حكم الصلاة على الغائب ( عند المذاهب الأربعة )

حكم الصلاة على الغائب ( عند المذاهب الأربعة )
إختلف الفقهاء في صلاة الغائب هل هي مشروعة أم لا؟ وهذه أقوالهم وأدلة كل قول:

القول الأول: ذهب الشافعية والحنابلة في القول المعتمد عندهم إلى أن صلاة الغائب مشروعة وجائزة في حق المسلم الذي يموت في بلد آخر فتستقبل القبلة
ويصلى عليه كما يصلى على الميت الحاضر(1). وهذا قول إبن حزم الظاهري وجمهور السلف(2). وبه قال ابن حبيب من المالكية(3).

القول الثاني: وذهب الحنفية والمالكية إلى أن صلاة الغائب غير مشروعة(4). وهو رواية عن أحمد(5). وهو قول العترة(6).
واختلف المالكية هل هي مكروهة او محرمة على قولين في مذهبهم(7).

الأدلة:
إحتج الفريق الأول بما يلي:
اولا: ما ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي صلاة الغائب حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي توفي فيه
وقال: قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه فصف الصحابة خلف النبي صلى الله عليه وسلم وصلوا على النجاشي صلاة الغائب.
وقد سبق ذكر الأحاديث الواردة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي.
ثانيا: احتجوا بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي على قبر الميت إذا فاتته الصلاة عليه والميت في القبر غائب فكذلك الحال إذا كان الميت غائباً في الأصل(.
وقد استدلوا على إثبات صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على القبر بأدلة كثيرة منها:
أ- عن إبن عباس رضي الله عنهما قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قبر رطب فصلى عليه وصفوا خلفه وكبر أربعا)رواه البخاري(9).
ب- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن إمرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شاباً ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنه أو عنها فقالوا: مات . قال أفلا آذنتموني؟ قال فكأنهم صغروا أمرها أو أمره. فقال دلوني على قبره فدلوه فصلى عليها .
ثم قال: إن هذه القبور مملؤة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم) رواه البخاري(10).
ج- وعن إبن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعد شهر) رواه الدار قطني والبيهقي(11).
وروى الترمذي بسنده عن الشعبي قال أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم ورأى قبرا منتبذا فصف أصحابه فصلى عليه فقيل له من اخبرك؟ فقال إبن عباس.
قال الترمذي : حديث إبن عباس حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول الشافعي وإسحاق ورأى ابن المبارك الصلاة على القبر وقال أحمد واسحق يصلى على القبر الى شهر. وقالا: أكثر ما سمعنا عن إبن المسيب أن النبي صلى على قبر
أم سعد بن عبادة بعد شهر(12).
د- وعنه ايضا ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت بعد موته بثلاث. رواه الدارقطني والبيهقي(13).
هـ- وعن سعيد بن المسيب : ان ام سعد بن عبادة ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر)
رواه الترمذي والبيهقي وقال وهو مرسل صحيح(14).
قال إبن القيم (وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلى على القبر فصلى على قبر مرة بعد ليلة ومرة بعد ثلاث ومرة
بعد شهر ولم يوقت في ذلك وقتاً.
قال أحمد رحمه الله: من يشك في الصلاة على القبر؟ ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فاتته صلى على القبر من ستة أوجه حسان.
فحدَّ الإمام أحمد الصلاة على القبر بشهر إذ هو أكثر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بعده وحدَّه الشافعي رحمه الله بما إذا لم يبل الميت.
ومنع منها مالك وأبو حنيفة رحمهما الله إلا للولي إذا كان غائباً)(15).
وذكر صاحب عون المعبود ما قاله الإمام أحمد عن الأوجه التي وردت في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على القبر. ثم قال (قال إبن عبد البر: بل من تسعة وجوه كلها حسان وساقها كلها بأسانيدها في تمهيده.. فالصلاة على قبر ذلك الميت لمن لم يصل عليه ثابت بالسنة المطهرة سواء صلى على ذلك الميت قبله أم لا. وهذا مذهب جماعة من الصحابة والتابعين)(16).
وذكر الشيخ الألباني كلام الامام أحمد ثم قال (صحيح متواتر ورد من حديث إبن عباس وأبي هريرة وأنس بن مالك ويزيد بن ثابت أخي زيد بن ثابت وعامر بن ربيعة وجابر بن عبد الله وبريدة بن الحصيب وأبي سعيد الخدري وأبي أمامة بن سهل)(17).
وبعد عرض أدلة العلماء في إثبات صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على القبر أذكر ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله (ورويتم عن النبي صلى الله عليه
وسلم: أنه صلى قبر والميت في القبر غائب وإنما الصلاة د عاء للميت وهو إذا كان بيننا ملففا يصلى عليه فإنما ندعو له بالصلاة بوجه علمناه فكيف لا ندعوا له غائبا وفي القبر بذلك الوجه)(18).

