعلقة بحب الرسول صلى الله عليه وسلم،
فإن المقتضي الشرعي والعقلي لحب الرسول صلى الله عليه وسلم
موجود زمن الوحي،
وقد أقر الشرع التشريعات العملية المتعلقة بالدلالة على هذا الحب
كتفضيله صلى الله عليه وسلم على النفس وكالصلاة عليه
وكعدم رفع الصوت بحضرته وعدم مناداته باسمه مجرداً،
وسكت عما سوى ذلك كالاحتفال بيوم مولده
ونهى عن صراحة عن بعض ذلك كالسجود له،
فدل هذا السكوت على عدم مشروعية هذا الحد الزائد،
لأنه لو كان مشروعاً لما سكت عنه الشارع
كما أنه لم يسكت عن الصلاة عليه
وعدم رفع الصوت بين يديه ونحو ذلك.
2--وإما أن يكون السكوت عن الأمر بالكلية
ولربما كان الداعي والمقتضي له موجوداً
ولكن ثمة موانع من تشريع العمل،
ومثال ذلك جمع المصحف فإن الداعي له هو الحفظ
وهذا الداعي لا شك أنه موجود زمن النبوة،
ولكن منع من تقرير حكمه استمرار الوحي،
فلما انقطع الوحي بموت النبي صلى الله عليه وسلم
ارتفع المانع وبقي الدافع موجوداً،
واحتاج الناس لأمر فوق ما كان مشروعاً زمن النبوة
من حفظ وكتابة مفرقين في الصدور والسطور،
فكان الأمر بجمع المصحف نوعاً من المصلحة المرسلة،
ولا لعلاقة له بالبدعة البتة،
وقل مثل هذا فيما أحدثه المسلمون
من دواوين ووزارات وأنظمة للدولة ونحو ذلك.
ولعل البعض يقول بعد هذا كله
وما الدليل على كل ما تقدم؟
والجواب أن الدليل قد تقدم حيث أشرنا إلى أن كمال الشريعة
يقتضي هذا الذي قرره الإمام الشاطبي ،
فلقد قال الله تعالى:
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الإسلام ديناً"
فكون الشريعة كاملة يستلزم ما ذكرناه من أن كل الأحكام
التي يحتاجها المكلفون قد بينها الشرع إما صراحةً أو ضمناً ،
وإما بذكر آحادها أو بتقرير الأصول التي تتفرع عليها هذه الآحاد والجزئيات،
ويشهد لهذا أيضاً حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال
" ما بقي شيء يُقرِّب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيِّن لكم"
المعجم الكبير الطبراني وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم 1803
وذكره المنذري عن ابن مسعود رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
"ليس من عمل يقرب من الجنة إلا قد أمرتكم به
ولا عمل يقرب من النار إلا وقد نهيتكم عنه"
الترغيب والترهيب المنذري ورواه الحاكم في المستدرك كتاب البيوع
وهذا يصلح أن يكون دليلاً عاماً على ما ذكرنا،
ويدل عليه كلام الشاطبي رحمه الله حيث قال:
" ودل على أن وجود المعنى المقتضي مع عدم التشريع
دليل على قصد الشارع عدم الزيادة على ما كان موجوداً قبل،
فإذا زاد الزائد ظهر أنه مخالفٌ لقصد الشارع فبطل"
الموافقات - 2/291
فإذا نظرنا إلى الداعي للتشريع عموماً
وجدنا الرسول صلى الله عليه وسلم قد صرح به في الحديث
ألا وهو القرب من الجنة والبعد من النار،
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بكل ما حكم به الشرع
من أحكام عملية تدل على ما يقتضيه هذا الدافع،
وعليه فإن كل ما يأتي به أحد مما لم يَرِد عن طريق الشرع
فإنه لا يحقق مقصود الشرع ولا يدل على مقتضاه،
وإن من أتى ببدعة يزعم أنه تقرب إلى الله تعالى
فقد كذَّب محمداً صلى الله عليه وسلم في قوله
إنه بين لنا كل ما يقرب من الجنة ويبعد من النار
حاشاه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم،
والذي يطالب بدليل بعد هذا فإنما هو مُكابرٌ جَحود لا شأن لنا به.
بهذا تجتمع لنا أربعة ضوابط تبين لنا حد البدعة بياناً شافياً
يمكن أن نلخصه بقولنا :
البدعة
----------------
( هي التعبد لله تعالى بما ليس له أو لصفته أصل في الشرع
بالفعل أو الترك
وكان الداعي إليه موجوداً والمانع مفقوداً زمن الوحي)
ولقد أطلت في هذا المطلب قليلاً لأن موضوع البحث كله مفرعٌ عليه،
إذ لا يمكن المضي في بيان الأثر السيء للبدعة على الأمة
قبل أن تتصور ماهية البدعة اصطلاحاً،
ويستقر في الأذهان قبح هذه البدع شرعاً وعقلاً،
وهنا مسألة وهي أنه لما أطلنا النفس في بيان
وتحرير ضوابط البدعة
فكذلك يجب أن يكون الدعاة إلى طريق السنة طويلي النفس
مع من تلبسوا بالبدع،
لا يأخذونهم بالشدة في موضع الرأفة
ولا يحملونهم على الظن السيء ما وسعهم الظن الحسن،
وليكن حال الداعي إلى السنة مع من خالف رسم النبوة
كحال الطبيب مع المريض تلبسه المرض فجعل يترك الدواء تبرماً
ويعرض عنه تسخطاً،
ولكنه في قرارة نفسه محتاج لهذا الدواء لا غني له عنه
– بعد الله – في صلاح نفسه وبدنه،
فليتأمل.
يتبع
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
شبهات والرد عليها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
فإن الواجب على كُلِ مُسلمٍ أن يبين الحقائق للناس
حتى يسيروا على بصيرةً وهُدىً , وليس على جهلاٍ ,
فالحقُ أبلج كالشمسِ في رابعة النهار,
يقول الله تعالى فى سورة المائدة
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى
ورضيت لكم الإسلام دينا "
إن الدين كَمُل ولله الحمد ،
وما تمّ وكمُل لا يُزاد فيه ولا يُنقص
وما رضيه الله لنا نرضاه لأنفسنا
شريعة وعقيدة وفقها حلالا وحراماً
ومنهجا وسياسة واقتصادا
وأخلاقا وسلوكا ومعاملة وفي كل شئون حياتنا
والنبي عليه الصلاة والسلام بلّغ الرسالة على
أكمل وجه ونصح الأمة
وعلمنا كل شيء .. حتى آداب قضاء الحاجة !
فهل يظن أحد أن النبي قصّر في إبلاغ الرسالة
فأخفى عنا أشياء ولم يبينها ؟!!
والله عز وجل لم يتوفى نبيه عليه الصلاة والسلام
إلا بعدما بلغ البلاغ المبين ،
وبين للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال
وقد ثبت عنه ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال
( إنه لم يكن نبي قبلي ، إلا كان حقا عليه أن يدل أمته
على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم )
رواه مسلم ،
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
(ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به
ولا شيئاً مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه )
صحيح بمجموع طرقه
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
(إنى قد تركتكم على مثل البيضاء ,ليلها كنهارها
لا يزيغ عنها بعدى إلا هالك )
مسند الامام احمد والحاكم وصححه الالبانى
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ،
يكرر في خطبته في كل جمعة قوله
( إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي
محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ،
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )
رواه مسلم
فقوله صلى الله عليه وسلم
( وكل بدعة ضلالة )
للعموم ولا مخصص له
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ،
خط مرة خطا مستقيما ،
وخط عن يمينه وشماله خطوطا منحرفة ،
وقال
( هذا سبيلي ـ يعني المستقيم ـ وهذه - يعني المنحرفة ـ سبل ،
على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ـ يعني البدع
وقرأ قوله تعالى
( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل
فتفرق بكم عن سبيله )
الأنعام 153
يقول صلى الله عليه وسلم في وصيته
( عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين الراشدين
من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ،
وإياكم ومحدثات الأمور ،
فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )
أحمد وأبو داود .
والنواجذ في أقاصي الأسنان ، وذلك كناية عن شدة التمسك ،
وشدة القبض على الأشياء فخير الطريقة طريقة النبي ،
صلى الله عليه وسلم وسيرته ، التي سار عليها
خلفاؤه الراشدون وصحابته المتقون ، وتمسك بها أئمة الدين ،
وساروا على نهجها إلى يوم الدين ،
وتبعهم أتباعهم إلى يومهم هذا ، فتبعهم الأئمة الأربعة ،
الذين هم أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ،
وحفظوا ما جاءهم وما بلغهم من السنة ،
وحذروا من البدعة ، وبينوا ضرر هذا البدع ،
سواء كانت في العقائد أو في الأعمال ،
البدعة في الشرع
------------------
قال الامام الشافعيُّ
«والبدعة ما خالف كتابًا أو سُنة أو أثرًا عن بعض أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم-»
[إعلام الموقعين 1/80]
قال العزُّ بن عبد السلام
«فعلُ ما لم يُعهد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-»
[قواعد الأحكام: 2/172].
قال ابن الجوزي
«البدعة عبارة عن فعلٍ لم يكن؛ فابتدع»
[تلبيس إبليس: ص 16]
قال ابن رجب
«والمراد بالبدعة:
ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه،
فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه،
فليس ببدعة شرعًا،وإن كان بدعة لغة»
[جامع العلوم والحكم: 2/127]
قال الامام الشاطبيُّ
وهو أفضل ولعل أحسنها وأوضحها
وأجمعها وأقومها ما اختاره
«طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية،
يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى».
[الاعتصام: 1/51].
طريقة في الدين،
الطريقة: ما أُعِدَّ للسير عليه،
وقُيِّدت بالدين لأنَّ صاحبها يضيفها إليه.
مخترعة:
أي جاءت على غير مثالٍ سابق،
لا تعرف في الدين.
تضاهي الشرعية:
تشبهها وليست منها.
يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد:
لأنه المقصود منها.
قلت بهذا الحد الجامع خرجت البدع الدنيوية ؛
كالسيارات ، والبارود ، والطائرات ، وتصنيف الكتب،
وأشباه ذلك ، فكلها وسائل مشروعة ؛
لأنها تؤدي إلى ما هو مشروع بالنص ،
وهي التي تقبل التقسيم إلى الأحكام الخمسة ،
لا البدعة الدينية ، وهذا كما يقال
" ما لا يتم الواجب به ؛ فهو واجب "
3--أنواع البدع
-----------------
البدعة في الدين نوعان
النوع الأول
بدعة قولية اعتقادية,
كمقالات الجهمية والمعتزلة والرافضة,
وسائر الفرق الضالة واعتقاداتهم.
النوع الثاني
بدعة في العبادات كالتعبد لله بعبادة لم يشرعها, وهي أنواع
النوع الأول
ما يكون في أصل العبادة. ـ
بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع,
كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صياما غير مشروع.
أو أعيادا غير مشروعة, كأعياد الموالد وغيرها.
النوع الثاني :
ما يكون في الزيادة على العبادة الشروعة .
كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلا.
النوع الثـالث :
ما يكون في صفة أداء العبادة
بأن يؤديها على صفة غير مشروعة.
وذلك كأداء الأذكار الشروعة بأصوات جماعية مطربة,
وكالتـشديد على النفس في العبادات
إلى حد يخرج عن سنة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم
النوع الرابع :
ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة
لم يخصصه الشرع, كتخصيص يوم النصف من شعبان,
وليلته بصيام وقيام. فإن أصل الصيام والقيام مشروع,
ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل.
4--حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها
-----------------------
التحريم ..
وذلك لأن عبادة ما عبد النبي صلى الله عليه وسلم
بها ربه فليست بعبادة ..
لأنه أفضل البشر وأتقاهم لربه وأفضل الخلق
وأبرهم لله فكيف يظن ظان أنه فُضِلَ عليه بعبادة لم يفعلها ؟!
وقد دلنا صلى الله عليه وسلم على كل خير وحذرنا من كل شر
فقال صلى الله عليه وسلم
((إنه ليس شيء يقربكم إلى الجنة إلا قد أمرتكم به
و ليس شيء يقربكم إلى النار إلا قد نهيتكم عنه))
صححه في الصحيحة
وقيل لسلمان رضي الله عنه
(علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم
كل شيء حتى الخراءة قال أجل )
رواه مسلم
قال الامام الشاطبى فى الاعتصام
(كـل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة.
لقوله صلى الله عليه وسلم
( وإياكم ومحدثات الأمور. فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )
وقوله صلى الله عليه وسلم
(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))
وفي رواية
(( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))
فدل الحديث على أن كل محدث في الدين فهو بدعة.
وكل بدعة ضلالة مردودة.
ومعنى ذلك أن البدع في العبادات والاعتقادات محرمة,
ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة.
فمنها ما هو كفر صراح.
كالطواف بالقبور تقربا إلى أصحابها,
وتقديم الذبائح والنذور لها, ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم,
وكمقالات غلاة الجهمية والمعتزلة.
ومنها ما هو من وسائل الشرك,
كالبناء على القبور والصلاة والدعاء عندها,
ومنها ما هو فسق اعتقادي
كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة
في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة للأدلة الشرعية.
ومنها ما هو معصية كبدعة التبتل والصيام قائما في الشمس,
والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع.)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
فإن الواجب على كُلِ مُسلمٍ أن يبين الحقائق للناس
حتى يسيروا على بصيرةً وهُدىً , وليس على جهلاٍ ,
فالحقُ أبلج كالشمسِ في رابعة النهار,
يقول الله تعالى فى سورة المائدة
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى
ورضيت لكم الإسلام دينا "
إن الدين كَمُل ولله الحمد ،
وما تمّ وكمُل لا يُزاد فيه ولا يُنقص
وما رضيه الله لنا نرضاه لأنفسنا
شريعة وعقيدة وفقها حلالا وحراماً
ومنهجا وسياسة واقتصادا
وأخلاقا وسلوكا ومعاملة وفي كل شئون حياتنا
والنبي عليه الصلاة والسلام بلّغ الرسالة على
أكمل وجه ونصح الأمة
وعلمنا كل شيء .. حتى آداب قضاء الحاجة !
فهل يظن أحد أن النبي قصّر في إبلاغ الرسالة
فأخفى عنا أشياء ولم يبينها ؟!!
والله عز وجل لم يتوفى نبيه عليه الصلاة والسلام
إلا بعدما بلغ البلاغ المبين ،
وبين للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال
وقد ثبت عنه ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال
( إنه لم يكن نبي قبلي ، إلا كان حقا عليه أن يدل أمته
على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم )
رواه مسلم ،
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
(ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به
ولا شيئاً مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه )
صحيح بمجموع طرقه
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
(إنى قد تركتكم على مثل البيضاء ,ليلها كنهارها
لا يزيغ عنها بعدى إلا هالك )
مسند الامام احمد والحاكم وصححه الالبانى
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ،
يكرر في خطبته في كل جمعة قوله
( إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي
محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ،
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )
رواه مسلم
فقوله صلى الله عليه وسلم
( وكل بدعة ضلالة )
للعموم ولا مخصص له
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ،
خط مرة خطا مستقيما ،
وخط عن يمينه وشماله خطوطا منحرفة ،
وقال
( هذا سبيلي ـ يعني المستقيم ـ وهذه - يعني المنحرفة ـ سبل ،
على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ـ يعني البدع
وقرأ قوله تعالى
( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل
فتفرق بكم عن سبيله )
الأنعام 153
يقول صلى الله عليه وسلم في وصيته
( عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين الراشدين
من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ،
وإياكم ومحدثات الأمور ،
فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )
أحمد وأبو داود .
والنواجذ في أقاصي الأسنان ، وذلك كناية عن شدة التمسك ،
وشدة القبض على الأشياء فخير الطريقة طريقة النبي ،
صلى الله عليه وسلم وسيرته ، التي سار عليها
خلفاؤه الراشدون وصحابته المتقون ، وتمسك بها أئمة الدين ،
وساروا على نهجها إلى يوم الدين ،
وتبعهم أتباعهم إلى يومهم هذا ، فتبعهم الأئمة الأربعة ،
الذين هم أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ،
وحفظوا ما جاءهم وما بلغهم من السنة ،
وحذروا من البدعة ، وبينوا ضرر هذا البدع ،
سواء كانت في العقائد أو في الأعمال ،
البدعة في الشرع
------------------
قال الامام الشافعيُّ
«والبدعة ما خالف كتابًا أو سُنة أو أثرًا عن بعض أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم-»
[إعلام الموقعين 1/80]
قال العزُّ بن عبد السلام
«فعلُ ما لم يُعهد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-»
[قواعد الأحكام: 2/172].
قال ابن الجوزي
«البدعة عبارة عن فعلٍ لم يكن؛ فابتدع»
[تلبيس إبليس: ص 16]
قال ابن رجب
«والمراد بالبدعة:
ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه،
فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه،
فليس ببدعة شرعًا،وإن كان بدعة لغة»
[جامع العلوم والحكم: 2/127]
قال الامام الشاطبيُّ
وهو أفضل ولعل أحسنها وأوضحها
وأجمعها وأقومها ما اختاره
«طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية،
يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى».
[الاعتصام: 1/51].
طريقة في الدين،
الطريقة: ما أُعِدَّ للسير عليه،
وقُيِّدت بالدين لأنَّ صاحبها يضيفها إليه.
مخترعة:
أي جاءت على غير مثالٍ سابق،
لا تعرف في الدين.
تضاهي الشرعية:
تشبهها وليست منها.
يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد:
لأنه المقصود منها.
قلت بهذا الحد الجامع خرجت البدع الدنيوية ؛
كالسيارات ، والبارود ، والطائرات ، وتصنيف الكتب،
وأشباه ذلك ، فكلها وسائل مشروعة ؛
لأنها تؤدي إلى ما هو مشروع بالنص ،
وهي التي تقبل التقسيم إلى الأحكام الخمسة ،
لا البدعة الدينية ، وهذا كما يقال
" ما لا يتم الواجب به ؛ فهو واجب "
3--أنواع البدع
-----------------
البدعة في الدين نوعان
النوع الأول
بدعة قولية اعتقادية,
كمقالات الجهمية والمعتزلة والرافضة,
وسائر الفرق الضالة واعتقاداتهم.
النوع الثاني
بدعة في العبادات كالتعبد لله بعبادة لم يشرعها, وهي أنواع
النوع الأول
ما يكون في أصل العبادة. ـ
بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع,
كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صياما غير مشروع.
أو أعيادا غير مشروعة, كأعياد الموالد وغيرها.
النوع الثاني :
ما يكون في الزيادة على العبادة الشروعة .
كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلا.
النوع الثـالث :
ما يكون في صفة أداء العبادة
بأن يؤديها على صفة غير مشروعة.
وذلك كأداء الأذكار الشروعة بأصوات جماعية مطربة,
وكالتـشديد على النفس في العبادات
إلى حد يخرج عن سنة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم
النوع الرابع :
ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة
لم يخصصه الشرع, كتخصيص يوم النصف من شعبان,
وليلته بصيام وقيام. فإن أصل الصيام والقيام مشروع,
ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل.
4--حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها
-----------------------
التحريم ..
وذلك لأن عبادة ما عبد النبي صلى الله عليه وسلم
بها ربه فليست بعبادة ..
لأنه أفضل البشر وأتقاهم لربه وأفضل الخلق
وأبرهم لله فكيف يظن ظان أنه فُضِلَ عليه بعبادة لم يفعلها ؟!
وقد دلنا صلى الله عليه وسلم على كل خير وحذرنا من كل شر
فقال صلى الله عليه وسلم
((إنه ليس شيء يقربكم إلى الجنة إلا قد أمرتكم به
و ليس شيء يقربكم إلى النار إلا قد نهيتكم عنه))
صححه في الصحيحة
وقيل لسلمان رضي الله عنه
(علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم
كل شيء حتى الخراءة قال أجل )
رواه مسلم
قال الامام الشاطبى فى الاعتصام
(كـل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة.
لقوله صلى الله عليه وسلم
( وإياكم ومحدثات الأمور. فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )
وقوله صلى الله عليه وسلم
(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))
وفي رواية
(( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))
فدل الحديث على أن كل محدث في الدين فهو بدعة.
وكل بدعة ضلالة مردودة.
ومعنى ذلك أن البدع في العبادات والاعتقادات محرمة,
ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة.
فمنها ما هو كفر صراح.
كالطواف بالقبور تقربا إلى أصحابها,
وتقديم الذبائح والنذور لها, ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم,
وكمقالات غلاة الجهمية والمعتزلة.
ومنها ما هو من وسائل الشرك,
كالبناء على القبور والصلاة والدعاء عندها,
ومنها ما هو فسق اعتقادي
كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة
في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة للأدلة الشرعية.
ومنها ما هو معصية كبدعة التبتل والصيام قائما في الشمس,
والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع.)
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
شبهة تقيسم البدعه عند البعض
5--شبهة تقيسم البدعه عند البعض
--------------------
لقد اشتبه على البعض من أهل العلم تقسيم البدعه إلى حسنه وقبيحه
أوسيئه ومحموده و مذمومه ومن هؤلاء العلامه
(العز بن عيدالسلام )
وهذا التقسيم فى حد ذاته بدعه للأتى
1--إن الإسلام دين أتقن الله بناءه وأكمله بقوله تعالى
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى
ورضيت لكم الإسلام دينا "
2--أن التشريع حق كامل لرب العالمين
وليس لأحد من البشر أن يزيد على ما شرعه الله تعالى لأنه
إذا جازت الزياده فى الاسلام
جاز النقص
ولذلك نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الزياده فى الدين بقوله
(إذا حدثتكم حديثًا ,فلا تزيدن على )
ولو كان التشريع مما يدركه الخلق لم يكن لنزوله أوبعثه الأنبياء
والرسل فائده ,
فالمبتدع صير نفسه ندًا لله رب العالمين
حيث شرع ما لم يشرع له الله تعالى
وفتح باب الخلاف والاختلاف باستحسانه الفعلى القاصر
فالمستحسن مشرع ولابد
3--أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لأمته كل شى فى دين الله
تعالى ولم ينتقل صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه إلا بعد اكتمال الدين
4--أن المبتدع رد أمر الله لأنه نصب نفسه مضاهيًا لأحكم الحاكمين
فشرع فى الدين مالم يأذن به الله
وعلى ذلك فالقول بتقسيم البدعه إلى حسنه وسيئه
قول هو فى نفسه بدعه مضله
بل من شر البدع
وهذا مقرر فى علم الأصول أن القاعده الشرعيه
أو الدليل الشرعى الكلى إذا تكرر فى مواضع كثيره
وأتى به شواهد على معان أصوليه أو فرعيه
ولم يقترن به تقيد ولا تخصيص مع إقراره وتكراره
فذلك دليل على بقائه على مقتضى اللفظ من العموم
(فكل بدعه ضلاله وإن رأها الناس حسنه )
أخرجه الدارمى
1--وقد يقول قائل قد يكون المبتدع له نية حسنة ولا يقصد سوءً.
فنقول له
أما نيته وقصده فإلى الله وليس لنا من سرائر الناس شيء
إنما المعاملة بالظواهر .
وأما بدعته فمردودة ,
غير مقبولة عند رب العالمين .
ويجب محاربتها والتحذير منها
وقد جاء في الصحيحين
( أن رجالاً ثلاثة أتوا إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
يسألوهن عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ليتعبدوا الله بها .
فأُخبِروا عن عبادته صلى الله عليه وسلم وأنه يصوم
ويفطر ويقوم الليل يصلي وينام ويأكل اللحم إن وجد ..
فلما سمعوها كأنهم تقالوها أي استقلوها وظنوها قليلة ,
ثم شرعوا يعتذرون عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقالوا ذاك رسول قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
وأما نحن فذنوبنا كثيرة ولابد من الاجتهاد في العبادة
فبدءوا في وضع خطة تعبد تناسبهم
فنياتهم حسنه ومقصدهم جميل
ويبتغون الأجر من الله ويريدون الخير الجزيل.
فقال الأول أما أنا فأصوم [الدهر] ولا أفطر .
وقال الثاني أما أنا فأصلي الليل ولا أنام.
وقال الثالث أما أنا فلا أتزوج النساء
[لكي أتفرغ للعبادة ].
فهذه أمور مشروعة ونيات حسنة
فماذا كان رد النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
أأقرهم على ذلك ؟
لا بل العكس وقع .
فإنه عليه السلام لما علم بخبرهم قام فخطب الناس ثم قال
(( ما بال أقوام قالوا كذا وكذا , أما والله إني لأخشاكم لله
وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء
فمن رغب عن سنتي فليس مني ))
قد ذهب بعض العلماء إلى ان يقسمون البدعة إلى بدعة حسنة ،
وبدعة سيئة ، ويزيدون على هذا فيقسمون البدعة
إلى الأحكام التكليفية الخمسة
(الوجوب والاستحباب والإباحة والتحريم والكراهة)
وقد ذكر هذا التقسيم العز بن عبد السلام رحمه الله ،
وتبعه عليه تلميذه القرافي
وقد ردَّ الشاطبي على القرافي رضاه بهذا التقسيم ،
فقال رحمه الله
"هذا التقسيم أمر مخترَع لا يدل عليه دليل شرعي ،
بل هو نفسه متدافع ؛
لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي ،
لا من نصوص الشرع ،ولا من قواعده ،
إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على
وجوب ، أو ندب ، أو إباحة : لمَا كان ثمَّ بدعة ،
ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها ،
أو المخيَّر فيها ، فالجمع بين عدِّ تلك الأشياء بدَعاً ،
وبين كون الأدلة تدل على وجوبها ، أو ندبها ، أو إباحتها
جمعٌ بين متنافيين .
أما المكروه منها ، والمحرم :
فمسلَّم من جهة كونها بدعاً ،
لا من جهة أخرى ،
إذ لو دل دليل على منع أمر ،أو كراهته
لم يُثبت ذلك كونه بدعة ،
لإمكان أن يكون معصية ، كالقتل ، والسرقة ،
وشرب الخمر ، ونحوها ،
فلا بدعة يتصور فيها ذلك التقسيم البتة ،
إلا الكراهية والتحريم ، حسبما يذكر في بابه .
فما ذكره القرافي عن الأصحاب من الاتفاق على إنكار البدع
صحيح ، وما قسَّمه فيها غير صحيح ،
ومن العجب حكاية الاتفاق مع المصادمة بالخلاف ،
ومع معرفته بما يلزمه في خرق الإجماع ،
وكأنه إنما اتبع في هذا التقسيم شيخَه أي ابن عبد السلام
من غير تأمل "
ثم ذكر عذر العز بن عبد السلام رحمه الله في ذلك التقسيم ،
وأنه سمى " المصالح المرسلة " بدَعاً ، ثم قال -
أما القرافي فلا عذر له في نقل تلك الأقسام
على غير مراد شيخه ، ولا على مراد الناس ؛
لأنه خالف الكل في ذلك التقسيم ، فصار مخالفاً للإجماع"
انتهى .الاعتصام" (ص 152 ، 153)
وننصح بالرجوع للكتاب ، فقد أبلغ في الرد ، وأجاد ، رحمه الله.
2- قال ابن رجب
«وأمَّا ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع،
فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر
-رضي الله عنه- لمَّا جمع الناس في قيام رمضان
على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك،
فقال نعمت البدعة هذه»
[جامع العلوم والحكم: 1/129]
3- قال العلامه بن عثمين رحمه الله
(إنك لتعجب من قوم يعرفون قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة،
وكل ضلالة في النار»
[رواه مسلم]
ويعلمون أن قوله
"كل بدعة" كلية عامة شاملة،
مسوّرة بأقوى أدوات الشمول والعموم "كل"
والذي نطق بهذه الكلية صلوات الله وسلامه عليه
يعلم مدلول هذا اللفظ وهو أفصح الخلق،
وأنصح الخلق للخلق لا يتلفظ إلا بشيء يقصد معناه.
إذن فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينما قال
«كل بدعة ضلالة»
كان يدري ما يقول،
وكان يدري معنى ما يقول،
وقد صدر هذا القول منه عن كمال نصح للأمة.
وإذا تم في الكلام هذه الأمور الثلاثة
كمال النصح والإرادة،
وكمال البيان والفصاحة،
وكمال العلم والمعرفة
دل ذلك على أن الكلام يراد به ما يدل عليه من المعنى،)
4--من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة
فهو غالط ومخطيء,
ومخالف لقوله صلى الله عليه وسلم
(( فإن كل بدعة ضلالة ))
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم
حكم على البدع كلها بأنها ضلالة.
وهذا يقول ليس كل بدعة ضلالة بل هناك بدعة حسنة,
قال الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين
(فقوله صلى الله عليه وسلم
(( كل بدعة ضلالة))
من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء,
وهو أصل عظيم من أصول الدين.
وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم
(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))
فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين
ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة.
والدين بريء منه.
وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات
أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة ]
جامع العلوم والحكم ص 223
وليس لهؤلاء حجة على أن هناك بدعة حسنة
إلا قول عمر ـ رضي الله عنه ـ في صلاة التروايح
(( نعمت البدعة هذه))
وقالوا أيضا إنها أحدثت أشياء لم يستنكرها السلف
مثـل جمع القراّ ن في كتاب واحد, وكتابة الحديث وتدوينه,
والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع,
فليست محدثة,
وقول عمر رضى الله عنه
((نعمت البدعة))
يريد البدعة اللغوية لا الشرعية,
فما كان له أصل في الشرع يرجع إليه,
إذا قيل إنه بدعة فهو بدعة لغة لا شرعا,
لأن البدعة شرعا, ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه,
وجمع القرآن في كتاب واحد له أصل في الشرع
لأن النبي صلى الله عليه وسلم ـ كان يأمر بكتابة القراّ ن,
لكن كان مكتوبا متفرقا, فجمعه الصحابة رضي الله عنهم
في مصحف واحد, حفظا له, والتراويح قد صلاها النبي
صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليالي وتخلف عنهم
في الأخير خشية أن تفرض عليهم, واستمر الصحابة
رضي الله عنهم يصلونها أوزاعا متفرقين في حياة النبي
صلى الله عليه وسلم
وبعد وفاته إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه
خلف إمام واحد كما كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم
وليس هذا بدعة في الدين
وما ادعاه بعض العلماء من أن هناك بدعة حسنة.
فلا تخلوا من حالين
1 ـ أن لا تكون بدعة لكن يظنها بدعة.
2 ـ أن تكون بدعة فهي سيئة لكن لا يعلم عن سوئها
6-- اقوال الصحابه رضى الله عنهم والائمه عن البدعه
--------------------------------
1--وقد ثبت أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال
(كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة )
2--قال ابن مسعود رضى الله عنه
(اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم)
[الدرامي: 175]
3- وقال رضي الله عنه
(وكم من مريد للخير لا يدركه)
[الدارمي:1/68-69].
4- وقال -رضي الله عنه-
(الاقتصاد في السنة أحسنُ من الاجتهاد في البدعة).
[الحاكم في المستدرك: 11/103،
5- قال حذيفة -رضي الله عنه
(كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم فلا تتعبدوا بها؛ فإن الأول لم يدع للآخر مقالًا،
فاتقوا الله يا معشر القراء، خذوا طريق من كان قبلكم)
[الأمر بالاتباع للسيوطي ص:62].
6- قال أبو مسعود -رضي الله عنه
(إني لأترك أضحيتي، وإني لمن أيسركم؛
مخافة أن يظن الجيران أنها واجبة)،
وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وابن عباس.
[عبد الرزاق: 4/383، والبيهقي في السنن الكبرى: 9/265].
قال الامام الشاطبى رحمه الله
«وبالجملة: فكل عمل أصله ثابت شرعًا،
إلاَّ أن في إظهار العمل به، والمداومة عليه ما يخاف
أن يعتقد أنه سنة؛ فتركه مطلوب في الجملة
من باب سدّ الذرائع».
[الاعتصام: 2/31]
7- قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما
(ما أتى على الناس عام إلاَّ أحدثوا فيه بدعة،
وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع، وتموت السنن).
[رواه الطبراني في المعجم الكبير: 10/262، ].
8- قال رجلٌ لابن عبّاس أوصني. قال
(عليك بتقوى الله والاستقامة، اتبع ولا تبتدع)
[شرح السنة: 214].
9- قال أبو العالية
«عليكم بالأمر الأول الذي كانوا عليه قبل أن يتفرقوا»
[تلبيس إبليس: ص8].
10- قال سعيد بن جبير
«ما لم يعرفه البدريُّون فليس من الدين»
[جامع بيان العلم وفضله 1/771].
11- قال الحسن البصري
«لا تمكن أذنيك من صاحب هوى فيمرض قلبك»
[البدع والنهي عنها: ص50].
12- قال قتادة
«إذا الرجل ابتدع بدعة ينبغي لها أن تذكر حتى تحذر»
[شرح أصول الاعتقاد: 256].
13- قال يحيى بن أبي كثير
«إذا لقيت صاحب بدعة في طريق، فخذ في غيره»
[الشريعة: 64].
14- قال الأوزاعي
«اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم،
وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه،
واسلك سبيل سلفك الصالح،فإنه يسعك ما وسعهم»
[اللالكائي: 1/154].
15- قال مالك بن أنس
«لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها».
[الاقتضاء 2/718].
16- قال الفضيل:
«من جلس مع صاحب بدعة فاحذره،
ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة،
وأحبّ أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد»
[الحلية: 8/103].
17- قال الفضيل:
«أدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة، وينهون عن البدع»
[شرح أصول الاعتقاد 267].
18- قال الفضيل
«من زوَّج كريمته من مبتدعٍ، فقد قطع رحمها»
[تلبيس إبليس: ص14].
19- قال الشافعي:
«البدعة بدعتان: بدعة محمودة وبدعة مذمومة،
فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم».
[حلية الأولياء: 9/113].
20- قال سهل بن عبد الله التستري
«علامة حبّ الله حبّ القرآن، وعلامة حبّ القرآن حبّ النبي
-صلى الله عليه وسلم-، وعلامة حبّ النبي
-صلى الله عليه وسلم- حبّ السنة،
وعلامة حبّ السنة حبّ الآخرة،
وعلامة حبّ الآخرة بغض الدنيا، وعلامة بغض الدنيا
ألا يدخر منها إلاَّ زادًا وبُلغةً إلى الآخرة».
[الشفا: 2/571
5--شبهة تقيسم البدعه عند البعض
--------------------
لقد اشتبه على البعض من أهل العلم تقسيم البدعه إلى حسنه وقبيحه
أوسيئه ومحموده و مذمومه ومن هؤلاء العلامه
(العز بن عيدالسلام )
وهذا التقسيم فى حد ذاته بدعه للأتى
1--إن الإسلام دين أتقن الله بناءه وأكمله بقوله تعالى
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى
ورضيت لكم الإسلام دينا "
2--أن التشريع حق كامل لرب العالمين
وليس لأحد من البشر أن يزيد على ما شرعه الله تعالى لأنه
إذا جازت الزياده فى الاسلام
جاز النقص
ولذلك نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الزياده فى الدين بقوله
(إذا حدثتكم حديثًا ,فلا تزيدن على )
ولو كان التشريع مما يدركه الخلق لم يكن لنزوله أوبعثه الأنبياء
والرسل فائده ,
فالمبتدع صير نفسه ندًا لله رب العالمين
حيث شرع ما لم يشرع له الله تعالى
وفتح باب الخلاف والاختلاف باستحسانه الفعلى القاصر
فالمستحسن مشرع ولابد
3--أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لأمته كل شى فى دين الله
تعالى ولم ينتقل صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه إلا بعد اكتمال الدين
4--أن المبتدع رد أمر الله لأنه نصب نفسه مضاهيًا لأحكم الحاكمين
فشرع فى الدين مالم يأذن به الله
وعلى ذلك فالقول بتقسيم البدعه إلى حسنه وسيئه
قول هو فى نفسه بدعه مضله
بل من شر البدع
وهذا مقرر فى علم الأصول أن القاعده الشرعيه
أو الدليل الشرعى الكلى إذا تكرر فى مواضع كثيره
وأتى به شواهد على معان أصوليه أو فرعيه
ولم يقترن به تقيد ولا تخصيص مع إقراره وتكراره
فذلك دليل على بقائه على مقتضى اللفظ من العموم
(فكل بدعه ضلاله وإن رأها الناس حسنه )
أخرجه الدارمى
1--وقد يقول قائل قد يكون المبتدع له نية حسنة ولا يقصد سوءً.
فنقول له
أما نيته وقصده فإلى الله وليس لنا من سرائر الناس شيء
إنما المعاملة بالظواهر .
وأما بدعته فمردودة ,
غير مقبولة عند رب العالمين .
ويجب محاربتها والتحذير منها
وقد جاء في الصحيحين
( أن رجالاً ثلاثة أتوا إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
يسألوهن عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ليتعبدوا الله بها .
فأُخبِروا عن عبادته صلى الله عليه وسلم وأنه يصوم
ويفطر ويقوم الليل يصلي وينام ويأكل اللحم إن وجد ..
فلما سمعوها كأنهم تقالوها أي استقلوها وظنوها قليلة ,
ثم شرعوا يعتذرون عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقالوا ذاك رسول قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
وأما نحن فذنوبنا كثيرة ولابد من الاجتهاد في العبادة
فبدءوا في وضع خطة تعبد تناسبهم
فنياتهم حسنه ومقصدهم جميل
ويبتغون الأجر من الله ويريدون الخير الجزيل.
فقال الأول أما أنا فأصوم [الدهر] ولا أفطر .
وقال الثاني أما أنا فأصلي الليل ولا أنام.
وقال الثالث أما أنا فلا أتزوج النساء
[لكي أتفرغ للعبادة ].
فهذه أمور مشروعة ونيات حسنة
فماذا كان رد النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
أأقرهم على ذلك ؟
لا بل العكس وقع .
فإنه عليه السلام لما علم بخبرهم قام فخطب الناس ثم قال
(( ما بال أقوام قالوا كذا وكذا , أما والله إني لأخشاكم لله
وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء
فمن رغب عن سنتي فليس مني ))
قد ذهب بعض العلماء إلى ان يقسمون البدعة إلى بدعة حسنة ،
وبدعة سيئة ، ويزيدون على هذا فيقسمون البدعة
إلى الأحكام التكليفية الخمسة
(الوجوب والاستحباب والإباحة والتحريم والكراهة)
وقد ذكر هذا التقسيم العز بن عبد السلام رحمه الله ،
وتبعه عليه تلميذه القرافي
وقد ردَّ الشاطبي على القرافي رضاه بهذا التقسيم ،
فقال رحمه الله
"هذا التقسيم أمر مخترَع لا يدل عليه دليل شرعي ،
بل هو نفسه متدافع ؛
لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي ،
لا من نصوص الشرع ،ولا من قواعده ،
إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على
وجوب ، أو ندب ، أو إباحة : لمَا كان ثمَّ بدعة ،
ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها ،
أو المخيَّر فيها ، فالجمع بين عدِّ تلك الأشياء بدَعاً ،
وبين كون الأدلة تدل على وجوبها ، أو ندبها ، أو إباحتها
جمعٌ بين متنافيين .
أما المكروه منها ، والمحرم :
فمسلَّم من جهة كونها بدعاً ،
لا من جهة أخرى ،
إذ لو دل دليل على منع أمر ،أو كراهته
لم يُثبت ذلك كونه بدعة ،
لإمكان أن يكون معصية ، كالقتل ، والسرقة ،
وشرب الخمر ، ونحوها ،
فلا بدعة يتصور فيها ذلك التقسيم البتة ،
إلا الكراهية والتحريم ، حسبما يذكر في بابه .
فما ذكره القرافي عن الأصحاب من الاتفاق على إنكار البدع
صحيح ، وما قسَّمه فيها غير صحيح ،
ومن العجب حكاية الاتفاق مع المصادمة بالخلاف ،
ومع معرفته بما يلزمه في خرق الإجماع ،
وكأنه إنما اتبع في هذا التقسيم شيخَه أي ابن عبد السلام
من غير تأمل "
ثم ذكر عذر العز بن عبد السلام رحمه الله في ذلك التقسيم ،
وأنه سمى " المصالح المرسلة " بدَعاً ، ثم قال -
أما القرافي فلا عذر له في نقل تلك الأقسام
على غير مراد شيخه ، ولا على مراد الناس ؛
لأنه خالف الكل في ذلك التقسيم ، فصار مخالفاً للإجماع"
انتهى .الاعتصام" (ص 152 ، 153)
وننصح بالرجوع للكتاب ، فقد أبلغ في الرد ، وأجاد ، رحمه الله.
2- قال ابن رجب
«وأمَّا ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع،
فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر
-رضي الله عنه- لمَّا جمع الناس في قيام رمضان
على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك،
فقال نعمت البدعة هذه»
[جامع العلوم والحكم: 1/129]
3- قال العلامه بن عثمين رحمه الله
(إنك لتعجب من قوم يعرفون قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة،
وكل ضلالة في النار»
[رواه مسلم]
ويعلمون أن قوله
"كل بدعة" كلية عامة شاملة،
مسوّرة بأقوى أدوات الشمول والعموم "كل"
والذي نطق بهذه الكلية صلوات الله وسلامه عليه
يعلم مدلول هذا اللفظ وهو أفصح الخلق،
وأنصح الخلق للخلق لا يتلفظ إلا بشيء يقصد معناه.
إذن فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينما قال
«كل بدعة ضلالة»
كان يدري ما يقول،
وكان يدري معنى ما يقول،
وقد صدر هذا القول منه عن كمال نصح للأمة.