واحتج الفريق الثاني (وهم الحنفية والمالكية ) بما يلي:
اولا: قالوا إن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي من خصوصياته صلى الله عليه وسلم(19) وسيأتي تفصيل هذه القضية عند مناقشة الآدلة.
ثانيا: قالوا إنه توفي خلق كثير من أ صحابه صلى الله عليه وسلم من أعزهم القراء ولم ينقل عنه أنه صلى عليهم مع حرصه على ذلك حتى قال: لا يموتن أحد منكم الا آذنتموني فإن صلاتي عليه رحمة"(20).
ثالثا: قالوا: إنه لم يصل صلاة الغائب بعد الرسول عليه الصلاة والسلام أحد وكذلك لم يصل المسلمون على رسول الله عليه الصلاة والسلام صلاة الغائب(21).
رابعا: قالوا إن من شرط الصلاة على الجنازة حضورها بدليل ما لو كان الميت في البلد لم تجز الصلاة عليها مع غيبتها عنه(22).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
1- الأم 1/308، المغني 2/382، كشاف القناع 2/121، المجموع 5/252، كفاية الاخيار 1/163، تحفة المحتاج 1/323، مغني المحتاج 2/27،
الاقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 1/175، الحاوي 3/51.
2- المحلى 3/399، نيل الأوطار 4/56.
3- الذخيرة 2/458.
4- حاشية ابن عابدين 2/209، ملتقى الأبحر 1/161، حاشية الطحطاوي ص319، شرح الخرشي 2/142، الذخيرة 2/456،468.
بلغة السالك 1/189، بدائع ا الصنائع 1/312.
5- المغني 2/382.
6- نيل الأوطار 4/56.
7- شرح الخرشي 2/142، حاشية العدوي على شرح الخرشي 2/142-143.
8- المجموع 5/247-249. 9- صحيح البخاري مع الفتح 3/448.
10- صحيح البخاري مع الفتح 3/448. 11- صحيح سنن الترمذي 1/304.
12- سنن البيهقي 4/46 13- سنن البيهقي 4/46.
14- سنن البيهقي 4/48.
15- زاد المعاد 1/512.
16- عون المعبود 9/2، انظر الأحاديث التسعة المشار اليها في الفتح الرباني 7/223-229.
17- إرواء الغليل 3/183.
18- معرفة السنن والآثار 5/315.
19- حاشية ابن عابدين 2/209، شرح الخرشي 2/142-143، تفسير القرطبي 2/81-82.
20- حاشية ابن عابدين2/209والحديث رواه النسائي وابن ماجة وابن حبان وهو صحيح على شرط مسلم قاله الشيخ الألباني.أحكام الجنائز ص89 وانظر سنن النسائي 4/85.
21- شرح الخرمشي 2/143.
22- المغني 2/382.

شخصيا أميل الى قول الشافعية والحنابلة لان أدلتهم أقوى ولان الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مرارا وهي سنة فعلية ما في ذلك شك .....

حكم الصلاة على الغائب ( عند المذاهب الأربعة )

حكم الصلاة على الغائب ( عند المذاهب الأربعة )

رد: حكم الصلاة على الغائب ( عند المذاهب الأربعة )