وإذا تم في الكلام هذه الأمور الثلاثة
كمال النصح والإرادة،
وكمال البيان والفصاحة،
وكمال العلم والمعرفة
دل ذلك على أن الكلام يراد به ما يدل عليه من المعنى،)
4--من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة
فهو غالط ومخطيء,
ومخالف لقوله صلى الله عليه وسلم
(( فإن كل بدعة ضلالة ))
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم
حكم على البدع كلها بأنها ضلالة.
وهذا يقول ليس كل بدعة ضلالة بل هناك بدعة حسنة,
قال الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين
(فقوله صلى الله عليه وسلم
(( كل بدعة ضلالة))
من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء,
وهو أصل عظيم من أصول الدين.
وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم
(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))
فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين
ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة.
والدين بريء منه.
وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات
أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة ]
جامع العلوم والحكم ص 223
وليس لهؤلاء حجة على أن هناك بدعة حسنة
إلا قول عمر ـ رضي الله عنه ـ في صلاة التروايح
(( نعمت البدعة هذه))
وقالوا أيضا إنها أحدثت أشياء لم يستنكرها السلف
مثـل جمع القراّ ن في كتاب واحد, وكتابة الحديث وتدوينه,
والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع,
فليست محدثة,
وقول عمر رضى الله عنه
((نعمت البدعة))
يريد البدعة اللغوية لا الشرعية,
فما كان له أصل في الشرع يرجع إليه,
إذا قيل إنه بدعة فهو بدعة لغة لا شرعا,
لأن البدعة شرعا, ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه,
وجمع القرآن في كتاب واحد له أصل في الشرع
لأن النبي صلى الله عليه وسلم ـ كان يأمر بكتابة القراّ ن,
لكن كان مكتوبا متفرقا, فجمعه الصحابة رضي الله عنهم
في مصحف واحد, حفظا له, والتراويح قد صلاها النبي
صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليالي وتخلف عنهم
في الأخير خشية أن تفرض عليهم, واستمر الصحابة
رضي الله عنهم يصلونها أوزاعا متفرقين في حياة النبي
صلى الله عليه وسلم
وبعد وفاته إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه
خلف إمام واحد كما كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم
وليس هذا بدعة في الدين
وما ادعاه بعض العلماء من أن هناك بدعة حسنة.
فلا تخلوا من حالين
1 ـ أن لا تكون بدعة لكن يظنها بدعة.
2 ـ أن تكون بدعة فهي سيئة لكن لا يعلم عن سوئها
6-- اقوال الصحابه رضى الله عنهم والائمه عن البدعه
--------------------------------
1--وقد ثبت أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال
(كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة )
2--قال ابن مسعود رضى الله عنه
(اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم)
[الدرامي: 175]
3- وقال رضي الله عنه
(وكم من مريد للخير لا يدركه)
[الدارمي:1/68-69].
4- وقال -رضي الله عنه-
(الاقتصاد في السنة أحسنُ من الاجتهاد في البدعة).
[الحاكم في المستدرك: 11/103،
5- قال حذيفة -رضي الله عنه
(كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم فلا تتعبدوا بها؛ فإن الأول لم يدع للآخر مقالًا،
فاتقوا الله يا معشر القراء، خذوا طريق من كان قبلكم)
[الأمر بالاتباع للسيوطي ص:62].
6- قال أبو مسعود -رضي الله عنه
(إني لأترك أضحيتي، وإني لمن أيسركم؛
مخافة أن يظن الجيران أنها واجبة)،
وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وابن عباس.
[عبد الرزاق: 4/383، والبيهقي في السنن الكبرى: 9/265].
قال الامام الشاطبى رحمه الله
«وبالجملة: فكل عمل أصله ثابت شرعًا،
إلاَّ أن في إظهار العمل به، والمداومة عليه ما يخاف
أن يعتقد أنه سنة؛ فتركه مطلوب في الجملة
من باب سدّ الذرائع».
[الاعتصام: 2/31]
7- قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما
(ما أتى على الناس عام إلاَّ أحدثوا فيه بدعة،
وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع، وتموت السنن).
[رواه الطبراني في المعجم الكبير: 10/262، ].
8- قال رجلٌ لابن عبّاس أوصني. قال
(عليك بتقوى الله والاستقامة، اتبع ولا تبتدع)
[شرح السنة: 214].
9- قال أبو العالية
«عليكم بالأمر الأول الذي كانوا عليه قبل أن يتفرقوا»
[تلبيس إبليس: ص8].
10- قال سعيد بن جبير
«ما لم يعرفه البدريُّون فليس من الدين»
[جامع بيان العلم وفضله 1/771].
11- قال الحسن البصري
«لا تمكن أذنيك من صاحب هوى فيمرض قلبك»
[البدع والنهي عنها: ص50].
12- قال قتادة
«إذا الرجل ابتدع بدعة ينبغي لها أن تذكر حتى تحذر»
[شرح أصول الاعتقاد: 256].
13- قال يحيى بن أبي كثير
«إذا لقيت صاحب بدعة في طريق، فخذ في غيره»
[الشريعة: 64].
14- قال الأوزاعي
«اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم،
وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه،
واسلك سبيل سلفك الصالح،فإنه يسعك ما وسعهم»
[اللالكائي: 1/154].
15- قال مالك بن أنس
«لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها».
[الاقتضاء 2/718].
16- قال الفضيل:
«من جلس مع صاحب بدعة فاحذره،
ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة،
وأحبّ أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد»
[الحلية: 8/103].
17- قال الفضيل:
«أدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة، وينهون عن البدع»
[شرح أصول الاعتقاد 267].
18- قال الفضيل
«من زوَّج كريمته من مبتدعٍ، فقد قطع رحمها»
[تلبيس إبليس: ص14].
19- قال الشافعي:
«البدعة بدعتان: بدعة محمودة وبدعة مذمومة،
فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم».
[حلية الأولياء: 9/113].
20- قال سهل بن عبد الله التستري
«علامة حبّ الله حبّ القرآن، وعلامة حبّ القرآن حبّ النبي
-صلى الله عليه وسلم-، وعلامة حبّ النبي
-صلى الله عليه وسلم- حبّ السنة،
وعلامة حبّ السنة حبّ الآخرة،
وعلامة حبّ الآخرة بغض الدنيا، وعلامة بغض الدنيا
ألا يدخر منها إلاَّ زادًا وبُلغةً إلى الآخرة».
[الشفا: 2/571
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
--جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس رحمه الله
فقال من أين أحرم فقال من الميقات الذي وقت
رسول الله صلى الله عليه و سلم و أحرم منه ،
فقال الرجل فإن أحرمت من أبعد منه !
فقال مالك لا أرى ذلك
فقال : ما تكره من ذلك .
قال : أكره عليك الفتنة
قال وأي فتنة في ازدياد الخير .
فقال مالك فإن الله تعالى يقول
( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن
تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب)
22--وقد جاء عن الإمام مالك رحمة الله عليه أنه قال
من زعم أن في الإسلام بدعة حسنة فقد
زعم أن محمداً خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا )
ثم قال
( ما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً )
23- قال الإمام الشافعي رحمه الله
( من استحسن فى الدين فقد شرع )
24-سعيد بن المسيب تابعي كبير أبوه وجده صحابة
وهو من أفاضل التابعين..
رأى رجلاً يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين فنهاه
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة
بعد الفجر قبل الفرض أكثر من ركعتين ,
فقال الرجل يا أبا محمد أيعذبني الله على الصلاة ؟
فقال سعيد لا . ولكن يعذبك على خلافك السنة
[رواه البيهقي وعبد الرزاق والدارمي ]
رحمه الله ما أحسن إجابته على من استحسن في الدين برأيه
25--وعن ابن عون –رحمه الله- قال
((لم يكن قوم أبغض إلى محمد –يعني ابن سيرين-
من قوم أحدثوا في هذا القدر ما أحدثوا))
[رواه الآجري في الشريعة ص:219].
26--وقال البيهقي وهو يتحدث عن الشافعي
" وكان الشافعي رضي الله عنه
شديداً على أهل الإلحاد وأهل البدع مجاهراً ببغضهم وهجرهم "
مناقب الشافعي ( 1/469 )
27--وقال الإمام أحمد رحمه الله
"إذا سلّم الرجل على المبتدع فهو يحبه "،
(طبقات الحنابلة ( 1/196 ))
فيدل أنه لا يجوز محبة أهل البدع
28--وقال ابن المبارك –رحمه الله
((اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يداً فيحبه قلبي))
[رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/140].
29--وقال الفضيل بن عياض
" من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه "
(انظر شرح السنة للبربهاري ( ص : 138-139 ) ،
والإبانة لابن بطة (2/460 ).)
30--وقال عبد الله بن داود سنديلة
(من علامات الحق البغض لمن يدين بالهوى،
ومن أحب الحق فقد وجب عليه البغض لأصحاب الهوى)
يعني: أهل البدعة.
(انظر سير السلف الصالحين للتيمي (3/1154)،
والحلية لأبي نعيم ( 10/392 )
31--و قال الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمـن الصابوني
رحمه الله - حاكياً مذهب السلف أهل الحديث
" واتفقـوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم،
وإخزائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم،
ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم."
عقيدة السلف وأصحاب الحديث ( ص : 123 )
32--وقال أيضاً
" ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه،
ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم،
ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم
عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب
ضرّت وجـرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرّت،
وفيه أنزل الله عز وجل قوله
{وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم
حتى يخوضوا في حديث غيره} "
(عقيدة السلف وأصحاب الحديث ( ص : 114-115 )
33----قال الإمام البغوي رحمه الله
((وفيه دليل ( أي حديث كعب بن مالك ) على أن هجران أهل
البدع على التأبيد، وكان رسول صلى الله عليه وسلم
خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج
معه فأمر بهجرانهم إلى أن أنزل الله توبتهم، وعرف رسول الله
صلى الله عليه وسلم براءتهم، وقد مضت الصحابة والتّابعون
وأتباعهم وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين
على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم.))
شرح السنة (1/226-227).
34--قال القرطبي –رحمه الله- نقلاً عن ابن خويز منداد
((من خاض في آيات الله تركت مجالسته وهجر،
مؤمناً كان أو كافراً، قال: وكذلك منع أصحابنا الدخول
إلى أرض العدو ودخول كنائسهم والبيع ،
ومجالسة الكفار وأهل البدع، وألا تُعتقد مودتهم،
ولا يسمع كلامهم ولا مناظرتهم)).
[التفسير 7/13].
35--قال شيخ الإسلام
قال أئمة المسلمين كسفيان الثوري
(إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية
لأن البدعة لا يُتاب منها والمعصية يُتاب منها)
36--قال رافع بن أشرس
(( من عقوبة الفاسق المبتدع أن لا تذكر محاسنه ))
37--قال شيخ الإسلام بن تيمية
(( ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم, أو ذب عنهم,
أوأثـنى عليهم, أو عظم كتبهم,
أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم,
أو كره الكلام فيهم,
أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام
لا يدري ما هو ؟,
أو قال : إنه صنف هذا الكتاب؟
وأمثـال هذه المعاذير,
التي لا يقولها إلا جاهل, أو منافق,
بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم,
ولم يعاون على القيام عليهم,
فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات ,
لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من
المشايخ والعلماء ,والملوك والأمراء,
وهم يسعون في الأرض فسادا,
ويصدون عن سبيل الله.)
[ مجموع الفتاوى [ (2/132)
7--قصص الصحابه فى التعامل مع البدع
------------------------------
1-( دخل أبو الدرداء على أم الدرداء غاضبًا، فقالت
ما لك؟ فقال والله ما أعرف فيهم شيئًا من أمر محمد
صلى الله عليه وسلم إلاَّ أنَّهم يصلون جميعًا)
[البخاري: 650]
2-( عطس رجلٌ عند ابن عمر -رضي الله عنهما-،
فقال: الحمد لله، والسلام على رسوله.
قال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله،
وليس هكذا علّمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
علمنا أن نقول: الحمد لله على كل حال)
[الترمذي: 2738].
3-( طاف ابن عباس مع أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
رضي الله عنهما- فاستلم معاوية الأركان الأربعة،
فقال ابن عباس: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
لم يستلم إلا الركنين اليمانيين، فقال معاوية
ليس من البيت شيء متروك. فقال ابن عباس:
﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾
فرجع إليه معاوية)
[شرح معانِي الآثار: 2/184، الاقتضاء:21/ 798-799].
4- وكان طاووس يصلي ركعتين بعد العصر،
فقال له ابن عباس اتركهما. فقال
إنَّما نَهى عنهما أن تُتخذ سلَّمًا يوصل إلى الغرور.
فقال ابن عباس فإنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم
- قد نَهى عن صلاة بعد العصر،
وما أدري أتُعذب عليها أم تؤجر؟
لأنّ الله –تعالى- يقول
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا
أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
[رواه الحاكم: 1/110، وقال: صحيح ووافقه الذهبي]
9-- أسباب الابتداع
--------------------------
1- الجهل.
2- اتباع الهوى.
3- التعلق بالشبهات.
4- الاعتماد على العقل المجرد.
5- سكوت العلماء.
6- الاعتماد على أحاديث ضعيفة، أو موضوعة.
7- ردود الأفعال.
8- عدم التقيّد بفهم السلف الصالح.
9- التقليد الأعمى.
10- عدم اتباع العلماء الربانيين.
10-- سبل القضاء على البدعة
----------------------------
1- التعريف بخطر البدعة، والتحذير منها، وممّا ينتج عنها من آثار.
2- الدعوة إلى التمسك والاعتصام بكتاب الله وسنة
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفهمهما كما فهمهما السلف.
3- الدعوة والعمل على تمييز صحيح السنة من ضعيفها.
4- تصفية المذاهب الفقهيّة من بدعة التعصب المذهبي.
5- نشر العلم وتصحيح المعتقدات والعبادات والمعاملات بين عامة الناس.
6- التحذير من أهل البدع والنهي عن مجالستهم، وعدم التمكين لهم.
7- الأخذ عن العلماء الربانيين، والأئمة المهديين.
يتبع
فقال من أين أحرم فقال من الميقات الذي وقت
رسول الله صلى الله عليه و سلم و أحرم منه ،
فقال الرجل فإن أحرمت من أبعد منه !
فقال مالك لا أرى ذلك
فقال : ما تكره من ذلك .
قال : أكره عليك الفتنة
قال وأي فتنة في ازدياد الخير .
فقال مالك فإن الله تعالى يقول
( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن
تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب)
22--وقد جاء عن الإمام مالك رحمة الله عليه أنه قال
من زعم أن في الإسلام بدعة حسنة فقد
زعم أن محمداً خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا )
ثم قال
( ما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً )
23- قال الإمام الشافعي رحمه الله
( من استحسن فى الدين فقد شرع )
24-سعيد بن المسيب تابعي كبير أبوه وجده صحابة
وهو من أفاضل التابعين..
رأى رجلاً يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين فنهاه
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة
بعد الفجر قبل الفرض أكثر من ركعتين ,
فقال الرجل يا أبا محمد أيعذبني الله على الصلاة ؟
فقال سعيد لا . ولكن يعذبك على خلافك السنة
[رواه البيهقي وعبد الرزاق والدارمي ]
رحمه الله ما أحسن إجابته على من استحسن في الدين برأيه
25--وعن ابن عون –رحمه الله- قال
((لم يكن قوم أبغض إلى محمد –يعني ابن سيرين-
من قوم أحدثوا في هذا القدر ما أحدثوا))
[رواه الآجري في الشريعة ص:219].
26--وقال البيهقي وهو يتحدث عن الشافعي
" وكان الشافعي رضي الله عنه
شديداً على أهل الإلحاد وأهل البدع مجاهراً ببغضهم وهجرهم "
مناقب الشافعي ( 1/469 )
27--وقال الإمام أحمد رحمه الله
"إذا سلّم الرجل على المبتدع فهو يحبه "،
(طبقات الحنابلة ( 1/196 ))
فيدل أنه لا يجوز محبة أهل البدع
28--وقال ابن المبارك –رحمه الله
((اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يداً فيحبه قلبي))
[رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/140].
29--وقال الفضيل بن عياض
" من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه "
(انظر شرح السنة للبربهاري ( ص : 138-139 ) ،
والإبانة لابن بطة (2/460 ).)
30--وقال عبد الله بن داود سنديلة
(من علامات الحق البغض لمن يدين بالهوى،
ومن أحب الحق فقد وجب عليه البغض لأصحاب الهوى)
يعني: أهل البدعة.
(انظر سير السلف الصالحين للتيمي (3/1154)،
والحلية لأبي نعيم ( 10/392 )
31--و قال الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمـن الصابوني
رحمه الله - حاكياً مذهب السلف أهل الحديث
" واتفقـوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم،
وإخزائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم،
ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم."
عقيدة السلف وأصحاب الحديث ( ص : 123 )
32--وقال أيضاً
" ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه،
ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم،
ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم
عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب
ضرّت وجـرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرّت،
وفيه أنزل الله عز وجل قوله
{وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم
حتى يخوضوا في حديث غيره} "
(عقيدة السلف وأصحاب الحديث ( ص : 114-115 )
33----قال الإمام البغوي رحمه الله
((وفيه دليل ( أي حديث كعب بن مالك ) على أن هجران أهل
البدع على التأبيد، وكان رسول صلى الله عليه وسلم
خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج
معه فأمر بهجرانهم إلى أن أنزل الله توبتهم، وعرف رسول الله
صلى الله عليه وسلم براءتهم، وقد مضت الصحابة والتّابعون
وأتباعهم وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين
على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم.))
شرح السنة (1/226-227).
34--قال القرطبي –رحمه الله- نقلاً عن ابن خويز منداد
((من خاض في آيات الله تركت مجالسته وهجر،
مؤمناً كان أو كافراً، قال: وكذلك منع أصحابنا الدخول
إلى أرض العدو ودخول كنائسهم والبيع ،
ومجالسة الكفار وأهل البدع، وألا تُعتقد مودتهم،
ولا يسمع كلامهم ولا مناظرتهم)).
[التفسير 7/13].
35--قال شيخ الإسلام
قال أئمة المسلمين كسفيان الثوري
(إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية
لأن البدعة لا يُتاب منها والمعصية يُتاب منها)
36--قال رافع بن أشرس
(( من عقوبة الفاسق المبتدع أن لا تذكر محاسنه ))
37--قال شيخ الإسلام بن تيمية
(( ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم, أو ذب عنهم,
أوأثـنى عليهم, أو عظم كتبهم,
أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم,
أو كره الكلام فيهم,
أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام
لا يدري ما هو ؟,
أو قال : إنه صنف هذا الكتاب؟
وأمثـال هذه المعاذير,
التي لا يقولها إلا جاهل, أو منافق,
بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم,
ولم يعاون على القيام عليهم,
فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات ,
لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من
المشايخ والعلماء ,والملوك والأمراء,
وهم يسعون في الأرض فسادا,
ويصدون عن سبيل الله.)
[ مجموع الفتاوى [ (2/132)
7--قصص الصحابه فى التعامل مع البدع
------------------------------
1-( دخل أبو الدرداء على أم الدرداء غاضبًا، فقالت
ما لك؟ فقال والله ما أعرف فيهم شيئًا من أمر محمد
صلى الله عليه وسلم إلاَّ أنَّهم يصلون جميعًا)
[البخاري: 650]
2-( عطس رجلٌ عند ابن عمر -رضي الله عنهما-،
فقال: الحمد لله، والسلام على رسوله.
قال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله،
وليس هكذا علّمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
علمنا أن نقول: الحمد لله على كل حال)
[الترمذي: 2738].
3-( طاف ابن عباس مع أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
رضي الله عنهما- فاستلم معاوية الأركان الأربعة،
فقال ابن عباس: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
لم يستلم إلا الركنين اليمانيين، فقال معاوية
ليس من البيت شيء متروك. فقال ابن عباس:
﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾
فرجع إليه معاوية)
[شرح معانِي الآثار: 2/184، الاقتضاء:21/ 798-799].
4- وكان طاووس يصلي ركعتين بعد العصر،
فقال له ابن عباس اتركهما. فقال
إنَّما نَهى عنهما أن تُتخذ سلَّمًا يوصل إلى الغرور.
فقال ابن عباس فإنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم
- قد نَهى عن صلاة بعد العصر،
وما أدري أتُعذب عليها أم تؤجر؟
لأنّ الله –تعالى- يقول
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا
أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
[رواه الحاكم: 1/110، وقال: صحيح ووافقه الذهبي]
9-- أسباب الابتداع
--------------------------
1- الجهل.
2- اتباع الهوى.
3- التعلق بالشبهات.
4- الاعتماد على العقل المجرد.
5- سكوت العلماء.
6- الاعتماد على أحاديث ضعيفة، أو موضوعة.
7- ردود الأفعال.
8- عدم التقيّد بفهم السلف الصالح.
9- التقليد الأعمى.
10- عدم اتباع العلماء الربانيين.
10-- سبل القضاء على البدعة
----------------------------
1- التعريف بخطر البدعة، والتحذير منها، وممّا ينتج عنها من آثار.
2- الدعوة إلى التمسك والاعتصام بكتاب الله وسنة
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفهمهما كما فهمهما السلف.
3- الدعوة والعمل على تمييز صحيح السنة من ضعيفها.
4- تصفية المذاهب الفقهيّة من بدعة التعصب المذهبي.
5- نشر العلم وتصحيح المعتقدات والعبادات والمعاملات بين عامة الناس.
6- التحذير من أهل البدع والنهي عن مجالستهم، وعدم التمكين لهم.
7- الأخذ عن العلماء الربانيين، والأئمة المهديين.
يتبع
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
المبحث الثاني: أثر البدعة في الأمة :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
إذا علم أن البدعة ليست من الشرع فهي بالضرورة مضادة له،
والدليل على ذلك أن الشرع قد حذر من هذه البدع ونهى عنها،
ومعنى هذا أن البدعة ليست من أمور المباح
التي يسع المرء فعلها أو تركها،
بل هي من جنس المرض الذي لا بد من استئصاله لصلاح البدن،
ولعل هذا المبحث الذي نستعرض فيه آثار البدع يؤكد لنا هذه الحقيقة
بما لا يدع مجالاً للشك إن شاء الله تعالى.
ولسوف أستهل هذا المبحث إن شاء الله ببيان الأثر العام
المترتب على ظهور البدع والانتساب إليها والاجتماع عليها
في مقابل منهج أهل الحق،
ثم أستعرض بتفصيل مناسب بعض الآثار المترتبة
على ظهور البدع في الأمة
المطلب الأول: أثر البدعة في ظهور التفرق والاختلاف في الأمة:
---------------------------------------------
لقد صح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
" تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة
والنصارى مثل ذلك وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"
ولقد جاء هذا الحديث بروايات عدة خرجها الإمام الزيلعي رحمه الله حيث قال
" في الحديث
(افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية
إلا واحدة وهي الناجية
وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة
وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين كلها في الهاوية إلا واحدة)
روي من حديث أبي هريرة ومن حديث أنس ومن حديث سعد بن أبي وقاص
ومن حديث معاوية ومن حديث عمرو بن عوف المزني
ومن حديث عوف بن مالك ومن حديث أبي أمامة
ومن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم
" ثم أخذ يسرد هذه الطرق عن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم،
ولعلي أثبت هنا ما ذكره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة
وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة
وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"
قال الترمذي حديث حسن صحيح وزاد الترمذي
"كلهم في النار إلا ملة واحدة قالوا من هي يا رسول الله
قال ما أنا عليه وأصحابي"
سنن الترمذي – كتاب الإيمان - باب ما جاء في افتراق هذه الأمة
وإنما أثبت هذه الزيادة لأهميتها في تحرير ضابط الفرقة
كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
هذا الحديث هو حديث الباب كما يقال،
ولقد اعتنى العلماء والمحققون به سنداً ومتناً
بما لا مجال للخوض فيه في هذه العجالة،
وموضع الشاهد في بحثنا هذا هو حصول الافتراق في أمة
محمد صلى الله عليه وسلم مع تحرير ضابط هذا الافتراق
ألا وهو مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم،
ولعل هذا الضابط قد جاء صريحاً في حديث الصحيح عند مسلم
من حديث حذيفة بن اليمان يقول
" كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير،
وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني،
فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير،
فهل بعد هذا الخير شر؟
قال:"نعم".
فقلت : هل بعد ذلك الشر من خير ؟
قال:" نعم، وفيه دخن"
قلت: وما دخنه؟
قال:
"قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر"
فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟
قال:" نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها"
فقلت: يا رسول الله صفهم لنا.
قال:" نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا"
قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟
قال:" تلزم جماعة المسلمين وإمامهم".
فقلت : فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟
قال:" فاعتزل تلك الفرق كلها،
ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"
صحيح مسلم – باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن
فهذان الحديثان يقرران لنا جملة من الأصول المهمة
في مسألة الافتراق منها :
1-إن هذا الافتراق حاصل في الأمة قدراً لا أنه مرضي شرعاً،
بل إن توطئة الخبر بذكر ما كان من الافتراق في بني إسرائيل
دليل على أن سبب هذا الافتراق مخالفة الأمر الشرعي بلزوم السنة،
وهذا ما عبر عنه الإمام الشاطبي رحمه الله بقوله
( إن الاختلاف المقصود في هذا الباب هو الاختلاف الكسبي )
الاعتصام – 438 بتصرف
2-إن البدعة التي تؤدي بأهلها إلى هذا النوع من الافتراق
تكون مخالفتها للملة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعده،
لا في جزئي من الجزئيات اللهم إلا أن تكثر الجزئيات
فإنها حينئذٍ تجري مجرى الكلي ،
ويمكن الاستدلال على هذا باستدلال لطيف من حديث الافتراق المتقدم؛
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر افتراق بني إسرائيل
ثم ذكر افتراق النصارى وزادهم فرقة
ثم ذكر افتراق أمة الإسلام وزادهم فرقة،
فإذا اعتبرنا أن المقصود بأمته صلى الله عليه وسلم أمة الدعوة
–وهو وجه في هذا الحديث –
فإننا نرى أن اليهود افترقوا إحدى وسبعين فرقة
إلى أن جاءهم عيسى عليه السلام فآمنت به طائفة وكفرت طائفة
فكانت هذه التي كفرت به فرقة جديدة افترقت على أمر كلي في الدين
يتعلق بالإيمان بنبي من أنبياء الله عز وجل هو عيسى عليه السلام،
فأصبحوا ثنتين وسبعين فرقة،
ثم جاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم
فآمنت به طائفة من النصارى وكفرت طائفة،
فهذه التي كفرت بمحمد صلى الله عليه وسلم
قد أحدثت أمراً في مسألة كلية
من مسائل الدين وفارقت الجماعة بالكفر بنبوة
محمد صلى الله عليه وسلم
الذي يجدونه في كتابهم فزادت الفرق فرقة أخرى،
ولست أقصد بهذا التأمل أن أثبت مفهوم عدد السبعين
لأن الراجح فيه أنه لمطلق التكثير كما هو عند العرب،
وإنما أردت أن أثبت أن ذكره صلى الله عليه وسلم فرقة زائدة في كل أمة
إضافة إلى السبعين يقوي اعتبار مفهوم هذا العدد الزائد عن السبعين،
ولا وجه لاعتباره إلا ما ذكرت من كفر طائفة من هذه الأمم بالنبي
الذي بعث إليهم آخراً ،
ووجه الدلالة هنا أن الافتراق إنما حصل بالاجتماع على أصل كلي بدعي
فارقت به الفرقة منهج أهل الحق،
والله تعالى أعلم.
3-إن ضابط الفرقة إذاً هو الاجتماع على أصل بدعي
تفارق به جماعة المسلمين منهجاً أو حساً أو منهجاً وحساً،
وهذا صريح في قوله صلى الله عليه وسلم
" قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر" ،
وهو ما يشعر به قوله صلى الله عليه وسلم
في بيان صفة الملة الناجية حيث قال
" ما أنا عليه وأصحابي"
فهذا يُفهم بالمخالفة أن ما ليس على نهجه صلى الله عليه وسلم
ونهج صحابته فإنه ليس من الملة الناجية
وقد تقدم أن هذا الأصل البدعي إما أن يكون كلياً من الدين
أو يكون اجتماع جزئيات كثيرة فينزل منزلة الكلي
بسبب ما يؤول إليه من معارضة قسم كبير من الدين.
4-إن تهدد باقي الفرق بالنار وعيدٌ لا يستلزم الكفر وإن كان يحتمله،
ولعل الصحيح في هذا المقام أن من هذه الفرق
من يخرج بمفارقته الجماعة عن دائرة الإسلام فيكفر
فيكون توعده بالنار نافذاً من جنس توعد الكفار بها،
وتكون نسبة هذه الفرق إلى أمته صلى الله عليه وسلم
باعتبار ادعائها ذلك،
ومنها ما لا يخرج عن دائرة الإسلام العامة
فيكون الوعيد من جنس وعيد عصاة الموحدين
فهو في خطر المشيئة إن شاء الله عذبه بالنار وإن شاء عفا عنه،
وتكون نسبة هذه الفرق إلى أمته صلى الله عليه وسلم نسبة صحيحة
وإن كان فيها دخن كما بين النبي صلى الله عليه وسلم.
وبهذا التحرير يندفع الإشكال الذي يورده البعض على حديث الافتراق
ويزعمون به أن أهل الحق المنتسبين إلى نهج السنة والجماعة
يسلطون سيف التكفير على رقاب الأمة،
وهي فرية لا حظ لها من الحقيقة كما تبين.
هذه بعض الملاحظات التي أردت أن أثبتها في هذا المقام،
حيث إنها تعين إن شاء الله على تصور ما يلي
من بيان الآثار السيئة للبدع على هذه الأمة،
والتي يمكن تلخيصها في أمر واحد هو الاختلاف والفرقة المذمومة،
فالبدعة بكل بساطة طريق سالك إلى الفرقة والاختلاف المذمومين،
لقد ثبت ذم هذا الاختلاف في نصوص كثيرة (منها) قوله تعالى
" ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات"
قال الإمام السيوطي رحمه الله
" أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الإختلاف والفرقة
وأخبرهم أنما هلك من كان قبلكم بالمراء والخصومات في دين الله"
الدر المنثور – السيوطي - 2/289
و(منها) قوله تعالى
"إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء"
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله
" وكانوا شيعاً :أي فرقاً كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات
فإن الله تعالى قد برأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هم فيه"
تفسير القرآن العظيم – ابن كثير - 2/179
و(منها) قوله تعالى
"ولا تكونوا من المشركين. من الذين فرقوا دينهم
وكانوا شيعاً كل حزبٍ بما لديهم فرحون" ،
قال الإمام الطبري رحمه الله
" وقوله (كل حزب بما لديهم فرحون)
يقول كل طائفة وفرقة من هؤلاء الذين فارقوا دينهم الحق
فأحدثوا البدع التي أحدثوا (بما لديهم فرحون)
يقول بما هم به متمسكون من المذهب فرحون مسرورون
يحسبون أن الصواب معهم دون غيرهم" ،
قال الإمام الطبري رحمه الله
" (فتفرق بكم عن سبيله) يقول فيشتت بكم إن اتبعتم السبل المحدثة
التي ليست لله بسبل ولا طرق ولا أديان"
تفسير الطبري - 21/34
فهذه النصوص كلها صريحة في ذم الاختلاف والتفرق،
وأقوال المفسرين كلها مجتمعة على أن المراد بهذا التفرق مخالفة الجماعة
حساً ومنجهاً على أصل بدعي مستحدث يمس كلياً من كليات الدين،
على تعدد بينهم في التمثيل لذلك فبعضهم يذكر اليهود والنصارى
وبعضهم يذكر أهل الاهواء في هذه الملة
والحق أن الذم يتعلق بكل ذلك لأنه مخالف لرسم النبوة بلا خلاف
يتبع
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
إذا علم أن البدعة ليست من الشرع فهي بالضرورة مضادة له،
والدليل على ذلك أن الشرع قد حذر من هذه البدع ونهى عنها،
ومعنى هذا أن البدعة ليست من أمور المباح
التي يسع المرء فعلها أو تركها،
بل هي من جنس المرض الذي لا بد من استئصاله لصلاح البدن،
ولعل هذا المبحث الذي نستعرض فيه آثار البدع يؤكد لنا هذه الحقيقة
بما لا يدع مجالاً للشك إن شاء الله تعالى.
ولسوف أستهل هذا المبحث إن شاء الله ببيان الأثر العام
المترتب على ظهور البدع والانتساب إليها والاجتماع عليها
في مقابل منهج أهل الحق،
ثم أستعرض بتفصيل مناسب بعض الآثار المترتبة
على ظهور البدع في الأمة
المطلب الأول: أثر البدعة في ظهور التفرق والاختلاف في الأمة:
---------------------------------------------
لقد صح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
" تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة
والنصارى مثل ذلك وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"
ولقد جاء هذا الحديث بروايات عدة خرجها الإمام الزيلعي رحمه الله حيث قال
" في الحديث
(افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية
إلا واحدة وهي الناجية
وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة
وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين كلها في الهاوية إلا واحدة)
روي من حديث أبي هريرة ومن حديث أنس ومن حديث سعد بن أبي وقاص
ومن حديث معاوية ومن حديث عمرو بن عوف المزني
ومن حديث عوف بن مالك ومن حديث أبي أمامة
ومن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم
" ثم أخذ يسرد هذه الطرق عن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم،
ولعلي أثبت هنا ما ذكره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة
وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة
وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"
قال الترمذي حديث حسن صحيح وزاد الترمذي
"كلهم في النار إلا ملة واحدة قالوا من هي يا رسول الله
قال ما أنا عليه وأصحابي"
سنن الترمذي – كتاب الإيمان - باب ما جاء في افتراق هذه الأمة
وإنما أثبت هذه الزيادة لأهميتها في تحرير ضابط الفرقة
كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
هذا الحديث هو حديث الباب كما يقال،
ولقد اعتنى العلماء والمحققون به سنداً ومتناً
بما لا مجال للخوض فيه في هذه العجالة،
وموضع الشاهد في بحثنا هذا هو حصول الافتراق في أمة
محمد صلى الله عليه وسلم مع تحرير ضابط هذا الافتراق
ألا وهو مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم،
ولعل هذا الضابط قد جاء صريحاً في حديث الصحيح عند مسلم
من حديث حذيفة بن اليمان يقول
" كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير،
وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني،
فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير،
فهل بعد هذا الخير شر؟
قال:"نعم".
فقلت : هل بعد ذلك الشر من خير ؟
قال:" نعم، وفيه دخن"
قلت: وما دخنه؟
قال:
"قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر"
فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟
قال:" نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها"
فقلت: يا رسول الله صفهم لنا.
قال:" نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا"
قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟
قال:" تلزم جماعة المسلمين وإمامهم".
فقلت : فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟
قال:" فاعتزل تلك الفرق كلها،
ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"
صحيح مسلم – باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن
فهذان الحديثان يقرران لنا جملة من الأصول المهمة
في مسألة الافتراق منها :
1-إن هذا الافتراق حاصل في الأمة قدراً لا أنه مرضي شرعاً،
بل إن توطئة الخبر بذكر ما كان من الافتراق في بني إسرائيل
دليل على أن سبب هذا الافتراق مخالفة الأمر الشرعي بلزوم السنة،
وهذا ما عبر عنه الإمام الشاطبي رحمه الله بقوله
( إن الاختلاف المقصود في هذا الباب هو الاختلاف الكسبي )
الاعتصام – 438 بتصرف
2-إن البدعة التي تؤدي بأهلها إلى هذا النوع من الافتراق
تكون مخالفتها للملة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعده،
لا في جزئي من الجزئيات اللهم إلا أن تكثر الجزئيات
فإنها حينئذٍ تجري مجرى الكلي ،
ويمكن الاستدلال على هذا باستدلال لطيف من حديث الافتراق المتقدم؛
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر افتراق بني إسرائيل
ثم ذكر افتراق النصارى وزادهم فرقة
ثم ذكر افتراق أمة الإسلام وزادهم فرقة،
فإذا اعتبرنا أن المقصود بأمته صلى الله عليه وسلم أمة الدعوة
–وهو وجه في هذا الحديث –
فإننا نرى أن اليهود افترقوا إحدى وسبعين فرقة
إلى أن جاءهم عيسى عليه السلام فآمنت به طائفة وكفرت طائفة
فكانت هذه التي كفرت به فرقة جديدة افترقت على أمر كلي في الدين
يتعلق بالإيمان بنبي من أنبياء الله عز وجل هو عيسى عليه السلام،
فأصبحوا ثنتين وسبعين فرقة،
ثم جاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم
فآمنت به طائفة من النصارى وكفرت طائفة،
فهذه التي كفرت بمحمد صلى الله عليه وسلم
قد أحدثت أمراً في مسألة كلية
من مسائل الدين وفارقت الجماعة بالكفر بنبوة
محمد صلى الله عليه وسلم
الذي يجدونه في كتابهم فزادت الفرق فرقة أخرى،
ولست أقصد بهذا التأمل أن أثبت مفهوم عدد السبعين
لأن الراجح فيه أنه لمطلق التكثير كما هو عند العرب،
وإنما أردت أن أثبت أن ذكره صلى الله عليه وسلم فرقة زائدة في كل أمة
إضافة إلى السبعين يقوي اعتبار مفهوم هذا العدد الزائد عن السبعين،
ولا وجه لاعتباره إلا ما ذكرت من كفر طائفة من هذه الأمم بالنبي
الذي بعث إليهم آخراً ،
ووجه الدلالة هنا أن الافتراق إنما حصل بالاجتماع على أصل كلي بدعي
فارقت به الفرقة منهج أهل الحق،
والله تعالى أعلم.
3-إن ضابط الفرقة إذاً هو الاجتماع على أصل بدعي
تفارق به جماعة المسلمين منهجاً أو حساً أو منهجاً وحساً،
وهذا صريح في قوله صلى الله عليه وسلم
" قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر" ،
وهو ما يشعر به قوله صلى الله عليه وسلم
في بيان صفة الملة الناجية حيث قال
" ما أنا عليه وأصحابي"
فهذا يُفهم بالمخالفة أن ما ليس على نهجه صلى الله عليه وسلم
ونهج صحابته فإنه ليس من الملة الناجية
وقد تقدم أن هذا الأصل البدعي إما أن يكون كلياً من الدين
أو يكون اجتماع جزئيات كثيرة فينزل منزلة الكلي
بسبب ما يؤول إليه من معارضة قسم كبير من الدين.
4-إن تهدد باقي الفرق بالنار وعيدٌ لا يستلزم الكفر وإن كان يحتمله،
ولعل الصحيح في هذا المقام أن من هذه الفرق
من يخرج بمفارقته الجماعة عن دائرة الإسلام فيكفر
فيكون توعده بالنار نافذاً من جنس توعد الكفار بها،
وتكون نسبة هذه الفرق إلى أمته صلى الله عليه وسلم
باعتبار ادعائها ذلك،
ومنها ما لا يخرج عن دائرة الإسلام العامة
فيكون الوعيد من جنس وعيد عصاة الموحدين
فهو في خطر المشيئة إن شاء الله عذبه بالنار وإن شاء عفا عنه،
وتكون نسبة هذه الفرق إلى أمته صلى الله عليه وسلم نسبة صحيحة
وإن كان فيها دخن كما بين النبي صلى الله عليه وسلم.
وبهذا التحرير يندفع الإشكال الذي يورده البعض على حديث الافتراق
ويزعمون به أن أهل الحق المنتسبين إلى نهج السنة والجماعة
يسلطون سيف التكفير على رقاب الأمة،
وهي فرية لا حظ لها من الحقيقة كما تبين.
هذه بعض الملاحظات التي أردت أن أثبتها في هذا المقام،
حيث إنها تعين إن شاء الله على تصور ما يلي
من بيان الآثار السيئة للبدع على هذه الأمة،
والتي يمكن تلخيصها في أمر واحد هو الاختلاف والفرقة المذمومة،
فالبدعة بكل بساطة طريق سالك إلى الفرقة والاختلاف المذمومين،
لقد ثبت ذم هذا الاختلاف في نصوص كثيرة (منها) قوله تعالى
" ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات"
قال الإمام السيوطي رحمه الله
" أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الإختلاف والفرقة
وأخبرهم أنما هلك من كان قبلكم بالمراء والخصومات في دين الله"
الدر المنثور – السيوطي - 2/289
و(منها) قوله تعالى
"إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء"
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله
" وكانوا شيعاً :أي فرقاً كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات
فإن الله تعالى قد برأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هم فيه"
تفسير القرآن العظيم – ابن كثير - 2/179
و(منها) قوله تعالى
"ولا تكونوا من المشركين. من الذين فرقوا دينهم
وكانوا شيعاً كل حزبٍ بما لديهم فرحون" ،
قال الإمام الطبري رحمه الله
" وقوله (كل حزب بما لديهم فرحون)
يقول كل طائفة وفرقة من هؤلاء الذين فارقوا دينهم الحق
فأحدثوا البدع التي أحدثوا (بما لديهم فرحون)
يقول بما هم به متمسكون من المذهب فرحون مسرورون
يحسبون أن الصواب معهم دون غيرهم" ،
قال الإمام الطبري رحمه الله
" (فتفرق بكم عن سبيله) يقول فيشتت بكم إن اتبعتم السبل المحدثة
التي ليست لله بسبل ولا طرق ولا أديان"
تفسير الطبري - 21/34
فهذه النصوص كلها صريحة في ذم الاختلاف والتفرق،
وأقوال المفسرين كلها مجتمعة على أن المراد بهذا التفرق مخالفة الجماعة
حساً ومنجهاً على أصل بدعي مستحدث يمس كلياً من كليات الدين،
على تعدد بينهم في التمثيل لذلك فبعضهم يذكر اليهود والنصارى
وبعضهم يذكر أهل الاهواء في هذه الملة
والحق أن الذم يتعلق بكل ذلك لأنه مخالف لرسم النبوة بلا خلاف
يتبع
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
المطلب الثاني : الآثار التفصيلية للبدع في الأمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
تاريخ ظهور البدع نبذة عن التطور التاريخي
لأبرز البدع الكلية في هذه الأمة،
من قال إن بدعة الخوارج كانت أول ما ظهر
ومن قال إن بدعة القدرية هي أول ما ظهر من أصول الافتراق في هذه الأمة،
ورجحت في ذلك الموضع أن تكون الأولية أولية نسبية
أي أن أول ما ظهر من الفرق التي فارقت الجماعة حساً باجتماعها
هي على أصل بدعي هم الخوارج
وأن بدعة القدرية كانت أول البدع الفكرية العقدية المنهجية ظهوراً
كما هو في حديث ابن عمر عند مسلم في أول كتاب الإيمان .
ولعل هذه التوطئة تمهد لتقسيم أنواع آثار البدع السيئة في الأمة
إلى القسمين التاليين:
أولاً: الافتراق العملي الحسي
ثانياً: الافتراق العلمي العقدي
وهذا التقسيم فيه شيء من التداخل لأن الافتراق الحسي
لا يكون إلا باجتماع على أصل بدعي ضال،
ولكن فائدة التقسيم تظهر من حيث الآثار المترتبة على الأمة
كما سيظهر في الأمثلة التالية.
أولاً: الافتراق العلمي العقدي:
إن أخطر آثار البدع تتمثل في معارضتها الشريعة في أصولها الكلية
أو في منهج فهم وتطبيق نصوص الشريعة الدالة على هذه الأصول،
حتى إذا تأصلت مثل هذه المحدثات
واتخذها بعض المنتسبين إلى الإسلام معقداً للولاء والبراء
فضلوا بذلك عن جادة الحق،
حدث الشرخ بين هذه الجماعة وبين جماعة الإسلام الأصيلة
المتمسكة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم،
وهذا التسلسل في نشأة الفرقة والخلاف قد دل عليه حديث
النبى صلى الله عليه وسلم فقد قال العرباض بن سارية
" صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم
ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب،
فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟
فقال:" أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً،
فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً ،
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين،
تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ،
وإياكم ومحدثات الأمور،
فإن كل محدثة بدعة،
وكل بدعة ضلالة"
سنن أبو داود – باب لزوم السنة
والشاهد في قوله صلى الله عليه وسلم
(وكل بدعة ضلالة)
فإن الضلالة لا يمكن أن تصل بالمرء إلى صراط ربه المستقيم
وقد صح في الحديث أيضاً عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد"
صحيح البخاري – كتاب الصلح - باب إذا اصطلحوا على صلح جور
وعليه يمكن تلخيص أهم الآثار السيئة للبدع في مجال العقيدة فيما يلي:
1-الضلال :
-----------------------------------
فالبدعة والضلال قرينان،
فأينما وجدت البدعة وجدت الضلالة،
قال الله تعالى
" وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله"
قال الإمام الطبري بسنده عن مجاهد :
(ولا تتبعوا السبل) : البدع والشبهات"
تفسير الطبري – 8/88
وعن قتادة قال
" (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم)
قال صاحب بدعة يدعو إلى بدعته"
اعتقاد أهل السنة – اللالكائي
وأكثر ما يكون هذا النوع من الضلال ناجماً عن اتباع الهوى
ممن قدموا عقولهم وأهواءهم وتحسيناتهم العقلية على نصوص الشرع
فاعتقدوا أموراً واعتمدوا آراءً
ثم أخذوا يلوون أعناق النصوص لتوافق هواهم
فهؤلاء الذين قال الله تعالى فيهم
" فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه
ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله"
وإن خطر هؤلاء على الأمة عظيم جداً لأنهم –
كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
"دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها"
صحيح مسلم – باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن
2-الخلل المنهجي
-----------------------------
إن من أسوأ ما باءت به الأمة جراء استشراء البدع
ظهور الخلل العميق في منهج فهم نصوص الشريعة وتطبيقها،
وهذا قد أدى بدوره إلى تشتت وتشرذم الأمة كلٌ يسير وفق هواه،
وكل يطوع الدين لغايته ومبتغاه،
ولقد وعى حبر هذه الأمة وترجمانها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
هذا الداء فعن إبراهيم التيمي قال:
" خلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم يحدث نفسه،
فأرسل إلى ابن عباس
فقال: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد وكتابها واحد وقبلتها؟
فقال ابن عباس:" يا أمير المؤمنين، إنا أنزل علينا القرآن فقرأناه
وعلمنا فيم أنزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يعرفون فيم نزل،
فيكون لكل قوم فيه رأي، فإذا كان لكل قوم فيه رأي اختلفوا،
فإذا اختلفوا اقتتلوا"
فزبره عمر وانتهره فانصرف ابن عباس،
ثم دعاه بعد فعرف الذي قال، ثم قال: إيه أعد علي"
وإنما نهره عمر رضي الله عنه استعظاماً لهذا
الذي ذكره ابن عباس لا إنكاراً لما قاله
فلقد علم أن ما قاله هو الحق،
وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنهما
هو الذي جر على هذه الأمة الويلات،
وتأمل كيف ظهر هذا الخلل المنهجي في الأمة
عندما بدأ البعض يسير في فهم النصوص سيراً
ما سبقه إليه أحد ممن شهد الوحي
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الحافظ ابن حجر في الفتح
" وأخرج البيهقي بسندٍ جيدٍ عن عبد الله بن وهب قال:
كنا عند مالك، فدخل رجلٌ
فقال: يا أبا عبد الله الرحمن، "على العرش استوى"، كيف استوى؟
فأطرق مالك، فأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه
فقال:" الرحمن على العرش استوى"
كما وصف به نفسه، ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع،
وما أراك الا صاحب بدعة، أخرِجوه"
فتح الباري – الحافظ ابن حجر العسقلاني- 13/407
وقل مثل هذا في كل خلل منهجي استحدثه أهل البدع
كتحكيم العقل في النقل كما هو مذهب المعتزلة
والقول بوجود معان باطنة خفية للقرآن لا يعلمها إلا آحاد من الأئمة
كما يدعيه الباطنية وغيرهم،
ولا زلنا نتجرع آثار هذا الخلل المنهجي
في فهم نصوص عقيدتنا إلى يومنا هذا
وما هذا إلا بسبب سلوك طريق البدعة،
ولله در الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز
حيث كتب إلى بعض عماله وفيه
" فعليك بلزوم السنة فإنها لك بإذن الله عصمة
واعلم أن من سن السنن قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل
والتعمق والحمق فان السابقين الماضين عن علم وقفوا وببصر نافذ كفُّوا"
حلية الأولياء - 5/338
فكل منهج على خلاف منهج السنة فهو منهج خاطئ،
والخير كل الخير في الوقوف عند ما وقف عليه من عاين الوحي وشهد التنزيل
واستعصم بتصويب الوحي أو إقراراه لما فهم وطبق وعمل به من نصوص الوحي
3-خفوت السنة وضياعها:
------------------------
وهذا أثر خطير من آثار البدع على عقيدة الأمة وعلمها،
ذلك أنه لا تظهر بدعة إلا بخفوت سنة،
ولا تظهر سنة إلا بذبول بدعة تعارضها،
فعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
" ما يأتي على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا سنة
حتى تحيا البدع وتموت السنن"
أعتقاد أهل السنة – اللالكائي - 1/92
وذكر الإمام الشاطبي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه
أنه أخذ حجرين فوضع أحدهما على الآخر فقال لأصحابه:
هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟
قالوا: يا أبا عبد الله ما نرى بينهما من النور إلا قليلاً.
قال:" والذي نفسي بيده لتظهرن البدع حتى لا يُرى من الحق
إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور،
والله لتفشون البدع حتى إذا تُرك منها شيء
قالوا: تركت السنة"
الاعتصام – الشاطبي – 61
وقال الفضيل بن عياض:
" أدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة وينهون عن أصحاب البدع "
اعتقاد أهل السنة – اللالكائي – 1/138
والنكتة في الأمر أن القصد إلى مرضاة الله ليس له إلا طريق واحد
هو الصراط المستقيم،
فإما أن ينشغل المكلف به وهو ما جاء عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم
وإما أن ينشغل عنه،
ولا يجتمع هذا الضدان أبداً،
والدليل قوله تعالى:
" اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم
غير المغضوب علهم ولا الضالين"
فالتزام الصراط المستقيم يقتضي مباينة صراط أهل الجحيم،
وكذلك فإن سلوك طريق السنة يقتضي مباينة طريق البدعة.
4-بغض الحديث والتفريط فيه:
-------------------------------
وهذا أثر متعلق بالأثر السابق،
إذ أنك لا تكاد تجد صاحب بدعة إلا وه
و يبغض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فعن بقية قال
قال لي الأوزاعي: يا أبا محمد، ما تقول في قوم يبغضون حديث نبيهم؟
قلت: قوم سوء.
قال: "ليس من صاحب بدعة تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بخلاف بدعته بحديث إلا أبغض الحديث"
شرف أصحاب الحديث – أحمد بن علي البغدادي - 1/73
فإذا أبغض الناس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هلكت الأمة لا محالة،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي
ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض"
المستدرك على الصحيحين – الحاكم النيسابوري – 1/172، وأخرجه البيهقي وغيره
فمفهوم المخالفة لهذا الحديث يعني أن من ترك واحداً من الهديين فقد ضل،
ولا شك أن بغض الحديث طريق إلى هجر سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم
كما هو شأن أصحاب البدع والأهواء الذين تعييهم السنن فيبغضوها،
فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال:
" إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث
أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا"
سنن الدارقطني – 4/146
5-هدم الإسلام
------------------------
وإنما كانت البدع طريقاً إلى هدم الإسلام
لأنها تأتي بما يعارض الإسلام في أصوله وكلياته أو في كثير من جزئياته
فلا يبقى للحق مقام ولا مقال،
تأمل قول الله تعالى:
" يأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب
يردوكم بعد إيمانكم كافرين"
ومعلوم أن أهل الكتاب جاؤوا بأشنع البدع كبدعة الثالوث
وبدعة الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض وبدعة الرهبنة
كما جاء اليهود ببدع محدثة في صفات الله عز وجل
فنسبوا إلى الله تعالى صفة الفقر واللغوب تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً
ولعنهم لعناً كبيراً إلى يوم القيامة،
فكل من أحدث وابتدع صفات النقص ونسبها
إلى ذات الله عز وجل فإن فيه شبهاً من أهل الكتاب
وله فيهم سلف وهو على طريقهم في الزندقة وهدم الدين ماضٍ،
وتأمل قول إبراهيم بن ميسرة قال
" ومن وقَّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام"
أعتقاد أهل السنة – اللالكائي – 1/139،
وقال الفضيل بن عياض
" من أتاه رجل فشاوره فدله على مبتدع فقد غش الإسلام
واحذروا الدخول على صاحب البدع فإنهم يصدون عن الحق"
أعتقاد أهل السنة – اللالكائي – 1/137،
وعن ميمون بن مهران قال: قال لي ابن عباس :
" احفظ عني ثلاثاً؛ إياك والنظر في النجوم فإنه يدعو إلى الكهانة،
وإياك والقدر فإنه يدعو إلى الزندقة،
وإياك وشتم أحد من أصحاب محمد فيكبك الله في النار على وجهك"
اعتقاد أهل السنة – 4/633
والشاهد قوله
(وإياك والقدر فإنه يدعو إلى الزندقة)
فالمقصود بالقدر الخوض فيه على نحو بدعة القدرية والجبرية،
فدل على أن انتحال البدع سبيل الزندقة وهدم الدين.
6-التلبس بالنفاق :
------------------------------------
والمقصود في هذا المقام أن انتشار البدع واستعلان أهلها بها
مع سكوت أهل السنة عنهم وتقريرهم لما هم عليه – ولو بالسكوت –
بل والاستئناس بمخالطتهم
وعدم رؤية بأس بذلك هو علامة من علامات النفاق،
تضافرت على هذا نقول السلف رحمهم الله،
قال الفضيل رحمه الله
"إن لله ملائكة يطلبون حلق الذكر فانظروا من يكون مجلسك
لا يكون مع صاحب بدعة فإن الله لا ينظر إليهم
وعلامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة"
وقال أيضاً
" الأرواح جنوده مجندة فما تعارف منها ائتلف
وما تناكر منها اختلف
ولا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالىء صاحب بدعة
إلا من النفاق"
وقال مصعب بن سعد:
"لا تجالس مفتوناً فإنه لن يخطئك منه إحدى خصلتين
إما أن يفتنك فتتابعه أو يؤذيك قبل أن تفارقه"
وعن أبي قلابة قال
" لا تجالسوا أهل الأهواء فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم
أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون"
الاعتقاد – البيهقي – 1/238
وعن الحسن قال:
" لا تجالس صاحب بدعة فإنه يمرض قلبك"
الاعتصام - 65
والنقول في هذا كثيرة جداً،
ولعل الأصل في هذا النهي كله قوله تعالى:
" وقد نزَّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها
ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره
إنكم إذاً مثلهم"
قال الإمام الطبري
" وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة
أهل الباطل من كل نوع من المبتدعة والفسقة عند خوضهم في باطلهم"
تفسير الطبري – 5/330
7-حبوط الإيمان:
------------------------
ذلك أن الإيمان عمل،
والبدعة سبيل إلى حبوط العمل فهو يستلزم حبوط الإيمان،
وهذا لعمري غاية الخسران،
أما دليل حبوط العمل بالبدعة فقوله تعالى:
"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل
المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً"
وحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"
وعلى هذا المعنى تضافرت نقول السلف
فعن الحسن قال:
"صاحب البدعة لا يزداد اجتهاداً صياماً وصلاةً إلا ازداد من الله بعداً"
الاعتصام - 64
وعن الفضيل بن عياض قال:
" لا تجلس مع صاحب بدعة أحبط الله عمله
وأخرج نور الإسلام من قلبه"
اعتقاد أهل السنة – 1/138
وعن أيوب السختيانى قال:
" ما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً إلا زاد من الله عز وجل بعداً"
صفة الصفوة – 3/295
وعن محمد بن النضر الحارثي قال
" من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة
وهو يعلم أنه صاحب بدعة نزعت منه العصمة ووكل إلى نفسه"
اعتقاد أهل السنة – 1/136
وغير هذا كثير يشهد لما قررناه.
8-مرض القلب وقسوته:
--------------------------
وإذا انتشر مرض القلب بين الناس انتشر في الأمة وفسدت وهلكت،
والأصل في هذا قوله تعالى
" فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه
ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله"
وهذا الزيغ إن هو إلا مرض الشبهات التي يلقيها الشيطان
في أفئدة القوم من أتباع الهوى،
ولقد قال الفضيل رحمه الله:
" صاحب البدعة لا تأمنه على دينك ولا تشاوره في أمرك
ولا تجلس إليه فمن جلس إلى صاحب بدعة ورثه الله العمى"
وقال عبد الله بن المبارك:
" صاحب البدعة على وجهه الظلمة وإن ادهن كل يوم ثلاثين مرة"
وكان يقول رحمه الله:
" اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يداً فيحبه قلبي"
وغير هذا كثير مما يدل على تخوف السلف رضوان الله عليهم
من تأثرهم بأصحاب البدعة وتسرب أمراضهم إلى قلوبهم،
ولهذا كان من منهج كثيرٍ منهم مفارقة أهل البدعة
وعدم مجالستهم بل وعدم مناظرتهم إلا للضرورة،
وكل ذلك إمعاناً في هجر الوقاية منهم والنكاية بهم.
هذه جملة من الآثار السيئة للبدع التي يظهر أثرها في الافتراق العلمي
والعقدي والمنهجي عن صراط أهل الحق،
ولئن بقي عند شاك أو متردد شبهة حول خطورة ظهور هؤلاء في الأمة
متوهماً أن السلامة تحصل بمجرد التزام باقي الأمة للصراط المستقيم
دون اكتراث بخطر هؤلاء المبتدعة على الأمة بأسرها فليقرأ قوله تعالى
" واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
واعلموا أن الله شديد العقاب"
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله
في رواية عن ابن عباس في تفسير هذه الآية
" أمر الله المؤمنين أن لا يُقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذاب،
وهذا تفسيرٌ حسنٌ جداً"
فتأمل.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
تاريخ ظهور البدع نبذة عن التطور التاريخي
لأبرز البدع الكلية في هذه الأمة،
من قال إن بدعة الخوارج كانت أول ما ظهر
ومن قال إن بدعة القدرية هي أول ما ظهر من أصول الافتراق في هذه الأمة،
ورجحت في ذلك الموضع أن تكون الأولية أولية نسبية
أي أن أول ما ظهر من الفرق التي فارقت الجماعة حساً باجتماعها
هي على أصل بدعي هم الخوارج
وأن بدعة القدرية كانت أول البدع الفكرية العقدية المنهجية ظهوراً
كما هو في حديث ابن عمر عند مسلم في أول كتاب الإيمان .
ولعل هذه التوطئة تمهد لتقسيم أنواع آثار البدع السيئة في الأمة
إلى القسمين التاليين:
أولاً: الافتراق العملي الحسي
ثانياً: الافتراق العلمي العقدي
وهذا التقسيم فيه شيء من التداخل لأن الافتراق الحسي
لا يكون إلا باجتماع على أصل بدعي ضال،
ولكن فائدة التقسيم تظهر من حيث الآثار المترتبة على الأمة
كما سيظهر في الأمثلة التالية.
أولاً: الافتراق العلمي العقدي:
إن أخطر آثار البدع تتمثل في معارضتها الشريعة في أصولها الكلية
أو في منهج فهم وتطبيق نصوص الشريعة الدالة على هذه الأصول،
حتى إذا تأصلت مثل هذه المحدثات
واتخذها بعض المنتسبين إلى الإسلام معقداً للولاء والبراء
فضلوا بذلك عن جادة الحق،
حدث الشرخ بين هذه الجماعة وبين جماعة الإسلام الأصيلة
المتمسكة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم،
وهذا التسلسل في نشأة الفرقة والخلاف قد دل عليه حديث
النبى صلى الله عليه وسلم فقد قال العرباض بن سارية
" صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم
ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب،
فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟
فقال:" أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً،
فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً ،
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين،
تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ،
وإياكم ومحدثات الأمور،
فإن كل محدثة بدعة،
وكل بدعة ضلالة"
سنن أبو داود – باب لزوم السنة
والشاهد في قوله صلى الله عليه وسلم
(وكل بدعة ضلالة)
فإن الضلالة لا يمكن أن تصل بالمرء إلى صراط ربه المستقيم
وقد صح في الحديث أيضاً عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد"
صحيح البخاري – كتاب الصلح - باب إذا اصطلحوا على صلح جور
وعليه يمكن تلخيص أهم الآثار السيئة للبدع في مجال العقيدة فيما يلي:
1-الضلال :
-----------------------------------
فالبدعة والضلال قرينان،
فأينما وجدت البدعة وجدت الضلالة،
قال الله تعالى
" وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله"
قال الإمام الطبري بسنده عن مجاهد :
(ولا تتبعوا السبل) : البدع والشبهات"
تفسير الطبري – 8/88
وعن قتادة قال
" (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم)
قال صاحب بدعة يدعو إلى بدعته"
اعتقاد أهل السنة – اللالكائي
وأكثر ما يكون هذا النوع من الضلال ناجماً عن اتباع الهوى
ممن قدموا عقولهم وأهواءهم وتحسيناتهم العقلية على نصوص الشرع
فاعتقدوا أموراً واعتمدوا آراءً
ثم أخذوا يلوون أعناق النصوص لتوافق هواهم
فهؤلاء الذين قال الله تعالى فيهم
" فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه
ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله"
وإن خطر هؤلاء على الأمة عظيم جداً لأنهم –
كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
"دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها"
صحيح مسلم – باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن
2-الخلل المنهجي
-----------------------------
إن من أسوأ ما باءت به الأمة جراء استشراء البدع
ظهور الخلل العميق في منهج فهم نصوص الشريعة وتطبيقها،
وهذا قد أدى بدوره إلى تشتت وتشرذم الأمة كلٌ يسير وفق هواه،
وكل يطوع الدين لغايته ومبتغاه،
ولقد وعى حبر هذه الأمة وترجمانها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
هذا الداء فعن إبراهيم التيمي قال:
" خلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم يحدث نفسه،
فأرسل إلى ابن عباس
فقال: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد وكتابها واحد وقبلتها؟
فقال ابن عباس:" يا أمير المؤمنين، إنا أنزل علينا القرآن فقرأناه
وعلمنا فيم أنزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يعرفون فيم نزل،
فيكون لكل قوم فيه رأي، فإذا كان لكل قوم فيه رأي اختلفوا،
فإذا اختلفوا اقتتلوا"
فزبره عمر وانتهره فانصرف ابن عباس،
ثم دعاه بعد فعرف الذي قال، ثم قال: إيه أعد علي"
وإنما نهره عمر رضي الله عنه استعظاماً لهذا
الذي ذكره ابن عباس لا إنكاراً لما قاله
فلقد علم أن ما قاله هو الحق،
وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنهما
هو الذي جر على هذه الأمة الويلات،
وتأمل كيف ظهر هذا الخلل المنهجي في الأمة
عندما بدأ البعض يسير في فهم النصوص سيراً
ما سبقه إليه أحد ممن شهد الوحي
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الحافظ ابن حجر في الفتح
" وأخرج البيهقي بسندٍ جيدٍ عن عبد الله بن وهب قال:
كنا عند مالك، فدخل رجلٌ
فقال: يا أبا عبد الله الرحمن، "على العرش استوى"، كيف استوى؟
فأطرق مالك، فأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه
فقال:" الرحمن على العرش استوى"
كما وصف به نفسه، ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع،
وما أراك الا صاحب بدعة، أخرِجوه"
فتح الباري – الحافظ ابن حجر العسقلاني- 13/407
وقل مثل هذا في كل خلل منهجي استحدثه أهل البدع
كتحكيم العقل في النقل كما هو مذهب المعتزلة
والقول بوجود معان باطنة خفية للقرآن لا يعلمها إلا آحاد من الأئمة
كما يدعيه الباطنية وغيرهم،
ولا زلنا نتجرع آثار هذا الخلل المنهجي
في فهم نصوص عقيدتنا إلى يومنا هذا
وما هذا إلا بسبب سلوك طريق البدعة،
ولله در الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز
حيث كتب إلى بعض عماله وفيه
" فعليك بلزوم السنة فإنها لك بإذن الله عصمة
واعلم أن من سن السنن قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل
والتعمق والحمق فان السابقين الماضين عن علم وقفوا وببصر نافذ كفُّوا"
حلية الأولياء - 5/338
فكل منهج على خلاف منهج السنة فهو منهج خاطئ،
والخير كل الخير في الوقوف عند ما وقف عليه من عاين الوحي وشهد التنزيل
واستعصم بتصويب الوحي أو إقراراه لما فهم وطبق وعمل به من نصوص الوحي
3-خفوت السنة وضياعها:
------------------------
وهذا أثر خطير من آثار البدع على عقيدة الأمة وعلمها،
ذلك أنه لا تظهر بدعة إلا بخفوت سنة،
ولا تظهر سنة إلا بذبول بدعة تعارضها،
فعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
" ما يأتي على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا سنة
حتى تحيا البدع وتموت السنن"
أعتقاد أهل السنة – اللالكائي - 1/92
وذكر الإمام الشاطبي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه
أنه أخذ حجرين فوضع أحدهما على الآخر فقال لأصحابه:
هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟
قالوا: يا أبا عبد الله ما نرى بينهما من النور إلا قليلاً.
قال:" والذي نفسي بيده لتظهرن البدع حتى لا يُرى من الحق
إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور،
والله لتفشون البدع حتى إذا تُرك منها شيء
قالوا: تركت السنة"
الاعتصام – الشاطبي – 61
وقال الفضيل بن عياض:
" أدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة وينهون عن أصحاب البدع "
اعتقاد أهل السنة – اللالكائي – 1/138
والنكتة في الأمر أن القصد إلى مرضاة الله ليس له إلا طريق واحد
هو الصراط المستقيم،
فإما أن ينشغل المكلف به وهو ما جاء عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم
وإما أن ينشغل عنه،
ولا يجتمع هذا الضدان أبداً،
والدليل قوله تعالى:
" اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم
غير المغضوب علهم ولا الضالين"
فالتزام الصراط المستقيم يقتضي مباينة صراط أهل الجحيم،
وكذلك فإن سلوك طريق السنة يقتضي مباينة طريق البدعة.
4-بغض الحديث والتفريط فيه:
-------------------------------
وهذا أثر متعلق بالأثر السابق،
إذ أنك لا تكاد تجد صاحب بدعة إلا وه
و يبغض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فعن بقية قال
قال لي الأوزاعي: يا أبا محمد، ما تقول في قوم يبغضون حديث نبيهم؟
قلت: قوم سوء.
قال: "ليس من صاحب بدعة تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بخلاف بدعته بحديث إلا أبغض الحديث"
شرف أصحاب الحديث – أحمد بن علي البغدادي - 1/73
فإذا أبغض الناس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هلكت الأمة لا محالة،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي
ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض"
المستدرك على الصحيحين – الحاكم النيسابوري – 1/172، وأخرجه البيهقي وغيره
فمفهوم المخالفة لهذا الحديث يعني أن من ترك واحداً من الهديين فقد ضل،
ولا شك أن بغض الحديث طريق إلى هجر سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم
كما هو شأن أصحاب البدع والأهواء الذين تعييهم السنن فيبغضوها،
فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال:
" إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث
أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا"
سنن الدارقطني – 4/146
5-هدم الإسلام
------------------------
وإنما كانت البدع طريقاً إلى هدم الإسلام
لأنها تأتي بما يعارض الإسلام في أصوله وكلياته أو في كثير من جزئياته
فلا يبقى للحق مقام ولا مقال،
تأمل قول الله تعالى:
" يأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب
يردوكم بعد إيمانكم كافرين"
ومعلوم أن أهل الكتاب جاؤوا بأشنع البدع كبدعة الثالوث
وبدعة الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض وبدعة الرهبنة
كما جاء اليهود ببدع محدثة في صفات الله عز وجل
فنسبوا إلى الله تعالى صفة الفقر واللغوب تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً
ولعنهم لعناً كبيراً إلى يوم القيامة،
فكل من أحدث وابتدع صفات النقص ونسبها
إلى ذات الله عز وجل فإن فيه شبهاً من أهل الكتاب
وله فيهم سلف وهو على طريقهم في الزندقة وهدم الدين ماضٍ،
وتأمل قول إبراهيم بن ميسرة قال
" ومن وقَّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام"
أعتقاد أهل السنة – اللالكائي – 1/139،
وقال الفضيل بن عياض
" من أتاه رجل فشاوره فدله على مبتدع فقد غش الإسلام
واحذروا الدخول على صاحب البدع فإنهم يصدون عن الحق"
أعتقاد أهل السنة – اللالكائي – 1/137،
وعن ميمون بن مهران قال: قال لي ابن عباس :
" احفظ عني ثلاثاً؛ إياك والنظر في النجوم فإنه يدعو إلى الكهانة،
وإياك والقدر فإنه يدعو إلى الزندقة،
وإياك وشتم أحد من أصحاب محمد فيكبك الله في النار على وجهك"
اعتقاد أهل السنة – 4/633
والشاهد قوله
(وإياك والقدر فإنه يدعو إلى الزندقة)
فالمقصود بالقدر الخوض فيه على نحو بدعة القدرية والجبرية،
فدل على أن انتحال البدع سبيل الزندقة وهدم الدين.
6-التلبس بالنفاق :
------------------------------------
والمقصود في هذا المقام أن انتشار البدع واستعلان أهلها بها
مع سكوت أهل السنة عنهم وتقريرهم لما هم عليه – ولو بالسكوت –
بل والاستئناس بمخالطتهم
وعدم رؤية بأس بذلك هو علامة من علامات النفاق،
تضافرت على هذا نقول السلف رحمهم الله،
قال الفضيل رحمه الله
"إن لله ملائكة يطلبون حلق الذكر فانظروا من يكون مجلسك
لا يكون مع صاحب بدعة فإن الله لا ينظر إليهم
وعلامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة"
وقال أيضاً
" الأرواح جنوده مجندة فما تعارف منها ائتلف
وما تناكر منها اختلف
ولا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالىء صاحب بدعة
إلا من النفاق"
وقال مصعب بن سعد:
"لا تجالس مفتوناً فإنه لن يخطئك منه إحدى خصلتين
إما أن يفتنك فتتابعه أو يؤذيك قبل أن تفارقه"
وعن أبي قلابة قال
" لا تجالسوا أهل الأهواء فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم
أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون"
الاعتقاد – البيهقي – 1/238
وعن الحسن قال:
" لا تجالس صاحب بدعة فإنه يمرض قلبك"
الاعتصام - 65
والنقول في هذا كثيرة جداً،
ولعل الأصل في هذا النهي كله قوله تعالى:
" وقد نزَّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها
ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره
إنكم إذاً مثلهم"
قال الإمام الطبري
" وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة
أهل الباطل من كل نوع من المبتدعة والفسقة عند خوضهم في باطلهم"
تفسير الطبري – 5/330
7-حبوط الإيمان:
------------------------
ذلك أن الإيمان عمل،
والبدعة سبيل إلى حبوط العمل فهو يستلزم حبوط الإيمان،
وهذا لعمري غاية الخسران،
أما دليل حبوط العمل بالبدعة فقوله تعالى:
"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل
المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً"
وحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"
وعلى هذا المعنى تضافرت نقول السلف
فعن الحسن قال:
"صاحب البدعة لا يزداد اجتهاداً صياماً وصلاةً إلا ازداد من الله بعداً"
الاعتصام - 64
وعن الفضيل بن عياض قال:
" لا تجلس مع صاحب بدعة أحبط الله عمله
وأخرج نور الإسلام من قلبه"
اعتقاد أهل السنة – 1/138
وعن أيوب السختيانى قال:
" ما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً إلا زاد من الله عز وجل بعداً"
صفة الصفوة – 3/295
وعن محمد بن النضر الحارثي قال
" من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة
وهو يعلم أنه صاحب بدعة نزعت منه العصمة ووكل إلى نفسه"
اعتقاد أهل السنة – 1/136
وغير هذا كثير يشهد لما قررناه.
8-مرض القلب وقسوته:
--------------------------
وإذا انتشر مرض القلب بين الناس انتشر في الأمة وفسدت وهلكت،
والأصل في هذا قوله تعالى
" فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه
ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله"
وهذا الزيغ إن هو إلا مرض الشبهات التي يلقيها الشيطان
في أفئدة القوم من أتباع الهوى،
ولقد قال الفضيل رحمه الله:
" صاحب البدعة لا تأمنه على دينك ولا تشاوره في أمرك
ولا تجلس إليه فمن جلس إلى صاحب بدعة ورثه الله العمى"
وقال عبد الله بن المبارك:
" صاحب البدعة على وجهه الظلمة وإن ادهن كل يوم ثلاثين مرة"
وكان يقول رحمه الله:
" اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يداً فيحبه قلبي"
وغير هذا كثير مما يدل على تخوف السلف رضوان الله عليهم
من تأثرهم بأصحاب البدعة وتسرب أمراضهم إلى قلوبهم،
ولهذا كان من منهج كثيرٍ منهم مفارقة أهل البدعة
وعدم مجالستهم بل وعدم مناظرتهم إلا للضرورة،
وكل ذلك إمعاناً في هجر الوقاية منهم والنكاية بهم.
هذه جملة من الآثار السيئة للبدع التي يظهر أثرها في الافتراق العلمي
والعقدي والمنهجي عن صراط أهل الحق،
ولئن بقي عند شاك أو متردد شبهة حول خطورة ظهور هؤلاء في الأمة
متوهماً أن السلامة تحصل بمجرد التزام باقي الأمة للصراط المستقيم
دون اكتراث بخطر هؤلاء المبتدعة على الأمة بأسرها فليقرأ قوله تعالى
" واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
واعلموا أن الله شديد العقاب"
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله
في رواية عن ابن عباس في تفسير هذه الآية
" أمر الله المؤمنين أن لا يُقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذاب،
وهذا تفسيرٌ حسنٌ جداً"
فتأمل.
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
ثانياً: الافتراق العملي الحسي:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
ثانياً: الافتراق العملي الحسي
--------------------------------
وهذا النوع الثاني من الافتراق يشترك مع النوع الأول في كل ما تقدم
لأنه يقوم على أساس الاجتماع على أصل بدعي يفارق به الجماعة،
ولكنه يزيد خطورة على النوع الأول
بسبب آثاره الخطيرة على الجماعة المسلمة،
وتأمل قول أيوب السختياني رحمه الله
وكان يسمي أصحاب البدع خوارج ويقول:
" إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف" ،
الاعتصام - 65
وهذه الكلمة الجامعة تلخص لنا طبيعة الآثار السلبية للبدعة
التي تتطور إلى درجة المفارقة الحسية العملية لجماعة المسلمين،
وفيما يلي عرض لأبرز هذه الآثار
1-التفرق والتشرذم والخروج عن الجماعة:
--------------------------
والأصل في هذا ما حذر منه الله تعالى حيث قال
" أو يَلبِسَكم شِيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض" ،
قال الإمام الطبري بسنده عن مجاهد :
( أو يلبسكم شيعاً) : الأهواء المفترقة" ،
تفسير الطبري – 7/ 221
ولعمري إن هذا لهو كفران النعمة
فلقد امتن الله تعالى على هذه الأمة بالجماعة وبالاعتصام بحبله المتين
حيث قال تعالى:
"واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم
إذ كنتم أعداءً فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً" ،
قال الإمام الطبري بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
أنه قال في قوله (واعتصموا بحبل الله جميعاً)
قال: "الجماعة" ،
تفسير الطبري – 4/30
وتأمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
"إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة
وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان "
صحيح مسلم – باب حكم من فرق أمر المسلمين
تأمل هذا الحديث لتدرك خطورة هذا الافتراق والتشرذم
حتى أباح النبي صلى الله عليه وسلم دم من تربص للأمة به.
2-استحلال السيف في رقاب المسلمين:
------------------------------------
عن ابن عمر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" ،
صحيح البخاري – كتاب الفتن
فلا يستغرب لمن انتحل البدعة وخالف السنة أن تكون أولى ثمار بدعته
هذه استحلال السيف في رقاب أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وقد كان،
وهاك نموذجاً من تأويلات الخوارج الباطلة
واستحلالهم الدم الحرام والعرض الحرام
فعن حميد بن هلال قال: حدثني رجل من عبد القيس قال:
( كنت مع الخوارج فرأيت منهم شيئاً كرهته ففارقتهم على أن لا أكثر عليهم،
فبينا أنا مع طائفة منهم إذ رأوا رجلاً خرج كأنه فَزِع وبينهم وبينه نهر،
فقطعوا إليه النهر
فقالوا: كأنا رعناك؟
قال: أجل.
قالوا: ومن أنت؟
قال : أنا عبد الله بن خباب بن الأرت.
قالوا: عندك حديث تحدثناه عن أبيك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: سمعته يقول أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن فتنة جائية القاعد فيها خير من القائم،
والقائم فيها خير من الماشي،
فإذا لقيتهم فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول فلا تكن عبد الله القاتل"
قال: فقربوه إلى النهر فضربوا عنقه، فرأيت دمه يسيل على الماء"
مصنف ابن أبي شيبة – 7/555 وأخرج عبد الرزاق مثله في المصنف
وليس الأمر خاصاً بالخوارج فحسب
فعن أبي قلابة قال
" ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف" ،
سنن الدارمي – 1/58
3-استباحة الأعراض والأموال المحرمة:
------------------------------
ففي الحادثة التي سقناها عن الخوارج وقتلهم عبد الله بن خباب قال
" ثم دعوا بسرية له حبلى فبقروا عما في بطنها"
ووجه الدلالة أن السرية مال حرام وقد استباحوه بالإتلاف،
وهي فرج حرام وقد عقروا بطنها وهتكوا عرضها،
وهذا كله مفرع على تأويلاتهم الفاسدة التي استحلوا بها محارم الله .
4-امتحان المسلمين:
-----------------------
فأهل البدع يمتحنون الناس ويفتشون عما في قلوبهم
لا سيما عند ظهور شوكتهم،
ولقد عانت الأمة جراء ذلك ردحاً من الزمن
كما كان من محنة خلق القرآن
حين ظهرت شوكة المعتزلة مع بعض الخلفاء العباسيين،
وأياً ما كان فإن هذا المسلك هو مسلك أهل البدع
يفارقون به أهل السنة والجماعة،
فأتباع منهج صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمتحنون الناس
فلقد قال الله تعالى
" يأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبيَّنوا ولا تقولوا
لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا"
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم
الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تُخفروا الله في ذمته" ،
صحيح البخاري – كتاب الصلاة – باب فضل استقبال القبلة
قال الحافظ ابن حجر في شرحه
" وفيه أن أمور الناس محمولة على الظاهر ,
فمن أظهر شعار الدين أجريت عليه أحكام أهله
ما لم يظهر منه خلاف ذلك"،
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية نور الله ضريحه
"وتجوز الصلاة خلف كل مسلم مستور الحال باتفاق الأئمة الأربعة
وسائر أئمة المسلمين،
فمن قال : لا أصلي جمعة ولا جماعة إلا خلف
من أعرف عقيدته في الباطن فهذا مبتدع
مخالف للصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وأئمة المسلمين الأربعة وغيرهم والله أعلم"
مجموع الفتاوى – 4/ 331
فالحاصل أن أتباع منهج الصحابة يأخذون بظواهر الناس
التي قررها الشرع ولا ينقبون عما في قلوبهم
ولا يمتحنون الناس بسؤالهم ماذا تقول في كذا وماذا تعتقد في كذا،
وإنما هذا التفتيش والامتحان مسلك أهل البدع لأنهم محتاجون إلى هذا القمع
حيث أعوزهم الدليل الشرعي والحجة العقلية.
وبعد،
فهذه أهم الآثار العملية السيئة المترتبة على ظهور البدع وفشوها في الأمة،
ولقد تبين من خلال هذا العرض الموجز لها أن أمر البدع كلها سيء
وأن مآلها كلها إلى سوء،
وأن لا مندوحة للأمة عن الاعتصام برسم النبوة للنجاة من هذه الفتنة
التي تكاد تأتي على كل شيء،
نسأل الله السلامة من ذلك
يتبع الخاتمه
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد
ثانياً: الافتراق العملي الحسي
--------------------------------
وهذا النوع الثاني من الافتراق يشترك مع النوع الأول في كل ما تقدم
لأنه يقوم على أساس الاجتماع على أصل بدعي يفارق به الجماعة،
ولكنه يزيد خطورة على النوع الأول
بسبب آثاره الخطيرة على الجماعة المسلمة،
وتأمل قول أيوب السختياني رحمه الله
وكان يسمي أصحاب البدع خوارج ويقول:
" إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف" ،
الاعتصام - 65
وهذه الكلمة الجامعة تلخص لنا طبيعة الآثار السلبية للبدعة
التي تتطور إلى درجة المفارقة الحسية العملية لجماعة المسلمين،
وفيما يلي عرض لأبرز هذه الآثار
1-التفرق والتشرذم والخروج عن الجماعة:
--------------------------
والأصل في هذا ما حذر منه الله تعالى حيث قال
" أو يَلبِسَكم شِيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض" ،
قال الإمام الطبري بسنده عن مجاهد :
( أو يلبسكم شيعاً) : الأهواء المفترقة" ،
تفسير الطبري – 7/ 221
ولعمري إن هذا لهو كفران النعمة
فلقد امتن الله تعالى على هذه الأمة بالجماعة وبالاعتصام بحبله المتين
حيث قال تعالى:
"واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم
إذ كنتم أعداءً فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً" ،
قال الإمام الطبري بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
أنه قال في قوله (واعتصموا بحبل الله جميعاً)
قال: "الجماعة" ،
تفسير الطبري – 4/30
وتأمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
"إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة
وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان "
صحيح مسلم – باب حكم من فرق أمر المسلمين
تأمل هذا الحديث لتدرك خطورة هذا الافتراق والتشرذم
حتى أباح النبي صلى الله عليه وسلم دم من تربص للأمة به.
2-استحلال السيف في رقاب المسلمين:
------------------------------------
عن ابن عمر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" ،
صحيح البخاري – كتاب الفتن
فلا يستغرب لمن انتحل البدعة وخالف السنة أن تكون أولى ثمار بدعته
هذه استحلال السيف في رقاب أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وقد كان،
وهاك نموذجاً من تأويلات الخوارج الباطلة
واستحلالهم الدم الحرام والعرض الحرام
فعن حميد بن هلال قال: حدثني رجل من عبد القيس قال:
( كنت مع الخوارج فرأيت منهم شيئاً كرهته ففارقتهم على أن لا أكثر عليهم،
فبينا أنا مع طائفة منهم إذ رأوا رجلاً خرج كأنه فَزِع وبينهم وبينه نهر،
فقطعوا إليه النهر
فقالوا: كأنا رعناك؟
قال: أجل.
قالوا: ومن أنت؟
قال : أنا عبد الله بن خباب بن الأرت.
قالوا: عندك حديث تحدثناه عن أبيك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: سمعته يقول أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن فتنة جائية القاعد فيها خير من القائم،
والقائم فيها خير من الماشي،
فإذا لقيتهم فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول فلا تكن عبد الله القاتل"
قال: فقربوه إلى النهر فضربوا عنقه، فرأيت دمه يسيل على الماء"
مصنف ابن أبي شيبة – 7/555 وأخرج عبد الرزاق مثله في المصنف
وليس الأمر خاصاً بالخوارج فحسب
فعن أبي قلابة قال
" ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف" ،
سنن الدارمي – 1/58
3-استباحة الأعراض والأموال المحرمة:
------------------------------
ففي الحادثة التي سقناها عن الخوارج وقتلهم عبد الله بن خباب قال
" ثم دعوا بسرية له حبلى فبقروا عما في بطنها"
ووجه الدلالة أن السرية مال حرام وقد استباحوه بالإتلاف،
وهي فرج حرام وقد عقروا بطنها وهتكوا عرضها،
وهذا كله مفرع على تأويلاتهم الفاسدة التي استحلوا بها محارم الله .
4-امتحان المسلمين:
-----------------------
فأهل البدع يمتحنون الناس ويفتشون عما في قلوبهم
لا سيما عند ظهور شوكتهم،
ولقد عانت الأمة جراء ذلك ردحاً من الزمن
كما كان من محنة خلق القرآن
حين ظهرت شوكة المعتزلة مع بعض الخلفاء العباسيين،
وأياً ما كان فإن هذا المسلك هو مسلك أهل البدع
يفارقون به أهل السنة والجماعة،
فأتباع منهج صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمتحنون الناس
فلقد قال الله تعالى
" يأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبيَّنوا ولا تقولوا
لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا"
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم
الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تُخفروا الله في ذمته" ،
صحيح البخاري – كتاب الصلاة – باب فضل استقبال القبلة
قال الحافظ ابن حجر في شرحه
" وفيه أن أمور الناس محمولة على الظاهر ,
فمن أظهر شعار الدين أجريت عليه أحكام أهله
ما لم يظهر منه خلاف ذلك"،
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية نور الله ضريحه
"وتجوز الصلاة خلف كل مسلم مستور الحال باتفاق الأئمة الأربعة
وسائر أئمة المسلمين،
فمن قال : لا أصلي جمعة ولا جماعة إلا خلف
من أعرف عقيدته في الباطن فهذا مبتدع
مخالف للصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وأئمة المسلمين الأربعة وغيرهم والله أعلم"
مجموع الفتاوى – 4/ 331
فالحاصل أن أتباع منهج الصحابة يأخذون بظواهر الناس
التي قررها الشرع ولا ينقبون عما في قلوبهم
ولا يمتحنون الناس بسؤالهم ماذا تقول في كذا وماذا تعتقد في كذا،
وإنما هذا التفتيش والامتحان مسلك أهل البدع لأنهم محتاجون إلى هذا القمع
حيث أعوزهم الدليل الشرعي والحجة العقلية.
وبعد،
فهذه أهم الآثار العملية السيئة المترتبة على ظهور البدع وفشوها في الأمة،
ولقد تبين من خلال هذا العرض الموجز لها أن أمر البدع كلها سيء
وأن مآلها كلها إلى سوء،
وأن لا مندوحة للأمة عن الاعتصام برسم النبوة للنجاة من هذه الفتنة
التي تكاد تأتي على كل شيء،
نسأل الله السلامة من ذلك
يتبع الخاتمه
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
الخاتمة
الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين
أما بعد
إنه مهما أعيت المنافحَ عن السنة الحيلةُ
في رد الخصوم وبيان تهافت الضلالات
فإن له ملاذاً آمناً لا يخذله البتة ألا وهو
قوله تعالى
" ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم
فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول
إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر
ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً"
ومعلوم أن هذا التحاكم إنما ينضبط
بمنهج الصحابة رضوان الله تعالى عليهم
كما تقدم في قوله تعالى
" ومن يشاقق الرسولَ من بعد ما تبين له الهدى
ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولى
ونُصلِه جهنم وساءت مصيراً"
قال الإمام أحمد رحمه الله
"أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم"
ولهذا فإنك مهما وجدت صاحب فرقة وهوى
يزعم الانتساب إلى الكتاب والسنة،
فإنك لن تجده ينتسب إلى منهج الصحابة البتة،
بل إن علامة أهل الفرقة ترك منهج الصحابة،
وأمامك تاريخ الفرق وأهل الأهواء تأمله
وراجعه لتوقن أن أحداً منهم لا ينتسب إلى
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء،
ناهيك عن أن ينتسب إليهم بأصلهم البدعي المفارق،
فمهما لبَّس هؤلاء بتأويل آية متشابهة
أو حمل حديث على غير وجه الحق فلنخاصمهم
بسنن الصحابة رضوان الله عليهم
فإن كان لهم فيهم سلف وإلا،
فهم صدر هذه الأمة ؛
إجماعهم حجة لازمة
واختلافهم رحمة واسعة،
ولن تجد الحق خارجاً عن مجموع أقوالهم البتة،
فتأمل.
ومما تقدم في هذا البحث يمكن استخلاص ما يلي
1-إن البدعة بمعناها الشرعي مذمومة البتة،
وإن أي سياق استحسن شيئاً من البدع
ممن يعتد بقوله فإنما يدور ذلك على معنى لغوي
أو معنى اصطلاحي خاص
لا ينازع الأصل الذي قررناه،
ولا مشاحة في الاصطلاح.
2-إن للبدعة ضوابط لا بد من تمييزها
حتى يتمكن طالب العلم والعالم
من ضبط مصطلح البدعة
ومعرفة ما يجب قمعه مما يحتمل السكوت عنه
مما ليس ببدعة كمصلحة مرسلة ونحوها.
3-إن تاريخ الفرقة والاختلاف في هذه الأمة قديم
وهو سائر على سنن الأمم الماضية،
والنكتة في ذلك أن بعض هذه الأمة قد سلك
مسلك الأمم الماضية في الاختلاف على نهج أنبيائها،
فخالف بعض المنتسبين لهذه الأمة
رسم النبوة المعصوم
وانتهوا إلى آراء وأهواء
سلكت بهم كل مسلك سوى الحق،
فضلوا وأضلوا.
4-إن ثبوت الافتراق في الأحاديث الصحيحة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من قبيل
الأمر القدري الكوني
فلا حجة فيه لأحد البتة،
وإنما كان مجيئه على لسان رسول الله
صلى الله عليه وسلم
معجزاً من جهة التنبؤ
بما لا علم له به صلى الله عليه وسلم
إلا بوحي من الله سبحانه وتعالى،
أما الأمر الشرعي فواضح
في الدعوة إلى الوحدة والائتلاف ونبذ الفرقة والاختلاف.
5-إن آثار البدع السيئة على الأمة
تتناول كلاً من أمنها العقائدي
وأمنها الاجتماعي السياسي
نتيجة الويلات التي تجرها عليها في كل من المحورين
وحري بأمة محمد صلى الله عليه وسلم
أن تنهض للدفاع عن سنة نبيها صلى الله عليه وسلم
فتميت البدعة
وتحيي السنة
وتلتزم رسم النبوة كما حفظه الله تعالى لنا
خروجاً من العهدة وإبراءً للذمة أمام الله عز وجل.
وختاماً،
أقول:
في خضم هذه الفتن والابتلاءات،
وتلك الشبهات والشهوات
ما لمثلي أن تَـخُطَ يداه،
ثم هو يَزْعُمُ أنه من الناصحين لله،
ومن الذابين المدافعين عن سنة رسول الله ،
ولكن لِـمَا سبق من نية أرجو من الله عليها الإثابة،
ومن رغبةٍ أرجو من الله لها استجابة
كيما يفيق من هذه الأمة شباب
يعظمون مقام ربهم،
ويتمسكون بغرس نبيهم،
ويرفعون شأن دينهم،
بعقيدة سلفية
من البدع والأهواء والشبهات نقية،
تقودهم في متاهات السبل، وغيابات الطرق
في عصر صار الإعراض عن دين محمد عنوان
وصار لكل شاردة لسان، ولكل شاذة بنان،
ولا حول ولا قوة إلا بالله المستعان
هذا وأني في ذلك كله
على عقيدة السلف الصالح أسير؛
لا أبدل فيها ولا أزيد،
ولا أزيغ عنها ولا أحيد،
ونحن مع الدليل ندور؛
فنسير معه حيث سار،
ونقف أينما حط الرحال
وهذا جهد المقل،
وعلى الله ربنا التكلان
أسأل الله تعالى القبول لما وفقت إليه
من صواب والعفو عما زل به القلم،
وأسأله تعالى أن يستعملنا
في نصرة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
وقمع ما سواها،
إنه خير مسؤول وأكرم مأمول،
واستمدادي المعونة والهداية والتوفيق والصيانة
في هذا وجميع أموري
من رب الأرضين والسماوات،
واسأله التوفيق لحسن النيات،
والإعانة على جميع أنواع الطاعات،
وتيسيرها والهداية لها دائمـًا في ازدياد حتى الممات،
وأن يجود علينا برضاه،
ومحبته، ودوام طاعته،
وأن يطّهر قلوبنا وجوارحنا من جميع المخالفات،
وأن يرزقنا التفويض إليه،
والاعتماد عليه في جميع الحالات.
اعتصمت بالله، وتوكلت علي الله.
ما شاء الله، لا قوة إلا بالله،
لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم،
حسبي الله ونعم الوكيل
وعنك إشارتي، وإليك قصدي ** ومنك مسرتي، ولك انقيادي
وأنت ذخيرتي، وبك اعتمادي ** وفيك تألهي، وبك انتـصاري
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم
الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبع هداهم
وسار على نهجهم إلى يوم الدين
أما بعد
إنه مهما أعيت المنافحَ عن السنة الحيلةُ
في رد الخصوم وبيان تهافت الضلالات
فإن له ملاذاً آمناً لا يخذله البتة ألا وهو
قوله تعالى
" ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم
فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول
إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر
ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً"
ومعلوم أن هذا التحاكم إنما ينضبط
بمنهج الصحابة رضوان الله تعالى عليهم
كما تقدم في قوله تعالى
" ومن يشاقق الرسولَ من بعد ما تبين له الهدى
ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولى
ونُصلِه جهنم وساءت مصيراً"
قال الإمام أحمد رحمه الله
"أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم"
ولهذا فإنك مهما وجدت صاحب فرقة وهوى
يزعم الانتساب إلى الكتاب والسنة،
فإنك لن تجده ينتسب إلى منهج الصحابة البتة،
بل إن علامة أهل الفرقة ترك منهج الصحابة،
وأمامك تاريخ الفرق وأهل الأهواء تأمله
وراجعه لتوقن أن أحداً منهم لا ينتسب إلى
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء،
ناهيك عن أن ينتسب إليهم بأصلهم البدعي المفارق،
فمهما لبَّس هؤلاء بتأويل آية متشابهة
أو حمل حديث على غير وجه الحق فلنخاصمهم
بسنن الصحابة رضوان الله عليهم
فإن كان لهم فيهم سلف وإلا،
فهم صدر هذه الأمة ؛
إجماعهم حجة لازمة
واختلافهم رحمة واسعة،
ولن تجد الحق خارجاً عن مجموع أقوالهم البتة،
فتأمل.
ومما تقدم في هذا البحث يمكن استخلاص ما يلي
1-إن البدعة بمعناها الشرعي مذمومة البتة،
وإن أي سياق استحسن شيئاً من البدع
ممن يعتد بقوله فإنما يدور ذلك على معنى لغوي
أو معنى اصطلاحي خاص
لا ينازع الأصل الذي قررناه،
ولا مشاحة في الاصطلاح.
2-إن للبدعة ضوابط لا بد من تمييزها
حتى يتمكن طالب العلم والعالم
من ضبط مصطلح البدعة
ومعرفة ما يجب قمعه مما يحتمل السكوت عنه
مما ليس ببدعة كمصلحة مرسلة ونحوها.
3-إن تاريخ الفرقة والاختلاف في هذه الأمة قديم
وهو سائر على سنن الأمم الماضية،
والنكتة في ذلك أن بعض هذه الأمة قد سلك
مسلك الأمم الماضية في الاختلاف على نهج أنبيائها،
فخالف بعض المنتسبين لهذه الأمة
رسم النبوة المعصوم
وانتهوا إلى آراء وأهواء
سلكت بهم كل مسلك سوى الحق،
فضلوا وأضلوا.
4-إن ثبوت الافتراق في الأحاديث الصحيحة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من قبيل
الأمر القدري الكوني
فلا حجة فيه لأحد البتة،
وإنما كان مجيئه على لسان رسول الله
صلى الله عليه وسلم
معجزاً من جهة التنبؤ
بما لا علم له به صلى الله عليه وسلم
إلا بوحي من الله سبحانه وتعالى،
أما الأمر الشرعي فواضح
في الدعوة إلى الوحدة والائتلاف ونبذ الفرقة والاختلاف.
5-إن آثار البدع السيئة على الأمة
تتناول كلاً من أمنها العقائدي
وأمنها الاجتماعي السياسي
نتيجة الويلات التي تجرها عليها في كل من المحورين
وحري بأمة محمد صلى الله عليه وسلم
أن تنهض للدفاع عن سنة نبيها صلى الله عليه وسلم
فتميت البدعة
وتحيي السنة
وتلتزم رسم النبوة كما حفظه الله تعالى لنا
خروجاً من العهدة وإبراءً للذمة أمام الله عز وجل.
وختاماً،
أقول:
في خضم هذه الفتن والابتلاءات،
وتلك الشبهات والشهوات
ما لمثلي أن تَـخُطَ يداه،
ثم هو يَزْعُمُ أنه من الناصحين لله،
ومن الذابين المدافعين عن سنة رسول الله ،
ولكن لِـمَا سبق من نية أرجو من الله عليها الإثابة،
ومن رغبةٍ أرجو من الله لها استجابة
كيما يفيق من هذه الأمة شباب
يعظمون مقام ربهم،
ويتمسكون بغرس نبيهم،
ويرفعون شأن دينهم،
بعقيدة سلفية
من البدع والأهواء والشبهات نقية،
تقودهم في متاهات السبل، وغيابات الطرق
في عصر صار الإعراض عن دين محمد عنوان
وصار لكل شاردة لسان، ولكل شاذة بنان،
ولا حول ولا قوة إلا بالله المستعان
هذا وأني في ذلك كله
على عقيدة السلف الصالح أسير؛
لا أبدل فيها ولا أزيد،
ولا أزيغ عنها ولا أحيد،
ونحن مع الدليل ندور؛
فنسير معه حيث سار،
ونقف أينما حط الرحال
وهذا جهد المقل،
وعلى الله ربنا التكلان
أسأل الله تعالى القبول لما وفقت إليه
من صواب والعفو عما زل به القلم،
وأسأله تعالى أن يستعملنا
في نصرة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
وقمع ما سواها،
إنه خير مسؤول وأكرم مأمول،
واستمدادي المعونة والهداية والتوفيق والصيانة
في هذا وجميع أموري
من رب الأرضين والسماوات،
واسأله التوفيق لحسن النيات،
والإعانة على جميع أنواع الطاعات،
وتيسيرها والهداية لها دائمـًا في ازدياد حتى الممات،
وأن يجود علينا برضاه،
ومحبته، ودوام طاعته،
وأن يطّهر قلوبنا وجوارحنا من جميع المخالفات،
وأن يرزقنا التفويض إليه،
والاعتماد عليه في جميع الحالات.
اعتصمت بالله، وتوكلت علي الله.
ما شاء الله، لا قوة إلا بالله،
لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم،
حسبي الله ونعم الوكيل
وعنك إشارتي، وإليك قصدي ** ومنك مسرتي، ولك انقيادي
وأنت ذخيرتي، وبك اعتمادي ** وفيك تألهي، وبك انتـصاري
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
خطورة البدعه
يقول الله تعالى
( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الإسلام دينا )
المائدة : 3 ،
وذلك يقتضي بلا شك أن الله تعالى ما قبض نبيه ،
صلى الله عليه وسلم ، إلا بعد أن بلغ الرسالة ،
وأدى الأمانة ، وعلم الأمة كل شيء تحتاج إليه ،
وبين لهم ما أرسل به ، وما أنزل عليه ،
سواء في العقائد ، أو في الأعمال
وقد ثبت عنه ، صلى الله عليه وسلم ،
أنه قال
( إنه لم يكن نبي قبلي ، إلا كان حقا عليه
أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ،
وينذرهم شر ما يعلمه لهم )
رواه مسلم ،
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ،
يكرر في خطبته في كل جمعة قوله
( إن أصدق الحديث كتاب الله ،
وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ،
وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ،
وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )
رواه مسلم
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ،
( خط مرة خطا مستقيما ،
وخط عن يمينه وشماله خطوطا منحرفة ،
وقال
( هذا سبيلي ـ يعني المستقيم
وهذه ـ يعني المنحرفة ـ سبل ،
على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ـ يعني البدع
وقرأ قوله تعالى
( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )
الأنعام : 153
يقول صلى الله عليه وسلم في وصيته
( عليكم بسنتي ،
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين الراشدين من بعدي ،
تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ،
وإياكم ومحدثات الأمور ،
فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )
أحمد وأبو داود
والنواجذ في أقاصي الأسنان ،
وذلك كناية عن شدة التمسك ،
وشدة القبض على الأشياء
فخير الطريقة طريقة النبي صلى الله عليه وسلم
وسيرته ، التي سار عليها خلفاؤه الراشدون
وصحابته المتقون ، وتمسك بها أئمة الدين ،
وساروا على نهجها إلى يوم الدين ،
وتبعهم أتباعهم إلى يومهم هذا ،
فتبعهم الأئمة الأربعة ،
الذين هم أئمة الهدى ،ومصابيح الدجى ،
وحفظوا ما جاءهم وما بلغهم من السنة ،
وحذروا من البدعة ، وبينوا ضرر هذا البدع ،
سواء كانت في العقائد أو في الأعمال ،
بينوا أن اقتراف البدعة
أحب إلى الشيطان من المعصية ،
وذلك أن المبتدع يعتقد أنه على حق ،
وأن الحق في جانبه ،
ولذلك لا يرجع عما هو عليه ،
ولو أتيته بكل آية ما اقتنع بما تدعو إليه.
لذا كانت البدعة أحب إلى الشيطان من المعاصي ،
ومن كبائر الذنوب ،
لأن المعاصي يمكن التوبة منها ،
فيمكن أن يعرف صاحبها بأنه مذنب ،
ويأمل التوبة ، ويبدؤها ،
وقد يوفق وقد لا يوفق .
أما المبتدع فإن الشيطان يحسن له بدعته ،
ويبين له أن من خالفه فهو ضال ،
وأن من كان على غير طريقته فهو باطل ،
وأن الحق بجانبه هو !
فهذه البدع ليست من الدين في شيء ،
ولو كانت من الدين
ما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا بعد أن يبلغها
وهذا ما شهد به الصحابة رضي الله عنهم ،
للرسول صلى الله عليه وسلم
إذ شهدوا له بالبلاغ وبالبيان ،
فقد ثبت عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال
( لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم ،
وما يحرك طائر جناحيه في السماء
إلا ذكر لنا منه علما )
وذكر أيضا أنه صلى الله عليه وسلم
( قام مرة على المنبر وخطب في الناس ،
وأخذ يعلمهم من أول النهار
بعد صلاة الصبح إلى أن دخل وقت صلاة الظهر ،
فنزل وصلى ، ثم بعد الصلاة عاد إلى تعليمه ،
واستمر في تعليمه إلى أن دخل وقت العصر ،
فنزل وصلى ، ثم صعد أيضا ،
واستمر في البيان والتعليم إلى أن أتى وقت المغرب ،
فذكر كل شيء يحتاجون إليه ،
وذكر كل شيء آت في المستقبل ،
حتى ذكر دخول أهل الجنة الجنة ،
ودخول أهل النار النار ،
وبدء الأمر ونهايته،
فحفظ ذلك من حفظه ، ونسيه من نسيه )
وذلك كله من باب البيان والتبليغ ،
لأن الله كلفه بقوله
( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )
وفي آية أخرى
( إن عليك إلا البلاغ )
فهذا هو البلاغ الذي بينه ،
وأوضح كتاب ربه الذي أنزل عليه ،
وكلفه بالبيان بقوله
( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )
أليس هذا دليلا على أنه صلى الله عليه وسلم ،
قد وضح ما نزل ،
وبين ما أرسل به ؟
ذلك أن الله اختاره لحمل الرسالة ،
وما اختاره إلا على علم
( وربك يخلق ما يشاء ويختار )
ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم
أنصح الناس لأمته ،
فإنه ناصح ومحب ،
ومشفق عليهم ،
ومحب لنجاتهم ،
يقول الله تعالى
( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه
ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم )
كذلك قد رزقه الله فصاحة ، وبيانا ، وبلاغة ،
حيث اختصر له الكلام اختصارا،
وأعطاه جوامع الكلم ،
فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال
( بعثت بجوامع الكلم )
رواه الشيخان .
وقال صلى الله عليه وسلم
( أعطيت جوامع الكلم وخواتمه ،
واختصر لي الحديث اختصارا )
وفي رواية
(أعطيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه )
كل ذلك مما يوضح أنه صلى عليه وسلم
قد بين للناس وبلغ ،
ثم يأتي أهل البدع فيتهمونه بالتقصير !
ويقولون إن شريعته ناقصة !
فهي بحاجة إلى أن يضاف إليها !
فأضافوا إليها شيئا من العقائد والأعمال !
إن المبتدع يعتقد أن الإسلام ناقص ،
وأن بدعته مكملة لهذا الدين !
لذلك يضيف بدعته إضافة إلى الشريعة الإسلامية ،
أو لم يروا أن الله تعالى قد امتن على المسلمين
بأن أكمل لهم دينهم ،
ولا شك أن الكمال يقتضي أنه قد وضح وظهر ،
ولم يحتج إلى تكميل
ولا شك أن ذلك أيضا تهمه
للرسول صلى الله عليه وسلم بالخيانة ،
أو تهمة لربه بأن شريعته ناقصة ،
وتهمة للشريعة ذاتها بأنها ناقصة غير كاملة.
وقد حذر السلف ـ رضي الله عنهم ـ من البدع ،
وكذلك أشار العلماء ـ وفقهم الله ـ إلى خطورة البدع ،
وبينوا أنواعها :
وهكذا حرص السلف ـ رحمهم الله ـ
على التمسك بالسنة ،والسير عليها ،
والنهي عن البدع حتى لو كانت صغيرة ،
فلا يتهاونون بها ،
مثلما أنكر ابن مسعود هذه البدعة اليسيرة
يقول الله تعالى
( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الإسلام دينا )
المائدة : 3 ،
وذلك يقتضي بلا شك أن الله تعالى ما قبض نبيه ،
صلى الله عليه وسلم ، إلا بعد أن بلغ الرسالة ،
وأدى الأمانة ، وعلم الأمة كل شيء تحتاج إليه ،
وبين لهم ما أرسل به ، وما أنزل عليه ،
سواء في العقائد ، أو في الأعمال
وقد ثبت عنه ، صلى الله عليه وسلم ،
أنه قال
( إنه لم يكن نبي قبلي ، إلا كان حقا عليه
أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ،
وينذرهم شر ما يعلمه لهم )
رواه مسلم ،
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ،
يكرر في خطبته في كل جمعة قوله
( إن أصدق الحديث كتاب الله ،
وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ،
وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ،
وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )
رواه مسلم
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ،
( خط مرة خطا مستقيما ،
وخط عن يمينه وشماله خطوطا منحرفة ،
وقال
( هذا سبيلي ـ يعني المستقيم
وهذه ـ يعني المنحرفة ـ سبل ،
على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ـ يعني البدع
وقرأ قوله تعالى
( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )
الأنعام : 153
يقول صلى الله عليه وسلم في وصيته
( عليكم بسنتي ،
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين الراشدين من بعدي ،
تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ،
وإياكم ومحدثات الأمور ،
فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )
أحمد وأبو داود
والنواجذ في أقاصي الأسنان ،
وذلك كناية عن شدة التمسك ،
وشدة القبض على الأشياء
فخير الطريقة طريقة النبي صلى الله عليه وسلم
وسيرته ، التي سار عليها خلفاؤه الراشدون
وصحابته المتقون ، وتمسك بها أئمة الدين ،
وساروا على نهجها إلى يوم الدين ،
وتبعهم أتباعهم إلى يومهم هذا ،
فتبعهم الأئمة الأربعة ،
الذين هم أئمة الهدى ،ومصابيح الدجى ،
وحفظوا ما جاءهم وما بلغهم من السنة ،
وحذروا من البدعة ، وبينوا ضرر هذا البدع ،
سواء كانت في العقائد أو في الأعمال ،
بينوا أن اقتراف البدعة
أحب إلى الشيطان من المعصية ،
وذلك أن المبتدع يعتقد أنه على حق ،
وأن الحق في جانبه ،
ولذلك لا يرجع عما هو عليه ،
ولو أتيته بكل آية ما اقتنع بما تدعو إليه.
لذا كانت البدعة أحب إلى الشيطان من المعاصي ،
ومن كبائر الذنوب ،
لأن المعاصي يمكن التوبة منها ،
فيمكن أن يعرف صاحبها بأنه مذنب ،
ويأمل التوبة ، ويبدؤها ،
وقد يوفق وقد لا يوفق .
أما المبتدع فإن الشيطان يحسن له بدعته ،
ويبين له أن من خالفه فهو ضال ،
وأن من كان على غير طريقته فهو باطل ،
وأن الحق بجانبه هو !
فهذه البدع ليست من الدين في شيء ،
ولو كانت من الدين
ما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا بعد أن يبلغها
وهذا ما شهد به الصحابة رضي الله عنهم ،
للرسول صلى الله عليه وسلم
إذ شهدوا له بالبلاغ وبالبيان ،
فقد ثبت عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال
( لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم ،
وما يحرك طائر جناحيه في السماء
إلا ذكر لنا منه علما )
وذكر أيضا أنه صلى الله عليه وسلم
( قام مرة على المنبر وخطب في الناس ،
وأخذ يعلمهم من أول النهار
بعد صلاة الصبح إلى أن دخل وقت صلاة الظهر ،
فنزل وصلى ، ثم بعد الصلاة عاد إلى تعليمه ،
واستمر في تعليمه إلى أن دخل وقت العصر ،
فنزل وصلى ، ثم صعد أيضا ،
واستمر في البيان والتعليم إلى أن أتى وقت المغرب ،
فذكر كل شيء يحتاجون إليه ،
وذكر كل شيء آت في المستقبل ،
حتى ذكر دخول أهل الجنة الجنة ،
ودخول أهل النار النار ،
وبدء الأمر ونهايته،
فحفظ ذلك من حفظه ، ونسيه من نسيه )
وذلك كله من باب البيان والتبليغ ،
لأن الله كلفه بقوله
( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )
وفي آية أخرى
( إن عليك إلا البلاغ )
فهذا هو البلاغ الذي بينه ،
وأوضح كتاب ربه الذي أنزل عليه ،
وكلفه بالبيان بقوله
( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )
أليس هذا دليلا على أنه صلى الله عليه وسلم ،
قد وضح ما نزل ،
وبين ما أرسل به ؟
ذلك أن الله اختاره لحمل الرسالة ،
وما اختاره إلا على علم
( وربك يخلق ما يشاء ويختار )
ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم
أنصح الناس لأمته ،
فإنه ناصح ومحب ،
ومشفق عليهم ،
ومحب لنجاتهم ،
يقول الله تعالى
( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه
ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم )
كذلك قد رزقه الله فصاحة ، وبيانا ، وبلاغة ،
حيث اختصر له الكلام اختصارا،
وأعطاه جوامع الكلم ،
فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال
( بعثت بجوامع الكلم )
رواه الشيخان .
وقال صلى الله عليه وسلم
( أعطيت جوامع الكلم وخواتمه ،
واختصر لي الحديث اختصارا )
وفي رواية
(أعطيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه )
كل ذلك مما يوضح أنه صلى عليه وسلم
قد بين للناس وبلغ ،
ثم يأتي أهل البدع فيتهمونه بالتقصير !
ويقولون إن شريعته ناقصة !
فهي بحاجة إلى أن يضاف إليها !
فأضافوا إليها شيئا من العقائد والأعمال !
إن المبتدع يعتقد أن الإسلام ناقص ،
وأن بدعته مكملة لهذا الدين !
لذلك يضيف بدعته إضافة إلى الشريعة الإسلامية ،
أو لم يروا أن الله تعالى قد امتن على المسلمين
بأن أكمل لهم دينهم ،
ولا شك أن الكمال يقتضي أنه قد وضح وظهر ،
ولم يحتج إلى تكميل
ولا شك أن ذلك أيضا تهمه
للرسول صلى الله عليه وسلم بالخيانة ،
أو تهمة لربه بأن شريعته ناقصة ،
وتهمة للشريعة ذاتها بأنها ناقصة غير كاملة.
وقد حذر السلف ـ رضي الله عنهم ـ من البدع ،
وكذلك أشار العلماء ـ وفقهم الله ـ إلى خطورة البدع ،
وبينوا أنواعها :
وهكذا حرص السلف ـ رحمهم الله ـ
على التمسك بالسنة ،والسير عليها ،
والنهي عن البدع حتى لو كانت صغيرة ،
فلا يتهاونون بها ،
مثلما أنكر ابن مسعود هذه البدعة اليسيرة
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
مفهوم البدعة
يقال إن هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة،
فما حقيقة ذلك مع ذلك الدليل؟
وإن صحت هذه العبارة نرجو تطبيقها
إن القول بأن البدعة في الدين تنقسم إلى حسنة وسيئة
مما لا أصل له في الشرع فلا دليل عليه
من قول الرسول صلى الله عليه و سلم
فلم يرد لفظ البدعة
على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم
إلا على سبيل الذم
2-هكذا يقول بعض الناس أن البدعة تنقسم إلى أقسام خمسة،
تدور على الأحكام،
( بدعة حسنة، بدعة محرمة،
بدعة مكروهة، بدعة مندوبة، بدعة مباحة )
هذا التقسيم فيه نظر،
والرسول صلى الله عليه وسلم قال
((كل بدعة ضلالة))،
ولم يقسمها،
فقال
((كل بدعة ضلالة))،
فالحق الذي لا ريب فيه أن البدع المخالفة للشرع
كلها ضلالة،
ومراد النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدثه الناس
ولهذا قال
((إياكم ومحدثات الأمور))،
وقال
((شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة))
هكذا يقول عليه الصلاة والسلام.
فالمحدثات التي تخالف شرع الله فإنها بدعة ضلالة،
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر
((من أحدث من أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))
وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام
((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))
فكل بدعة ضلالة،
وكل محدثة بدعة،
ودليل هذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم،
قال الشاطبي قدس الله روحه
( إن هذا التقسيم - تقسيم البدعة خمسة أقسام -
أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي
بل هو في نفسه متدافع لأن من حقيقة البدعة
أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع
ولا من قواعده إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع
على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثمَّ بدعة
وكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها
أو المخير فيها ... )
[الاعتصام 1/191-192]
3 . قول الرسول صلى الله عليه و سلم
عام
في كل بدعة أحدثت بعده
صلى الله عليه و سلم للتقرب بها إلى الله عز وجل .
4 . قول الرسول صلى الله عليه و سلم :
كلية عامة شاملة مسوَّرة بأقوى أدوات
أدوات الشمول والعموم
" كل "
والذي نطق بهذه الكلية
وهو الرسول صلى الله عليه و سلم
يعلم مدلول هذا اللفظ وهو أفصح الخلق
وأنصح الخلق للخلق
لا يتلفظ إلا بشيء يقصد معناه
ملحوظة :
إن هذا المبحث الصغير من الأهمية بمكان ،
إذ أن معظم أقربائنا و أهلنا و غيرهم من الأصدقاء
و ما إلى ذلك يرددون هذه الشبهات
كالببغاوات
لا يعلمون من ورائها إلا أن يحللوا ما يفعلون ،
لكن بعض الناس قد يلبس عليه بعض الأمور،
فيرى أن ما وقع في المسلمين من بعض الأشياء
التي لم تقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
أنها بدعة حسنة،
وربما يتعلق بقول عمر رضي الله عنه في التراويح
(( نعمت البدعة ))
لما جمع الناس على إمام واحد
وهذا ليس مما أراده النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن ما يحدثه الناس مما تدل عليه الشريعة وترشد إليه الأدلة
لا يسمى بدعة منكرة،
وإن سمي بدعة من حيث اللغة،
فكون المسلمين نقطوا المصاحف
وشكلوا القرآن حتى لا يشتبه على القارئ،
وجمعوه في المصاحف،
هذا كله يسمى بدعة لكن هذا شيء واجب،
شيء يحفظ القرآن ويُسهل قراءته على المسلمين،
هذا نحن مأمورون به،
مأمورون بما يسهل علينا القرآن
وبما يحفظه على المسلمين،
وبما يعين المسلمين على حفظه
وقراءته قراءة مستقيمة،
فليس هذا من باب البدعة المنكرة
بل هذا من باب الأوامر الشرعية،
ومن باب الحفظ للدين،
ومن باب العناية بالقرآن،
فليس مما نحن فيه في شيء،
وكذلك قول عمر رضي الله عنه وأرضاه،
نعمت البدعة يعني كونه جمعهم على إمام واحد
بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
هذا بدعة من حيث اللغة؛
لأن البدعة في اللغة
( هي الشيء الذي ليس على مثال سابق )
ما يحدثه الناس على غير مثال سابق
يسمى بدعة من حيث اللغة.
فهذا إنما أراد من حيث اللغة لا من حيث الشرع،
فإن التراويح فعلها النبي صلى الله عليه وسلم،
وصلى بالناس ليالي، وأرشد إليها وحثهم عليها،
فليست بدعة التراويح
ولكن جمعه جماعة على إمام واحد،
قال فيه:
نعمت البدعة.
من حيث اللغة فقط.
فالحاصل أن ما أوجده المسلمون مما يدل عليه الشرع
ويرشد إليه الشرع
بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمى بدعة،
بل هو مما دعا إليه الشرع، وأمر به الشرع،
من جنس جمع عمر للتراويح رضي الله عنه وأرضاه،
فليس من البدعة في شيء.
وإنما الذي أنكره العلماء وقصده النبي صلى الله عليه وسلم
هو ما يحدث الناس مما يخالف شرع الله،
مما يخالف أوامر الله ورسوله،
مثل البناء على القبور،
ومثل اتخاذ المساجد عليها،
ومثل الغلو فيها،
بدعائها أو الاستغاثة بها والنذر لها ونحو ذلك،
هذه من البدع الشركية،
ولأنها غير معلومة على الصحيح،
فدل ذلك على أنها بدعة،
لقوله صلى الله عليه وسلم
((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد))
يقال إن هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة،
فما حقيقة ذلك مع ذلك الدليل؟
وإن صحت هذه العبارة نرجو تطبيقها
إن القول بأن البدعة في الدين تنقسم إلى حسنة وسيئة
مما لا أصل له في الشرع فلا دليل عليه
من قول الرسول صلى الله عليه و سلم
فلم يرد لفظ البدعة
على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم
إلا على سبيل الذم
2-هكذا يقول بعض الناس أن البدعة تنقسم إلى أقسام خمسة،
تدور على الأحكام،
( بدعة حسنة، بدعة محرمة،
بدعة مكروهة، بدعة مندوبة، بدعة مباحة )
هذا التقسيم فيه نظر،
والرسول صلى الله عليه وسلم قال
((كل بدعة ضلالة))،
ولم يقسمها،
فقال
((كل بدعة ضلالة))،
فالحق الذي لا ريب فيه أن البدع المخالفة للشرع
كلها ضلالة،
ومراد النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدثه الناس
ولهذا قال
((إياكم ومحدثات الأمور))،
وقال
((شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة))
هكذا يقول عليه الصلاة والسلام.
فالمحدثات التي تخالف شرع الله فإنها بدعة ضلالة،
ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر
((من أحدث من أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))
وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام
((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))
فكل بدعة ضلالة،
وكل محدثة بدعة،
ودليل هذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم،
قال الشاطبي قدس الله روحه
( إن هذا التقسيم - تقسيم البدعة خمسة أقسام -
أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي
بل هو في نفسه متدافع لأن من حقيقة البدعة
أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع
ولا من قواعده إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع
على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثمَّ بدعة
وكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها
أو المخير فيها ... )
[الاعتصام 1/191-192]
3 . قول الرسول صلى الله عليه و سلم
عام
في كل بدعة أحدثت بعده
صلى الله عليه و سلم للتقرب بها إلى الله عز وجل .
4 . قول الرسول صلى الله عليه و سلم :
كلية عامة شاملة مسوَّرة بأقوى أدوات
أدوات الشمول والعموم
" كل "
والذي نطق بهذه الكلية
وهو الرسول صلى الله عليه و سلم
يعلم مدلول هذا اللفظ وهو أفصح الخلق
وأنصح الخلق للخلق
لا يتلفظ إلا بشيء يقصد معناه
ملحوظة :
إن هذا المبحث الصغير من الأهمية بمكان ،
إذ أن معظم أقربائنا و أهلنا و غيرهم من الأصدقاء
و ما إلى ذلك يرددون هذه الشبهات
كالببغاوات
لا يعلمون من ورائها إلا أن يحللوا ما يفعلون ،
لكن بعض الناس قد يلبس عليه بعض الأمور،
فيرى أن ما وقع في المسلمين من بعض الأشياء
التي لم تقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
أنها بدعة حسنة،
وربما يتعلق بقول عمر رضي الله عنه في التراويح
(( نعمت البدعة ))
لما جمع الناس على إمام واحد
وهذا ليس مما أراده النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن ما يحدثه الناس مما تدل عليه الشريعة وترشد إليه الأدلة
لا يسمى بدعة منكرة،
وإن سمي بدعة من حيث اللغة،
فكون المسلمين نقطوا المصاحف
وشكلوا القرآن حتى لا يشتبه على القارئ،
وجمعوه في المصاحف،
هذا كله يسمى بدعة لكن هذا شيء واجب،
شيء يحفظ القرآن ويُسهل قراءته على المسلمين،
هذا نحن مأمورون به،
مأمورون بما يسهل علينا القرآن
وبما يحفظه على المسلمين،
وبما يعين المسلمين على حفظه
وقراءته قراءة مستقيمة،
فليس هذا من باب البدعة المنكرة
بل هذا من باب الأوامر الشرعية،
ومن باب الحفظ للدين،
ومن باب العناية بالقرآن،
فليس مما نحن فيه في شيء،
وكذلك قول عمر رضي الله عنه وأرضاه،
نعمت البدعة يعني كونه جمعهم على إمام واحد
بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
هذا بدعة من حيث اللغة؛
لأن البدعة في اللغة
( هي الشيء الذي ليس على مثال سابق )
ما يحدثه الناس على غير مثال سابق
يسمى بدعة من حيث اللغة.
فهذا إنما أراد من حيث اللغة لا من حيث الشرع،
فإن التراويح فعلها النبي صلى الله عليه وسلم،
وصلى بالناس ليالي، وأرشد إليها وحثهم عليها،
فليست بدعة التراويح
ولكن جمعه جماعة على إمام واحد،
قال فيه:
نعمت البدعة.
من حيث اللغة فقط.
فالحاصل أن ما أوجده المسلمون مما يدل عليه الشرع
ويرشد إليه الشرع
بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمى بدعة،
بل هو مما دعا إليه الشرع، وأمر به الشرع،
من جنس جمع عمر للتراويح رضي الله عنه وأرضاه،
فليس من البدعة في شيء.
وإنما الذي أنكره العلماء وقصده النبي صلى الله عليه وسلم
هو ما يحدث الناس مما يخالف شرع الله،
مما يخالف أوامر الله ورسوله،
مثل البناء على القبور،
ومثل اتخاذ المساجد عليها،
ومثل الغلو فيها،
بدعائها أو الاستغاثة بها والنذر لها ونحو ذلك،
هذه من البدع الشركية،
ولأنها غير معلومة على الصحيح،
فدل ذلك على أنها بدعة،
لقوله صلى الله عليه وسلم
((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد))
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
رد: البدع وأثــرها السـيء في الأمة
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا انك ولي ذلك ومولاه .
أحمد نصيب-
- عدد المساهمات : 9959
العمر : 66
المكان : أم المدائن قفصة
المهنه : طالب علم
الهوايه : المطالعة فحسب
نقاط تحت التجربة : 24437
تاريخ التسجيل : 05/08/2007
مواضيع مماثلة
» من أتقن السنة بانت له البدع
» ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك
» فساق أهل السنة خير من عباد أهل البدع .
» معنى الابتداع و أنواع البدع
» كان السلف يفرحون بموت أهل البدع وأهل الضلال
» ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك
» فساق أهل السنة خير من عباد أهل البدع .
» معنى الابتداع و أنواع البدع
» كان السلف يفرحون بموت أهل البدع وأهل الضلال
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى